رواية جريمة حب الفصل الحادي و العشرون 21 - بقلم سلسبيل

   

رواية جريمة حب الفصل الحادي و العشرون 21 - بقلم سلسبيل

 
___________________________
وضع يده على فمها في محاولة منه حتى لا يصدر منها صوت ويستيقظ البقية متساءلا:
-مالك؟
حينما أدركت بأنه أمير هدئت من روعها وابتعدت عنه وهي تلتقط أنفاسها قائلة بداخلها:
-لقد توفى لا تفكري كثيرا.
ومن ثم نظرت لأمير وأردفت بغضب:
-أنت جيت ورايا ليه؟
-حسيت أنه في حاجة غريبة في البيت.
عاد شعورها بالخطر مرة أخرى لتنظر إلى غرفتها ومن ثم له، لـتقول:
-شوف كدة في أوضتي.
تقدم منها بينما هي كانت تنظر باتجاه الغرفة، لتجد بأنها أصبحت محاصرة بين ذراعيّ أمير الذي ينظر لها وابتسامه تزين شفتيه قائلا بخبث:
-بالسرعة دِ! أحنا ملحقناش نتعرف على بعض.
كاد فكها أن يسقط أرضا من هول الصدمة وتلك الفكرة التي سيطرت على عقله بمجرد تفوهها ببعض الكلمات البسيطة، لتشعر بمدى تفكيره المنحرف على عكس شخصيته لـتقول وهي تحاول أن تلملم شتات نفسها أمام ذلك المختل وترفع سبابتها في وجهه قائلة:
-باعتبارك حارس شخصي وأنا حسيت إن في حد في أوضتي سمحت ليك تدخل أوضتي.
-ولكن واضح إن تفكيرك مليان بالأشياء المنحرفة زيك بالظبط.
وقفت كالصنم حينما رأتهم بتلك الوضعية وكأنه يحتضنها بين ذراعيه، كادت أن تكمل حديثها حتى وجدت أمامهم ملك التي تطالعهم بصدمة احتلت تعابير وجهها لينظر أمير هو الأخر لها ليعود بنظره مرة أخرى لجوليا التي ولأول مرة كانت تشعر بالإحراج الشديد وأنها ليست على مقدرة كافية من تخطي الأمر.
ابتعدوا على الفور عن بعضهم البعض، لـتردف جوليا وهي تعبث في شعرها في محاولة منها لتخفيف توتر الموقف:
-حسيتِ أنتِ كمان بحاجة في البيت؟
نظرت لها ملك بتساؤل، لـتردف جوليا وهي تتقدم منها:
-أنا وأمير حسينا إن في حد غريب في البيت.
-أه فهمت.
-لا أنا كنت نازلة أجيب ماية.
-روحي جيبي ماية، وأنا هدخل أوضتي عشان هنام.
تركتهم ودلفت على الفور لغرفتها لتغلق الباب في وجه أمير ولكنها لم تتخطى ابتسامته لها قبل أن تغلقه لتشعر بالغضب الشديد من نفسها ومنه لتطرق برأسها على الحائط عدة مرات.
عاد أمير لغرفته وهو يضع يده على قلبه في محاولة منه لعصره بين يديه حتى يهديء، فهو ينبض بعنف لأول مرة منذ سنوات لم يكن يشعر بذلك الشعور من فترة، لما عاد مرة أخرى له فهو يشعره بالضعف.
ارتفع رنين هاتفه ليتعجب من قد يهاتفه في ذلك الوقت المتأخر، ليجد المتصل أدهم ليشعر بأن هناك خطب ما.
___________________________
ليأتي صباح جديد مليء بالأحداث، استيقظت جوليا باكرا لتستقبل ناصر والذي هاتفته سكرتيرة ميادة حتى لا تتعامل معه.
جلست على مائدة الطعام ولكنها وجدت أن ابنتها قد سبقتها وغادرت لمدرستها، جلس أمير بجانبها وبدأ في تناول طعامه لتشعر بأن هناك خطب ما به فهو صامت منذ أن جلس لتنظر له وتجده ينظر لطبق طعامه ولكنه لم يتناول، لتأتي ريهام وهي تقف بجوارهم قائلة:
-عايزة حاجة تانية يا هانم؟
-لا، تقدري تروحي.
نظر أمير لـريهام ليقول وهو يشير على المقعد أمامه:
-اقعدي كُلي ونادي ملك وحامد.
نظرت ريهام لجوليا بحذر وتساؤل لتجد جوليا تنظر لأمير ومن ثم لتومأ لها بأن تفعل مثلما أخبرها، ذهبت لتخبر كل من ملك وحامد الذين تعجبوا وأتوا ليجلسوا جميعا على مائدة الطعام ويبدأوا في تناول طعامهم جميعا تحت تساؤلات كثيرة تدور بخاطرهم.
ليدلف أحد الحراس من الخارج قائلا:
-في بنت اسمها ميادة عايزة حضرتك بره.
-دخلها.
نهضت جوليا على الفور لتخرج من المنزل وتذهب حيث الحديقة لتستقبل ناصر ولكنها وجدته غاضب لتعقد حاجبيها واضعة يدها في جيب بنطالها ليتقدمها قائلا:
-ابقي شغلي ناس عدلة.
شهقت ميادة لتجري نحوه وهي تصرخ قائلة:
-أنت مجنون!!! وقعت عليا كوباية شاي وبوظت فستاني وفي الأخر أنا اللي غلطانة.
تبادلت النظرات بينهما وقد ارتفع حاجبها الأيسر بتلقائية لتردف بتساؤل:
-ممكن أفهم في إيه؟
لم يجيب عليها أحدهم لتتركهم وتدلف للداخل ليذهبوا خلفها ومن ثم لغرفة المكتب الخاصة بها لتجلس واضعة قدم فوق أخرى، بينما هم جلسوا أمامها لتنظر جوليا لناصر تحثه على الحديث بينما هو نظر على ميادة وأشار عليها بسبابته قائلا:
-أنا مش هتكلم في حضور دِ.
-نعم!! ومالها دِ؟ ناقصة إيد ولا ناقصة رجل و.
قاطعتها جوليا وهي تردف بحدة:
-أنا مش قدامي اتنين هنا في رابعة إبتدائي.
-وحضرتك دِ بمثابة مديرة أعمالي، و.
قاطعها وهو يقول:
-وجاسوسة ليكِ، و زي ما هي جاسوسة ليكِ وفي صفك دلوقتي مش بعيد في أي وقت تكون في صف غيرك وتقلب عليكِ.
صُعقت ميادة حينما استمعت لحديثه، أهو أتى لهنا فقط ليجعل جوليا تشك بها أم ماذا؟
نظرت له جوليا لـتردف ببرود استفزه مع كلماتها:
-وحضرتك جاي هنا ليه، تشرب عصير بالليمون!!
-أنت بنسبة تسعين في المية جاي هنا عشان تبيع قصي وتقف في صفي وإلا مكنتش جيت أصلا.
نقر بأصبعه على المكتب أمامها، لـيردف:
-عندك حق، أنا فعلا جاي أقف في صفك.
أراحت بجسدها للخلف وتطلعت به لدقيقة حتى أردفت:
-إيه اللي يضمن ليا إن دِ مش لعبة من قصي؟
-أنا مش بخاف من حد ولما حاولت أقتلك مرة واتنين وتلاتة وكنتِ في كل مرة بتنجي جيت وبلغتك وقولتلك أنتِ مش بتموتي ليه.
-وأنا بحب ألعب على الورقة الكسبانة وأنتِ أكثر قوة ونفوذ من قصي.
كانت تفكر في حديثه، هي تعلم بصدق كلماته وأيضا صدق قراره لذا أردفت قائلة:
-يشرفني إنك شايفني ورقة مربحة ليك ولغيرك.
كانت ميادة تستشيط غضبا منه، لـتردف قائلة:
-أجيب عقد ونكتبه يا هانم، لأن اللي زي دول ملهمش أمان.
-أو الرجالة كلها أصلا ملهمش أمان.
-إيه رأي واحدة في أولى إبتدائي دِ! اتعلمي من سيدة عملك عندها خبرة كبيرة.
نظرت له بفتور وملل، لـتقول:
-هي بتتكلم عن الرجالة مش اللي أنا قابلتهم.
نهضت لـتردف وهي تغادر:
-شرفت، وصليه يا ميادة.
غادروا ثلاثتهم الغرفة، لتجد أمير يجلس يطالع التلفاز وبجواره كل من حامد، وريهام، وملك لتشعر بالغرابة من تصرفاته الغير واضحة والتي لا يوجد لها مبرر لتتقدمهم بعدما غادر كل من ميادة وناصر قائلة:
-متجمعين كدة ليه؟
نهضوا جميعا بعنف سوى أمير الذي كان يضع قدم فوق أخرى ويشاهد التلفاز باهتمام وصمت، أردف حامد بتوتر:
-أنا أسف يا هانم.
-أنا هروح أجهز الغداء.
-وأنا هطلع الجنينة أشوف جود جت ولا لسة.
عقدت حاجبيها لتشير لهم أن يذهبوا، ليغادروا جميعا وكل منهما يعمل ما لديه لتردف قائلة وهي توجه حديثها نحوه:
-أنت مهتم أوي كدة ليه بيهم!؟
أردف بهدوء لا تعتاده في نبرته إلا وقت الجد:
-عادي، هما أربعة وعشرين ساعة بيشتغلوا بدون رحمة منك عشان كدة قررت أوديهم راحة عشان يقدروا يكملوا.
-"لا راحة لا عمل".
أردف ذلك المَثل بالإنجليزية ومن ثم عاد اهتمامه نحو التلفاز لتتركه وتغادر للخارج مستقلة سيارتها وذاهبة نحو الشركة وهي تفكر ما سبب التغير الجذري هذا.
___________________________
كانت تجلس على مكتبها حتى وجدت جوليا تستدعيها لمكتبها لتطرق الباب وتدلف للغرفة قائلة:
-نعم يا فندم؟
-عايزاكِ تبعتي ليا كل ملفات قصي القديمة، وتروحي الشهر العقاري تسجلي الفيلا باسم جود وإن أنا الواصية عليها.
-وعايزاكِ تبعتي حتى يراقب تحركات ناصر الفترة الجاية.
-طالما حضرتك مش واثقة فيه اتفقتي معاه ليه؟
-ناصر فرصة مش هتتكرر وبالذات بالمعلومات اللي عنده عن قصي، يعني هيبقى ضربة قاضية.
-حاضر يا فندم، أي أوامر تانية؟
نفت جوليا برأسها لتغادر ميادة إلى مكتبها، بينما جوليا انغمست في العمل حتى دلفت لها السكرتيرة الخاصة بها تبلغها بأن قصي ينتظرها بالخارج.
-ربع ساعة ودخليه.
-حاضر.
رجعت بجسدها لتستند على خلفية المقعد واضعة قدم فوق أخرى تفكر في سبب مجيئه إلى هنا، ليدلف قصي بعد مرور ربع ساعة وهو يعلم بأنه ليست منشغلة ولكنها أصرت على انتظاره بالخارج، ليجلس أمامها واضعا قدم فوق أخرى قائلا:
-وحشاني.
-المفيد؟
-هعمل معاكِ صفقة.
-تشتغلي معايا.
-مقابل؟
-جود.
-قصي ممكن مكنش عندي فرصة أقولها ليك، ولكنك راجل فاضي وعنده عقدة نقص وأنا صراحةً لو مكانك مش هروح أطلب مساعدة بالعكس هقف على رجلي من تاني وأتحدى كل اللي قدامي ولكن واضح إنك إنسان فارغ وفاضي عشان كدة كل شوية تنط ليا بسبب شكل وأنا صراحةً مش فاضية لـلعب العيال ده.
شعر بالإهانة في حديثها لينهض ويقترب منها مستندا على المكتب ومقعدها وقد كان حاوطها بجسده ليقول:
-وأنتِ فاكرة إنك هتفضلي واقفة على رجلك كدة من غيري!
-وأنت فاكر إني هسيبك عايش بعد موت والدتي!!
ارتفع حاجبها الأيسر ونظرت له بتحدي ليشعر بلهيب الانتقام يغلفها، لـيردف قائلا:
-طبعا ما أنتِ جايبالي حارس شخصي يخلصلك كل أعمالك ال.
سبّ وشتم أمير الذي كان يجلس الآن وتجلس جود على قدمه.
-وهو بيخلصلي أعمالي أنا بس!
-جوليا أنتِ خلتيني على الحديدية وأنا مش هسمح بده.
-كان ممكن ترفض!
غضب قصي ليهتف بوجهها صارخا:
-أرفض إزاي وهو حاطط قدامي مسدس ومعاه رجالته وأنا لوحدي متكتف!
-المشكلة مش فيه أو في رجالته، المشكلة فيك أنت أنت ضعيف ومريض وبتحب نفسك وأنا بندم إني ربطت اسمي باسمك قبل كدة.
-أنت خسارة.
-لا وأنا متجوزك صاغ سليم أوي يعني!
-أنتِ واحدة دارت على كل الرجالة اللي تعرفهم واللي متعرفهمش.
ليبتعد عنها قائلا:
-وجعتك أوي!
رمشت بعينيها لتعتدل في مقعدها وتنظر له قائلة:
-المقابلة انتهت، ولو فاكر إنك في كل مرة هتضغط عليا بكلامك ده تبقى غلطان شوفلك طريقة جديدة.
كاد أن يكمل حديثه لتشير على الباب قائلة بحدة:
-خلي منظرك لطيف قدام الموظفين، عشان مطلبش الأمن.
نظرت له بابتسامه حتى غادر ليعبس وجهها وتشعر بأنها محاصرة من تلك الزواية من قِبل عائلة الأدهم، لتنظر لهاتفها ومن ثم شعرت بالقليل من التعب لتقرر العودة للمنزل باكرا.
عادت لمنزلها لتجد الجميع يرتدي ثيابه وجود تردف:
-اطلعي ألبسي يا مامي.
-رايحة فين يا جود؟
-أمير قال هنروح نتفسح.
-روحوا أنتوا.
تركتهم وصعدت لغرفتها ليعبس الجميع سوى أمير الذي صعد حيث غرفتها وطرق الباب لتجيب جوليا، دلف لغرفتها لتنظر له وتتعجب من زيارته لها لتتساءل:
-خير؟
-متكسريش بخاطر البنت.
نهضت جوليا وهي ترفع بسبابتها أمامه لتقول:
-أنا مش محتاجة لنصايحك.
-وأتفضل أطلع بره.
-أنا أسف.
نظرت له وشعرت بالغرابة من اعتذاره لها، لتعلم بأن هناك خطب ما به بالفعل ولكنها وجدته يتقدم نحوها ليحملها على كتفه قائلا:
-أنتِ اللي اختارتي الطريقة دِ.
شهقت جوليا لتضربه بقبضتها على ظهره ولكنه لم يتأثر لتردف بحدة:
-نزلني حالا.
-هنتفسح النهاردة ومفيش رفض للأمر.
-منظري قدام الموظفين أنت اتجننت، نزلني.
أخفضها أرضا لتستند على الحائط من خلفها وتنظر له وهي غاضبة لتدفعه بقوة قائلة بحدة وغضب:
-أنت مين أداك الحق إنك تلمسني أو تشيلني، أنت مجنون!
-أنت مش مسموح ليك تقرر نيابةً عني.
-أنا هنا صاحبة القرار.
كان يتفحص تعابير وجهها والتي تدل على مدى إرهاقها اليوم وشدة تعبها التي لم تُشفى منه بعد، تركته وذهبت لغرفتها لتغلق الباب خلفها وتجلس على فراشها.
هبط أمير لأسفل وعلى وجهه علامات العبوس ليردف بهدوء:
-يلا بينا أحنا.
كان كل من حامد وملك وريهام وجود تجهزوا من أجل الذهاب في نزهة كما أخبرهم أمير والذي كان على غير العادة ليس مهتم بالشغل، استقلوا جميعا السيارة ليجدوها قد خرجت من بوابة البيت بعدما بدلت ثيابها الرسمية لأخرى شبابية لتستقل السيارة بصمت بينما جود كانت تجلس على أقدام أمير الذي بدأ في القيادة.
توقف أمام مطعم ليتناولوا العشاء به جميعا، كانت تنظر للجميع والذي كان يشعروا بالتوتر من حدة الموقف وكم تبدو قاسية القلب حتى أثناء النزهة والمواقف التي تتطلب بهجة وسرور.
نظرت لطعامها لتبدأ في تناوله ليبدأ الأخرين في تناول طعامهم أيضا بعدما أشاحت بنظرها عنهم ليشعروا بالقليل من الراحة، كان كل من ملك وريهام يضحكن سويا ويشعرن بالفرح؛ لأنهم لم يغادروا المنزل منذ فترة كبيرة حتى أنهم لم يذهبوا لرؤية أولياء أمورهم.
كانت تطعم ابنتها التي تبتسم لها من حين لأخر، أردف حامد قائلا:
-قبل ما أمد إيدي الحساب على مين؟
ضحك أمير ليربت على كتفه قائلا:
-عليا متخافش، كُل براحتك.
مدت ريهام يدها بقطعة من الطعام نحو جوليا التي تبادلت عدة نظرات ما بين الطعام وبينها، لتجد أمير قد جذب الشوكة من بين يديّ ريهام وأطعمها لجوليا على الفور التي شعرت بالتفاجيء وبدأت في مضغ طعامها ببطء وهي تنظر له بينما هو لم يعيرها انتباه وقام بتناول طعامه.
-تسلم إيدك يا عمو أمير.
-أنتِ لسة شوفتي حاجة، هنروح ملاهي يا ستي عشان خاطر عيونك.
تساءلت ملك بقولها:
-ملاهي دلوقتي!
-أنا أعرف مكان فيه ملاهي بيفتح طول اليوم، يلا بينا.
نهضوا جميعا وتقدم أمير من الكاشير ليحاسب ليجد جوليا قد أخرجت بطاقتها الائتمانية وقامت بالدفع قبله لـتقول:
-مقبلش حد يصرف عليا.
عقد حاجبيه ليشير على عقلها قائلا:
-نفسي أفهم هنا في إيه!! حجر!
تركها وغادر لتذهب خلفه بعدما حصلت على بطاقتها الائتمانية، واستقلوا جميعا السيارة ليذهبوا نحو الملاهي والتي فرحت بها جود كثيرا، لتذهب كل من ريهام وملك ليلعبوا مع جود بينما حامد ذهب لجلب بعض المشروبات لتقف جوليا بجوار أمير تراقب ابنتها التي كانت تضحك بشدة من فترة طويلة.
لـتردف وهي ترى سعادة ابنتها بسبب أمير:
-شكرا.
-شكرا مش بتتقال كدة.
جذبها نحو إحدى الألعاب الخطيرة ليقوم بحجز تذكرتين لهما سويا، لتحاول الرفض ولكنه جذبها لتستقل ذلك المنطاد الذي يرتفع لأعلى ويدور في حركة دائرية ليبدأ الجميع في الصراخ بحماس لتنظر لهم وتطلب من أمير أن يوقف تلك اللعبة، لـيردف:
-"لا متعة، لا سعادة"
-أكثر ما ينقصكِ السعادة، لذا استمتعي.
شعرت بأنها مكشوفة أمامه ولا توجد هالة من الغموض تغطيها، لذا شعرت بالحرج ونظرت لأسفل ليرفع رأسها لأعلى قائلا:
-كعصفور يحلق بالسماء ينتظر العودة لموطنه.
نهضت على الفور حينما شعرت بالضعف أمامه لتتعجب من ذاتها ومن تصرفها، لتتوقف اللعبة وتعلق في السماء فجأةً لتفقد توازنها وتسقط بداخل المنطاد ومن ثم أعاد تشغليها مرة أخرى ليبدأ الجميع بالصراخ، كانت تودّ أن تجلس لتتوقف مرة أخرى كنوع من المرح لتجلس بين ذراعيه تتوسط يدها صدره ابتلعت لعابها لتحاول أن تبعده ولكنه تشبث بها هامسا بجوار أذنها بنبرة هادئة يقشعر لها البدن:
-يبدو بأني أصبحت مغرم بِكِ، وبات الأمر يزعجني.
أهكذا يبدو اعتراف الحب الحقيقي، أم إنها كذبة كغيرها استمعت العديد من اعترافات الحب ولكن مثلها لا تعتقد جسدها بأكمله قشعر، وشعرت بقلبها ينبض بسرعة كبيرة أثر تلك الكلمات البسيطة والمعقدة.
مازال يقترب بوجهه بجوار أذنها، بينما هي شعرت وكأنها أصبحت صنم لا يتحرك ولا يتكلم تجمدت بمكانها وكأنه سُكب عليها دلو من الماء البارد.
توقفت اللعبة لتفيق من شرودها وتنهض على الفور وهي تغادر المنطاد ليغادر هو الأخر خلفها، يبدو الأمر وكأنها عادت مرة أخرى لتلك الفتاة في السادسة عشر من عمرها التي سعدت لأن ابن الجيران بجوارهم قد أعترف لها بحبه!
اصطدمت بحامد لتعتذر له ومن ثم جلست في الجنينة ليطلب حامد منها أن يذهب للتنزة قليلا مع أمير لتوافق على الفور دون تفكير، غادرا سويا ليتساءل أمير عن أحوالها وهل هي بخير:
-الهانم طول عمرها مبتحبش أي مضيعة للوقت، أعتقد كدة إحنا بنضايقها.
-الممنوع مرغوب.
جرت جود على أمير وهي تطلب منه أن يصعد معها للعبة، لتجذبه هو وحامد ليستقلوا تلك اللعبة الخطيرة ولكنه كان يراقبها من أعلى كيف أصبحت كطفل في السادسة فقد أمه.
أصبح المكان خالي ولا يوجد به سوى قلة من الناس وهم، ليجتمعوا بجنينة المكان صامتين حتى تقدم منهم مجموعة أشخاص ملثمين لينهضوا على الفور وقامت هي بنفض التراب من يديها لتتساءل عن الأمر بعينيها وهي ترى أمير هاديء وكأنه يعلم بالأمر.
-مين أنتوا؟
تساءل حامد وهو يتعجب من هيئتهم، بينما ملك احتضنت جود لتشير لها جوليا بأن تغادر بابنتها في حاول وقوع مكروه وكذلك ريهام.
أردف أحد الملثمين بالإنجليزية:
-مستر أمير يجب عليك التعاون معنا، نحن لسنا هنا لأذيتك وأنت تعلم.
أومأ لهم أمير قائلا:
-حسنا، ولكن يمكنكم الانتظار قليلا.
نظر لحامد لـيقول وهو ينظر لجوليا التي تنتظر حتى يفسر لها الأمور:
-هسيب حمايتها ليك.
تفاجأت من كلماته لتتقدمه وهي تتساءل:
-في إيه؟ ومين دول؟
لينظر إلى حامد ويكمل حديثه:
-هعتمد عليك.
شعر حامد بالحزن؛ فأمير قد أخبره من فترة أنه على وشك الذهاب ليستأذن ويغادر.
تقدم منها ليحيط وجهها بين يديه قائلا:
-خدمتي ليكِ انتهت، مش هقدر أكون حارس شخصي ليكِ يا جوليا هانم الساعي.
اضطراب حدث بداخلها، كيف قام بالاعتراف لها والآن يغادر ويتركها كم يبدو متناقض.
نظرت أرضا وهي تحاول السيطرة على شعورها، لتتساءل بنبرة خافتة هادئة متناسية قربه منها ولمسة يديه على وجهها:
-وعقدنا؟
-أنتهى من بدري.
-ومين دول؟
لم يجيب عليها بل مرر إبهامه على وجنتها اليمنى، لـيردف:
-قولتلك قبل كدة لو كنا اتقابلنا في ظروف أحسن من كدة كنت هكون أفضل حارس شخصي على الإطلاق.
عقدت حاجبيها معا فهي لا تستطيع أن تفسر ما معنى حديثه، شعور جديد يسيطر عليه هي تلك التي لا شعور لها.
-يجب علينا الذهاب، يجب علينا التعامل بالقوة في تلك الحالة.
اقترب أحدهم من أمير ليقف خلفه وقام بجذب ذراعيه ليضعهم بداخل الأصفاد مغلقا عليهم، لتمسك يديه بتلقائية متساءلة:
-إيه السبب؟ وليه بيعاملوك كدة؟
-الشيء الوحيد اللي ضمنته ليكِ حمايتك أنتِ وبنتك.
كانت تمسك بيده بقوة وهي تتبادل النظرات بخاصته ليحاول سحب يديه ولكنها ما زالت متعلقة بها.
غادر مبتعدا عنها، بينما هي كانت تراقبه بصمت غير قادرة على فعل شيء فهي لا تفقه شيء في تلك الامور ولأول مرة تتعامل مع أمر مشابه، لتشعر بالإحباط ولكنه عاد لها مرة أخرى ليحتضنها تفاجأت ولكنها ظلت صامتة لا تقوى على الحديث حتى أن قدميها لم تعد تحملها لترفع يدها نحو عنقه لتجده يهمس بجانب أذنها مرة أخرى:
-الأمر الذي يزعجني هو عدم قدرتي على الاجتماع بكِ وليس حبي.

  • يتبع الفصل التالي اضغط على (جريمة حب ) اسم الرواية
تعليقات