رواية جريمة حب الفصل الثامن عشر 18 - بقلم سلسبيل
__________________________
دلفت للشركة وقد امتلئ وجهها ببعض قطرات من الدماء، لتلتقط يدها ذلك المنديل لتقوم بإزالة الدماء بوجه خالي من التعابير وتدلف للمصعد ولم تسمح لأحد أن يستقله معها.
كان الجميع يتحدث عن تلك الحادثة وعن برودها الذي لم تتخلى عنه بالرغم مما حدث، بينما هي وقفت أمام المرآة تنظر لوجهها والمعطف الخاص بها الذي تلطخ ببعض الدماء أيضا ابتلعت لعابها لتغمض عينيها وتستند برأسها على المرآة؛ فهي تشعر بالألم يجتاحها وتشعر به في كافة أطرافها.
ليُفتح باب المصعد وتخرج منه بخطوات متزنة وثابتة حتى دلفت لغرفة مكتبها، لتخلع معطفها وتلقيه أرضا وتذهب للمرحاض الملحق بغرفة مكتبها وتقوم بإزالة قطرات الدماء من وجهها.
كانت تعلم بأن موتها سيأتي يوما ما، لقد قتلت روح أو ربما عدة أرواح البعض بريء والأخر مذنب لتكتسب العديد من الأعداء حولها، لذا لم تعد تهاب الموت لتنظر داخل عين من حاول قتلها والذي شعر بالقوة وإن شعر من أمامك بقوتك إعلن إنتصارك.
لتفصل تلك الخطوة الباقية بينهم وتردف قائلة:
-أتفضل اقتل، ولكن قبل ما تقتلني أتمنى تكون فاهم العواقب يعني مثلا الكاميرات صورتك والحراس عرفوا شكلك وشاهدين على جريمتك وكمان.
اقتربت من أذنه لتهمس:
-هيبقى لسوء حظك لو مموتش لأني ساعتها مش هرحمك أنت أو أهلك أو أي إنسان عرفك على وجه الأرض.
اهتزت تلك السكين بيده ليتراجع للخلف، ما هو سوى رجل شريف عُرضت عليه بعض الأموال لقتلها مقابل شفاء ابنته المريضة.
تراجع عدة خطوات بينما جوليا كانت تتقدم نحوه بخطوات متزنة، استطاعت أن تعلم من رجفة يده بأنه ليس سوى رجل تم تأجيره لقتلها لم يكن بالقاتل المحترف أو شيء من هذا القبيل فهي قابلت العديد منهم.
لسوء حظ الرجل سيارة تأتي بسرعة كبيرة لتدهسه وتتناثر بعضٍ من قطرات الدماء على وجه جوليا الثابتة والتي لم ترمش بعينيها سوى مرة واحدة.
اجتمع بعض الناس حول جثة الرجل المتوفي، بينما تقدم الموظفين ليرأوا ما حدث و أحاطت موظفي الأمن جسد جوليا لحمايتها لتتقدم نحو الشركة دون أن تتأثر بجثة ذلك الرجل.
__________________________
كانت تجلس جود بأحضان أبيها وهي سعيدة لأنها تمكنت من رؤيته مرة أخرى، لتتساءل:
-هو أنت ومامي هترجعوا امتى؟
مسد على شعرها بكف يده لـيقول:
-مامي مش بتحب بابي يا جود عشان كدة بابي مش عارف يرجع لمامي.
-بس مامي.
أردفت سمر بحدة:
-جود ادخلي أوضتك.
ومن ثم نظرت لملك التي تجلس على بُعد منهم لـتقول:
-وأنتِ ادخلي جوا مع جود.
نهضت ملك لتمسك بيد جود ومن ثم دلفت معها للداخل حيث غرفة خُصصت من أجلها لتتمكن من البقاء فيها، أردفت سمر بصوت منخفض:
-أنت كدة معاك الكارت هتخلص منها ازاي؟
-همنعها تأخد جود، فهي هتكون مضطرة تعمل معايا صفقة وساعتها هساومها.
-وأنت فاكر بقى إن جوليا الساعي هتركع ليك أول ما تهددها بجود!
نظرا كلاهما لعلي الذي يقف خلفهم حاملا بيده فنجان من القهوة، ليجلس أمامهم واضعا قدم فوق أخرى قائلا:
-وكمان أنت عايز إيه تاني!!
-ما أنت اللي بدأت.
-وهو عمل إيه يعني؟ راجل زي أي راجل بيعرف واحدة واتنين هي مالها!
ابتسم علي بسخرية لـيقول:
-طب أنا بعرف عليكِ تلاتة يا سمر وبقابلهم كل أسبوع.
لتنفعل سمر غاضبة لـتقول:
-أنت بتقول الحقيقة يا علي؟
-شوفتي زعلتي إزاي!!
-مجرد كلمتين قولتهم حستيهم حقيقة، تخيلي بقى هي شافته بعينيها وشافت إن في واحدة غيرها حامل من جوزها.
-هو حلال ليكِ بس، وكمان بقى لما تكتشف إن جوزها حبيبها عايز فلوس بنته لا وكمان بيستخدم اسمها في صفقات مشبوهة.
-دِ تقتله وتخلص نفسها من شره.
-زعلان أوي على كام عقار هي خدتهم وكام ألف في البنك!! طب ما في ملايين وعقارات تانية أنت عاملهم باسم أمك.
ليقول بسخرية في نهاية حديثه:
-يا روح أمك، بدل ما تحب في أمك وتأخد برأيها روح استسمح مراتك وحاول ترجعها هي وبنتك لحضنك لأن عدو جوليا نهايته بتبقى سودة وأنت فاهم وعارف ده كويس.
-ناسي كانت بتخلص من أعدائك إزاي!
لتفكر سمر في حديث علي زوجها الذي تركهم وغادر، فهو يعلم جيدا بأنه سيفقد كلاهم في معركتهم ضد جوليا.
ليأتي المساء والجميع نائم في غرفته، لتذهب ملك لشرب بعض المياه وإحضار المياه لجود لتستمع لصوت أحدهم بالخارج لتخاف أن يعتدي قصي عليها لتحمل بيدها سكين وتخبئه خلف ظهرها وتقف على بُعد من الشخص فهي لم ترى وجهه بل جسده من الخلف لتتقدم منه وترفع السكين على استعداد لمهاجمته، ليلتفت وتتضح لها الرؤية بأنه معتز لتبتلع لعابها بينما معتز صُدم وتبادل النظرات بينها وبين السكين في الأعلى.
خفضت السكين على الفور لتشعر بالتوتر والارتباك وتحاول التحدث ولكن لسانها قد لُجم لتتركه وتجري نحو غرفة جود التي تمكث فيها، ليتعجب معتز منها ويتساءل من تلك الفتاة، ليفسر بأنها الخادمة ولكنه نفى الأمر فالخدم لهم غرفة مخصصة بداخل الشقة.
أتى معتز بناءا على رغبة أبيه، ليمكث في غرفته القديمة حتى الصباح ويلتقي بأبيه.
____________________________
انتهت من عملها في وقت متأخر من الليل، ليأتي حامد ويصطحبها حتى لا تتعرض للأذى لتتساءل عما حدث في صباح اليوم.
-بكرة هيأخدوا أقوال حضرتك، والشخص مات.
-مين اللي بعته؟
-لسة معرفناش.
-لو معرفتش النهاردة قبل بكرة هيقدر يهرب.
حمحم حامد وأردف بارتباك:
-يا هانم كنت عايز أقولك على حاجة.
-إيه؟
-بنته تعبانة جدا وعندها الكانسر ومحتاجة علاج، والمستشفى هتتخلى عنها و.
قاطعته جوليا لـتقول:
-هو معندهوش حد غير بنته دِ؟
-أه.
-خلاص دخلها مستشفى على حسابي وأتكفل بكل علاجها وكذلك الدفنة والعزاء.
-ربنا يخليكِ يا هانم، ربنا يبارك فيكِ.
هبطت من السيارة لتدلف لمنزلها وتجد ريهام نائمة من شدة التعب فهي قامت بتنظيف المنزل بأكمله وأيضا تحضير الطعام.
-تعالى يا حامد.
دلف حامد خلفها للمنزل لتذهب للمطبخ وتقوم بتحضير بعض الطعام لكليهما ويجلسا يتناولوا الطعام بصمت حتى قاطعته جوليا بقولها:
-هتتجوزوا امتى؟
وقف الطعام بحلقه وشعر بغصة قوية ليسعل بقوة، قدمت له كوب الماء ليرتشفه على دفعة واحدة وهو يحاول التنفس طبيعي ليردف قائلا:
-احم مين يا فندم؟
نظرت له ببرود لـتقول بهدوء:
-مبحبش اللف والدوران، هتتجوز امتى ريهام ولو مكنتش في بالك قولي لأني بصراحة عايزاها تتجوز.
أردف على الفور بسرعة متناسيا بأن من أمامه جوليا الساعة ربة عمله:
-تجوزي مين أنتِ اتجننتي!! أنا بحب ريهام.
-هتغاضى عن تعبيرك، لو بتحبها اطلبها من أهلها واتجوزها وكمان فرصة أنتوا الاتنين بتشتغلوا هنا يعني مش هيبقى في مشكلة.
-بس أنا مقولتش ليها.
-خلاص فاتحها في الموضوع.
-خايف ترفضني.
-جرب.
-متنساش تغسل الأطباق.
تركته وغادرت لتصعد لغرفتها وتخلع ثيابها لتذهب للمرحاض وتأخذ حماما بارد لمدة طويلة متناسية كل شيء يدور حولها أو لنكن أكثر دقة يبدو بأن كل ما مرت به وما تمر به أمامها كفيديو للعرض لتتذكر تلك الأيام والتي جعلت منها إنسانة جديدة لا تعرف معنى المشاعر سوى مشاعر الأم التي تغلفها بجود؛ لأنه حتى وإن انتهى بك الأمر إنسان غامض، قاسي جعلت منك الظروف إنسان غريب الأطوار لا يتألم ولا يشعر تغلبك مشاعر الأمومة وتفوز عليك.
ارتدت ثوب قطني للنوم لتتقدم نحو فراشها وتجلس عليه تنظر لساعة هاتفها لتجد بأن الوقت متأخرا على مهاتفة ابنتها لتحزن وتضع رأسها على الوسادة في محاولة منها لتنام.
__________________________
كان يجلس على مقعده أمامه كل من أدهم وإياد ليردف قائلا:
-ما العمل التالي؟
-تلك السيدة، يريدون قتلها ولكن المبلغ المالي لن يعجبك.
-ما السعر؟
-حسنا مليون دولار واحد.
صمت أمير قليلا لـينظر إلى أدهم:
-حسنا دعنا نقوم بتلك المهمة، ارسل لي كافة التفاصيل.
نظر إياد إلى أدهم ليستفسر عن حالة أمير الصامت عن الطبيعي، ليغمز له أدهم ويصطحبه ليخرجا سويا من الغرفة.
-ما الخطب؟
-يبدو أنه أُعجب بتلك التي تدعى جوليا.
-من تلك؟
نظرا كلاهما إلى ألكسندرا التي أتت لتوها واستمعت لهما، ابتسم أدهم وقال:
-ما الذي أتى بكِ إلى هنا، ألكنسدرا.
-أتيت لرؤية أمير، فأبي يودّ رؤيته.
-حسنا هو بالداخل.
كادت أن تذهب ولكنها عادت لهم مرة أخرى متساءلة:
-من تلك التي تُدعى جوليا؟
-إنها من أعداء أمير، لا ينشغل بالك بتلك الأمور.
دلفت للغرفة ولكنها لم تطرق الباب ليردف أمير بهدوء:
-اخرجي من الغرفة واطرقي الباب أولا.
-لقد تم الأمر أمير، لا تكن معقدا أتيت للتحدث معك.
تقدمت منه لتجلس على طرف المكتب قائلة:
-أبي يودّ رؤيتك.
-لما؟
-لأنه يودّ العمل معك، وافق على العمل معك.
-لا أريد العمل مع أبيكِ، سأتكلف بأموري لست بحاجتك ألكسندرا.
-لا تتعصب عليّ، أخبرني أولا من تلك جوليا؟
لُجِم لسانه ليتساءل عن الأمر:
-لما تذكرين ذلك الاسم؟ وماذا تعرفين عنه؟
-سمعت كل من أدهم وإياد يذكرونه وعلمت بأنها من أعدائك.
-إن كانت تضايقك يمكنني التحدث لأبي.
نهض أمير بغضب ليقبض على فكها قائلا:
-سأخبرك للمرة الأخيرة يا ألكسندرا ألا تدخلين في شؤوني.
دفعها ليغادر المكتب بينما هي غضبت منه لتغادر هي الأخرى المنزل بأكمله، هتف باسم أدهم الذي أتى له وهو يعلم بأن وجود ألكسندرا معه يضايقه ليردف قائلا:
-هدئ من روعك.
-من أخبر ألكسندرا عن جوليا؟
-هي من استمعت لحديثنا لم نخبرها.
-أحضر السيارة، سأغادر.
____________________________
كانت تجلس على الكرسي الخاص بها وخلفها الممرضة تحركها لترى الشوارع، فهي منذ شهور لم تخرج للشارع ورؤية الناس لأنها كانت مكتئبة لأنها لم تستطع السير بمفردها بعد.
-ماذا تريدين؟
-أريد العودة للمنزل.
-ولكننا للتو خرجنا للتنزه.
-أخبرتك أني لا أريد.
-حسنا سيدتي ولكني سأكون مجبرة على إخبار سيدي بالحالة التي تمري بها.
أغمضت عينيها في محاولة منها لكبح أعصابها، لتقودها الممرضة نحو محل لبيع الآيس كريم لتشتري لها واحدة بنكهتها المفضلة.
-تناولي.
تناولت الفتاة على مضض حتى لا تخبر أخيها بأنها تمر بحالة اكتئاب وتمتنع عن الطعام وأيضا ممارسة العلاج، لقد تركتها الطبيبة هكذا عدة أيام حتى لا تضغط عليها وتنتكس مرة أخرى.
-ألم يهاتفك أخي؟
-لا ليس بعد، ولكنه لا بد أنه منشغل تلك الفترة.
-لما؟
-ليجني لكِ الكثير من المال.
ابتسمت سديم حينما تذكرت أخيها الذي تعب كثيرا ليجني لها ثمن علاجها وأيضا قام بسفرها حتى تتلقى العلاج بأفضل حالة، لتدعو له بالصلاح والهداية.
__________________________
حان موعد عودة جود لأمها مرة أخرى، فقد مرت العديد من الأيام وأيضا جود لم تستمتع بالبقاء معهم فهي شعرت بأنها بلا فائدة سوى عمها الذي كان يلاعبها ويهتم بها من حين لأخر وأيضا جلب لها العديد من الألعاب.
ارتدت ثيابها ومعها ملك التي كانت سعيدة لأنها أخيرا ستعود لمنزل جوليا، فإنه يكون أكثر راحة من ذلك المكان المريب ليس به روح.
غادر قصي المنزل في الصباح الباكر لمقابلة جوليا التي تعجبت من حديثه وأنه يودّ الحديث معها ومعه سمر.
ليقرروا مقابلة بعضهم البعض في فندق خاص وتم حجز طاولة له خصيصا، لترتدي ثياب رسمية وتستقل السيارة مع حامد وبعض من الحراس خلفها؛ فهي لا تضمن قصي وأمه للحظة واحدة فهما من قتلوا أمها هي لم ولن تنسى الأمر وستنتقم منهم أشد انتقام حينما يحين الوقت المناسب.
-ما بلاش يا هانم تروحي المقابلة دِ.
-ليه يا حامد؟
-عشان مش واثق في أستاذ قصي.
لم تجيب عليه، هي أيضا ليست واثقة إن كانت على استعداد لمقابلته أم لا كلما رأته رأت ضعفها أمامه وذلك أكثر الأشياء رعبا لها أن يراها أحدهم ضعيفة؛ لأنها لم تقابل في حياتها رجلا احتوى ذلك الضعف لذا أُجبرت على تصنع القوة حتى تملكتها.
وصلت للفندق ودلفت للمطعم لتجدهم يجلسوا على طاولة بمفردهم، يبدو بأنهم حجزوا المكان بأكمله ألتلك الدرجة الحديث سيكون مهم؟
تقدمت منهم لتجلس على المقعد المقابل لهم بهدوء واضعة قدم فوق أخرى قائلة:
-إيه الموضوع؟
-مش تشوفي هتأكلي إيه الأول؟
-أنا مش جاية عشان أكل.
أشار قصي لمقدم الطعام بيده، ليأتي له وبيده عدة أطباق وضعها أمام كليهما ثم غادر.
لـتردف سمر وهي تراقبها بعينيها:
-إزاي محافظة على هدوئك وأنتِ قدامك اللي قتلوا أمك!!
ابتسمت جوليا بسخرية وهي تتناول قطعة طعام لتمضغها ببطء وهي تنظر لها حتى أنتهت من مضغها والأمر قد استفز سمر للغاية، لتردف:
-عمرك شوفتي إنسان بيخطط لجريمته بصوت عالي!
-وأنا غير الجميع بحب افاجيء فريستي بوقت الهجوم.
تبادلوا النظرات سويا ليبتلع قصي لعابه ويفك أول زر من قميصه لعله يستطيع التنفس أكثر، ليلعنها بداخله فكلما حاول يحزنها تقلب عليه الطاولة وتستطيع استفزازه ببعض الكلمات.
ليسود الصمت بينهم وكلاهما يتناول الطعام، ليتبادل كل من قصي وسمر النظرات بينهما ليبدأ قصي في الحديث قاطعا الصمت:
-أنا عايز جود معايا.
توقفت عن الطعام لتستند بظهرها على خلفية المقعد، لـتردف قائلة بهدوء حاولت بقدر إمكانها الحفاظ عليه:
-أنت عايز فلوس جود معاك مش عايز جود.
-من أول لحظة شوفتها بين ايدك وأنت بتفكر إزاي هتأخد فلوسها وإزاي هتخلص مني.
-أنا مش عامية أو جاهلة أنا حافظاك كويس ولو حاولت تضحك على كل الناس مش هتقدر تضحك عليا يا ابن الأدهم.
-جود انسى تبقى معاك.
نهضت جوليا لترفع سبابتها في وجههم قائلة:
-ارجع ألاقي جود في البيت.
-اقعدي أحنا مخلصناش كلامنا.
-وأنتِ هتربيها إزاي!!!
-لما تكون الأم مريضة نفسية زيك هتربي إزاي.
نهضت سمر لتقف خلف جوليا واضعة كف يدها على كتفها قائلة:
-اللي زيك يربي إزاي وهو أصلا طالع من بيئة قذرة.
-أنتِ فاكرة إننا هنسمح ليكِ تربي البنت وأنتِ معقدة بالشكل ده.
-أنتِ مش بتضحكي في وش حد، بنتك لما بتبصلك بتحس بالحزن.
-وكمان هتعلميها تتعامل مع الراجل إزاي وأنتِ.
صمتت سمر قليلا وهي تبتسم لابنها الذي كان ينظر لملامح جوليا الجامدة، لتكمل حديثها:
-أنتِ قدرتي تعيشي زمان من غير والدك هل بنتك هتقدر؟ ليه عايزاها تعيش نفس حياتك وتقابل نفس مصيرك.
-تفتكري لما تعرف إن أمها أُغتصبت هيبقى ردة فعلها إيه! ولا هتبصلك إزاي وهي شايفاكِ مثلها الأعلى!
-فكري كويس يا جوليا مصلحة بنتك مع باباها مش معقدة نفسية زيك.
-يلا يا قصي.
أغمضت عينيها في محاولة منها لإخراج حديثها من الأذن الأخرى قبل أن يثبت في عقلها قبل أن يزيد في نَدَبات قلبها، غادرا لتبقى هي بمفردها تشعر بأن قدميها لا تستطيع حملها لتجلس على المقعد لا تعلم لما تشعر بالبرد الشديد فجأةً.
شعرت بنغزة قوية في قلبها لترفع يدها اليمنى نحوه وهي تعتصره لعله يهدأ ويتوقف عن ألمها، جذبت حقيبتها ونهضت ولكن شعرت بأن قدميها ثقيلة وكأن الزمن توقف بها هنا عند ذلك الألم، وكأن حديثها كان كـالقِشة التي كسرت ظهر البعير.
شعرت بأنها محاطة بالظلام من كافة الاتجاهات ولا يوجد مخرج، دمعة تمردت وهبطت على وجنتها لتشعر بأنها ضعيفة وكل ما كانت تفعله ذهب هباءًا.
لتصبح الرؤية مشوشة ويُصابها الصداع، خطت خطوة واحدة للأمام حينما دلف للمطعم لترفع يدها نحوه ولكنها سقطت أرضا فاقدة الوعي وقد رأته قبل أن تغمض جفنها.
جرى أمير لها ليرفعها نحوه وبدأ يربت على وجنتها هاتفا باسمها لعلها تستفيق، ليبدأ موظفي المكان في طلب الإسعاف لها.
دلف حامد جريا للداخل حينما استمع لهتاف أمير، ليلعن حامد كل من قصي وسمر لأنهم من جعلوها بتلك الحالة.
لتأتي سيارة الإسعاف بعد فترة، ليحملوا جوليا على النقالة ويرفعوها حيث السيارة ليستقل معها أمير ويبدأ موظف الإسعاف في عمل الإسعافات الأولية قائلا:
-اشتباه جلطة في القلب.
لينظر أمير نحوها وهو يرى ملامح الإرهاق والألم البادية على وجهها.
كانت تقف أمامه بثوبها الجديد وهي سعيدة لأنه قد جلبه من أجلها، لتشعر بأنه حزين والدموع حبيسة بداخل عينيه ليردف هامسا:
-أسف.
احتلت ملامحها الصدمة والحزن حتى وجدته يخرج من خلفه مبتسما وجرها خلفه ولكنها رفضت لتصرخ قائلة:
-بابا!
ولكنها فقدت وعيها أثر تلك الحقنة المهدئة التي غُرزت بعنقها.
.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (جريمة حب ) اسم الرواية