Ads by Google X

رواية عشق لاذع الفصل التاسع عشر 19 - بقلم سيلا وليد

الصفحة الرئيسية

 رواية عشق لاذع الفصل التاسع عشر 19 - بقلم سيلا وليد 

الفصل التاسع عشر 
عشق لاذع
افعالك الأخيره... 
جعلتني اعلم انني لم اكن شيئا لك منذ البداية... 
ثم... 
لقد كنت شيئا يسعدني... 
لا ادري كيف تحولت الي شئ يفتت قلبي وجعا.. و.. الما 
لذلك.. 
اصمت لان الكلام لن يفعل شئ.. 
اصمت لان قلبي ما عاد كما هو... 
اصمت لان الصمت خير لكرامتنا... 
يليه.. 
✍️ انا لم اتغير.. و... لكني.. 
ابتعدت عن كل من لم يعرف قيمتي.. 
لا ليس بصمت الرضا.. 
لا ليس بصمت عتب.. 
هو نوع اخر من الصمت اسمه 👉
« لكم حياتكم... و... لي حياتي  »

❈-❈-❈

قبل السفر لتركيا بيومين

عند عاليا بعد خروج ياسين

نهضت من مكانها تتجول بنظراتها على الشقة التي ألقاها بها وغادر..أخذت نفسًا طويلًا وخطت تبحث بعيناها بأركانه ..وجدت صورة لشابًا يبلغ من العمر مابين الثامن والعشرون للثلاثون ربيعا، يوجد بينهما كثيرا من التشابه، سوى لون عينيهما،
تحركت بتلك الردهة الطويلة، وهي تحمل فستانها بين كفيها، حتى وصلت لغرفة ، ولجت إليها تبحث عن أي شيئا ترتديه، فتحت خزانة كبيرة الحجم تعد غرفة ، وأخرجت منها قميصًا رجالي ، ثم اتجهت للمرحاض وقامت بنزع فستانها ..انسابت عبراتها تتدفق بقوة عبر وجنتيها حتى اهتز جسدها، فهوت على الأرضية تبكي بشهقات مرتفعة تنظر حولها بذهول ..أهذه ليلتها التي حلمت بها، نهضت متجهة للخارج تبحث عن غرفة تغفو بها أمسكت إطار الصورة ودققت النظر بها 
-ظابط إنت كمان، شكلك اخو الحلوف ..جلست والصورة بيديها تطالعها بتدقيق حتى
غفت بمكانها ، لم تشعر بكم الوقت الذي مر عليها 
عند ياسين 
ترجل من سيارته مهرولا للداخل يبحث   بنظراته بينهما حتى وصل لأوس الذي يضع رأسه بين راحتيه:
-ايه اللي حصل لبابا..ربت أوس على كتفه عندما وجد خوفه بملامحه 
-بابا كويس حبيبي ، هو دلوقتي في العناية علشان نطمن عليه 
اتجه ببصره لصهيب الذي يجلس بركنًا منعزل بجوار عز 
انكمشت ملامحه بألمًا وهو يطالعه متسائلا
-عمك ماله، قاعد كدا ليه 
جلس اوس يجذبه من كفيه 
-اقعد وأنا احكيلك ، بس إنت كنت فين بقالك شهرين مختفي، انت مش خلصت الكلية  يابني والمفروض بتستلم 
تنهد بألمًا واضعًا رأسه بين كفيه
-كان فيه تدريبات وتوزيعات، ولسة راجع بقالي يومين 
قطب جبينه متسائلا:

-يومين ياياسين اومال كنت فين ؟!

أجابه بصوت مختنق :
-بعدين، المهم نطمن على بابا دلوقتي..خرج جاسر من غرفة العناية، هب عز متجهًا إليه 
-ايه الاخبار.. اتجه ببصره لعمه 
-بابا كويس، اتكلم معايا شوية
استدار بنظره لعمه الذي يضع رأسه بين راحتيه وحزن العالم يحبس أنفاسه، واتجه لعز قائلاً:

-باباك بقاله فترة هنا، خليه يروح يرتاح

-ايه اللي بتقوله دا، عايز بابا يسيب عمو ويمشي..بتر حديثهم 
خروج غزل تطالعهم بصمت أشارت إليهم 
-كله يمشي محدش هيفضل معاه غيري أنا وعمكم ، هو بقى كويس الحمدلله، واتكلم مع جاسر كمان..ثم اقتربت من جاسر 
-روح على شغلك..اقترب ياسين متسائلا:
-حضرتك مش مخبية حاجة ياماما ، بابا كويس، ممكن أعرف ايه اللي حصل وصل بابا لكدا 
احتضنت وجهه 
-حبيبي باباك بقى كويس الحمد لله، ثم اتجهت بنظرها لعز
-ادخل خد روبي من جوا، متنساش أنها حامل، وخليك معاها الليلة ..سحبته من ذراعيه وابتعدت عن الجميع
-رجع مراتك والكلام هيكون بينا، وإياك ياعز تتمادى تاني، الطلاق مش لعبة يابن صهيب 
-جنى فين ياطنط غزل..قالها بقلبًا يئن ألمًا
-اختي حامل، غير أنها تعبانة ومعرفش عنها حاجة..احتضن كفيها 
-انا بقالي أكتر من شهر مسبتش مكان إلا لما دورت فيه ياطنط غزل ، مش عايز اتخانق مع جاسر، اكيد هو عمل حاجة كبيرة، انتي مقتنعة باللي قولتيه ياطنط غزل..دي روحها فيه، ازاي تمشي من غير ماحتى تقولي أنا الا إذا الموضوع كبير ...بلعت أحزانها تربت على كتفه تضمه وتجمعت الدموع تحت أهدابها
-إن شاءالله حبيبي هنلاقيها، اطمن على عمك واشوف جاسر عمل إيه
تراجع يهز رأسه رافضا كلماتها
-وأنا عايز اطمن على اختي، خليه يقولي ايه اللي حصل بينهم، متنسيش إن جنى كانت بتتعالج نفسيا من فترة، دي ممكن يحصلها حاجة وهي مش حاسة
قفلت جفونها بوهن شديد ثم تنهدت قائلة :
-هعرف واقولك..قالتها وتحركت متجهة إلى صهيب الذي مازال جالسا بمكانه دون ردة فعل ...جلست بجواره تنظر أمامها
صمتًا مريبًا لمدة دقائق ، حتى قطعت صمتهم
-آسفة ياصهيب، عارفة إنك زعلان على بنتك، اعذرني أنا كمان، إنت اكيد عارف جواد بالنسبالي إيه 
تجاهل صوتها المكتوم ونهض من مكانه 
-مش عايز غير حاجة واحدة بس ياغزل ، ورقة طلاق بنتي من ابنك، وأنا هعرف اوصلها 
أمسكت ذراعيه 
-صهيب..أشار بسبباته 
-ولا كلمة ، مش عايز كلمة واحدة تانية، أنتِ صح ، انا بنتي مش متربية، ولازم اربيها، اقترب خطوة وتحدث بنبرة متحشرجة
-أنا فعلا معرفتش اربيها واخليها ازاي تاخد حقها من اللي يدوس عليها، معرفتش اربيها من وقت ماكبرت واتعلقت بابنك وكأن مفيش غيره قدامها، كذبت عيني وانا بشوفها قدامي بتكبر وحبها بيكبر، ومفيش على لسانها غير جاسر، انحنى ينظر لمقلتيها 
-اللي غلطان انا زي ماقولتي، علشان كنت غبي وبعيد على بنتي ياغزل لحد ما حياتها مابقتش غير في جاسر وعز وربى، ودول اللي بيحركوها زي الماريوت، بس معلش يامرات اخويا ، هلاقيها واعيد تربيتها واعرفها ازاي تتهان وتفضل زي ماهي 

قالها وتحرك متجهًا للداخل عند جواد ..
بالداخل كانت تضع رأسها على كف والدها وتبكي بصمت ..شعرت بأحدهما يربت على كتفها 
-روبي ..نهضت تلقي نفسها بأحضانه تبكي بشهقات 
-بابا ياعز، شوفت بابا مبقاش حاسس بحاجة، ليه ياعز ، ليه بابا يحصله كدا 
ضمها لأحضانه بقوة ثم طبع قبلة على رأسها 
-حبيبتي عمو كويس، مامتك طمنتنا ..احتضن وجهها يزيل عبراتها 
-بطلي عياط دموعك بتكويني ياحبيبة عز ..هنا فاقت مما كانت عليه فتراجعت تزيل عبراتها
-أنا كويسة..وضعت كفيها على أحشائها 
-ابنك كمان كويس متخافش، دلف صهيب ينظر لجواد بقلب ينزف دمًا 
-سبوني مع أخويا شوية..اقتربت ربى منه 
-عمو صهيب لو سمحت..رمقها بنظرة جانبية 
-قولت عايز افضل مع أخويا شوية..اتجه لعز 
-خد بنت عمك رجعها البيت، وجهز نفسك هنمشي من حي الألفي 
صاعقة نزلت على رأسها تنظر لعز بذهول قائلة بشفتين مرتجفتين
-يعني ايه ياعمو..وصل لجواد يمسد على خصلاته التي غلبها الشيب قائلاً :

-مبقاش لينا فيه حاجة يابنت اخويا..فضناها
سحب عز روبي وتحرك للداخل، كانت تتحرك بجواره بخطوات واهية متعثرة حتى كادت أن تسقط لولا ذراعيه .طوقها يساعدها بالوقوف ...رفعت رأسها فتقابلت نظراتهما المعاتبة مع دموعها الصامتة 
تراجع بعيدا عندما شعر بضعفه أمامها، عندما تذكر صفعها له عندما خيرته بين رجوعها له وبين رجوع جنى..تذكر مافعله بها 

-خدي بالك لتوقعي..قالها وهو يبعد بنظراته عنها..اومأت برأسها وتحركت إلى أن وصلت للسيارة، فأمسكت ذراعه
-عز أكيد متعرفش مكان جنى مش كدا 

تحرك متجها للباب الآخر قائلا 
-دا أخوكي يعرفه، مفيش غيره 

❈-❈-❈
بغرفة جواد بالمشفى
جلس بجواره لبعض الوقت حتى فتح جواد عيونه بإرهاق، فتململ وهو يهمس باسم زوجته 
-غزل..قالها بصوت متقطع..توقف صهيب متجهًا إليه، دنى منه وهو ينحني بجسده
-عامل إيه دلوقتي ؟!
ابتلع ريقه ..يطبق على جفنيه 
-صهيب..ربت صهيب على كتفه
-غزل عندها كام كشف ودلوقتي تيجي، انت حاسس بإيه دلوقتي
-الحمد لله..استدار برأسه محاولا الأعتدال بعدما حاول نزع جهاز تنفسه
-الحمد لله ياصهيب، قرب اعدلني علشان البتاع اللي في مناخيري دا 
-خليك مرتاح زي ماانت، علشان متتعبش، أشار على الأجهزة التي توضع بصدره
-فين غزل تشيل الحاجات دي بختنق 
-ايه ياجواد هتعمل زي الأطفال ولا إيه 
أراد أن يشاركه الحديث فرفع نظره إليه 
-اقعد واسمعني ياصهيب ..تحركت أنامله المرتجفة على رأس جواد
-جواد ارتاح وبعدين نتكلم ..

-جنى كلمتك الفترة اللي فاتت ياصهيب..تسائل بها جواد 
نظر إلي أخيه مذهولا
-السؤال دا ليا انا وياترى دا شك فيا يااخويا ولا بتحاول تبرر أفعال ابنك 

نزع الجهاز من أنفه عندما فقد بإنسحاب الهواء من رئتيه، واعتدل بهدوء..هب صهيب من مكانه 
-بتعمل ايه بس..اعتدل جالسا وتعالت أنفاسه يتحدث بتقطع:
-ابني مظلمش بنتك يا صهيب وانت اكتر واحد عارف 
-جواد ممكن  تسكت انت تعبان، لو سمحت بلاش تتكلم 
رفع يديه ببطء وتحدث بنبرة حزينة
-لو مصدق أن جاسر ممكن يأذي جنى تبقى مصيبة ياصهيب، هتنكر أنه بيحب بنتك ومستعد يضحي بنفسه علشانها..فتح صهيب فمه للحديث
فأشار له بالوقوف
-مش عايز ولا كلمة، اسمعني للأخر، يمكن تعرف ليه بنتك عملت كدا 
-جاسر وجنى الاتنين الظروف ظلمتهم، بس متنكرش رغم كدا، بس القدر كان رحيم بيهم وجمعهم ، اه ابني غلط عارف، بس بنتك غلطها اكبر ياصهيب، جنى مش وحيدة ولا مقطوعة من شجرة علشان تعمل كدا، لو انت راضي باللي عملته يبقى لازم تراجع نفسك يابن ابويا 
نهض صهيب يهز رأسه وهتف
-اه فعلا ياجواد عندك حق، ماانا معرفتش اربيها 
-اسكت ياصهيب..قالها جواد بتقطع، وانفاسًا ثقيلة ..دنى صهيب منه 
-خلاص ياجواد اسكت دلوقتي مش وقت كلام، قاطعهم دلوف غزل..هرولت إليه بعدما وجدت شحوب وجهه
-ايه اللي حصل..اتجهت للأجهزة تتابعها 
-جواد ممكن تنام تاني..استدارت تنظر بعتاب لصهيب..الذي استدار بوجه للجهة الأخرى دون حديث 

قبل السفر لتركيا بيومين ..وهو اليوم المقرر بخروج جواد من المشفى

عند جاسر 
ترجل من سيارته سريعا متجهًا إلى غرفتها بمنزل عمه صهيب، ولج يبحث بأركان الغرفة عله يجد شيئا..دلف لغرفة الرسم دفع بقدمه كل صورها يمسح على وجهه بعنف
-روحتي فين ليه تعملي فيا كدا ..، شهر ونص معرفتش أوصلك،،هوى جالسًا على الأرضية الباردة أنامله على صورتها يضمها بإشتياق كأنها غادرت منذ سنوات

تجول بأنظاره بين تلك اللوحات وصوره المختلفة بين أعظمها ...ابتسم بين دموعه 
-غبية ياجنى متعرفيش انا بتنفس حبك يابنت عمي، والله لأحاسبك حساب عسير، اعرفك ازاي توجعي قلبي كدا..هلاقيكي هتروحي فين يعني ..قالها وهو يزيح كل ما يقابله توقف يحطم كل ما بالغرفة حتى أصبحت الغرفة أشلاء..وصلت الخادمة على صراخه مذهولة من حالته التي توصل إليها ، رفعت هاتفها وقامت بمهاتفة صهيب ولكنه لم يجب، فاتجهت إلى عز الذي كان عائدًا من الخارج 
وصل إليه عز 
-جاسر ايه اللي بتعمله دا..اقترب من عز يدقق النظر بمقلتيه
-بقالك يومين مختفي فين، كلمتك صح، وممكن تكون انت اللي مخبيها 

-جاسر أنا بحاول اتغاضى عن عمايلك مع اختي لخاطر ابويا وابوك، إنما تستهبل مش هسكتلك 

❈-❈-❈

امسكه من تلابيبه يهزه بغضب ونيران جحيمية تخرج من مقلتيه
-متستعبطش ياعز ، جنى متعرفش تتحرك من غيرك، صمت للحظة ثم تحرك متجهًا إلى ربى..ولج الى منزل والده سريعا 
-ربى..صاح بها بصخب حتى خرجت من غرفتها بثيابها المنزلية
-جاسر فيه إيه، بابا حصله حاجة 
اقترب يجذبها من ذراعيها بعنف 
-جنى كلمتك صح..هزت رأسها بالنفي سريعا
-ابدا والله معرفش عنها حاجة ..نزع عز ذراع ربى من بين يدي جاسر
-كفاية بقى يااخي، ومتفكرش هسكت عليك، اقسم بالله اختي لو مظهرتش ياجاسر لأبلغ فيك وأقول انت السبب في اختفائها ، أشار بسبباته محذرا إياه 
-احمد ربنا لولا تعب عمي كنت ولعت فيك ياجاسر وجنى هوصلها ، سمعتني 
قالها واستدار يرمق ربى بنظرات متألمة ثم تحرك للخارج

مساء اتجهت غزل لمنزل صهيب 
ولجت للداخل تبحث عن نهى، وجدتها تجلس بغرفتها تنظر بشرود أمامها 
خطت حتى وصلت  إليها 
-نهى!!..استدارت نهى بعينها تطالعها بصمت ..تحركت غزل إلى أن وصلت إليها 
-حبيبتي عاملة ايه؟!..حدجتها نهى بهدوء ثم اردفت بهدوء:
-من 25 عشرين سنة أول مرة قابلتك فيها وانتي بتعيطي قدام المدرسة علشان جواد زعلك ومكنتيش عايزة ترجعي على البيت، فاكرة اليوم دا ..أنا كنت  راجعة من شغلي .. كنت لسة أول مرة انزل شغل بعد دراستي وراجعة زعلانة علشان أسلوب مديري، أنتِ كنتي في ثانوية عامة وقتها يعني فرق كبير في السن، مش أقل من سبع سنين..وقتها رغم حزني ومكنتش عايزة اتكلم مع حد، لكن شوفت فيكي براءة وحزن في نفس الوقت وجعلي قلبي، يوميها سألتك زعلانة ليه وبتعيطي كدا ليه 
-قولتلي مالكيش دعوة وسبتيني ومشيتي، وبعد مامشيتي متر تقريبا هجم عليكي ابن عمك عاصم كان عايز يخطفك وقتها، انتي جريتي عليا وقولتي احميني لو سمحتي، مكنش فيه غيرنا تقريبا قدام المدرسة..فاكرة ايه اللي حصل ياغزل 
انسابت عبرات غزل تومأ برأسها 
-يوميها ضربتي عاصم بجذمتك لما حاول يشدني، واصابك بالمطوة بأيدك، وصرختي لما الناس اتجمعت علينا، واتصلتي بجواد من تليفوني لما لقيتني بعيط وبقول اسمه 
ابتسامة حزينة لاحت على وجه نهى 
-ودا كان أول تعارف بينا، وقتها قربتي مني أوي ، وانا عوضت حرمان الوحدة فيكي، حبيتك زي اخت ليا، لدرجة اليوم اللي مكنتش اشوفك فيه كنت بحس إن نقصني حاجة كبيرة اوي، صداقتنا قبل جوازي من صهيب فضلت 5سنين ، ياغزل، وبعد الجواز لحد دلوقتي عمرك مازعلتيني كنت أختي الصغيرة الحنينة وارتبطنا ببعض لدرجة الكل كان مفكرنا من نفس العمر أو القرابة، لحد ماجه موضوع جاسر وجنى وهنا بدأت حياتنا تفرقنا بسبب ولادنا، لأول مرة من وقت مااتجوزت اشوف وجع صهيب منك، لأول مرة أحس إنك واحدة غير صاحبتي اللي بقالنا اكتر من 35سنة صداقة بينا، ليه ياغزل ، ليه دا كله، لو اعرف علاقتنا هتبقى كدا كنت مستحيل اوافق صهيب على جواز جنى من جاسر
قالتها ببكاء، حتى اقتربت منها تحتضنها
-آسفة يانهى سامحيني غصب عني والله ، أنتِ عارفة جواد بالنسبالي ايه، حتى ولاده مابستحملش حد فيهم يزعله
ضربت نهى على صدرها تبكي بنشيج 
-قلبي مولع نار على بنتي ياغزل، بنتي معرفش عنها حاجة، طيب انت ِ جواد قدام عيونك حتى لو تعبان بس مطمئنة أنه قدام عيونك، أما أنا بنتي معرفش عنها حاجة..أزالت عبراتها تطالع غزل تستعطفها بنظراتها
-جاسر لسة معرفش أي اخبار عن جنى ياغزل .. طمنيني ياغزل، بالله عليكي هزت رأسها بالنفي
-بيسأل في كل مكان، نفسي اعرف ليه يانهى جنى تعمل فينا كدا 
تراجعت بجسدها تضع رأسها على ظهر المقعد تبكي 
-ياترى يابنتي إنتِ فين، ياترى عايشة ولا ميتة..تدفقت عبراتها عبر وجنتيها كالشلال ..تهمس بخفوت 
-عايزة بنتي، هاتيلي بنتي ياغزل، شوفلي بنتي عايشة ولا ميتة 
ضمتها غزل تربت على ظهرها 
-نهى ممكن تهدي، والله كلهم بيدوروا عليها، حتى جواد لما فاق عمل اتصالته وان شاءالله هيوصلولها قريب 
اعتدلت ترفع كفيها 
-ازاي ياغزل دي بقالها شهر ونص، دا اخوها مسبش مكان الا لما سأل عليها.، وصل صهيب من الخرج ،.فاتجهت إليه سريعا
-ايه ياصهيب مفيش جديد بردوا
هوى على المقعد يهز رأسه بالنفي 
بكت بشهقات مرتفعة 
-لأ اكيد حصلها حاجة، دا حتى مااتصلتش بعز، لازم جاسر يقول ايه اللي حصل خلاها تعمل كدا ياغزل
ابنك اكيد عمل حاجة ...ربتت على كتفها
-طيب ممكن تهدي، والله جواد قالي هيتصرف وخلال يومين أن شاءالله هيلاقيها، بس يسترد صحته الاول يانهى، جواد تعبان ومش حمل زعل ، اعذريني لو سمحتي 
وضعت رأسها على المقعد تنظر من الشرفة تبكي 
-ومفيش غير جواد اللي هيجبلي بنتي عارفة ومتأكدة من دا، مش كدا ياصهيب

كانت نظراتها على صهيب الصامت ..عيناه التي أصبحت خاوية من الحياة..نهضت من مكانها وجلست بجواره 
-عامل إيه يا صهيب .رفع نظره بنظرات تائهة معذبة 
-الحمد لله، جواد عامل إيه وهيرجع إمتى البيت..اقتربت منه وطالعته متألمة
-لسة زعلان مني..نهض من مكانه بجسدًا منهك، يكاد أن ينصب عوده وتحرك كالطفل الذي يتعلم السير، وتحدث:
-نهى هطلع ارتاح، ولما عز يرجع خليه يطلعلي..نهضت سريعا متجهة إليه 
-صهيب إنت تعبان..هز رأسه بالنفي وتحرك مرددا
"لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"
كانت نظراتها عليه..انشق صدرها لحالته، وشعرت بتأنيب الضمير بسبب ما قالته له ..ربتت نهى على كتفها 
-متزعليش منه، استدارت إليها وطأطأت رأسها بندم 
-أنا اللي آسفة، انا اللي آسفة يانهى..قالتها وحملت حقيبتها متجهة للخارج دون حديث
بالأعلى ولج لغرفة ابنته، وزع نظراته على الغرفة بأكملها، وانسابت عبراته بقوة..تحرك إلى أن وصل فراشها ..هوى عليه يتلمسه 
-ابوكي هان عليكي ياجنى، لدرجة دي يابنتي ..ليه يابنتي تكسريني كدا..ليه توجعي ابوكي ياجنى ، والله يابنتي لو كنت شكيت فيه ماكنت رميتك له..ولجت نهى إليه انتابها الخوف والألم معا..جلست بجواره ، وضعت رأسها على كتفه تحتضن كفيه
-صهيب هنعمل ايه، عز وجاسر مش عارفين يوصلولها، اعتدلت تنظر إليه 
-تفتكر ممكن تكون راحت فين ..مسح دموعها ثم رفع كفيها وقبلها 
-أنا آسف يا نهى معرفتش احافظ على بنتنا، بس والله كنت عايز أسعدها مع الشخص اللي حبته، قالها مع تدفق دمعاته 
احتضنت وجهه وبكت على بكائه 
-حبيبي جنى كويسة، انا قلبي بيقولي كويسة ياصهيب، بنتي كويسة ، اوعى تزعل نفسك ..استمع الى رنين هاتفه، فالتقطه 
-أيوة..قالها بصوت خافت
-بابا..قالتها ببكاء 
هب واقفا وانعقد لسانه عن الحديث لفترة ..حاول اخراج الكلمات ولكنها خرجت بتقطع 
-ج..ن..ى..صرخت نهى تجذب الهاتف من صهيب 
-كدا ياجنى، أمك وأبوكي هانوا عليكي ياجنى ..
-ماما وحشتيني.. 
-والله ياجنى، لسة فاكر عليكي، إن ليك أهل ،أنتِ فين يابت 
-ماما عاملين ايه؟! ..وجا..سر ..جاسر عامل ايه 
أشار صهيب إليها أن تعطيه الهاتف 
-انتِ فين يابنت صهيب، وايه اللي حصل خلاكي تقلي بأبوكي كدا، دي تربيتي فيكي ياجنى
بكت بصوت مرتفع 
-آسفة يابابا سامحني، عارفة إنك زعلان مني، بس والله ماقدرت اتحمل يابابا، انا بطمنك انا كويسة جدا، وكمان ولادي كويسين، حبيت اطمنكم ، سامحني ياحبيبي ، وخلي عمو جواد يسامحني
-لو مرجعتيش ياجنى يبقى انسي أن ليكي أهل 
-بابا..صاح بصوتًا غاضب حتى شعر بألمًا بصدره 
-اسمعيني يابنت صهيب لو مرجعتيش انسي أن ليكي اب، ابوكي وأخواتك موجودين علشان تهربي، انا بنتي تهرب من جوزها واتعاير بيها 
-بابا..قولت بكرة تكوني عندي، هنا خلص بينا الكلام..ووقت ماتوصلي اعتبري هتكون ورقة طلاقك من ابن عمك في ايدك ودا اخر كلام 
هوت جالسة على الفراش تنظر حولها بصدمة بعدما أغلق والدها الهاتف ..
بعد فترة 
استمعت لرنين هاتفها 
-غنى ..اجابتها غنى سريعا 
-جنى لازم ترجعي مصر ..بابا محجوز في المستشفى من وقت مامشيتي وعمو صهيب متخانق مع جاسر، انا خايفة من بابا وعمو وجاسر، بجد معرفش أن الدنيا هتولع كدا، من فضلك ارجعي في أقرب وقت..انا سبتك وقت كافي اهو، كويس بقى ارجعي 

-آسفة ياغنى مش هقدر دلوقتي 
-جنى ..جاسر بيدور عليكي زي المجنون، وعز كمان، تعرفي بيجاد كان هيقوله، غير بابا اللي وقع من طوله بسببك، ولسة لما يعرف اني ساعدتك
وضعت كفيها على أحشائها وهتفت
-أنا هكلم عمو، عرفت من يعقوب أنه تعب وبقى كويس كمان، انا خلاص رسمت حياتي ياغنى، هم هيزعلوا شوية بس بكرة هيتأقلموا على كدا 
صاحت غنى تجذب خصلاتها للخلف بغضب
-جنى انسي لو جاسر عرف مكانك هتفضلي عندك، مشفتهوش دلوقتي ، صدقيني دا اتجنن ومش على لسانه غير انك غدرتي بيه، ولولا تعب بابا كان زمانه وصلك 
ارتجف جسدها ، تتصارع مشاعرها بالأشتياق إليه:
- هو كويس ياغنى، صحته كويسة..سالت عبرة عبر وجنة غنى مردفة
-صعبان عليا اوي ياجنى، تعرفي انا بهرب من وجوده ، يعتبر ماتقبلاناش غير مرتين بس، هو معظم الوقت في المستشفى..
سحبت نفسًا مردفة
-معتقدش إن جاسر بيحب فيروز ياجنى، ارجعي واقعدي معاه حبيبتي 
-غنى الباب بيخبط هكلمك بعدين، بس عايزة أقولك حاجة قبل مااقفل 
-أنا وجاسر حياتنا انتهت ، الراجل اللي مرعاش مشاعري ميلزمنيش حتى لو روحي فيه ياغنى، بحبه وبموت فيه بس بتوجع اكتر من حبه ..سلام ياغنى 
جلست غنى وانهمرت عبراتها 
-ياربي اعمل ايه، دي اتجننت كمان، عايزة تتطلق ، ايه اللي أنا عملته دا، أنا لازم اقول لجاسر، أرجعت خصلاتها وتنهدت بحزن تنظر لطفلها..ثم هتفت لنفسها تهز رأسها رافضة 
-لا بابا..أيوة بابا لازم يعرف، عارفة هيزعل مني شوية، بس أكيد هيسامحني 

❈-❈-❈

باليوم التالي يوم خروج جواد من المشفى، تجمع الجميع حوله بالمنزل بعد عودة جواد للمنزل 
اعدل وضعية والده بجواره أوس 
ربت أوس على كفيه
-حبيبي محتاج حاجة، عندي اجتماع دلوقتي مع يعقوب، هحضره وارجعلك 
أومأ له جواد بعينيه ..فتحرك للخارج
جلس جاسر أمامه على المقعد 
-حاسس بإيه دلوقتي..أشار له بالتقرب..فنهض من مكانه يجلس بجواره على فراشه 
-أنا هوصل لمراتك، بس إياك تقرب منها ياجاسر من غير ما اتكلم معاها 

ربت جاسر على يده
-ماتشغلش بالك يابابا بجنى، أنا هعرف أوصلها واجبها، بس موضوع متقربش منها دي موعدكش، سبني كعادتك اخد قراري معها 
-جاسر..قالها بصوت متألم 
نهض من مكانه 
-أنا عندي شغل حبيبي ، بعدين نتكلم
-طيب لو طلبت منك الطلاق 
توقف جاسر لدى الباب بجسدًا متصلب، طالعه جواد ينتظر إجابته 
استدار لوالده 
-وقتها هطلقها، بس مش قبل مااخد حقي منها...قالها وتحرك سريعًا..هرول للأسفل سريعا

استقل سيارته متجهًا لقسم الشرطة لعمله ..ولج للداخل ، وحديث والده يصفعه، تذكر حديثها الأخير ، فثقلت أنفاسه، توقف يلتقط أنفاسه، الذي شعر بإنسحابها..دفع الباب وجد ياسين بأنتظاره..توقف يطالعه مستفسرًا :
-فيه حاجة ولا إيه؟! وبعدين كنت فين احنا رجعنا بابا البيت بقالك فترة بتختفي، على مااظن، شغلك الاسبوع دا ..هتستلمه ، ماقولتش هتستلمه فين 
-العريش..قالها مختصرا..ثم سحب نفسا وتحدث:

-فيه موضوع كبير لازم تعرفه، كان المفروض تعرفه من فترة، بس طبعا تعب بابا ووهروب جن..توقف عن الحديث عندما تغيرت ملامح جاسر ..
أشار له 
-قول وبطل تحط مبررات، الحكاية مش ناقصة..سحب ياسين نفسًا ثم زفره بهدوء واتجه بأنظاره مبتلعًا ريقه يطالعه بصمت:

جذب مقعدٍ مكتبه ينتظر حديثه :
-مالك يٓلآ !!..قالها وهو يشعل سيجاره 
جذب سيجاره وألقاه يدعسه بعدما شعر بغضبه من أفعاله.. نزل بجسده أمامه 
-جاسر هتفضل لحد إمتى عامل أهبل وعبيط، عارف إنك اخويا الكبير، بس اغلاطك بتوقعنا كلنا ، شوفت اللي حصل بين عمك وابوك، دا اول مرة يزعلوا من بعض، اتجننت ياجاسر، متحاولش تقنعني إنك ملاك مع جنى 

رفع جاسر قدمه فوق مكتبه 
-خلصت كلامك!!
ضرب ياسين على مكتبه 
-جاسر ابوك كان ممكن يموت ، انت فاهم المصيبة اللي حصلت خرج سيجارة أخرى وقام بإشعالها ..تعاظم الغضب لدى ياسين، فدفع قدمه من فوق المكتب
-معرفش اقولك ايه يااخي، خليك عايش دور الأهبل دا، غرز عيناه بمقلتيه 
-حافظك اكتر من نفسك ياجاسر، وعارف انك عملت مصيبة لجنى خلاها تهرب منك ومن الدنيا كلها، بس اللي مش قادر افهمه، ازاي قدرت تعمل حاجة كدا وهي حامل، ومعنى أنها تهرب حتى من عز يبقى الموضوع اكبر من توقع اي حد فينا 
قاطعهم دخول العسكري 
-مدام فيروز برة ياباشا وعايزة تدخلك 
نصب ياسين عوده ينظر إليه مذهولا 
-فيروز..رددها بصدمة كادت أن تذهب عقله..
أشار جاسر للعسكري 
-دخلها وهات قهوتي، بس خليها سادة 
مسح ياسين على وجهه بغضب حتى يسيطر على أعصابه ..ولجت فيروز بإبتسامتها، ولكن اختفت عندما وجدت ياسين يطالعها بعينين تطلق شرزا 

-مساء الخير.. نهض جاسر من مكانه يشير إليها 
-اقعدي يافيروز ..تشربي ايه 
-ميرسي ياجاسر، مصدقتش لما طلبتني بقالك كتير يعني مكلمتنيش ، استدارت لياسين 
-عامل ايه ياسين؟! 
استدار بوجهه للجهة الأخرى دون الرد، ضيقت مابين جبينها
-ماله ياسين زعلان مني ولا إيه 
استدار إليها قائلًا بصلف:
-اولا ياسين مش بيلعب معاكي، اه كنتي مرات اخويا في وقت، لكن حاليا مفيش بينا رابط، ثانيا اسمي حضرة الظابط، اعرفي قدرك يامدام ..قالها ثم نهض من مكانه وهو يجمع أشيائه يطالع أخيه بإستياء
-أنا ماشي، بعدين نكمل كلامنا 
-استني..قالها جاسر بهدوء، بدلوف العسكري وهو يحمل قدحين من القهوة، وضعها على المكتب متسائلا
-تؤمر بحاجة ياباشا
أشار على فيروز
-هات ليمونادا لمدام فيروز..اومأ العسكري وخرج 
تحرك ياسين ..فتوقف عندما صاح جاسر
-استني علشان فيه مشوار هنروحه مع بعض ..تأفف بضجر هستناك برة، متتأخرش عندي سفر بالليل ، خرج ياسين ونظرات جاسر عليه، ثم اتجه جاسر لفيروز،ابتسمت ولمعت عيناها مردفة 
-من وقت ماسبتني في المستشفى ماسمعتش صوتك، وكمان مابتردتش على تليفوناتي ليه، سألت عليك حضرة المستشار قالي معرفش 

ظل يطالعها بصمت، ثم سحب نفسا وزفره ببطئ، متنهدًا ، حمحم قائلًا
-تعرفي أنا كنت رافض أدخل الشرطة في الأول علشان افضل محترم، كان عندي نظرية أن الظباط دول ليهم شخصية تانية تدل أنهم مش بيحترموا الناس، شبح ابتسامة على وجهه، ثم رفع نظره إليها
-بس من صغري لما كنت بشوف بابا وشخصيته، أقول عايز أكون ظابط زي حضرتك يابابا..بابا كان رافض طبعًا، ورغم رفضه عمره ماأجبرني على حاجة ..عمرنا مااختلفنا لحد ما دخلتي حياتي ..من وقتها بعدت عن ابويا، رغم تحذيرات عز اللي كانت دايما بتحسسني إن ابن عاق،  تراجع بجسده ونفث سيجاره ومازالت نظراته عليها، كلامه لسة بيرن بوداني لحد دلوقتي ، منكرش وقتها مكنتش فاهم قصده، دنى بجسده ينظر لمقلتيها 
-عارفة قالي إيه وقتها يافيروز ..كانت تناظره بصمت فهزت رأسها

قالي شايفك بدأت تتسرب شوية بشوية من العيلة لحد ما هيكون فجوة والفجوة دي هتكبر ومش هتعرف تسيطر على نفسك ..وقف صلبا متجمدًا واتجه للنافذة ينظر للخارج 
-كنت بتكسف لما بقعد مع ابويا علشان حاولت اثبتله أنه غلط وأنا صح..ابتسامة ساخرة ظهرت على ملامحه
-اصله ياما حذرني، لكن أنا الأهبل اللي كنت عايز أخرج من قوقعة جواد الالفي، مشيت ورا البت اللي لعبت عليا..أطلق ضحكة صاخبة وهو يلطم كفيه ببعضهما 
-جواد الألفي قالي زمان كلمة 

-قالي يابني دايما الطبع بيغلب التطبع، ومتحاولش تثبتلي أن واحدة بقالها 22سنة عايشة على حاجة تيجي تغيرها علشان واحد مثلت عليه الحب في الأول..واللي يخدع مرة ، يخدع مليون مرة، واللي يتربى على الغش والخداع عمره ماينضف، لأنه معذور مش هيبقى فاهم يعني ايه أخلاقيات
وانا لحد دلوقتي رافض الجوازة دي، ومش معنى اني وافقت عليها يبقى راضي..لا ياجاسر انا لسة عند رأيي
إن فيروز مش المناسبة..
جلس أمامها مرة أخرى
-ابويا واخويا حذروني ورغم كدا اتعاملت معاكي برجولة، رغم انك متستهاليش

-جاسر ايه اللي بتقوله دا، أنا اتغيرت لما انت حاولت تبعد عني، ومكنتش شايف غير جنى وبس 
-بلاش اسم جنى يافيروز علشان مزعلكيش بجد..خليني اتعامل معاكي لأخر نفس إنك كنتي مراتي 

تجمد جسدها تطالعه بذهول
-بس أنا بحبك
-وأنا مبحبكيش..قالها سريعا..انحنى بجسده يدقق النظر بمقلتيه 
-قلوبنا مش عليها سلطان، أنا حاولت مظلمكيش، حاولت أنصف قلبك ورغم كدا أنتِ منصفتنيش فيروز 
-جاسر لو سمحت 

أخرج بعض الأوراق أمامها 
-دي تأشيرة لسويسرا، بعمل كويس في شركة سياحية كويسة، وصاحبها شخصية محترمة ومعرفتي شخصيا، 

تسارعت دقاتها بعنف تهز رأسها رافضة
-ايه اللي بتقوله ، عايزني اسافر، طب ازاي ، عايز تبعدني أوي كدا 
نهض من مكانه واتجه يجلس بمقابلتها 
-فيروز أنا لحد اللحظة دي كنت معاكي جاسر بن جواد الألفي اللي هو طليقك، أما لو عايزة امشيها رسمي، صدقيني هخليكي تنتحري مني يا فيروز ..اللي حايشني عنك العيش والملح بينا دي حاجة أما الحاجة التانية تربيتي اني متشطرتش على ست كانت في يوم من الأيام مراتي

توقفت الكلمات على أعتاب شفتيها تهز رأسها رافضة حديثه..

-دا كله علشانها، دا كله علشان قدرت تفرق بينا، طيب فين حقي زي حقها 

نفث سيجاره يطالعها بهدوء رغم النيران التي تسكن صدره 

-فيروز احنا افترقنا من زمان أوي، حتى قبل ماأطلقك، افترقنا لم اتغيرتي ونزلتي ابني ووووو بلاش اعدلك وكل شوية تقولي جنى 
نهضت من مكانها ونشجت بمرار والدمع يتساقط من مقلتيها 
-علشان هي السبب، هي لو اتجوزت وبعدت مكنتش طلقتني، انا عارفة إنك بتعمل كدا علشان باباك وعمك صح..أيوة ..أقتربت تحتضن كفيه
-أنا السبب عارفة، كنت بشوف نظراتك غلط..عارفة انا اللي ضغطت عليك وصورتلك حبها ، انسابت عبراتها بغزارة 
-جاسر إنت محبتش غيري، سامحني علشان كنت بظلمك واشكك في حبك 

انعقد لسانه من حالتها، فتراجع للخلف يضع كفيه بجيب بنطاله 
-لأ يافيروز،  إنتِ كنتي صح، أنا فعلا بحبها..وضعت كفيها على فمها تبكي بشهقات 
-متقولش حاجة لو سمحت، انت بتقول كدا علشان تضايقني على اللي عملته معاها، بس أنا معذورة ياجاسر 
الراجل اللي حبيته رماني وراح اتجوز حتى ماحاولش يسأل عني، كنت مستني مني ايه، اخدها في حضني ..اه أنا بعت لها فيديوهات وانا اللي فتحت الغاز وخليت الجيران تتصل براكان، وانا اللي خليت الممرضة تحطلك منوم في قهوتك ونمت جنبك وبعتلها صورنا، اقتربت من تضع كفيها على صدره
-ومستعدة أقتل جنى نفسها ياجاسر لو مرجعتنيش ..لأنك السبب محدش قالك تقرب مني كدا علشان اتجنن بحبككلماتها نزلت فوق مسامعه كسقوط نيزك حتى جعله غير متزن بوقوفه فهوى على المقعد خلفه هامسًا بضياع 
-انتِ ايه شيطانة!!
انحنت بجسدها ووضعت كفيها على أكتافه قائلة بنبرة لا تقبل الجدال 
-لأنك غلط معايا ياجاسر وظلمتني، ظلمتني لما خلتني أحبك أوي أوي وفي الاخر تسبني وترميني كأني واحدة قضيت معاها كام ليلة حلوة، بس وحياة كل دقة قلب ليا ماهتنازل على قلبي اللي حطمته، وهخلي جنى دي تكره نفسها من مجرد أنها قربت من حاجة ملكي ..ومش بعيد ترميها هي كمان زي مارمتني   

.طحن ضروسه ضاغطا عليها بقوة 
-عارفة جنى ايه عند جاسر يافيروز
طالعته بغضب تنتظر حديثه 
-جنى دي روحي يافيروز، هتقربي منها مش هقولك هعمل ايه، اللي متعرفهوش عني مبحبش الكلام ، اللي يعرف جاسر تلاتة بس جواد الألفي ، جنى و غزل الألفي..دول اللي يعرفوا جاسر ، يعني ميغركيش إني هادي وابن ناس، لكن لا لما بقلب بكون نمرود، وقولتلك قبل كدا ..انا مكنتش عايز ادخل شرطة علشان افضل محافظ على أدبي ، اقترب يجذب عنقها يقربه إليه ثم همس بجوار أذنها 

بس هي كانت عايزة اكون ظابط، تخيلي حاجة كنت بكرهها، بس حبيتها علشانها هي ممكن أسمح لحد يقرب منها أو يأذيها، قربي بس يافيروز، عايزك تقربي بس ورني جرس الباب بالغلط 
ابتلعت غصة مسننة حتى شعرت بتمزق جوفها 
-لدرجة دي ..ياااااه ياحضرة الظابط
جلس بمكانه ومازالت نظراته المتوعدة  في عمق عينيه قائلاً:

-أنا مكنتش عايز الأمور توصل بينا لكدا، انا اتعاملت معاكي من اول مرة قابلتك فيه كراجل، 
-من يوم مارميتي نفسك قدام ياسين وعملتي مسرحية سخيفة ورغم كدا وقفت جنبك، قررت اتجوزك بعد ماحسيت فيه مشاعر بينا وكملت فيها رغم انك استهزئتي بالمشاعر، بس هبلة اوي يافيروز، مثلتي الحب عليا وفي حين أن قلبي اصلا مكنش ملكي ، اقترب بجسده منها ينظر لفيروزتها 
-اه الجمال حلو منكرش، بس هي كانت مسيطرة أوي..عديت كتير اوي يا فيروز
وكنت بديلك اعذار رغم الكل قاطعني بسببك، وعملت مش واخد بالي في بلاويكي، لكن إن عقلك الغبي دا يخليكي تتمادي وتدخلي في حياتي وتعملي مسرحية زبالة يافيروز، فهنا بقولك دا انا ادفنك في قبر
نهض من مكانه وانحنى بجسده 
-لعبتك الواطية كشفتها ورغم كدا سبتك قولت اهي غيرة هبلة إنما يوصل بيكي تستخفي برجولتي هنا اعرفك حجمك، انا كنت بعدي وساكت علشان ظلمتك في الأول ، لكن الحنية والطبطبة متنفعش مع اللي زيك يا فيروز
لأول مرة تضعف أمامه ولم تعد ماذا تفعل وبماذا تجيبه ، لمست ذراعيه وانسابت عبراتها
-ايه اللي بتقوله دا ياجاسر، مين اللي يقدر يلعب برجولتك انا ، فيروز حبيبتك 
نفض ذراعيه معتدلا ثم تراجع على مقعده 
-مش قولت مش عايز استخفاف بعقلي
كتمت صراخ قلبها، واقتربت مبتسمة 
-أكيد بتهزر، أنا عارفة إنك زعلان مني علشان اتغيرت ، بس والله ماهعمل حاجة تانية ياجاسر، اقولك مش عايزة جواز، عايزاك تكون جنبي ولو ليلة واحدة أنا راضية 

صفعة قوية على وجهها ..توقفت أعضائه بالكامل ..ونظراته تحكي صدمة عنيفة هزت كيانه غير مستوعب أن تلك المرأة كانت زوجته في وقتٍ من الأوقات ..هل حقًا استحق تلك الأفعى التي بخت سُمها بقلبي لينشق ويدمي لكونها امتلكت جزء منه بوقتٍ سابق 
-اللعنة عليكي جنى إنتِ من أوصلتيني لتلك الحالة التخبطية ..قاطع حديثه حديثها الصاخب 
-بتهرب مني بجنى صح علشان تربيتي مش عاجبة حضرة اللوا
-انتِ هبلة يابت..قالها بإستهزاء ..سلط بصره ينظر إليها ببغض  ثم هتف دون جدال 
-هتسافري ولا ادخلك السجن يافيروز، وحياة ربنا ادخلك السجن واخليكي تعفني فيه
هبت فزعة تصيح بغضب
-ليه ياجاسر دا كله، ايه علشان جنى هتددني، فين قسمك ياحضرة الظابط
اقترب منها وامسكها بعنف يضغط بغضب فيكفي ماصار له بسببها، فلآن يحمل من الغصص مايكفي لانقطاع وريده، ثم دفعها بقوة حتى سقطت على المقعد 
-حذرتك قبل كدا وقولتلك مراتي هتقربي منها مش هرحمك يافيروز، ورغم اللي عملتيه إلا اني ابن اصول وجبتلك شغل بمكان كويس وناس نضيفة بعيد عن مجتمعك القذر، إلا انك بردوا مش عايزة تساعدي نفسك 
توقفت متجهة إليه ، ثم جلست أمامه على عقبيها واحتضنت كفيه
-وحياة أغلى حاجة عندك ياجاسر بلاش تحرمني منك، قبلت كفيه وانسابت عبراتها بغزارة تبكي بشهقات 
-أنا عملت كدا علشان بحبك

زفر بتعب يسحب كفيه، فنهض متوقفا بأنفاس تحرق رئتيه كسجائره ثم تحدث بهدوء عكس ما يشعر به 
-فيروز بلاش تقلي من نفسك قدامي ، أنا كنت ملكك لوحدك وأنتِ فرطي في الحب دا، حاولت وانتي كنتي بضيعي
جلس وتحولت نظراته لغضب ممزوج بالكره 
-ضحكتي عليا بدل المرة مليون ورغم كدا سامحتك ..بس عند جنى لا
-ليه ..صرخت بها كالمجنونة، ليه ياجاسر محبتنيش زيها ، فيها ايه تعشقها اوي كدا، رغم كنت بين ايدك زي العجينة بتشكلها بايدك 

ارتفعت ضحكاته على غير عادته 
-اه بدليل اتجوزتيني واستغفلتيني ومعرفتش اللي حصلك لولا عرفت بالصدفة ..اقترب منها 
-أقولك ظلمتك كام مرة..اول مرة لما مثلتي عليا الحب علشان تنتقموا من باسم فيا، تاني مرة لما اتجوزتك وانتي مكنتيش فيرجن وضحكتي عليا بعملية ولولا ستر ربنا معايا وعرفت بالصدفة ، وعديت وقولت دي مظلومة على كلامك اكيد..انا صدقتك يافيروز، ومفيش راجل يقبل على نفسه كدا، بس حبيت استر عليكي علشان ربنا يسترها معايا مش اكتر..ابتسم بتهكم وابتلع غصة تورمت داخل جوفه واستأنف 
-ظلمتك لما قتلتي ابني وضحكتي عليا وفهمتيني انك مكنتيش تعرفي ..رمقها بإحتقار ..شوهت سمعة بنت عمي وحبيبة روحي علشان تقنعيني أنها مش بريئة ومنحلة وكل شوية في حضن واحد، لحد ماخلتيني اكره بيت ابويا بسببها، البنت الوحيدة اللي مكنتش طالب من ربنا غير إنها تكون من نصيبي، 
تنهد بحرقة شديدة واستطرد قائلًا
-للأسف كنت شايف دا كله وبعدي وكل اللي عقلي بيقوله، دي بنت وانت ظلمتها واتجوزتها وانت قلبك مع واحدة تانية علشان كدا شيطانك مصورلك إنها مش كويسة 
أشار عليها مستحقرا 
-بس اتضح اني كنت متجوز الشيطانية نفسها، ورغم كدا مكنتش بخلي حد يقرب لك ، عمري ما حاولت أقل بيكي، لكن إنت كل خروجة لينا وكل تجمع عائلي كنتي بتقلي بيا 
امسكت كفيها تستمع إليه بذهول 
-غصب عني والله غصب عني..دفعها بقوة كأنها مرض معدي 
-وأنا كمان غصب عني اني محبتكيش، عايزة تسمعي ايه 
-اه عمري ماحبيتك واتجوزتك علشان ابعد عن حبيبتي، علشان مأذيش عمي وابويا، علشان مخليش عمتي تنام مقهورة على ابنها، علشان مشفش دمعة حبيبتي ، لكن اقسم بالله لو كنت اعرف وقتها أنها بتحبني ماكان حد هممني ، زي دلوقتي
وبعد اللي عملتيه دا كله، وبعد ماامك عملت بلاويها كلها مع جنى ..سامحتك وحاولت اساعدك ورجعتك وقولت مش مهم اعمل باصلك دا انت تربية جواد الالفي، فين رجولتك مع الست اللي كانت على اسمك 
وضع كفيه بجيب بنطاله وتحرك حولها 
-ورغم اللي عملته ، للمرة المليون تقلي بأصلك ، لا وجاية تهدديني بمراتي، بس معذورة يابنت هاشم، ماهو عيلتك كلها مجرمة هتعرفي الأصول منين 
-جاسر..وضع سبباته على شفتيها 
-اخرسي مش عايز ولا حرف حتى، انا هنا حضرة الظابط وبس، اسمي دا بقيت اكره لما اسمعه منك 
دلوقتي اخر ذرة شفقة عندي ليكي مسحتيها بعد اللي عملتيه فينا ، ودلوقتي لازم تختاري ، ياالحبس ياالسفر
-جاسر..صاح بغضب 
-قولتلك اسمي حضرة الظابط ، وزي ما قالك ياسين من شوية ماتنسيش قدرك 
عندي  يامدام ، كنت ساكت وسايبك في حالك علشان سمعتي مش اكتر ، لكن انك توصلي لروحي وتحاولي تلعبي بيها فدا ملوش شفقة عندي..وحياة القهر اللي حاسس بيه دلوقتي يا فيروز اللي بعدني عنك 
تربية جواد الألفي ليا مش اكتر، بس مستعد ادوس على تربية ابويا لو حد حاول يبعدني عن مراتي، نزل بجسده ينظر بمقلتيها 
-مراتي وحطي تحتها مليارات الخطوط..أشار على قلبه وأكمل 
-دا ملكها لوحدها، ومستعد اهد الدنيا واجفف مياه البحر يافيروز اللي يقرب منها ويحاول يبعدها عن حضني 

شعرت باحتراق نبضها فهمست بإرتجاف شفتيها كحال جسدها 
-يااااه..لدرجادي ياجاسر ، بتحبها لدرجادي ، وهي مش قادرة تحس بدا، غبية مش عارفة قيمة الحب 

اعتدل ينصب عوده وكأن كلماتها احرقته، فاخترقت دوافعه أمامها فانبثقت دمعة من عينيه، إزالها سريعا واستدار متجها لمقعده 
-من بكرة مش عايز اسمع اسم فيروز هاشم جوا مصر، قولت اللي عندي ودلوقتي فيكي تمشي 
-جاسر أنا بحبك، مش هقدر ابعد عنك 
-وانا مابحبكيش، ولا عمري هحب غيرها، ولا هشوف غيرها ، ياريت كل واحد يحافظ على كرامته دا لو تعرفيها يامدام فيروز 

طالعته بتشتت متسائلة 
-فيها ايه احسن مني!! 
تسارعت نبضاته مع مخيلتها أمامه 
-مفيش مقارنة بينكم ..، بس لو عايزة تسمعي أكتر 
-فيها روحي وحياتي، فيها السعادة والنبض لقلبي، فيها النفس اللي يخليني أقدر أعيش، فيها جاسر اللي مابلقوش غير عندها ..امشي يافيروز
خطت إلى أن توصلت أمامه 
-طيب وحياة جنى عندك بلاش توجعني بالطريقة دي 
-وحياة جنى عندي ماهسيبك بعد اللي عملتيه، وحياة اشتياقي ليها انا بحاول اكون راجل معاكي، بلاش تخليني ازعلك بجد، انتي دلوقتي قدامي اكبر قلم في حياتي ..امشي من قدامي..قدامك اسبوع واحد فقط في مصر، ودا من أصلي بس 

استدارت متهشمة القلب متحركة للباب ثم توقفت مستديرة
- هسافر ياجاسر وأريحك مني، بس يارب تلاقي السعادة عند جنى ..قالتها وتحركت مغادرة سريعًا 

هوى على مقعده، مبتلعًا غصته المتألمة تمنع تنفسه هامسًا لنفسه
-بس الاقيها يافيروز، وقتها هعرف السعادة ..أطبق على جفنيه وتراجع بجسده ، ولج ياسين يصفع الباب خلفه بقوة حتى افزعه 
-ايه يامتخلف دا عهدة مفكر نفسك في  مال الألفي ..جلس بمقابلته
-دا كله، دا لو بتخططوا على هجوم وكر كنتوا زمانكم اقتحمتوه
قهقه جاسر حتى أدمعت عيناه
-خفيف الظل يابن جواد..مالك يلا كنك مش في عقلك 
-جاسر هتوصل لجنى إزاي، الموضوع مش سهل ..فرك جبينه مطبق على جفنيه..ثم سحب نفسا وزفره 
-متخافش هوصلها..هز ياسين رأسه 
-بقالك شهر ونص عرفت توصله
يتبع بقية الفصل ١٩

 •تابع الفصل التالي "رواية عشق لاذع" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent