Ads by Google X

رواية عقاب ابن الباديه الفصل السابع 7 - بقلم ريناد يوسف

الصفحة الرئيسية

رواية عقاب ابن الباديه الفصل السابع 7 - بقلم ريناد يوسف

رواية عقاب ابن الباديه البارت السابع بقلم ريناد يوسف

في القصر في غرفة الاجتماعات المغلقة(غرفة مديحه) اجتمع يحيى وزوجته ومديحه لوضع مزيداً من الإضافات لخطتهم حتى يتوصلوا لنتيجة اسرع فاردفت مديحه:
-وبعدين كده الموضوع هيطول اكتر من اللازم واحنا مش فاضيين، زودي الجرعه يافريال خلينا نخلص ونشوف مصالحنا وحياتنا. 
فريال:
اعمل ايه يعني يامديحه ماانا بعمل اللي بقدر عليه، ومن البدايه قلتلكم الموضوع هياخد وقت، وبعدين مااحنا شغالين اهو انتي مستعجله على ايه؟ 
مديحه:
مستعجله على الحياة، مستعجله اني اخد الفلوس واعيش بيها وانبسط، مستنيه احقق احلامي اللي اتأخرت كتير. 
يحيى:
-معلش اجلي احلامك شويه كمان مش هيجرالهم حاجه، مش هيبوظوا من الركنه متقلقيش. 
إمتعضت ملامح مديحه ولم يعجبها ما تفوه به شقيقها، وفي هذه اللحظات كانت فريال تتفحصها بشك وريبة من تعجلها العير مبرر، فهمي منعمة تاكل وتشرب وتخرج.. عن اي احلام تتحدث!؟ 
❈-❈-❈
أما في الباديه.. 

عادت الشيخة عوالي من الحج بصحبة اخيها.. وما ان وصلت حتى استقبلها اهل الصحراء باطلاق وابل من الاعيرة النارية، 
وفرقة انشاد بدوي بالدف تعتلي الخيول، 
وقامو بإعداد وليمة كبيرة أتى اليها كبار القبائل من شتى بلاد البادية، وبعض الشخصيات المرموقة من الحضر اصدقاء الشيخ منصور.

وتقدم الشيخ منصور يستقبل اخته واخيه:
-يامرحبا يامية مراحب ياغوالي حج مبرور وذنب مغفور ان شاء الله.. صافح اخيه واخذ اخته الشيخه عوالي تحت جناحة فهي أخته الصغيرة الحكيمة ووصية أبيه الشيخ هلال 
فقد كانت الاخت الوحيدة لاربعة اخوه من الذكور وهي اصغرهم 
وكانت امنية ابيها 
الشيخ هلال.. والذي لم يكن يشبه اهل البادية في كره انجاب البنات.. 

فقد كان رجلا تقيا حافظا لكلام الله ولسنة رسوله (صل الله عليه وسلم).
ففرح فرحا شديدا عندما رزقه الله بعوالي ،فكانت ترافقة طوال النهار ولا تتركه الا وقت نومه بسبب والدتها التي تنهرها ليلاً من المبيت بجانب ابيها، ولولا هذا لما فارقته ليلاً او نهاراً. 

وتربت عوالي مع اخوتها الذكور واخذت طبعهم، 
وتعلمت معهم كل شئ يتعلمه الذكور بالاضافه لعملها كبنت بدوية، تغزل الصوف وتصنع السجاد .والملابس وتعلمها للصغيرات من بنات قبيلتها.
   
الشيخة عوالي:
-مرحبا بيك ياشقيقي استاحشتك وااجد  ياخوي ان شاء الله اموركم طيبة وحالكم هاني؟ 
الشيخ منصور:
- نحمدوا الله يا خيتي لكن انتي تعرفي زين في غيبتك وضع صبايا القبيلة يتكدر ويتفرعنن. 
.وحكى لها عن ماحدث مع قصير وزوجتيه، وغيرهم من مشاكل نساء الباديه وانهى حديثه بـ "الله يعينك ياخيتي ياما مواويل ترجا فيكِ" 
الشيخة عوالي:
ماتعول هم ربي يقدرني ونعدل ميزانهن. 
نادت على احدى نساء القبيلة والتي تقوم بخدمتها واسمها مايزة، الشيخة عوالي:
مايزة اجمعيلي كل الصبايا والبنيات  لياخدن هدياتهن،معادا الكلبتين
سدينة ومكاسب.. 
خليهن يجني بعد مالصبايا يمشن.

أما سدينة بعد ماسمعت بأن الشيخة عوالي عادت دب الرعب في اوصالها؛ 
فكل نساء القبيله يخافن منها اكثر من اهاليهم 
سدينة:تكلم حالها.. 
حيييه على امك يا سدينة.. جاتك عوالي ياسود الليالي.. واااك عليا واااك ،
نذر علي ندبح تيس ان ربي نجاني من يدها لا لا ندبح تيس وحولي ماهي الشريطة لابد اتكون على قدر المصيبة ونا مصيبتي تقيلة الحيل.. 
تو نمشي لرفيقتي فالمصيبة السودة هذي .
 سدينة أمام خيمة مكاسب:
-مكاسب ياغاليتي يابنت عمي ياضرتي ياحبيبتي 
مكاسب:
- ادخلي دخل عليك ملف بقرنين ياوجه البوم، ان شاء الله تريحتي بعد دذتلنا الشيخه عوالي وحرمتنا من مجايبها السمحة من الحج .

سدينة:
 يعني انت مش خايفه منها وبس همك المجايب؟ 
مكاسب مثلت القوة ولكن بداخلها كانت ترتعد من الخوف:

ماياخد الروح الا اللي خالقها..وانا  ماعاد يهمني..اشقي بروحك انت. 

ذهبتا الي الشيخة عوالي 
مكاسب:
مرحبا ياعمتي 
سدينة:
استاحشت ياعميمة
الشيخة عوالي:
-صكرن افواهكن واقعدن
تو نريد نعرف منكن قصير راجل ولا عويل.
اجاباها في صوت واحد:
 راجل وسيد الرجال. 
عوالي:
-وبوكن وخوتكم رجال ولا عويل؟ 

مكاسب:
- ويش هالسؤال هلنا اسياد القبائل ياعمتي. 
الشيخة عوالي:
بس افعالكن متبينش ان وراكن رجالة، ولا انكن ترباية رجالة.. 
انتن خذيتن كل القبيلة مو بس راجلكن اللي واطيتن راسة وقليتن قيمته. 
انت يامكاسب بوك تزوج ثلاثة وانت بنت امك الوحيدة.. ومن تزوج جابلك خوت اتباهي بيهم بين الصبايا. 
وانت ياسدينة بوك كان متزوج اثنين لكن اراد الله ان مرته الكبيرة يتوفاها الله وقعد بامك بس، ولولا انه كان جبير بالسن ومافيه صحه كان تزوج الثانيه والثالثه، 
وغيرهم وااجد وهذا شرع الله 
وكل شي قدر ونصيب واختبار وابتلاء سوا.. 
لكن ولا لراجلكن، هتصبرن ولا تكفرن وتقطعن بعضكن وتصقطي بنت عمك وتقتلي خي او اخت بناتك ياكبيرة ياقليلة العقل.. 
وانت ماقصرتي ياصغيرة وحطيتي راسك براس بنت عمك الكبيرة وام بنات راجلك وطمعتي فيه وتريديه لروحك ،وصغرتن برواحكن وبرجالتكن
صح كلامي ولا لا 
سدينة ومكاسب:
-صح ياشيخة لكن.. 
الشيخة هدرت بهم بصوت مرعب:
 - مافي لكن وتو وقت العقاب.. 
اللي درتنه كبيرة في حق الكل وتستاهلن عليه قطع لسانكن 
لكن انا هنرحمكن وعقباكن 
اول شي ملي المي من البير على روسكن للقبيلة كلها لحين يرضى عليكن راجلكن.. 
ولا تقعدن مع وحده من الصبايا، ولا لسانكن يخاطب لسان حدا.. 
اما حق الشيخ منصور وحقي.. 

ونادت الشيخة على من تقوم بخدمتها :
-مايزة جيبي المجلم "المقص" 
مكاسب وسدينة  في صرخة واحدة: 
-لا بالله ياشيختنا.. 
انحبو على اقدامك موتينا وما اتديريها.. ياعمتي حرمنا وتربينا ياعمتي. 
وبدأن في النحيب 
الشيخة عوالي:
-اخرصن.. اشلحي ردا راسك انت وهي. 
وامرت مايزة ان تقيد ايديهن وقامت بقص شعرهن الطويل، وجعلته لا يتجاوز رقبتهن. وكان هذا اشد عقاب لهم.. 
فعند بنات البدو شعرهن اغلى شئ عندهم بعد شرفهن.. 
وكان اهون عليهن القتل من قص شعرهن. 
فجمال المرأة عندهم يقاس بجمال شعرها وطوله.. 

عوالي بعد أن قصت شعرهن جلست امامهن لايهمها نحيبهم ولا يرف لها جفن لحالهم وسألت بحزم:
-والحين ابي اعرف سبب العركه.. ويش اللي هبلكم ومين اللي بدت.
سدينه: ياشيخه...
عوالي:
صكري.. ماامرتك بالكلام.. وهى من ضمن افاعيل عدم التربايه.. مكاسب احكي انتي.
مكاسب:
-ياشيختي وعمتي.. احلفلك بالله العظيم انا ماعلت بيها.. اني جالسه بخيمتي لا شلت ولا شيلت.ومرة وحده  ريت سدينه داخله اعليا ووقفت اقبالي وتضحك بكل قلة حياوتقولي:
 ماعاد ترجي من قصير ود، قصير خلاص تم خاص لسدينه بحلاها وصغرها والوليد اللي ببطنها.. اشقي بحالك وببناتك وبعدي عن زوجي.. كانت تحكي وتتماوع وهي تعرف ان قلبي قايد نار لان قصير وعدني بالمبيت وهي خلته يرقد بفرشتها ويلحس كلمته..
 كانت تكيدني وانا ماتحملت، قمت وماحسيت بحالي الا وهي تحتي واضرب فيها بكل قهري.. نسيت انها حبله ونسيت كل شي ومافكرت الا بقهر قلبي منها..
 انا راضيه بزواج قصير منها وقلت سدينه اقربلي من الكل.. بنت عمي اللزم ونخاف اعلى بعضنا ونشد حالنا ببعض..
 لكن تيجي الضربه منها والله صعيبه ياشيخه وماتحملتها. 
نظرت عوالي الى سدينه بغضب، وقبل ان تتفوه بكلمة خرت سدينه اسفل اقدامها واخذت تتوسلها:
- بربك ياشيخه انا غلطت ومعترفه وانتي عاقبتيني، والله ماراح نعيدها والله.
عوالي:
لا يابعد روحي.. العقاب اللي اخذتيه كان لاجل انك مديتي يدك اعلى ضرتك وبت عمك.. لكن عيلتك بيها وهي ماعملتلك شي هي لحالها الها عقاب ثاني.. انتي ذراعك اللي انكسر بيطيب، ووليدك اللي طاح بيتعوض،، لكن مكاسب عينها اللي احتمال تنطفى مابتتعوض والسنه اللي قصير حلف انه ما يقربها فيها ماتتعوض..وعقابهم يزيد. 
انهت حديثها وامسكت المقص مرة أخرى واقتربت من سدينه.. 
سدينة:
- لا ياعمتي اقتليني.. اقتليني ولا تجلميني كي النعجة مارح نقدر نرفع عيني في حرمة من القبيلة.. 
وااااااااك عليا واااااك.. 
ازاحتها الشيخة عوالي وقامت بتقصير شعرها اكثر حتى اصبحت تشبه الصبية وغير آبهة بصراخها،وبعد ان انتهت نظرت لمايزة. وامرتها ان تحضر لها قصير. 

وعادت مايزة بقصير معها، وفور ان سمعت سدينه صوته حتى اخذت تغطي رأسها بشالها وهي تكاد تموت خجلاً، اما مكاسب فاكتفت بتنكيس رأسها ارضاً.. وحين دخوله امرته عوالي قائلة:
-ياقصير.. ترد سدينه لخيمتك لحين تحمل هاد بعد ماتطيب ويشفى كسرها.. وبعد حبلها بتعتزلها كيف مااعتزلت مكاسب وماتردلها الا ترد لمكاسب. 
قصير:
بس ياشيخه... 
عوالي:
مافي بس.. هاد أمر.. سدينه العايبة والغلط منها ومايصير مكاسب تتحاسب على ذنب غيرها. 

قصير:
موافق بس بشرط.. 
عوالي:
صاير تتشرط على شيختك ياقصير؟ 
قصير:
لا ياشيخه حشاكي.. اعتبريه طلب، ودي تحكيلي مع الشيخ منصور اتزوج الثالثه. 
عوالي:
-مافي ثالثه ولا رابعه، اذا ودك مره وماقادر تعيش بدون مره رد يمينك من مكاسب وعاودلها.. بس اللي حكمته على سدينه مافي رجعه ولا راح اقبل منك مخالفته..
 وانا رديت ياقصير وبراقب وراح اعرف كل اللي بينعمل وأوامري راح تتنفذ ولا لا.

غادر قصير الخيمة بعد ان حدج الاثنتين مكاسب وسدينه بنظرة غضب وتوعد.. ولكن كل شيئ باوانه. 

أما في الخلاء أمام الخيام في مجلس الرجال المعتاد.. 

الشيخ منصور كان في مجلسه ولكن عيناه يراقبان ذلك الصغير الذي يلعب مع الاولاد لعبة النشان ويتفوق فيها في كل مرة، وأردف بفخر لقصير الذي اقترب منه:
أحسنت ياقصير الوليد صار قناص ومايخيبلا نشان.. الوليد صاير عقاب.
قصير:
-الحق ينقال ياشيخ الوليد عيونه عيون صقر ويده قويه رغم صغرها ماترجف، وقلبو قوي مايهاب شي، واللي يشوفه باول جيته وخوفه وجبنه مايشوفا اليوم.. صار قوي مقدام والاهم من كل هاد عزيز النفس وعنده صبرر وجلد ماشفته غير بأولادنا.. سكان البوادي
منصور:
من اليوم الوليد صار لقبه بين الوليدات "عقاب" خلي الاسم يرتبط فيه حتى يتميز وسط الباديه.. ويلا اجمعلي الصغار كلهم اليوم فيه درس دين وتحفيظ قرآن وتسميع. 
قصير:
-ابشر ياشيخ.. ونظر لآدم ونادى عليه بكل صوته.. آدم ياولد.. تعا لهون انت وباقي الوليدات، تعو الشيخ منصور راح يبدء درس قرآن هاتوا كتبكم واجمعوا الباقيين وتعو.
اقترب منه آدم الذي خصه بالنداء أولاً ووقف أمامه في انتظار أيةأوامر، فأشار اليه الشيخ أن يقترب.. فأقترب آدم فأجلسه الشيخ منصور بجانبه وقال له متبسماً:
-تعرف ياآدم انا بعمري ماشكرت وليد ولا شدت بشطارته.. بس هاد لأن كل ولد بالباديه هاي حياته واللي يسويه من تعاليمنا وعاداتنا.. 
وعيشتنا تحتم عليه يتعلم كل شي، بس انت اليوم انا نحكيهالك قدام الجميع اني فخور بيك ياوليدي، لانك غريب وتعلمت اللي الكل كان مفكر انك ماراح تتعلمه بعمرك..
 بس اني راهنت عليك من اول يوم وقلت هالوليد راح يكونله شأن عظيم.. ذو الشأن ينعرف من نظرة عينه ياآدم وانت عيونك تنطق اصرار وعزيمه وتحدي، بوك قالي انك ماراح تقدر على عيشة البوادي بس انا قلتله هاته وماعليك بيه..
واليوم اشوفك متل ماظنيت بيك،، قوي وماتهاب شي وصرت عقاب عزيز النفس قوي المخالب شديد البأس.. 
ومن هالحين صار لقبك بين الصبية "عقاب"
تبسم آدم للإسم وردده هامساً:
-"عُقاب"!
رد عليه عمران موضحاً:
-اي ياوليدي عقاب.. العقاب اقوي من حلق بالسما، اقوى من الصقر والنسر وكل الطيور، العقاب طير ماينذكر طاريه الا وقت يكون الحديث عن عزة النفس والشموخ والقوة.. العقاب رمز القوة وانت صرت وراح تصير من اقوياء البوادي.. متل ماقال الشيخ عيونك تحكي قوة.

اجتمع الاولاد جميعاً واصطفوا حول الشيخ منصور لأخذ الدرس الاسبوعي في القرآن وحينما اخبرهم آدم بلقبه الجديد هلل الاولاد فرحاً، فلكل منهم اسم يعرف ويتميز به، صقر، فهد، خفاش. جمل.. ولكل اسم يطلق على طفل يحمل الطفل صفة من صفات هذا الحيوان.. السرعة أو الذكاء، أو التنبه والقدره على الاستيقاظ طوال الليل..حدة البصر.. الصبر وغيرها من الصفات والاسماء.. ولكن آدم حظي بأقواهم وأفخمهم. 

بعد عدة اسابيع... 
آدم:
عم قصير جبتلك حيه كوبرا.. شوف قديش طولها وحجمها. 
قصير:
والنعم والنعم ياعقاب.. جيبها واحترس منها حتى لا تفرغ كامل سمها بجسدك بتمرضك.. مبين عليها حاويه سم كثير. 
آدم:
لا ماتخاف انا بعرف كيف اسيطر اعليها، بس عضتني عضه وحده وماخليتها تتمالك فيا وخرتها عني قوام. 
قصير:
زين زين، اعطيني وكتر من هي الحيات المسمومات بينباعو بقروش حلوه، وعلى كل راس حيه وحنش بعطيك قروش ليك. 

إدم: ويش اعمل بالقروش ياعمي، القروش هيني مالها قيمه. 
قصير:
القروش ليها قيمه بكل مكان، والقرش اللي تحصله شيله للزمن.. القروش بتجيب كل شي، وانت لا تفكر انك عايش معنا بدون قروش او اننا مانصرف، 
احنا حالنا حال الكل ياوليدي كل احتياجاتنا نجيبها بالقروش، الكسوه والخضار والبقول والاواني.. لخيام والفراش، اشيا تخص الحريمات ماتيجي غير من الحضر وبقروش كتير، كل هالشي بيحتاج قروش، وانت بوك تاركلك قروش كثيره وهي اللي تصرف منها.. طعام وشراب وملبس.. 
واليوم اللي تخلص فيه قروش ابوك من عندنا راح تحتاج قروش.. وقتها تفك صرتك وتطلع وتصرف وماتعتاز لحدا
مع اني بعرفك يالعقاب ماراح تاخذ من حدا شي لو تموت جوع وبرد.

انهى حديثه ومد يده في جيبه واخرج نقوداً مدهم لآدم.. وآدم التقطهم منه ووضعهم في جيبه دون نقاش، فهذا درس من دروس عمه قصير ..
وهو تعلم ان الدروس هنا تفهم جيداً وكلام الكبار يُطاع دون نقاش.. وترك المكان وذهب للبحث عن حيات وثعابين اخرى، مادام بحثه عنهم واصطيادهم سيأتي له بالنقود. 

وأول شيئ فعله هو انه حكى لسالم كل مادار بينه وبين قصير واراه النقود.. وكالعادة شجعه سالم على كسب المزيد، 
بل وكان يدله على جحور الثعابين ويدعه هو يلتقطهم بالطريقة التي علمهم اياها قصير،
 وفي نهاية اليوم كان آدم قد ملأ جعبته بالثعابين من كافة الاجناس والاشكال التي تسكن الصحراء، 
وفي هذا اليوم لم يعود سالم بأي شيئ، وترك الظفر وكامل الغنائم لصديقه حتى يشعره ببعض السعادة، فهو منذ قدومه دائم الحزن قليل الابتسام الا في المواقف الطريفة التي يسقط فيها الأولاد قتلى من الضحك تضهر ابتسامته. 

اخذ قصير من آدم الثعابين واعطاه ثمنهم، وعاد آدم لخيمته كي يستريح قليلاً بعد هذا اليوم المتعب، اخفى نقوده، 
وبمجرد أن وضع رأسه على وسادته لاح له طيفا أبيه وأمه، وتمنى لو انهم بجانبه الآن، يريَ ابيه ماتعلمه، يشاهده وهو يلتقط الافاعي ببراعة، وهو يقوم بالتصويب والقنص، وهو يسبح في قاع المياة مقيد ويفك قيده ويخرج من الماء قبل الجميع، 

وهو يحلب الماعز ويصنع الخبز، وهو يمتطي الحصان وينطلق به كالريح لا يهاب السقوط، وهو يتدرب على ركوب الجمال كي يشارك في سباقات الهجين التي ستقام قريباً على مستوى القبائل.. ليته هو وأمه يشاهدون مااضحى عليه الآن، ولكن للأسف يبدوا أنه اصبح آخر إهتماماتهم. 

في القصر.. 
فريال بصوت متقطع:
-الحيوان اخوك ومراته بيعملوا ايه في العزبه كل دا يايحيى؟ كده مفعول التركيبه ممكن يقل من جسمه وصحته تردله ونحتاج نبدأ من الصفر مره تانيه.. 
يحيى:
-وانا هعمل ايه يعني يافوفا ماهو اللي اصر يسافر لوحده هو ومراته بحجة انه عايز يريح اعصابه، وبعدين سايبلي مسئولية الشركه هسيبها ازاي، وحتى الشغل كله معطله وموقفه وهيوقع الشركه بغباءه ونشوفية دماغه الحيوان ده. 
فريال:
-اتصرف يايحيى سافر وادي فلوس للجنايني وخليه يتصرف ويحط التركيبه في الاكل، حتى لو هتاكل منها عايده معاه خلينا نخلص من الاتنين سوا. 
قاطعتهم مديحه التي خرجت من غرفتها تتقدم نحوهم بخطوات بطيئه:
-مفيش داعي.. يحيى جاي بعد يومين هو ومراته انا لسه مكلمه عايده وهي قالتلي الكلام ده. 
نظر اليها يحيى وهي تهندم ملابسها استعداداً للخروج وسألها:
-وانتي متشيكه كده ورايحه على فين؟ 
وبعدين خروجاتك كترت ليه اليومين دول بتروحي فين؟ 
اجابته مديحه بثبات:
-هكون بروح فين يعني؟ بروح النادي او عند وحده من صاحباتي. 
يحيى:
-طيب خفي خروج شويه ومتنسيش انك مطلقه والمطلقه ملهاش خروج من البيت لوحدها.. او ملهاش خروج من الاساس. 
مديحه:
-ياسلاام.. ودا في شرع مين دا ان شاء الله؟ 
يحيى:
-دا في شرع العادات والتقاليد والمجتمع اللي عايشين فيه ولازم نمشي على تقاليده. 
اجابته مديحه وهي تغادر جواره:
-حاضر نبقى نمشي، بس بعد اذنك انا متأخره دلوقتي. 

اخذ ينظر اليها بغضب وهي تغادر وانتبه على صوت عايده زوجته وهي تحادثه:
-مديحه وضعها بقى مريب يايحيى وأمرها مش خالى.. دور وراها عشان شكلها مخبيه حاجه.. انا لولا تعبى كنت انا اللي دورت ودعبست بس للأسف الزفت الحمل دا كتفتني وشل حركتي. 
يحيى:
-صحيح الدكتور قالك ايه النهارده؟ 

-لسه دلوقتي بس فاكر تسأل؟ قالي ياسيدي اني بدأت في الشهر الرابع وان نبض الجنين تمام وحالة قلبي مستقره لحد دلوقتي وربنا يستر فاللي جاي.. قالي اهم حاجه ابعد عن التوتر والعصبيه وطبعاً دا شيئ مستحيل في الفتره دي، فقولتله حاضر وخلاص. 
يحيى:
خلاص متفكريش في اي حاجه اليومين دول واهتمي بصحتك ونفسك وسيبي كل حاجه لفاية ماتقومي بالسلامه، اهو محمود قاعد واحنا موجودين، واللي ميتمش النهارده يتم بكره. 
زفرت فريال وتمتمت بغيظ:
اهو انا مكنتش متعصبه قبل كلامك ده.. روح يايحيى من قدامي، روح البس هدومك وشوف اختك بتروح فين وبتعمل ايه، احنا مش حمل مفاجآت وكوارث.. احنا مش فاضيين نحل مشاكل. 

انصاع يحيى لامرها وذهب للغرفة كي يرتدي ملابسه، ويرى شقيقته ماذا وراءها هي الاخرى وماذا تخفى بجعبتها. 
❈-❈-❈

عند مديحه.. 
اقتربت منه وهي تتغنج في مشيتها وصعدت على السرير بجانبه وهمست له بدلال:
-وحشتني ياشوشو اوييي. 
ليرد عليها هو بغضب:
-لو كنت وحشتك بصحيح كنتي سألتي وجيتي.. لو باجي على بالك ياست هانم وبتشتاقيلي كان شوقك جابك ومتحملتيش تغيبي عني ٤ ايام بحالهم، وحتى تليفونك اغلب الوقت مقفول.. لكن مين انا عشان مديحه هانم تشتاقلي وتهتم بيا انا حتتة واحد فقير ابن ساعي شركة اخوكي؟ 

-انت حبيبي وجوزي واحلى حاجه فدنيتي.. همست بها 
وإقتربت منه اكثر لتحاول السيطرة عليه بقربها الذي تعلم جيداً انه يضعف مقاومته كلياً، ويهدم كل حصونه، ويطرد الغضب من داخله على الفور.. 
وبالفعل اتى القرب بثماره، فنظر اليها شريف بنظرة شوق وإشتهاء وبدأ في إستغلال اللحظات القليلة الثمينة التي يراها فيها قبل ان ينتهى الوقت وتغادر وتتركه، 
وحينها سيأكله الندم كعادته إن لم يستغل الفرص التي باتت قليلة وشحيحه ويجب اغتنامها لأقصى درجه. 
❈-❈-❈

أما في العزبه... 
عايده
-هاه يامحمود لسه النتيجه مظهرتش، المعمل مردش عليك؟ مش المفروض النهارده هتظهر النتيجه ويبعتوهالك بالفاكس ليه موصلتش لحد دلوقتي؟ 

نظر اليها طويلاً ثم ترقرقت عيناه بالدمع وهو يخرج من جيبه مظروفاً مده لها وهي يهمس:
- لا ردوا وللأسف شكوكك طلعت حقيقه ياعايده، العينه اظهرت ان دمي فيه نوع سموم غريب بيشتغل على الاعضاء الداخليه للجسم يضعفها، ويضعف الدوره الدمويه، ويسد الاورده والشرايين، 
ويسبب جلطات بسيطه متتاليه، وبعدها جلطات كبيره، وفي النهايه الوفاه، بس دي على المدى البعيد.. معهد البحوث الامريكي قال إن دى وسيلة قـ. ـتل بالبطيئ. 
شهقت عايده وهي تضرب على صدرها وسألته بفزع:
-ياخبر اسود ومهبب، بيسمموك يامحمود؟ 
اجابها محمود بأسف:
-ايوه ياعايده تخيلي اخواتي بيسمموني.. هاه لسه برضو عايزه ترجعى ادم وسطهم ومقتنعه اننا ممكن نحرسه؟ .تفتكري هنقدر نحرسه واحنا مش قادرين نحرس نفسنا؟ 
عايده:
-لا لا خلاص.. خلى ابني بعيد.. خليه عايش.. بس قولى دلوقتي اللي فجسمك ده له علاج ولا ملهوش؟ 
محمود:
في المعهد بيحللو المكونات عشان يصنعوله ترياق يبطل مفعوله، بس دا هيتكلف ثروه ياعايده. 
عايده:
يتكلف زي مايتكلف، انشالله ندفع فيه كل اللي حيلتنا.. اصلاً ياريت كل الفلوس اللي عندنا دي تغور في داهيه لانها هي سبب كل مشاكلنا، ماتيجي ندي لاخواتك كل حاجه يامحمود ونرتاح..
بص انا هاتنازل لاخوك عن الشركه والقصر والعزبه والفلوس وخليهم يبعدو عننا.. 
انا عايزه اعيش معاك ومع ابني بسلام، مش عايزه نعيش في خوف ورعب بسبب الفلوس، انا كرهت الفلوس خلاص. 
محمود:
-لا محدش هياخد مليم احمر من الفلوس.. دي فلوس ابني.. حقه اللي هييجي يطالب بيه ويسألنا عليه.. محدش هياخد حاجه من حقه، وبعدين هو انتي فاكره انك لو اديتيهم الفلوس هيسيبونا في حالنا؟ 
دول مش بعيد يقتلونا قـ. تـل جماعي عشان متبقاش فيه حاجه تفكرهم بافعالهم الدنيئه، ويضمنوا ان محدش في يوم من الايام يقولهم انه له عندهم حاجه..
 اسكتى ياعايده انتي متعرفيهمش.. انا عارف اخواتي وعارف تفكيرهم. 

صمتت عايده وأغمضت عيناها وهي تحاول استيعاب كل مايحدث معها بسبب لعنة الاموال التى عجزت عن إيجاد اي حل لها او التخلص منها، وتمنت الفقر من قلبها، أو ان يهدي الله إخوة محمود ويكفيها وعائلتها شرورهم. 
❈-❈-❈
في الباديه.. 
عوالي:
-مكاسب.. يامكاسب. 
اتت اليها مكاسب مسرعه، فدعتها للجلوس بجوارها، وقامت بنزع الرباط عن عينها ونظرت فيها وسألتها:
-فتحي خلني اشوف لوين واصل الضرر بعوينتك. 
حاولت مكاسب فتح عينها ولكنها اغلقتها سريعاً وتألمت، فقالت لها عوالي:
-زين، مادام الضو اذاها معناها مازال بيها خير.. ميلي خليني انقطلك فيها بمي زمزم يغسلها وبعدها انقطلك من محلول الشبه الزفره والجنزاره وانشاله بتطيب سريع. 
مكاسب بفزع:
-لا ياشيخه بربك لا تحطيلي شبه ماراح اتحملها، اذا انا وعيني مامابيها شي مااتحملها، شلون اذا العين مجروحه؟ 
عوالي:
-ميلي يامكاسب وكفي عن الهوسه.. ميلي. 
انصاعت مكاسب لأمر الشيخه عوالي وتلقت في عينها المجروحة قطرات شعرت بانها قطرات من حميم، فصرخت بكل قوتها متألمة، فالأمر يشبه كي العين بسيخ محمي. 
❈-❈-❈
في خيمة الشيخ منصور:
قصير:
-ياشيخ ودي ارد يميني عن مكاسب وارجع بكلمتي وخايف اعلى هيبتي قدام اهل الباديه ويقولون قصير ماله كلمه. 
منصور:
- ارجع بكلمتك ورد يمينك وخلي يقولو اللي يقولوه.. كلام الناس اهون من غضب ربك، والهجران يغضب الله ياقصير. 
ردها ورد سدينه بعد. 
قصير:
-لا سدينه تبقى عند ابوها شوي، لسه دراعها مكسور ومريضه.. خليها لمن تسترد عافيتها زين.. مكاسب زينه وصحتها مليحه. 
منصور:
-خلص اخرج قول للكل اني امرتك تعاود لمكاسب. وسدينه تعاودلك بعد ماتطيب وقول ان كلام الشيخ ماينرد.. جيبها فيا وتعلم بعدها ماتتعجل. 
قصير بفرحه:
-حاضر ياشيخي.. وعد اول واخر مره، وبعدين عمتي عوالي ادبتهم وماقصرت فيهم. 
خرج من خيمة الشيخ متوجهاً لخيمة مكاسب، وفي طريقة اخبر الجميع بحكم الشيخ منصور.. وفور دخوله لخيمة مكاسب نظر اليها وقال:

-ابشري الليله المبيت بخيمتك يامكاسب.. خلي الصبايا يبيتون بخيمتى الثانيه اليوم. 
نظرت اليه مكاسب ولم تبدى اية ردة فعل لدقائق، ولكنها ردت عليه بعد برهة:
لا.. البنيات ماينفع يبيتون بخيمتك الثانيه، الحنشان فيها والبنت الصغيره ماانحوت، 
واذا قرصها حنش بتموت في الحال.. خليهم هون وانا بروح ابيت معك بالخيمه الثانيه.

  •تابع الفصل التالي "رواية عقاب ابن الباديه" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent