Ads by Google X

رواية عقاب ابن الباديه الفصل السادس والعشرون 26 - بقلم ريناد يوسف

الصفحة الرئيسية

 رواية عقاب ابن الباديه الفصل السادس والعشرون 26 - بقلم ريناد يوسف

عقاب ابن الباديه الفصل السادس والعشرون


نظر آدم لفريال وبدون مقدمات اختصر المسافة بينهم في خطوة، وهم أن يقبض على رقبتها ويعتصر أحبالها الصوتية التي تحدثت مع أمه وابيه بهذه النبرة، ولكن رجولته وماتربى عليه منعاه من ان يمد يده على إمرأة، فبحركة واحدة قبض على رقبة عمه بيد وعلى رقبة مدحت إبن عمه القريب منه باليد الأخرى، وكانت قبضته كالفولاذ الذى إنصب على رقابهم، ووجه نظراته وحديثه لفريال زوجة عمه قائلاً:

-الباين هادي عادتك مو اول مره تتكلمي مع امي بهالنبرة، بس هادي آخر مره نسمحلك تتعدي حدودك وتتكلمي بيها معاها،كلامي للكل مو انتي بس ،أي حدا يتكلم مع ام عقاب  بطريقه ماتليق ويقل من قدرها،والله نقطع لسانه ونوكله له وتو غير مرحب بيكم في،هيا كيف الخلق المحترمين لملمو عيالكم وكرامتكم،لو كان تعرفو ايش يعني كرامة وتغادرو القصر، وماتاخذو ولا شي معاكم الا الملابس اللي عليكم، خلوها تصير  باليسر بدال ماتصير بالعسر .

انهى آخر كلماته وكان عمه وإبن عمه يختنقان من قبضته وتحول لون وجهيهم للأحمر وهم يحاولان التملص من قبضته الفولاذية ولا يستطيعان، فتقدم نحوه ابيه وأمسك ذراعه القابض على رقبة عمه ونظر اليه وهمس:

-مش عايز ابني يكون مجرم ياآدم، سيبهم يابني متضيعش نفسك. 

فأرخى آدم قبضتيه على الفور، ونظر لعمه وأكمل أوامره:

- لو  ماتريدوني انصير مجرم وانسوي أول جريمة لي توا غادروا حالا. 

نظر يحيي الذي كان يفرك في رقبته متأملاً إلى زوجته يرجوا منها حلاً، واردفت هي بنفس الإصرار:

- مش هنمشي وهنبلغ البوليس يجي يثبت حاله واللي معاه الأوراق اللي تثبت ملكيته للقصر يطلعها. 

ولأن أوراق القصر كلها عرفية ولم تُسجل أدركت عايده أن فريال استولت عليهم، وتتحدث بكل هذا الثبات وهذه القوة من هذا المنطلق، فنظرت لآدم وقالت له:

-استنى ياآدم عشان الظاهر إن فريال عملت حاجات كتيره أوي في ال٣ سنين اللي فاتوا دول.

آدم:

- كل شي انعمل راح تتحاسب عليه، هي دارت طريق ومشت فيه وانا هنحاسبها على كل خطوه خطتها في هالطريق اللي اخره جحيم يسعرها.. انا هنا  تو،وهنخلي كل  واحد في مكانه اللي يحقله . 

ردت عليه فريال بقوة لا تتناسب مع الموقف نهائياً:

-اعمل اللي تعمله، القصر دا قصري وقصر ولادي ومش هنمشي منه، واللى تقدر تاخده ياآدم خده، الساحه قدامك ووريني شطارتك، مبقاش الا انت يابن إمبارح. 

ودلوقتي.. كارمن.. مدحت على أوضكم.. وانتي يافاطمه خدى أولادك ويلا على أوضكم، وأظن انتي كمان حان الوقت إنك تشوفيلك سكن بعيد عن قصري. 

اردفت فاطمه وهي غير مصدقة لما تسمعه من أختها:

-سكن بعيد عن قصرك؟ هي بقت كده يافريال؟ 

- ايوه بقت كده يافاطمه، واديكي شايفه إنها حرب وبدأت ومش هينفع تكون فيها اطراف كتيره. 


نظرت اليها فاطمه نظرة اخيرة قبل أن تأخذ اولادها وتذهب بهم تجاه غرفة مديحه، والتى اصبحت غرفة فاطمه، فزمجر آدم معترضاً:

-مافي حد هيبقى في القصر وقلتها كلمة انقلعو بالذوق. 

ليتحرك بعدها ويبدأ فى جذب مدحت من ذراعه للخارج ومعه عمه، ولحقتهم فريال وهي تجذب يحيي بإعتراض، وحينما لم تستطع منع آدم من سحبه هرولت على الهاتف وقامت بإبلاغ النجدة عن محاولة تهجم على بيتها من أخيه وإبنه، وإنتظرت قدوم المساعدة إليهم. 

وبعد القليل من الشد والجذب، ومحاولات كثيرة من يحيي لإستعطاف محمود وصلت عربة الشرطة، وقامت بأخذ الجميع، آدم وأبيه ورابح وسالم ويحيي ومدحت إبنه لقسم الشرطة. 

وهناك تم تحرير محضر بالواقعة، وكاد الامر ينتهي لصالح يحيي لولا أن عرف آدم عن نفسه وأظهر للضابط بطاقة بلون أسود لا تعطى الا لأشخاص يعدون على الاصابع فى البلد، وتعنى انهم محصنون من قوات عليا، فإنقلب الوضع رأساً على عقب على الفور، وتفاجأ الجميع بمعاملة الضابط لآدم بمنتهى الإحترام والتقدير، وهذه كانت الضربة الاولى ليحيي وإبنه، فقد علما جيداً لأى مكانة قد وصل آدم، واخذ السؤال يتخبط في عقولهم.. كيف ولماذا؟ 

وانتهى الأمر لأن المحضر يفض على الفور ويغلق، ولكن آدم قدم محضراً آخر مفاده أن عمه إستولى على قصره بالقوة ووضع اليد. 


وانتهى الأمر على يبقي الحال علي ماهو عليه ويتقاسم الجميع القصر لحين عرض المحضر على النيابة، وعاد الجميع للقصر. 


آدم:

- والله برفه من اصبعي الخنصر نقدر انوديك انت واولادك ورا الشمس واظن انك ريت العينه، ها تمشي ولا تجرب ويش نقدر أنسوي؟ 

وهنا كان يجب علي يحيى إستخدام ذكائه فهو بالفعل رأى مايمكن لآدم فعله، فأردف على الفور:

- هنمشي ياآدم بس ادينا فرصه يابن اخويا نرتب أمورنا، ادينا فرصه يامحمود نشوفلنا مكان وهنمشي. 

نظر محمود لآدم بعد ان نظر لكارمن ومدحت ووجدهم مطأطؤ الرأس بحزن وخزي فقال:

- خلاص ياآدم اديهم فرصه يدبروا نفسهم، حتي كرمال صلة الدم اللي عمرهم معملولها حساب. 


آدم:

- يبقى كام يوم بس، وجيب مفاتيح الشركه وماعاد تخطيها.بقدامك الوسخة

فأخرج يحيي من جيبه المفاتيح وأعطاهم له وقال:

- تمام المفاتيح اهي. 

أخذهم آدم منه ونظر حوله وقال لأمه:

- وين غرفتك يالغاليه؟ 

عايده:

- كانت فوق من ٣ سنين معرفش دلوقتي لها وجود ولا فريال إحتلتها. 


يحيي:

- لأ موجوده زي ماهي محدش احتلها، مفيش بس غير اوضة مديحه اخدتها فاطمه. 

تذكر هنا محمود أن أخته مديحه غائبة منذ وصولهم ولم تظهر، فسأل بغرابة:

-إلا صحيح فين مديحه مش ظاهرة؟ هي اتجوزت وسابت القصر ولا ايه؟ 

فريال:

-مديحه ماتت. 

ضحك محمود وبعدها اردف ساخراً:

- طبعاً والسبب مجهول والأعراض سكته قلبيه والوفاة طبيعية، نفس الطريقه بنفس التكتيك، بنفس السم. 


لم يتفوه احد منهم بحرف، وانفض الجميع لغرفهم، ونظر محمود إلى غرفة اخته مديحه التي برغم كل شيئ فعلته معه إلا إنه شعر بالحزن عليها، ولم يستغرب موتها أو الطريقة، فالأفاعى إن لم تجد ما تأكله تأكل ذيولها ولن تقف منظومتهم على صلة قرابه. 


صعدت عايده ومحمود لغرفتهم، وبدأت في تفقد اشيائها، وتاكدت من وجود كل شيئ إلا العقود والأوراق الخاصة بالأملاك كما توقعت. 


أما آدم فجلس في الحديقة مع رابح وسالم واخذ يتفقد المكان من حوله، نعم هو يتذكره، ولكن المواقف التى عاشها هنا بهتت وأوشكت على أن تتلاشى، والباقي منها لا يكون ذكرى كاملة، فكل ذكرياته الآن هناك، في الصحراء وسط الصخور والرمال. 


أما في القبيلة:

منصور:

- انا خايف على عقاب  والشباب واجد ياقصير، صوتهم بالنقال ماطمني، الوليد نبرته مقهوره. وعما ثعلب خبيث مايأتمن.

- لا تخاف ياشيخ، اولادنا رجال لا خوف عليهم، من ايش خايف عليهم، العمر في يد الله  إذا ماانتهى وسقطت ورقته من الشجرة ماراح يضرهم شي.. وبعدين عقاب يخوف ماينخاف عليه. وعمه صحيح تعلب لكن جاله السبع اللي هياكل مصارينه وكل

- دقلي عليهم وطمني ويش الاوضاع تو عندهم. 

- لسا من شوي داقين علي وقالولي كل شي زين والامور طيبه، وطلب مني انقول لعمتي عوالي انو وده حرمه تروح القصر تساعد امو وتدير بالها عليهم بغيابه وتراقب وكلهم وشربهم لحين يغادر عمه القصر. 

- قول للشيخه تشيعلهم مايزه، ماراح يسد غيرها، مايزه نويصحه وتعرف أمور الحناش وتعرف تتعامل معاهم. 


- هنعدي عليها ونعرفها حتى توي حالها وارد.. اي صحيح ياشيخ وانا بالوادي دقلي ولدك قياتي وقالي انه ماراح يقدر يجي هالعام كمان، عنده شغل واااجد والاولاد مدارسهم بيها نشاطات بالصيفيه. 

- اي ياقصير، بدأ الغياب يصير بالسنين من بعد الشهور، وشوي شوي بينقطع، بس لو دقلك مره تانيه قوله بوك يقولك الله معاك ودير بالك ع الصغار وسلملي على خيتك وصغارها.. الله يساعده يارب. 


غادر قصير الخيمة متوجهاً لخيمة عمته عوالي ليخبرها بطلب آدم وترك الشيخ منصور غارق فى أفكاره وحساباته، فقد حان وقت تسليم راية المشيخة لغيره، وبدأ حنينه لاحفاده يتعب قلبه، نعم جميع أولاد القبيلة أحفادة، ولكن أولاد قياتي واخته عريفة هم الأصل، هم الأقرب والأحب. 


قصير:

- هاه ويش قولك ياعمتي هتبعتي منْ من الصبايا لعقاب عشان هناخدها  وانتوكل انوصلها وانرد بيه، عندنا شغل ماينفع  يتم من دونه؟ 

عوالي:

- والله احترت ومانعرف ياقصير، مايزه ما نستغني عنها، وبذات الوقت ما نأمن حدا غيرها على ام آدم وبوه، ويش هالحيره ياربي؟ 

- اندزلهم مكاسب؟ 

- لا ما تنفع.. خلص ودى اندزلهم مايزه وانا اندبر حالي بهاليومين والله كريم. 

وتقرر ذهاب مايزه للقصر، ولكن بعد أن تلقت جميع التوجيهات من الشيخه عوالي وأعطتها بعض الأشياء اللازمة. وبعض الاعشاب البدويه التي يعرفون بها هل الماكل او المشرب به سم ام لا 


أما في خيمة مكاسب.. 

رجوه:

- امتي راجعين عالديرة الشباب والله مايصير يطولو  ويغيبو  كل هالوقت، طيب ليش مااخدوني معاهم؟ والله ودي انعديلهم بروحي

معزوزه:صدق اللي قال عليك فانص 

- اعقلي وصكري فمك ولا تخلي بوكي يختلي بيك ويكسر اعضامك وانت لحالك لا فيه سالم يحوش ولا يدافع. 

- اااخ الشوق صعيب يامعزوزه وانت مجربته اكيد. 

تنهدت الاخرى واردفت:

- الا مجربته ياخيتي، لكن مين اللي  يحرقه الشوق إذا ماكون انا.. الله يردك يارابح يانبض القلب ونضر العين، ويردك ياسالم لرهينتك ومرتك وام وليداتك. 

قالت كلماتها لتذكر اختها بإن سالم هو من يجب عليها الإشتياق له لا لغيره، فهي تعرف حق المعرفة أن سالم لم يعد يعني لرجوه اي شيئ، والشوق والتفكير كله لعقاب، وهذا ماسيدمرها ويدمر سالم معها، وبالتاكيد سيدمر العلاقة الجميلة التي تربطهم إذ لم تتراجع شقيقتها في الوقت المناسب. 

ولهذا ستظل تحاول لعلها تستطيع إعادة عقل رجوه إلى رشده.


غادر قصير بمايزه متوجهاً إلي قصر آدم، وهناك اخبره بأن هناك أمراً طارئاً ولا يحتمل تأجيل ولا بديل لوجوده هو بنفسه، فالأمر يتعلق بالأسلحة، وهذا هو إختصاص آدم، فترك آدم أبواه على مضض وهو خائف عليهم، بل قلبه يرتعد خوفاً، ففكرة أن يخسرهم بعد أن إجتمعا أخيراً لا يستطيع حتى مجرد التفكير فيها، ولكن قصير طمأنه بأن عمه ليس بهذا الغباء الذي يجعله يأذي اخاه وهو يعلم أن خلفه الآن إبناً قادراً على الانتقام بأبشع الطرق، وأيضاً وجود سالم ومايزه معاهم ساهم في طمأنته عليهم أكثر.. أما رابح ففر معهم فور أن سمع من قصير خبر خطبة محراب، لم يصدق في البداية واخذ قلبه يتخبط فى صدره وعقله يخبره بأنها قد تكون مزحة، ولكن ملامح عمه قصير الغاضبة اكدت له الخبر، فتمنى لو أن معزوزة أمامه الآن لأختطفها وهرب بها من بعد أن زالت القيود وتلاشت الاسباب التي تحول بينهم، وقرر الا يضيع المزيد من الوقت ويطلب من الشيخ والشيخة الرحمة وتعجيل زواجهم. 


وطوال الطريق كان قصير يشتشيط من رابح غضباً، فقد كان بين الفينة والفينة ينظر اليه ويمسكه من تلابيبه ويسأله بعدم تصديق:

- قول والله ياعمي محراب الكلب خطب.. احلف بربك الغمه انزاحت، وغلاة هلال ياعمي تحكي الصدق إنت ولا تمزح معي؟ 

ظل يكررها وقصير يجيبه بأن هذا هو الصدق إلى أن فاض به فصرخ به:

- الله يخبلك اكتر ماانت مخبول يارابح وجيت راسي، ويش فيك كل هادا الجنان لان محراب خطب.. انا طول عمري نسمع عن الفرحه اللي تطير العقل بس اول مره انشوفها بعيني... ياهبل العشق يقل قيمة الراجل ويضيع هيبته ويخلي الحرمة تستصغره ،وتو ياريت تعقل وتحط عقلك براسك ولا نحلف لا فيه زواج  ولا يحزنون

- لا بالله عليك ياعمي  انا بعرضك وطولك لا تحلف ولا تحكي شي، سكتنا سكتنا، وعقلنا


ثم صمت قليلاً ووجه كلامه لآدم:

- ياعقاب انا سمعت صح ان محراب خطب ولا عقلي خرف، طيب عمي قصير يحكي الصدق ولا يمزح معي؟ 


إنفجر آدم ضاحكاً وضرب قصير كفاً بكف وهو ينظر لرابح ويردف:

- والله انهبل الوليد.. الحمد لله ياربي ماحبينا ولا انهبلنا والا كنا صرنا مضحكة القبايل. 


وصلوا جميعاً وترجل رابح من السيارة أولهم وأخذ يجري نحوا خيمة معزوزه ووجدها تخرج من الخيمة فوقف أمامها يلتقط انفاسه بصعوبة وهو ينظر اليها وكأنه يقف على مشارف بلدته التي تحررت اخيراً بعد سنوات من الإحتلال، وأصبح يحق له سكنتها واللجوء اليها.

معزوزه:

-دريت يانضر عيني؟ 

- لكن ايش اللي جابني أنسابق  الريح لنشوفك وانشاركك الفرحه يانبض قلبي.

- فرحان؟ 

- والله الكلمه انحسها قليله  وماتوصف الفرحه اللي بقلبي ياحبيبة قلبي. 

وهنا سمعا صوت هلال آت من خلف معزوزه:

- والله لاقول لبوي انك تتغزل فأختي. 

أمسكته رجوه من الخلف كاللص المقبوض عليه وأخذت تهمس له وهي تهزه:

- قول لابوك حرف وانا بعرف ويش اسوي فيك ياهلال أمك. 

هلال:

-اتركيني يابلوه والا بخبر ابوي عنك واقوله كل شوي تمسكني وتضربني. 

- اي قول ويش ماسكك انا مانخاف من حدا، ومادامك كل شي تسمعه تروح تحكيه لبوك راح انسميك خباص القبيله، مو عندنا الفهد والنمر والاسد والعقاب، ويصير الخباص بعد..والله والله لنفضحك بين القبايل ياشيخ خباص. 

- بقطع راسك وارميها للذياب 

- تعال لنشوف مين بيقطع راس التاني قبل. 

انهت كلماتها وقامت بسحبه للخيمة وبدأ القتال بينهم وأخذت مكاسب تصرخ علي رجوه وهي تحاول إبعادها عن هلالها، ورجوة متمسكة بكل قوتها، واما رابح فأستغل المعركة وأنشغال الجميع وأخذ معزوزة وإبتعدا عن الخيمة وجلسا بعيداً عن منطقة الخيام وجلسا يخططان لعرسهم ولحياتهم القادمة، وحتى بدأوا في إختيار أسماء الأولاد ، وكل هذا على مرأى من محراب الذي تأججت النيران فيه اكثر وأكثر وهو يرى فرحة رابح التى لاتخفى على الأعمى. 


عند الشيخ منصور في خيمته.. 

قصير:

-ويش قلت ياشيخ منصور نعطي للرجل بضاعه ولا مانعطي؟ 

منصور:

- اسمعني ياقصير وإنت ياعقاب.. انا بالفترة الجايه مسافر لعند ولدي قياتي، راح نقضي مع صغارة شهر وبعدها راح نطلع على الحج.. القبيلة وأمورها والأسلحه وكل شي متعلق بيها صارت بيدك انت وآدم ياقصير.. الحين ياآدم لقروش اللي بحسابي اللي درته لي تحولهن لقياتي ولدي على حسابا بالبنك، والقروش  اللي هانا هي اللي راح انحج منها ونصرف منها طول قعدتي بليبيا.. حلالي وجمالي والخيول كلها برعايتك ياقصير وإذا مارديت يصيرن صدقه جاريه تصرف منها على فقرا القبيلة وتتصدق منهم على روحي، وعوالي راح انضيفلها كام شاة على حلالها من خوها، وملابسي وخيمتي وكل شي فيها ملكك ياقصير من بعدي، وهاد الشي راح انقوله لكل اهل القبيله. 

رد عليه قصير سريعاً:

-ويش كل هادا ياشيخي، وليش تحكي هكي متل ماتكون مودع؟ الله يعطيك العمر الطويل والصحه ومايغيبك عنا، القبيله والدنيا كلها بلاك ماتسوا ياشيخنا وتاج راسنا. 


- مهما طالت اللمه لابد من لفراق ياوليدي، خلينا بس نرتب أمورنا وبعدها اللي كاتبه الله بيصير..والحين عدي إجمعلى عمامك واكبار القبيلة انريد نحكيلهم هالقرارات. 


أومأ قصير له برأسه وخرج ينفذ أوامر شيخه. 

أما آدم فإقترب حتى وقف أمام الشيخ منصور ونظر له وهو يشعر بقبضة فى قلبه وخوف تسلل إليه وهو يتخيل القبيلة بدون الشيخ منصور وأردف له:

- ياشيخي وبوي وخلي وخليلي.. تعرف اني مافيا انتخيل الدنيا من دونك.. تعرف انك قوتي وسندي ودعمي.. تعرف انك الجناحات اللي يطير بيهم العقاب ويحلق بالسما؟ 

بالله عليك ماتتركني ولا حتى بالموت. 

تبسم منصور ومد يده المتجعدة لآدم وهمس له:

- اقترب مني ياوليدي واجلس جواري

اقترب منه آدم وجلس بجواره فحاوط منصور كتفيه بذراعه وقال له بحنو بالغ:

- تعرف انك اكتر حدا حبيتا متل عيالي.. مفتاح رحمة الله عليه وقياتي ربي يحفظه ، تعرف إن الضنا ماحد يوصل لغلاه بس انت وصلت لغلاهم.. وسبحان من يوزع الغلا بالقلوب..عمري ماافتخرت بحدا متل فخري بيك، وعمر ماحدا ضافلي متل ماانت ضفتلي وضفت لقبيلتي واهلها.. طول عمر الشيخ منصور هو اللي يضيف ويعلي، بس أنت ياعقاب طرت فوق الكللل..منيتك على راسي وعلى قدر التعب اللي تعبناه عليك ومداراتنا ليك عطيتنا وزدت واااجد.. وتو اسمعني زين ياوليدي..انت داخل حرب كبيييره، ودي كل تعاليمنا تكون حاضره بين عيونك، ماتخلي الشر اللي يباغتك يشل فكرك.. راوغ ولائم واتعشى بعدوك قبل لا يتغدا بيك.. اموالك كلها اصبحت بيد عمك. هاد الشي نعرفه من زمان بس مارضيت نقهرك وانزيد همك.. كل قرش مع عمك هو ملكك رجع املاكك وأقطع روس الأفاعي.. بس بعد ماتعلمهم درس ماينسوه. اذا حيين ويسوقهم بقهرهم علي قبورهم اذا أموات. 

إذا دارت ليام ومااتكتب لينا اللقا كون بخير لاجلي ولاتنسى علومي، وتذكرني بدعوة زينه وفاتحه ترطب القلب من حمو الذنوب.. وما تهجر القبيله ياوليدي، لا تهجر سماك ياعقاب. 

انت تميت ركن من اركان وطاتنا ولك خوت واهل هنا ماتنساهم

تأكد آدم أن الشيخ منصور يودعه بالفعل، فتجمعت دمعة على اهدابه ورد على منصور قائلاً:

- ماتخاف ياشيخ، العقاب انولد بسما القبيلة وماراح يعرف يطير بعيد عنها.. أما أنت ياأحن وأطيب القلوب لا تخاف، والله تنتسى الروح ولا انت تنتسى، الله يردك لينا بألف خير وسلامه ياشيخ القلوب. 

- المكتوب راح يتم ياوليدي، بس أمانه اذا نمت وغابت النون الدعاء وصية بينا. 


يتتتبع

  •تابع الفصل التالي "رواية عقاب ابن الباديه" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent