Ads by Google X

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل السابع 7 - بقلم فاطمه طه

الصفحة الرئيسية

 رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل السابع 7 - بقلم فاطمه طه

____________ 

اذكروا الله.
دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية. 

_____________________ 

‏"الحياة ستحطِّمك عدة مرات، وسترى أمورًا لا تريد رؤيتها، وقد تحزن وتفشل وتُخذل من أقرب الناس لك، ولكن انهض ولا تفقد الأمل أبدًا فيجب أن تتجاوز خوفك، وندمك، وهزيمتك، فإنَّ الحياة لن تقف لتُراعي حزنك، إمَّا أن تقف أنت وتكملها رغم انكسارك أو أنَّك ستبقى طريحًا للأبد." 

مقتبسة 

لم تكُن شظيةً من أنفجار، لم تكُن رصاصة من بندقية، كانت كلمة.
مقتبسة

______________ 

-أنا اتصلت بيك وخليتك تيجي علشان أفكر معاك يا حبيبي، أمك لازم تبدأ علاج، تأخيرها ده مش في مصلحتها اللي بسمعه أن اليوم بيفرق وكل ما الحالة بتبدأ علاج في الأول بيكون أحسن وأحسن، وأنا مقدرة الظروف.. 

ابتلعت سمر حديثها وهي تضع كفها الحنون على ذراع دياب متحدثة بعاطفة قوية: 

-أنا عارفة الظروف وعارفة أنك عامل اللي عليك وزيادة يا حبيبي، وأنا عمومًا هساعد باللي أقدر عليه، عندي غوشتين هـ.... 

قاطعها دياب بنبرة واضحة: 

-الوضع مش وحش للدرجة دي يا خالتي خلي دهبك معاكي، أنا مموتش علشان حد يصرف على أمي.. 

قاطعته تلك المرة خالته سمر بتوبيخ واضح: 

-يصرف على أمك إيه يا عبيط، ويعني إيه حد؟! دي اختي حبيبتي اللي مليش غيرها في الدنيا، ده لو هبيع هدومي علشانها هعمل كده.. 

تحدث دياب محاولا ألا يكن فظًا رغم أنه يحاول استيعاب الموقف قدر المُستطاع: 

-يا خالتي أنا مش قصدي، بس انا لسه بحاول أجمع اللي قولتيه وفي كل الأحوال خلي معاكي حاجتك أنا امي هعالجها وفي أحسن مكان، أنا قادر على ده ولو احتجت مساعدة أنتِ اول حد هطلب مني أنتِ امي التانية.. 

هبط وأمسك كفها وقام بتقبيله امتنانًا وتقديرًا لها وهو يحاول كبح دموعه التي على وشك أن تهبط منه... 

فهو يشعر بألم شديد يفتك بجسده كله...
سيموت مما سمعه...
رُبما لأول مرة يتألم قلبه حقًا...
أو ليكون صادقًا تلك هي المرة الثانية..
الأولى كانت يوم وفاة والده.. 

هبط دياب من المنزل بعد وقت ليس طويلًا قضاه مع خالته التي حاولت التهوين عليه وتقديم كل أنواع الدعم التي تستطيع فعلها معه هي وزوجها الذي أتى من العمل ووجد دياب وكان يعرف بالقصة من حُسنية حينما كانت تمكث في منزلهما.. 

أخيرًا بعد طريق طويل حاول السير فيه قدر المُستطاع عاد إلى المنزل مر على الطابق الأول الذي يعد مهجورًا ثم الثاني التي أصبحت تسكنه مع بهية أكثر إنسانة ازعجته واغضبنه والسبب فيما يحدث فيه رُبما لو كان يعمل الآن لكان الوضع اختلف... 

أما الطابق الثالث كانت شقة جده، والتي توراثها فيما بعد والده ثم أصبحت في النهاية له ولعائلته، قد تبدو صغيرة في نظر البعض، لكنها في نظره هي عمره وذكرياته، طفولته، صباه، أحلامه ويأسه حتى شبابه تشهده الآن.. 

فتح الباب ليجد ابناء شقيقته يشاهدان التلفاز بينما تجلس حور على الطاولة تقوم بالمذاكرة على ما يبدو....... 

سار بضعة خطوات والغريب أنه لم يلقي التحية على أي شخص ولج إلى المطبخ مباشرة ليجد ايناس تقوم بغسل الصحون رغم رفض والدتها أن تفعل شيئًا لكنها أخبرتها بأن الجلوس دون فعل شيء هذا أصعب بالنسبة لها ليس راحة... 

سألها دياب بنبرة مباشرة: 

-ماما فين يا ايناس؟!. 

ردت إيناس عليه ببساطة: 

-مفيش دخلت ترتاح في اوضتها شوية.. 

هتف دياب بلهفة وقد شحبت ملامحه في ثواني: 

-ليه مالها؟! هي تعبانة؟! حصلت حاجة؟!.. 

اندهشت إيناس من طريقته وتحدثت بتوضيح بسيط وهي تشعر بالشك تجاهه: 

-مفيش يا دياب أنا قولتلها تقعد ترتاح علشان تعبت في عمايل الأكل، في إيه؟! حصلت حاجة ولا إيه؟!. 

يعلم بأنه يجب عليه إخبارها لكنه ليس لديه طاقة الأن ليترك الغد يحدث كل ما يجب أن يحدث فيه: 

-مفيش أنا كنت عايز أكلمها في موضوع. 

ترك إيناس التي أخذت تراقب طيفه وأثره ثم سار بضعة خطوات وطرق عدة طرقات على غرفة والدته ثم فتح الباب حينما أذنت له... 

ولج وأغلق الباب خلفه وكانت هي تجلس على الفراش، تشاهد بضعة صور ورقية قديمة لها ولزوجها الراحل، تمتم دياب بنبرة عاطفية: 

-إيه وحشك ولا إيه؟!. 

ردت حُسنية عليه بحب واضح يظهر في نبرتها وعيناها وحزن عميق لم تستطع السنين إخماده: 

-وهو امته راح من بالي علشان يوحشني؟! الانسان بيوحشه اللي بينساه لكن عدى سنين وهو لسه في بالي وصوته لسه في ودني. 

جلس دياب بجانبها على الفراش متحدثًا: 

-معقول كنتي بتحبيه أوي كده؟!. 

ابتسمت حسنية بخجل وكأنها مازالت ابنة السابعة عشر الذي تزوجت حديثًا: 

-مكنتش اعرف اني بحبه الحب ده كله، كنت بتكسف اقوله بحبك، بس هو كان بيحبني أوي بس مكنش بيقولها كتير.. 

ابتسم دياب وقلبه على وشك أن ينفطر وهو يسألها: 

-وعرفتي منين أنه بيحبك الحب ده كله وهو مش بيقول كتير؟!. 

تنهدت حُسنية وأجابت عليه بتوضيح واستفسار: 

-في ضحكته؛ ونظرته، في كل تفصيلة مع بينا، في تقديره ليا، تسلم ايدك اللي بيقولها بعد كل أكله، كان بيراضيني، كان كفايا عندي أنه يروح فرنه العيش البعيدة اللي بتعمل عيش حلو علشان انا بحبه، كنت أحب لما يجي من الشغل يروح يجيبلي أنا الخضار علشان متعبش أو يقابلني في السوق يشيل معايا.. 

شعر بالألم في نبرتها تحديدًا وهي تخبره: 

-عمره ما مد ايده عليا، ولا اتعصب عليا مهما عملت ولا صوته علي عليا، ولا فرج الناس عليا زي ما الرجالة بتعمل، معرفش ليه حصل في بنته كده رغم أنه كان بيراعي ربنا في الكل، فيا وفيكم وفي كل اللي يعرفهم...... 

تحدث دياب ودمعة فرت من عينه رغمًا عنه وحاول الحديث بنبرة مرحة: 

-أهو أنتِ وبهية اللي رافعين سقف توقعاتي زيادة أوي، ومبقاش فيه الكلام  ده ليلى علطول فضحاني اني مقصر معاها... 

رفعت حُسنية كفها بحب ووضعتها على وجنتيه: 

-الست هي زرعتك زي ما هتديها هتديك، وأنتَ بتحصد اللي زرعته؛ ولو الأرض بور دي مش مشكلتك لأنك مهما عملت مش هتحصد. 

ضحكت ثم غمغمت بعتاب: 

-شوف عمال تخليني أقول إيه وأنا بتكلم في العموم لكن ليلى غلبانة وبتحبك وبعد الجواز هتكون تحت طوعك مش طوع أمها والأمور هتختلف.. 

أستدار برأسه وترك قُبلة وضعها على كف والدته الموضوع على وجهه تاركًا أمر ليلى تمامًا الآن... 

-ليه خبيتي عليا؟!. 

سألته حسنية باستغراب: 

-خبيت عنك إيه يا ضنايا؟!. 

رد دياب عليها وهو يضع كفها بين كفيه ضاغطًا عليه برفق: 

-أنا كنت عند خالتي وهي قالتلي كل حاجة.. 

شحب وجه حُسنية ثم تحدثت بانفعال: 

-كده يا سمر والله ليا حساب تاني معاكي.. 

رد دياب عليها بنبرة حاول جعلها مرحة: 

-حرام عليكي ده الست كانت هتخلع الغوشتين اللي حيلتها اللي كل ما تتزنق تبيعهم وتعمل جمعية بعدها تجيبهم تاني، علشانك.. 

هتفت حُسنية بهدوء: 

-أنا كنت هعرفكم بس الظروف مش مناسبة يا ابني وكمان هروح أقدم في ******.. 

قاطعها دياب بنبرة واضحة: 

-مفيش حاجة أهم منك يا امي ولا طلاق إيناس ولا حتى شغلي ولا أي شيء في الدنيا ولازم في أقرب وقت لو بكرا، تبدأي العلاج مش هنستنى ومش هتقدمي في حاجة انا هتصرف.. 

قالت حُسنية برفض تام: 

-هتتصرف منين؟! وبعدين مالها ما كل الناس بتروح يا حبيبي هو أنا بس، وبعدين المستشفيات الخاصة غالية على الفاضي.. 

-ماما في الموضوع ده مش هنتناقش، هتتعالجي في أحسن مكان، وأنا كفيل بده أهم حاجة صحتك وريني التقارير والحاجة أصورها.. 

سألته حُسنية باقتضاب: 

-ليه؟!. 

قال دياب كاذبًا: 

-هبعتهم لحد يشوفهم يمكن يكون له وجهه نظر مختلفة عن الدكتور اللي روحتيه.. 

_____________ 

استيقظت أحلام في الصباح الباكر.. 

صنعت بعض الشطائر إلى شقيقتها ولها، حتى تتناولها عند استيقظاها.... 

وجدت أن الوقت مبكرًا من الممكن أن تنام ساعة أخرى فولجت إلى فراشها بالفعل وكانت على وشك أن تخلد إلى النوم مرة أخرى لكن قاطع رغبتها إتصال ما... 

أخذت هاتفها، لتجد أن المتصل....
هو دياب... 

تأففت أحلام بانزعاج يبدو أن الموضوع هي بهية سيجعلها تأتي مرة أخرى لها وهي ترغب في الراحة قليلًا... 

فكرت في تجاهل المكالمة لكنها في النهاية تنهدت وأجابت عليه: 

-ألو.. 

منذ ليلة أمس وإتيانه من عند خالته وبعدها حديثه مع والدته وهو طوال الليل مستيقظًا... 

جالسًا في الشرفة لا يتواجد معه غير سجائره يحرق ذاته بها...... 

-معلش يا دكتورة بزعجك على الصبح.. 

قاطعته أحلام بنبرة جادة: 

-لا مفيش ازعاج ولا حاجة، هي طنط بهية تعبت تاني ولا إيه؟!. 

هتف دياب بتردد: 

-لا مش بهية أنا بكلمك بخصوص أمي. 

أعتدلت أحلام في جلستها متحدثة باستغراب: 

-ليه مالها طنط حُسنية؟! 

رد دياب عليها مختصرًا: 

-الموضوع طويل أنا صورتلك اشاعات وتقارير وبعتهالك على الواتساب، شوفيها وهتفهمي اكتر المهم هي عندها كانسر في الثدي والدكتور اللي راحت عنده قالها لازم تبدأ كيماوي بس أنتِ عارفة قوائم الانتظار في معاهد الأورام. 

شعرت أحلام بالأسف متحدثة: 

-ألف سلامة عليها.. 

-الله يسلمك.. 

تحدثت أحلام بنبرة عادية: 

-طب أقدر أساعد ازاي ولا أعمل إيه؟! 

هتف دياب بتوضيح بسيط: 

-أنا طول الليل عمال ابحث على النت وفي كل حتة عن دكاترة تكون كويسة وفي الغالب كله بيتكلم عن دكتور ماجد عبدالله شاهين وعرفت أنه بيجي بجانب عيادته الخاصة في المستشفى عندكم مرتين في الأسبوع، أنا اتصلت بالمستشفى وعرفت أن برضو في انتظار. 

قالت أحلام بنبرة عملية: 

-أه دكتور ماجد صعب تحجز عنده أصلا، هو حتى بيشوف الحالة مرة ومرتين وبعدين بيحدد كورس العلاج وبتكمله الحالة مع المساعدين والدكاترة اللي شغالين معاه، بس هو كشفه غالي أوي والعلاج عنده و..... 

قاطعها دياب بنبرة واضحة: 

-عارف أنه غالي لأني اتصلت بالمستشفى ومش دي المشكلة أنا متصل بيكي بس علشان لو تقدري بأي طريقة تحجزي لينا أنتِ في أقرب فرصة النهاردة قبل بكرا هتعرفي؟!. 

تحدثت أحلام بنبرة جادة: 

-لا هعرف منين... 

ثم صمتت لثواني معدودة وهي تفكر في هذا الحديث الذي يبدو جيدًا نوعًا ما هذا يخلق نوع من الحديث معها ومع جواد الذي يتجاهلها تمامًا... 

وهي لا تستطيع خسارته الآن...
الشكر لدياب بأنه أعطاها سبب للحديث معه 

قالت أحلام قبل أن يتحدث دياب: 

-بُص هحاول وهكلمك او عرفت أحجز بس هحاول لما اروح المستشفى هتصرف... 

_____________ 

كل ما يحدث يصيبها بالتوتر... 

العيش في هذا المنزل لا تتقبله... 

ولكنها لا تقبل بأن تسجن في المنزل مرة أخرى تحاول التفكير في الأمر لعلها تجد حل...
لذلك تحاول أن تكسب وقت... 

هل تذهب إلى الجامعة في الغد؟!!
تعلم بأن هناك فارق كبير بين الجامعات الدولية والجامعات الحكومية...
ولكن ماذا تفعل؟!! 

أي شيء أفضل من جلوسها في هذا المنزل الغريب جدًا بالنسبة لها، والغريب بأن بهية نهضت وصنعت الطعام، صدقًا هي تشك بأن تلك المرأة ترى.. 

هي تصنع الطعام وتحفظ مطبخها وكل تفصيلة فيه بشكل غريب أكثر مما يبصرون والغريب جدًا أنه حينما جعلتها تتناول الطعام أعجبت بيه بشكل رهيب... 

رُبما أنه كان أفضل شيء تناولته..
هي أمرأة مثيرة للاهتمام حقًا... 

جاء والدها ليلة أمس ومعه بعض الاغراض، والطعام والمعلبات وبعض احتياجات المنزل، وكان رد ريناد عليه أنها لا تستطيع الطهي من الأساس لا ينقصها الامكانيات أو المعدات..... 

ينقصها المهارة نفسها.. 

الغريب أن بهية لم تخبره بما فعلته، أنها تناست الغاز، ولم تخبره حتى بأنها قد مرضت وهذا جعل ريناد تشعر بالاستغراب الشديد... 

لذلك اليوم قررت أن تتحدث مع تلك المرأة العجيبة التي مازالت تراها غريبة ولا تتقبلها... 

كما لا تتقبل المكان لكنها مثيرة للاهتمام وأثارت فضولها بشكل كبير، فقط أكثر شيء يزعجه هذا الشاب الغليظ...
المستفز... 

-أنتِ ليه مقولتيش امبارح قدامه عن اللي حصل؟! 

هتفت بهية وهي تجلس على الاريكة المتهالكة ويتواجد بين يديها السبحة الخاصة بها.. 

-كده علشان هو زي اللي مشحون وهيفرقع من كتر الشحن اللي فيه، وعلى أخره مش حمل يسمع حاجة عن كونك مهملة... 

قالت ريناد بانزعاج واضح وهي تجلس على المقعد: 

-على أساس أنه متوقع يعني إني هعرف اعمل حاجة؟! هو سايبني هنا علشان يعاقبني وهو عارف كويس إني مبعرفش اعمل اي حاجة... 

ردت عليها بهية ببساطة: 

-بالعكس ده بيقدم ليكي احسن حاجة هيعملها في حياتك أنك تكوني انسانة مسؤولة عن نفسك.. 

لم يعجبها ريناد حديث بهية وانقلبت ملامحها مما جعل بهية تسترسل حديثها: 

-ميغركيش أنا دلوقتي، أنا كنت دلوعة أوي زمان مبعرفش أعمل أي حاجة ولا بشيل الورقة من الارض زمان جدتك اتجوزت، وانا كنت مخطوبة بس خطيبي مات قبل الفرح، بعدها السنين عدت وفقدت امي وابويا وبعدين اختي، من بعدها الصاحب أو القريب اللي كان بيسأل الدنيا لاهته ومبقاش يسأل.. 

ابتلعت ريقها ثم تحدثت بنبرة هادئة: 

-اتحولت من واحدة مبتعرفش تحط لنفسها جبنة في سندوتش فينو، لواحدة بتروح تقف في طوابير العيش، وتروح تجيب التموين، تنظف شفاط المطبخ، لو تعبت تأخد نفسها وتروح للدكتور لأن مبقاش في اللي يشوفك تعبانة ويقولك اوديكي للدكتور ويتحايل عليكي... 

كانت بهية تحدثها وتنظر في ناحية أخرى صمتت لثواني ثم أردفت: 

- حتى لما فقدت نظري بقيت معتمدة على نفسي أكتر، لو فضلتي انسانة غير مسوؤلة على نفسك وعلى حياتك وعلى ابوكي وسمعته ده هيخليكي تخسري كل النعم اللي ربنا أنعم عليكي بيها، المال والبنون زينة الحياة الدنيا، يعني المال ده رزق كبير ونعمة أنتِ فاكرة أنه شيء عادي لكن هو مش كده.. 

هتفت ريناد بانزعاج رغم أن الحديث أصابها لكنها كانت تكابر: 

-أنا مش عيلة صغيرة ومش معنى أن الانسان غلط أنه يتحرم من كل حاجة في حياته.. 

ضحكت بهية ثم أردفت بنبرة جادة: 

-أبوكي متهاون أوي يا ريناد واحد غيره كان عمل فيكي اللي محدش عمله؛ لكنه معملش أي حاجة لمجرد بس أنه جابك هنا وغيرتي الجامعة وسحب منك الفيزا والابصر إيه بتاعكم بقى عقاب؟!. 

قالت ريناد بنبرة منزعجة: 

-مهما اتكلمت محدش هيفهمني... 

-حاولي تعملي تصرفات تخلي ابوكي يفهمك، روحي جامعتك واجتهدي، واعملي اللي يخلي ابوكي يثق فيكي من تاني... 

تجاهلت ريناد هذا كله ثم تحدثت بـضيقٍ: 

-هو صحيح اللي جه امبارح هو والبنت اللي معاه مين دول؟!.. 

ردت عليها بهية بعفوية: 

-ما أنا قولتلك أنه جيراني وساكنين فوقينا.. 

تحدثت ريناد باعتراض: 

-ماشي بس ازاي معاه مفتاح ويدخل بمزاجه مرة واحدة كده نلاقيه قصادنا.. 

وضحت بهية لها الأمر ببساطة: 

-أنا مدياله مفتاح علشان لو حصلي حاجة يقدر يفتح ويلاقوني، وكمان هو دخل أكيد علشان ريحة الغاز، وبعدين أنتِ حطاه فوق دماغك ليه؟!.. 

صاحت ريناد مستنكرة: 

-وأنا هحطه في دماغي ليه يعني؟!. 

____________ 

في نهاية كل أسبوع..
تحديدًا اليوم الذي يليه الإجازة.. 

هو اليوم الذي يخرج فيه سلامة مع خطيبته جهاد حتى ولو كان هناك شجار قائم بينهما لا يؤثر أبدًا على هذا اليوم.. 

تتناول جهاد "البيتزا" وسلامة يجلس قبالتها، هو يكره الزيتون الذي يضاف على البيتزا وقد تناسى أمر إخبار النادل بطلبه لذلك أتت البيتزا وفوقها قطع من الزيتون الأسود.. 

أخذت جهاد تقوم بإبعادها باستخدام "الشوكة" ببساطة شديدة من البيتزا الخاصة به تحت انظاره.. 

-خلاص يا جهاد مش لازم هأكلها وخلاص. 

عقبت جهاد على حديثه رافضة الأمر: 

-لا طبعًا مينفعش تأكلها وأنتَ مضايق، خلاص أهو أنا بشيل من نص البيتزا بتاعتك وأنا هاخد النص بتاعي، وهديك من بتاعتي وهي مفيهاش زتون.. 

قالتها جهاد ببساطة وحنان كأنها تعامل طفلها...
وهذا هو مشهد بسيط جدًا من التناقض الذي يعيشه الاثنان سويًا... 

أنتهت أخيرًا مما تفعله وقامت بالتقسيم...
ثم أخذ الاثنان يتناولا الطعام وفي المنتصف توقفت ثم قامت بفتح المياة الغازية ووضعتها أمامه قبل حتى أن تفتح خاصتها... 

تحدث سلامة مقاطعًا هذا الصمت بنبرة عقلانية وهادئة: 

-أنا كلمت الراجل وهو قال وراه شغلانة كده هيخلصها ويجي يوريكي الألوان اللي كانت معاه  وتقارني اللي اخترتيه باللي هو عمله، ولو كده هيغيره... 

قاطعته جهاد بنبرة هادئة وكأنها لم تكن تلك الفتاة التي تشاجرت معه في الشارع أمام شقيقتها وشقيقه: 

-خلاص يا سلامة مش مهم، مش لازم تتعب نفسك وتكلف نفسك من تاني... 

تمتم سلامة بجدية كأنه رجل أخر غير الذي كان يتهمها بأنها هي من تصنع المشاكل دون سبب وجية.. 

-لا مدام شيء مش عاجبك لازم يتغير دي شقتك اللي أنتِ هتقعدي فيها، ولازم تكوني مرتاحة لكل تفصيلة فيها مهما كانت هي إيه تتغير.. 

ردت جهاد عليه بنبرة عاطفية وحنونة خافتة عن المعتاد: 

-كفايا تفكيرك فيا وتقديرك ليا وده عندي بالدنيا يا سلامة ومش مهم أي حاجة تانية وأنا لما روحت البيت وشوفت الصور حسيت فعلا أنها نفس الدرجة وممكن أنا ساعتها مكنتش شايفة كويس. 

أخذ سلامة رشفة من المشروب ثم قال بتصميم واضح: 

-ماشي بس برضو لازم الراجل يجي وتكوني موجودة أنتِ وطنط أو أنتِ وسلمي.. 

-ملهوش لزوم تتعب نفسك.. 

-تعبك راحة.. 

ابتسمت له بحياء، ثم غمغم سلامة بنبرة هادئة لكنها أكثر جدية: 

-عايزين نقعد بقا ونحدد ميعاد كتب الكتاب والفرح بما أن أغلب الحاجات يعتبر خلصت والشقة يعتبر خلصانة خلاص، والعفش على أخر الاسبوع هيجي، وأنتِ قولتي يعتبر خلصتوا كل حاجة. 

هتفت جهاد بحماس رهيب وهي تخبره: 

-والله كويس انك اتكلمت في الموضوع ده كنت أصلا لسه عايزة أتكلم معاك أنا مش حابة أن نكتب كتب الكتاب يوم الفرح.. 

سألها سلامة بفضول وبسمة لا تفارق وجهه: 

-نكتبه يوم الحنة؟! ولا عايزة نكتب في مسجد قبلها بشوية؟!. 

قالت جهاد بنبرة هادئة وهي تحاول التفسير له: 

-أنا قولت يعني أننا نعمل كتب الكتاب يوم منفصل، علشان بيأكل من وقت الفرح وبتحس أن مفيش وقت فأحنا نعمله في قاعة كده صغيرة، ونعمل سيشن حلو والبس فستان أبيض بسيط... 

قاطعها سلامة بسخرية:
-لا جو البلوجرز ده وجو الناس الفاضية اللي كل مناسبة يوم ده لا، أنا عايز يوم واحد انا بروح الافراح بالعافية مش علشان اعمل كل مناسبة فرح.. 

ردت جهاد عليه بنبرة منزعجة وكأن أحدهم ضغط بالزر حتى يتحول هذا اللقاء الجميل والبسيط إلى أخر.. 

تحديدًا تحول إلى شــجــار.... 

-مهوا كل حاجة بمزاجك، لما جهاد تقول حاجة يبقى لا، لكن لو انتَ اللي عايز الحاجة دي كنت فضلت تقنعني وفضلت تزن على دماغي... 

تحدث سلامة بنبرة متشنجة: 

-والله كمان بقيت انا اللي غلطان ولا أنتَ اللي عايزة مشكلة، هو الفرح أخرك معايا لو عايزة تكتبي كتب الكتاب في يوم تاني يكون في مسجد أو يوم الحنة ده أخرك معايا.. 

تحدثت جهاد باختصار: 

-لو سمحت روحني.... 

____________

-جواد أنتَ متأكد من موضوع الشقة ده؟! مش من حقها تأخدها على فكرة، أنا بجد مش موافق على ده، طب العربية ماشي علشان دي هدية عيد ميلادها كده كده، لكن الشقة ليه؟! 

كان هذا تعقيب المحامي الذي على الهاتف ويتحدث مع جواد الذي بمثابة شقيق وصديق عزيز له.. 

رد جواد عليه الذي يجلس على المكتب متحدثًا بانزعاج واضح: 

-خلاص يا أحمد، أنا بعمل بأصلي معاها لغايت أخر لحظة ولو هي عايزة الشقة تشبع بيها متفرقش معايا في حاجة جهز الأوراق وخلصنا من الموضوع ده.. 

طرقات خافتة على الباب هي ما ازعجته لذلك تحدث جواد قبل أن يغلق المكالمة: 

-هقفل دلوقتي وهرجع أكلمك تاني سلام.. 

انتهت المكالمة فهتف جواد بنبرة مرتفعة: 

-ادخل.. 

ولجت أحلام من الباب وصدقًا تحولت ملامحه إلى أخرى غاضبة ومغتاظة في ثواني.... 

لا يعرف أين تلك "السكرتيرة" التي تسمح دومًا بدخولها دون إخباره حتى، لن يصمت على هذا الأمر مرة أخرى... 

دخلت أحلام وأغلقت الباب خلفها، ثم أقتربت منه متحدثة بنبرة هادئة: 

-بعتلك على الواتساب مردتش عليا يعني؟!. 

رد جواد عليها بنبرة جادة: 

-مشوفتش حاجة، في إيه؟!. 

تمتمت أحلام وهي تجلس على المقعد متحدثة بهدوء محاولة استمالته رُبما كونها أنسانة محبة للخير لا تعلم ولكنها تبحث عن أي شيء حتى لا ينتهي الحديث بينهما والشكر إلى دياب أنه أعطاها تلك الفرصة................. 

-باعتة ليك تقارير وحاجات وعايزة منك خدمة لو ينفع. 

تحدث جواد وهو يعقد حاجبيه ويعقد ساعديه: 

-خدمة إيه وتقارير إيه اللي بعتيها دي؟!. 

-مامت صاحبتي وجارتي عندها كانسر وكنت محتاجة تحجزلي عند ماجد عبدالله أقرب ميعاد لأني حاولت وهيقعدونا على الويتنج كتير أعتقد دي مش حاجة صعبة عليك.. 

صمت جواد لثواني ثم تحدث بنبرة هادئة كونه شيء يستطيع فعله سيفعله... 

ليس من أجلها من أجل المريضة.. 

-هكلمه النهاردة هقوله، وهبعتله التقارير اللي بتقولي عليها وهقولك.. 

تحدثت أحلام بامتنان حقيقي له: 

-شكرًا يا جواد دايما تاعباك معايا كده. 

رد جواد عليها باقتضاب: 

-العفو. 

رغم أن الحديث على ما يبدو قد انتهى إلا أنها لم ترغب في أن ينتهي بتلك السرعة لذلك قالت: 

-سمعت أنك من بكرا هترجع تاني الشغل بدل ما كنت سايب الحالات مع دكتور ياسر.. 

-اه، يمكن رجوعي الشغل يكون أحسن وخلاص قعدت بما يكفي ومينفعش يفضل الباقية مضغوطين كل ده بسبب غيابي. 

تمتمت أحلام بهدوء: 

-ربنا يصبرك وده أحسن قرار فعلا، مش أنا قدمت في سفرية لـ ألمانيا في جامعة *******. 

رد جواد عليها رد مختصر تمامًا: 

-كويس ربنا معاكي. 

لم يعرض عليها أي نوع من المساعدة المادية أو المعنوية كعادته.. 

لم يعترض عليها أي شيء...
لم ينزعج من فكرة سفرها..
لم يسألها حتى كيف فعلتها؟!.... 

أنه يتخلى عنها بشكل رسمي....
هذا ما جعلها تنهض وتتركه دون قول أي شيء... 

يبدو أنها سوف تتجه إلى الحل الأخير......
من أجل أن تذهب إلى ألمانيا ولن تؤجل الأمر مهما كلفها؛ جواد لم يعد يهتم بوجودها...... 

___________ 

-خلاص يا سلامة أنا مش زعلانة والله، متشغلش بالك... 

قالتها جهاد وهي جالسة على فراشها، بينما شقيقتها مستقلية على الفراش الذي يجاورها وعلى ما يبدو أنها نائمة... 

"لا زعلتي يا جهاد هو أنا مش عارفك يعني، ده أنتِ زعلتي وقبلتي وشك كمان". 

أردفت جهاد بنبرة جادة وهي تلف أحدى خصلات شعرها على أصبعها: 

-معاك حق، هي فكرة مش لذيذة أوي أنا لما فكرت مع نفسي حسيتها مش أحسن حاجة، وكمان تكاليف على الفاضي، وفرهدة، أنا أصلا كنت بتكلم معاك بصوت عالي وبفكر مكنش قرار أنا أخدته يعني.. 

جاءها صوته من الهاتف بنبرة حنونة: 

"متأكدة أنك مش زعلانة مني؟!". 

-أيوة مدام الدبلة في أيدي لسه يبقى احنا في السليم وبعدين أنا مقدرش أزعل منك.. 

"على رأيك مدام الشبكة مش عندنا على السفرة يبقى العلاقة لسه بخير" 

تحدثت جهاد بنبرة هادئة: 

-يلا بقا تصبح على خير أنا تعبانة وعايزة أنام. 

هتف سلامة بنبرة هادئة:
"وأنتِ من أهل الخير يارب يلا سلام بقا" 

-سلام إيه هو أنتَ لما صدقت تقفل معايا؟!. 

رد سلامة عليها بعدم فهم: 

"هو أنتِ عايزة مشكلة وخلاص، ده أنتِ تعبانة في دماغك، سلام يابت" 

ضحكت جهاد فهي كانت ترغب في المرح معه فقط ثم أردفت: 

-سلام.. 

أنهت حديثها ونهضت من مكانها ثم ذهبت إلى فراش سلمى تستلقي بجانبها عنوة مما جعل سلمى تصيح التي لم تكن قد ذهبت إلى النوم بشكل عميق.. 

-في إيه يا جاموسة أنتِ؟!. 

هتفت جهاد ببساطة وهي تحاول رفع الغطاء والنوم بجوارها: 

-الجو سقعة هناك جنبك أنتِ تدفيني وسريرك دافي عن سريري علشان نايمة بقالك كتير.. 

أستدارت سلمى  تنظر لها بملامح غاضبة: 

-هو اللي يعيش معاكي في اوضة واحدة بيعرف ينام أساسًا؟!.. 

وضعت جهاد رأسها على كتف سلمى بأريحية شديدة: 

-بكرا لما اتجوز تقولي ولا يوم من أيامك يا جهاد يا حبيبتي ياللي كنت مالية عليا حياتي يا جهاد برخامتك يا جهاد وتبصي على سريري وتعيطي كده.. 

صاحت سلمى باستنكار وهي تحاول أن تبتعد عنها: 

-يا بت ابعدي عني كده، وبعدين اتجوزي بكرا وانا مش هنطق بحرف، هصلي ركعتين شكر لما ارجع من فرحك إني خلصت منك.. 

احتضنتها جهاد بحب هاتفة بإصرار: 

-من ورا قلبك أكيد الحقيقة أنك بتموتي فيا... 

-بموت منك.. 

رفعت جهاد يدها ووضعتها على خصلات سلمى متحدثة باستنكار: 

-إيه روتين شعرك يا أنسة سلمى؟! ده أنا مهما بحط على شعري مش بيصون العيش والملح.. 

تحدثت سلمى ساخرة: 

- جينات ورثت شعر أبوكي وعماتك الحلو، الحاجة العدلة اللي اخدتها منه.. 

قالت جهاد بنبرة مبهمة وهي تنظر إلى شقيقتها: 

-تفتكري هو عايش ازاي؟!. 

تنهدت سلمى ثم أردفت بألمٍ واضح: 

-يعيش ولا يموت ميفرقش كتير هو مات من يوم ما طلق أمك ومشي يا جهاد، مات من يومها في نظري... 

تمتمت جهاد بتردد: 

-مش يمكن له أسباب.. 

-أسباب في عينك أنتِ كمان عملته ملهاش أسباب، أنتِ عبيطة؟!. 

تحدثت جهاد بنبرة منطقية وهي تدافع عن نفسها: 

-عارفة أكيد، بس كل الحكاية إني بحاول أفكر معاكي بصوت عالي يعني، بحاول ألاقي سبب.. 

-جهاد لو مش عايزاني أقوم اصوت في عز الليل واجيبك من شعرك ونصحي أمك يبقى تسكتي وتقفلي على السيرة دي.. 

أردفت جهاد باعتراض وهي مازالت تحتضنها: 

-ده اللي يتناقش معاكي يموت نفسه قبلها أحسن، يا ساتر مش مدية فرصة لحد يتكلم ولا يقول رأيه إيه الاضهطاد ده؟! 

غمغمت سلمى بعصبية مُفرطة فالحديث عن والدها هو أكثر شيء يزعجها في الحياة: 

-مدام مش طايقاني روحي نامي على سريرك أنتِ مش عيلة صغيرة..... 

تمتمت جهاد بنبرة هادئة: 

-لا مش هسيبك برضو مهما تعملي بحبك يا ستي... 

-وأنا كمان بحبك. 

___________

في اليوم التالي... 

يقف نضال في الشرفة، يراقب الرائح والغادي...
هو بالفعل يحاول تجاهلها... 

وينجح في ذلك لكن بينه وبين نفسه هو منزعج وغاضب بشكل كبير،... 

فـ وراء قناعه الغاضب ثوران شديد.. 

خرجت سامية من أفكاره ومن المنزل في الوقت ذاته ليشاهدها وهي تخرج من البناية... 

تسير حتى اختفى طيفها من أمامه وخرجت من الشارع، لم تكن تحمل حقائبهما الكثيرة الخاصة بالعمل... 

فـ إلى أين هي ذاهبة يا ترى؟!.. 

يسيطر على نفسه بصعوبة كبيرة.. 
لكن لحسن الحظ هو يفعل في النهاية...

...بعد مرور ساعة تقريبًا... 

هبط نضال من الشقة ثم إلى الطابق الخاص بشقة عمه ليجد الباب مفتوحًا وقف لمدة دقيقة تقريبًا ووجد انتصار تخرج من الشقة وهي تحمل حقيبة يدها وترتدي عبائتها السوداء.. 

ما أن وجدته أمامها تحدثت برفقٍ: 

-ازيك يا نضال يا ابني عامل إيه؟!. 

تحدث نضال بأدب واحترام: 

-الحمدلله بخير، أنتِ إيه اخبارك رايحة فين؟!. 

هتفت انتصار بهدوء ونبرة لينة: 

-بخير الحمدلله، رايحة اشوف اخويا تعبان شوية. 

رد نضال وهو يعرض عليها: 

-ألف سلامة عليه، خلاص تعالي اوصلك المشوار مش بعيد أساسًا. 

غمغمت انتصار بنبرة هادئة: 

-لا متتعبش نفسك يا ابني أنا هاخد تاكسي أول ما أخرج من الشارع، ملهوش لزوم. 

-لا مفيش تعب ولا حاجة ده مش هنكمل تلت ساعة وبعدين أنا مواريش حاجة أساسًا 

ثم سألها بنبرة تبدو عفوية وكأنه لا يعلم بأن سامية غادرت منذ وقتٍ طويل: 

-هي سامية مش رايحة معاكي ولا إيه؟!. 

أجابته انتصار بتلقائية وهي تنظر له: 

-البت سامية راحت تقابل واحدة صاحبتها من أيام المدرسة مشافتهاش... 

سامية لا تمتلك صديقات مقربة وكل مدة لديها صديقة مختلفة ليس من طباعها هو مقابلة صديقاتها القدامي....... 

وهذا ما جعله يشعر بالشك هو يحفظها ويعرفها جيدًا لكنه صمت لأنه لا يمتلك دليل واضح... 

ورُبما هو يقوم بتضخيم الأمر لأنه منزعجًا منها... 

بعد ساعة قام فيها نضال بتوصيل انتصار إلى منزل شقيقها عاد مرة أخرى إلى المطعم ليجلس على أحدى المقاعد شاردًا تارة في سامية وتارة أخرى في دياب الذي يشعر باختفاءه... 

من عادة دياب تحديدًا في الآونة الأخيرة...
طوال الوقت أن يكون جالسًا معه لأنه لا يفضل الجلوس في المنزل هذا الوقت كله بسبب فقدانه لعمله......... 

قرر نضال الاتصال به....

______________

في أحدى المناطق البعيدة قليلًا عن المنطقة الذي يتواجد بها شارع خطاب كان دياب يقوم بتنزيل الورقة الضخمة الكرتونية الذي قام بتنزيلها بواسطة حبل صغير من النافذة...

كان معه حارس البناية..

وكان هو في شقة الزوجية الخاصة به التي كانت شارفت على الانتهاء...

هتف دياب بعدما انتهى مما كان يفعله وهو يوجه حديثه إلى الرجل الذي يجلس معه...

-لو أي حد جه أنا سايب معاك المفتاح، فرجه على الشقة وكلمني وأنا برضو صورت الشقة وهنزلها على النت.

غمغم الرجل بنبرة جادة وهو يبتسم:

-حاضر يا دياب بيه بس أبقى شوفني..

ضحك دياب ثم أردف من وسط همه:

-حاضر هشوف حد يشوفني ويشوفك أنتَ كمان يا عم احمد......

ضحك الرجل ثم غمغم ببساطة:

-ماشي أنا نازل بقا علشان ورايا حاجات اعملها ابقي عدى عليا وأنتَ ماشي..

قالها الرجل ثم رحل، فـ نما إلى مسمع دياب صوت هاتفة ليجد صديقه نضال يتصل به....

أجاب نضال عليه بهدوء:

-ألو يا نضال، في إيه؟!.

جاءه صوت نضال ساخرًا:

"متصل أحب فيك تسمحلي أحب فيك؟!"

- لا شكرا اليومين دول مش طايق نفسي ولا طايق حد يحب فيا ولا طايق حد يتكلم جنب ودني أساسا..

ضحك نضال ثم سأله باهتمام:

-أنتَ فين طيب؟! مختفي ليه وملكش حس؟! في البيت ولا إيه؟!.

-لا مش في البيت.

تحدث نضال باستغراب:

-اومال فين؟!.

غمغم دياب متشنجًا:

-هو أنتَ خطيبتي؟! ده خطيبتي من كتر ما أنا مش طايق نفسي بطلت تسأل السؤال ده..

-اخلص أنتَ فين؟!، أنا بخاف منك لما تختفي أكيد يا بتعمل مصيبة يا بترقد لحاجة..

عقب دياب بسخرية:

-في مشوار يا نضال وخلاص جاي قدامي ساعة ولا حاجة واكون على القهوة..

-خلاص ماشي هستناك...

____________

الذهاب إلى " الكافية" الخاص بـ حمزة...
كان هو ما يهمها اليوم...

فهي تجهزت كثيرًا من أجل هذا اليوم...

أخبرته بأنها سوف تأتي..
وهذا لم تفعله بمفردها بل هو من ألح عليها من خلال اتصالاته المستمرة بها، والرسائل العديدة أنه يرغب بأن تأتي له حتى يراها....

فهي أرتدت ملابس جديدة كليًا لم ترتديها في السابق من أجل رؤيته وتتمنى أن تنال إعجابه..

وقفت أمام الموقع الخاص به ثم اتصلت به ليجيب عليها:

-ألو، فينك دلوقتي؟!..

عقبت سامية على حديثه بهدوء:

-أنا برا أهو.

-هجيلك أركن العربية منك استني..

قاطعته سامية بتردد:

-لا أنا جاية من غير العربية...

كان هذا تعقيبها قبل أن تمر دقيقتان تقريبًا وكان يقف حمزة أمامها يصافحها بترحاب كبير، ثم أخذها لتجلس معه في الداخل على أحدى الطاولات وطلب لها أحدى العصائر كما رغبت على أن يؤجل الغداء إلى أن يرحب بها ويتحدث معها قليلا..

تحدث حمزة بانزعاج واضح وهو يجلس بجوارها على المقعد الخاص به والمجاور لمقعدها:

-طب ومدام مجتيش بالعربية ليه مقولتيش إني أجي اخدك أحسن ما تتبهدلي في المواصلات..

غمغمت سامية بتوضيح بسيط:

-أنا جيت في ****، وبعدين العربية جت بس برخصها وخلاص بكرا أو بعده هتكون معايا ان شاء الله وهمشي بيها براحتي. 

غمغم حمزة بإصرار على موقفه:

- بس برضو كان لازم تقوليلي وأقابلك وحتى لو علشان اللي جه عملك مشكلة ده كان ممكن اقابلك برا شوية عن شارعكم أنا بجد كل ما بفتكر اللي حصل بضايق..

شعرت سامية بالحرج الشديد ولكنها حاولت قول أي شيء:

-يعني الموضوع مش زي ما أنتَ فاهم..

تحدث حمزة بنبرة غاضبة:

-لا الموضوع واضح، عمك وابنه بيدخلوا في حياتك زيادة عن اللزوم بشكل يضايق ومعرفش أنتِ ازاي سامحة ليهم بكده..

ردت سامية عليه بنبرة هادئة وجادة:

-عمي كويس جدًا معايا بصراحة هو نضال اللي صعب شوية وكده بس يعني هو مبقاش له علاقة بيا..

-وده الصح أنه ملهوش علاقة بيكي ولا من حقه يقولك أي حاجة، أنتِ حرة في حياتك ومش من حق أي بني أدم يقولك أي حاجة وبعدين أنتِ مش هتفضلي قاعدة ليهم العمر كله يعني مصيرك هتتجوزي ومش هتفضلي تحت سيطرتهم اكيد..

ابتسمت سامية له بتردد وحاول أن يخفف حمزة من حدة الاجواء متحدث بلباقة:

-وبعدين أنا معاكي وموجود في أي وقت حبيتي أنك تتكلمي مع حد أو احتاجتي أي حاجة، اتصلي بيا بس أو ابعتيلي ماسدج وهتلاقيني معاكي..

توترت سامية وشعرت بالخجل والحرج في الوقت ذاته متحدثة:

-الموضوع مش زي ما أنتَ فاكر والله يعني الأمور مش بالشكل اللي أنتَ متخيلة عمي حد كويس جدًا وبيعملي كل اللي أنا عايزاه ومعتبرني زي بنته ويعني لو اعترض على حاجة بيكون لمصلحتي مش اكتر وحتى لو على نضال هو بيقدر يوقفه..

ابتسم لها حمزة ثم حاول أن يشرح موقفه لها:

-أنا اسف لو بدخل في حياتك بس كل الحكاية إني من ساعة اللي حصل اليوم اللي وصلتك فيه وأنا بجد مخنوق جدًا من اللي حصل، عارف إني مليش حق أتكلم بس أنا مش متحمل، وأهم حاجة زي ما قولتلك ده مش كلام بقوله وخلاص أنا معاكي وقت ما تحتاجيني فيه..

هزت رأسها بامتنان متحدثة بحياء:

-شكرًا يا حمزة ربنا يخليك ليا..

-مفيش حاجة مستاهلة الشكر دي أقل حاجة أقدر أقدمها ليكي..

صمت لثواني ثم غمغم بنبرة هادئة:

-المهم بلاش نتكلم في المواضيع اللي زي دي قوليلي تأكلي إيه؟! احنا عندنا هنا في المنيو حاجات حلوة جدًا، والباستا بجد خيال بكل أشكالها..

هتفت سامية برفض:

-لا والله ملهوش لزوم تتعب نفسك و...

قاطعها حمزة برفض وعتاب واضح:

-اتعب نفسي إيه بس، متزعلنيش منك بقا، وبعدين أنتِ لسه مقومتيش وشوفتي الكافية وشوفتي المطبخ وشوفتي مكتبي جوا، ولا شوفتي المكان كويس أنا مستني الفرصة دي بقالي كتير إني اشوفك وتقعدي معايا، في حاجات كتير أوي محتاجين نتكلم فيها.....

ابتلع ريقه ثم ابتسم لها حتى أن غمازتيه قد ظهرت أمامها متحدثًا بطريقة لينة:

-إيه هتشوفي المنيو ولا تحبي أطلب ليكي أنا حاجة على ذوقي؟!!...

ردت سامية عليه بـ رقة:

-تمام خلينا على ذوقك.

غير مجرى الحديث تمامًا هاتفًا وهو يناظرها متفحصًا كل خلية بها:

-شكلك حلو بالطرحة، ستايلك حلو بيها أكتر من التربون والسكارف واكتر من شعرك..

سألته سامية باستنكار:

-بجد؟!..

-اه بجد، أنا كنت مستغرب عمومًا أنتِ كنتي جاية فرح ياسمين من غير الطرحة ليه..

شعرت سامية بالخجل وهي تخبره:

-يعني أنا بحاول اتعود وكده وربنا يهديني وبحاول مع نفسي التزم..

تحدث حمزة بإطراء لطيف:

-عمومًا أنتِ شكلك حلو في أي حاجة، أهم حاجة تكوني راضية عن شكلك وحاسة نفسك حلوة..

____________

...بعد مرور عدة أيام...

-سيب الموبايل..

قالت ليلى تلك الكلمات وهي تقف أمام ابن شقيقتها البالغ من العمر ستة سنوات والذي يلعب بـ هاتفها الخاص.....

رد عليها الصبي ببرود يغضبها وهو يعطي كامل تركيزه إلى اللعبة التي يقوم بـ لعبها على هاتف ليلى..

-أخر جيم سبيني بقا..

صرخت ليلى بانزعاج مما يحدث...

منذ أن تطلقت شقيقتها منذ عام تقريبًا لا تأخذ راحتها في المنزل تمامًا، تحديدًا حينما بدأ ذلك الرجل في الدخول إلى حياة شقيقتها والذي أصبح خطيبًا لها....

تحولت حياة ليلى إلى جحيم بسبب المقارنات التي ترهقها طوال الوقت من قِبل والدتها...

ولجت والدة ليلى إلى المنزل وأغلقت الباب خلفها بوجه غاضب فتحدثت ليلى بنبرة غاضبة:

-ماما خلي يوسف يديني الموبايل..

هتفت والدتها بثورة ونبرة عالية:

-سيبك من الموبايل ومن الزفت على دماغك ده وتعاليلي هنا..

نظرت ليلى إلى والدتها باستغراب متمتمة:

-في إيه يا ماما؟!..

سألتها والدتها بانفعال واضح:

-هو دياب اشتغل على توكتوك؟! أنا شوفته من بعيد وأنا في السوق بس عمالة أكدب نفسي إني غلطت مع ان عيني لقطته...

توترت ليلى بشكل كبير متحدثة بتردد:

-ايوة يا ماما..

امسكتها والدتها من يدها هادرة بعنف كبير:

-أيوة يا ماما إيه؟!.

تأوهت ليلى ثم أردفت:

-ايوة اشتغلها بس مؤقتًا والله لغايت بس ما يلاقي شغل وبعدين أنتِ عارفة الظروف اللي هو فيها..

صاحت والدتها مستنكرة وساخرة:

-ولا ظروف ولا جوابات، ده يجي يأخد شبكته وكفاية أوي كده مسخرة وقلة قيمة، الحق عليا إني وافقت عليه من الأول بقاله سنين معلقك جنبه، وليه الذل ده أنتِ متجوزتيش قبل كده ولا بايرة؟! مش شايفة أختك معاها عيلتين وخطيبها بيعمل معاها إيه ولا مع عيالها؟! مش شايفة ولا اتعميتي...

أسترسلت والدتها حديثها بنبرة واضحة وهي تصيح:

-اللي معهوش يتجوز ميعلقش بنات الناس معاه، بقاله سنين معلقك ولا حتى الجامعة خلصها، والشقة خلصها بالعافية ولسه العفش والفرح فيهم سنتين، تلاتة، أنا ليا كلام تاني مع أبوكي، الواد الصايع ده أحنا مش هنكمل الخطوبة الشؤم دي، بصي لاختك وبصي لجوازات الناس ده كل شوية عنده مشكلة وعنده موال مع نفسه بقا..

لم تجد ليلى كلام ترد على والدتها به...

لأنها أي مبرر سوف تخبرها به لن يعجبها وسوف تسخر منها...

ولأن كلماتها إلى حدٍ ما أصابتها....

أخذت ليلى تبكي بانهيار شديد ووالدتها مستمرة فيما تفعله وهو انتقادها، وانتقاد اختيارها...

غافلين الاثنان تمامًا عن من يسمعهما من الهاتف بسبب ضغط ابن شقيقتها على المكالمة بعد اتصال جاءها من....

ديـــاب....


   •تابع الفصل التالي "رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent