Ads by Google X

رواية من نبض الوجع عشت غرامي (ج2) الفصل الخامس والثلاثون 35 - بقلم فاطيما يوسف

الصفحة الرئيسية

        


 رواية من نبض الوجع عشت غرامي (ج2) الفصل الخامس والثلاثون 35 - بقلم فاطيما يوسف

دلفت سكون الى غرفه الولاده وعمران وجميعهم في الخارج يقفون بقلب يرجف خوفا طبيعيا في تلك اللحظات الصعبة كان عمران يجوب الطرقة ذهابا وايابا بقلق وزينب هي الأخرى على نفس قلقه فوقفت شقيقته حبيبة الكبرى بجانبه وهي تدعمه فهي قد سافرت معهم كي تقف بجانب سكون بدلاً عن رحمة نظرا لمتابعة علاجها:
ــ متقلقش يا اخوي ان شاء الله هتقوم بالسلامة بس عشان هي بسم الله ما شاء الله تلاتة توم فهتاخد وقت خليك ماسك اعصابك شوي امك كمان قاعدة على اعصابها مش قادرة تمسك نفسها .
حرك رأسه للأمام بتوتر :

ــ حاضر بس غصب عني الله المستعان ربنا يجبرها ويقومها بالسلامة يا رب .
بعد مرور نصف ساعة خرج الطبيب وهو يحمل في يده اليمنى أحد الأطفال واليد الأخرى الطفل الآخر وبجانبه ممرضة تحمل ابنته ، هرول الجميع إليهم زينب وسلطان وعمران وحبيبة ،
وقف عمران امام الطبيب ينظر إلى أبنائه بعيناي متلهفة وتصنمت عليهم وهو لا يصدق انه الآن يرى قطعة منه متجسدة أمامه بعد ذلك العناء كان يتنقل النظر بينهم وقلبه يدق داخله بعنف شديد فلم يكن يتوقع أن إحساسه بالأبوة من أول وهلة سيكون بتلك الدرجة من المشاعر القوية وأن تلك المشاعر لها من المعاني ألف معنى ومعنى ،
قرأ الطبيب مشاعره بسعادة غامرة لأن ربع جعله سبباً في سعادة تلك العائلة ثم ردد أخيراً بمشاغبته :
ــ الف مبروك يا صعيدي اخيرا هناك هيتقل وان شاء الله هتصل بيك قريب اتصال مخصوص علشان اطمن على حالتك النفسية والعصبية .
كان عمران في عالم آخر ولكن انتبه إلى كلمات الطبيب فشكر الله على عطاياه ثم شكره هو الآخر :
ــ اللهم لك الحمد حتى يبلغ الحمد منتهاه ، الف حمد والف شكر ليك يا رب ، طمني على سكون ما خرجتش ليه ؟
طمئنه الطبيب:
ــ ما تقلقش الدكتورة بخير العملية تمت بنجاح بس الدكاترة بيقفلوا الجرح وكمان ربع ساعة هتخرج باذن الله ،
تبسم بارتياح ليكمل امتنانه :
تمام يا دكتور تسلم يدك وتسلم دماغك وربنا يكملك بعلمه ويرزقك الفهم ويحسن ما بين ايديك يا رب ،
ثم أكمل بنبرة قوية وهو لم يعلم ما القادم إليه مع هؤلاء الأطفال ؟
وما حجم المعاناه التي سيعانيها ؟
بنفس المشاغبة :
ــ له ما تقلقش كل ما ترن عليا بإذن الله هقول لك اني بخير وتمام والدنيا دايرة زي ما هي بالظبط .
ضحك الطبيب وهو يستمع إلى كلمات ذاك الواقف أمامه وبالتأكيد ما هو إلا حلم يحلم به:

ــ انت بتحلم حلم واسع قوي هسيبك بقى تفرح باولادك و مش هصدمك بالواقع يا صعيدي بس لازم أئمنك أمانة إنك تعترف انك لو اتوحلت وحلة الابهات ونسيت غرام العمران والسكون وانك ما بقتش عارف تعيش حياتك .
رفع عمران حاجبه الأيسر وداخله يردد ان ذاك الطبيب يكبِّر الموضوع ويصعبه عليه :
ــ خلاص يا دكتور اديتك الامانة وان شاء الله مش هيحصل .
اكد له الطبيب بعيناي متسعتين بتحدي :
ــ هيحصل وان شاء الله لو حصل الدكتورة تجيلي علشان نتابع لحمل جديد وده بقى علشان انا هكسب التحدي المرة دي وهوحلك لك اكتر يا صعيدي .
ضحك عمران تلك المرة ليقبل التحدي ويا ليته ما قبِل :
ــ تمام يا دكتور وانا قبلت التحدي واهو كله خير وبركة ،
ثم اخذ أبنائه من الطبيب واحدا تلو الآخر فحمل الولدان وهو يضمهم إلى أحضانه كي يشعر بدفئهم ويشم رائحتهم وكأنه انعزل عن العالم بتلك الاحضان المختلفة عن أي أحضان أخرى إنها أحضان زينة الحياة الدنيا ،
فما أجملها ، وما أحلها ، وما أدفئها !
كانو بالقرب من قلبه الذي يدق فرحاً بعناقهم ،
كانو مثل الشمس الساطعة التي تنير الكون بعد عتمة وملئوا قلبه دفئاً و عافيةً كما ترزق الشمس الدفئ في عز البرد ،
نظر إليهم بعين الأب والأخ والصديق وهو يبني في عقله مستقبلاً بارقاً ، وعدهم في نظرته لهم باشياء كثيره بانه سيكون لهم الامان في عز الحرمان والعطاء في عز الاحتياج والحنان في عز التشتت ،
لم تستطيع والدته الصبر أكثر من ذلك وهي تمد يدها بلهفة لهم بعدما حملت الطفلة وقبلتها واعطتها لابنتها حبيبة :
ــ هات بقى يا ولدي أسلم على احفادي واخدهم بين أحضاني واشم ريحتهم وأخبرهم اني اتوحشتهم قوي ما توبقاش قافش فيهم من اولها أكده احنا هنتخانق كَتير .
كان متمسكاً بهم بشدة وهو لم يريد ان يفارقهم فنظر الى ابنته وهي في احضان شقيقته فتلهفت لاحتضانها هي الأخرى فأعطاهم بتمهل خوفاً عليهم لوالدته كي يعطيه ابنته نصيبا من دفء أحضانه ،

حملتهم زينب برفق وهي تجلس بهم أرضا كي تستطيع عناقهم وسعادة الكون بأكمله لم تكفيها فهي الآن تحمل أبناء العمران بين أحضانها ، أبناء ولدها الوحيد الذي حلمت بهم كثيراً وكثيراً ولم تكن تتخيل ان عطايا الله ستكن بتلك الدرجة من العوض، وفي تلك اللحظة ندمت ندماً شديداً على تفكيرها وتسرعها عن المكتوب وهي تغني لهم وكأنهم يفهموها ويسمعونها :
ــ
سوسة سوسة سوسة *** سوسة كف عروسة
سوسة واللي يصقف *** يستاهل مني بوسة
يستاهل مني بوسة
دقدق دقدق بكفوفك *** بكفوفك دشدش خوفك
دقدق دقدق بكفوفك *** بكفوفك دشدش خوفك
نفسي تكبرلي وأشوفك*** ماسك بيها الشموسة
بكفوفك دقدق دقدق*** عصفورة قلبي تزقزق
اسلملي كف محندق*** وضوافرينه فسفوسة
وضوافرينه فسفوسة
سوسة سوسة سوسة *** سوسة كف عروسة
سوسة واللي يصقف *** يستاهل مني بوسة
يستاهل مني بوسة .
اما سلطان كان يجوب الطرقات بين الممرضات وهو يعطيهم من خيرات الله والنقود ما لا يعد ولا يحصى سعادة بقدوم احفاده وهم لم يصدقوا كل تلك الأموال التي نزل عليهم سلطان بها وسعادة الكون تملأهم ايضا فقد جبرهم الله في يومهم هذا جبراً لم يروه من قبل ،
ضم عمران ابنته الى صدره وهو يشعر تجاهها شعورا آخر غير أشقائها فإحساسه بها مختلف تماماً ولم يعرف ما السبب لذاك الشعور المختلف ؟

فمنذ أن ضمها إلى أحضانه وهو يشعر بالخوف عليها ويشعر أيضا بأنها تحتاجه اكثر من أشقائها ،
وحدث حاله وهو مازال يضمها برعاية :
ــ يا الله ما هذا الشعور يا ربي تجاهك ابنتي الجميلة ! فأنتِ لي مثل القمر تزينن سمائي وأنا سأنير لكِ عتمتك ،
كيف يتحمل قلبي مشاعري الملتهبة في عشقك ابنتي؟
كيف اتحمل وقع كلمة “اشتقت اليك واشتقت الى احتضانك وتقبيلك يا ابنتي!
ألا تعلمِ يا ابنتي أن لي قلبا ينبض بحبك؟
لم أكن أدرك أن السنوات القادمة ستكون سُقيَا عن سنوات عجاف بنوتك ولا دفء روحك ولا أكسجين أنفاسك !
ولكن أعدك أن لن تنسيني أيامي أن أهبك قدر الحب والاهتمام الذي أهديتني إياه فور حملك بين يداي ،
كان الموقف ككل فيه من البهجة والسعادة ما يكفي وما يبعث في النفوس تمني الخير والفرح للغير فأخيراً جُبر العمران وسكونه ،
أقبل إليه والده وهو ينظر لاحتضانه لابنته مرددا بمباركة :
ــ مبروك عليك الولد يا ولدي وربنا يرزقك ويرزقنا برهم يارب ، الوِلد غالي وتربيتهم مش هينة الله يعينك عليهم انت وأمهم .
ضم عمران ابنته الى صدره وهو يرد على أبيه :
ــ الله يبارك فيك يابوي ، يتربوا في عزكم انت وأمي وطول مانتو جاري مش هحس اني تعبان .
ربت سلطان على ظهره ليهتف بارتياح لطمئنته على ولده أخيراً:
ــ معلوم معلوم يا ولدي اعز من الوِلد وِلد الوِلد ، هتسميهم ايه إن شاء الله ؟
تنهد عمران ببسمة ليجيب أبيه بحماس :
ــ إن شاء الله وبعد إذنك طبعاً يا ابوي هسميهم سليم وسكن وسيف علي حرف واحد وبردو حرف أمهم .
حك سلطان أسفل ذقنه وهو يحفظ الأسماء في خلده :
ــ عال ، عال ، أساميهم زينة ربنا يخليهم لك ،

خرجت سكون من غرفة العمليات وذهبت إلى غرفة عادية بعد أن استعادت وعيها بالكامل فجلس عمران بجانبها متمسكاً بيدها بعد أن قبلها بعشق ثم اقترب من جبينها مقبلاً إياه وهو يبارك لها بعيناي ينبع منها الفرحة :
ــ مبروك يا أم سليم ، ولا أناديكي بأم سكن ولا أناديكي بأم سيف .
نطقت بوهن :
ــ اللهم بارك ربنا يحميهم يا رب قل لي عمران ولادي حلوين وصحتهم كويسة اتأكدت من الدكتور ؟
طمئنها بدعابة كي يرى ابتسامتها في عز وهنها :
ــ ما تقلقيش يا حبيبي التلاتة بسم الله ما شاء الله كويسين وصحتهم كويسة ،
هو بعد اللي الحاجة زينب عملته وياكي العيال ازاي مش هيطلعوا حلوين دي كانت واخدة بالها منك ومن صحتك عشان احفادها يطلعوا على كيفها حكم امي هتحب العيال الشديدة اللي جسمها مليان وهتتباهى بيهم كماني .
هتفت سكون وهي تحذر عمران :
ــ لما تاجي تتكلم عن العيال لازم دايما على لسانك بسم الله ، تبارك الله ، اللهم بارك .
رفع حاجبه باستنكار :
ــ هو اني هحسد ولادي عاد !
احنا هنبتديها خوف ملهش لازمة من اولها ولا ايه ؟
ولا امي شربتك الحوار قبل ما تولدي وفطمتك هتقولي ايه وتعيدي ايه بس أني بوهم ياسكوني وعيني ما هتحسدهمش ولا كلامي هيضرهم .
رفضت اعتراضه بشدة :
ــ اه عيني وعينك ممكن ينظروا للعيال من غير قصد واني ولادي تعبانة فيهم ومهتحمَلش اي ضرر يصيبهم .
ما زال عمران على استنكاره ولكن أراحها حينما رأى عصبيتها الشديدة الذي يراها لأول مرة فهو عهدها دوماً هادئة ولم تتعصب بتلك الدرجة لينطق بموافقة :
ــ حاضر يا سكون بس ما تتعصبيش وتضغطي على حالك اكده وانتِ لساتك خارجة من ولادة مش هنبتديها من اولها ضغط اعصاب ، هونيها على نفسك هتهون يابت الناس ،

ثم عاد لاستفساره مرة أخرى وهو يمرر يداه على وجنتها :
ــ ما قلتليش هناديكي بانهي فيهم بالظبط ،
لاحظ تذمرها ليكمل ببسمة مشاغبة :
ــ اللهم بارك يا ستي على ما لساني ياخذ على قوانين ام العيال ،
والله وبقيتي ام العيال يا سكوني .
ابتسمت هي الأخرى :
ــ والله وبقيت انت كمان ابو العيال يا عمراني اللهم بارك .
وظلوا على حالتهم هو يهون عليها وهي تشاركه الحوار كي تنسى رحلة وهن على وهن واخيرا اتت اللحظة التي ستحمل فيها أبنائها وهي تتلهف شوقاً كما العمران لاحتضانهم ،
تناوبت على حملهم واحد تلو الآخر وهي تتشبع منهم بقدر الإمكان ولكن حينما تضع أحدهم وتحمل الآخر عيناها تتعلق به وتشعر بأن روحها فارقتها حينما ابتعد عنها ،
يا الله من إحساس الأمومة انه لرائع جداً !
فلم تكن تتخيل هي الأخرى أن يكون بتلك الدرجه من الجمال والاحتياج لكونهم صغارها ومسؤولون منها ،
ستسمع منهم كلمة أمي ، سينادونها بأحب الأسماء إلى حواء ، ستشعر معهم بإكمال نقصها ، ستكون لهم كل شيء، ستحـ.ـارب لأجلهم المستحيل كي تمضي بهم من مرحلة المهد صبيا إلى الشباب ،
فلقد رزقها الله من الأبناء اثنين عوضاً عن الأخ والأب ، ورزقها بإبنة ستكن لها أختاً ثالثة وصديقة وقطعة من روحها ، وونيسة أيامها وجليسة لياليها ومنبع أسرارها ، وصدراً حانياً في عز آلامها ، كل تلك المشاعر اغتالت روحها بل وتوغلت في عقلها وسرحت بهم عمراً طويلاً وهي تتمنى أن تبقى جوارهم فلأول مرة تخاف من الموت ولأول مرة تتشبث بالحياة بعدما تعلقت روحها بهؤلاء الأرواح الثلاث ورابعهم كنزها الأكبر عمرانها الذي كان يتابع رؤيتها لأبنائه بشغف وينظر الى عائلته الصغيره التي من الله عليه بهم ويدعو الله ان يبارك لهم فيه ،
بعد مرور أربعة أشهر على ولادة سكون ،حيث كانت تحاول أن تجعل أطفالها يغفو ولو ساعتين كي ترتاح قليلاً وبالرغم من أن زينب لم تتخلى عنها هي وخادمتها إلا أن سكون تحبذ أن تفعل جميع الأشياء الخاصة بأبنائها من نظافة ورضاعة بنفسها دون مساعدة اي منهم ، فقط هم يحملوا معها ابنائها وكانوا يسهرون معها إلى أن انتظموا في نومهم ليلاً بعد أن نظمت موعد رضاعتهم بعناءٍ شديدٍ وكل تلك المدة كانت بعيدة عن عمرانها الذي اوشك على الجنون من ابتعاد سكونه فمنذ ان تزوجها من سنوات لم يبتعد عن أحضانها كل تلك المدة مما جعله دائما تصيبه نوبات العصبية وسكون تتحمله وهي تعلم ما الشيء الذي يؤرقه ولكن ما بيدها حيلة فهم ابنائها ولابد أن تراعيهم ،

واليوم هو سينهي تلك المهزلة فالصبر قد نفذ من صبره ،دلف الى غرفتهم التي اقتحمها اطفاله الثلاث وهو ينتوي ان ينقلهم الى الغرفة الأخرى فقد وصَّل فيها كاميرات صوت وصورة ووضع شاشة كبيرة في غرفة نومهم كي تراهم وتطمئن عليهم ولكنها لم تستطيع الابتعاد عنهم مهما حاول معها والآن سينفذ ما يريده اجباراً عنها ،
خلع ملابسه وارتدى ملابس النوم وخطي الى التخت فقد كانا الطفلين سليم وسيف في تختهم الصغير وسكن تنام على تخت سكون المنتصف لتختي الطفلين،
اندهشت سكون من ولوجه إلى التخت وانتوى النوم فسألته بتعجب :
ــ انت هتنام فين يا عمران انا خلاص نيمت الاولاد وعايزه انام شويه روح نام في الأوضة التانية .
وكأنها ضغطت على زر الانفـ.ـجار لما يعيشه معها في تلك الفترة مردداً باستنكار لكلامها :
ــ أوضة مين اللي عايزاني انام فيها لحالي يا دكتورة إنتي اتجنيتي ولا الولادة أثرت على نافوخك لا سمح الله ! دي اوضتي لو مش واخدة بالك !
او لو المدام نسيت انها لها راجل ومتجوزة وله حقوق وعليها واجبات وأني مش هصبر اكتر من اكده .
لم تعي بكلماته الأخيرة اي اهتمام فهي مُصيبُها من التعب ما يكفي ويفيض وأصرت على قرارها بشدة لتقول بتبرير :
ــ معلش يا عمران الأوضة دي يدوب على قدنا اني وسليم وسيف وسكن يدوب ضميت السريرين على بعض والمكان واخدنا بالظبط .
اقترب منها وهو يهسهس بعدم تصديق وبعيناي يكسوها الذهول:
ــ اه إمبراطورية حرف السين اتحدوا عليا وانتو الأربعة عايزين تطيروني من عشي وهنايا !
حركت رأسها للأمام مع ابتسامة بلهاء :
ــ يا عمران دي هم كلاتهم سنتين عقبال ما الاولاد يكبروا وبعدين كل الأوضاع هتتصلح وكل حاجة هترجع لاصلها تاني وهيكونوا اتعودوا على كل واحد ينام في اوضته وبصراحة قلبي ما يجينيش اسيبهم يناموا لحالهم واني اهنه نايمة جارك .
اهتاج بشدة وهو يدور في الغرفة يمينا ويسارا لما قالته تلك السكون حتى انها ارتعبت من هيئته وعيناه التي اشتعلت بالجحيم وهو يقترب منها ممسكاً كتفيها متسائلاً بفحيح جعل قلبها هوي بين قدميها:
ــ له بقى اني سكت كَتير وبزياداكي عاد تطنيشك ليا بقالك أربع شهور مش في دماغك وقلت يا واد عدي مسؤولية العيال عليها كبيرة لحد ما تتعود وهتمشي لكن دلوك بتقولي سنتين ! ده انتي اتجنيتي عادي يا سكون !

واسترسل حديثه بقرار لا يقبل النقاش آمراً إياها بعيني محمرتان من الغضب :
ــ دلوك العيال هيروحوا الأوضة بتاعتهم ومفيش نقاش في الموضوع دي من الأساس.
استنكرت ما قرره والأخرى تردد برفض قاطع مما جعل الموقف سينقلب إلى نزاع بين العمران وسكونه :
ــ لا طبعا قرارك ده مش هيحصل ازاي عايزني أسيبهم يناموا لوحدهم وهم في السن دي حرام عليك يا عمران مش هيصعبوا عليك وانت بتقرر القرار دي ، طب اني مش هصعب عليك واني رايحة جاية من الأوضة دي للأوضة دي !
إغتاظ منها وتحمحمَ لينظف حنجرته وتسائل:
ــ طب واني مش صعبان عليكي في عيشتنا اللي اتشقلبت داي رأساً على عقب ومش عارف أتلم عليكي بقالي أربع شهور بحالهم وانتِ مسحولة معاهم ومهما حاولت أجيب لك اللي يساعدك ترفضي وقلت لك البنت اللي شغالة عندنا تبات معاهم بالليل وهتبقى مخصصة ليهم هما وبرده رفضتي ،
مش عارف أعمل معاكي ايه تاني علشان أريحك ونرتاح احنا الاتنين ونعيش عيشة طبيعية زي البني آدمين ؟!
لكن تقولي لي سنتين انتي بتستعبطي اكده على فكرة يا هانم .
إستجمعت قواها التي هربت من عصبيته وتحوله لتقول بتحذير من طريقته:
ــ لو سمحت يا عمران ما تعليش صوتك ،
أولاً عشان الأولاد نايمين ومنزعجهمش حرام ما لهمش ذنب ، ثانيا طريقة الحوار ما بينا ما ينفعش توبقى بالعصبية داي انت عمرك ما كنت اكده وياي .
تحدث غاضباً:
ــ وانتب عمرك ما كنتي بالإهمال دي معايا ، هو لا تدي بدون حساب يا تمنعي بدون حساب !
احنا عايزين حل للمشكلة غير حوار السنتين دي خالص انسي ولو ما شفتيش حل يا سكون اني هسيب لكم البيت وهطفش .
ربعت يداها وتحدثت بضيق:
ــ وتسيبني اني وولادك لوحدنا بسبب انك مش قادر تتحمل تعبي دول تلاتة يا عمران اللهم بارك حرام عليك انت مش حاسس باللي اني فيه والدوامة اللي اني بدور فيها ،

ولادي اني اللي عايزة أربيهم بنفسي وأني اللي عايزة اخد بالي منهم على الأقل لما يتمو السنة ، آجي على نفسي مرة وانت تيجي على نفسك مرة والدنيا هتمشي .
رد عليها بنبرة حادة:
ــ طب وليه نيجي على نفسنا بذمتك وندفن نفسنا جوة دوامة المسؤولية بدون مانراعي حق نفسنا طب ما نوازن بين الكفوف كلها ياست انتي علشان نقدر نكمل ونعيش لكن نهتم بكفة ونسيب التانية تخبط راسها في الحيطة هو ده الحل بالنسبة لك !
لم تستطيع سكون أن تتحمل عصبيته وطريقته في الحديث فدخلت في نوبة بكاء شديدة وهي لم تستطيع الإبتعاد عن أبنائها والنوم بعيداً عنهم وتراه لم يريد أن يتحمل معها بإرادته ، وما إن استمع إلى بكائها حتى ضـ.ـرب كفا بكف فبعد كل مناقشة لهم منذ شهرين وهي على تلك الحالة تنهيها ببكاء وهو يأخذها بين أحضانه ويسمع كلامها ويتركها تفعل ما تشاء كي لا يصيبها الحزن فيكفيها تعبها مع أبنائها ولكن الآن هو الآخر يريد حلاً ولن يعجزه البكاء :
ــ اه هو دي بقى اللي انتِ بقيتي شاطرة فيه كل مناقشة ما بينا تنهيها بالعياط واني اقوم واخدك في حضني واقول لك اعملي اللي انتي عايزاه والمشكلة هي المشكلة ،
واسترسل استنكاره وهو يأخذها من يدها ويقف بها أمام المرآه كي يريها حالتها وما أصبحت عليه من وهن لجسدها :
ــ بصي لنفسك اكده في المراية وشوفي بقيتي عاملة ازاي خسيتي وجسمك نزل النص ومش بتهتمي بنفسك ولا بصحتك ودي لأنك رافضة أي حد يساعدك ، ومش بتنامي كويس ،
هو انتِ لما تنامي كويس وولادك نايمين في أوضتهم ومعاهم واحدة واخدة بالهم منها ولو بصيتي قدامك في الشاشة اللي معانا في الأوضة هتطمني عليهم يوبقى انتِ اكده أجرمتي ومهملة في حق ولادك !
انتِ فاهمه غلط يا سكون .
هدات من بكائها ثم إبتلعت لعابها وتحدثت بصوتٍ منخفض :
ــ طب هجرب الليلة دي بس ولو حسيت اني مش هقدر ما تغصبش عليا وبعدين لازم تحط في اعتبارك نقطة ان أني اتحرمت من الخلفة سنين وما صدقت ان اني بقى عندي اولاد لسه ما شبعتش من وجودهم معايا بيوحشوني دايما بمجرد حتى ما بدخل الحمام اني متعودة منك على العطاء و الصبر على كل حاجة خليك مكمل معايا للنهاية .

حاول تهدئة أعصابه الثائـ.ـرة ثم جذبها الى أحضانه وهو يربت على ظهرها بحنو مردداً بجانب أذنها :
ــ كل حاجة ممكن أديها لك وكل حاجة ممكن أصبر عليها معاكي إلا إنك تبعدي عن حضني المدة داي كلاتها صدقيني مش قادر اتحمل اكتر من اكده والمفروض انتِ كمان تكوني زيي ، ولا حبك لولادك طغى على حب عمران وبقيتيش تشتاقي لي ولا بقيتي محتاجة حضني .
هزتها نبرة صوته المشتاقة فهي الأخرى قد اشتاقته بشدة ولكن احتياج أبنائها لها يكبت الاشتياق داخلها ولكن هو زوجها وعليها واجبات وله حقوق ولكن كلما غاص عقلها في ابتعاد أبنائها ومنامهم بعيداً عنها تبتلع انفاسها بصعوبة ولكن ستجرب اليوم ولن تعاند معه فهو لديه كل الحق فيما يقول فستحاول لأجله فنظرت اليهم بعيناي حزينة لتقول بشجن :
ــ خلاص يلا ننقلهم مقدرش على زعلك وكمان انتٕ عنديك حق في كل كلمة انت قلتها ولازم أتحكم في أعصابي اكتر من اكده .
فورا ان قررت بدا في نقل الاطفال الى غرفتهم وداخله سعيدا بشده فأخيراً سينالها وينعم بأحضانها الدافئة التي استوحشها كثيراً ثم أرسل إلى خادمة أمه ان تصعد إلى الأطفال فقط خصص لها تختا بعيداً عن الكاميرات كي تنام بحرية وقت نوم الأطفال ، وكل ذلك سكون تنظر اليهم بحزن في ابتعادهم عنها وكأنهم سيسافرون وبعد أن انتهى عمران من استقرار اطفاله في غرفتهم سحبها من يدها وعادا الى حجرتهم وهو سعيد بذاك الانتصار فاستطاع التغلب على سكونه وتشبثها بنوم الأطفال مكانه وهو ما زالت يطمئنها :
ــ ما تحسسينيش انهم مسافرين يا حبيبي دول خطوتين بين الأوضة دي والأوضة دي وكمان هما نايمين بصي عليهم أهو كأنهم جارك اهدي بقى وبلاش تأفورى ،
اغلق باب الغرفه بالمفتاح ثم سحبها من خصرها حتى ارتطمت بعظام صدره وهو يشاغبها :
ــ بصي بقى اني راجل راجع على شوقة فعايز انبسط واعوض الليالي اللي فاتتني ،
عايز دماغ تفكر في انبساطي اني وبس بعيد عن العيال وعياطهم ورضاعتهم، يعني أني عايز سكوني ،عايز أعيد الامجاد اللي اتدهورت خالص وانتِ دمرتيها ،
عايز نغمات عبد الباسط حمودة وبدلة نعيمة عاكف .
غرت فاهها باندهاش لكل تلك الطلبات:
ــ وه داي كلاتها حاجات عايزها في ليلة واحدة !
طب هعملها كيف دي ؟

وبعدين هو اني حمل عبد الباسط حمودة ونغماته داي دلوك حرام عليك .
أصر على قراراته في نعيم قربها :
ــ مفيش مفر ولا هروب من اي طلب اني عايزه ما تحاوليش ولعلمك كل هروب هتهربيه مني هيوبقى بعديه نـ.ـار ودمـ.ـار فانجزي بقى قبل العيال ما يعملوا الدنيئة معايا عشان اني اتاكدت اني مش هتهنى عليكِ بعد اكده لحد ما يكبروا ويروحوا المدرسة كمان .
ضحكت على مأساته ثم تدلت بأنظارها إلى قميصه الذي ارتداه لنقل أبنائهم وهي منغمسة في فتحه :
ــ والله انت مكبر المواضيع قوي يا عمراني ما كنتش اعرف ان قوه تحملك تحت الصفر اكده .
توسعت بسمته ورفرف قلبه بانتصار وهو يقول بوله كي يطير فوق السحاب ويعانق النصر لقرب سكونه أخيرا :
ـــ تحمل مين دي أني جالي جفاف عاطفي وتقولي لي تحمل ! بس خلاص يا سكوني هنعوض بقي ما فات وركزي بقى فيما هو آت يا حبيبي ، ويالا بقي عايزك تبسطيني .
أومأت له وهي تربت على وجنته
ارتفعت ضحكاتها الرنانة بدلال ودقت في أرجاء الغرفة :
ــ من عنيا يا روحي انت تؤمر هبسطك وهدلعك وهروق عليك ويالا شغل أنغام حمودة .
بدا شبح ابتسامة خفيفة على ثغره ولكنها سرعان ماختفت في بحر لهفته:
دي هوا ياباشا انت يا واحشني بالجامد .
وبالفعل قد أشعل الموسيقى لغنواه المفضلة وبدأت سكون تتمايل على أنغامها بخفة وكان ذاك العمران سعيداً بل متلهفا للغاية وكأنها تتراقص على أنغام قلبه وغاصا كلاهما في عالمهم الخاص في عاصفة اقترابهم بعد كل تلك المدة ،
بعد عدة ساعات قضاها في جلستهم المفضلة لقلبهم مع بعضهم غفى عمران أخيراً وفور ان تأكدت سكون من نومه ذهبت إلى أبنائها بتلهف كي تطمئن عليهم وتحتضنهم ثم وجدت حالها تغفى بجانب صغيرتها والطفلين في تختهم الصغير وما ان استيقظ عمران لم يجدها بجانبه فنظر الى الشاشة وجدها نائمة في أحضان ابنتها فمسح على شعره بضيق وهو يشعر بالخيبة وأن أبناؤه انتصروا عليه وسـ.ـرقوا أحضان سكونه منه .

“الأسى كل الأسى لك عمران 😂”
«««««««««««««»»»»»»»»»»
بعد مرور ثلاثة أعوام على تلك الأحداث في منزل ماهر الريان هرولت اليه صغيرته ذو الثلاث أعوام وهي تبكي بشدة فسحبها إلى أحضانه وهو يهدهدها :
ــ مالك يا حبيبي مين اللي مزعلك بتعيطي ليه اهدي يا ماما .
مطت الصغيرة شفتيها للأمام وهي مازالت تشهق في أحضان والدها وتشتكي له :
ــ مامي مزعلة روزي ، مامي اش بتحبني .
حاول تهدئتها وهو يغمرها بأمان أحضانه :
ــ وه هو في حد في الدنيا دي كلاتها يقدر يزعل روزي حبيبة بابي ! وبعدين مامي اكيد مش قاصدة تزعلك يا روزي ، احكي لي حصل ايه لدموعك داي كلاتها !
حركت الطفلة رأسها برفض وما زالت الدموع عالقة في عينيها :
ــ مامي قالت روزي اش ياكل دومي ولا شيتوس واش ترضى اني آكل منهم وروزي حبهم .
هدئها ماهر باحتواء :
ــ ماهو يا روزي ماما عندها حق الاندومي والشيتوس غلط عليكي جدا ممكن تشربي لبن وممكن تاكلي فشار مامي تعمله لك جميل وممكن تاكلي لسان عصفور احسن من الاندومي .
رددت الطفلة بدموع :
ــ مامي قول هم غلط وهي تاكل دومي وشيتوس وحدها واش ترضى تديلي وتقول روزى لسه صغنون .
اتسعت عيناي ماهر من اعتراف الصغيرة وهو يسألها بذهول :
ــ هو انتِ شفتي مامي وهي بتاكل اندومي وشيتوس ؟
حركت الطفلة رأسها للأمام:
ــ ماما اقفل الاوضه وهي تاكل شيتوس ودومي وانا شفتها مرة ومرة ومرة .

تنهد ماهر بأنفاس متلاحقة لما قالته الصغيرة وهو يغضب بشدة من أفعال تلك الرحمة التي حتما ستصيبه بالجنون ولكن حاول تهدئة أعصابه أمام طفلته وهو ينهاها عن مراقبة والدتها :
ــ شوفي يا فيروز ما ينفعش يا بابا ان احنا نبص على مامي ونشوفها في السر اكده غلط كبير وربنا اللي في السما فوق هيزعل من فيروز و مامي اكيد بتبقى هتصلي وهي بتقفل على نفسها الباب او تغير هدومها وعيب لما نشوف الكبير وهو بيغير هدومه ، ممكن ما تعمليش كده تاني اوعدي بابي .
نظرت الطفلة لأسفل وهي تشعر بخطئها :
ــ حاضر بابي روزي مش اعمل كده تاني بس انت خلى مامي اش تاكل دومي وقول لها دومي يوجع بطنك ويخليك تروح للدتور تاخد حقنة كبيرة اوجعها .
أدار ماهر وجهه للناحية الأخرى وهو يريد ان يضحك على كلمات تلك الصغيرة الماكرة والتي تشبه والدتها فهي لم تقتنع بحججه ولكن سيصعد إلى تلك الرحمة كي يريها من الويلات ما لا يعد ولا يحصى بسبب أفعالها التي ستصيبه بالجـ.ـنون والقـ.ـهر وخصوصاً ان ابنته ترث منهما الذكاء والفطنة وسرعة البديهة رغم صغر سنها ،
ترك طفلته مع هانم وصعد لتلك الرحمة كي يلقنها درساً لن تنساه ،
دلف إلى الغرفة وجدها ترتدي نظارتها المهنية وتجلس على تختها وتلك الأوراق الكثيرة مبعثرة أمامها على التخت واستمع إليها وهي تتحدث مع الأوراق وذاك القلم في فمها :
ــ ما هو الدليل دي مش كافي لتبريئها لازم تفكري في دليل تاني الجلسة بكرة يا أم مخ تخين ، واني واثقة انها مسرقتش .
ثم خرجت القلم من فمها وهي تحك به شعرها مما جعل ذاك الماهر ينظر إليها بتعجب من حركاتها تلك الغريبة بل والمريبة في وجهة نظره ليهتف بحنق من تجاهلها له أو أنها لم تأخذ بالها من وجوده أساساً مما جعلها فزعت من صوته المفاجئ بجانب أذنها :
ــ انتي اتجنيتي يا رحمة بتكلمي حالك !
انتبهت لصوته الذي أفزعها لتقول :
ــ حرام عليك مش تخبط على الباب قبل ما تدخل ولا تقوم احم ؟
نزع القلم من يدها التي ما زالت واضعة إياه في رأسها :
ــ والله هستأذن واني داخل أوضتي على مرتي اللي دماغها مهفوفة ،

وبعدين ايه الحركات اللي مش لطيفة خالص اللي انتي هتعمليها داي !
بعيناي برئيتين سألته :
ــ حركات ايه اللي عميلتها مش لطيفة يامتر ؟
أجابها باستنكار:
ــ بتحطي القلم في بوقك وترجعي تحطيه في شعرك ولا السرير المتبهدل بالأوراق داي كلاتها ايه الفوضي داي يا ماما ؟
لوت شفتيها بامتعاض لاستنكاره :
ــ هو أني فاضية للتركيز في الحوارات التافهة داي يامتر ! اني عندي قضيه مهمه شغليني اترفع فيها بكره والمفروض آخر جلسة ولازم أثبت براءة الست اللي متهمينها في سرقة الخاتم بتاع الناس اللي شغالة عندهم وانت تقول لي قلم وورق وفوضى .
سألها باهتمام :
ــ وصلتي لايه ومتأكدة إنها بريئة ما يمكن هي اللي سرقته ؟
حركت رأسها للأمام بتأكيد:
ــ لا مش هي اللي سـ.ـرقته الست أنا سألت عنيها جيرانها وكل اللي حواليها قالوا ان هي كويسة جدا وست محترمة وبتربي يتيمة وعمرها ما تمد ايديها على حاجة حرام وبعدين دي جاية لي من طرف واحدة صاحبتي كانت في الجامعة معايا ويعتبر جيران في الحته واني بثق فيها جداً .
فكر سريعاً ثم سألها:
ــ طب مين اللي متهمها بالظبط الست اللي شغالة عندها ولا حد تاني ؟
ــ وده هيفرق يعني الست اللي شغاله عندها كانت مسافره ورجعت لقيت طقم الماظ مختفي فحاولوا يدوروا عليه وما لقوهوش والطقم ده غالي جدا ألماظ حر تمنه ملايين فاتهمها ان هي اللي سـ.ـرقته وكمان الست قالت لي ان هي ما كانتش مصدقة جوزها عنها لأنها شغالة معاها من بقى لي كتير وعمر دي ما حوصل بس هو أقنعها .
ابتسم ماهر لتلك القضية ليردد بفطنة :

ــ طب قضية تافهة زي دي مدوخاكي اكده اذا كان اني عرفت مين اللي سرق الخاتم من كلمتين اللي انتي قلتيهم .
انتبهت بشدة لكلماته لتسأله بفضول :
ــ عرفت كيف ومين اللي سرقه ؟!
رفع حاجبه ببسمة ماكرة لينطق بمماطلة :
ــ ما هو انت لو بطلتي تاكلي الاندومي والشيتوس اللي انتِ حارمه بنتك منيهم وتقولي لها خطر على صحتك وتقعدي تاكلي وتشربي الحاجة اللي منعاها منها يا قوية يا مفترية كان زمانك دلوك قدرتي تركزي مين اللي سـ.ـرق الخاتم .
ــ اه هي البرنسيسة فيروز هانم قابلتك تحت وفضلت تعيط وترسم عليك دور البنت المظلومة اللي امها مفترية وطبعاً قعدت تطبطب عليها وتقول لها مامي وحشة .
واكملت بتشبث لما تريده دون اي نقاش :
ــ شوف بقى انت وبنتك كله الا الشيتوس والاندومي دول بالنسبة لي حاجة مهمة في يومي وحتة المفعوصة دي اللي لسه ما طلعتش من البيضة مش هتأكلني على كيفها لكن أني أأكلها على كيفي وهي ما ينفعش تاكل اندومي ولا شيتوس هي لسة صغيرة لما تكبر تبقى تاكل .
ــ ايه يا ماما الجمدان بتاعك دي !
حرام عليكي تفرضي قوتك وسيطرتك على البنت طالما مش عايزاها تاكل حاجة المفروض ما تاكليهاش انتي كمان وتخلي عندك دم مش هتقعد تبص لك ،
وخلي بالك فيروز ذكية جدا حتى لو مش بتاكلي قدامها بتبقى عارفة ان انتي في الأوضة قافلة على نفسك بتاكلي التفاهات بتاعتك دي ،
ما ينفعش يا رحمة وبعدين انا بنتي مش كل يوم هاجي الاقيها بتعيط وبتشتكي لي منك انتي امها يا ماما يعني المفروض تكوني حنينة عليها اكتر من اكده .
ــ يوه من فيروز وسنينها اني حاسة ان اني ضرتها مش مامتها معرفش البت دي حطاني في دماغها ليه !
اكيد انت اللي مسلطها عليا عشان تراقبني ، شوف بقى انت وبنتك انا مش فاضية لكم انا ورايا قضية مهمة ومصيرية ست غلبانة هتروح في الحديد لازم أركز بقى ،
انزل طبطب عليها انت ،
والله لاوريها الجزمة عشان تبقى تشتكيني ليك كل يوم والتاني .
ــ سبحان الله كأنها مش بنتك ولا مخلفاها من بطنك في ايه يا ماما ده انتِ جبروت !

نفضت عن بالها ما يقول لتعود إلى الأوراق مرة أخرى وهي تطلب منه :
ــ سيبك من الكلام ده ونادي على هانم تعمل لي كوبايه قهوه عشان دماغي هتنفجر بقى لي ساعتين ماسكة الأوراق دي ومش عارفة هعمل ايه بس هوصل برده المحاكمة كمان يومين .
ــ طب مش محتاجة مساعدة اني تقريباً عندي الخيط اللي هيوصلك لبراءة الست دي .
رفضت مساعدته بشدة:
ــ له داي قضيتي واني اللي لازم اكتشف البراءة بنفسي مش عايزة مساعدة منك عشان ما ترجعش تعايرني بعد اكده.
بعد مرور يومين وبالتحديد في المحكمة ، حان الآن موعد المحاكمة لتلك الخادمة المتهمة في سرقة الخاتم لسيدتها ،
حيث حضر ماهر الجلسة مع رحمة فلأول مرة تترافع اليوم أمام القاضي بمجهودها البحت دون أي مساعدة منه مما جعله يتأهب خوفاً لخسرانها القضية وهو يسألها بقلق :
ــ يا رحمة ما فيش وقت خلاص قدرتي توصلي فعلا لدليل براءتها ولا محتاجة مني نتفاهم قبل ما القاضي يدخل القاعه قدامك 10 دقائق هقدر اساعدك فيهم ؟
رفعت رأسها بشموخ وهي تطمئنه بثقة :
ــ هل عندك شك ان رحمة سلطان المهدي مش هتهز المحكمة النهاردة أي نعم الست والراجل اللي متهمينها من عيلة كبيرة وليهم مناصب كبيرة في البلد بس اني هلاعبهم على الشناكل النهاردة ومحضرة لهم مفاجأة من العيار التقيل .
ابتسم سنُّه وهو فخور بها وواثق الخُطا من ذكائها :
ــ والله وبقيت خط محاكم مولود جديد يا صغنن ، طب أني اطمنت وهقعد أتفرج واني مستمتع وانتي هترجي المحكمة .
بعد مرور عدة دقائق وأخيراً بدأت المحاكمة بعد أن أنهى المحامي الخاص لهم اتهام تلك البريئة التي تدمع بشدة في القفص لظلمها حتى حان دور رحمة التي وقفت أمام القاضي بوقار :
ــ رحمة سلطان المهدي حاضرة عن المتهمة حسنية السيد فتحي .
أشار لها القاضي أن تبدأ مرافعتها :

ــ اتفضلي يا أستاذة .
بدأت رحمة مرافعتها :
ــ سيدي القاضي حضرات المستشارين
أنتم أطباء النفس كما أنتم قضاة العدل والطبيب البصير لا يتردد
لأ أريد بالرحمة أن تتجاوزا للمتهم عن شى مما يستحقه عدلآ لانى لأ أقول أن الرحمة فوق العدل بل أقول أن الرحمة هى أقصى وأسمى مرتبة من مراتب العدل فأنما أطلب العدل فى أرقى معانية وأسمى مراتبة فالقضاء رسالة وامانة به يرعى العدل فى الأرض وبه يقام ميزان الحق عليها،
سيدى الرئيس حضرات السادة القضاه
لاعدل بغير حق ولاحق بغير حقيقة ولا حقيقة بغير تحقيق فلا ضياء للحقيقة ولا رى للحق ولا إكتمال للعدل الأ بالتحقيق السليم القويم ، إن موكلتي بريئة من تهمة السـ.ـرقة كبراءة الذئب من دـ.ـم ابن يعقوب ولم تسـ.ـرق ذاك الطاقم ،
فلتسمح لي هيئة المحكمة بالاطلاع على تلك الأوراق كي نكتشف الحقائق رويداً رويداً.
اطلع القاضي على الأوراق ثم سألها:
ــ ايه علاقة الاوراق دي بالقضية يا استاذة .
ــ سيدي القاضي ان هذه الاوراق دليل براءه موكلتي من تهمتها فتلك الاوراق عباره عن صوره من قسيمه زواج المدعو
“حسان عبد الغني عميرة” من ابنه عمه “نيرة محمد عميرة” زوجة ثانية على زوجته صاحبة الدعوة الموجهة لموكلتي .
سألها القاضي مرة أخرى:
ــ مش فاهم برده ايه علاقة جوازه التاني بالقضية ممكن توضحي اكتر يا استاذة .
في نفس القاعة انصدمت زوجة حسان من زواجه بأخرى وهوى قلبها بين قدميها من هول تلك المفاجأة لا بل صفعة عمرها من ذلك الرجل الذي تزوجته وفضلته على كثير قد خانها وتزوج بابنة عمه والآن تيقنت أنه هو السارق لها ،
أما هو انصدم من معرفة تلك المحامية بزواجه فهو قد تزوجها سراً ولم يعرف احدا بزواجهم غير المأذون والاثنين الشهود ،

كانت زوجته تنظر إليه والنيــ.ـران تتأجج في صدرها وهو لم يستطيع تكذيب تلك المحامية فالأوراق التي بيد القاضي سليمة ،
أما رحمة أكملت للقاضي :
ــ باختصار سيدي القاضي ان زوج المدعية اتجوز من بنت عمه في السر فحب يعمل معاها واجب فقدم لها الطقم ده هدية في سفر زوجته الأخير وطبعا ما لقاش حد يلبسه التهمة دي غير الست اللي بتخدمها وهي بريئة وشغالة معاها من سنين ومعروف عنها السمعة الطيبة وانها عايزة تربي بناتها اليتامى وعمر ما حد جاب سيرتها بالسوء ابدا.
ــ طب ايه دليلك ان هو هادى مراته التانية بالطقم ده ؟
أخرجت من حقيبتها مجموعة من الصور وقدمتهم للقاضي ثم اخرجت هاتفها وبحثت عن ذاك الفيديو المنتشر على صفحة زوجته الثانية ، الطلعه القاضي على الصور والفيديو الذي كانت تتباهى به ابنة عمه بذاك الطقم على صفحتها وأكملت رحمة دفاعها :
ــ الصور اللي قدام حضرتك لزوجه حسان الثانيه وهي لابسه الطقم نفس المواصفات اللي موجوده في المحضر بنفس الشكل ونفس الصوره والفيديو اللي قدام حضرتك برده اللي هي منزلاه على قصصها على فيسبوك والانستجرام وهي بتستعرضه قدام الناس نفس مواصفات الطقم اللي في المحضر ،
تسمح لي يا حضرة القاضي ان المدعية تشوف الصور والفيديو وتعرف اذا كان ده الطقم بتاعها ولا لا ؟
بالفعل قامت زوجه حسان المخدوعه واطلعت على الصور والفيديو بعيناي مصدومه وتيقنت ان هذا الطقم الخاص بها قد سرقه منها واعطاه لغريمتها فلقد غشها وخدعها وتزوج عليها دون علمها فاقت من صدمتها على سؤال القاضي :
ــ ده الطقم بتاعك يا مدام اللي جوزك مهاديه لمراته التانية .
حركت راسها للامام وهي تردد بانتقام :
ــ ايوه يا حضره القاضي ده الطقم بتاعي انا عارفاه كويس جدا ده حتى الفستان اللي هي لابساه بتاعي .
نادى القاضي على زوج المدعية وسأله عن زواجه من ابنة عمه ولم يستطيع الإنكار فرحمة قد اتت بالقسيمة من السجل المدني ومختومة والتشكيك في تزويرها حتما مرفوض ،
بعد اطلاع القاضي على الأوراق المقدمة من رحمه والتأكد من صحتها وسؤال زوج المدعي عن الطقم ولم يستطيع الإنكار كي لا يجلب لابنه عمه وزوجته الثانيه المشاكل اعترفي بانه قد اخذه وقدمه لها هديه زواجهم ،

واخيرا نطق القاضي :
ــ حكمت المحكمة حضوريا ببراءة السيدة “حسنية السيد فتحي ” ومراجعة التحقيقات مع زوج المدعية “حسان عبد الغني عميرة”
واتهامه بسرقه زوجته رفعت الجلسة .
اشاد الجميع بمهارة رحمة لاستطاعيها الدفاع عن تلك السيدة المسكينة وإتيانها بالبراءه امام الجميع ،
بعد مرور بضعا من الوقت كان ماهر ورحمه في سيارتهم اخيرا بعد الانتهاء من الجلسة وما بعدها أغلق ماهر السيارة بإحكام ثم نظر الى رحمه مرددا بفخر :
ــ الف مبروك القضيه يا حبيبي اول قضيه تترافعي فيها من غير ما اساعدك بس بصراحه ابهرتيني قولي لي بقى قدرتي توصلي للحاجات دي ازاي .
ــ الله يبارك فيك يا حبيبي ، ابدا ما فيش غير حسان هو اللي موجود في البيت مع حسنيه وهي بريئه فقلت ادور في السجل المدني اشوفه متجوز ولا لا صدفه يعني وفعلا لقيته متجوز على مراته وطالما متجوز عليها يبقى هو اللي خد الطقم وسرقه طبعا بحثت عنها بالاسم على فيسبوك والصوره انا عارفاها من القسيمه ولقيتها منزله بستوريهات بتتباها بقى بالطقم الالماظ اللي حبيبها جابه لها وبس يا سيدي لبست البيه التلبيسه التمام في المحكمه .
ــ ما طلعتيش سهله يا صغنن وشكلك هتبقي ديبة كبيرة في المحاكم هنيئا لكي .
ــ يا باشا انت معلم واحنا منك نتعلم دي حاجه كده بسيطه على قدنا قضيه صغيره لسه ما وصلتش اني اترافع في جهابز من القضايا التقيله همتك معايا بقى وابعت لي حبه حلوين كده على مكتبي .
سألها بعبث :
ــ طب والمقابل ايه ما ببعتش انا حاجه من غير مقابل ؟
مطت شفتيها للأمام بدلال وهي تتمسك بقيمص بدلته وتقترب منه :
ــ اللي انت تؤمر بيه هنفذه يا بيبي ، انت عارف اني هحبك كد ايه ومقدرش ارفض لك طلب خالص يا روحي .
ــ يا مكارة بقيتي بتعرفي تلعبي على أوتار قلب ماهر يا رحمتي .
ــ طبعاً لازم أتعامل بذكاء معاك يا موري علشان انت مش سهل خالص ودماغك رهيبة .
ــ قولي لي يارحمتي ايه اكتر حاجة مطمناكي وانتي معايا ؟

ابتسمت وهي تنام على صدره وتعبث بيدها في صدره المفتوح اعلاه وهي تجيبه بما أشعره بانه ملك الكون غراماً:
ــ فيك أمان جميييل شبه ابتسامتك اللي بتديني أمل ، فيك حنان وحبة شهامة جامدين وكفيلين يخلوا الفاقد للحياه إنه يحبها ويكمل ، فيك رجولة جذابة بتزود وسامتك كل يوم عن اليوم اللي قبله ، معاك بحس اني بنتك واني عشيقتك ، واني مراتك ،
ثم رفعت عيناها وأكملت جمال كلماتها :
ــ باختصار يا ماهر انت اللي سقيت الوردة الدبلانة عطشها وكنت ليها الشمس اللي اديتها القوة علشان تزهو من جديد وعبقها الجميل يفوح في كل مكان .
كان قلبه يدق بعنف شديد لكلماتها الرقيقة الراقية ليحتضن وجهها بين كفاي يديه:
ــ تعرفي اني قلبي هيدق جامد من كلامك يارحمتي ، وانك بالنسبة لي أهم وأغلى حاجة في حياتي انتي وفيروز .
مطت شفتيها باستنكار ما إن اتى بسيرة طفلتهم :
ــ يعني في اهم لحظه لازم تجيب سيره الملكه بتاعتك فيروز انا بقيت حاسه ان البنت دي خدت مني حبيبي .
ــ انت غيران يا صغنن من بنتك ! له يارحمتي ملكيش حق .
ــ أه هغير منيها حساها أخدت تلت أربع قلبك وأني الربع اللي باقي .
ــ له حرام عليكي انتي النص وهي النص التاني .
ــ له يا ماهر اني محدش يشاركني قلبك ويستحوذ على كله غيري .
ــ طب ايه رايك بقي احنا نروح دلوك نوزع فيروز مع هانم عايزين نقضي ليله سعيده نحتفل بنجاح قضيتك وكمان في قضيه مهمه لازم ندرسها مع بعض كفاية عليها تأجيل لحد اكده .
سألته بتعجب :
ــ قضيه ايه داي يا متر ؟
قبلها من وجنتها بهيام :
ــ عايزين نجيب البيبي التاني بقي كفاية تأجيل بس نزود الشغل ونرفع المهام علشان نجيب اتنين مرة واحدة .

ـــ هاااااا حرام عليك دي فيروز مجننيني انا ليه يمكن افكر اخلف دلوقتي الا لما تروح المدرسه .
تعصب بشدة :
ــ بصي عندك قدره فائقه انك تبدلي اللحظات السعيده لعصبيه شديده وترفعي لي الضغط في مينت مدرسه ايه دي اللي هنستنى فيروز تروحها عشان نجيب لها اخ او اخت مفيش الكلام ده انسي .
ــ لا بقى انت اللي تنسى انا واحده ورايا مشوار كبير في شغلي والخلفه هتعطلني وبعدين احنا مخلفين وفيروز ماليه علينا الدنيا .
ــ طب قرار بقى اخرك معايا سنه وتكوني مخلفه لي عيل او زي ما يبعت ربنا يا بت سلطان .
ــ ما تقوليش يا بت سلطان داي تاني انا اسمي المحاميه رحمه سلطان المهدي مش هخلف اني دلوك خالص .
ــ له بت سلطان وكلامي هيمشي عليك واللي عايزه هو اللي هيحصل وهنشوف يا رحمة .
ــ هنشوف يا ماهر يلا بقى روحني وشكرا على زعيقك عليا في يوم زي ده .
ــ والله انت اللي مستفزه وتعصبي اي حد في ثانيه عصبتيني ورفعتي لي الضغط يلا هنمشي ولما نروح البيت ليا صرفه معاكي بقى في الموضوع ده بالذات واما اشوف حوار السنين اللي انت عايزه تاجليها دي ومش هيحصل يا رحمه .
( ونسيبهم بقي يتخانقوا 😅😅 )
&&&&&&&&&&&&&&&
في منزل فارس وفريده ازيك الوقت المتاخر من الليل تبحث عنه ولم تجده بجانبها فاندهشت فكل يومين او ثلاثه يتسحب من جانبها ولم تعرف اين يذهب ويتركها هي وطفلها وحين تسأله عن قيامها من جانبها يخترع أي أسباب ،
هبطت الأدراج بتمهل تبحث عنه في ارجاء المكان بأقدام كالهلام كي لا يشعر بها ككل مرة ،
واخيراً اكتشفت مكانه وجدته في تلك الغرفة المنزوية بعيداً عن الغرف ، تقدمت بخطواتها نحو الغرفة وهي تلقي بأذنها علها تسمع شئ ،
واذا بها تنصدم مما استمعت إليه حيث كان يردد بنبرة شجن :
ــ وحشتيني قوي يا بيرو بقى لي يومين ما كلمتكيش مش عارف أفلت من فريدة طمنيني عنك اخبارك ايه ؟
الى هنا احبائي قد انتهى الجزء الثاني من نبض الوجع عشت غرامي القاكم على خير في الجزء الثالث

 
google-playkhamsatmostaqltradent