Ads by Google X

رواية اسمنجون الفصل الاول 1 - بقلم مريم محمد

الصفحة الرئيسية

 رواية اسمنجون (كاملة جميع الفصول) حصريا عبر دليل الروايات بقلم مريم محمد 

رواية اسمنجون الفصل الاول 1 - بقلم مريم محمد

الزمرد هو واحد من أجمل الأحجار الكريمة وهو يحتل المرتبة الثالثة من حيث الأهمية .. أما بالنظر الي الأوزان فهو الأعلى قيمة بين الأحجار الكريمة .. والزمرد الكامل نادر الوجود وإذا وجد يكون أغلى من الألماس .. ويوجد أكثر من أثنى عشر نوعاً من الزمرد .. والألوان الأكثر شهرةً الأخضر والأصفر والأزرق 

الأخضر منه غامق عميق وشفاف ويرمز الي الربيع والأمل والأمان

ولكن الزمرد الذي أتحدث عنه ليست تلك الأحجار البرّاقة.. وإنما هي زمردة نادرة لا يوجد منها سوى واحدة فقط في هذا العالم ( زمرد بلال ) فتاة جامعية تدرس في كلية الآداب بمحافظة السويس وهي فتاة فاتنة نحيلة متوسطة الطول تمتلك شعرا مموجا بلون أسود لامع .. يصل الي منتصف ظهرها تقريبا .. يزينه حجابها الجميل .. وعيون زمردية خضراء تستشعر الهدوء إذا نظرت إليها فتغوص فيها وكأنك في أعماق محيط .. أصابت والدتها عندما سمتها زمرد بسبب عيونها .. ويزين وجهها الثلجي شفاه من ورد شاحب .. وحاجبان مقوسان في تناسق رباني بديع .. كما أنها تتمتع بشخصيتها الواثقة الحكيمة والمثقفة .. ولديها محيط هادئ وخيال واسع فيّاض .. تعشق القراءة ورائحة الكتب .. ليس لديها أصدقاء تقريبا .. عدا كتابها الذي لا يفارقها أبداً

الي متى ستظلين جالسة هكذا ؟ كفى قراءة لليوم .. لقد إقتربت امتحاناتك النصف سنوية .. ولابد أن تجتهدي قليلا في دراستك ... أنهضي هيا

نطقت السيدة (هديل) بتلك الكلمات الي ابنتها التي كانت تجلس على الأريكة .. وتحتسي فنجانا من الشاي الأسود بالقرفة التي كانت رائحتها تعبق في المكان .. كانت زمرد شاردة الذهن في مملكة الخيال الخاصة بها .. ولم تسمع صوت والدتها التي تحدثها-بقلم/مريم عبد القادر-هذه هي عادتها فكلما قرأت كتابا ما لا تسمع ما يدور من حولها أو من يتحدث إليها .. أختطفت الأم الكتاب من بين يدي ابنتها وأعادت كلماتها مرة آخرى

نهضت زمرد متجهة الي غرفتها وهي تمسك بفنجان الشاي وفي نفسها شئ من التضجر .. فقد كانت أحداث الرواية في ذروتها .. ولكنها لم تظهر تضجرها احترامًا لوالدتها

كانت زمرد متفوقة في دراستها .. مجتهدة لا تحتاج الي من يحثها على الدراسة وقد كانت والدتها تعرف هذا جيدا ولكن.. لابد من الشدة بين الحين والآخر فهي لا تريد أن تتكاسل ابنتها أو أن ينخفض مستواها الدراسي فهذه هي  طبيعة الآباء .. دائماً يحبون الأفضل لأولادهم 

مرت الأيام الشاقة .. ومرت معها الامتحانات المرهقة  وعادت زمرد الي قوقعتها مرة آخرى تقرأ في كتبها

*****
في أحد الأيام .. قررت زمرد الذهاب الى العجوز بهاء صاحب حانوت الكتب الذي اعتادت الذهاب اليه .. لتبتاع بعض الكتب الجديدة .. عجلت الفتاة في الخطى كعادتها ووصلت أخيرا الي المكان المراد .. حانوت صغير قديم يجالسه شئ من الظلام تتخلل ظلمته أشعة الشمس بسهولة .. يعبق برائحة التراب وأوراق الكتب العتيقة التي لا طالما عشقتها زمرد 

دلفت الي الحانوت بهدوء كالعادة لتجد شابا قمحي اللون أسود الشعر ضخم البنية .. ملامحه غريبة وكأنه ليس من هنا ولم تكن زمرد رأته من قبل .. كان يجلس على مكتب العجوز بهاء .. يبدوا أنه لم يأتي اليوم الي حانوته .. كان الشاب ينظر الي زمرد بنظرات غريبة اربكتها .. ثم وجه  إليها كلمات بصوته الأجش ولكنته الغريبة كملامحه : 
« سَتُعاد الأسطورة ثانية ً .. بحثت عنكِ في كل مكان .. لماذا تأخر ظهورك كل تلك المدة » 

اقشعر جسد زمرد وتغيرت تعابير وجهها بسبب تلك الكلمات .. ولكنها ادعت عدم سماعها وتابعت ما جائت لأجله .. وتجولت في حانوتها المحبب الي قلبها .. تلقي بنظراتها العاشقة الي الكتب هنا وهناك ومرت ساعة - لم تشعر بها - وهي ماتزال واقفة وفي يدها أحد الكتب تقرأ  فيه

وأخيرا أغلقت الكتاب ووضعته فوق أربعة كتب آخرى وتوجهت الي المكتب - والذي كان الشاب مايزال يجلس عليه - ووضعت الكتب أمامه .. أخبرته أنها ستشتري كتابين وتستعير الباقين .. أما الغريب في الأمر هو أن الشاب لم يرد على زمرد .. بل إنه لم ينظر إليها .. وكأنه أصبح شخصا مختلفا خلال تلك الساعة .. ولكن زمرد لم تأبه بهذا وأشاحت بنظرها عنه تخرج نقودها من حقيبتها بينما الشاب يضب الكتب داخل حقيبة ورقية .. ثم قامت  بتسديد حسابها ورحلت

خرجت زمرد من حانوت الكتب متجهة الي منزلها وعلامات السرور بادية على وجهها بجلاء .. فسعادتها بانضمام أفراد جدد الي مكتبتها لا توصف .. كانت تتحرق شوقا لقراءة كتبها الجديدة .. فعجلت في سيرها ثانيًة حتى أنها كادت تركض من فرط سرعتها

وصلت زمرد أخيراً الي المنزل وخلعت حذاءها ودخلت الي غرفتها التي أغلقت بابها بعد دخولها منه .. وجلست على مكتبها تخرج ما بداخل حقيبتها من كتب 

كانت السيدة ( هديل ) تدرك مدى عشق ابنتها للقراءة .. 
وكانت إذا رأتها في تلك الحالة التي هي عليها تركتها تماما حتى تخرج هي بنفسها من غرفتها بعد ان تشبع فضولها تجاه الكتاب الذي تقرأه حتى لو استغرق هذا عدة ساعات طويلة

أخرجت زمرد الكتب وبدأت تضعهم على مكتبها جنبا الي جنب .. ولكن ما كان غريبا هو أن الكتب كانت سته وليست خمسة كما اختارتهم يبدوا أن هذا الشاب قد أخطأ  وهو يضعهم في الحقيبة 

أمسكت زمرد بالكتاب السادس .. الذي بدى غريبا للغاية 
كتاب رفيع لونه كالرمال المصبوغة باللون الأسود بسبب البازلت - وهي صخور نارية بركانية صلبة خشنة سوداء -.. وعلي غلافه نقوش غريبة بارزة بلون الكهرمان .. ولم يكتب عليه أي عنوان .. وكانت رائحة  الصخور والرمال تفوح منه 

تركت زمرد الكتاب وقررت اعادته مرة آخرى لصاحب الحانوت فهي لم تبتعه ولكن فضولها الشديد جعلها تجلس  وتمسك الكتاب 

ألقت زمرد نظرة فاحصة على الكتاب مرة آخرى.. ثم بدأت بتقليب صفحاته الصفراء العتيقة .. لم يكن هناك الكثير من الصفحات التي كتب فيها فقد كان معظم الكتاب فارغا كما أنه كان مكتوباً بخط اليد.. عادت زمرد الي الصفحة الأولى التي رسم فيها مجسم صغير غير واضح الخط لمدينة غريبة مكتوب أسفلها اسمها .. ولكن الخط لم يكن واضحا ثم تلاها عدة ورقات ممزقة وبدأت كلمات الكتاب من الصفحة التي تلي الصفحات الممزقة .. كانت الكلمات غير واضحة نسبياً ولكن الخط الذي كتبت به كان مرتبا وجميلا فسهل علي زمرد قراءتها كانت الصفحات تتحدث عن بعض الأعشاب وما تعالجه من أمراض .. ثم كُتبت بعض السطور التي تبدوا أنها شروح لتضاريس واتجاهات ما .. في شكل خريطة صغيرة 

كان معظم محتوى الكتاب هكذا.. خرائط وأعشاب طبية-بقلم/مريم عبد القادر-حتى تغير الخط فجأة .. وكتبت بعض الكلمات الغريبة التي أصابت زمرد بالحيرة والتعجب .. فقد كانت الكلمات وكأنها تتحدث إليها : 

« أعرف بأي نظرات متعجبة تنظرين الي بها الآن كما أنني أعرف هذا الفضول الذي دفعك الي قراءة هذا الكتاب .. وأعرف أن فضولك زاد الآن بعد قراءة تلك الكلمات .. لذا كان لابد أن أخبرك بعض الأشياء التي يجب عليك معرفتها قبل أن تبدئي رحلتك .. قد تتعرضين للخطر الشديد أو تكوني قريبة جدا من الموت ولكن لا يجب عليك أن تيأسي .. فأنتِ قوية .. قادرة على التغلب علي كل الصعاب التي ستواجهك .. وايمانك بالله ودعاءَك إياه سيؤنسك في دياجير الظلام .. وتذكري أن الخوف قد يقتلك هناك .. فلا يجب عليك الخوف أبدا .. ولا تتهوري وحافظي على جوهرتك ولا تفقدي ما هو عزيز عليك أبداً  » 

زمرد : لم أفهم ما المقصود من تلك الكلمات ؟ أي رحلة وأي خطر هذا ؟وما هي الجوهرة أو الشئ العزيز الذي لا  يجب أن أفقده ؟ 

أستمرت زمرد تقلب في صفحات الكتاب.. وأعادت قراءتها أكثر من مرة .. ولكنها لم تصل لشئ يذكر حتى وصلت لآخر ورقة في الكتاب .. تلك الورقة لفتت انتباه زمرد لسببين .. أولهما انه كان تفوح منها رائحة عطرة مختلفة عن رائحة الكتاب .. وأما السبب الآخر فانها كان مرسوم عليها شكل غريب للغاية نجمة خماسية الرؤوس .. بداخلها شكل بيضاوي قليلا .. مخطط بشكل عشوائي من الداخل.. ويحيط بهم شكل غير مكتمل لكف إنسان وكتب تحتها كلمة واحدة ....... أسْمَنْجُون

فور أن قرأت زمرد تلك الكلمة (أسْمَنْجُون) .. حتى تحولت أوراق الكتاب في يدها الي اللون الأسود وبدأت الأرض تهتز من تحت قدميها بقوة .. فنهضت من على الكرسي الذي تجلس عليه .. وتراجعت عدة خطوات الي الخلف .. وهي تجول بنظرها في أرجاء الغرفة المهتزة

_____يتبع

بقلم/مريم محمد عبد القادر
ميمووو

  •تابع الفصل التالي "رواية اسمنجون" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent