رواية اسمنجون الفصل الرابع عشر 14 - بقلم مريم محمد
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
بقلم/ مريم محمد عبد القادر
(انتصار)
خرج ليڤون من منزل كاشيرا بعد أن اتفقا على كل شئ .. وبعد عدة أيام أرسل كاشيرا برد الى ليڤون ان خطته قد نجحت وأعلمه أيضا عن موعد الصفقة
زمرد : هكذا لم يبقى سوى إخبار الملكة بالأمر
ليڤون : أتركي الأمر لي سأصحبها بنفسي الى هناك
كينا : وهل تثق بكاشيرا هذا ؟
ليڤون : لا تخف فهو لا يملك خيار آخر غير مساعدتنا وإلا سيكون في السجن مع البقية إن نجحت خطي أو يقتل على يد الوزير إذا علم بأمر تهريبه للعمال مقابل المال .. وفي كلتا الحالتين هو الخاسر لذا سيفعل أي شئ لأنقذه مما أوقع نفسه فيه
صمت ليڤون للحظة ثم تابع : ثق في قائدك يا فتى فأنا لن أسمح بأن يصيبكم بأي ضرر مهما حدث
وهكذا نجحت خطة زمرد وليڤون في القبض على رئيس الوزراء وأعوانه وعاد ليڤون يتقدم رجاله والوزير ورجاله مكبلين بالأغلال في عربات الجيش التي تسير في شوارع المدينة الممتلئة بالناس الذين احتشدوا بعد أن انتشر خبر أفعال الوزير فظلوا ينظرون إليهم بنظرات كره وغضب وقام البعض بسبه والآخر برميه بالحجارة-بقلم/مريم عبدالقادر -حتى وصلوا الى السجن الملكي في القصر الذي تم احتجازهم فيه ثم توجه ليڤون الى غرفة الاجتماعات الملكية ليتم مناقشة قضية الوزير ومصيره هو واتباعه
ترك كينا رجاله حول المنزل في أطراف المدينة وعاد هو الي منزل ليڤون ليعلم زمرد وأيلا وبرسين بنجاح خطتهم وفور دخوله الى غرفة ليڤون حيث كانت زمرد مستلقية على سرير ليڤون تضع يدها على عينها وتمسك برأسها من الألم .. قام باحتضان أيلا وهو يخبرها عن نجاحهم الباهر
كانت زمرد تنظر إليهما وهي تبتسم فقد كانت تدرك العلاقة بينهما منذ مدة فقبل رحيل كينا مع ليڤون كان كلا منهما ينظر الى الآخر نظرات عاشق وهو يخبرها أنه سيعود إليها قريبا
بعد أن أدركا الموقف ابتعدا عن بعضهما البعض وكان وجه أيلا مخضل بالحمرة من الخجل بينما كان كينا يتنحنح ويجول بعينيه في المكان
قاطعت زمرد هذا الجو قائلا بتثاقل فقد اتعبها المرض : ماذا سيحل بالوزير الآن ؟
كينا : لم يتم صدور أي قرار الى الآن
زمرد : والقائد ؟ متى سيعود ؟
كينا : لن يتمكن من العودة في الوقت الحالي فهو مَن وكلَ إليه أمر استجواب الوزير
قالت زمرد بحزن : فهمت
حاولت ايلا أن تخفف قليلا عن زمرد فهي كانت تعرف أن ليڤون يحبها كما بدى من تعاملها معه أنها تحمل شيئا من مشاعر الاعجاب تجاهه ايضا ولكنها لا تبوح بذلك : ولكنه سيعود قريبا جدا .. أليس كذلك يا كينا ؟
فهم كينا مراد أيلا من سؤالها فأجاب : أجل بالطبع .. لن يطول أمر غيابه طويلا
لم تجبهم زمرد وعاودت الاستلقاء على السرير ثانيةً وحاولت أن تنام قليلا لعل النوم يخفف بعض الألم الذي تشعر به
وبعد يومين عاد ليڤون الي منزله وذهب الي زمرد ليطمئن على صحتها فوجدها هذيلة ضعيفة مختلفة عن الفتاة المشرقة التي رأها أول مرة
زمرد : ما الجديد ؟
ليڤون : الملكة تطلب رؤيتك
زمرد : لماذا ؟
ليڤون : تريد شكرك وتكريمك على كشفك لخيانة الوزير
زمرد : لكني لم أفعل هذا لتكرمني الملكة هذا واجبي ففي النهاية أنا مسافرة وهذه هي مهمتي
ليڤون : للأسف لا يمكنك الرفض فهذا بمثابة أمر ملكي
اضطرت زمرد للامتثال للأوامر وذهب لمقابلة الملكة وبعد الترحيب بها وشكر الملكة لمجهودها أخبرت زمرد أن تطلب ما تتمنى وهي ستحققه لها
زمرد : أنا حقا ممتنه لكرمك يا مولاتي ولكني لا أتمنى أي شئ يكفيني أنى تمكنت من تحقيق العدالة
سيرا : أنتى حقا فتاة نبيلة ولكني مصرة على تحقق امنية لكِ
فكرت زمرد قليلا ثم نظرت إلى الملكة وأردفت : هل تعديني إنكِ ستحققين ما سأطلبه حقا
سيرا : هذا وعد ملكي والملكة لا تخلف وعدها ابدا
زمرد : إذا كان الأمر كذلك فهناك شئ واحد يجول في خاطري وأتمنى أن تحققيه .. أتمنى أن تلغي قانون رهائن الديون هذا إلى الأبد وسأكون شاكرة لك بشدة
ترددت الملكة سيرا كثيرا في تلبية رغبة زمرد لكنها وافقت في النهاية فهذا وعد كما قالت سابقا ولا يمكنها اخلافه
*****
مرت عدة أيام - لم يعد ليڤون فيهم الي منزله - أتى كينا مسرعا حاملا معه الأخبار المنتظرة : لقد صدر الحكم الذي سيطبق على الوزير
أيلا : ماذا سيحدث ؟
مرر كينا نظراته على وجوه الجميع ثم قال : سيتم إعدامه صباح الغد
وضعت ايلا يديها على فمها وقالت : إعدام
كينا : ما فعله يعد خيانة لأسمنجون والملكة لذا فإن إعدامه هو ما كان متوقعا
ومرة آخرى لم تنبس زمرد ببنت شفه بل لم تفتح عينيها أيضا وظلت مستلقية مكانها واضعة يدها على عينيها
في اليوم التالي أجتمع الناس في الساحة أمام قصر الملكة في انتظار إعدام الوزير وأعوانه وكان لابد أن يذهب كينا هو أيضا فعلى جميع أفراد الكتيبة التي ينتمي لها أن تحضر هذا الحدث .. لكن زمرد رفضت الذهاب فهي مريضة وأيلا جلست لتعتني بها كما أن قلبها لا يقوى على تحمل مشهد كهذا
وعندما هم ليث بالذهاب فوجئ ببرسين يدلف الى الغرفة ويقول لزمرد : لقد حان الوقت يا زمرد
فتحت زمرد عينيها ونظرت في إعياء الى برسين وقالت :
الوقت لماذا ؟
لم يجب برسين ولكن نظراته الحزينة وشت بكل شئ وعندما فهمت زمرد مقصده جلست على السرير وقالت :
يبدوا أنني تعلقت كثيرا بهذا العالم ومن فيه إن هذا قاسي حقا .... وموجع
أيلا : هل يعقل ؟... هل حان وقت رحيلك ؟
لاح شبح ابتسامة حزينة على شفتي زمرد اللتان تحولتا الي اللون الأرجواني من المرض الشديد وقالت والعبرات في عينيها اللامعتان : أنا أسفة يا صديقتي فهذا كان مقدرا من البداية
نهضت أيلا وقامت بمعانقة زمرد وظلت تبكي بحرقة على كتفها الهزيل بينما سألها كينا بألم : والقائد ؟ هل سترحلين هكذا بدون توديعه ؟ هل تعرفين ماذا سيكون وقع تصرفك هذا عليه ؟
زمرد : اعتذر إليك حقا يا سيد كينا وأود منك أن توصل اعتذاري الي السيد ليڤون أيضا .. كما أني أريد منك أن توصل إليه رسالة أ خرى .. رسالة وداع له .. هل يمكنك هذا ؟
دمعت عينا كينا ثم قال : إن كنتِ تريدين قول شئ له فقوليه بنفسك مباشرة .. اعتذر ولكنى لن أوصل رسالتك
ارتسمت ابتسامة مقرونة بالأسى الشديد على وجه زمرد جعلت كينا لا يستطيع الرفض أكثر ووافق على أخذ الرسالة منها
ثم قالت زمرد موجهة كلامها الى كينا : أود الاعتذار منك حقا يا سيد كينا فقد تسببت بالكثير من الازعاج لك ولقائدك .. أرجو ألا تكون قد شعرت بالضيق من هذا
كينا : بل أنا من يرغب بالاعتذار لك .. بينما كان مغشي عليك أخبرنا ليڤون بقصتك كاملة ويبدوا أنني قد ظلمتك حقا .. كما أني السبب في حالتك الصحية تلك فأنا من وضعك في السجن .. لذا اتمنى أن تسامحيني
زمرد : لم تخطئ بشئ يا سيد كينا .. بل إن فعلك هذا هو ما اوصلنا لما انجزناه الآن .. شكرا لك
كينا : لقد كان من الجيد لقائك
زمرد : شكرا لك .. سعدت بلقائك أيضا أيها الفارس .. وأنتِ يا أيلا أشكرك لأنك كنتِ صديقة لي منذ أول يوم لي هنا فقد خفف هذا عني الكثير من الوحدة والحزن .. شكرا لك .. وأتمنى لك السعادة في حياتك مستقبلا مع كينا
ثم نظرت الى كينا وقالت : لقد عانت أيلا وبكت كثيرا منذ دخولها الى هنا فأتمنى ان تعوضها عن ايام شقائها وتحافظ عليها
كينا : سأفعل
زمرد : الآن عليّ الذهاب
ذهبت زمرد بصحبة برسين تاركة خلفها ايلا التي أجهشت بالبكاء ولم تتوقف فهي تعرف أنها لن ترى زمرد مرة آخرى ابدا .. كما أن قلبها كان يعتصر حزنا على ليڤون المتيم بحب زمرد فهي لا تقوى على تخيل موقفه إذا علم برحيلها هكذا لذا طلبت من كينا أن يذهب لإعلامه بسرعة عله يتمكن من رؤيتها للمرة الاخيرة .. وقد فعل كينا هذا وذهب راكضا ليبلغ ليڤون بما حدث
*****
عادت زمرد الى التمثال المجنح مرة آخرى لكن في طريقها كانت تسأل برسين : عندما أتيت أخر مرة الى هنا لم أجد شيئا خلف الباب الحجري .. هل تحاول خداعي أم ماذا ؟
برسين : أخبرتك أنك لن تستطيعي العودة إلا بعد انتهائك من مهمتك
زمرد : إذا لن يفتح الباب إلا بعد موت الوزير
برسين : هذا صحيح
في طريق ذهاب زمرد وبرسين الى باب العودة مرت بمنصة الإعدام أمام قصر الملكة وألقت نظرة أخيره على ليڤون الواقف بجانب الملكة في شرفة قصرها وهو لا يراها من بين كل تلك الجموع الكثيرة -بقلم/مريم عبدالقادر -ثم تابعت سيرها حتى وصلت الى التمثال المجنح وفتحت الباب الحجري ووقفت أمامه في انتظار انتهاء مهمتها حتى تعود لعالمها ووقفت تجول بعينيها وتودع أركان المدينة .. رغم أنها عانت فيها كثيرا الا أنها ستفتقدها بالتأكيد
بدأت الأبواق تعزف والطبول تقرع وأمسك السياف بسيفه وحان موعد الإعدام
•تابع الفصل التالي "رواية اسمنجون" اضغط على اسم الرواية