رواية من نبض الوجع عشت غرامي (ج2) الفصل الثالث و الثلاثون 33 - بقلم فاطيما يوسف
ماذا بكِ ياامرأة ! فأنتِ لعمران بملايين النساء كُلهمِ !
لقد أسرتِ قلبه ومددتِ أسوار حـ.ـبس أنفاسه بين قبضتاي أبواب قلبِك وأغلقتِ عليه بأقفال هواكِ ،
فعمران يهواكِ وروحه فداكِ وبعمره لن ينساكِ ويشتاق دوماً أن يراكِ
#خاطرة_عمران_المهدي
#بقلمي_فاطيما_يوسف
#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي
اما هي كانت تقف في الأعلى وخرجت من غرفتها بالصدفة واستمعت الى الحديث بالكامل وبات قلبها يدق من موافقة آدم لخروجه لتلك الحفل وانتظرت رده الذي سيبني في علاقتهما إما جروحاً واما انتصاراً آخر في حياة آدم و مكة ،
أما في الأسفل تحدثت هند بنصح لآدم :
_ طب انا شايفة يا آدم إنك تعمل الحفلة علشان خاطر الشروط الجزائية اللي فيها،
ايه اللي يخليك تتحملها وترفض لي اصلا !
وكفاياك أجازة لحد دلوقتي مشبعتش عسل يا عريس .
شعر آدم بالقلق فهند أخته لا تعلم شيئا عن اتفاقه مع مكة ولم يريد التحدث أمام راشد في خصوصيته فهو مدير أعماله مهما كان وهو لم يحبذ أن يأتي بسيرة زوجته أمامه ولكن ذاك الموضوع لابد أن ينتهي كي يستريح من وجع الرأس الذي سيجلبه لحاله اذا استمع الى نصائح راشد فهو لم ولن يخسر الهدوء النفسي والحياة الجميلة التي يعيشها مع زوجته ثم تنهد طويلا قبل أن يخبره بقراره :
_ معلش يا راشد اعتذر عن الحفلة وعن أي شغل خالص الأيام دي لأن ناوي أغير طريقة شغلي تماما .
انصدمت هند من قراره كما انصدم راشد هو الآخر ورددوا في صوت واحد باندهاش لخبر لم يتوقعوه ابدا :
_يعني ايه كلامك ده انت هتبطل تغني ؟
وأكملت هند وهي على نفس دهشتها مما استمعت إليه :
_ ممكن افهم في ايه بالظبط ؟
وازاي تضر مستقبلك وشغلك بالطريقة دي؟
وعلشان ايه اخدت القرار ده وبنيته علي أساس إيه ؟
رفع جفونه ببطء ثم قال بنبرة هادئة :
_ هنتكلم مع بعض في الموضوع ده بعدين يا هند بس حابب أبلغ راشد يوقف أي تعاقدات ويعتبرني معتزل لوقت غير معلوم .
هنا انتفض راشد من جلسته وهو يهدر به :
_ ده ايه اللي تعتزل لوقت غير معلوم وايه الكلام اللي انت بتقوله ده اصلا !
انت شكلك اتجننت يا ادم ومفكر نفسك اللي بتعمله ده عادي ومتعرفش ان هو خطر جدا في طريقك الفني ومستقبلك وحياتك كلها ككل !
لو سمحت اهدى بقى وفهمني قرارك ده بناء على ايه ؟
استوعب سؤاله وأردف بنبرة جادة متجنبا غضبه منه :
_ اهدى يا راشد لو سمحت علشان انت عارف اني مش بحب الصوت العالي ولا بحب العصبية الزايدة عن اللازم ،
وبعدين انا مش صغير علشان هقول لك كلمتين وبعدين هرجع فيهم وعارف يا سيدي وفاهم ان ده شغلي وان ده طريقي بس انا حابب إني أغيره مش مرتاح امـ.ـوت نفسي يعني ولا ايه ؟
أجابه متهكما بكلمات خرجت من بين أسنانه بحدة :
_ لا هي مش دي الحكاية يا آدم باشا
الحكاية ان شكل الجوازة الجديدة أثرت على دماغك وخليتك تخسر مستقبلك بالسهولة دي وانا اكتر واحد عارف انت تعبت قد ايه علشان خاطر تبني اسمك وتبقى النجم آدم المنسي،
واسترسل حديثه وهو حزين على قراره الخاطئ مائة بالمائة في وجهة نظره :
_كنت معاك وانت بتسهر الليالي وبتشتغل على حالك علشان تبقى نمبر وان والكل ينطق اسمك بفخر في كل مكان .
قاطع حديثه بحدة وهدر به بنظرة غاضبة وهو يتجنب جميع ما قاله ويمسك في كلمة الزواج :
_ لو سمحت ما تجيبش سيرة جوازي على لسانك مراتي مش محط مناقشات ما بيني وما بينك ،
انا ما اتجوزتش عشان العب واقضي فترة حلوة ويومين أريح فيهم مزاجي وخلاص انا اتجوزت عشان ابني حياتي وطالما انا شايف ان المشوار اللي كنت ماشي فيه مش هيريحني في حياتي وهيتعبني وهيخسرني حاجات كتير ما تتعوضش وان الشغل اللي انت بتتكلم عنه ده يتعوض بالأحسن واني اختار حاجه ترضي ربنا بالنسبة لي الدنيا وما فيها يا راشد .
رأت هند أن وجهه احتدم غضبا والنقاش أصبح جدالا وطريقته لا تمت للرقي بصلة فأشارت بكلتا يديها في وجههم ناهية ذاك النقاش بتلك الطريقة :
_ بس لو سمحتم كفاية كلام في الموضوع ده ،
وانت يا راشد ما تعملش حاجة خالص من اللي قال لك عليها الا لما أكلمك أنا بنفسي وأقول لك هنمشي ازاي أو هنكمل ازاي وكفاية لو سمحتوا كلام في الموضوع ده خالص حالياً .
_ تمام انا ماشي وسايب لكم المكان خالص علشان الباشا يستريح مني ومن زني …كلمات وجه مقتضبة بملامح وجه مكفهرة ثم نهض غاضباً وتحرك من أمامهم وترك لهم المكان وهو غاضبا بشدة بسبب قرار آدم الأهوج من وجهة نظره فهو ليس مدير أعماله فقط ولكن يعتبره مثل ابنه ويخاف على مستقبله ويشعر الآن بأنه يدمره بيديه دون أن يدري .
فور أن غادر راشد نظرت إليه هند وهي تسأله بكل هدوء دون أي غضب او عصبية فهي معتادة على النقاش الهادئ الراقي مع أخيها مهما كان حجم المشكلة :
_ لو سمحت يا آدم ممكن أفهم وجهة نظرك في قرارك المفاجئ ده والصادم بالمرة ؟
تحمحم كي ينظف حنجرته وتحدث بملامح جادة لملامح وجه مكفهرة ارتسمت رغما عنه وكل ذلك وتلك المكة تقف في الأعلى ترى مصيرها مع آدم يصل الى أين دون ان تتدخل في قراره ودون أن تشعره أنها تسمع كل شيء فهي لن تريد ان تؤثر عليه وتريد ان يكون قراره نابع من أعماق قلبه وأن يكون مقتنعا به عن جدارة دون اي تدخل منها فهي قد أنهت مهمتها معه في الإقناع ولم يعد لها دور بعد الآن إما أن يكمل وإما أن يرفض طريق الشيطان ذاك الممتلئ بالمغريات :
_ مش هكذب عليكي يا هند ما اتعودتش اخبي حاجه عنك أي نعم الحاجة دي خاصة بيني وبين مكة لكن انتِ مش حد غريب انا وهي اتفقنا اني مش هكمل بالطريقة اللي انا ماشي بيها لأني اقتنعت انه طريق ما يرضيش ربنا وحاسس ان لو كملت فيه هخسر كتير،
وكمان هي مش حابة إنها تكمل معايا وأنا مكمل في الشغلانة دي وبصراحة أنا بعت الدنيا كلها عشان أشتريها هي وأشتري راحتنا وسعادتنا ومهما كان التمن غالي هي أغلى من أي حاجة في الدنيا .
كانت تلك المكة تسمع كلامه وقلبها ينبض بشدة من فرط سعادته بكلام آدم بل شعرت بأنها تملك سعادة الكون بأكمله الآن ،
ضيقت هند عيناها ووجهت لها سؤال باستفسار كي تضع نصب عينيه جميع الإحتمالات الخاصة بقراره والتي ستحدث فيما بعد ولم يهمها إذا كان سيكمل أم لا فهو أخيها ويهمها راحته والمال ما هو إلا وسيلة كي يعيشوا في متطلبات الحياة والمقدرة عليها وهو الآن معه من الأموال ما يكفيه عمرا ويكفي أبنائه من بعده بفضل الله :
_ أيا كان القرار اللي إنت اخدته مستعد تتحمل نتيجته بعدين يعني لو حبيت ترجع بعد الاعتزال هيبقى موقفك قدام جمهورك صعب جدا وهتخسر حاجات كتير بنيتها مع جمهورك ؟
أخذت نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وتابع حديثه بنبرة واثق متأكد وبعيناي هائمة :
_ جمهور ايه اللي انت بتتكلمي عنه يا حبيبتي محدش في الدنيا هيقف جنبي ولا هيدعمني قد مراتي وقد حبي الأول والأخير محدش في الدنيا هيحس بكمية الراحة والسلام النفسي اللي انا عايش فيه معاها بسبب تدينها وقربها من ربنا وانها سحباني معاها لأجمل طريق كان غايب عني عرفتني حديث مهم قوي بقيت ماشي عليه إن لا طاعة لمخلوق في معصيه الخالق ،
خليتني بقيت بتسابق معاها في العبادة علشان اخرتي وعرفتني إن الدنيا فانية وان الإنسان ممكن يموت في لحظة فما بالك بقى لو حصل وجت لحظة المـ.ـوت دي وانا حاضن واحدة في فيديو كليب ولا واقف على مسرح وقدامي بنات عرايا واقفين يغنوا ويرقصوا وسكرانين انا كنت غايب عن الطريق وهي فوقتني من التوهة اللي كنت عايش فيها ياهند .
انخلع قلبها على ذكر سيرة المـ.ـوت ثم جذبته في أحضانها بحنان يكفي العالم أجمع وهي تردد بقلب مقبوض لما ذكره :
_ بعد الشر عنك يا حبيبي ربنا يديم حسك في الدنيا ويخليك ليا يا دومة ده انت حبيبي واخويا وسندي بعد ربنا سبحانه وتعالى خلاص اللي انت شايفه راحة ليك ولبيتك ولحياتك أهم من أي شيء في الدنيا وأهم من أي حسابات جايبة لنا وجع قلب وأعصاب.
ضمها أكثر تلك الحنونة وقربها لصدره وتحدث بنبرة صادقة :
_ ولا منك يا حبيبة اخوكِ يا اللي دايما واقفة في ضهري وعمرك ما كنتِ ضدي ابدا ودايما بتدعميني في كل قراراتي وما بتحسسنيش بتأنيب ذنب ،
ما تتصوريش انا دلوقتي ارتحت قد ايه اكتر لما عرفتك كل حاجة كنت قلقان من رد فعلك والله .
أخرجته من أحضانها ثم وضعت كفاي يداها الحنونتان وحاوطت بهما وجنتاي ذاك الرائع وتحدثت بحب صادق ظهر بينا داخل عيناها :
_ ولا تقلق ولا حاجه ما فيش حاجه في الدنيا مستاهلة ان احنا نعافر عشانها مقابل راحة البال ربنا يخلي لك مراتك ويسعدك في حياتك أيا كان قرارك ايه يا حبيبي وانا هبلغ راشد دلوقتي يعمل كل اللي اتفقنا عليه وههديه عليك وبعدين هنشوف هتكمل ازاي او هتعمل ايه .
تحدث بنبرة صوت فخورة وإطرائية :
_ تمام يا قمر هسيبك بقى وهطلع أصحي مكة علشان متعرفش ان انتِ هنا .
حركت رأسها برفض وهي تقوم من مكانها معللة أسبابها في المغادرة :
_ لا سيبها بس ما تصحيهاش وما تقولهاش ان انا جيت عشان ما تزعلش انا هاجي تاني بكرة انا قاعدة في القاهرة أسبوع بحاله علشان عندي شغل في المحطة هنا متأجل كتير قبل ما ارجع هناك .
ودع كل منهم الآخر وخرجت دون ان تكترث لما حدث ودون أن تشغل بالها باعتزاله فهي لم يهمها غير راحة أخيها وسعادته مهما كانت التنازلات فلن تكن أهم من العيش بهناء مع من نحب ،
وتلك هي العلاقات المريحة مع الأقارب أو الأصدقاء فدوما تلك العلاقات التي لا تشعرنا بمدى اهمالنا وأن قراراتنا خاطئة، دائما تلك العلاقات التي لم تدخل في راحتنا النفسية قبل أي شيء وقبل أي حسابات للحياة هي دوما المستمرة .
**********”””””*****
في منزل سلطان المهدي حيث يجتمع سلطان وعائلته على تلك المنضدة الخاصة بطعام الغداء في تجمع عائلي لم يحدث منذ شهور عدة في جو ملئ بالألفة والمودة ،
فتحدث سلطان إلى رحمة :
_ عريسك كلمني واتفقنا على ان كتب الكتاب بكرة ان شاء الله جهزي حالك هو قال ان هو مخلص كل الاوراق اللي تخص كتب الكتاب والجواز ان شاء الله بعديها بشهرين كفاية تأجيل لحد اكده الجدع حمض جنبنا من كتر الانتظار .
شعرت رحمة بالخجل من سكون ولكنها خيبت ظنونها وابتسمت تلك السكون بوجه بشوش ونطقت بمحبة ودعاء بأن يتمم لها زواجها على خير وبركة :
_ اخيرا يا رحمة هفرح بيكي واشوفك عروسة ربنا يتمم لك على خير يا قمرة واشوفك سعيدة ومبسوطة دايما يا اجدع اخت في الدنيا كلها .
تنفست رحمة الصعداء وأحست بمدى سعادتها وهي ترى سكون تبارك لها بكل أريحية دون أي حزن على حالتهم ولكن هي سكون هكذا لها من الجمال والرقي مالا يليق بغيرها ثم شكرتها بامتنان :
_ حبيبة قلبي يا مرت اخوي منحرمش منك أبدا ولا من دعوتك الجميلة وطبعا فرحتي مش هتتم الا وانتِ واقفة جاري عشان نفرح سوا ،
ثم أكملت بحزن :
_ بس كان نفسي مكة توبقى موجودة معاي في كتب الكتاب هي كمان علشان فرحتي تكمل لكن ربنا يوفقها في حياتها مع جوزها وتوبقى تاجي في الليلة الكبيرة وخلاص .
هنا تحدثت زينب مرددة بنبرة سخرية مصاحبة للدعابة اعتادت عليها مع رحمة:
_ مبروك عليكِ الجواز يا بتي والله الجدع دي هيشيل هم تَقيل الله يعينَه عليه .
زمجرت رحمة بغضب مصطنع من سخرية والدتها ثم تحدثت باستنكار :
_ وه يا زينب مهينش عليكِ تباركي لي على كتب الكتاب زي اي ام وبتها لازم تنكدِ علي وتسمعيني كلام من بتاعك دي !
كانت زينب تمسك في يديها تلك الحمامة وتتناولها بنهم فهي تعشق ذاك الحمام بشدة وهي تردد بلا مبالاة :
_ مش لما تبوقي كيف البنات عشان اني ابقى كيف الامهات دي انتِ ما لكيش مثيل ولا وصف يابت بطني،
قاعده تحشِّي ولا على بالك وطول النهار اقول لك تعالي خشي المطبخ وياي اتعلمي لك حاجة تنفعك على الاقل الجدع دي يلاقي لقمة نضيفة ياكلها لما يتهف في عقله ويتجوزك ياعين امه بدل ما انتِ ولا تفقهي اي حاجة في المطبخ ،
وتابعت سخريتها باستفسار :
_ إلا قولي لي هتتجوزي كيف يا رحمة وانتِ مهتعرِفيش تقلي بيضة ؟
ضحك الجميع على مشاغبتهن لبعضهن ثم تحدث عمران من بين ضحكاته وهو يلوم والدته بنفس الدعابة :
_لا يا امي ما تُظلمهاش دي عليها كوباية شاي تعدل المزاج ولا اجدعها قهوجي ،
واسترسل دعابته وهو ينظر الى رحمة متسائلا اياها بمغزى :
_ مش صوح يا رحمة الحديت دي ولا ايه عاد ؟
فهمت ما يقصده عمران وهو يقصد التلقيح عليها بالكلام عن صنعها لذاك الشاي الذي فعلته له منذ اسبوعا بالملح بدل السكر من شدة تسرعها ثم رفعت رأسها بشموخ وهي تردد لهم :
_ ماهر ما يهموش حاجة واصل من الأكل والكلام الفاضي دي أهم حاجة أني بالنسبة له وكل شئ بعد اكده يتحل بسهولة والأكل مفيش اسهل من الحصول عليه دلوك ،
مطت شفتيها بامتعاض ثم هتفت وهي تشعر بالغيظ من ردود ابنتها :
_ والله يابت إنتي عليكي كيد فقع مرارتي ، ابقي أكليه وكل جاهز خليه يكره اليوم اللي اتجوَزك فيه من معدته اللي هتتقلب على يدك .
ضحكوا جميعا على كلمات زينب وحركات وجهها المغتاظة بالفعل ورحمة تأكل ولا تبالي بكلام والدتها وكأنها لم تقل شئ ،
انتهى الجميع من تناول الطعام وقامت رحمة وسكون بتنظيف مكانهم وعمل القهوة والشاي ثم جلست زينب مع عمران تسأله بقلق :
_ في حاجه اكده عايزة اكلَمك فيها يا ولدي بس مش عارفة ابدا من وين .
انتاب عمران شعورا بالقلق من بدء حديث والدته ثم ربت على ظهرها بحنو وهو يشجعها أن تتحدث فيما تريد دون اي قلق :
_ مالك يا حاجَّة احكي كل حاجة وقولي اللي نفسك فيه وانا كلي أذان صاغية .
نظرت حولها يميناً ويساراً وهي تتأكد من عدم وجود سكون بجانبهم فهي لا تريدها أن تسمع ذاك الكلام الذي ستستفسر عنه من ولدها كي لا تجرح شعورها فهي تعتبرها مثل بناتها ولا تريد أن تخلق بينهم شعورا بالقلق في المعاملة :
_ انت دلوك متجوز بقالك سنة وزيادة ولحد الآن مرتك محملتش !
ليه مبتطمنش على نفسك ولا عليها هو في حاجة يا ولدي وانت مخبيها علي وأني ما اعرِفهاش ؟
دق قلب عمران الان بخوف من القادم فوالدته نبشت في ذاك الموضوع الذي يحاول أن ينساه هو وسكون طيلة فترة علاجها ويخاف عليها من سماع استفسار والدته فتلقائيا نظر هو الآخر يميناً ويساراً كي يتأكد أنها ليست بجانبهم مراعاة لخاطرها فهو يخشى عليها حتى من نسمة الهواء الطائر أن تلفحها ببردها ثم أجابها:
_ اطمني يا امي اني وسكون كويسين وبخير مفيناش اي حاجة احنا عميلنا كل التحاليل والأشعة انتِ عارفة إن سكون دكتورة نسا والحاجات داي عارفاها كويس وكل حاجه بانت ان هو موضوع وقت وكله بإيد ربنا لكن اني وهي سالمين .
أحست زينب بوجود خطب ما من نظراته الزائغة وخوفه أن تسمع سكون ما يقوله
ثم سألتهم بتأكيد وهي تشعر بأنهم ليسوا بخير ابدا فقلب الأم دلَّها على ذلك :
_ اني ليه حاسة انك بتكدب علي يا عمران محدش في الدنيا داي هيخاف عليك قد يا ولدي ،
وبعدين هي لو بخير ما تاخد اي منشطات وهي مش هتغلب في الحاجات داي الا اذا كان في مشكلة ودي اللي أني واثقة منيه وخايف تتكلم أو تقول لي ، هواني مش امك يا ولدي ومن حقي اطمن عليك ومن حقي اشوف عوضك قبل ما امـ.ـوت ؟
انقبض قلبه من ذكر المـ.ـوت ثم قبَّل يديها وهو يردد بضيق :
_ ليه يا امي اكده تجيبي السيرة داي !
ربنا يطول في عمرك يا حبيبتي مش عايزك تقلقي خالص احنا بخير وقت ما يأذن ربنا هيبعت لنا رزقه .
أومأت له وهي تربت على وجنته وهي مازالت تضغط عليه أن يحكي :
_ لساتك بتكابر ياعمران ، ياولدي العمر بيجري بيك وانت مدريانش دي أني كنت مخلفاك واني بت ١٦ سنة وبوك كان عدي العشرين بسنة ، وانت دلوك سنك قرب على الأربعين مش كفاية غلبتني لحد ما اتجوَزت وضيعت سنين عمرك داي كلها ،
كمان مش عايز تفرحني بيك واشوف عوضك واشيله على يدي .
وأثناء اندماجهم في الحديث كانت سكون دالفة اليهم بالقهوة والشاي اليهما فسمعت حديث زينب وارتدت الى الخلف وكتمت شهقاتها وما حسبته منذ أن علمت بمرضها ذاك سمعته الآن بأذنها ولم تكن تتخيل أن صداه عليها سيكون بذلك الألم ،
ثم هدأت من حالها فما عليها الآن غير الصبر واحتساب أجرها عند الله وان تتحمل جميع ما تسمعه من ملامات في عيون الآخرين وفي كلامهم ،
ثم تحممت كي تدلف إليهم فهي لن تعود وتسألها رحمة لما لم تعطيهم المشروبات وتفتح على نفسها أبواب من التساؤلات لن تستطيع سدها،
استمعوا الى صوتها من الداخل فتلقائيا سكتوا عن الحديث في ذاك الموضوع اما هي دلفت اليهم بوجهها البشوش وابتسامتها التي رسمتها ببراعة على وجهها كي لا يلاحظ عمران شيئا وهي تعطي زينب الشاي وتعطي عمران القهوة المعتادة بعد تناول الغداء ،
رأى عمران لمعة الدمع في عينيها فهو يعرفها ويحفظها عن ظهر قلب وداخله بات يتألم لأجل استماعها لوالدته ،
ثم ارتشفت زينب من الشاي وربتت على ظهرها بحنو وهي تشكرها على صينعها :
_ تسلم يدك يا بتي احلى كوباية شاي بشربها من ايديكي الحلوين دول ربنا يراضيكي ويرضيكي يارب .
ابتسمت سكون لتلك الحنونة وأمنت على دعائها بنبرة صادقة :
_ آمين يارب العالمين ، حبيبتي يا امي تسلميلي يارب .
ثم جلسوا يتناولون اطراف الحديث وسكون تحاول ان تتحدث معهم بأريحية كي لا يشك عمران في أمرها ومضى الوقت بينهم ثم صعدت سكون الى شقتها ويليها عمران وما إن دلفا كلتاهما واغلق عمران الباب وراءه حتى جذبها بعنوة حتى ارتطمت بعظام صدره الصلبة وردد بقلق وهو يخلع عنها حجابها :
_ مالك يا سكون شكلك متغير وفي حاجة مضايقاكي ؟
ابتلعت غصتها بمرارة مثل مرارة الصبار وتركت لسانها يتفوه بنفي :
_ مفيش حاجه اني زينة الحمد لله .
دفن يده بين رقبتها وهو يدلكها برفق قائلا :
_ هتخبي على عمران وجعك ياسكون أني بعرِفك من النظرة ، بعرِفك من النفس ، حافظك وعارفك اكتر ما انتِ ما عارفة نفسك .
لم تستطيع تخبئة مشاعر الحزن بداخلها أمامه فهو يكشفها دائما ، وتلقائيا هبطت دموع عينيها مما احزنه بشدة وجعله يرفع يده الى وجهها ويجفف عبراتها بأنامله بحنو بالغ :
_ اكيد سمعتي سؤال الحاجة زينب وكلامها وده اللي مخليكي متضايقك ده وهتبكي ،
واسترسل وهو يمرر يداه على وجنتها كي يشعرها بالأمان :
_ بس دي كلام عادي بتقوله كل ام لابنها وأني معرفتهاش حاجة عن اللي بيناتنا وقلت لها ان احنا الاتنين كويسين والموضوع وقت وهي داي الحقيقة يا سكون مكدبتش فيها ،
ارجوكي بلاش بكا بقي .
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة مما تشعر به من حزن بالغ على حالهما وتصب سبب ذاك الحزن عليها وحدها ، ثم تفوهت بما تراه صحيحا من وجهة نظرها ولكن أغضبه :
_ كنت عارفة ان دي هيوحصل في يوم من الأيام وهو دي سبب للي عملته قبل سابق ولسه لما الأيام تمر وتوبقى سنين محدش هيتحمَل ، أني دلوك بطلب منك تشوف مستقبلك بَعيد عني علشان مينفعش تفضل راهن حياتك معاي وأني لساتي بتعالج ومستنية أمر الله .
ما أن أنهت كلماتها التي أنهكت قواها فالتقطت أنفاسها بصعوبة، حتى ضـ.ـربها بقبضة يده بخفة على كتفها وهو يرمقها بغـ.ـضب :
_ ايه الكلام اللي ملِهش معنى اللي هتقوليه دي ! لا أني هنفع اكون مع غيرك ولا انتِ عمر راجل غيري هيلمح طيفك يا سكون ،
واذا كان على الولاد قلت لك قبل سابق ان ما كانوش منك ما عايزهمش من غيرك واني صابر وملكيش دعوة بأمي واللي حوالينا أهم حاجه انتِ وبس ،
واسترسل باعتراض صارم :
_ ومن اليوم ورايح ما عدتيش تُنطقي الكلام دي من لسانك ابدا ،
وتابع حديثه وهو يهدأ من نبرته الصارمة وبدلها بأخرى عاشقة ودودة :
_ أني عاشقك ياسكون والعشق دي مكبل في قلبي بقيود غرام عيونك ، مش عشق صورة ولا جسد له ، داي عشق الروح لروحها اللي متستغناش عنيها ، عشق الليل للقمر اللي لازمن وحتماً الليل يحضن قمره كل ليلة ، عشق النهار لشمسه اللي لازمن تطلع تنور الكون وتزيده دفا ،
وأكمل وهو يرفع وجهها إليه حتى تسكن عيناها عيناه :
_ سكوني .. هو ينفع الليل ياجي أعتم من غير قمره والنهار يطلع من غير شمسه اللي تنوره ؟
استطاع بقربه المهلك تخدير أعصابها وبكلامه البلسم تهدئة روحها الثائرة ، كانت ولا تزال بقربه تشعر بأنها بين يداي الأمان ، تشعر بأنها تمتلك راحة الكون بأكمله لااا بل تشعر باكتمالها في كل شئ وأنها لن ينقصها شئ أبدا ،
كانت بين يداه أنثى مدللة تعتبره أبيها الذي تيمت من أبوته وهي صغيرة ، تشعر بأنه ابنها الذي حرمت من بنوته وهي تنتظر فرج الله عليها ، وأخيراً بأنه أعظم زوج رزقها الله به ويبدو أن دعوة كثيرين شملتها مع عناية الله ،
ثم نطق فاهها المرتعش من قربه المهلك لحصونها :
_ والله ياعمران كان دعوة حلوة جازت لي علشان اكده ربنا رزقني بيك ،
انت بالنسبة لي ابويا اللي اتحرمت منيه وأني لساتي عيلة صغيرة ، وابني اللي بعافر دلوك علشان يوبقى منك ، انت كل حاجة حلوة في حياة سكون ياعمران ، لااااا انت الحلو والحلا اللي في الدنيا بحالها ، معرفاش اعبر لك عن حبي ليك كيف ولا إزاي ؟ كلام الدنيا بحالها ميكفكش أبدا.
خفق قلبه بين ضلوعه من همسها الذي يأخذه لعالم الحالمية الذي يعشقه معها ، ثارت جوارحه عليه من نبرتها الرقيقة المتيمة به ، أصبح جسده مشـ.ـتعلاً يريد سحقها بين أحضانه ، فهي مازالت نبض قلبه العاشق ، فمنذ أن وقعت بين يديه لأول مرة تشبس بها وكأن كنوز الدنيا وما فيها أصبحت بين يديه الآن ،
ظل ينظر لعينيها ويضغط على يديها بعمق بين يداه فقد دخل الآن دوامة عشق السكون والاحتياج لقربها وكأنها جرعة إدمان يريد أن يتجرعها الآن كي تهدأ ثورة جـ.ـسده المشتـ.ـعل في قربها ،
ماذا بكِ ياامرأة ! فأنتِ لعمران بملايين النساء كُلهمِ !
لقد أسرتِ قلبه ومددتِ أسوار حـ.ـبس أنفاسه بين قبضتاي أبواب قلبِك وأغلقتِ عليه بأقفال هواكِ ،
فعمران يهواكِ وروحه فداكِ وبعمره لن ينساكِ ويشتاق دوماً أن يراكِ
#خاطرة_عمران_المهدي
#بقلمي_فاطيما_يوسف
#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي
ثم التقط شفاه بين شفاها في قبلة عاشق متيم خائف من الابتعاد ، خائف من هروبها ، وما عليها سوى أنها انـ.ـصهرت بين يداه فهي إمرأة عاشقة بل تتنفس بعشق العمران وكأنها تمتلك خياشيم كالأسماك وعمران هو بحر النجاة لأنفاسها فإذا مابتعد عنها انقـ.ـطعت أنفاسها عن الحياة وهي تهمس له من بين قبلاتها مما جعله يثور ورغبته بها أججت بكامل جسـ.ـده وكاد أن يسحقها بين يديه :
_ طعم الحب والقرب معاك جميييل قووي ياعمراني .
غمز لها بشقاوته المعتادة عليها معه وهي بين يديه وهو يترك شفاها كي يجعلها تتنفس من اقترابه الهائم بها وهو يسند جبهته بجبهتها :
_ وبتتدلعي كمان على عمران ، دي انتِ ادعي ربك تطلعي سليمة من تحت يده ويوبقى جنت على حالها سكون .
ضحكت بإغراء أثاره من كلماته ثم سحبها من يدها إلى غرفتهم وهو يردد بنفس دعابته لها :
_ كمان ضحكة مايعة ، تعالى بقى يابطل استعنا على الشقى بالله .
فمن السهل أن تطرد جيشاً استعمر وطنك، ولكن من الصعب أن تطرد حبّاً استعمر قلبك. فمهما ظننت قلبك قوياً لا يهزّه الغياب، فتجده مثل الورق يرتجف في الابتعاد ،
لقد عرفنا مع ذاك العاشقان الحبّ وأسراره وكتبنا أجمل أشعاره، وغنينا على أوتاره، وذبنا بالغرام على ألحانه ،
فإذا كان الورد جذّاباً فهي من الورد أحلى، وإذا كان الورد عالي فمكانها في القلب غالي ، لقد أصبحَ حُبها مثل الدمـ.ـاء الحمراء يسير في جسده بكلّ هدوء، ويعانق ويلامس كل ما هو في طريقه ويجعله ينبض بالحياة ،
ستشهد علينا نجوم السماء الصافية وطيور العشق التي تلتف حولنا بأنّني لن ولم أحب سواكِ سكون ،أحبّك بكلّ ما تحمله هذه الكلمة من معنى، أحبّك بكلّ إحساس يتلهف لرؤيتك، أحبك بكل شوق لسماع صوتك ،
أحبّك بكلّ ما فيها من نغمات موسيقية، أحبّك بكلّ ما تخبئها هذه الكلمة من عناء، أقولها لك وحدك ولا أريد سماعها من أحد غيرك، فمهما قيلت لم أشعر بها مثلما أحسست بها معك، فأنت الحب والإحساس يا من علّمتيني كيف الإحساس يكون، إنّ نبضات قلبي لم تنبض إلا بحبك ولم أسمع دقات قلبي إلا وأنا معك، فبعد كلّ هذا يسألونني لماذا أحبّك كل هذا الحب ؟ ليتهم يعرفون الآن ويسمعون دقات قلبي وهي تنادي عليكِ وتشعر بها وتعرف كم أنا أحبك وأشتاق لكِ .
****”””****”””*******
جاء اليوم المنتظر أخيراً لااا بل الدقيقة التي حلم بها وتمناها ماهر الريان منذ أشهر كثيرة ،
أن تصبح رحمته ملك يمينه وعلى اسمه ،
كان يردد كلمات عقده عليها وراء المأذون بقلب ينبض عشقاً ووحشة للمسة يدها فقط فماذا عن أحضانها فحقا ستكن لحظات رائعة أغرم بها كثيراً ذاك الماهر بالتحديد مع تلك الصغيرة التي يسميها دوماً بصغيرتي على الحب ،
طلب منه المأذون أن يردد تلك الكلمات الأخيرة فرددها ببسمة رجولية تزين وجهه وأبيها هو الآخر ردد تلك الكلمات بفرحة لابنته الصغيرة ومدللته ،
انتهت مراسم كتب الكتاب وتناوبوا على ماهر بالمباركات في أعظم لحظة تجسد فيها صور السعادة ، بعد مرور أكثر من ساعة الجميع يلتفون حول رحمة ويهنئوها بسعادة فقد كانت عروسا جميلة كالأميرات في فستانها الأبيض المحتشم ذو الأكمام الطويلة المفتوحة من رسغها وتهبط باتساع الي الأسفل ويزينها بعض حبوب اللؤلؤ الفضي وأيضا تلتف حبات اللؤلؤ تلك علي رقبتها بدائرة جعلتها كالملكة الفرعونية ضيق من على خصرها ويهبط بتساوي حتي لامس مشط قدميها ويزين رأسها حجابا باللون الأبيض وعلى رأسها تاجا بسيطا مزين بنفس حبات اللؤلؤ فحقا كانت بطلتها تلك تشبه الحور العين من بساطة لباسها ومن احتشامه وكما يزين وجهها ببعض لمسات التجميل البسيطة للغاية ولكنها أعطتها جمالاً أخاذا يسحر عيون من يراها فالبطبع تشبه باربي في مظهرها الآخاذ ذاك ،
كانت تقف تتمايل على انغام الموسيقى مع سكون بسعادة حقيقية فقد نالت قلب الماهر قولاً وفعلاً ووثق عقد عقد زواجهما أخيراً بعدما نالت من الويلات كثيراً معه حتى استحوذت بذكائها وعشقها على كامل قلبه وعقله بل وجميع حواسه ،
أما هو أخذه عمران لعندها كي يبارك لها فهو أصبح زوجها الآن ،
دلف إليها ووقف على أعتاب الغرفة ينظر إلى سعادتها البادية على معالم وجهها بقلب يخفق عشقاً ،
أما سكون اقتربت من رحمة وهمست في أذنها بدعابة :
_ متتمايلش قووي يارحوم عريسك واقف فأنا بنصحك من دلوك متبينيش إنك هتعرفي ترقصي هيمسكها عليكي ومش هيرحمك بعد اكده .
تمسكت رحمة بيد مرتعشة بيداي سكون ولم تلتفت له من شدة خجلها فلم تكن تتوقع أنها ستكون بتلك الدرجة من الخجل ،
أما هو انفض الجميع من حولهم كي يتركوا لهم مساحة من الحرية عدا عمران وسكون وحبيبة ،
أما ذاك العاشق اقترب منها ومازالت تعطيه ظهرها وهي خجلة ، تقدم منها وذهب ناحية وجهها ولكنها أدارت وجهها بمشاغبة للناحية الأخرى ،
ولكنه ماهر بحق فاصطنع التعب وهو يقف مكانه متأوها :
_ آااااه ايه دي ؟
تلقائيا التفتت كي ترى لم يتأوه فقد أرعبها عليه في تلك اللحظة لتقول له بنظرة يملؤها القلق :
_ ايه مالك حوصل إيه …
وكادت أن تكمل إلا أنه جذبها لأحضانه بقوة ثم رفعها ارضا وهو يدور بها في المكان فكانت بين يداه بحجم صغير كالأب وابنته وحقا كانا رائعين وجمالهم فاق الحدود ثم أنزلها أرضاً واحتضن وجنتاها وقبلها من رأسها وتحدث بعشق ظهر بينا ويراه الجميع ولم يخفيه عليهم ولم يخجل أيضا :
_ أاااه منك يا رحمتي هتجننيني معاكي بشقاوتك دي ياصغنن .
ابتسمت له أيضا بعيناي عاشقة ولم تخجل من الواقفين أيضاً وهتفت بمشاغبة تداري بها خجلها وهي تعبث برابطة عنقه :
_ وماله لما تتحمل شقاوة الصغنن هو في احلي من الشقاوة بتخلي العلاقة متجددة والدنيا تحلو قوووي ياموري .
رفع حاجبيه باستنكار لما قالته وهتف بدهشة:
_ موري ! مورى مين دي ياهانم ؟
بنفس مشاغبتها وعبثها في رابطة عنقه أردفت وهي تمط شفاها بدلال:
_ هيكون مين يعني غيرك هدلعه ياموري .
ضحك الجميع على مشاغبتها حتى ضحك هو الآخر ثم ردد من بين ضحكاته :
_ روحي يارحمة منك له ضيعتي سحر اللحظة بشقاوتك دي .
ظلت مشاغبتهم لبعضهم هكذا حتى قالت سكون لعمران :
_ طب مش يالا نسيب العريس لعروسته ولا ايه يا أخينا انت .
ضيق نظرة عينيه وهتف برفض :
_ ونسيبهم ليه لوحدهم مع إحنا قاعدين معاهم اهه بنضحك ونهزر ، وبعدين ده مختشاش مني وحضنها وباسها من رأسها وأني واقف أمال لما اسيبهم وأخرج هيعمل إيه المكار دي ؟
واسترسل حديثه وهو على تصميمه بالرفض :
_ دي ياكل رحمة من غير ما يسمي عليها مشيفاش بيبص لها إزاي ومش مختشي مني وأني واقف جاره ولولا الذوق كنت ضـ.ـربته بوكس فقعت له عينيه المكشوفة داي .
ضحكت سكون بصوت عالٍ بعض الشئ مما استدعى أنظار الموجودين بدهشة ومما استدعى غضب ذاك العمران الجالس بجانبها من صوت ضحكاتها فسحبها عمران من بينهم ودخل بها غرفة جانبية وأغلق الباب خلفه ثم هدر بها :
_ انتِ ازاي تضحكي بمياعة اكده قدام رجالة غريبة ؟
لاحظت غضبه الشديد من ضحكتها الغير مقصودة ثم تحدثت بدلال وهي تمرر يدها على وجنته بحركة أثارته :
_ غصب عني ياموري حقك علي .
نزع يدها برفق من على وجنته فهي تثيره بحركتها العفوية تلك ثم ردد باستنكار لذاك الاسم هو الأخر:
_ موري ايه دي انتِ كمان ، دي دلع للعيال التوتو وميلقش بعمران أبدا .
تقدمت خطوة منه ثم ارتمت داخل أحضانه الحانية وتحدثت وهي تتمسح به باعتذار عن ضحكتها :
_ طب خلاص متزعلش ياعمراني مهضحكش في وجود حد تاني بس متكشرش اكده.
ضمها أكثر تلك العاشقة وقربها لصدره وتحدث بنبرة صادقة :
_ بحبك وبغير عليكِ قوووي ياسكون فبالله عليكي تخلي بالك من انك تعملي أي تصرف يستدعي غيرتي داي علشان هقلب على الوش التاني اللي مش حابب تشوفيه أبدا .
أما في غرفة ماهر ورحمة ذاك العروسين الملقبون بالشراسة والتمرد من كليهما على الآخر ، فور أن تركتهم حبيبة وحدهم أغلق الباب بهدوء ثم عاد إليها وهو ينظر إليها تلك النظرات التي جعلتها انصـ.ـهرت وجسـ.ـدها بدأ يشعر بسخونته من اقترابه ،
جذبها بحنو من يدها ولكنها تحاول افلات يدها من يديه ولكن لم تستطيع فهو متمسك بها بشدة ثم داعب أنفها بأصابعه وهتف مشاغبا إياها :
_ ايه مالك سحتي على روحك اكده ليه ؟
عارفة عاملة زي إيه رحمتي؟
وأكمل وهو مازال مشاغبا إياها ويغمز لها بدعابة :
_ عاملة زي النوتيلا لما يخرجوها برة التلاجة بتوبقى سايحة اكده وعايزة تتاكل من جمالها ،
وتابع وهو يرفع يديها يقبل باطنها بوله :
_ أهو إنتي بقي عايزة دلوك تتاكلي زي النوتيلا اكده .
ثم اقترب من وجهها وقبلها من عينيها التي أغمضتهم تلقائياً وهو يردد :
_ كنت اسمعهم بيقولوا قبلة العين رغبة ودلوك اتأكدت انها اكده فعلا.
يفعل كل هذا بها وهي مستسلمة تماما ولكن مغمضة العينين لاتقوى على فتحهما فقد أخجلها بعـ.ـاصفة اقترابه وبكلامه الذي جعل جسـ.ـدها يثور داخلها كالحـ.ـمم البـ.ـركانية ،
أما هو ردد بعد أن قبل عينيها طالبا منها برغبة :
_ رحمتي ..
ابتلعت ريقها بصعوبة وحمحمت بتوتر :
_ امممم
أمسكها من ذقنها مجبراً إياها النظر في عينيه:
_ فتحي عيونك عايز أشوف نظرتك اللي تجنن وانتِ دايبة بين ايديا اكده .
لم تستطيع فتحهما وحركت رأسها رافضة طلبه وهي تشعر بأن قدميها لم تستطيع حملها أمامه ، ثم فعل مالم تتصوره كي يجبرها على أن تفتح عينيها ،
بدأ بفك سحابة فستانها من الخلف بحركة ساحرة باغتها بها مما جعلها انخلعت من حركته تلك وبقوة جذبت يدها من يداه وابتعدت عن أحضانه وهي تتحدث بأنفاس لاهثة :
_ انت ايه اللي عميلته دي ياماهر انت اتجنيت ؟
لم يعير غضبها أدنى اهتماما ولم يعجبه حركتها في الابتعاد عنه ثم حاول جذبها من يدها مرة أخرى ولكنها دارت حول الكراسي الموجودة بالغرفة كي لايستطيع الإمساك بها وهو يهتف لها :
_ وبعدين بقى معاكي يارحمة متحسسنيش انك لسه عيلة صغيرة على الحركات دي وتجريني وراكي في الأوضة ،
وأكمل بمشاغبة وهو مازال يلاحقها :
_ هو أني عميلت ايه يعني تقريباً أني جوزك دلوك وعادي لما أكشف عن المستخبي علشان أديكي خبرة لما هو قادم .
اتسعت مقلتيها بذهول من طريقته الوقحة في غزلها ثم شهقت باندهاش:
_ ايييييه الكلام دي ، انت وقح على فكرة واياك تاجي ناحيتي ولا تعمل حركاتك الوقحة دي ياماهر .
ثم استغلت تيهته وجرت ناحية الباب كي تخرج ولكنها جذبها بسرعة إلى أحضانه ثم تحرك كتف الفستان وظهر كتفها ذو اللون الأبيض اللامع مما جعله ينظر إليه وهو يبتلع أنفاسه بصعوبة من هيئتها المهلكة ، رأت اتجاه نظرة عيناه فعلى الفور رفعت أكتاف الفستان وعدلته ثم لكزته في كتفه وهي تهدر به :
_ أه ياسافل …
كادت أن تكمل إلا أنه كتم أنفاسها بيداه وهو يهتف بتحذير :
_ اياكي تكملي انتِ حرة يارحمة ، واتلمي بقي علشان يومك ده يعدي ، وبعدين إحنا بالطريقة دي هنلعب مصارعة تيران مش هنتجوز .
تمتمت بهمس بعدما جذبها مرة أخرى إلى أحضانه ثم بدأ برفع سحابة فستانها برفق ويداه تتعمد لمس بشرتها حتى يجعلها تتوه بين يداه فذاك الماهر رجل مخضرم في العشق ويعرف كيف تعامل المرأة ، يعرف كيف يجعلها ذائبة بين يديه ، يعرف كيف يبارز شراستها بقوانين عشقه الدسم لها ، ملم بجميع جدران تمردها ويستطيع هددها بمهارة وبناء جدران لقلبه داخلها بأساس يجعلها تطالب بالمزيد من عشقه لها :
_ ماهر … كفاياك عاد مش متحملة حركاتك داي .
كان مستمر في سحابة غلق سحابتها ببطئ فهو صياد ماهر يعرف كيف يلقي شباكه ويتعامل مع شبكته باحتراف ثم همس بصوت أجش خشن وهو مازال قابضا إياها بين يداه بقوة :
_ طب بذمتك هو ماهر لسه عمل حركات علشان متتحمليش ! دي إنتِ طلعتِ توتو خالص طلعتي ريش على مفيش يارحمتي.
مهما قال وحاول إخراج شراستها الآن فلن يستطيع فقد شعرت بأنها تائهة في حـ.ـرب الماهر ومعـ.ـركة عشقه التي شنها عليها ،
لاحظ تيهتها بين همساته ولمساته وأنها هامت بين يداه فاستغل تيهتها تلك بعدما أنهى إغلاق سحابة فستانها فرفع حجابها قليلاً وقبلها من رقبتها بوله عاشق محروم ،
حاولت إبعاده ولكنه مازال متشبسا باقترابها ويود المزيد ولن تستطيع مجابهته فهي بجانبه مسكينة لاتستطيع صد هجـ.ـماته ،
أما هو مازال يريد المزيد ولن يستطيع السيطرة على حاله في اقترابه ثم استطاعت اخيرا أبعاده عنها وهي تردد :
_ مش كفاياك اكده ولا ايه عاد هتوصل لفين تاني ؟
أسند جبهته بجبهتها ويداه ممسكة بها من رقبتها بإحكام وهو يهمس لها بصوت مبحوح من عاطفة اقترابها الجياشة:
_ ماهو أني اتحايلت عليكِ نخليه جواز وانتِ اللي أصريتي يارحمة يوبقى تتحملي .
ابتلعت ريقها بصعوبة وبررت بتوتر:
_ امممم .. ماهو اني لسه مش جاهزة ولا المكان اللي هنتجوز فيه جهز مينفعش الجواز خبط لزق اكده لساتي ناقصني حاجات كتير مجبتهاش .
باغتها بقبلة من وجنتها وهو مازال مشاغبا إياها:
_ طب ايه مش هتشيلي الطرحة داي علشان نكتشف مراحل اكتمال القمر ويوبقى بدر .
تلقائيا وضعت يدها على رأسها وهي تحركها برفض :
_ له اوعاك تعملها ،
وأكملت كي تجعله يخاف من فكاك حجابها:
_ هتنصدم من اللي هتشوفه ، هتلاقي شعر اكرت مجعد من الدرجة الأولى وحاجة اكده لا تسر عدو ولا حبيب .
ضيق نظرة عينيه ثم رمقها بنبرة خبيثة :
_ أو يعني شعرك اللي غنى له عبدالحليم حافظ وقال له والشعر الغجري المجنون يسافر في كل الدنيا ،
وتابع بنفس نظرته الوقحة لها :
_ دي باين اكده امي داعيالي يارحمتي وهتطلعي مبهرة في كله .
اتسعت مقلتيها من ردوده الجاهزة دوماً ثم سألته :
_ هو انت علطول ردودك جاهزة عاد عقلك يترجم ولسانك يُنطق في نفس اللحظة .
ابتسم بهدوء وأمسك كفها وطبع بداخله قبلة لثوان ثم نظر إليها وقال بنفس مشاغبته :
_ مبقاش ماهر الريان دي انتِ بتكلمي خط المحاكم يعني سرعة البديهة والفهم السريع .
وظل على حالهما ذاك يشاغبها وهي مرة تخجل ومرة تبتسم ومرة تتجاوب معه فحقا ذابت بين يداي ذاك الخبير العاشق وهي لاحول لها ولا قوة بين أفعاله .
“*”*”******”*********
تتلاحق الثواني ثم الدقائق لتصـ.ـرخ عقارب الساعات أن الوقت يمضي والأيام مسرعة فهل أعددت نفسك للحظة النهاية؟ ينبغي أن يخيفك مرور الأيام رتيبة، متشابهة، فاترة، لا يحركها عمل ولا تجددها توبة ولا تحييها محاسبة. ستمر الأيام لا محالة، لكن عليك أن تستغلها جيدًا قبل أن تمر ،
في منزل ماجدة تجلس هي وابنتها مها في احضان بعضهن فحضن امها هو أكثر الأماكن الضيقة اتساعاً ، فحضن الأم هو الأمان والحنان والطمأنينة، وهو أكثر الأماكن اتساعًا، ما إن يضع الابن رأسه في حضن أمه حتى يستشعر لذة الحياة كلّها، ويرى هموم الدنيا قد تبخرت وأصبحت هباءً، فالأم في حضنها الحياة كلّها ،ولهذا فإنّ مجرّد رؤية الأمهات يُدخل السرور إلى القلب والروح، وتبتهج الدنيا بأكملها لأنّ في وجوه الأمهات دواءٌ لكلّ علة وبالتحديد مها مها كانت احضان والدتها أحضان النجاة ، أحضان الشعور بالراحة والاسترخاء لقلبها المتعب ،
كانت ماجدة تشدد من احتضانها وهي تردد لها :
_ فات يجي اكتر من سنة على روحة الغاليين ولساتك يابتي الحزن مخيم قلبك ومفارقكيش ، طفى ملامحك الجميلة وبقيتي مش انتِ .
شددت مها من احتضان والدتها وتحدثت بقلب يفيض وجـ.ـعا :
_ كان روحي وأغلى من روحي يا أمي ، اتـ.ـخطفوا من حضني وسابوني عايشة من غير روح ،
كل لما امسك هدومهم وأشم ريحتهم فيها بتجنن بيبقى هاين علي اروح القبر بتاعهم افتحه وأكفن نفسي وأنام جارهم وأحطهم على قلبي وأمـ.ـوت معاهم ،
وأكملت وهي تنتحب بشدة من وجعها الذي لم ينتهي بعد:
_ بس أني جبانة يا امي ، خوافة ، مش هاين علي اعمل في روحي اكده علشان اني ضعيفة ومازالت نفسي اهم عندي من ضنايا اللي مـ.ـاتوا بسبب اهمالي فيهم .
أخرجتها ماجدة من أحضانها وهي تحتضن وجنتيها بشدة وتهزها بعـ.ـنف وهي تنهرها :
_ وه انتِ حاسبة حالك اكده ضعيفة علشان مش عايزة تموتي نفسك يابتي !
فوقي يابتي ولادك فوق عند اللي خالقهم في الجنة ونعيمها متهنين هنا عمرهم ما كانش هيعيشوا منه هفوة في الدنيا وناسها الغدارة .
نظرت بعيونها المغشية بالدموع إلى والدتها ورددت بقلة حيلة:
_ طب كان ربنا يسيبهم لي أفرح بيهم ومعاهم شوية كمان ، كان يطول في عمرهم شوية كمان ملحقتش أشبع منهم .
نهرتها والدتها ولكن دون عنـ.ـف :
_ وه هتقنطي يابتي وتعترضي على أمر الله !
هو الإنسان مننا عارف عمره كد ايه ؟
الإنسان مننا ميعرِفش اللي هيوحصل له كمان دقيقة واحدة ، استغفري ربك ربنا اداكي أمانة وحب يسترد أمانته وربنا الحق والأحق بعباده يقدر لهم عمرهم كيف مايريد واحنا علينا مانقول غير اللهم لك الحمد.
هزت رأسها للامام وهي مقتنعة بكلام والدتها ولكن لاتستطيع السيطرة عن ذاك الشعور بالتقصير وأنها السبب في انـ.ـهاء حياتهم بسبب تركهم لها ثم هتفت بقلب متعب وجار الزمان عليه :
_ غصب عني ياناس ، غصب عني مش قادرة أنساهم ولا أشيلهم من بالي وقلبي .
وضعت كف يداها علي كف يدها الموضوعة فوق فخذها ثم ربتت عليها بحنو وأردفت قائلة :
_ كل لما تفتكريهم متدمعيش يابتي لاااا ابتسمي إنهم بين ايدين اللي أحن عليهم مني ومنك بيتهنوا ، ابتسمي إنهم هياخدوا بيدك للجنة .
_ الجنة ! كلمة نطقتها رحمة بنبرة ذهولية وهي تستبعد أن تكون من سكانها وعقبت والدتها على ذهولها:
_ آه الجنة يامها يابتي ، هيجوا يوم القيامة ويسحبوكي معاهم وهما بيبتسموا وهيحضنوكي وهيشفعوا لك عند ربنا ، ما انتِ كمان يابتي مكنتيش أي أم والسلام ، كنتِ شمعة بتحـ.ـترق كل يوم علشان قايدة صوابعك العشرة ليهم ، كنتِ ام عظيمة ربت ولدين كيف الملايكة علشان اكده ربنا اصطفاهم وأخدهم عنديه اللي زييهم لازم يبقوا عرايس الجنة من أدبهم وهما لسه صغار .
ابتسم سنها لأول مرة وهي تتخيل زين وزيدان بملابس بيضاء ووجوهم منيرة في الجنة ويتنعمون بها ، ويشربون من عسلها المصفى ومن لبنها الذي لم يتغير طعمه ومن خمرها الذي هو لذة للشاربين وغير ذلك فالجنة فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، كل تلك التخيلات جعلتها أخيراً ابتسمت وجبر نبض وجعها أخيراً فأبنائها الآن مكرمون منعمون بين أيادي الله رأت والدتها ابتسامتها تلك فخفق قلبها بسعادة لابنة قلبها وعمرها أخيراً ابتسمت ورأت وجهها المستنير بالسعادة وأدمعت عيناها في تلك اللحظة وجذبتها في أحضانها ثانية وهي تشدد عليه لتقول بدعاء :
_ أيوة اكده اضحكي يابتي خلي الدنيا تنور وخلي قلبك يزرع حب للدنيا من جديد ،
ثم أخرجتها من أحضانها وهي تعرض عليها :
_ شوفي يابتي عايزاكي تهتمي بحالك كيف زمان ، عايزة أشوفك شمعة منورة ضيها يزغلل العين ، عايزاكي تخرجي من حبستك داي ودوامة الاختـ.ـناق اللي لفاها حوالين رقبتك ،
وأكملت وهي تتذكر ماقاله عمران لها :
_ ايه رأيك كمان تخرجي من الحبسـ.ـة داي وتشتغلي .
خرجت من أحضانها ودققت بالنظر داخل عيناها بترقب شديد لباقي كلماتها ونطقت باستفسار :
_ أشتغل ! أشتغل ايه ياماما ؟
وضعت كفاي يداها الحنونتان وحاوطت بهما وجنتاي تلك الرائعة وأجابتها بحب صادق ظهر بينا داخل عيناها وهي تسرد عليها ماقاله عمران :
_ شوفي عمران جوز أختك بيقول إن ابن عمه محامي محترم قووي وميتخيرش عنيه في الاخلاق وعنديه مكتب ومحتاج سكرتيره تقابل العملا عنديه وتكون بردو محترمة وبت ناس وقال لي إني أعرض عليكي الموضوع دي من أسبوع اكده بس أني كل لما أشوفك ألقاكي مطفية اكده وخايفة أكلمك ،
أهو تخرجي للدنيا اللي عمرك ماخرجتيها من وانتِ بنتة وتشوفي ناس جديدة وتغيري من نفسيتك اكده زي خواتك البنات .
أخذت نفسا عميقا ثم زفرته بهدوء وتابعت باستفسار لما عرضته عليه والدتها :
_ أشتغل سكرتيرة كيف وأني عمري ماشتغلت ولا أعرف حاجة عن الشغل ولا أعرف الروتين بتاعه .
شجعتها والدتها :
_ الإنسان بيتعلم كل حاجة وبعدين انتِ معاكي معهد فنى تجاري والشغلانة داي مش متعبة ولا محتاجة لف ودوران وكمان البنت اللي هناك هتدربك على الشغل قبل ما تمشي .
سألتها مها :
_ طب والبنت هتمشي وتسيب الشغل ليه ؟
أجابتها :
_ هتتجوز ياحبيبتي تقريباً عمران قال لي اكده في وسط الكلام .
ضيقت نظرة عينيها ثم رمقتها بنبرة مترددة :
_ طب هفكر اكده يا أمي وأحسبها مع نفسي الموضوع جديد علي وعمري ما فكرت أخرج أشتغل قبل اكده .
شجعتها والدتها بنبرة شغوفة :
_ تفكري في ايه عاد !
داي فرصة متتعوضش ومهتلاقيش زييها تاني هتشتغلي عند حد نعرفه ولد ناس محترم وهتخرجي كل يوم الصبح وتشوفي ناس جديدة ويومك كله هيبقى ما بين الشغل والبيت فمش هتلحقي ان انتِ تفكِري في اللي حوصل لك ، دي افضل حل ليك يا بتي .
لمعت عينيها بشغف من كلام والدتها وتشجيعها لها ثم رددت بتردد :
_ أممم .. يعني انتِ شايفة اكده ياماما ؟
_ اييييه ، أمال إيه عاد ! … جملة تأكيدية نطقتها ماجدة بتشجيع وأكملت وهي تشدها من يدها :
_ يالا قومي نخرج نشتري لك كام طقم اكده علشان تروحي شغلك بهدوم جديدة تليق بيكي ياصبية .
_ اقعدي بس يا امي هو أني لسة قررت عاد هروح ولا له ؟
_ له هتروحي ويالا قومي معاي مهفوتكيش إلا واحنا جايبين كذا طقم وكذا شنطة وجزم وطرح ونضارات وحاجات زينة اكده تلبسيها وتتزيني بيها وانتِ رايحة الشغل .
مطت شفتيها باعتراض وقالت:
_ يا امي أني عندي هدوم كتيرة ونضارات ماركات وشنط وجزم ملهاش عدد همشي حالي بيهم .
تحدثت ماجدة باعتراض صارم :
_ ولو عنديكي ايه بالذي لازم تجيبي لك كام طقم جديد تروحي بيهم الشغل الجديد .
وظلت تشدها من يدها و بالفعل ارتدت كليهما ملابس الخروج وخرجتا إلي المحلات وبدأن في التسوق في جو مملوء بالسعادة التي تسللت أخيراً إلى قلب مها بعد عمر بأكمله ،
وهاتفت ماجدة عمران وأبلغته بموافقة مها على العمل عند جاسر ابن عمه وما كان منه إلا أنه أبلغ جاسر وأعطاه رقم الهاتف الخاص بها وفهمه بظروف مها بأكملها وحزن بشدة لأجلها وفهمه مدي رقتها وأهميتها بالنسبة له وحذره أن يحزنها أو يعتلي صوته عليها يوما ما ولكن وعده جاسر أن يعاملها برفق وبعد أن أنهى المكالمة معه دون هاتفها معه ،
وذهب إلى الواتساب كي يحادثها ولكن اتسعت حدقتاه وهو يرى صورتها الموضوعة على حالتها ولسان حاله يردد بذهول من جمالها في الصورة :
_ أوبا ايه الجمدان دي هي معقولة داي اللي اتجوزت وخلفت اتنين وعيالها مـ.ـاتوا داي كتلة أنوثة متفـ.ـجرة قدامي في الصورة .
وظلت تشدها من يدها و بالفعل ارتدت كليهما ملابس الخروج وخرجتا إلي المحلات وبدأن في التسوق في جو مملوء بالسعادة التي تسللت أخيراً إلى قلب مها بعد عمر بأكمله ،
وهاتفت ماجدة عمران وأبلغته بموافقة مها على العمل عند جاسر ابن عمه وما كان منه إلا أنه أبلغ جاسر وأعطاه رقم الهاتف الخاص بها وفهمه بظروف مها بأكملها وحزن بشدة لأجلها وفهمه مدي رقتها وأهميتها بالنسبة له وحذره أن يحزنها أو يعتلي صوته عليها يوما ما ولكن وعده جاسر أن يعاملها برفق وبعد أن أنهى المكالمة معه دون هاتفها معه ،
وذهب إلى الواتساب كي يحادثها ولكن اتسعت حدقتاه وهو يرى صورتها الموضوعة على حالتها ولسان حاله يردد بذهول من جمالها في الصورة :
_ أوبا ايه الجمدان دي هي معقولة داي اللي اتجوزت وخلفت اتنين وعيالها مـ.ـاتوا داي كتلة أنوثة متفـ.ـجرة قدامي في الصورة .
يتبع….
- •تابع الفصل التالي "رواية من نبض الوجع عشت غرامي" اضغط على اسم الرواية