Ads by Google X

رواية من نبض الوجع عشت غرامي (ج2) الفصل السادس و العشرون 26 - بقلم فاطيما يوسف

الصفحة الرئيسية

      


 رواية من نبض الوجع عشت غرامي (ج2) الفصل السادس  و العشرون 26 - بقلم فاطيما يوسف

 انتهت تلك الليلة وأتى يوم جديد بصباح جديد مشرق نأمل فيه راحة لنفوسنا وجبرا لأرواحنا ،
ذهبت سكون إلى المشفى وهي ترتدي نظارتها الشمسية كي تداري عيناها اللامعتين ما إن الدموع عن الجميع ، فهي ما إن خرجت من المنزل وصعدت سيارتها حتى أدمعت عيناها وانقلبت الدموع لبكاء شديد من ماحدث لها من ليلة وضحاها ،


ولكن هي الحياة لها نكبات وابتلاءات شديدة على بني البشر ولكن قوة تحمل تلك السكون في ذاك البلاء هش ، ضعيف ، فهي ستخسر فيه عمرانها ، فلن تصبح أنانية وتحرمه من أن يكون أباً وهو يحلم بذلك وخاصة ان عمره تخطى الثلاثون بأربع سنوات وسلطان وزينب متعجلين هما الآخرين لعوض عمران ،
دلفت غرفة مكتبها رأتها صديقتها فريدة فدلفت إليها على الفور ورأت حالتها ثم اختـ.ـطفتها بين احضانها بحنان ولم يزدها ذلك إلا أنها بكت أكثر من ذي قبل ،

وفريدة بكت هي الأخرى وبعد وقت يبكون في أحضان بعضهم أخرجتها فريدة من أحضانها ثم احتضنت وجنتها وهتفت لها :


_ متبكيش ياسكون متبكيش ياحبيبتي ، ربك هو الحلال ومتقدريش البلا قبل وقوعه اصبري بس لما نروح للداكتورة ابتهال وهي هتفهمنا أكتر يمكن فيه جديد ، إحنا آه دكاترة نسا لكن لسه في البداية وهي ليها وجهة نظر تانية وحلول كَتييير.
ازدادت سكون في البكاء أكثر ثم تحدثت بتقطع :
_ ب ع ت لها وقالت لي إن الحالة عايزة علاج كتييير وعايزة صبر وكله بإيد ربنا ومقلتلهاش إن داي تحاليلي ،
ثم نظرت إلى الأعلى وكأنها تستنجد برب السماء:
_ يارب ارزقني العون والهدوء يارب ، مش عارفة أجيب لعمران سيرة الطلاق إزاي ، ولا هيوبقى ظروفه ايه ساعتها أني خايفة عليه قوووي ، خايفة عليه من ساعة ماعرفت.
سألتها فريدة :
_ إنتي عرفتي كيف بحالتك داي ونزلتي الجنين ميتى ؟
اجابتها وهي تتذكر ذاك اليوم المشئوم قبل زواج مكة بأربعة أيام،
#فلاش_باك
في ذاك اليوم استيقظت سكون من نومها وذهبت إلى عملها باكرا وهي تشعر بالدوار بطريقة رهيبة ، وكما أن الدورة الشهرية تأخرت عنها فقررت أن تجري سونار لنفسها كي تتأكد مما تشعر به وبالفعل وجدت انها حامل ومدة حملها ثمانية وعشرين يوماً ثم بدأت بفحص نفسها جيداً والسعادة لامعة في عينيها فاليوم ستحتضن عمران وتخبره بحملها فهي بالتقريب حملت في ليلة دخلتها على عمران ، ثم لاحظت وجود موجات فوق صوتية في السونار فشعرت بالخطر ولكن قدرت عدم وجود البلاء ، وفي نفس اليوم أجرت جميع التحاليل الخاصة بالحمل وقررت أن لاتخبر عمران حتى ينزاح الشك التى تشعر به ،
ولم يمر ثلاثة أيام حتى استيقظت وشعرت بسيلان شئ ما ودلفت الى الحمام وجدت تلك الدماء المملوءة في سروالها مما جعلها تكتم شهقاتها مما رأته فقد مـ.ـات جنينها في شهره الأول ،
وظلت تنزف ذاك اليوم بغزارة دون أن تعلم أحداً مابها ثم قررت أن تجرى فحصا كاملاً لها واكتشفت بأن عندها مرض في رحمها يجعلها تفقد جنينها في شهوره الأولى ،
#عودة_من_الباك
وأكملت حديثها مع فريدة :
_في اليوم اللي نزل فيه الجنين قلت له اني هبيت عندينا علشان خاطر فرح مكة واكون جارها ومهملهاش لحالها علشان كنت بنزف كَتير في اليوم دي ، نتيجه الأشعة والتحاليل ظهرت والمفروض اني اخد حبوب منع الحمل لحد ما ابدأ اعالج نفسي واشوف اذا كنت هفضل اكده ولا ربنا رايد لي اني مخلفش .

اقترحت عليها فريدة:
_ طب ما تحكي لعمران حالتك بالظبط والمفروض ان هو هيقف جنبك ومهيسيبكيش .
تنهدت بحسرة وألم نفسي انتابها فور تذكرها أمر عمران :


_ عايزاني اروح اقول له اني كنت حامل والجنين نزل عايزاني اروح اقول له اتحمل معايا سنين لحد اما يبقى عندك 40 سنه وما خلفتش واذا كان هو هيتحملني امه وابوه هيتحملوني كيف ؟
وأكملت وهي تدمع بقهر :
_ عايزاني اروح اقول له اني هاخد حبوب منع الحمل عقبال ما اعالج نفسي ، اني اكده هبقى أنانية.
شجعتها فريدة على رأيها :
_ وفيها ايه يعني لما يستناكي كل شيء بامر الله ما انتِ استنتيه سنين علشان ياجي يخطبك وكنت بترفضي اي فرصة تاجي لك .
حركت سكون راسها برفض وعللت موقفها :
_ اني اللي استنيته مش هو ، هو مكانش عارف بحبي ليه ، وأول ما ربنا قدر النصيب متهاونش وفي شهور كنت مرته حلاله وفي بيته .
نفخت فريدة بضيق من عنادها ثم سألتها :
_أمال هتعملي ايه ياسكون ، طب متتكلميش خالص واعملي نفسك معرفاش حاجة وعالجي نفسك في صمت من غير مايعرِف لعل وعسى ربنا يعجل شفاكي ، متسبقيش الاحداث.
سألتها بتيهة :
_ واكده هبقى مش بغشه يافريدة وبخبي عنيه حاجات من حقه يعرِفها ،
واسترسلت وهي تتأكد من حالها :
_ أني عارفاني ولا هعرف أداري حزني وهمي وهيكشفني طوالي ولو عرف مستحيل يهملني وأني مهرضلوش إنه يتعذب وياي ولا هرضى له الحرمان من الأبوة المدة الطويلة اللي اني معرفاش كد ايه ، ومعرفاش إذا كنت هخف ولا له واصل.
ربتت فريدة على ظهرها وطمئنتها :
_ متتعجليش البلا قبل وقوعه واتفائلي بالخير ياحبيبتي ، واعرفي إن ربنا مهيضركيش أبدا ، اصبري بس على حالك واسمعي كلامي .
تنهدت سكون بتعب من حالتها ثم قررت أن تسمع كلام صديقتها وتترك أمرها بيد الله يدبره كيفما يشاء .
*********************

اما في المالديف عند العروسين مر عدة أيام على زواجهما ونوعاً ما الأوضاع بينهم مستقرة فآدم يحاول أن يحفظ طباعها ويدرس شخصيتها وهي الأخرى تحفظ طباعه وكأنهم في فترة خطوبة ، يتشاركان في جميع أمور المنزل فهما رافضين أن يقتحم حياتهم أي شخص ونوعاً ما الأمور تسير بينهم على مايرام ،
كان آدم جالسا يمسك هاتفه يتصفحه ويتابع التعليقات التى جائته على صورته بعرسه ،


ووجد تعليق إحداهن تكتب فيه بحــ.ـرقة ” ليه اتجوزت ياحبيبي ، كنت فتى أحلامي ، وكمان من واحدة منقبة ومعقدة ، انت حبيبي أنا مش هي ومسيرنا هنتقابل قريب أووي وأنا واثقة إنك لما تعرفني هتحبني وهتسيبك منها المعقدة دي ، إنت تليق لك واحدة برينسس تمشي جمبك كدة مش دي خالص”
حقا استفزه ذاك التعليق فهو من عادته لايرد على التعليقات وصفحته يتابعها الأدمن المسؤول عنها ، ثم فتح صفحتها فضولا منه كي يرى من تكون تلك الجريئة التي كتبت ذاك التعليق على العام ولم تخشى هجوم المتابعين عليها وسخريتهم منها ،
أتت صورتها أمامه وهي تجلس في وضع غير مريح بجسدها المثير العاري بعض الشئ فالملابس التى كانت ترتديها تكشف أكثر مما تفضح ، وأثناء تفحصه للصورة من باب الفضول وهو مندمج في معرفة تلك الجريئة كي يرسل صفحتها إلى راشد ويتولى حظرها وحذف التعليق ومن حظه السئ رأته مكة وهو مثبت الهاتف على صورتها وفجأة خطـ.ـفت منه الهاتف بحدة وهي غير مصدقة انه يفعل هكذا مما جعله ينصدم من فعلتها ثم وجهت الهاتف أمام وجهه وهي تردد باستنكار:
_ ايه القرف اللي انت بتبص عليها داي ، هو انت طلعت منيهم اللي بيعملوا اكده ؟
حاول جذب الهاتف منها ولكنها امتنعت على أن تعطيه له ثم أكملت استنكارها :
_ شكلي اكده هبدأ أولى صدماتي فيك واللي كنت خايفة منه هكتشفه واحدة واحدة.
علل موقفه قائلاً بتبرير :
_ يابنتي إنتي فاهمة الموضوع غلط والله العظيم ، هو انا معقولة أعمل كدة أو أوصل للمرحلة اللي أجيب صورة واحدة وأتأمل فيها ليه يعني ؟
بنفس ضيقها ولكن لم يعلو صوتها وبنبرة أكثر استياءً :
_ إنت هتجننَّي أمال اللي شفتَه بعيني دلوك هتسميه ايه !
تعالى نبدل الأدوار اكده لو دخلت علي لقتني جايبة صورة راجل وبتأمَل فيه شوف رد فعلك وقتها هيوبقى عامل كيف ؟
رفض عقله سؤالها ولم يستوعبه وأجابها :
_ ده مستحيل يحصل منك هو أنا متجوز أي واحدة وخلاص ، انا قلبي اختار اللي واثق ومتأكد إنها هتصوني وهتحافظ على اسمي وشرفي وخاصة إني أنا شخصية معروفة فكان لازم أتأنى في اختياري .
تجمعت شياطين الغضب أمام عينيها من رده على نصف سؤالها والآخر تركه ، وباتت الغيرة تضـ.ـرب بجسدها وتملؤه نيرانا ثم هدرت به :
_ يعني اختارت نص كلامي وجاوبت عليه والنص تاني له !

أااه مانت بقى هتلاقيك بتبررها لنفسك وتقول ماني محروم ومرتي عصياني وهي نايمة دلوك أعمل اللي على كيفي ومزاجي .
اتسعت مقلتيه بذهول من عقلها وطريقة تفكيرها ثم اقترب منها وحاول تهدئتها وهو يلمس كتفها بحنان :


_ يابنتي اهدي ومتخليش الشيطان يوسوس في دماغك ويصور لك حاجات مش موجودة من الاساس ، اهدي ياحبيبتي.
وكأنه بكلامه وفعلته تلك يسكب عليها مادة شديدة الاشتـ.ـعال فتحـ.ـترق أكثر ثم دفعت يداه بحدة من على كتفها مكملة نهرها :
_ هو انت شايفني مجنونة عاد قدامك وبشد في شعري ولا ايه ،
رد علي دلوك جايب صورة واحدة عريانة وبتتفرج عليها وتتأمَلها ليه ياآدم انت متعرِفش إن دي ذنب كَبير وإن دي من باب التحرش بردك ؟
فتح فاهه على وسعه مما قالته ووصل إليه عقلها ثم تحدث باستنكار :
_ إنتِ اللي شكلك اتجننتي رسمي هي دي أشكال أبص لها أصلاً ! وبعدين دول كانوا بيترموا تحت رجلي وعمري ماعبرتهم قوم بقى أجيب صورهم وأبص عليها !
يامكة حكمي عقلك شوية ومتبقيش متسرعة.
ثارت أكثر من ذي قبل وانفعلت عليه ولكزته في كتفه فقد شعرت بالغيرة من مجرد صورة في يداه :
_ آه لف ودور علي وابلفني بكلمتين وهتقول علي هبلة وعيلة وملهاش تجارب وهضحك على عقلها بكلمتين ،
وأكملت وهي تلكزه على صدره :
_ طلقني دلوك اني لا يمكن أكمَل معاك وترجعني مصر حالا وخليك اهنه مع الصورة وصاحبة الصورة ياخاين .
أمسكها من كلتا يداها وهزها بقليل من العنف وهو يحذرها :
_ طلاق مين ياماما هو أنا كنت اتجوزتك لسه أصلاً علشان أطلقك !
بطلي بقى ظنونك السيئة دي وتفكيرك الغلط ياهانم ولا انتي مستنية أي حاجة تعلقي لي المشنقة علشانها ،
ثم أكمل عندما رأى عاصفتها لم تهدأ بعد مكملا وهو يقربها منه ومازال متمسكاً بيدها:
_ مكنتش أعرف انك بتحبيني أوووي كدة وإن غيرتك عامية ومبتشوفيش في غيرتك وبتهبي كده من غير ماتفهمي الأسباب.
حاولت الإفلات من يده وهي تبتعد بعينيها بعيداً عن عيناه كي لايكشف ضعفها وهي تردد بتوتر :
_ غيرة ايه داي ! وسع اكده متقربليش وملكش صالح بيا وانت خنتنتي في أول أسبوع جواز .


جذبها أكثر من خصرها وهمس برفق وهو يدللها كي يجعلها تهدأ :
_ طب يرضي ضميرك ياشيخة أكون متجوز القمر اللي قدامي ده وأبص لغيرها ، طب حد يصدق اني أعمل كدة أصلا ، دي متجيش فيكي ذرة ، ده إنتي جنبها صاروخ نووي يدمـ.ـر أجدعها جيش هقوم بقى أبص لدي .

لقد لعب على اوتار الأنثى بجرائة وغاص في أعماق مشاعرها وأصبح يسبح في عالم تفتيت خوفها منه بمهارة فأكملت وهي تحاول الإفلات منه :
_ أه وعرفت منين إنها متجيش فيا ذرة علشان تعرِف انك كنت بتتأمل فيها وأديك اعترفت بلسانك ياغشاش .
راعى غيرتها بل وجعلت داخله يسعد بشدة ثم برر موقفه وهما مازال جاذبها إلى أحضانه وما زالت عيناها تنظر أرضاً خجلاً :
_ دي كانت كاتبة تعليق وحش معجبنيش فدخلت أخد صفحتها اسكرين علشان أبعتها لراشد يتعامل معاها مش زي اللي في دماغك خالص ياحبيبي وانتِ حضرتي وأنا لسه هاخد اللقطة ، شفتي بقى انك ظلمتيني .
استطاع أن يجعلها تهدأ من مجرد قربه منها ومن مجرد همسات ولمسات سحرها بها ،
لاتتعجلِ تلك المكة فأنتِ في أحضان
رجل عاشق وأنتِ في عامك الأول
من أبجديات العشق ،
تمهلِ فهو لن يستسلم وسيسحبك إلى عالمه دون أن تدري فتلك قوانين الغرام ،
ولكن فقط من مجرد نظرات داخلها ذاب وخارجها ارتاب وهو الآن أصبح على يدها
صابراً نِعْمَ العبد أوَّاب
#خاطرة_مكة_آدم
#بقلمي_فاطيما_يوسف
#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي
حاولت الإفلات من يده ولكنه لم يجعلها تهرب وتشبس بها ولن يمرر الموقف مرور الكرام ، ثم همست وهي تمرر لسانها على شفتيها وهي تشعر باقترابه منها وهي إلى الآن لم تستعد :
_ طب سيبني أدخل أجهز الفطار علشان جعانة .
بإحدى يداه رمى حجابها أرضاً وفك رباط شعرها وجعله ينسدل على ظهرها بحركة ساحرة وبنبرة متيمة طلب منها :
_ طب متلبسيش الحجاب تاني عايز أشوفك بشعرك ولا ده مش من حقي ؟
وكمان سيبك بقي من الاسدالات اللي بتلبسيها دي أنا عريس ومن حقي أتدلع ولا ايه ؟
تمتمت بخفوت وهي أوشكت على أن يغيب عقلها معه :
_ طب مش لما نتفق الأول وبعدين حكاية المطالب والحقوق داي نتكلَم فيها .

مازال مصمما على رأيه قائلاً :
_ وماله نتفق براحتنا احنا ورانا ايه ، إحنا قاعدين هنا شهر بحاله علشان نبقى لوحدنا ونتكلم براحتنا ونتفق على كل حاجة وعلشان تريحيني بردوا .
_ أريحك كيف يعني ؟
_ هي العروسة المتجوزة جديد بتريح جوزها إزاي ؟
_ انت قليل الأدب على فكرة وراعى الألفاظ اللي بتقولها قدامي .
_ ايه يابنتي دماغك راحت شمال ليه ، تريحيني يعني متتعبيش أعصابي وتفتكري فيا حاجات مش موجودة ، شفتي بقى تاني مرة تظني وحش فيا النهاردة.
_ انت مكار كبير على فكرة وأنا مش قدك .
_ والله عارف انك مش قدي وصعبانة عليا كمان ، جهدك ضعيف ومش هتقدري تتحملي .
اتسعت مقلتيها بذهول من كلامه ووبخته :
_ ايييييه الكلام دي ، بلاش طريقة المتحرشين في الكلام داي .
_ وماله أقول اللي يعجبني هو إنتي مش مراتي وحلال أقول وأعمل وأبص على اللي يعجبني ولا ايه ؟
_ طب سيب يدي اللي انت قافش فيها داي مههربش اني .
_ موكتي
_ يووووه ، نعم .
_ عيونك يجننوا من قريب كأنهم مدينة الواحد يسافر فيها بلاد وبلاد ويتوه في جمالهم ،
ثم خلل أصابع يداه بين خصلات شعرها وأكمل:
_ وشعرك جماله عليكي زادك أضعاف ، له حق ربنا يشرع الحجاب علشان الجواهر اللي زيك تتدارى من العيون الوحشة ، الجواهر اللي زيك متنفعش تبقى متاحة للجميع ، لازم تتقدر بالغالي أوووي .
كانت تائهة في كلامه ، أول مرة اسمع ذاك الكلام ، أول مرة تجرب تلك الأحاسيس الجميلة ، والحق يقال ما أجمل تلك المشاعر إذا وُظِّفت في وقتها ولمن يستحقها ،
عزيزتي حواء أنصحك بأن تغلقي على قلبك لفارس أحلامك في حلال الله كي تشعري بسحر اللحظات البدائية ، لها رونق لن يُنسى طيلة العمر ، لها تأثير في نفس صاحبها سيظل العقل والقلب يتذكرها ولن ينساها أبداً ،
لاحظ احمرار وجهها وخجلها الزائد فجذبها من رأسها وقبلها قبلة توقير لها ، فحقا هو سعيد بذاك التأني في علاقتهم ، فصبره عليها باختياره فهو من السهل أن يسحبها لعالمه وهي مهما كانت تمتلك لسانا فقط تنهره به إلا أنها امرأة عاشقة وعلى أتم استعداد أن يجعلها تستسلم بين يداه ولكنه يريد اللقاء الأول بينهم أن يكون لقاء أسطوري ، لقاء يطالب به جسدها قبله ، لقاء زوجة تود زوجها بجانبها بل وتتشبس به حينئذ سيصبح لمدينتها جيش احتلال يسكن قلبها وعقلها وكل كيانها ،

فهو يريد أن يري الشوق في عينيها اليوم والأمس وغدا كي يدون ذكريات الأشواق منها داخل كيانه ككل .
*****************
مر عدة أيام أخر واليوم وبالتحديد في الساعة التاسعة مساءً تجلس رحمة في توتر بالغ فماهر في مقابلة والدها وأخيها في الخارج وتجلس هي وسكون بداخل الغرفة وهي متوترة للغاية وتدور حول نفسها ،
أمسكتها سكون من يدها وأجلستها قائلة :
_ يابنتي اهدي اكده خيلتيني معاكي ، ايه عمالة تلفي وتدوري كيف النحلة حواليا ، اقعدي هما خلاص هيقروا الفاتحة أهه .
دبت في الأرض بقدمها ثم سألتها بإلحاح :
_ بجد ! طب عرفتي منين ياسكون ، اتكلمي بسرعة ؟
مطت سكون شفتيها بامتعاض من تلك المجنونة ثم أجابتها:
_ لااا ده إنتي ماهر واكل بعقلك حلاوة بالجامد ، دي لو مكانش عميلها كان زمانك شبطتي فيه وقلتي عريس يابووي ،
عمران بعت لي رسالة ياستي .
وضعت رحمة يدها على صدرها تهدأ من ضربات قلبها ثم تحدثت بهيام :
_ يوووه يامرت أخوي بحبه يختيي بحبه ، تقيل اكده وراسي وأني أحب النوع دي قوووي ، جنن أمي بن الذين على ماعترف لي بحبه .
التمعت عيناي سكون فهي عاشقة مثلها وانتظرت حبيبها أعواماً ثم تذكرت حالتها ونبضات قلبها ضـ.ـربت داخلها بقـ.ـهر ثم خرجت الكلمات من بين أسنانها بضيق :
_ طب انتي كلهم كام شهر اللي استنيتي فيهم ، طب أني استنيته سنين ويا ياجيني يا اما له ، لو مكاني كنتي عميلتي ايه ؟
اتسعت عيناي تلك الرحمة وأردفت بتمنع :
_ يختتتييي بعد الشر علي ، له ياسكون معنديش صبر ولا طولة بال زييكي يختي ،
أني اللي أحبه لازم ياخد باله من حبي ، لازم يهواني قوووي وياجي حدي ويعترف طوالي ،
وأكملت وهي تتمتم بضيق:
_ بس بردو طلع تقيل وراسي اكده ومبيتكلمش كتير ودماغه مقفلة ، بس على مين دي أني رحمة اللي هتنطق الحجر وإن ماجننته وخليته يتلفلف حوالين نفسه مبقاش أني .
ولم تنهى حديثها إلا واستمعت إلي دقات الباب ودلف عمران إليها واقترب منها بابتسامة ثم سحبها لأحضانه وقبلها من رأسها وهو يبارك لها :
_ مبروك يارحوم ، ألف مليون مبروك ياحبيبتي ، قرينا فتحتك وإن شاء الله كتب كتابك بعد اسبوعين والجواز بعد ستة من دلوك .

قامت سكون هي الأخرى واحتضنتها مرددة بفرحة :
_ مبروك ياحبيبتي ، ربنا يجعله عريس الهنا والسعد عليكي يارب .
أما عمران غمز لسكون قائلاً:
_ وانت ياحبيبي عقبال فرح بنوتك المستقبلية اللي هتاجي الدنيا بإذن الله.
اصطبغ وجه سكون باللون الاحمر من شدة رعبها عندما ذكرها بالحمل ، وتمتمت بخفوت فهمه عمران أنه خجل :
_ بإذن الله .
ثم دلفت إليهم حبيبة بوجه مبتسم وهي تفرد ذراعيها بسعادة كي تبارك لها :
_ حبيبة قلب أختها مبروك ياصغنن ، مبروك ياحبيبتي.
شددت رحمة على احتضانها ثم لكزتها على ظهرها معاتبة إياها بعد أن ردت على مباركتها :
_ بقى اكده ياحبيبة تسبيني في يوم زي دي ، مخصماكي ياوحشة .
اعتذرت لها حبيبة عن عدم تواجدها :
_ معلش ياحبيبتي حقك علي والله العيال مجنني التنيين ومخليني معرفاش اهتم بنفسي حتى ولا بعرف أسرح شعري ، وسهر طول الليل ولبخة وعمران خوي قال لي متخرجيش بالعيال كتير ولا تاجي البيت اهنه كتييير علشان متخديش عين بعيالك وأني الحق يتقال معنديش جهد أروح وأجي بيهم .
رفعت رحمة شفتيها الأعلى ورددت باستنكار:
_ حسد وعين !
ثم تذكرت أمر وجد وأن عمران بالتأكيد خاف عليها وعلى الطفلين من تلك المؤذية فاخترع لها أسباب ، ثم أكدت على رأيه الآن :
_ أه ياحبيبتي عنديه حق عمران يقول لك اكده ، الناس عينيها وحشة فلقت الحجر ،
ثم دلفت إليهم زينب وباركت لها هي الأخرى ثم أكملت:
_ ايه يابت العريس دي وقعتي عليه فين ، بسم الله ، الحارث ربنا الواد طول بعرض وحاجة كدة فخامة ، مطلعتيش سهلة يابت بطني حتى في نقاوتك .
وضعت رحمة يدها على رأسها وهي تصطنع الدوار ثم قالت بنبرة تمثيلية:
_ أاااه الحقوني ياناس ، دوخت من أولها ، أمي بتحسدني عيني عينك ، ياعيني عليكي يارحمة ، أااه .
لكزتها زينب على كتفها ناهرة إياها:
_ هحسد مين ياللي تنشكي إنتِ ، والله الجدع دي الله يكون في عونه وباين اكده أمه داعية عليه ،

ثم جذبتها من يدها وسألتها بقلق:
_ بس يابتي بيقول إنه كان متجوز قبل اكده ، وانتِ رضيتي عاد بأنك تتجوزي واحد كان متجوَز قبليكي ؟
أجابها عمران بدلاً عنها لأنه يعرف جميع ظروف ماهر فرحمة قصت عليه كل شئ :
_ ماهو ياحاجة ملحقش داي اتجوز سنة واحدة بس ومرته ماتـ.ـت وهي بتولد وكمان بتـه مـ.ـاتت هي كمان ، ربنا يرحمهم .
كان عمران يحكي لها بنبرة حزينة أثرت في زينب :
_ وه ، وه ، ياحبيبي دي الجدع اتحمَل اللي ميتحملهوش حد واصل ،
ثم أكملت باستفسار أخر :
_ طب يابتي دي عنديه ٣٦ سنة وانتِ لسه صغيرة وفرق السن كَبير بيناتكم ، موعياش ليه الحوار دي ؟
أومأت رحمة برأسها بموافقة تؤكد لها معرفتها :
_ أها واخدة بالي ياحاجة ١٤ سنة مش كَتييير ولا حاجة ، وبعدين هو مش مبين عليه السن ولا حاجة وشكلنا مناسبين لبعض .
اتسع ثغرها بابتسامة فخر لذاك الماهر :
_ هو الحق يتقال واد نقاوة خسارة فيكي ياجامدة الجامدين إنتِ .
اصطنعت رحمة الضيق ثم سألتها بنبرة صوت حزينة مصطنعة:
_ إلا قولي لي يازينب هو أني مش بتك ولا لاقياني على باب ملجأ وكسبتي فيا ثواب وربتيني ولا حاجة ؟
أصلك مكـ.ـسرة مقاديفي علطول .
ابتسموا جميعا على نبرتها ثم مد عمران يداه لها بحب وهو يتعجلها :
_ طب يالا ياخيتي علشان الجدع ميحمضش من الانتظار برة واكده حرام عليكي.
اصطبغ وجهها باللون الأحمر من خجلها ثم تمتمت :
_ ايه دي هو أني هخرج بالساقع والحوارات اللي بتحصل داي ! لاااا معملش أني اكده ، هو مش قرى الفاتحة خليه يروح بقى وبعدين نشوف حوار التعرف دي لبعدين.
رفعت زينب شفتيها باستنكار ثم هدرت بها :
_ ياشتات الشتات منك يابت بطني من أولها هتمشي الجدع قفاه يقمر عيش ،
ثم نظرت إلى عمران وسكون مكملة :
_ مش قلت لكم البت داي جامدة والراجل دي خسارة فيها ،

ثم خلعت نعلها ووجهته في وجهها وأكملت بتهديد:
_ وعهد الله إن ماخرجتي دلوك لاهخليه يشوفك وانتِ بتضـ.ـربي بالشبشب وتوبقى اتفضحتي وشاف جنانك عيانا بيانا ،
ثم صـ.ـرخت بها :
_ يالا يابت متجرسيناش قدام الراجل تحت وأبوكي يمسكها لي ذلة ويقول زينب معرفتش تربي .
اختبئت رحمة وراء ظهر عمران فوالدتها ممكن أن تفعلها ثم أدلت اعتراضها :
_ الله معايزاش أني أنزل هي عافية ! قولي بقى إنك عاملة حساب لحبيب القلب وعايزة تاخديني كوبري علشان ميكسبش بونت عليكي .
ضحكوا جميعاً على هرائها ثم هتف عمران لها :
_ خلاص بقى يارحمة متزهقيش الحاجة وتطلعي زاربينها وخليكي عاقلة اكده وانزلي لخطيبك ، ومتقلقيش ولا هتدخلي بصنية ولا يحزنون هو قال عايز قهوة سادة وملهش في الساقع ولا السكريات هتدخلي في يدي وخلاص.
حركت حاجبيها لوالدتها ورددت بدعابة أهلكتهم جميعاً وحقا تليق بتلك الرحمة :
_ أيون هو ملهش في السكريات كفاية عليه أني علشان نفسيته متجزعش .
اغتاظت زينب من طريقتها الكائدة ثم هتفت :
_ بالك يازفتة إنتِ المفروض لسانك دي ينـ.ـقطع ، لسانك بيشر كيد وغم وهم الحمدلله إن حماتك ميـ.ـتة وحماكِ متجوز وعايش لحاله في مصر والظاهر اكده مفيش عمار بينه وبين أبوه ، لو كانت الله يرحمها عايشة كانت اتجلطت من كيدك ، يالا بقى همي عاد بدل ما أجلطك اني.
رأت نظراتها المتوعدة فخرجت مع عمران وهي تدب أرضاً من الغيظ ،
قبل أن يدلفوا الغرف تشبست بيد حبيبة :
_ مكسوفة ياخيتي أدخل ، هي العادات والطقوس داي مهتبطلش عاد ، فيها ايه يعني لو جه مرة تانية أكون هديت من التوتر دي .
شجعتها حبيبة قائلة بهدوء يليق بشخصيتها :
_ طب ليه يارحوم ؟
داي اللحظة اللي بتحبها كل بنت ، سمي الله وادخلي ويا عمران وشوي وهتاخدي على الجو .
أتى عمران وأخذها من يدها ودلف بها إليهم وهو يلقى السلام برجولة تليق بذاك العمران ،
ورحمة هي الأخرى ألقت السلام بخجل وجلست بجانب عمران وكادت أن تلتصق به في جلستها بجانبه من شدة خجلها وتوترها ، فأكثرهم دعابة أشدهم خجلاً وتلك الرحمة في خجلها وكأنها ستنهار ، أما ذاك الماهر كان يغـ.ـلي داخله فور أن رأى عمران يمسك يداها بذاك التملك وغير ذلك تجلس بجانبه وتلتصق به بشدة ، فحقا ذاك الماهر يغير غيرة مختلفة ،

ومن الواضح أنه سيغار عليها من أبيها وأمها وحتى من ثيابها ، فمرحباً بكِ تلك الرحمة في عالم ماهر الريان ، عالم سيجعلك هائمة في سماء العشق المختلف ، العشق المتملك ، فمرحباً بكِ في قلعته المنغلقة التى سيغلق أبوابها عليكِ برمش عيناه فهو قائد شجاع متيم ولكن كتوم ،
بعد جلسة دامت بينهم جماعة نصف ساعة تركوهم وحدهم ،
فور خروجهم أمسك هاتفه وجلس يتصفحه بإهمال مما زادها اندهاشاً ،
ظنت أنه سينتهز الفرصة ويقترب منها ويغدقها بوابل من الكلام المعسول ، ولكن مهلا تلك الرحمة فهو جلس أكثر من نصف ساعة يغـ.ـلي داخله من التصاقك بأخيكي ،
يالك من رجل عنـ.ـيف في غيرتك أيها الماهر ،
استفزها بحركته تلك وعدم اهتمامه بها وشعر داخلها هي الأخرى بالغـ.ـليان وهي تجلس تشطاط من بروده ولم تعرف مالسبب فهو كان يتحدث مع أبيها وأخيها الآن بطلاقة ،
ثم شعرت بالمهانة وقامت من مكانها قاصدة الخروج وتركه وحده كي تشعره الآخر بما جعلها تشعر به ،
لاحظ حركتها تلك فتحدث ناطقاً:
_ رايحة فين يا أستاذة ، تعالى ارجعي مكانك تاني ماأذنتلكيش تخرجي .
اندهشت من طريقته ثم اعتدلت بجـ.ـسدها ووجهت أنظارها إليه وربعت ساعديها أمام صدرها وتحدثت بغيظ فهو يعلم أنها تكره كلمة أستاذة :
_ اسمي رحمة على فكرة يامتر ، هي داي مقابلة واحد جاي يخطب واول مرة يقعد مع خطيبته !
سيبتك بقي تتصفح الموبايل براحتك بخلي لك الجو علشان تكون هادي ورايق طالما وجودي ملهش أهمية.
أشار إليها بيداه أن تعود إلى مكانها ثم هتف:
_ سيبك من شغل العيال اللصغيرة دي وعاودي مكانك .
تشبست في مكانها ورددت برفض :
_ له مزاجي اكده إن كان عاجبك .
اشتـ.ـعلت عيناه بالغـ.ـضب من عنادها ثم أمرها:
_ مبحبش الطريقة داي انظبطي معاي في الكلام أحسن لك يارحمة .
حقا استدعى غضـ.ـبها بمهارة ثم استدارت بجسدها وانتوت الخروج كي ترد له بروده معها الصاع صاعين فقام على الفور ولحقها ثم أمسكها من رسغها موجهها أنظارها إليه وهو يعنفها :

_ أه من الواضح جداً إن دماغك ناشفة وهتتعبيني معاكي .
جذبت يداه من يداه بحدة ثم قالت :
_ وواضح جداً انك مبتفهمش في معاملة الست كويس.
أدارها ووقف أماما الباب مانعاً إياها الخروج فكان أمامها بطوله الفارع وهي منتصفه في وقفتهم وهم يناظرون بعضهم:
_ تمام اللي حصل وانتِ داخلة دي ميتكررش تاني .
نظرت له بذهول وسألته :
_ آه هو ايه اللي حوصل خلاك قالب وشك اكده إن شاء الله ؟
استفزته بكلامها ثم هدر بها :
_ يارحمة اظبطي لسانك وانتِ بتتكلمي معاي يا اما هتشوفي وش ماهر الريان التاني وهيوبقى يوم مش فايت النهاردة عليكي .
رأت احمرار عينيه ونظراته القاتمة فهدأت من نبرتها و استغلت مكر الأنثى داخلها وانتوت اللعب على حنان قلبه وعشقه لها وفورا استدعت البكاء مما جعله يهتز ثم رددت من بين شهقاتها :
_ هو أنى كنت عميلت ايه علشان تنكد علي في يوم زي دي يعني ، حرام عليك والله .
اهتز لبكائها ثم كاد أن يجذبها لأحضانه الآن ويعتذر له ولكن تذكر أنه لا يحل له الآن فعل ذلك ، ثم هدأ من نبرة صوته الغاضبة وفهمها :
_ في إنك داخلة حاطة يدك في يد أخوكِ وقاعده جاره لازقة فيه هو دي يصح ؟
حقا ذهلت وصمتت في بكائها فلم يخطر ببالها أن غضبه الجم ذاك لمجرد أن أخيها دخل محتضنا يداها ، وأنها كانت ملتصقة به من خجلها ثم تمتمت بخفوت :
_ وه ياماهر دي أخويا ابن أمي وأبويا مش واحد من الشارع.
تذكر حديثهما قبل ذالك ثم ذكرها هي الأخرى :
_ مش قلت لك يابت الناس مهتتحمليش غيرة بن الريان وهتتعبي رديتي على وقتها ورفضتي كلامي ، دلوك بتبكي من أولها ،
وأكمل وهو يعرض عليها مرة أخرى:
_ لو تحبي نلغى المشاعر خالص علشان أنا حبي مختلف وغيرتي وحشة ومبشوفش قدامي ونتعامل مع بعض علاقة محترمة بردوا بس كل واحد فيها حر طالما مفيهاش غصبانية لربنا عادي معنديش مانع.
شعرت بالغضب من عرضه ثم لكزته في كتفه مرددة برفض :
_ ما بس بقى هو احنا هنرجع للكلام الفاضي دي تاني ،

ثم أكملت وهي تنظر أرضا بخجل زادها جمالا:
_ معنديش اعتراض على غيرتك ، وحاضر معملش اكده تاني وهخلي بالي أكتر .
حقا لقد أثارته بخجلها فكانت هي الأخرى مختلفة ، مبهرة ، جذابة ، ثم رفع وجهها إليه بخفة وأنزل يداه سريعاً وغازلها :
_ طب تعرفِي ان شكلك جميلة وانتي خجلانة .
لم ترد على غزله بها ثم أدارت جسدها للناحية الأخرى ووضعت يدها على قلبها تهدأ من ضرباته العنيـ.ـفة في اقترابه وهمساته ،
فهمس هو بجانب أذنها من الخلف:
_ جميلة جمال مش عادي .
أنهى كلماته ثم رجع مكانه بسرعة قبل أن يتهور ويجذبها إلى أحضانه ولكن لم يفعلها أبدا مادامت لم تكن زوجته ،
ثم أكمل قائلاً لها :
_ ممكن نقعد بقى ونبطل شغل القط والفار دي ونتكلم براحتنا.
مشت بخطواتها بنفس خجلها ثم جلست أمامه مع مراعاة المسافات وقلبها مازال ثائراً داخلها ، وصار هو ينظر لتفاصيلها يحفرها داخله فهو عاشقاً بمهارة ولكن عاشق متأني وهي تعشق تأنيه ذلك فهي امرأة قوية ولابد لها من جواد كي يعرف مراوضتها على حق ،
ثم ابتدأ هو الحديث يسألها عن يومها واندمجت معه في الحديث وانتهت جلستهم آمنة ومرت بسلام من ذاك المتمرد وتلك الشرسة وتركها وغادر وفور دلوفه منزله جلس على الأريكة الموجودة في الحديقة ثم أرسل إليها تلك الكلمات التى جعلت ذاك القابع بين أضلعها يود أن يذهب إليه الآن ويرتمي بين أحضانه ،
أصابك عشق أم رميت بأسهم
فما هذه إلا سجية مغرم
ألا فاسقيني كاسات وغني لي
بذكر سليمة والكمان ونغمي
أيا داعيا بذكر العامرية أنني
أغار عليها من فم المتكلم
أغار عليها من ثيابها
إذا لبستها فوق جسم منعم
أغار عليها من أبيها وأمها

إذا حدثاها بالكلام المغمغم
وأحسد كاسات تقبلن ثغرها
إذا وضعتها موضع اللثم في الفم
********************
في منزل مجدي فقد عاد من المشفى منذ ثلاثة أيام وأصبح الآن حبيس الغرفة ومها تعتني به ولكل شؤونه دون كلل أو ملل فهي قد سلمت أمرها لله واستعانت على حالها بالصبر والصلاة ،
فتحدث مجدي قائلاً لها :
_ ماتجيبي زين وزيدان يقعدوا وياي شوي اتوحشتهم من امبارح ومسمعش ليهم حس خالص .
كانت واقفة في الغرفة تنظم الملابس وتضعها في مكانها ثم أجابته :
_ حاضر هخلص تطبيق الهدوم وهروح أجيبهم أني سايباهم بيحلوا واجباتهم برة على مااخلص هيكونوا خلصوا .
سألها بخزي من نفسه :
_ هم في سنة كام دلوك ؟
تنهدت بحسرة ثم أخبرته سنهم :
_ رايحين تانية ابتدائي .
حرك رأسه للأمام بخزي من حاله فهو لم يعرف أبنائه في أي عام دراسي ولكنها لم تعلق على ذاك فهي باتت تستقبل أي شئ بهدوء فما أصابها وولداها لم يصدقه بشر ،
ثم أنهت ماتفعله وخرجت إليهم وجلست أوسطهم وهي تحتضنهم بحنان يولد في لحظته خصيصاً لهم :
_ حبايب ماما دلوك بابا عايز يقعد وياكم شوي انتو اتوحشتوه قووي وبيسأل عنيكم ،
عايزاكم متتعبهوش علشان هو خارج من المستشفى صحته تعباه ، تمام ياصغننين ؟
ابتسما لها الطفلان مرددين بتصفيق فهما لم يصدقا أنهم سيجلسان مع أبيهم وسيتحدثون معه عما يريدون ،
ثم أخذتهم من يديهم ودلفت بهم إلى أبيهم الذي ابتسم فور رؤيتهم وهو يفرد لهم ذراعه قائلاً بحنو لم يعهد عليه من ذي قبل :
_ حبايب بابا عاملين كيف وأخبار مذاكرتكم ايه ؟
ابتسم الطفلان بفرحة لجلوسهم مع أبيهم لأول مرة ثم أجابه زيدان :
_ إحنا زين قووي في العلام يابوي ، خالتو مكة حفظتنا جزء عم كلياته وماما دلوك بقت تحفظنا جزء الملك إحنا في سورة القيامة .

سعد مجدي بالفخر لتربية مها من ذاك الطفلان الهادئان ثم ربت على ظهر زيدان مشجعاً إياه :
_ عال عال يازين أذكى العقول عقل يحفظ القرآن.
حزن زيدان داخله فأبيه ناداه باسم أخيه ثم تمتم الطفل بحزن :
_ أني زيدان يابوي مش زين ، مع إن الفرق بيناتنا واضح أنا طويل شوي عن زين وهو عنديه حسنة في جبهته .
قامت مها على الفور واحتضنت ولدها الحزين فهي لم تتحمل حزن أحدهم أبداً وعللت له :
_ له ياحبيبي بابا ميقصدش يتلخبط بيناتكم هو بس الدوا مخلي عنيه مزغللة ومشايفش كويس ، متزعلش يازيدان ياحبيبي ،
ثم نظرت إلى مجدى تطلب منه أن يؤكد كلامها :
_ صوح يامجدي ولا مش صوح .
أحس مجدي بالخجل من نفسه فهو لم يعرف الفرق بين التوأمين ثم أكد حديثها :
_ طبعاً ياحبيبي معلش يازيدان ياولدي العتب على النظر .
ابتسم الطفل ببراءة ثم هتف زين هو الآخر :
_ هو انت يابابا ممكن توديني التمرين المرة الجاية زي مازن صاحبي .
هنا شعر بالحزن الشديد فولداه محرومان من عطفه والآن أصبحا محرومان من وقوفه بجانبهم وتحقيق أمنياتهم ،
ثم ردت مها بدلاً عنه :
_ مش أني قلت لكم إن بابا تعبان ومش عايزين نتعبه أكتر ، يالا قوموا علشان تاخدوا شاور وتناموا .
تشبس بهم مجدي مانعاً إياها:
_ له سيبيهم وياي مش مضايقني ولا تاعبيني خالص .
أعلن هاتف مها عن وصول مكالمة وجدتها الطبيبة فأجابتها بترحاب ثم تحدثت الطبيبة:
_ بقول لك ايه ياحبيبتي لو قاعدة جمب جوزى هملي الأوضة واخرجي عايزة أقولك على حاجة مهمة جداً.
شعرت مها برعب اقتـ.ـحم جسـ.ـدها ثم خرجت من الغرفة ودلفت غرفة أبنائها وسألتها بقلق :
_ في حاجة ياداكتورة قلقتيني عاد ؟
تنهدت الطبيبة بأسى ثم أخبرتها بما عرفته :
_ في حاجة اكده كانت ظهرت في تحاليل مجدي الشاملة اللي عميلناها ومكنتش حابة أخبرك بيها إلا لما أتوكد الاول .

الى هنا لم تتحمل مها الانتظار ثم سألتها بقلق :
_ له إنتِ اكده قلقتيني خالص ياداكتورة اتكلمي هيوحصل ايه أكتر من اللي عرفناه ؟
أخبرتها الطبيبة بما اكتشفته :
_ مجدي طلع عنديه لوكيميا في الدم في مرحلته الرابعة.
شهقت مها بفزع من ماقالته الطبيبة الآن ، أيعقل أن يكون رب السما استجاب لدعواها عليه طيلة السنوات الماضية !
لقد كانت حينما يقسوا عليه تدعوا الله وقلبها محـ.ـروق “ربنا يحـ.ـرق دـ.ـمك ”
ولكن انتبهوا أيها السادة فقد حذرنا الله من الدعاء على أنفسنا ولا على أولادنا فقد قال تعالى “ويدعوا الإنسان بالشر دعاؤه بالخير وكان الإنسان عجولا”
فلا تدعين على ابنك أو ابنتك مهما كانت غلبتهم لكي فلعلها ساعة استجابة وحينها تندمون ولم يصبح للندم أي فائدة ،
ثم استجمعت شتاتها وسألت الطبيبة:
_ طب نعمل ايه دلوك ياداكتورة وايه الخطوات اللازمة علشان ربنا ياخد بيده ؟
أجابتها الطبيبة وهي ترشدها بالخطوات التي ستفعلها :
_ هبعتك لدكتور محي علام شاطر جداً وهو هيعرفك كل حاجة بس متبلغيش جوزك بالخبر لأنه هيأثر عليه جداً لما تروحي للدكتور سيبيه هو اللي يتعامل هبعت لك رقمه وعنوانه على الواتساب وتروحي له علطول لأن المرض في الدرجة الرابعة ولازم يبدأ رحلة علاجه .
شكرتها مها ثم انتهت مكالمتها مع الطبيعة وأسندت رأسها على التخت ودمـ.ـوع عيناها تهبط على وجنتيها بغزارة وهي تحدث حالها:
_ ماذا بعد ! ألم تمضي تلك الأيام المريرة !
ألم تنتهي صفعات الزمان لي ؟
لقد تعبت وتألمت وجُرحت وفاضت روحي والألـ.ـم مازال مكملاً معي !
كفاكِ أيتها الصدمات ، كفاك أيها العمر وأنت تمضي بي رحلة عمرى وضياعي ،
لقد أُرهقت وأصبح كل شيء فوق مستوى احتمالي .
ثم مسحت دموعها وقررت أن لاتبلغ عامر بما عرفته ودلفت إلى الحمام وغسلت وجهها ثم ذهبت لهم كي ترعاهم فمسؤليتهم جميعاً تقع على عاتقها الآن ،
رآها مجدي وشعر أنها ليست بخير فسألها:
_ مالك يامها الداكتورة قالت لك حاجة زعلتك ؟
تنفست ببطئ ثم أجابته بنفي :

_ له يامجدي هي بس كانت بتقول لي على اسم داكتور جديد هنروح له هو اللي هيتابع حالتك بس مفيش حاجة تاني .
ثم وجهت أنظارها إلى أبنائها آمرة إياهم :
_ يالا ياولاد علشان معاد نومكم جه كفاياكم سهر لحد اكده .
قاموا معها بطاعة اعتاد عليها ذاك الطفلان وودعهم أبيهم بقبلة لهم ثم خرجوا مع والدتهم
***”””*****”””******
انقضى عدة أيام والأجواء هادئة على الجميع ونوعاً ما الاستقرار يغلبهم ،
واليوم الجمعة كان جاسر يستعد لأن يذهب مقهى الأدباء التى تجلس بها منة فهو قد شعر بأنها أصبحت جزءا من حياته ولكنها هي المتحفظة بشدة في المعاملة بينهم ، لم يشعر منها بأي إحساس تشعره تجاهه فدوما يسألها عن أشياء وإجابتها عكس ما يتمنى ولكنه استشف أنها منغلقة على حالها نظراً لحالتها الخاصة ، ولكنه قرر اليوم أن يحكيها عن شعوره تجاهها كي يرتاح فهو أحب برائتها وثقافتها وعقلها المتفتح ، أحس بأنه يريدها في حياته ، دق قلبه معها ،
حتى العبادات والعادات التى تفعلها في ذا اليوم أصبح يفعلها مثلها كما عرف منها ،
أنهى ارتداء ملابسه ووضع البريفيوم الخاص به ثم صعد سيارته وذهب إلي المقهى ،
دلف الى ذاك المكان المحبذ لها ووجدها كالعادة تجلس وحدها ، وصل إليها وألقى السلام ثم سألها :
_ أمال روايتك فين النهاردة اللي بتقرأيها وقهوتك، وكمان شايفك لابسة طقم ومتشيكة في عبايتك الكلاسيك !
ثم ردد مندهشا:
_ كلك النهاردة متغير يامنون ياترى ايه سر التغيير ؟
ابتسمت منه وسألته هي الأخرى :
_ طب بمناسبة إننا هنا أصحاب مش صاحب مكتب والمديرة بتاعته ايه رأيك بقي في اللوك الجديد دي حلو علي ولا ايه ؟
أجابها بمشاغبة اعتاد عليها :
_ دي كلام بردك وسؤال تسأليه قمر طبعا ياصاحبي ،
ثم أكمل وهو يسألها عن أخيها:
_ أمال فين مدحت عديت عليه في ركن الفن ملقتهوش هو راح يجيب الغدا بدري اكده ؟
حركت رأسها برفض وقالت :
_ له هو مجاش معاي النهاردة.

اندهش من ردها ثم قال :
_ الله أمال إنتِ جيتي لوحدك ولا ايه ؟
ضحكت بخفة ثم أردفت:
_ الله إنت أسئلتك كترت قووووي النهاردة يامتر ، مش عايز تشرب قهوتك ولا ايه ؟
ولا أقول لك اصبر عشر دقايق اشربها مع معاذ علشان أعرفكم على بعض .
سألها بدهشة عن معاذ فلأول مرة تنطق هذا الاسم :
_ معاذ مين ! إنتِ ليكي أخ تاني ولا ايه ؟
حركت رأسها بنفي ثم قالت :
_ له متجرجرنيش في الكلام لما ياجي هو يعرِفك بنفسه ، اصبر بس .
منذ أن وصل إلى المقهى وهو يشعر بالغرابة من كل شئ في تلك المنة ثم أمسك هاتفه يتصفحه بملل فهو يشعر بوجود خطب ما ،
ولم يمكث عشر دقائق حتى وصل معاذ بوجهه البشوش ملقيا سلامه :
_ السلام عليكم ورحمة الله ، أكيد حضرتك المتر جاسر المهدي صوح ؟
ابتسم جاسر بذوق لذاك البشوش ثم أجابه:
_ أينعم هو أني بذاته ، مين انت بقى نحب نتعرف ؟
أجابه وهو يجلس بجوار منة الله وينظر إليها بابتسامة:
_ اني يا سيدي معاذ بن عم منة وخطيبها ، لسه قاريين الفاتحة بتاعتنا امبارح طازة .
حقا لقد شعر جاسر بأنه ضـ.ـرب في مقـ.ـتل الآن ووجهه صار متعرقا بشدة وهم في عز البرد ثم ابتسم رغماً عنه مباركاً لهم :
_ الف مبروك ياهندسة ، ألف مبروك يامنة ربنا يكمل لكم على خير يارب .
ثم استئذنهم بأنه يريد أن يدلف إلى الحمام ولكنه تركهم وخرج من المكان بأكمله وهو يشعر بالخذلان من قلبه للمرة الثانية وكأن الفرح والسعادة ليسوا مكتوبين لذاك الجاسر ونصيبه من الهوى الخذلان .
google-playkhamsatmostaqltradent