Ads by Google X

رواية من نبض الوجع عشت غرامي (ج2) الفصل العشرون 20 - بقلم فاطيما يوسف

الصفحة الرئيسية

    


 رواية من نبض الوجع عشت غرامي (ج2) الفصل العشرون 20 - بقلم فاطيما يوسف

  
نظرت للمكان حولها بانبهار من جماله الخاطف للأنظار ثم حوَّلت أنظارها إلى ذاك العاشق الولهان وهي تسأله كيف لك أن تقضي وقتاً طويلاً وأنت تصنع لي ذاك الجمال بكل الأنوار ؟


فأجابتها عيناه عن أسباب هواها وهو يعدُّ على أصابعه بافتخار،
هذه الورود المتناثرة لعيناكي وتلك الشموع المضيئة لرؤياكي وهذي الحلوى المزينة بوجهك لأنول رضاكي ،
فما كان منها إلا أنها سجدت شكراً لله على نعمته لأن جعلها من نصيب ذاك الراقي
#بغرامها_متيم
#بقلمي_فاطيما_يوسف
وأخيراً بعد مرور ساعة أخرى انتهى حفل الزفاف وانفض الجميع من حولهم فهو قد حجز اليخت له فلا يوجد عليه غير سائقيه فقط فذهب بها إلى الدور العلوي لليخت في غرفة جانبية جهزها بجميع ماسيحتاجونه من مأكل وملبس وكل شئ ،
وما إن وصل حتى وقف أمام الغرفة واحتضن وجنتيها مباركاً لها :
ــ مبروك عليا البطل بحلاوته وشقاوته وعبيره وهناه مبروك عليا “أم الزين”
نظرت أرضاً بخجل فهي الآن تُوِّجت عروسه للتو على سنة الله ورسوله وانتهى حفل زفافهما وهو يقف أمامها كالمسحور ودقات قلبه لن تصمت دقة تلو الأخرى ،
ثم همست برقة تليق بها ومن غير “أم الزين” كائناً رقيقاً مرهف الحس :
ــ الله يبارك فيك يا جاسر .
نظر إلى السماء وهو يتنفس بعمق كي يعبأ صدره بزفير كافٍ لكي يستعد للقاء الشوق لمن ملكت القلب والفؤاد وهو يرفع وجهها يجبرها على النظر داخل عينيه ثم قبلها من جبينها قبلة يعبر بها عن مدى هيامه بها وهتف بنبرة صوت متحشرجة وهو يفعل ما يفعله كل رجل عاشق لامراته في ليلتهم الأولى وهو ينحني يرفعها أرضا ويهبط بها الأدراج كي يصلا الي الغرفة التي بمثابة جنة نعيمهم وما كان منها إلا أنها شهقت بخجل من فعلته التي لم تأتي بمخيلتها قبل ذاك أن تُحمَل بين أحضان العشق كأي عروس تلك الأشياء التي كانت تراها فقط في أحلامها وداخلها متيقن انها لن تحياها يوماً من الأيام ففعلت مثلما رأتهم يفعلون دفنت حالها في رقبته مما جعله هام بها عشقا لحركتها تلك ثم وصلا إلى غرفتهم ففتحها بإحدى يديه سريعاً وهو ما زال يحملها بين أحضانه وما إن دلفا إلى الغرفة حتى أنزلها برفق وهو يتمتم بعشق :

ــ ياهلا بالزين ياهلا والله.
أما هي نظرت للمكان حولها بانبهار من الورود الحمراء والبيضاء المتناثرة على التخت على شكل قلب ويتوسط القلب المزين بالورود صورتها الأولى التى رآها اول مرة وحينها سكنت القلب دون استئذان ،
ثم جالت عينيها فإذا بالستائر الشفافة باللون الوردي تحاط بالتخت الذي سيشهد أول لقاء عاصف لكلا العاشقين ثم نظرت جانباً وجدت تلك المنضدة المرصعة بالشموع المضيئة بالألوان المختلفة وتفوح منهما رائحة أذكى العطور وتلك النوافذ الشفافة التي تطل على البحر بأمواجه الثائرة واختار تلك النوافذ خصيصا حتى يقضيان ليلتهم على ضوء الشموع ونور القمر وصوت أمواج البحر الهادئة ،


ثم أنهت كشف كل ما في جنتها الصغيرة نعم فقد أسمت تلك الغرفة جنة لأنها وجدت بها ما لا عينها رأته ولا أذنها سمعته ولا خطر على بالها يوماً ،
ثم حدثته عيناها بوله :
ــ فأي جو رتبته انت يارجل جعلتني جننت به لاا بل بهرتني به لا بل سحرتني لا بل كل عبارات الانبهار لن تكفيك أيها الرائع !
فأي رجل أنت أيها الجاسر ومن أين أتيتني وانتشلتني من وحل الذكريات التي كانت ستفتك بي وسحبتني إلى عالم ظننت لااا بل تيقنت أنني لا أعيشه يوماً من الأيام ؟
حقا كل عبارات الحب لا تكفيك ولا كل رسائل الشوق تُرثيك ولا كلمات المعجم بأكمله تكفيك أيها العاشق الذي لقبتك ملاكي العاشق ومن ملكت الفؤاد والكيان.
أما هو كان ينظر إلى انبهارها بسعادة لا تضاهيها سعادة فلم يكن يتخيل أنها ستسعد برؤية تلك الأشياء البسيطة التي فعلها لأجلها بتلك الدرجة ، ظل منتبهاً مع نظراتها التي تتنقل تارة مابين الانبهار وتارة مابين السعادة التي قرأها فكانت واضحة للغاية وتارة مابين الشكر والامتنان وآخر شئ لاحظه قرأ حديث عينيها لأجله وفهمه بشدة وكأنها رددته بفمها الملثَّمِ وما كانت من عينيه إلا أنها احتضنت عبارتها بترحاب بل وحدثت عيناها بالمكنون الذي قرأته هي الأخرى:
ــ أيتها الأميرة عيناكِ خضر تموج ببحر الحب
والوجه أبيض كالقمر المنير والثغر عصفور يردد لحنه متفائلا فوق الغدير والقلب مثل الفراشة يلهو ويطرب ويطير والشعر ليل والجبين كأنه البدر الأمير تمتد فيه جداول بمياهها العذب النمير وأقولها خِفيةً وعلناً أهواكِ فراشتي فخَطي على أحلى غدير ،
كان حديثهم صامتاً لكن يعني آلاف التعابير والحكوى كأعذب الألحان ثم اقترب منها وهو يتحدث أخيراً وهو يغمز لها بمشاغبة كي ينفك عنها التوتر :
ــ ايه رأيك في الجو الشاعري دي بذمتك مش يجنن ؟
تبسَّم وجهها وأجابته وهي مازالت تلتفت في الغرفة خجلاً من أن تنظر في عينيه :
ــ بصراحة انت بهرتني قووي وخلتني أحس بالتميز اللي عمري ما كنت بشوفه إلا في خيالي ،
ثم رفعت عيناها وأكملت بامتنان :
ــ بجد شكراً قووي طالعة من قلبي ليك على كل حاجة حلوة عملتها علشاني يا جاسر ، انت أسعدتني بطريقة متتصورهاش ، خلتني أحس إن اللي فات من عمري قبل ما أشوفك وأعرفك ضاع .

كان نظره متعمقاً على شفاها الورديتين والمكتنزتين بوله وهو يستمتع بحكواها ليقول باحتياج للمزيد من همسها الرائع المحبب لقلبه ويداه تتحسس وجنتها بحنو :


ــ أممم… وايه تاني يا أم الزين أطربيني بكلامك الساحر الجميل وأني كلي آذان صاغية وبصراحة أني محتاج أسمع صوتك وهمسك بأحلى كلام ليا واحنا في أهم ساعة صفا في حياتنا .
ما كان منها إلا أنها وضعت يدها على كف يده الموضوعة على وجنتها كي تشعره بحنان ودفئ ملمسها بل ونعومته مما أثاره تلك الحركة لتقول بعشق صادق ظهر بيناًّ في عينيها اللامعتين بوميض عشقه الساحر والجو الخلاب حولهم جعلهم يندمجون في لحظات السعادة مما :
ــ طب نفسك أقول ايه بالظبط وأني هقول ؟
داعب أرنبة أنفها مجيباً بحزن مصطنع:
ــ وه هو أني اللي هقول لك على اللي انتي حاسة بيه دلوك !
واسترسل بنبرة عاشقة يصحبها الدعابة :
ــ عايزك تقولي لي هحبك يا جاسر وهعشقك وانت الحتة الحلوة اللي ركنتها لك في قلبي سنين ، وتختميها بـهحبك يا أبو عيالي.
ضحكت لطريقته الدعابية وتركت جميع كلامه وتمسكت بكلماته الأخيرة لتسأل بذهول :
ــ أبو عيالي واحنا لسه هنقول يا هادي كيف داي ؟
بحركة مفاجأة باغتها بنزع حجابها برفق كي يرى شعرها الذي حلُم كثيراً أن يراه وحينما ارتمى حجابها أرضاً انسدلت خصلاته السوداء الساحرة أسفل ظهرها وعلى عينيها مما جعلها شهقت بخجل لمفاجئتها بحركته تلك ويبدوا أنه عاشق ماكر يفهم قوانين القرب بجدارة وقبل أن ينهال عليها عاشقاً حتى ردد وكأنه يلهث في سباق :
ــ طلعتي تجنني يا أم الزين ، خديني في أحضانك علشان نفسي أدوق حنانك وخرجيني برة الدنيا ودخليني جنتك يا “أم الزين” .
ثم لم يدرى كلتاهما بشئ من العالم حولهم وهم يقتنصون من الزمن لحظات من السعادة التي لم ولن تذق طعمها تلك المها إلا مع ذاك الجاسر فقد كان طعم عالمه الخاص وهي بين يديه حقا مبهر وساحر بل وفاق الخيال ،
أما هو كان يشعر معها بأنه الرجل الأول في حياتها وبأنها ما زالت امرأة خام في تصرفاتها معه مما زاد دهشته أيعقل أن تكون تجرعت من حرمان العاطفة ولم تتشبعها وهي امرأة دامت في أحضان رجل عشر سنوات ؟!
بعد وقت مضاه ذاك العاشقان في جولتهم الأولى التى أدخلت السرور إلى قلوبهم وهدأت مشاعرهم الثـ.ـائرة قليلاً من عاصفة اقترابهم ولم ينفض عقله عن ذاك الاستفسار وظل يلح عليه أن يسألها حتى يعرف عنها كل شئ فهو أصبح الآن رجلها ،
كانت قابعة في أحضانه مسترخية على صدره وهي تشعر بسعادة الكون بأكمله فكيف له أن يرفعها في سماء العشق والغرام والهيام بتلك الدرجة ، لحظات حالمة قضتها بين يديه أنثى مدللة مرغوب بها وقلبها يشهد عليه قائلاً له ودقاته الناطقة عن لسانها ؛ فلتشهد نجوم السماء بكواكبها وليشهد قمرها بنوره المعتم على أنك رجلي الأول والأخير أيها الفارس المغوار في العشق ،

أما هو شعر بحالة الانتشاء التي تحياها وهي تتململ بين يديه فوجد لسانه المُلِح عليه يتساءل بهمس أجش من فرط تأثيره بقربها المهلك :


ــ إلا قولي لي يا أم الزين هو إنتِ يعني ، أمممم .. أقصد ازاي كنتي متجوزة وعشتي عشر سنين مع جوزك اللي مات ومشاعرك وحالتك وانتِ بين ايديا مشاعر كأنها مولودة من جديد ، ولا حتى فيه خبرة تجربة بدرجة عشرة من مية.
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة من استفساره وهي ترجع خصلاتها الثائـ.ـرة بهوجاء على عينيها ثم تحدثت وهي تجيبه بخجل مصاحب للتوتر البالغ ويبدوا أنه سيسألها كثيراً عن أشياء لم تريد تذكرها ولكنه رجل عاشق يريد أن يعرف كل شيء عن أنثاه :
ــ أصلــ .. .. انت يعتبر الأول اللي هجرب معاه المشاعر دي ، مجدي الله يرحمه كانت حياته فاترة مفيهاش المشاعر ، مكانش بيعرف يفرق بين اللحظات الحلوة أو الخاصة أو بمعني أصح حتى تقضية الواجب على الماشي كانت كل فترة وفترة ، أو بمعنى أصح أكتر مكانش بيشوف فيا حاجة تجذبه أنه يتعامل معايا زي أي راجل وست طبيعين .
اتسعت مقلتيه بذهول من كلامها وهتف لسانه مستنكراً وهو يقوم عنها وينظر داخل عينيها متعجباً :
ــ مكانش بيشوفك إنتي ست حلوة !
كيف وازاي يا أم الزين وانتِ الحلا كلاته ، آمال ولادك جم ازاي بالمشاعر الباردة دي ، واتحملتي ازاي تتنازلي عشر سنين بحالهم وانتِ محتاجة حضن الأمان ،
واسترسل استفساراته التي جرت ورائها مجهولا أكثر واحد تلو الآخر:
ــ اتحملتي ازاي وأني كنت حاسس باحتياجك للمشاعر اللي بين راجل وست في حضـ.ـني دلوك ؟!
وهو اتحمل ازاي وانتِ ست تحركي جبل الجليد يا مها ، معقولة في راجل اكده ؟!
لم تتحمل كل تلك الاستفسارات وبالتحديد عندما سألها كيف وضعت توأمها وهي كانت امرأة لرجل بارد وتذكرت خطيئتها وكأن حكم القدر أن تنتهي لحظاتها السعيدة إلى محزنة للغاية بل قمة الأحزان التى تملأ الكون بأكمله وما كان منها إلا انهمرت الدموع الصامتة من عينيها بغزارة جعلته فزِع لأجلها وهو ينصدم من بحر الدموع التي انقلبت إلى شهقات مرتفعة جعلت قلبه هوى بين قدميه وهو يتفاجئ من ردة فعلها الغير متوقعة له وفسر معنى دموعها المنهمرة على أنه ذكرها بـ “زين” و “زيدان” مما جعله يعتذر لها كثيراً وهو يقبلها من عينيها الدامعتين ووجنتيها والتقطها بين أحضانه :
ــ حقك عليا والله ما أقصد أزعلك أو أخليكي تعيطي بالطريقة دي ، مكنتش أعرف انك حساسة قوووي للدرجة داي يا أم الزين ،


وكلما تحدث كلما ارتفعت شهقاتها مما جعله ود أن يؤدي بحاله إلى الجحيم بسبب حزنها الجم بتلك الدرجة التي لم يكن يتوقعها وظل يهدهدها كثيراً حتى غفت بين يديه وعينيها منتفختين من أثر الدموع بهما مما جعله ظل يسخط حاله ويلعن لسانه الذي جعلها نامت ليلتها الأولى معه وهي بكل تلك الدموع وتبدلت ليلتهم الهانئة الى حزينة لأعلى درجة مما جعله قام من جانبها وهو يقف أمام النافذة ويلعن حاله آلاف المرات ولكن ظل عقله يسأل وعقله يلح عليه بذاك السؤال :
ــ معقولة كل الدموع دي بالطريقة دي علشان بس افتكرت زين وزيدان ؟!

فيرد عليه قلبه ببرهان لها :
ــ هو انت سألتها عن زين وزيدان بس دي انت مبطلتش أسئلة عن جوزها وعن علاقتها بيه وفكرتها بأوحش أيام مرت عليها في حياتها وهي كانت متجوزاك علشان تنسى الماضي بيك علشان تداوي جرح قلبها اللي اتيتَم سنين.
فيرجع عقله يتناوب عليه بتفكيره :
ــ له بردوا يا متر فيه حاجة غامضة فيها ، حداها نظرة ندم هشوفها في عينيها كَتير أني حفظتها عن ظهر قلب ومفاتيح مشاعرها بقت في يدي .
فيتَنهد بأنفاسٍ عميقة خارجة من أعماق رئتيه وهو ينظر إليها في نومها وما زالت الدموع تفر منها حتى وهي نائمة وقلبه ينهر عقله بشدة :
ــ بس بقي اسكت ياشيخ حرام عليك هما ولادها اللي ماتو دول وحديهم يقطـ.ـعوا قلب الحجر فما بالك بيها ست رقيقة حتى مشاعرها خام ، ده انت تقيم الأفراح علشان مطلعتش محروم انك تعلمها أبجديات عشقك على يدك ، هتعلمها كيف تسعدك وكيف تكون معاك وهي ست في لحظاتكم الخاصة على هواك زي أي راجل ،
ثم تناوب قلبه عليه ينهره كثيراً وكثيراً وعقله لم يستطيع مجابهة قلبه وخسر عقل الجاسر معركته الأولى ضد قلبه العاشق :
ــ بلاش الماضي يا جاسر بلاش تخليها تخاف تقرب منك بلاش تعقدها بأسئلئتك اللي مهتجنيش من وراها غير الخسارة وانت لو خسرت أم الزين قلبك ولا عقلك اللي هيخليك تخرف هيعرِف يصلح اللي هيوزك بيه .
وعلى الفور بعد أن أنهى تأنيبه لنفسه حتى خطى إليها وهو يختطفها بين أحضانه ويقبلها بكل انش بوجهها حتى تململت في نومها وشعرت بالفزع ففتحت أهدابها سريعاً ورأى نظرة الفزع ظاهرة في عينيها فعلى الفور ضم وجهها إليه وهو يقبلها من عينيها بندم :
ــ متخافيش يا مها اوعاكي تحسي بالفزع والرعب دي وانتي معاي النظرة داي هتقتلني ، أرجوكي تقبلي اعتذاري اني هحبك ، له أني عديت مراحل الحب أني هعشقك ياقلب قلبي ومعايزكيش تنامي زعلانة اكده وعيونك بكيانة .
فما كان منها إلا أنه احتضنته بشدة وهي تقبله من رقبته هامسة بجانب أذنيه وهي تشعر بالذنب تجاهه هي الأخرى بأنها أفسدت عليه لحظات السعادة مع عروسه في ليلتهم الأولى :
ــ مش زعلانة ياحبيبي انت اللي حقك عليا اني نكدت عليك أول ليلة في جوازنا بعياطي اللي زاد عن حده .
راق له قبلتها وهمسها ونداؤه بلقب “حبيبي” مما جعل جسده يشعر بالقشعريرة فهمس هو الآخر في أذنـ.ـها برغـ.ـبة تأججت في كامل جسدها :
ــ له بعد كلمة حبيبي داي مفيش نوم الليلة يا عروستي لازم ختم السهرة يعلم في قلبك يا أم الزين يا أحلى من القمر بذاته .
اللحظات الجميلة ليس بالضرورة أن تكون ناتجة عن أشياء ثمينة أو نادرة الحدوث، فقد تأتي لحظة جميلة بمجرد ابتسامة تراها على محيا أحدهم أو كلمة طيبة تسمعها من أحد الأشخاص تلك الكلمات وصف بها “إيرين لودر” لحظات السعادة.
“*”****”****”**********

كانت جالسة على تختها وهي تمسك الهاتف بيدها تتصفح صفحته وتتابعها بجدية كي تراقبه من بعيد دون أن تجرح مشاعره باستفساراتها فمن منشوراته ستعرف حالته المزاجية ما إذا تعدلت أم يوجد بعض الرتوش البسيطة وهذا ما قرأته عن حالته أنه لابد من المراقبة عن بعد بعد شفاء المريض من مرض الانفصام وكما أن صديقتها الطبيبة النفسية أبلغتها أن العامل الأساسي أو الشخص الذي جعل المنفصم يعود للحياة الطبيعية يكون هذا الشخص للمنفصم بمثابة الجنين لأمه والفقيد لوطنه فإذا اختفت الأم وضاع الوطن انتكس مرة أخرى ومن الصعب أن يعود لحالة الشفاء مرة أخرى بل ممكن يؤدي بحياته إلى الانتـ.ـحار بسبب حالته المزاجية التي انقلبت رأساً على عقب مرة واحدة فلم يتحمل عقله الباطن و “فريدة” بالنسبة لـ “فارس” الأم والوطن والحبيبة والمعشوقة باختصار هي روحه التي لو ابتعدت عنه ستنسحب أنفاسه المتعلقة بها معها ،
وجدت أمامها تلك الصورة التي جعلت قلبها يخفق من أناقته ففارس للشياكة والأناقة عنوان 👇👇
فقد كان يرتدي حلته ذات اللون الكحلي وأسفلها قميصاً باللون الابيض المعتاد الذي يعشقه ويزيده وسامة ويزين معصم يده تلك الساعة الأنيقة بنفس لون المنديل في جيب الجاكيت الذي يرتديه ويرتدي نضارة شمسية بنفس لون الساعة وهو يضع إحدى يديه في جيب بنطاله وينظر تجاه الشمس فمن يراه يظنه عارضاً للأزياء بحق طلته التي خطفت أنفاس فريدة وجعلت الغيرة تدب في صدرها من تلك الصورة التي نشرها على الانستجرام والفيس بوك ويدون أعلاها تلك الكلمات :
ــ ليس من الضروري أن نحكم على الإنسان من مظهره الذي يلفت الأنظار فالملابس تداري القلوب الموجوعة وندوب الجروح فأنتم رأيتم الظاهر وحكمتم عليه بالنعمة والله أعلم بما في الصدور من هموم وغمة .
فتحت التعليقات فعدد المعلقين كثير جدا وجدت اكثر المتابعين لهم من الإناث مما جعلها تغتاظ وهي تجلس على تختها وتقضم اظافرها وعينيها تلتهم التعليقات كالذئب المفترس وعلى الفور وجدت حالها تهاتفه فىجابها مشاغباً إياها :
ــ oh my God الدكتورة فريدة ذات نفسها بتتصل بيك يا فارس ! ده انت النهاردة تقيم الأفراح علشان حضرة البرنسيسة فريدة حنت عليك وجابت رقمك عشان تطمن عليك مش مصدق نفسي والله ،
وأكمل مشاغبته متسائلاً إياها :
ــ ولا انا بيجي لي تهيؤات ومش بتتصلي عشان تطمني عليا او انا وحشتك مثلا ؟
كانت في ذاك الوقت لا تسمع لكلامه بتركيز بمقدار ما بداخلها من غيظ أفرغته فيه ما إن استمعت إلى كلماته :
ــ صوح عنديك حق انت هتجيلك تهيؤات،
اني ما هتصلش علشان خاطر اطمن أني هكلمك عشان اقول لك ايه كمية البنات اللي معلقة لك على البوست بتاعك اللي انت لسه منزلَه من ساعة وانت لابس البدلة والنضارة والساعة الشيك اني انصدمت من كمية البنات اللي عنديك دول يا دكتور ؟
أحس بسعادة العالم أجمع في قلبه عندما استشف غيرتها عليه بتلك الطريقة فلم يكن يتخيل أن تلك الفريدة تحب بهذه الدرجة فهتف على الفور وقد اعتلى صفيره بإعجاب من غيرتها مما جعلها تعجبت من صفيره في أذنها :

ــ oh no ! بقى البرنسيسة فريدة بتغير عليك يا فارس والله مش مصدق وداني واللي انا سمعته ، لا واضح كمان إن الغيره عمياء .
جزت على ىسنانها بغضب من طريقته المستنكرة لغضبها وهي تأمره بحدة :
ــ والله هو دي بس اللي انت فهمته من كلامي يا دكتور !
هو انت ينفع اصلا الأكونت بتاعك يوبقى عليه كل البنات دي كلاتها ؟
من فضلك يا فارس الأكونت دي يتمسح خالص بكل اللي عليه وتعمل واحد جديد علشان اكده ما ينفعش واصل.
حاول استفزازها أكثر فقد راق له غيرتها عليه بتلك الدرجة الشديدة التي لم يكن يتوقعها مرددا :
ــ دي انتي طلعتي بقى بتغيري جامد ، طب مش همسحه إلا لما تعترفي انك بتغيري عليا قولا وفعلا يا فيري .
ظلت تقضم أظافرها بغيظ من ذاك الفارس الذي يسخر من غيرتها :
ــ يعني هو دي وقته الكلام دي !
شايفني زهقانة ومتعصبة فتقول لي مش همسح ، هو ينفع يكون عِندي اكونت وعليه عدد رجالة زي الستات اللي عنديك داي كلاتها وانزل صورتي ويقعدوا يمدحوا فيها ويتأملوا جمالها واني أبقى مبسوطة من التعليقات اللي هتتغزل في جمالي زي ما بيحصل بالظبط على البوست بتاعك دلوك ؟
رفع حاجبه باستنكار من تشبيهها اللي يردد بنفي مطلق :
ــ والله هو ينفع الكلام اللي انت بتقوليه ده اصلا انا راجل وانتي ست ،
يعني مثلا ربنا شرع للراجل انه يتجوز أربعة شرع للست برده انها تتجوز أربعة عشان تشبهي الراجل بالست في حوار الاعجاب والصفحات والصور ؟
احتدم النقاش بينهم بطريقة حادة وهي تترك مشكلة منشوره وما عليه من تعليقات وتمسكت بكلامه عن الزواج بأربعة وكأنه أشعل الفتيل بذاك التشبيه :
ــ وه ! هو ايه دخل حوار جواز الراجل بأربعة باللي اني هقول لك عليه ولا انت بقى من نوع الرجالة اللي عنديه استعداد يتجوَز على الست بتاعته مرة واتنين وتلاته يا سي فارس .
أعجبه طريقتها الغاضبة بشدة فما كان منه الا انه شاغبها أكثر مما جعلها استشاطت من كلامه :
ــ وفيها ايه يافوفا ده ربنا اللي شرع للراجل الجواز بأربعة واحدة للدلع وواحدة تبقى واجهة وواحدة كمان للدلع لما التانية تبقى عطلانة ومعروفة في واحدة فيهم بتحب النكد فدي وقت أما الإنسان يكون مبسوط زيادة يروح لها تنكد عليه وهكذا تدور الدائرة .
شهقة مرتفعة خرجت من أعماق أحبالها الصوتية مما جعلته أبعد الهاتف عن أذنه من صدى صوتها وهي تسأله بهدوء ما قبل العاصفة :
ــ أهااااااااا ، انت هتتحدت بجد يا فارس !
وبعدين ايه فوفا اللي انت هتقولها لي داي هو اني مش قلت لك ما تقولهاليش تاني انت بتستفزني قوي على فكرة فما تفتكرنيش طيبة تقول لي اي كلام يخليني انقهر وهسكت ، لا الست الطيبة وقت ما تلاقي الراجل جاي عليها بتفترسه .

عض على شفتيه السفلى بتلذذ وهو منبهر بحديثهم الجديد كلياً عن طريقتهم مع بعضهم واستند على كرسيه ناطقاً باستمتاع :
ــ واو تفترسيني ! طب انا اموت في الست الشرسة اللي تفترس هسيب لك نفسي على الآخر اعملي ما بدالك يا فيري وعد مني مش هقول لك انت بتعملي ايه وتبقي انتي بقى المزه بتاعه الدلع .
كأن أذنيها لم تصدق ما استمعت إليه وهي تنظر الى الهاتف بعدم تصديق من كلام ذاك الفارس ، أيعقل أنه مؤمن بالزواج بأربعة وفي يوم من الأيام سيأتي عليها بهم فوجدت حالها تحذره تحذيراً قاطعاً وكأنه يتحدث بصدق لعقل تلك الصغيرة الذي أصابه بالجنون ذاك الفارس :
ــ مزة ! ايه الكلام الغريب اللي هتقوله دي،
دي انت المفروض الدكتور فارس المحترم الراقي يقول مزة ! وبعدين هو انت فعلا ممكن تتجوز عليا الله الوكيل لو حصل وعميلتها يا فارس لهكون مرتكبة جريمة فيكم وانت اللي ابتديت والبادي أظلم يا ابن الألفي .
وجد حاله أنه عاندها كثيراً ثم تراجع على الفور كي لا يجعلها تصاب بالجنون من عناده لها وهو يتلطف معها بنبرة حنون :
ــ ايه يا بنتي جو القفش اللي انتي فيه ده هو الواحد ما يعرفش يهزر معاكي خالص وبعدين يا فيري هو في حد يحب الدكتورة فريدة بعيونها اللي يهلكوا وغمازاتها اللي يجننوا ورقتها اللي تدوب ولسانها اللي ما بيقولش الا الحلو كله وكله كوم وقوامها الفتاك بقى كوم تاني .
ضحكت لطريقته بعدما أوصلها للغضب عنان السماء فهو لديه قدرة أن يبدل مزاجها بمجرد بضع كلمات فقط ثم تقمصت ذاك الدور الذي ظنته جداً وما هو إلا فكاهة منه :
ــ اه هي وصلت بقى للقوام الفتاك وجو سيد القصري اللي انت داخل فيه ومزة و الألفاظ الغريبه دي ونستني الموضوع الأساسي شكلك أصلاً كنت بتوهني علشان خاطر ما اتكلمش فيه وأرجع واقول لك يا فارس احذف الأكونتات اللي مليانة بنات علشان خاطر ما يحصلش حوارات وتدوش دماغك ده بنكد الستات .
ــ الله إيه الحلاوة دي ومتلحنة كمان يافيري … قالها فارس بنبرة مستمتعة وأكمل مشاكستها :
ــ بجد الحوار النهاردة لذيذ خالص ما بيني وما بينك مختلف تماما انا كده عرفت انك بتحبي التجدد بصراحة طلعتي مبهرة فيه وانتظري مني كل ما هو جديد يا قلب الفارس .
داعبت خصلات شعرها بأناملها وهي الأخرى سعيدة بالحوار معه ثم سألته بنبرة جادة:
ــ طب ممكن نتكلم بقى جد شوية علشان بجد انا متضايقة من التعليقات ومن كمية البنات اللي انا شفتها عندك ممكن بقى تتصرف ولا هتسيبني زعلانة .
طمئنها على الفور :
ــ ده انت تؤمر يا جميل هو انا اصلاً في حد فيهم يفرق معايا كلهم انتي عارفه هما عندي من بقى لهم كثير وبصراحه ما جاش في بالي ان انا افرز الاكونت بتاعي فانا بقى ولا هفرز ولا بتاع وهحذفه خالص عشان عيون حبيبي اللي وحشوني وسلمي لي عليهم قوي على فكرة ،

ثم أكمل بحزن وقد تذكر سفره إلي أبيه فحتما لابد من المواجهة بينهم في ان يبتعد عنه :
ــ واللي هيوحشوني أكتر وانا مسافر وبصراحة مش عارف هرجع امتى بس خلي بالك من نفسك عقبال ما ارجع ويا ريت لو تاخدي أجازة من المستشفى احسن لحد ما اظبط الأمور وأجي أطلب ايدك من باباكي .
هلع قلبها من فكرة ابتعاده فقد اعتادت على وجوده بجانبها ولن تتخيل أنها تذهب الى المشفى بدونه ولم يكن موجوداً بها والأدهى من ذلك أنها مرتعبة من مواجهته مع ذاك الظالم المستبد وقلبها يدلها على انه لم ياتي الى هنا ثانية وسينساها فسألته بتوجس :
ــ هو لازم المواجهة دي ؟
مش لازم يا فارس ارجوك اني مش عايزك تسافر هخاف تروح ما ترجعش تاني او يجبرك على حاجة ومش يخليني اشوفك تاني ارجوك ما تسافرش اني قلبي مش مطمن أو انك تستحلى الجو هناك تاني وتبعد عني وتنساني .
شعر بخوفها بشدة وترك كل كلامها وتمسك بآخره :
ــ هو انتِ مفكرة اني ممكن اسافر وانساكي ومرجعش هنا تاني ؟!
ثم أكمل مستنكراً بشدة :
ــ ازاي اصلا بعد ما حبيتك وشفت وعيشت الامان معاكي ولقيت نفسي بعد ما كنت ضايع امشي وما ارجعش تاني هو انت يا فريدة مش عارفة انتي بالنسبة لي ايه ؟
أدمعت عينيها بخوف شديد من ابتعاده بل برهبة من ذاك الأب المتبلد القاسي فسمع شهقاتها التي جعلته أغمض عينيه لوهلة بحزن لدموعها وهي تهتف برعب :
ــ اني عارفة اني بالنسبة لك ايه لكن وانت جنبي اهنه مش بَعيد عن عيني ، خايفة يجبرك على حاجة ويخليك تنسى كل حاجة عشناها مع بعض سوا وكل المواقف تتنسي من مجرد غصبانيته ليك،
اما اني عارفه كويس انت بالنسبة لي ايه انت بقيت كل حاجة في حياتي يافارس اني اصلا ما كنتش متوقعة ان اني هحب بالطريقة داي وهتعلق قوي اكده ،
فبجد اني خايفة قوي مش هكذب عليك وهطمنك على شئ اني مرعوبة منيه.
خلل أصابعه بين خصلات شعره وهو يشعر بالضيق لأجل دموعه ثم همس بإسمها بصوت أجش مملوء بعاطفة هواه بها جعلها أغمضت عينيها وصوته الرجولي ونداؤه لها وهمسه بإسمها :
ــ فريدة متعيطيش يا حبيبتي وما تقلقيش وخليكي واثقة فيا اللي بينا مش حب زي أي راجل وست خالص يا فيري انا اتولدت على ايدك من جديد فانتي بالنسبة لي مش حبيبة هقضي معاها لحظات سعيدة او هنعمل بيت زينا زي اي اتنين بيرتبطوا ببعض خالص انتي بالنسبة لي أمي اللي عوضتني عن الغالية اللي راحت ،
صاحبتي اللي بتفهمني من عيوني اذا كنت زعلان او فرحان او مهموم او حتى مش في حالتي الطبيعية،
أختي اللي أول ما بتشوف حاجة بعملها غلط بتجري عليا وتمنعني ان انا اعمل الغلط ،

وكل ده كوم واني قلبي متعلق بقلبك واني مش بس بحبك يا فريدة لا ده انا بعشقك ووصلت معاكي لقمة الحب اللي ما تذكرش في الدنيا دي قبل كده كوم تاني خالص ،
ثم أكمل بقوة وهو يطمئنها :
ــ اطمني يا فريدة انا راجع بس هرجع لك وانا مستريح ومصفي كل الهموم اللي ورايا علشان خاطر نفتح صفحة جديدة مع بعض واتقدم لباباكي وتبقي مطمنة أكتر لازم المواجهة ما بيني وما بين عماد ، لازم اقف قدامه بكل قوة ورجولة وانا بطلعه من حياتي واطلع القرف اللي هو عايش فيه من جذوري ومهما كانت العواصف اللي هتقابلني حبك واني هرجع لك تاني باذن الله هيقووني .
تنهدت بعمق وهي تتنفس بشدة وما زال الخوف مسيطرا عليها مهما قال ومهما طمئنها ثم سألته:
ــ طب ليه تسافر يا فارس وليه المواجهة من الأصل ؟
خليك هنا وهو مش هيعمل لك حاجة أكيد بلاش المواجهة وبلاش تسافر ، اني خايفة منه وخايفة عليك وقلبي مش مطمن للسفر قلبي مش مطمن أصلاً انك تقف قصاده وتتكلم معاه وتعارضه في حاجة ،
ثم أكملت وقد ارتفعت شهقاتها من شدة خوفها عليه :
ــ اصل انت مش هتتخيل أني حبيتك واتعلقت بيك كد إيه !
ومش ممكن أتصور حياتي من غيرك ولا من غير وجودك فيها ، وكمان مش هعرف اجي وراك لو حوصل حاجة او اتأخرت عليا او ما قدرتش أوصل لك أو الظروف بعدتك عني تخيل بقى مدى الخوف اللي هيفضل مربوط في قلبي عليك لحد ما ترجع لي بالسلامة .
حزن كثيراً لأجلها ولم يعرف كيف يطمئنها؟ فداخله هو الآخر ليس مطمئناً للغاية ولكن مواجهته مع أبيه وأن يرسى معه لبر الأمان هو في حد ذاته أمانها هي لا هو ، فهو خائف ان ادخلها في حياته وتهور ذاك العماد وأفسد عليهم معيشتهم فحينئذ وقتها لم يستطيع تحمل أن يصيبها أذى ومع ارتفاع شهقاتها قرر أن يقابلها أولاً قبل أن يسافر كي يطمئنها وجهاً لوجه :
ــ طب أمانة عليك بطلي عياط بقى و كفاية خلاص مش هسافر النهاردة عشان خاطرك ، ممكن تيجي تقابليني بكرة في المستشفى عايز اتكلم معاكي قبل ما امشي عايز اطمنك علشان تستريحي ،بس كفاية دموع حرام عليكي انا مش متحمل اسمع دموعك وانتي بعيد عني ومش قادر أمسحهم عنك ،
أرجوكي يا فريدة اهدي بقى ما تصعبيهاش عليا انتي المفروض على فكره تهونيها علشان أسافر وأنا مطمن عليكي.
ظلا يلقي على مسامعها عبارات الإطمئنان حتى هدأت واتفقا على أن يتقابلا في صباح الغد ولكن ماذا يخبئ القدر لذاك العاشقان بشدة ؟
ماذا يخبئ لهم بعد أن ان تعلقت أرواحهم ببعضهم وهم ليسوا على استعداد للفراق فالفراق بينهم يعني الموت لا محالة لكليهما .
“**************”***

كان “عمران” عائداً من العمل بالتحديد الساعة التاسعة مساءً فقرر أن يفاجئ “سكون” ويذهب إلى المشفى وينتظرها أمام المشفى فذاك الوقت هو معاد خروجها من المشفي فكانت سهرتها اليوم دون أن يتصل بها كي يفاجئها ويدخل السرور على قلبها باهتمامه بها وقبل أن يصل ركن سيارته أمام السوبر ماركت الذي لاحظ في الفاترينة الخاصة به أنه يحتوي على أنواع الشوكولا التي تعشقها ثم جلب لها من جميع الأنواع التي تعشقها وصعد سيارته مرة أخرى كي يذهب إليها ثم وصل إلى المشفى ووقف أمامها ولكن متنحياً جانباً كي لا تراه وتفسد عليه مفاجأته وبالفعل لم ينتظر سوي عشرون دقيقة ،
خرجت سكون من المشفى وهي تنظر إلى الطريق كي تذهب لسيارتها ثم خطت خطوات هادئة تليق بها في ذاك المكان الهادئ وعلى حين غرة وجدت شاباًّ وقع تحت قدميها يمسك ببطنه ويتألم منها بشدة وعينيه تعلقت بها برجاء ان ترفعه أرضاً وهو يردد بتوجع :
ــ اه الحقيني يا أبلة قوميني مش قادر .
على الفور دون تفكير مدت يدها له وما إن تلامست أيديهم حتى قام جاذباً إياها بقوة أرعبتها حتى ارتطمت بعظام صدره القوية وحاصرها بين أحضانه وهو يردد لها :
ــ اركبي معايا العربية من السكات يا اما هتلاقي نفسك في خبر كان في ثانية المطوة جمب ايدك اللي جمب قلبي يابطل بعيون تهبل هنقضي ليلتين رايقين وهسيبك بهدوء ومتعليش صوتك علشان ولا تلفتي الإنتباه يا اما هتلاقي حالك في خبر كان دلوك.
وكاد أن يلقيها في سيارته ونظراتها ارتعبت حتى وجد أحدهم وكأنه أتى من الهواء يباغته بضـ.ـربة قاضـ.ـية على رأسه أوقعه أرضاً ووضع قدمه على صدره وهو يردد بفحيح :
ــ بترفع تنطق الشهادة يا روح أمك ولا تتوكل على الله يا نجس وانت اللي زيك ميعرفهاش .
لم يرتعب ذلك الرجل وهو يعرض عليه :
ــ طب يا باشا خدها كادو مني ليك قضي معاها الليلتين هي مزة وهتبسطك اني جربتها خطيرة وهتشوف الهنا علي ايديها وسيبني أمشي .
شهقت سكون بشدة وهي تصيح في ذاك المفتري الكاذب :
ــ انت هتقول ايه يامجنون انت ! هو انت شفتني قبل اكده يامفتري .
نطق ذاك الكاذب :
ــ أمال يابت إنتي هتظيتي دي إنتي .. وكاد أن يكمل إلا أن “عمران” رفعه أرضاً ولكمه بقوة جعلته ابتلع باقي كلماته ثم وجه أنظاره إلى “سكون” هادراً بها بحدة أرعبتها :
ــ انت تخرسي خالص روحي على العربية واقفلي على نفسك مش عايز اسمع نفَسك دي واصل يا لا .
ثم عاد لذاك المفتري وظل يلكمه كثيراً فتمسكت بذراعه عندما وجدت ذاك الشاب تنهمر الدماء من جانب فمه ثم أخرج السكينة من جيبه مما أرعب “سكون” وهي تتمسك بعمران وتردد بهلع :

ــ أرجوك يا عمران سيبه كفاية هيموت في يدك دي طلع المطوة وسيبه وتعالى نروح هو كفاية خد اللي يكفيه .
لكمه “عمران” سريعاً حتى اهتز توازنه وسقطت السكينة من يده ثم هدر بها مرة أخرى وهو يدفعها كي تبتعد عنهم بيده حتى وقعت أرضاً من تنحيه لها وهو يردد بغضب من مظهرها ذاك ووقوعها على الأرض:
ــ هو اني مش قلت لك ارجعي العربية سيبيني أخلص عليه اتفضلي روحي على العربية وما لكيش دعوة أهو كله بسبك .
قامت من مكانها سريعاً وذهبت إلى السيارة وقلبها يدق خوفا بشدة من الموقف ككل وكل ذلك لا يعنيها أكثر من خوفها من غضب “عمران” بعدما ينتقم من ذاك المتعدي عليها باليد والكلام وكل ذلك بسبب سذاجتها وطيبة قلبها في أنها وقفت تساعد ذاك المدعي عليها بالافتراء والكذب وما أصابها غير ليلة لن تمر عليها مرور الكرام من “عمران” الذي لو لم يكن موجودا في ذاك الوقت لكانت الآن في عداد الموتى بين يدي هذا الوغد الذي ينال من “عمران” تلك اللكمات التي لم يستطيع مجاباتها فهو في غضبه الشديد وحينما يعتدي أحد على عرضه لن يتركه إلا وهو مشلول الأيدي والأقدام فهي تعرفه وقت الغضب يطلق عليه حرفياً “اتقي شر الحليم اذا غضب” ،
أما “عمران” ظل يسدد اللكمات لذاك الوغد حتى غاب عن الوعي من شدة ساعديه التي اودت به الى غياهب اللاوعي ثم جره من قدميه وسحبه ووصل به إلى باب المشفى فرآه الأمن من بعيد وهو يصيح عليهم بأعلى صوته وعندما وصلوا اليه نبه عليهم وهو ينهج :
ــ الكلب دي كان هيخـ.ـطف الداكتورة سكون وهي خارجة من المستشفى ولولا ان أني وصلت في الوقت المناسب كان زمانه دلوك واخدها والله أعلم كان هيعمل فيها ايه تقدروا تراجعوا الكاميرات اللي حوالين المستشفي لازم تسلموه للأمن بعد اما يفوق وبكره هروح النيابة بنفسي واقدم في بلاغ اللي زي دي ما ينفعش يفضل موجود في الشوارع يأذي خلق الله ويحمد ربنا إنه طالع من تحت يدي عايش من غير ما اموته انا رايح اشوف مرتي وعلى الله يفلت من يدكم هقدم فيكم وفي المستشفى وكل اللي فيها بلاغ وانا مش هين علشان ما تفتكروش ان اني بهوش لو هرب من ايديكم مش هتشوفوا طيب ،
ثم أكمل كمل ساخراً منهم وقد أعماه الغضب ولم يدري بما يقول :
ــ لأن دي شغلكم أمن المستشفى واللي حواليها لكن انتم قاعدين تشربوا شاي ومروقين نفسكم وسايبين كلاب الشوارع ينهشوا في الناس اللي ماشية ، حرام عليكم اتقوا الله في شغلكم شوية حالات الخـ.ـطف زادت في البلد كتير قوي الأيام دي وأنتم قاعدين ولا على بالكم .
ثم تركهم وهم يرتعبون من فكرة شكواهم فأخذوا ذاك الملقى ثم اتخذوا الإجراءات اللازمة معه،
أما هو أسرع بأقدامه كي يخرج لتلك الساذجة وهو يعزم على أن يلقنها درس لن تنساه بحياتها وما إن رأته قادماً من بعيد وعلامات الغضب الشديد مرسومة على وجهه مما أفزعها وظلت تدعو الله أن يهدأ وحينما وصل إليه فتح باب السيارة بغضب شديد ثم أغلقه عليهم ثم بدأ بالتحرك بالسيارة والغضب يصل الى ذروته معه حتى نطقت هي حينما رأت سرعته في القيادة :
ــ سوق بالراحة يا عمران لو سمحت اني خايفة .

لم ينطق بكلمة واحدة بل زاد سرعته أكثر حتى وصل إلى منزلهم وهو يأمرها أن تنزل بحدة فهبطت من السيارة ودخلت المنزل سريعاً أما ما هو أغلق سيارته على الفور وتبعها وما إن دلفا إلى منزلهم حتى سحبها من ذراعها واذا به يهبط على وجنتها بصفعة مدوية طاح جسدها أرضاً على أثرها مما يجعلها تضع يدها على وجنتها وهي لم تصدق ما فعله “عمران” للتو فقد مد يده عليها ثم وجدته يهبط لمستواها وهو يردد بفحيح وصورتها وهي في أحضان ذاك الوغد وهو يتحسسها بين يديه لم تهرب من خياله فهي من سلمته يدها بكل سذاجة وجعلته فعل بها ما فعل ولولا أنه وصل في الوقت المناسب لكانت الآن في عداد الموتى :
ــ اعملي حسابك مفيش شغل تاني ومفيش خروج برة البيت إلا ورجلك على رجلي طالما انتي طلعتي هبلة للدرجة دي وأي حد هيطلب منك أي حاجة تنفذيها في ثانية اكده من غير ما تفكري،
انتي صدمتيني فيكي ، خليتي واحد كلب ما يسواش يقول عنك إنك بتمتعي الرجالة يقول لجوزك انك هتبسطيه وهيسيبك ليه .
أما هي كانت في عالم آخر فقد صـ.ـفعها “عمران” على وجهها في لحظة وهي لم تصدق إلى الآن وهي تضع يدها على وجنتها الحمراء من آثار يده وقلبها يدق بعنف داخلها فلم تكن تتخيل أن يضـ.ـربها “عمران” يوماً من الأيام وإذا به فعلها ،
كانت دقيقة من الصمت بينهم هو في تخيلاته وهي في أحضان ذاك الوغد ويده تتحسس ظهرها وهو يجري سريعاً كي يخرجها من أحضانه والمشهد ككل يجعل داخله يزداد جنونا من الغضب عن ذي قبل ،
وعيناها تتحدث بدلاً عن لسانها وهي تنظر داخل عينيه :
حين يغمرك الحزن تأمل قلبك من جديد، فسترى أنك في الحقيقة تبكي ممّا كان يوماً مصدر بهجتك.
أما هو أجابتها عيناه :
ــ الدموع ليست هي الحزن، الحزن هو أن تستطيع أن تمنع نفسك من أن تبكي أمام أحد من أجل هذا الأحد ، لا زلت أمسك نفسي متلبساً بشعور الحزن على أشياء رأتها عيناي يرفض عقلي أن يصدقها ،
فالموقف يراه الآن حفنة من السعادة في كفة الميزان وجبل من الحزن في الكفة الأخرى.

google-playkhamsatmostaqltradent