Ads by Google X

رواية من نبض الوجع عشت غرامي (ج2) الفصل التاسع عشر 19 - بقلم فاطيما يوسف

الصفحة الرئيسية

    


 رواية من نبض الوجع عشت غرامي (ج2) الفصل التاسع عشر 19 - بقلم فاطيما يوسف

  
 🥰 🥰
أنا المرأة القوية التي جمعت كل أحزاني السوداء ثم تكحَّلت بها وحينما تنظر داخل عيناي سترى أحزاني صامدة بقوة كي أُضعِفَك،

أنا التي تقبلت سُمَّ الكلام من فمك ثم مزجته بدموعي ووضعته في إناء قلبي وتجرعته بعقلي حتى أهُزُّ ثقتك وأجعلك تهابني ألف مرة قبل أن تجرحني ،
أنا المرأة التي لايشغلني غائب ولا أطيق انتظارك فأنا إمرأة تاج العزة يُزين رأسها وتلبس ثوب العفاف والوقار عقلها عقل ناضج وقلبها صندوق من الأسرار.
#خاطرة_زينب_المهدي
#بقلمي_فاطيما_يوسف
تستند مها على تختها وقد قررت أن تعلن ارتباطها بـ “جاسر ” علي الفيس بوك ونشرت صورة يديهم بخاتم الزفاف ودونت فوقها :
ــ ليس فقط جمالك الخارجي يجذبني، بل أيضاً عمقك وروحك الرائعة أنت مصدر السعادة في حياتي، وأصبحت رفيق دربي نحو الأمان والحب كيف يلتقي أحلامي ، فهنيئا لقلبي بك أيها الرائع .

دونت رسالتها وفعلت إشارة المتابعين وكان من ضمن المتابعين ذاك العامر الذي ما إن رأى ذاك المشهد حتى تحسر قلبه بشدة وعلم الآن أنه خسرها للأبد ولكن حرضه عقله أن يحادثها حتى لو كانت تلك محادثتهم الأخيرة وهو يلومها بتلك الرسالة :
ــ دلوك عرفت سبب رفضك ليا ايه انك لقيتي الحب اللي كنت هتستنيه زي ما اني لقيتك قبل اكده واستنيتك كتير واتمنيتك أكتر بكل مافيا وأني كنت عايزك وفي الآخر برده قلبي اتحـ.ـرق من جواه في بعدك ودلوك في خسارتك ياأغلى ذكرى عشتها في حياتي .
كانت جالسة تستقبل تلك التعليقات على منشورها ووجدت رسالته التي صدمتها للتو فقرأتها وهي تشعر لأول مرة بالشفقة تجاهه ثم وجدت أنها لابد أن ترد عليه كي تغلق صفحته للأبد تجاهها وبعدها تقوم بحظره فهي امرأة الآن على اسم رجل عاشقة له ولن تخونه أبداً حتى ولو بالكلام :
ــ يا ريت تنساني يا عامر وحاول تطلعني من دماغك وقلبك زي ما اني ما عملت من سنين،
ودور حواليك هتلاقي الحب زي ما اني ما لقيته واقفل الماضي اللي بيني وبينك وما تحاولش تنبش فيه تاني ،
اني عارفة ان انت عمرك ما هتفضح اللي بينا وعارفة قد ايه رجولتك في الحتة دي بالذات هشيلها لك في قلبي اللي بيدعي لك كأخت لأخوها ربنا ينزع حبي من قلبك ويرزقك زوجة طيبة وحنينة تقدر تنسيك كل حاجة مرت ما بينا أرجوك يا عامر ما تبعتليش تاني لأني بجد بحب خطيبي جدا وما صدقت الدنيا فتحت لي أيامها الحلوة فمش عايزة أخسر تاني كفاية الخسارة اللي خسرتها وخلتني عايشة أيامي بلياليها وجع على الغاليين لحد دلوك ما بردش ، أرجوك انسي مها من حياتك ياعامر .

عند الفراق اترك لعينيك الكلام فسيقرأ من أحبك سوادها، واجعل وداعك لوحة من المشاعر يستميت الفنانون لرسمها ولا يستطيعون، فهذا آخر ما سيسجله الزمن في رصيدكما،
فما أصعب أن تبكي بلا دموع، وما أصعب أن تذهب بلا رجوع، وما أصعب أن تشعر بضيق وكأنّ المكان من حولك يضيق،

فبعد الفراق لا تنتظر بزوغ القمر لتشكو له ألم البعاد؛ لأنّه سيغيب ليرمي ما حمله، ويعود لنا قمراً جديداً، ولا تقف أمام البحر لتهيج أمواجه وتزيد على مياهه من دموعك؛ لأنّه سيرمي بهمك في قاع ليس له قرار ويعود لنا بحراً هادئاً من جديد، وهذه هي سنة الكون يوم يحملك ويوم تحمله بعد خيبتها العاطفية الأولى، لم تُعطِ قط نفسها كلياً خافت الألم، والخسارة، والفراق، وهي أمور لا مفرّ منها على طريق الحب، ولاجتناب المعاناة ينبغي التخلي عن الحب، الأمر أشبه بأن نقتلع أعيننا كي نُغشي نظرنا عن بشاعات الدنيا فإذا ما جاء الفراق يوماً وجاء بعد الفراق العيد فلا تنسَ أن تفرح، ولا تنسَ أن تضحك، ولا تنسَ أن تلبس الجديد.
فما كان منه إلا أنه وضع ملصق قلباً منقسم إلى نصفين وكأنه بذاك الملصق يعبر عن حالته له تجاه كلماتها وما كان منه إلا أنه فعل مثلها وقام بحظرها في نفس اللحظة التي قامت هي الأخرى بحظره وانتهت أخيراً قصة عامر والمها وكل منهم يشق طريقه بعيداً عن الآخر طالما اختار القدر ذلك .
**”******”*”********”***
تهبط زينب الأدراج وهي تنتوي الخروج كي تذهب إلى ابنتها رحمة التي أصبحت شغلها الشاغل وملهاها وكل تفكيرها أصبح الآن منصب تجاهها فاليوم موعد جلستها مع الطبيبة وفي كل جلسة لم تتركها وتقف بجانبها ، رآها سلطان وهي تتجه إليه وتردد بطريقتها الحادة معه منذ ثلاثة أشهر وهي لن تجعله يمسها فقد جرحها وأ صابها بسُمِّ الكلمات ما يجعلها غاضبة :
ــ أني رايحة حدا رحمة الداكتورة جاي لها النهاردة الوكل عنديك في المطبخ لأني هقعد معاها النهار بطوله ومش هفوتها .
زمجر “سلطان” بضيق وهو يسألها بفقدان صبر:
ــ لحد ميتة هتفضلي مقفلة دماغك ومنشفاها بالقووي يازينب وأني وانتي كل واحد فينا في ركن وحديه الطريقة داي متنفعش ولا ترضي عبد ولا رب ؟
نظرت له بنصف عين وهي تتشبس بعنادها معه وأجابته بنبرتها الجليدية :

ــ لحد ما تعترف انك غلطت في حقي لما مديت يدك علي وأهنتني وأني مرة حرة مقبلش الإهانة واصل ولولا ظروف بتي واللي حوصل لها مكنتش قعدت معاك اهنه يوم واحد بس معملتش اكده علشان خاطرها هي بس علشان نفسيتها متتأثرش بيا وبيك لكن أني خلاص زهدت فيك وزهدت صنف الرجالة كلاته.
حاول أن يستدعي الهدوء كي يجابه تلك الشرسة ورغم كبَرِها إلا أن عقلها ما زال عقل امرأة مراهقة فتحمحم متسائلاً إياها بنبرة باردة :

ــ أممم .. يعني عايزة ايه يا زينب مكفاكيش الشهور دي كلماتها عند ومكملة بردو وهتهلفطي بكلام وخلاص ؟!
رفعت قامتها لأعلى بشموخ اعتادت عليه للأخذ بحقها فهو أهانها ومهما كان السبب ما كان ينبغي أن يمد يدها عليها مجيبة إياه بمكر :
ــ والله انت اللي استقويت وافتريت ومديت يدك علي وكسرتني وأني في السن دي مع انك المفروض كنت تحتوي الموقف وتاخدني في حضنك وتهديني ان ابني الوحيد ومرته خرجوا من البيت ومهما كان حجم المشكلة وكل واحد فينا بيفكر ازاي علشان يحلها من وجهة نظره كلنا وقت المشكلة بنشوف ان احنا مش غلطانين واي انسان اكده لكن انت اسهل حاجه عنديك الضـ.ـرب والإهانة وآديني اهو قاعدة اني وانت لوحدنا في البيت ولا حد بيقول لنا باب ريحكم فين ،
وأكملت بأسى وهي تشعر بالحسرة وتنظر حولها من فراغ منزلها بعد أن كان مملوءا بنَفَس أبنائها حولها :
ــ وولادي اللي عشت هحابي عليهم العمر كلاته واحدة خلفت وانشغلت مع جوزها وحماتها وما بشوفهاش إلا كل شهر مرة والتانية ربنا ابتلاها وبقت قاعدة على كرسي متحرك والوحيد اللي كنت حاطة أملي فيه هيملا لي البيت عيال ربنا قدره له الوحدة والسن بيجري بيه والراجل اللي أني اتجوَزته لو طال يمـ.ـوتني هيمـ.ـوتني ومش حاسس بنـ.ـار قلبي القايدة على ضنايا اللي فر وسابني وبعد دي كلاته مش عايزني أنقهر يا سلطان ؟
أحس بكل ماتحكيه وتشكيه وهو ينظر حوله هو الآخر ويشعر بنفس وجعها ثم قام من مكانه وجذبها من يدها برفق وهو يقبلها من رأسها مرددا بندم :
ــ طب معلش حقك عليا اني مديت يدي عليكي كانت ساعة شيطان وراحت لحالها مش هتتكرر تاني يا ام عمران، وبعدين اني كمان زيك بالظبط وفارق معاي فراق العمران ومرته وخروجهم من البيت بس هي دي سنة الحياة ومسيرهم كل واحد له طريق هيمشيه بس انتِ ما تكركبيهاش على دماغك وفوتي عشان المركب تمشي .
أنهى تطيب خاطرها بكلماته ثم جذبها بين أحضانه وهو يتلهف شوقاً لها فقد شنت عليه مكر الأنثى بجدارة ولكنها أبعدته عنها و والته ظهرها وهي ترفض هدنة صلحه لها لتقول بتصميم :
ــ هو بمزاجك ولا ايه يا سلطان وقت ماتُضرب تُضرُب ووقت ما شوقك يغلبك تحن وتقدم فروض الولاء والطاعة وأني المفروض اقول سمعاً وطاعة ،

ثم أدارت جسدها إليه ثم ناظرته بكل ما أوتيت من قوة بفم مملوء بالرفض لو رآها أحدهم للقبها بامرأة الجبروت ولكنها امرأة أُهينت على يد سكنها الآمن :
ــ له يا سلطان مش اني اللي تنضـ.ـرب وتعمل فيها اكده وتتصالح بسهولة اني كرامتي عندي فوق كل اعتبار فوق أي عشرة فوق أي قوانين فرضها الراجل القوي على ست ضعيفة ولو فاكر انك لما تبوسني من راسي اني هحن لك وهنسى توبقى بتحلم انت حطيت حاجز كبير قووي بيني وبينك عمرى ما هنساه .

كان واقفاً يستمع إليها باندهاش فمن أين عرفت ذاك الكلام الكبير الذي ألقته على مسامعه للتو وظل ينظر إليها بعين ونصف حتى استشف ما عرفها ذلك هاتفاً لها:
ــ أه مانتي بقيتي قاعدة على المخروب اللي اسمه الفيس بوك دي وتتفرجي لي على النساوين اللي هتقوي الستات على رجالتها وهتعلمهم يهجروا اجوازتهم ،
ثم أكمل بتحذير وهو يقسم لها صدقا مما جعل داخلها يهاب من قسمه :
ــ أني راضيتك وبوستك من راسك علشان مكانش ينفع أمد يدي عليكي لكن قسما عظما هتظيتي فيها وهتفضلي نافرة وهاجرة لا هعمل اللي مهتحبيهوش واني قسمي مش هينزل ولا هتراجع عن اللي في دماغي ، اني بقالي تلت شهور بطبطب شوية وساكت وسايبك على راحتك شوية ومكبر دماغي عشرة لكن هتزيدي فيها اكتر من اكده هتلاقي مني ماتكرهي وانتِ حرة يا زينب متطوليش اكتر من اكده وخلي في معلومك لانتي بقي ليكي غيري ولا إني بقي ليا غيرك العيال اتجوزو واستقروا في بيوتهم الله يعينهم على شقى الحياة فخلينا نوبقى حلوين مع بعض علشان الدنيا تمشي وخلينا ونس لبعض احسن ما نوبقي أعداء .
ارتعب داخلها من تهديده وهوى قلبها بين قدميها فهو لن يقسم هباءً منبثاَّ ثم اصطنعت الكبرياء كي لا يرى ضعفها فيكمل مابداه لتقول بقوة واهية وهي تستعد المغادرة :

ــ لما نشوف هتعمل ايه يا سلطان وهتكسرني بأنهى طريقة تاني ، اني ماشية رايحة لبتي.
ــ مع السلامة ومتقطعيش الجوابات يا بتاعت النت والنتيت انتِ… جملة ساخرة نطقها “سلطان” لـ “زينب” جعلتها تغتاظ منه وهرولت من أمامه وهي تدب أرضاً ولكنها تشعر بالسعادة كثيراً فقد أرضت غرورها ناحيته وجعلته اعتذر لها وقبل رأسها وبدورها قررت أن تتعامل معه بمكر حواء تلين مرة وتشُد عشرة كي لا تجعله يكرر فعلته معها أخرى .

أما هو فور خروجها نطق بغيظ وهو يضـ.ـرب كفاً بكف :
ــ يقطع النت على النتيت على اللي هينتتوا عليه على صنف الحريم كلاته اللي خلاهم هيتفرعنوا على رجالتهم نساوين عايزة حش رقابيها .
ثم أكمل متوعدا وهو يشعر بالغيظ منها :
ــ الله الوكيل يازينب لو ما اتعدلتي وسيبتي اللؤم دي لا هكون مقطع لك سلك المخروب دي خالص ومهخلكيش تطوليه بعد اكده.
أما في الخارج صادف خروج زينب دلوف عمران فهو قد صلى الجمعة وقبل أن يسافر هو وزوجته ذهب ليطمئن على والديه وعندما رأته دق قلبها شوقاً لوحيدها الذي أصبح غريبا عن أحضانها وتراه كل يومان بعد أن كانت تراه صباحا ومساء وفي كل وقت ،
نظرت إليه بلوم مغلف بالقهر وقلة الحيلة ووجهت أنظارها للناحية الأخرى عن قصد كي تداري شوق عينيها التي حتما ستفضحها وقلبها حزين منه بشدة ثم اقترب عليها وهو يجذب رأسها كي يقبله وما كان منها إلا أنها أبعدت رأسها عنه بقصد جعله حزن للغاية :
ــ طب ليه يا امي هان عليكي تنفري عمران ولدك اللي نفسه في حضنك ومحتاجه قووي علشان يقدر يكمل ؟!
بزياداكي جفا يا حاجة أني اللي فيا مكفيني وربك اعلم بما في الصدور وأكيد إنتي حاسة بيا .
لم تستطيع أن تستمر في معاملتها الجافه وجذبته الى احضانها وهي تقبله من راسه ووجهه وسحبته لأحضانه بحنو واشتياق لو رآه أحدهم لأجزم ان وليدها ذاك مسافراً منذ زمن بعيد وهي تشهق في أحضانه بشدة وتشعر بأن الشوق لولدها الوحيد يمزق داخلها ،
أما هو حزن بشدة لبكائها الشديد وشعر بالخزي من حاله من أنه أحزنها وجعلها تشعر بالوحدة والاستياق له بتلك الدرجة وخُيِّل له أن ولده الذي يترجاه من ربه سيفعل به يوماً من الأيام ويتركه لأي أسباب مهما كانت معضلة وإلى شعر بالحزن الشديد وأنه أصبح قاب قوسين أو أدنى والموقف في قلبيهما صار متأزماً للغاية ثم أخرجته من أحضانها واحتضنت وجنتيه بين كفاي يديها وبعيناي باكيتين دعت له قبل أن تتركه سريعاً وتهرب من شوقها الجارف له :
ــ ربنا يراضيك ويرضيك ويرضي عنك يابن عمري يابن قلبي .
دعت له وفرت هاربة من أمامه بقلب يخفق من ألم فراقه فخروجه من أحضانها كان هادما لها ،
وهو وقف ينظر على أثرها بحزن شديد ثم وقف قليلا يستجمع شتاته المفرق قبل أن يدلف إلى والده ثم هدئت أعصابه ودخل إلى والده الذي رآه يحدث حاله ويبدو عليه الإنزعاج الشديد فاندهش لحالته تلك فألقى السلام وتسائل متعجباً من حالته :
ــ عليك السلام والرحمة ياحاج ، ايه مالك مين مزعلك بالقوي ومخليك هتحدت حالك وانت مخنوق اكده عاد ؟
نظر إليه “سلطان” وهو يجيبه ساخراً:
ــ آه ماهو انت تعيش في العسل لحالك ويا مرتك واني اتحمَل فرك من اهنه يا حيلتها !
زمجر “عمران” برفض مصطنع لشكوى أبيه ليهتف باستنكار:

ــ وه وأني مالي يا حاج باللي هتعمله زينب وياك مانت اللي مش عارف تبلف عقلها بكلمتين وهتلاقيك زي عوايدك هتشخط وتنطر ،
ثم أكمل بنصح وهو يجلس بجانبه :
ــ يا ابوي الست كائن ضعيف مش عايزة إلا المعاملة الزينة وصدقني هتلاقيها وياك فل الفل وميت عشرة سيبك من أسلوب الزعيق والتهديد وكمان بتوصل مد اليد وامي ما هتجيش معاك بالطريقة داي ابدا اتعامل وياها بهدوء وبلين وصدقني هتلاقيها معاك حاجة تانية خالص ،
الست عموما هتحب اللي هيدلعها ويطبطب عليها حتى لو كانت غلطانة اكده هتريح وتستريح .
ضم “سلطان” حاجبيه بعبث وهو يهتف برفض :
ــ وانت يا ابن امبارح هتعلمني كيف هتعامل ويا مرتي ؟!
أمك هتدلع على كبر وأني دماغي ما لهاش في الحديت دي واصل وزهقت من عمايلها وقربت اطفش واهج منيها خالص عشان تستريح .
ضـ.ـرب عمران كفاً بكفٍ باستنكار من تصميم أبيه على المشاكل :
ــ يا ابوي حاشا لله اني هعلمك بس داي امي واني ما احبش اشوفها مقهورة بالشكل دي واكيد حوصل منك انك زعلتها او مديت يدك عليها خليتها بالشكل دي واني لازمن ازعل عليها .
اتسعت مقلتي “سلطان” مما قاله “عمران” هادراً به :
ــ ده انت طلعت ابن امك بصحيح واني اللي عميلت دي كلاته عشان تعيش انت مرتاح وهادي البال وفي الآخر تزعل على امك وما تزعلش على ابوك ، اسفوخس عليك يابن زينب تصدق طلعت عيل واطي وخسارة فيك اللي كنت هجاهد فيه علشانك .
لوي “عمران” شفتيه بامتعاض ليقول بهدوء :
ــ متشكرين يا حاج اي حاجه تطلع منك هتقبلها مهما تقول بس انت روق بالك كده واجمد الست عايزه الراجل طويل البال عشان يتحمل النكد بتاعها عماله على بطال مش قصدي انك تزعل مني .
أجابه بإقتضاب :
ـ
ـ حاضر يابن امبارح ياللي هتدي ابوك درس في معاملة الحريم اللي معايزاش غير حش رقابيها والله ،
وأكمل وهو يهدئ من نبرة غضبه ويسأله عن أحواله :
ــ كيفك انت و مرتك عاملين ايه ؟
ورحتوا للدكتور اللي قلت لي عليه قبل اكده ولا لسه مأجل الموضوع يا ولدي ؟

أجابه عمران مطمئناً إياه:
ــ احنا بخير يا ابوي اطمَن علينا ، انت عارف كنت مأجَل الموضوع دي عشان اللي حوصل لرحمة أختي بس اني قلت اجي لك واعرِفك ان احنا مسافرين النهاردة رايحين للدكتور إن شاء الله وربنا يجعل القبول من حظنا ونصيبنا .
ابتسم “سلطان” تلقائياً وهو يدعي له ويربت على ظهره بحنو :
ــ على بركة الله يا ولدي ربنا هيراضيك ان شاء الله عشان انت وِلد حلال وهيراضينا كلاتنا ربنا العالم أني مستني الحفيد دي كد ايه اكتر من زينب ميت مرة بس ادي الله وادي حكمته و واجب علينا نصبر ، ربنا يجعل تعبكم في سفركم على خير ان شاء الله ويجبركم ويجبرنا اني متفائل خير ياولدي .
أمن عمران بلهفة لدعاء والده :
ــ يا رب يا ابوي يسمع منك يا رب ، بس أمانة عليك يا ابويا ما تجيب سيرة لامي انت عارف ما عايزهاش تتعلق بأمل لسه ما عرِفناش عنه حاجة خلينا اكده على الحياد وهي هتعرف إننا مستنيين أمر الله وفرجه علينا كفاية اللي حوصل لحد اكده وقت ما ربنا يريد هتعرف كل حاجة في وقتها .
حرك والده رأسه بموافقة وظل يدعو له وتحدثا قليلاً ثم استأذن عمران في المغادرة كي يذهب إلى سكون ليستعدوا الى رحلة المجهول بالنسبة لهم والتي تعتبر أهم رحلة في حياتهم والتي بدورها ستكن لهم إما آمنة وجابرة لقلوبهم وإما محطمة لآمالهم والله المستعان لهم .
“”*”*****”*”******””**
استعد “عمران” و “سكون” للسفر أخيراً وصعدوا الى السياره وهم يرددون دعاء السفر والذي لابد أن يردده الإنسان عند سفره ليأمن شر الطريق فهو دعاء يرزق الإنسان السكينة والاطمئنان فبهذا الدعاء يستودع الإنسان نفسه وعائلته في أمان الله فقد علمته له سكون وبدوره في كل مرة يسافر فيها يردد الدعاء وهو يتذكرها بالخير دائما فألقاه عمران بصوت عالي وهي تؤمن وراءه بصوت منخفض :
ــ بسم الله توكلت على الله، اللهُمَّ أنتَ الْصَاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ.
اللهم أنت الصاحب في السفر، اللهم هون على سَفَرَي هذا، وَاطْوِ عَنَّي بُعْدَهُ.
اللهم اهدنا في من هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت.
يا رب أسألك في سفري هذا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى.
يا رب احمنا مِنْ وعثَاءِ السَّفَرِ، وكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ.
اللهم ارزقنا في سفرنا هذا أمنًا وسلامة ورزقًا طيبًا وعودًا حميدًا.

اللهم اجعل التوفيق حليفنا في سفرنا هذا ويسر لنا طريقنا، وجنبنا من كل سوء.
اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
يا رب استودعتك روحي ونفسي وجسدي فردني إلى أهلي سالمًا وأعوذ بك من وعثاء السفر
{ملحوظة ــ احفظو دعاء السفر ده يا جماعة جدا علشان الحادثات اللي بتحصل كتير قوي اليومين دول عشان أكترنا نسيوا اننا ندعي ربنا واحنا خارجين ومسافرين ، دعاء السفر ده مهم جدا فوق ما تتخيلو احفظوه او اكتبوه عندكم او هاتوه من على جوجل وكل واحده تنصح جوزها اللي بيسافر او ابنها اللي بيسافر للكليه لمكان بعيد ان هو يردده صدقوني هتحسوا بفرق😍😍}
بعد ان انتهى عمران من إلقاء دعاء السفر توجهوا في طريقهم ولكن كان عمران صامتاً طيلة الطريق بسبب لقاء أمه وما فعلته معه ولم يشعر بالإرتياح وأحست سكون بذلك فسألته وهي ترى حالته المتغيرة :
ــ مالك يا عمران حساك متغير في حاجة مضايقاك أو مزعلاك ما كنتش اكده الصبح وشك قالب خالص ؟
تحمحم كي ينظف حنجرته وتحدث بنبرة جادة لملامح وجه منهكة ارتسمت رغما عنه :
ــ مش عارف ماما مش راضية ترضى بالأمر الواقع لحد دلوك وكل أما اقابلها ما ترضاش تسلم علي وتحسسني بالذنب ناحيتها مع ان اللي اني عميلته دي طبيعي لأي إنسان بيعمله لما بيتجوز بيستقر في بيته اللي هو عمله علشان يبدأ فيه حياته ولحد دلوك مش متقبلة الوضع خالص بقى لنا كذا شهر والعناد والزعل ما قالوش بل بالعكس مش عارف اعمل معاها ايه تاني ؟
أخرجت تنهيدة حارة وأنزلت بصرها وأردفت قائلة بنبرة محملة بأثقال من الهموم وهي تحمل حالها ذنب فراق الابن وأمه :
ــ غصب عنها يا عمران ابنها الوحيد فاتها وساب لها البيت فاضي عليها وهو كان أملها انه هيملا البيت عليها من تاني،
لازم نتحمَلها ونتحمَل اي طاقة زعل تخرجها من قلبها لحد ما تستسلم للأمر الواقع وبصراحة اكده الذنب مش عليك انت الذنب عندي اني عشان اني السبب في كل اللي بيوحصل دي .
ضم حاجبيه وعبس وجهه وسأل مستفسرا بدهشة ظهرت على وجهه وهو يستنكر ما نسبته اليها :
ــ ليه الذنب عندك انتِ !
من البداية اني بنيت البيت دي من قبل ما نتجوز وكنت عامل حسابي ان احنا هنستقر فيه ولولا الظروف اللي حوصلت كان زماننا متجوزين فيه من البداية وما كانَتش زعلت اصلا يعني اللي احنا فيه دي كان أمر واقع بس اتنفذ متأخر شوي ،
ما تحاوليش تحملي نفسك اكتر من طاقتها إنتي كمان يا سكون كفاية اللي إنتي فيه، وبعدين ما تشيلنيش ذنبك إنتي كمان كفاية عليا أمي أرجوكي .
تنهدت بثقل وألم نفسي انتابها جراء كلماته ثم وجدت أن تغير مجرى الحديث كي لا تجعله يحزن فكفاهم من الهموم ما كفى :

ــ ولا ذنب ولا يحزنون يا حبيبي قل لي بقى قدامنا قد ايه في الطريق على ما نوصل ؟
تنهد وتحدث باستجواد مُعلِماً إياها:
ــ باذن الله قدامنا خمس ساعات ونوصل على خير .
أخذت نفساً عميقاً ثم زفرته بهدوء وعرضت عليه بشغف :
ــ حلوين قوي يلا نقرأ سورة البقرة تسميع مع بعض واحنا ماشيين انت صفحة واني صفحة لحد ما نخلصها هتاخد مننا ساعة تقريبا وبعدين ندخل على يس وبعدين على الملك والواقعة وما تقولش لا علشان احنا ما سمعناش مع بعض بقى لنا كتير ودلوك بقى هختبر مدى حفظك يا سيد عمران .
ابتسم وأماء برأسه بموافقة على اقتراحها بصدر رحب وبالفعل بدأ كلاهما بالقراءة والترتيل بصوتٍ عذب والساعات تمر عليهم كالدقائق وهم مشغولون بالتسميع ويتناسون الطريق في حضرة القرآن الكريم وأي حضرةٍ هذه فهي تعطي القلب راحة وخشوع وهدوء لم يشعر بهم الإنسان إلا في ذكر الله
” ألا بذكر الله تطمئن القلوب ”
واخيرا وصلوا للمكان الذي ستجري الفحص فيه وهم يقفون أمامه بقلب ينبض بالخوف تاره وبالأمل تارة أخرى ومشاعرهم تنعكس على وجوههم فأحياناً يبتسمون وأحياناً يتيهون وأحياناً ينظرون إلى السماء يترجون من الله أن يكون معهم ،
ثم احتضن عمران كف يدها بحنو ودلفوا إلى العيادة وقام بالاستعلام عن دوره واذا بها تقف تلك المسؤلة عن الأدوار لتقول لهم بترحاب واسع وهي تتمشى معهم في بهو المشفى الواسع الممتلئ بالأناس من مختلف الأشكال والألوان وهم ينظرون إلى ذاك الجمع باندهاش وداخلهم يردد أن من المعقول كل هؤلاء الناس يشكون مثل ما هم يشكون ! ثم اشارت لهم الممرضة :
ــ اتفضل بعد اذنك يا فندم انت والمدام الدكتور قدامه حالة وانتم اللي هتدخلوا وراها على طول وكل الأشعة المطلوبة هنعملها جوه عند الدكتور على طول هو مستنيكم ومنبه علينا أول ما توصلوا ندخلكم فوراً ما تستنوش دور .
نظروا لبعضهم بدهشة وبعد أن تركتهم الممرضة نظر عمران لسكون مرددا بذهول:
ــ دي فريده صاحبتك طلعت واصلة بقى دي المستشفى أمم يعني لو هنمشي بالدور والحوارات دي هنقعد هنا اليوم بحاله ،
ثم تابع بتحقيق جال بباله بطريقة دعابية أضحكت سكون:
ــ ولا الدكتور اللي جابنا هنا اصلا ايه حكايته هو وهي ؟
حاسس إن الموضوع في إن ،
هي مش فريدة دي صاحبتك ومش المفروض تكوني عارفة التفاصيل دي ولا ايه ولا انتِ صاحبة اكده وخلاص لقب وبس ومش مسيطرة يعني ؟
حاولت كتم ضحكتها على استفساراته ثم هدات وهي تجيبه :

ــ وه انت هتعمل المفتش كرومبو على صاحبتي ولا ايه مش المفروض نشكرها برده على الواجب الكبير اللي عملته معانا دي ولا نقعد ندور وراها في حوارات في خيالك انت يا عمران افندم .
رفع حاجبه بغيظ من ردها ثم ظل يشاكسها الى أن أتى دورهم فشعرت بدقات قلبها تنبض سريعاً بين ضلوعها وهو الآخر حالته لا تقل عن حالتها ثم احتضن كف يديها بقوة وهو ينظر داخل عينيها محاولاً بث الهدوء والطمأنينة فيها :
ــ ممكن نهدى بقى عايزين ريلاكس أعصاب هادية مش عايزين توتر عايزين نقعد قدام الدكتور بثقة والخوف ودقات قلبك اللي مش مبطلة دي ، نهدى يا ماما عشان الدكتور يشوف شغله مظبوط ، عايز ثبات انفعالي تمام يا سكوني .
حركت رأسها للأمام وهي تأخذ نفساً عميقاً تستدعي فيه الهدوء ثم دلفوا إلى الطبيب وهم يدعون ربهم أن يجبرهم على يد ذاك الطبيب بفضله سبحانه وتعالى ،
ثم دخلوا إلى الطبيب الذي قام واستقبلهم بنفسه وقلما يحدث ذاك مع الحالات التي تجري الكشف عنده وهو يسلم على عمران :
ــ اهلا وسهلا يا باشمهندس نورتوا العيادة ،
اهلا وسهلا يا دكتورة سكون ،
ثم ابتسم وهو يشير إليهم للجلوس مكملاً ترحابه بهم :
ــ ما تستغربوش اني عرفت المعلومات دي فارس موصيني عليكم جامد وفارس ده زي ابني بالظبط يمكن اكتر كمان فعايزكم تعتبروا نفسكم في مكانكم بالظبط،
بادلوا ترحيبه بابتسامة تنم عن راحتهم لذاك الطبيب البشوش ولمقابلته لهم ثم فحص الطبيب الأوراق إلى أن أنهاها ثم نظر اليهم قائلاً:
ــ طبعا وصل لك انك لازم تعملي آشعة الفور دي لما بلغت فارس يبلغك وعملتيها وآشعة رنين ، تشخيصي لحالتك انك ما عندكيش أي سبب إن حملك يكمل غير ان آشعة الفور دي بينت ان انتي عندك فيروس هو اللي مسمم الرحم بتاعك هنعمل عملية بسيطة جدا مع بعض الأدوية المستوردة اللي موجودة هنا في المركز وطبعا اللي انا هقول لك عليه والخطوات اللي هنمشي بيها لازم تعمليها زي ما انا ما بقول بالظبط عشان نأمن المفاجآت ده أولا ،
ثانيا انا مستغرب انك ازاي طبيبة امراض نسا وتوليد وفقدتي الأمل وما بحثتيش كتير في حالتك دي والمفروض إنك درستي في كلية الطب ان ما ينفعش المريض يفقد الأمل تماما في الشفاء ودايما تبثي الطاقة في المريض اللي قدامك ان ربنا سبحانه وتعالى عنده المزيد والمزيد من الخير واللي وصل لي انك ما عملتيش كده ممكن اعرف ازاي يا دكتورة ؟
نظرت لعمران كي تستشف منه القوة فرمش بأهدابه وهو يشجعها أن تتحدث مع الطبيب بأريحية فأجابته وهي تفرك بيدها بتوتر :
ــ اولا تشرفت بمعرفه حضرتك يا دكتور وشرف عظيم ليا ان انا اقعد قدام حضرتك ،
ثانيا الطبيب لما يكون هو ذات نفسه المريض بينسى كل اللي هو ذاكره وكل اللي هو عرفه وبيشوف ان هو فاقد الأمل زيه زي المريض العادي بالظبط وكمان الجو اللي كان حواليا كنت حاسة بالضغط منه في الموضوع دي بالذات وعلشان اكده ما قدرتش أوصل لنتيجة أو اني كنت ضعيفة زي ما حضرتك ما بتقول .

ابتسم الطبيب بوجه بشوش ثم طمئنها :
ــ تمام انتِ حالتك بسيطة جدا الرحم بتاعك كويس جدا التبويضات عندك ممتازة وكمان بطانة الرحم لا غبار عليها كل الحكاية الفيروس هو اللي عمل القلق ده كله وطبعا انتِ ما عملتيش آشعة الفور دي ولا جت في بالك أصلا علشان لو كنتي عملتيها كنتي اكتشفتي الفيروس ده بكل سهولة واوعدك أربع شهور بالظبط والجنين هيتثبت في بطنك بإذن الله ،
طبعا هنعمل منظار والمنظار اللي عندي مش موجود في مصر كلها لأني بجيب أجهزتي الحديثة أول بأول فإن شاء الله هنعمل حبة آشعة وتحاليل وبعدين العملية هتبقى كمان يومين .
حركت رأسها برفض ولسانها نطق على الفور :
ــ ما ينفعش كمان يومين يا دكتور ، ممكن نخليها الأسبوع الجاي لأن فرح أختي كمان تلت أيام ممكن أعمل الآشعة والتحاليل وكل حاجة تطلبها حضرتك مني وممكن اعملها اهنه في المركز كمان قبل ما امشي بس نأجل العملية كمان اسبوع .
أومأ مع الطبيب بموافقة ثم تحدث مع عمران بأن يجري تحاليل هو الآخر وأكد عليه أنه لابد من تلك التحاليل وبعد جلسة دامت أكثر من نصف ساعة غادروا غرفه الطبيب وهم يبتسمون ويشعرون أن مشكلتهم أتفه مما تكون فلم تكن تتوقع سكون أن يكون لديها فيروس وذلك لأن ما أجرته من آشعة وتحاليل لم يبين ذاك ، ويبدو أن ذاك الطبيب ماهر بحق ،
ثم خرجوا من العيادة بعد أن أجرت جميع الآشعة التي طلبها منها الطبيب هي وعمران وذهبوا إلى مطعم لكي يتناولوا طعام العشاء في جو من البهجة والسعادة ومضوا تلك الليلة في نزهة في كثير من الأماكن في القاهرة التي ودت سكون أن تذهب إليها ولم يحرمها عمران من زيارتها ثم حجز ليلة في الفندق كي يستريحون من عناء السفر ويعودوا إلي بلدتهم صباحاً بجسد منتعش بعد أن أخذوا قسطاً كافياً من الراحة.
#الجزء_الثاني_من
#البارت_التاسع_عشر
#بغرامها_متيم
#الجزء_الثاني
#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي
بعد يومان قررت مها أن تذهب لرحمة مع سكون كي تقوم بعزيمتها على زفافها بنفسها فهي تحبها كثيراً ولم تستطيع أن تفرح بدونها وبالتأكيد استأذنت سكون من مها لزيارتها ففرحت جدا لتلك الزيارة فذهبوا إليها وكانت في تلك الوقت في غرفتها على تختها وفضلت عدم الجلوس على الكرسي المتحرك فهي لا تحب أن يراها أحداً على ذاك الكرسي الذي لم تعتاد عليه أمام أحدهم إلى الآن غير والدتها وزوجها ،

دلفت إليها مها وهي تستقبلها بالأحضان وما كان من الأخرى إلا أنها احتضنتها بسعادة لتردد بمرح كعادتها :
ــ ياخراشي يا ناس علطول اكده ريحتك حلوة وهدومك كانها جاية من باريس يا ام الزين والجمال والأناقة عنوانك ، حرام عليكي ياشيخة هتعقدي الستات من حلاكي اللي هيزيد كل يوم والله ليه حق جاسر ولد عمي يسيح على حاله أول ما يبص لك بس .
كانت تحدثها وهي تشدد على احتضانها ثم تحدثت “مها” بمشاغبة لتلك الصغيرة التي دوماً تدخل السرور على قلوب الجميع رغم حالتها الصعبة :
ــ وه هتحسديني إياك اقوم اتنكس وابن عمك اللي هيسيح على حاله كيف ما هتقولي يجرى لَه حاجة !
قهقن جميعاً على مشاغبتهن فلأول مرة تضحك رحمة من قلبها بعد ما حدث لها ثم تحدثت سكون بنفس المرح وهي تجذب الغطاء من على رحمة :
ــ طب بقول لك ايه اني ماليش في جو اوض النوم والقعدة فيه دي احنا هنقوم ننزل تحت نفطر مع بعض احنا جايبين فطار معانا معتبر من اللي انت هتحبيه في الجنينة تحت وكمان نشرب الشاي بتاعنا في الهواء الطلق بدل الخنقة اللي انتِ قاعدة فيها دي .
تبدلت معالمها من الضحك إلى الحزن وهي تتمتم بخفوت :
ــ معلش خلينا اهنه علشان ماهر مش موجود هو اللي بينزلني لتحت .
حزن الاثنتين لأجلها ولأجل نظرة الحزن النابعة من عينيها لتقول مها بأريحية كي تخرجها من حالة الحزن التي اعترتها :
ــ أمال احنا لازمتنا ايه يا رحوم !
بعون الله احنا نشيلك على عيوننا مش بس نتحرك بيكي على سلم يا جميلة إنتي مستهونة بجنس حواء ولا ايه دي الست مننا تقدر تطلع الأهرامات وهي شايلة عيلين على كتفها مش درجتين سلم ،
ثم احتضنتها بحنو يليق بشخصية تلك المها فهو امرأة حنون بدرجة امتياز:
ــ هونيها على حالك يا غالية وربك شافي السقيم من أشد الوجع وانتي قوية وهتقدري يا رحمة أني عارفة انك قدها وهتعدي من أزمتك داي على خير وهترجعي تهدي الدنيا تاني .
ابتلعت ريقها بصعوبة وقد التمعت عينيها بغشاوة الدموع ولسانها ينطق بضعف وقلة حيلة :
ــ والله أني مش معترضة على أمر ربنا وحكمته في اللي حوصل لي لكن لسه مش قادرة أتأقلم على الوضع ولا عارفة أصلا هتأقلم كيف بس كل اللي اني محتجاه دلوك ،
ثم نظرت إليهم وعينيها اللامعتين بالدموع انهمرت اخيرا بعد أن حاولت حبسها لتسترسل بشجن:
ــ انكم تكونوا جاري ومتسيبونيش وحدي والأيام تلهيكم عني وتنسوني انتو اللي ليا أصحاب وأهل ، متنشغلوش في حياتكم وتسيبوني لضعفي اني محتجاكم قووي أكتر من اي فترة في حياتي .

انذرفت دموعهن هن الأخريات فقد كانت طريقتها مؤثرة جداً واحتضنتها كلتاهن والبكاء أصبح سيد الموقف ثم هدئت سكون وهي تلقي عليها عبارات الصبر :
ــ انتِ اكتر حد في الدنيا دعمني وقت محنتي وقفتي جنبي وسندتيني وكنتي حصن حصين للي هيتكلم عني وتهدي من نـ.ـار اللي حواليا وتردي غيبتي ، كنتي زي ضلي اللي أول ما فارقك الاقي نسمة كلامك البلسم ملاحقاني في اي مكان ، انتي مش بس اخت الغالي إنتي بالنسبة لي حاجة عظيمة وكبيرة قووي يارحمة ارجوكي متتهزيش ومتضعفيش علشان اني هتقوى بيكي في ابتلائي اللي ربنا قدره لي اني كمان ، احنا كلنا مبتلين وصدقيني في ناس اكتر مننا اني وانتي وسبحان الله البسمة مهتفارقش وشهم أما إحنا بنستسلم بسهولة ، ارجوكي اجمدي يارحمة علشان اني واخداكي قدوة للست القوية .
وظلتا كلتاهن تبكيان فحاولت مها أن تربط جأشها وتسيطر على بكائها كي تساعد تلك البائستين في نوبة آلامهم لتمسح دمعة فرت من عينيها لتنطق بدعابة وهي تمنع الدموع إجبارا عنها وكأن الله قد ساعدها على ذلك فهي كانت من المبتلين وبشدة :
ــ وه منكم لله انتو الاتنين علشان أني عروسة ياناس واخواتها اللي هرمونات النكد طفحت عليهم هينكدو عليها وهيبكوها ، والله لاشتكيكم لحقوق المرأة ومنظمات حقوق الإنسان واخلي اللي مايشتري يتفرج عليكم علشان هتنكدوا علي واني اكتر واحدة في الدنيا ربنا ابتلاها لما شبعت ،
ثم أكملت دعابتها وهي تترجاهم بنبرة حزن مصطنع مما أضحكهم :
ــ انتو اكده هتثبتولي اني نحس من الدرجة الأولى وان جزء الدلع والفرفشة والحوارات بتاعت الستات داي اني وش فقر ياناس ، اني وش فقر ياعالم ومليش حظ في الجواز ولا الرجالة ولا حتى اصحابي ولا اختي ، ارحموني اني استغيث .
استطاعت بالفعل تبديل حزنهم إلى مرح وضحكتا الثلاثة فتيات وتبدل بكائهم إلى ضحكات وهم بحتضون بعضهم بسعادة تليق بقلوبهم،
ثم قامتا بحمل رحمة كالطفل الصغير وهم مازالوا يضحكون بسعادة وعدلوا من وضعية الكرسي المتحرك كي يهبط الأدراج بمساعدتهن فقد كانت مها من الخلف وسكون من الأمام يمسكون بالكرسي فقط وهي تتجه به بزر الكهرباء الذي يحركه كيفما تشاء فقد جلبه لها ماهر من الخارج كي تستطيع التحرك في كل مكان في المنزل حتى لا تشعر بالتقيد ،
ثم هبطوا للأسفل ودلفت سكون للمطبخ وبدأت بطهي طعام الفطور بمساعدة هانم ثم خرجوا للحديقة ودعوا هانم لتناول الطعام معهم وجلسوا يتسامرون بسعادة تليق بقلوبهم الجميلة ثم أنهوا إفطارهم وقرروا أن يلهوا في الحديقة بعيدا عن المسبح كي تستطيع رحمة التحرك بالكرسي معهم وبالفعل ظلوا يتسابقون ويمرحون كالأطفال ورحمة تتشجع معهم وهي تعلي من سرعة الكرسي المتحرك الكهربائي وبعد أن أنهكوا من السباق ارتموا جميعا مستلقين على ظهورهم في الحديقة وهم يلتقطون أنفاسهم بإنهاك راق لهم واستطاعوا تبديل مزاج رحمة السئ وأشعروها بأن الحياة يستطيع فيها الإنسان وهو في أشد حزنه ان يبدله الي لحظات سعيدة وحينما يُجبر يتذكرها وحينها يبتسم ويحن لتلك اللحظات ويرجع هذا لفضل الله وفضل تلك الشقيقتين اللاتي خففا عنها وجعها وبعد عدة ساعات وعدتها رحمة انها ستكون بجانبها يوم زفافها وأنها ستجعل ماهر يأتي بها إليها منذ الصباح وأنها ستقضي معها اليوم بأكمله ،
فالصديق أحسن وقاية من الصدمات، لأنّك في كل مرّة تكاشفه فيها، تتحلّل نفسك ثم يتمّ تركيبها من جديد في سياق سليم فهناك من يكون حضوره في حياتك يجعلك لن تستطيع إكمال الحياة بدونه فهنيئا لمن وجد خليلاً خلاًّ يبعث في نفس خليله معنى الوفاء.

“********”*****”**”**
وأخيراً اتى اليوم المنتظر حفل زفاف “جاسر” “مها” اليوم الذي سيتقابل فيها قلبان تردوا في العشق بخزي مرات ، اليوم الذي لن ينسوه أبداً لأنه بالتأكيد سيكن مميزاً للغاية ، إنه اليوم الذي يطلق عليه “ليلة العمر” وما أجملها تلك الليلة ،
حيث استيقظ “جاسر” منذ الصباح الباكر وأدى فريضة الفجر ثم جلس وقرأ من القرآن ما تيسر منه وقرأ أذكار الصباح حتى شعر باطمئنان صدره وهو كان في معية الله ثم قرر أن يهاتف تلك التي سلبت لُبَّه كي يسمع صوتها الناعس فيزداد شوقاً ولهيب الاحتياج لها يتأجج في كل كيانه حتى آتاه ردها بصوت رقيق متحشرج من أثر نومها مما جعله استند على التخت باستمتاع وهو يردد بوله :
ــ ياحلاوتك يا جمالك يا أم الزين لما دي صوتك بس وانتِ هتصحي من النوم آمال الهيئة كيف ! أكيد مختلفة وبارعة ، دي صوتك بس على ليفل الاشتياق عِندي والود ودي توبقى دلوك جاري وأني كنت هسقيكي العسل يا عسل .
ابتسمت بحالمية وهي لم تفيق بعد وظنت أنها ما زالت تحلُم به وهي تردد في غفوانها :
ــ والله انت اللي أجمل حاجة في دنيتي يا جاسر واني هعشقك وهدوب من كلامك .
اعتدل في نومه وهو لم يكاد يصدق ما استمعته أذناه فقد اعترفت “أم الزين” بعشقها له بنبرتها الهامسة النائمة وشعر بأن جسده الآن أصيب بالقشعريرة من همسها وفورا نطق بهيام وهو ما زال متأثرا بهمسها وكلماتها وكل خلية تدق شوقا واشتياقا لتلك الحبيبة العاشقة :
ــ والله ما عارف مين أجمل حاجة في دنية مين ، بجد يا مها انا نفسي في وجودك جنبي قووي ، نفسي أجرب طعم الحب في حضنك حاسس انه هبقي وقتها أسعد راجل في الدنيا ،
وأكمل هيامه بها حتى أنها فاقت من حديثه المعسول وهي تستند على تختها كالمراهقات وتتحدث مع خطيبها وحبيبها واليوم سيصبح زوجها حديث العشاق:
ــ والله ما عارف أتخيل اللحظات الحلوة وإنتي في حضني علشان مديش للتخيل مساحة إنه يسحبني وبعدين وقت الجد لما تكوني بين ايديا ومعايا توبقى اللحظات دي متخيلتهاش حتى من جمالها ورقتها وجمالك معاهم .
تاهت في سحر كلماته العذبة وكأنها أعذب الألحان ، ترنيمات ساحرة ألقاها ذاك التو على مسامعها لتقول بنبرة يملؤها همس الشجن المغلف بالعشق :
ــ ياه يا جاسر عمري كله حلمت ان حبيبي يكلمني الصبح وأصحى على صوته وهو بيسمعني كلامه الجميل وأحس إني كنت بحلم بيه وبعدين صوت قلبي يفوقني ويقول لي اصحي وفوقي وافتحي قلبك إنتي حبيبك بيناديكي ، ركزي علشان ما توحشكيش اللحظات الحلوة دي اللي مش بتتكرر كتير بس لو سمعتيها هيفضل صوت قلبك يرددها لك علطول فأقع في حبه أكتر ،
واسترسلت بهيام :
ــ باختصار يا جاسر انت حبيب العمر والقلب ، انت حبيبي اللي اتمنيته يكون ليا .

أجابها بنفس الهيام وقد شعر بتخدر أعصابه من كلامها وجسده أصبح يهتز بالشوق لها :
ــ تصدقي أحلي وأجمل كلام سمعته في حياتي كلاتها يا روحي أنا ،
باختصار يا أم الزين الليالي الحلوة والشوق والمحبة، من زمان والقلب شايلهم عشانك .
ثم أغلق الهاتف كليهما وهما يشعران بأنهما طائران يحلقان في سماء العشق والغرام المتيم ثم عادت لنومها وهي تبتسم بشوق أوصلها له ذاك العاشق الولهان الذي لا ينفض عن بث كلمات الشوق داخلها وأنساها مرار الأحزان ،
أما هو بعد أن أغلق الهاتف فتح صورتها وقبلها بهيام وكأنه بذلك يريح توتر جسده الثائر داخله الذي يريدها بشدة الآن بين أحضانه ولكن مهلاً أيها الشوق مهلاً لم يتبقي من الزمن سوى القليل كي تحظى بمعشوقة القلب والروح ومن ملكت الفؤاد والكيان ،
مر اليوم سريعاً في ترتيبات الفرح والجميع فرحين لهذين العاشقين بسعادة بالغة واتت اللحظة التي ستتوج فيها مها كعروس ،
يضـ.ـرب الليل أطنابه ويفتح السهر أبوابه عندما تبدأ الشمس بجمع خيوطها معلنة دخول قمر الليلة بزفاف “أم الزين” المبارك على رفيق دربها “جاسر” فكانت مثل القمر اليوم وقد هلت كل عيون الناس على النبي المختار صلت (عليه الصلاه وازكى السلام) من جمالها الآخاذ وطيور الفرح غنت وعصافير الحب غردت وبديارنا علا وبعرسهم عساهم خير مولد ،
ذهب إليها بأقدام تسابق الزمن ثم وقف أمامها وهو ينظر إليها بهيام بعد أن عقد قرانهم أخيراً والآن يحق له احتضانها ، يحق له أن يشم رائحتها عن قرب ، كان الجميع ينظرون إليه وهم يلقون عبارات التكبير والتسمية لتلك العروس التي تشبه البدر في ليلة تمامه ،
كانو يقفون حولها ينثرون الورود الحمراء والبيضاء والبينك بسعادة غامرة ثم تركوهم وحدهم بعد ان هنئوهم وباركوا لهم ،
اقترب منها وجدها تنظر للأسفل بخجل شديد مثلها كمثل العروس في زفافها الأول بوجهها الأحمر من شدة حيائها ،
نظر لشفتاها وابتلع لٌعابه وبدأ صدره ينتفض ويعلو ويهبط من شدة إحتياجه لها،
وماكان حالها أفضل منه، كانت تنظر عيناها لأسفل بفاه مفتوحة مٌرتعشة وقلبٍ يرتجف يريد الإرتماء داخل أحضانه ونسيان خجلها منه ولكنها لم تستطيع ،
بقيا مدة علي وضعهما هذا كلاً منهما يحترق شوقاً للأخر فكيف لا يقف أمام حسنها صامتاً فالصمت في حرم الجمال جمال والصمت في حضرة عيون المها سحر فاق الخيال وتوقف الزمان على تلك الطلة من ذاك العاشق الولهان وأنير المكان ببسمة ذات الحسن والجمال وعدد دقات القلوب تعدت الخيال ،
ثم اقترب منها أخيراً وهو يضع يده أسفل ذقنها كي يجبرها على أن تنظر لعينيه فالشوق قد أنهى على صبره ثم جذبها من يدها برفق وهو يتمسك بهم بين يديه ويدلكهما بقوة كي تشعر بلمساته فما كان منها إلا أنها أغمضت عينييها كي تستشعر سحر اللحظة مما راق له شعورها الهائل بدفئ يده فتحدث هامساً بصوت أجش :
ــ ياه مكنتش أعرِف إن اللحظة دي هتوبقى بالجمال والروعة دي قبل اكده يا أم الزين ،
فتحي عيونك ومتشليهمش من عيوني خليني أشوف لهفتك جواهم زي ماني ملهوف دلوك لأهم حاجة هعملها في حياتي ، فتحي عيونك علشان هتجربي حضن الأمان يا أم الزين .

رفع رأسها برفق ثم فتحت عينيها الهائمتين بعشق ذاك الحنون الراقي وحينما رأى حاله داخل عينيها اللامعتين جذبها لأحضانه أخيراً ويديه تحتضن خصرها بتملك قووي للغاية وهو يهمس بجانب أذنها :
ــ دي انتِ مش بس قربك إدمان ولا حضنك أمان له دي انتي ريحتك بس تجنن يا مها ،
وكانت هي الأخرى ساكنة داخل أحضانه تجرب حضن الأمان الذي وصفه لها وياله من إدمان بالفعل ، الحضن الحلال أيتها المها ، الحضن المتغلغل بنيـ.ـران شوق الرجل لأنثاه الذي لم تجربيه أبداً في حلال الله ، الحضن الدافئ الذي جعل كل خلية في جسدها تطالبه بالمزيد والمزيد ،
ثم أخرجها من أحضانه المتشبسة بها واحتضن وجنتيها بين كفاي يديه وهو يتلمسه برفق تارة يصعد إبهامه لعينيها وتارة لشفتيها والذي ما إن وصل إليها حتى لم يستطيع التحمل فاقتنصها على حين غرة مما جعلها تتفاجئ من قبلته المباغتة لها حتى تأوهت بخفوت مما أثاره وجعله ينجذب أكثر وأكثر حتى أبعدته يدها برفق وهي توقظه من غفلة المشاعر التي تأججت في جميع جسده لها :
ــ الناس مستنيانا برة وحجابي اتبهدل واحنا لسه مخرجناش الفرح ، لسة الليلة طويلة.
أخرجها من أحضانه ثم اسند جبهته بجبهتها وأنفاسهم مختلطة بثورة اقترابهم وهو يهمس لها بنبرة مبحوحة مصاحبة للمشاغبة:
ــ دي هتوبقي ليلة ولا ألف ليلة يا بطل ما يهزك ريح ، دى انتِ عليكي حضن يسفر الكائن الحي لرحلة الفضاء الرومانسي ويخليه يغادر كوكب الأرض ومعايزش يرجع له تاني ،
ثم داعب أرنبة أنفها مكملا بشغف عشقها المتغلغل في جُلِّ كيانه :
ــ لما انتِ اكده مبهرة وانتِ بكامل احتشامك أمال لما نكشف عن المكنون ايه اللي هيحصل في الغلبان اليتيم ،
ثم غمز لها بكلتا عينيه ليسترسل بدعابة مغلفة بالعشق وهو ينظر لجسدها بنظرات أخجلتها ويمسك يدها ويجعلها تدور كالفراشة حول حالها مما أسعدها بشدة :
ــ طلع لقب أم الزين مش لقب دي حقيقة قلباً وقالباً ومحتوى ، على رأي المثل ما هيقول القالب غالب يا حلو الليالي والأيام.
أوقفها بعد أن تدللت ثم قررت أن تلقي على مسامعه من شهد لسانها هي الأخرى فهي قررت أن لا تترك للخجل باباً يفسد عليها اللحظات :
ــ إذا كنت أني حلو الأيام والليالي فانت
على رأي الست ما بتقول هقول لك
قد إيه من عمري قبلك راح، راح
وعدّى يا حبيبي قد إيه من عمري راح
ولا شاف القلب قبلك فرحة واحدة
ولا داق في الدنيا غير طعم الجراح

إبتديت دلوقتي بس أحب عمري
إبتديت دلوقتي أخاف، أخاف لا العمر يجري
كل فرحة اشتاقها من قبلك خيالي .
إبتسم بغرام وأمسك كفها وطبع بداخله قبلة لثوان ثم نظر إليها وقال :
ــ دي هتوبقي ليلة رايقة هيشهد فيها علينا فيها الليل وسماه ونجومه وسهره وقمره وانت وأنا ولا حدش زينا ،
ثم عدل من حجابها مما راق لها فعلته ثم جعلها تضع ذراعها بين ذراعيه وهو يخرج بها كالأميرة المتوجة أمام الجميع والزعاريد تتهافت عليهم من كل مكان وانطلقوا جميعاً إلى اليخت الذي يقيم فيه حفل الزفاف وتلك المفاجأة أبهرتها وجعلتها تشعر بأنها تملك سعادة العالم أجمع ، كانت ترقص معه بسعادة على أنغام الموسيقى والجميع حولهم يصفقون لهم والفرحة تخرج من قلوبهم لذاك الثنائي المميز بجماله ومن يراها تقف بجانبه لا يظن أنها تزوجت قبل ذاك والجميع يحسدونه على تلك الحورية التي تشبه حوريات الجنة من جمالها الملائكي الآخاذ ورقتها في رقصها وحركاتها فقد كانت كتلة جمال تتحرك برشاقة وخفة على سطح اليخت وكأنها تداعب أمواج البحر كحورياته مما جعل ذاك الجاسر يشدها لأحضانه لينهاها بغيرة وهو يهمس في أذنها أن تهدأ فقد كانت جميع العيون مسلطة عليها منبهرين بها وعندما قربها من أحضانه تصنمت أعين المقربين وجميع من بالخيت لحركته تلك فمنظرهم جعل الرجال الذين لم يتزوجوا يشتهون الزواج بسبب هذان العاشقان :
ــ اهدى يابطل مش عايز حد ينشك عين على سحرك وجمالك فالليلة تنضرب وبعدين اني هغير عليكي من العيون فبزياداكي رقص .
احتضنت رقبته هي الأخرى وتناست الجميع وهي تردد على مسامعه وبجانب أذنيه :
ــ عايزة أبسطك وأخليك متنساش الليلة دي وأعوضك عن اني رفضت فرح كبير في القاعة عايزة أعيشك التفاصيل الحلوة زي مانت ما توجتني ملكة على عرش قلبك الكبير الراقي شبه أخلاقك .
ــ يخربيت جمال همسك ياشيخة بقولك ايه يابطل جيلك اهدى عليا بقي خلينا على الهادي مش هتوريني الحلا كلاته في يوم واحد أني كدة هدوب … تلك الكلمات التي ألقاها في أذنها هو الآخر مما جعلها ضحكت بدلال داخل أحضانه فجعلته همس ثانياً:
ــ طب أني بقول ايه كفاية بقي فرح ولمة أني اصلا كنت غلطان في حوار الفرح دي يعني أقول لك كفاية همس يا أم الزين تضحكي بدلال ورقة تدوبيني اكتر ربنا يسامحك علي اللي هتعمليه .
ظلوا بحالتهم تلك حديث العشاق صار مبتغاهم وجميع من بالحفل منبهرين بجمال ذاك الثنائي الآخاذ المميز ،
وأخيراً بعد مرور ساعة أخرى انتهى حفل الزفاف وانفض الجميع من حولهم فهو قد حجز اليخت له فلا يوجد عليه غير سائقيه فقط فذهب بها إلى الدور العلوي لليخت في غرفة جانبية جهزها بجميع ماسيحتاجونه من مأكل وملبس وكل شئ ،
وما إن وصل حتى احتضن وجنتيها مباركاً لها :
ــ مبروك عليا البطل بحلاوته وشقاوته وعبيره وهناه مبروك عليا “أم الزين”
 

google-playkhamsatmostaqltradent