رواية جوازة ابريل الفصل الحادي عشر 11 - بقلم نورهان محسن

الصفحة الرئيسية

   

رواية جوازة ابريل الفصل الحادي عشر 11 - بقلم نورهان محسن

     
الفصل الحادي عشر (أنت لعبتي)
 
إن رماديتيه ترى كل يوم وجوهًا جميلة ، ولكن القلب لم يفتح أبوابه إلا لوجه واحد أصبح الآن يمقـته بشدة



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



عند باسم



بعد مرور خمس دقائق من دلوف دورة مياه هيام.



هرول باسم بخطوات واسعة ، بعد أن سمع صوت صراخ هيام ، ليراها واقفة ترتجف في أحد الزوايا ، مغمضة عينيها ، واضعة حقيبة يدها أمام وجهها في ذعر ، بينما كان الكلب يحوم أمامها دون توقف. 



ركض باسم نحوها ، وتوقف أمامها ، ليضع كفه على كتفها الأيمن ، فانكمشت على نفسها أكثر ، وأطلقت صرخة خافتة قبل أن تفتح عينيها وتراه مقابلها.



حدقت هيام به لثواني معدودة بعد إستيعاب ، ثم اقتربت منه لا إراديا ، متمسكة بقميصه الأسود ، وهي تشير إلى الكلب ، هاتفة بتلعثم خائف : اا ايه .. الكلب دا !! حوشه .. حوشه عني بسرعة!!



أخبرها باسم بصوت هادئ ، وهو يطوق خصرها بذراعه اليسرى ، عندما شعر بارتعاشها القوي : اهدي .. اهدي .. دا بتاعي ومابيعملش حاجة



رمشتُ بجفونها تباعاً من الخوف ، غير مدركة لوضعهما الحميمى ، وقالت بصوت أبح من الصراخ : لا .. انا بخاف منهم اوي 



تنفست هيام الصعداء عندما رأت الكلب يبتعد ، منشغلاً باللعب في مكان آخر ، فضحك باسم بمرح ، ثم قال بصوت رجولي هامس : ماتخافيش منه .. دا أليف جدا .. هو بس كان بيرحب بيكي



تجمدت هيام للحظات ، وهي تشعر بحرارة رهيبة تتسلل إلى جسدها كله من رائحة عطره القوية ، التي غزت حواسها مع شعورها بأنفاسه تلامس جلد رقبتها الرقيق ، عندما أدار وجهه إليها ، فابتسمت بحرج شديد ، وهى تبتعد عنه قليلاً ، قائلة بتوتر ملحوظ ، بينما باسم يسحب ذراعه ببطء من خصرها : انا اسفة .. اتوترت بزيادة .. معلش كان موقف يضحك بجد!!



قالت هيام الكلمة الأخيرة بضحكة خفيفة ، بعد أن أصبح واقفاً مقابلها مباشرة ، فرفعت عينيها إليه ، لتجده أنه لم يرد الابتسامة ، بل ينظر إليها بملامح مبهمة وغامضة ، قبل أن يتمتم بنبرة رجولية أجش مصحوبة بنوع من الهمس : عادي .. مفيش حاجة



أنهى باسم كلامه ، وهو يجثو ببطء على إحدى ركبتيه ، فيما كانت عيون هيام تتابعه بذهول وترقب ، حتى التقط حقيبة يدها التى تحت قدميها المزينة بطلاء وردي صارخ ، لتتذكر أنها سقطت منها ، وهي تتشبث به ، فبلعت ريقها بصعوبة ، وتصاعدت الحرارة إلى وجهها المتورد ، تزامنا مع استقامة باسم بطول قامته أمامها ، فتأملت بعسيلتها جسمه المتناسب بشكل مبدع ، وصولا إلى ملامحه الرجولية الوسيمة ، وذقنه التي تزينها لحية سوداء خفيفة جدا.


 
                
عادت هيام من أفكارها ، وهو يمد إليها الحقيبة ، فأخذتها منه وتلامست أيديهما ، فواصلت النظر في عينيه ، بينما سيل من المشاعر الجارفة تسري في جسدها ، أدركها باسم جيدًا بخبرته المحنكة ، ليقترب منها تدريجيًا. 



لف أصابعه بلطف حول معصمها ، شعرت جراء لمسته ، بمفرقعات في عروقها تهدد بإند..لاع مشاعرها المكبوتة ، ليدفعها باسم بلطف نحو الحائط خلفها ، ويده اليسرى تمر عبر خصلات شعرها القصيرة لتلامس جانب رقبتها بر..غبة مُلحة داخله ، ليتحسس بشرتها الناعمة بأصابعه هذه المرة ، وليس فقط بأنفاسه ، ورماديتيه التائقة تغوص بلا رحمة في عسليتها التائهة ، لتفقد القدرة على التفكير السليم من الانصهار السا..حق في خلاياها ، حين ارتفعت يده الأخرى ببطء على ذراعها ليمسك كتفها ، وأنزل بصره من عينيها إلى شفتيها الوردية ، وأعا.صير الر..غبة تتضارب بداخله ، مشتهيًا تذوقها ، لينهي المسافة الأخيرة التي تفصلهما بوجهه ببطء ، فأغمضت عينيها ، لتشعر بقبلاته الخافتة على سائر وجهها بتأني حا.رق ، ليمنحها الوقت الكافي للتراجع ، لكن وتيرة تنفسها العالية ، واسترخائها الخانع للمساته أخبرته أنها لن تعترض على الإستكمال.



أما هي فقد كان عقلها بالفعل مغيب عن الواقع ، ورائحة عطره الممزوجة برائحته الرجولية المثـ..ـيرة أخذتها إلى عالم آخر ، فرفعت يدها ووضعتها على صدره النابض بعـ..ـنف من الإثارة ، بينما كان ينشر قبلاته المتفرقة بين تجاويف رقبتها وخدها المتورد برقة شديدة ، ثم أبعد رأسه قليلا ، ونظره يتجه نحو الشامة فوق شفتيها المغو..يتين اللتين أبتا على التوقف عن الارتعاش ، لتزداد رماديتيه بعواصف مليئة بالإستـ..ـثارة والشوق، ليرمي تحذيرات العقل بعرض الحائط ، إذ هى أثارت كل جزء من جسده ، لتجعله يفقد صوابه ، ثم خفض وجهه أكثر إلى الأسفل ، وألتـ..ـهم شفتها السفلية بين شفتيه ليسحبها تدريجياً ، فإنساقت هيام بلهفة خلف تجربة خطـ..ـيرة غيبتها بمجرد أن ذاقت لذة شفتيه ، وهي تحيط برقبته بكلتا ذراعيها ، ليتبادلان قبلة مجنـ..ـونة ، بينما هو كان أيضا يستمتع بطعم شفتيها الناعمة ، ونكهة أحمر شفاهها المثـ..ـيرة ، وأجسادهما متلاصقة فى إلتحام.



فصل باسم قبلتهما بعد ثوان قليلة ، ليسمح لها بالتقاط أنفاسها الثائرة ، ووضع قبلات متتالية على رقبتها الطويلة ، وتجر..أت يده الأخرى ، لتكتشف مفا..تنها الأخرى ، فارتفعت آها.تها المثـ..ـيرة ، وهي بالكاد تفتح عينيها من المتـ..ـعة ، ليشعر باسم فجأة بمسحات متكررة بإلحاح أسفل ساقيه ، لكنه لم يبالي بما يحدث حوله ، وما زالت يداه الخبيرتان تعزفان ألحانًا مليئة بالعجائب على جسدها الشهى ، والذى زاد من رفضه عن التوقف والابتعاد عنها.



فيما زادت المسحات أكثر ، ممَ جعل عقل هيام يستيقظ مصدوماً من غيبوبته المؤقتة ، صارخًا بفداحة خطيئتها الشنيعة في حق نفسها وحق صغيرتها ، رغم أن كل ما بداخلها يتوق إلى عدم توقفه ، تريده أن يستمر لإخماد روحها المحتر.قة بنيـ..ـران الخيـ..ـانة.




        
          
                
رفع باسم يديه حول رقبتها من الخلف ، والتهم شفتيها فى فمه مرة أخرى ، لكنه عقد حاجبيه في دهشة عندما أحس بملوحة دموعها تنساب على شفتيه ، فابتعد عنها على الفور ، وهو يلهث بأنفاس مضطربة متناغمة مع أنفاسها العالية المتلاحقة بجـ..ـنون ، كان قلبها يهدر بقوة ، وكأنه سيخرج من ضلوعها ، بينما باسم يمسح قطرات عرقه من أعلى جبينه ، وخفض عينيه على الكلب الذي كان يجلس في أسفل قدمه ، ثم رفع بصره إليها محاولا فهم ما حدث لها ، ويتمتم بصوت مثقل بالإثارة : مالك!!



انفجرت هيام بالبكاء تحت عينيه المتسعتين مستغرباً منها ، بينما انحنت إلى الأمام قليلاً ، ودفنت وجهها بين يديها ، وهمست ببكاء وصوت مكتوم : معرفش ازاي عملت كدا!!!



باسم حاول أن يقترب منها بقلق ليهدئ من روعها ، لكنها لم تسمح له ، إذ تحركت للخلف مبتعدة عنه ، رافضة أن يلمسها ، وانتصبت في وقفتها : خلاص .. اهدي .. محصلش حاجة!!



نطقت هيام بالرفض ، كلمات متقطعة وسط شهقاتها ، واهتزازات جسدها الذي أسندته إلى الحائط دون أن تتوقف عن الارتعاش : االا .. حصل .. بس دي طلعت حاجة مش سهلة خالص .. ازاي .. قدر يعمل كدا..!!!



قطب باسم ما بين حاجبيه بقوة ، وسألها بدهشة دون أن يفهم شيئاً مما قالته : بتكلمي عن مين!! 



لم ترد هيام ، إذ تدفقت العبرات على خديها المحتقنين بشدة ، مختنقة حروفها في حلقها ، فزفر باسم مضطرباً من حالتها التى تبدلت رأساً على عقب فى غضون ثوانِ معدودة ، وهو يمسح على شعره لا إرادياً بتفكير ، ثم استعاد رابطة جأشه ، قائلا بنبرة هادئة بعض الشيء ، وهو يشير إلى أقرب كرسي : ممكن تهدى .. تعالى اقعدي هنا.. 



تطلعت هيام إلى حيث يشير ، لتتقدم بخطوات متثاقلة ، ثم تهاوت على المقعد تريح قدميها الهلامية ، وهي تلهث بخفوت تحت نظراته الفضولية ، ثم سألها باهتمام : اجيبلك ميه؟!



هزت هيام رأسها رافضة ، وهي تدفع خصلات شعرها عن خدودها المبللة لتهمس بصوت أبح ، وشعورها بالذنب يتفاقم مع كل نفس يخرج من رئتيها ، ممَ يجعلها تكاد تختنق به : الخيـ..ـانة طلعت حاجة صعبة جدا .. مش زي ما كنت فاكرها



تبخر شعوره بالر..غبة تجاهها بمجرد أن أدرك معنى كلامها ، وتجمد في مكانه للحظات ، وكأن الصدمة حدت من تفكيره الذي انحصر في ذكرى ماضية تشبه هذا الموقف إلى حد كبير ، ليسألها بنبرة شبه واثقة : جوزك .. خا..نك!؟



هزت هيام رأسها بقوة ، لتقول بنبرة بكاء متحشرجة : عرفت انه مصاحب بنت اصغر منه بكتير .. وكل صحابنا كانوا عارفين .. وانا الوحيدة اللي كنت مخد..وعة ونايمة علي وداني .. ولما عرفت مش مكنتش عايزة اصدق .. 




        
          
                
غطت هيام فمها بكفها ، ونظراتها شاردة في نقطة واهية ، وأضافت بنبرة مريرة مليئة بالندم : معرفش ازاي سمحت لنفسي اعمل زي ماهو عمل .. انا مش خا..ينة والله العظيم .. ولا عمري عملت كدا .. ازاي هو قدر يعمل فيا كدا .. ازاي!!!!



تدفقت دموعها من مقلتيها أكثر مع كل كلمة تلفظت بها بألم يمزق زوايا قلبها ، ورفعت عيناها الحمراء إليه ، فأثارت الشفقة في قلب باسم الذي حاول أن يخفف عنها ، وهو يدنو إلى مستواها على عقبيه ، وأومأ برأسه أسفاً قائلاً بتوتر خافت : ممكن تهدي شوية .. وتبطلى عياط .. محصلش حاجة .. المسائل دي ماتتحلش بالشكل دا .. عايزة تردي كرامتك في طرق كتير .. غير انك تقابلي الخيـ..ـانة بالخـ..ـيانة



أطرقت بوجهها خجلاً من نفسها ، ومضت تقول بنبرة حرج ممزوجة بالأسف الشديد : انا اسفة اوي اني استغليتك .. بس والله صدقني كنت يائسة لدرجة صعبة اوي ومصدومة وعايزة انتـ..ـقم منه وبس



مسح باسم على وجهه بضيق ، وهو يتمتم لها بهدوء : خلاص انسي اللي حصل .. هتقدري تسوقي ولا تحبي اوصلك!!



أجابت هيام على سؤاله بنفى خافت ، تزامنًا مع نهوضهما ، لكنها لم تستطع رفع عينيها والنظر إليه : لالا هقدر .. متشكرة انك فهمتني وبعتذر ليك مرة تانية .. بس مش هقدر اكمل الشغل دا معاك



أما بالنسبة له ، فإكتفى بهمهمة خافتة ، متفهمًا ما كانت تمر به جيدًا.



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



حوالي الساعة الثامنة مساءاً



أبريل تقف مع رضوى ، وأميرة داخل أحد متاجر الملابس في مجمع تجاري ضخم. 



قالت ابريل برفض : لا .. مش عجبني



نظرت رضوى إلى فستان طويل من اللون الليموني الهادئ كانت تحمله في يدها ، ثم أبدت استنكارها ، هاتفة بتذمر : هو انتي من نظرة بتقرري يا بت تعبتينا والله



عقدت ابريل ذراعيها أمام صدرها ، وغمغمت بعدم اقتناع : ماحبتوش ولا حسيته



تأفأفت أميرة التي كانت واقفة بجانبهم بصمت ، بعد أن سئمت من تشاجرهم المستمر ، مدققة النظر عن كثب إلى الورقة المتشابكة فى الفستان ، ثم هتفت بحدة ناعمة : بس انتي وهي!! شوفوا مكتوب عليه كام الاول .. قبل ما تتمسكوا في شعور بعض كدا؟!



ألقت رضوى نظرة على المكان الذي أشارت إليه أميرة ، فاتسعت عيناها في ذهول ، ثم تمتمت بشهقة : يا نهار طين .. كل دا رقم!!!



ضحكت ابريل مقهقهة عليها ، لتقول بتهكم ساخر : شوفتي بقي .. والله ما يستاهل .. خلينا نروح نشوف محل تاني




        
          
                
التفتوا ليخرجوا من المتجر معًا ، ليرن هاتف أبريل بنغمة أجنبية ، فأخرجته من جيب بنطالها الزيتي ، لتنظر إلى الشاشة المضيئة ، وهى تتمتم بصوت خافت : دي ريهام بتتصل!!



أحاطت رضوى بكتف إبريل من الجانب ، وهي تدنو برأسها ، لتهمس بقلق : لا تكون ريهام اختك عايزة العربية وهتخلينا نروح في ميكروباص



دفعت ابريل ذراع الأخرى بنفاذ صبر عن كتفها ، وعلقت متذمرة : اتهدي بقي !! خليني اعرف ارد يا نقاقة



قامت رضوى بدفعها بخفة في ذراعها بغيظ ، فزفرت أميرة في يأس منهم ، وهي تجلس على مسطح رخامي عالي يتوسطه نباتات ، بينما ابتعدت أبريل قليلا لترفع الهاتف إلى أذنها بعد أن ضغطت على زر الرد ، قائلة بصوتها الناعم : الو يا ريكا!!



جاءها صوت ريهام من الجانب الآخر، تسألها بنبرة هادئة : ايه يا حبيبتي .. بتعملوا ايه !! خلصتوا؟



تنهدت أبريل ببطء ، وقالت بنبرة شبه منهكة ممزوجة بالمرح : لا والله لسه .. لفينا كتير جدا .. لدرجة ان يوسف لازق دلوقتي ع الكرسي الكافيه بتاع المول مش راضي يقوم .. ف سبناه انا والبنات وبنلفلف نتفرج



ضحكت ريهام ، وأخبرتها بقلة حيلة : معلش الفقري دا مش متعود علي كدا .. فالح بس في السفر مع صحابه



شاركتها ابريل الضحك ، لتغمغم بتأكيد : اه والله



تحدثت ريهام بنبرة لطيفة : معلش ماتزعليش مني عشان مجتش معاكي يا عمري



ردت ابريل متفهمة : هو بجد كان نفسي تيجي .. عشان تختاري معايا لأن ذوقك علي طول جميل وبيعجبني جدا .. بس عارفة انك مشغولة في الاتيليه .. ربنا يكون في عونك



تابعت ريهام بلهجة لينة ناعمة : تسلمي حبيبتي .. كنت بكلمك صحيح عشان اقولك ماتقلقيش بكرا الصبح بنت من الاتيليه عندي هتيجي تعملك بروفا الفستان .. ولو ليكي اي كومنتس قوليلها ونصلحوا!!



تمتمت أبريل بنبرة محرجة مليئة بالامتنان ، لأختها التي لم تقصر معها في شيء ، لكنها تفضل دائما التحجيم من عمق العلاقة بينهما ، ربما لأنها لم يتربوا مع بعضهم البعض ، أو لأنها لا تريد من أحد أن يفعل معها شيئاً من باب الشفقة والتعاطف ، فكانت تخلق مساحة آمنة بينها وبين الآخرين ، لتحمي نفسها من الصدمات والمواقف المحرجة : مش عارفة اقولك ايه .. شكرا يا ريهام تعباكي معايا



ردت ريهام بنبرة مؤنبة يتخللها الحنان : بلاش عبـ..ـط يا توته كدا هتزعليني منك بجد .. هو في شكر بين الاخوات يا بنتي؟! بطلي الحساسية دي بقي .. ولا انتي لسه ماتعرفيش غلاوتك عندي قد ايه!!




        
          
                
أجابتها ابريل مبتسمة بصدق : انتي كمان والله 



زفرت ريهام الهواء بقوة ، وقالت بهدوء : طيب اذا عوزتي حاجة اتصلي عليا اوكي!!



همهمت ابريل بالموافقة ، ثم قالت ابريل بسؤال : تمام .. انتي وصلتي البيت بالسلامة؟!



أخبرتها ريهام بصوت مرتبك نوعا ما : لا لسه ورايا شغل كتير في الاتيليه .. يلا هسيبكوا تخلصوا براحتكو .. باي باي يا روحي



أنهت ابريل المكالمة الهاتفية معها ، وهي تبتسم ابتسامة واسعة بإبتهاج يغمر قلبها باهتمام أختها بها ، ثم ذهبت لتنضم لأصدقائها مرة أخرى.



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



فى ذات الوقت



فى سيارة ياسر



يجلس ياسر ينقر بأصابعه على عجلة المقود ، منتظرا فتح إشارة المرور ، ليقول بضجر جلى ، وبجانبه يارا يبدو عليها أنها شاردة التفكير : زمانهم وصلوا قبلنا علي المطعم .. بجد الزحمة دي بقت حاجة لا تطاق!!



مرت ثواني من الصمت ، فعقد ياسر بين حاجبيه متعجبا من عدم تعليقها على كلامه ، ونظراتها المستمرة للأمام ، فقطع الصمت صوته الرجولي المتسائل : ايه السرحان دا كله !! مين واخد عقلك يا يويو؟!



خرجت تنهيدة خافتة من فمها ، أعقبها ردها الهادئ ، وهي تحدق خارج النافذة : ولا حد .. مفيش!!



مط ياسر شفتيه بعدم اقتناع من ردها ، وعلق بجدية يشوبها الحيرة : مالك بجد !! ولا خلاص بقيتي تخبي عليا؟!



أدارت يارا وجهها إليه ، واتسعت عيناها في نفس الوقت مع هز رأسها بالنفي ، وإجابته بتعجب : من امتي بخبي حاجة عنك يا ياسر!؟



عاود ياسر ، ليسألها بإلحاح : اومال مالك كدا متوترة .. ومابتتكلميش معايا مش زي عوايدك !!



هزت يارا كتفيها للأعلى ثم للأسفل ، وشبكت أصابعها ببعضها ، وتمتمت بإفصاح متعمد : مفيش حاجة .. كل الحكاية بفكر هعمل ايه يوم خطوبتك!!



أدار ياسر المحرك ، وانطلق بالسيارة عندما فتحت الإشارة ، وهو يستفسر بغير فهم : تعملي ايه في ايه!!



تمتمت يارا بنبرة متوترة أتقنتها ببراعة : بصراحة شايلة هم اليوم دا .. انت عارفني مابحبش اكون وسط ناس معرفهاش .. ببقي متوترة ومش مرتاحة!!



استفهم ياسر بغرابة شديدة : ايه اللي بتقوليه دا بس يا يارا !! ما انا هبقي موجود معاكي يا بنتي..




        
          
                
أشاحت نظرها عنه ، وهى ترسم علامات الضيق على وجهها بمهارة ، وزمت شفتيها لتقول بغير إقتناع : معايا ايه بس يا ياسر!! دي ليلة خطوبتك وطبيعي هتبقي مشغول ومتشتت في مية حاجة وحاجة .. وانا هحس اني لوحدي وسطهم..



بدت علامات الدهشة على ملامحه لما قالته ، وكان ينظر إليها بين الحين والآخر بعينين ضيقتين ، لينهي قولها بنبرة معارضة مليئة بالثقة : لوحدك ايه انتي هبـ..ـلة يا يارا !! مهما كنت متشتت علي قولتك .. هتفضل عيني عليكي .. ومهما كنت مشغول هفضل متابعك .. مش عايزك تقلقي ولا تشيلي هم حاجة



اختتم كلامه بابتسامة تلقائية تعلو فمه ، لتبادله إياها بسعادة داخلية ، قائلة بصوت ناعم مليئ بالمشاعر مؤجلة الظهور : ربنا مايحرمنيش منك يا ياسر



نظرت يارا إلى الجانب من النافذة ، وتنفست الصعداء ، وشعورًا بالرضا والراحة يغمرها بعد سماع كلماته الرقيقة ، لتتأكد أنه لا يزال يهتم بها ، وأن لها تأثير كبير عليه ، فهي لن تترك حبا دام سنوات عديدة من حياتها ، لهذا الرجل حتى تحظى به امرأة أخرى بكل بساطة ، حتى لو كان لا يعلم أنها تعشقه بجنون ، ولا تريد سواه أو تهتم بأي شخص آخر ، وحتى لو لم يكتشف بعد أنه يحبها كما تحبه ، فإنها ستبقى بجانبه ، ويكفيها ذلك مؤقتا حتى يفهم حقيقة مشاعره تجاهها بمفرده ، ويدرك أنها فقط التى تهيم به عشقاً ، وتهتم به ، وتحفظ أسراره ، وتحتوي حزنه وفرحه.



ستستمر في إختـ..ـلاق الأعذار ، والأسباب ليكون بقربها ، وتدريجياً ستفـ..ـسد علاقته عن هالة التى يعتقد أنها المناسبة له ، واختارها هى ليخطبها ، ولم تستطع فعل شيئاً سوى تهنئته بسعادة ، وداخلها تحـ..ـترق بنيـ..ـران الغيـ..ـرة والجوى ، لكنها على يقين أنه فى النهاية سيعود إليها.



أغمضت يارا عينيها مسترجعة ما فعلته اليوم ، إذ اختـ..ـلقت عذراً بأن سيارتها معطلة حتى تتمكن من القدوم معه فى الطريق إلى ذلك العشاء بدلاً من هالة ، وتعلم جيداً أنها تتصرف بأنا..نية ، ولكنها قررت نشب نارُ الحرب على غريمتها ، مستخدمة أقوى الأسلحة دهاءًا ضدها ، وموقنة من إنسحاب الأخرى المؤكد ، وأنها ستفوز عليها فى هذه الحرب الباردة.



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



خلال ذلك الوقت



في منزل باسم



باسم مسترخى بجسمه على الأريكة بالعرض ، محدقا في السقف بصمت ، وأفكاره تسبح به في الفضاء الواسع ، حيث عاد بعد الموقف الذي تعرض له اليوم مع هيام ، ليوم كان يوهم حاله بأنه قد نساه ، لكنه محفورا في ثنايا ذاكرته ، رافضًا أن يمر مرور الكرام على حياته. 




        
          
                
حيث كان اجتاز امتحانات الثانوية العامة بنجاح ، وكان يطمح إلى دخول الجامعة حتى يتخرج منها بسرعة ، حتى يتمكن من التصريح لها بعشقها المستوطن أعماق قلبه ، وعندما ذهب إليها ليشاركها سعادته ، كان لدى ريهام مفاجأة كبيرة أرادت أن تعلنها له أيضاً ، وهي خبر خطوبتها من شخص آخر ، فبدأت أعصابه بالإنهيار ، ويداه ترتجفان ، ولم يستطع التحكم فى لسانه ، وهو يخبرها عن حبه الخفي لها بين ضلوعه ، لتفاجئه أكثر باستهتا..رها بما قاله دون أدنى اهتمام منها بمشاعره الصادقة تجاهها ، مسببة له جرح غائر فى صميم قلبه ، معللة له باستخفاف ضاحك : دي مشاعر مراهقة يا باسم .. شوية وهتنساها .. هو صحيح احنا متعلقين ببعض من واحنا صغيرين .. بس انت بالنسبالي لعبتي الجميلة .. بتاعتي انا .. بس يوم ما افكر اتجوز .. طبعا هتجوز واحد ناضج واكبر مني .. يدلعني ويهتم بيا .. مش انا اللي العب دور مامته .. ولا انت نسيت اني اكبر منك بأربع سنين!!



كانت كلماتها مثل دلو مملوء بالثلج سقط فوق رأسه ، فتجمد للحظات بلا رد فعل ، فيما أحس أن قلبه هوى من بين ضلوعه ، واصطدم بأرضية قا..سية ، ليتحطم إلى أشلاء لا تعد ولا تحصى ، فانهمرت دموعه الحا..رقة من مقلتا عينيه لا إرادياً من هول الموقف الذي وضع نفسه فيه ، بينما كان يشعر أن كرامته قد تمزقت إلى ألف قطعة أمامها ، ليبدو صغيرًا جدًا فى عين نفسه ، وتمتم بصوت مصدوم : انا لعبتك يا ريهام!! انتي عارفة بتعملي ايه!! انتي بتد..بحيني بسكـ..ـينة تلمه .. وانتي ماتعرفيش قد ايه بحبك واعمل اي حاجة عشان خاطرك!!!



منذ ذلك اليوم انقلبت حياته رأساً على عقب ، وتغيرت شخصيته كثيرا ، حيث عزل نفسه في غرفته لفترة طويلة ، يرفض الخروج منها تماما ، يشعر أنه مهزومًا ، ومكسورًا ، ومجروحًا ، ثم فجأة قرر الهرب والرحيل بعيداً ، وبالفعل سافر للدراسة في الخارج ، وأطلق العنان لجنـ..ـون الشباب بداخله ليقوده ، وهذا ما جعله أكثر اند..فاعاً وتهـ..ـوراً بلا حدود ، ليتخذ سباق السيارات السريعة هوايته الجديدة ، مع خروجاته التي لا تعد ولا تحصى مع الفتيات ، مما أدى ذلك إلى كوارث خطـ..ـيرة ، أهمها فقدان صديقه المقرب في حادث بعد أن فقد السيـ..ـطرة علي السيارة ، وهو لم يتجاوز التاسعة عشرة من عمره ، مما سبب له أزمة نفسية حادة لمدة عام كامل ، وبصعوبة تمكن من العودة إلى طبيعته ، وهذه المحنة لم تجعله يطوي صفحة ريهام من حياته إلى الأبد فحسب ، بل بات ينظر إلى هذا الماضي كنقطة سوداء ، ورغم بشا..عة ما حدث معه ، لكنه أيضاً كان أكبر دافع لحياته حتى يقتلع عم بعض العادات المتهورة ، وركز على مستقبله ، ثم عاد إلى مصر ، وعمره 27 عاما ، وهو مخرج إعلانات مشهور وناجح في مجاله.



وبعد مرور عام على عودته ، انفصلت ريهام عن زوجها ، وعادت للتقرب منه مرة أخرى ، بعد أن انبهرت بجاذبيته الفائقة وشخصيته الجديدة التي لا تقاوم ، متفاجئة بوسامته الرجولية المهـ..ـلكة التى تضاعفت جراء نضوجه.



فهم بعد ذلك أنها أقنعت والدتها بشراء فيلا في نفس المجمع الذي يقطن فيه مع عائلته ، بحيث يكون أمامها طوال الوقت ، لكنه صدها بقوة ، وكانت هي السبب الرئيسى فى إنتقاله للعيش في منزل آخر بعيدا عن عائلته لكي يتخلص من رؤيتها ، وليس كما يعتقد الجميع أن سبب نزو..اته التي لا نهاية لها ، فهو لا يشعر بالجوع إلى الشهـ..ـوة حتى يقترب من أحدهن ، بل أنه يشبع فقط غر..يزة الصيـ..ـاد بداخله ، لكنه لا يحتاج لذلك حقًا ، وهو غير سعيد بما يفعله ، لأنه في حاجة إلى الشعور السعادة الحقيقية ، لكنها مستمرة فى الهروب منه ، وربما لن يتمكن من الحصول عليها طيلة حياته.



تعرف بعد ذلك على رزان التي كانت تطمح أن تكون عارضة إعلا..نات ، وقضى معها عدة أشهر ، ولم تمل ريهام من مطاردته ، وعندما شعر أنه على وشك الضعف تجاهها من جديد ، قرر الإرتباط برزان بشكل مؤقت ، حتى يقطع على ريهام طريق العودة.



عاد باسم إلى الواقع على صوت جرس الباب ، فاعتدل في جلسته ، ونظر إلى ساعة معصمه ، ليجد أن الساعة قد قاربت التاسعة مساءاً ، ليفكر في هواية طارق الذي أتى في هذه الساعة ، ولا يعتقد بأنه خالد ، فهو مشغول اليوم بتأليف إعلان جديد.



نهض باسم من مكانه ، ليتجه نحو الباب بخطوات متثاقلة ، وحين فتحه ارتسمت علامات الصدمة على ملامحه ، لأنها خرجت من أفكاره ، لتتجسد بقامتها طاغية الأنوثة أمام منزله.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

        



google-playkhamsatmostaqltradent