Ads by Google X

رواية ديجور الهوى الفصل الرابع 4 - بقلم فاطمة طه

الصفحة الرئيسية

 


 رواية ديجور الهوى الفصل الرابع 4  -   بقلم فاطمة طه



اذكروا الله
_________
لقد جاء الكثير من التعاسة إلى العالم بسبب الحيرة والأشياء التي لم تُقال.
_دوستويفسكي.
فلتحذر من اندفاعات محبتك، لأن الإنسان الذي يعيش في عزلة يمد يده سريعًا لكل من يصادفه بعض الناس لا يحق لك أن تمد يدك إليهم بل كفّ الوحش، وأريد أن تكون لكفك مخالب أيضًا.
– نيتشه
“أنا لا أنسى، أنا فقط أترك الأشياء جانبًا.”⁣
– محمود درويش
____________
في وقت الظهيرة…
ولج كمال إلى المنزل والشياطين تتراقص أمام عينه، تفاجئ توفيق الذي كان يجلس في بهو المنزل يقوم بشرب قهوته:
-كمال؟! في حاجة يابني ولا ايه؟!.
سأله توفيق هذا السؤال فهذا ليس موعد عودته من البنك….
تحدث كمال بكلمة واحدة:
-فردوس فين؟!
غمغم توفيق بقلق:
-في اوضتها، في ايه يا ابني بس؟!
لم يتحدث كمال بل ذهب ناحية الدرج قاصدًا غرفة تلك المرأة التي ستفقده عقله في مرة من المرات، إن لم يفقده من الأساس….
اقتحم غرفتها فاتحًا باب الغرفة مرة واحدة مما جعلها تنهض من فوق الفراش قائلة بفزع من دخوله بتلك الطريقة..
-أنتَ بتعمل أيه هنا؟!.
صفع الباب حتى كاد أن يكسره مما جعلها تشعر بالقلق الرهيب، صرخ كمال بطريقة شعرت أن أثاث الغرفة يهتز بها:
-بعمل ايه يا هانم يا محترمة؟؟!!! انا اللي بعمل ايه ولا أنتِ اللي بتعملي ايه؟!!!.
أبتلعت ريقها ووقفت أمامه تسأله بكبرياء كاذب:
-عملت ايه يعني؟!.
-قولي معملتيش ايه؟! قولتلك الواد اللي اسمه مراد ده لو أتصل بيكي متردييش وقولتلك اقطعي معاه
من أين علم أنها تواصلت مع مراد بالفعل؟!!.
لكنها غمغمت بثبات زائف:
-وأيه المشكلة لما اتكلم مع قريبي؟! هو حرام ولا عيب؟! ده زي اخويا الصغير.
قاطعها كمال ممسكًا ذراعيها بعنف لأول مرة تشهده منه:
-بصي خناقاتك مع الشغالين في البيت بعديها، جدالك وكلامك اللي زي السم مع كل اللي في البيت بقول ماشي لكن فاكرة أني هركب قرون على أخر الزمن تبقي اتجننتي، أنتِ متعرفنيش يا فردوس لو تعرفيني كنتي خوفتي ألف مرة قبل ما تعملي كده وخليتي العيل ال*** اللي بتقولي عليه قريبك يكلم واحد شغال في البنك يا بجحة علشان تعرفي عني معلومات الراجل كان بيهاودكم وجه قالي.
تحدثت فردوس وهي تنظر له مندهشة لكنها تحدث بلهجة كاذبة:
– ده زي اخويا الصغير ده عيل لسه في الجامعة، وبعدين أنا معرفش أنتَ بتتكلم عن ايه.
أمسك يدها بعنف أكبر ومنعت نفسها من التأوة بسبب الألم التي تشعر به وقال:
-جابر اللي عايزاه يجيب ليكِ معلومات عني قسمًا بالله يا فردوس لو ما لميتي نفسك وسمعت أنك اتجننتي وعملتي كده تاني لهكسر عضمك ومش هخلي فيكي حتة سليمة أنتِ فاهمة؟! علشان أنا غلطان أني سيبت ليكي السايب في السايب.
تأوهت ولم تدعي القوة فترك يدها متحدث بانفعال:
-وحبيت أقولك أني هتجوز يا فردوس، أن قدامك شهرين ثلاثة، لو معقلتيش وعرفتي أنك مراتي ونعيش حياة طبيعية وجيتي قعدتي في أوضتي هعمل اللي المفروض كان أعمله من زمان أني اتجوز، وليكي الحرية عايزة تطلقي براحتك برضو.
هل سيقوم بتطليقها الآن بعد تلك السنوات؟!!
أن ماذا؟!!!.
سألته بحدة وعقل كالحجر رغم أن قلبها العاشق كان يهتز رعبًا مما على وشك سمعه وهو الانفصال عنها:
-هتعمل أيه يا كمال؟! من الاخر أنتَ عايز تطلقني.
-شكلك مش عاجبك اني اطلقك، فهخليكي زي ما أنتِ كنتي تكملي في الدور اللي أنتِ حباه ولا منك مراتي ولا منك طليقتي تقعدي تلفي حوالين نفسك، وهتجوز عليكي.
يعاقبها..
حسنًا أختار العقاب المثالي لقلبها أما عقلها جعلها تستدير بكل برود وتضغط على المقبض وتفتح الباب تحت دهشته وخرجت إلى الخارج ظن أنها سوف تهرب ولكن ما فعلته كان غريب وقفت عند السور الخاص بالدرج والذي يطل على الدور السفلي وخرجت منها “زغروطة” رنت في أرجاء البيت بأكمله….
مما جعل توفيق الذي يجلس على الأريكة قائلا بدهشة لا يدري أي جنون يعيش به:
-بتزغرطي على أيه؟!.
من الأعلى كانت فردوس تجاوب عليه ببسمة واسعة:
– كمال هيتجوز زغرطوا وأملوا البيت زغاريط.
خرج كمال من الغرفة متوجهًا صوب غرفته المتواجدة في نهاية الرواق صافعًا الباب خلفه بانفعال مبالغ فيه كان مجرد تهديد على الرغم من إصرار عمه لكن كان يستخدمه من أجل أن تتعقل قليلا ولكنها على العكس استهزئت به، فهو لا يهمها إلى تلك الدرجة حسنًا هو سيقوم بالتنفيذ وهو يقسم بجنون في كرارة نفسه بأنه سيتزوج في القريب العاجل…
_____________
-يا مساء سندوتشات البطاطس السوري..
قال مراد تلك الكلمات وهو يضع الأكياس البلاستيكية المتواجد فيها الطعام أمام أصدقائه في الجامعة بعد ان قام بتكليف نفسه عبء الوقوف بين الصفوف الطويلة من أجل شراء طعام لهم.
كانت بشرى كعادتها عابسة لا تحب تلك الأجواء التي تضعها فيها صديقتها بالاجبار وهو الجلوس بين هذا الكم من الشباب والفتيات، ولكنها تفعل ذلك مجبرة كونها هي صديقتها الوحيدة المقربة.
تحدث مراد وهو يمرح مع تلك الفتاة التي دومًا عابسة:
-جرا أيه ياست سمر هي صاحبتك دايما مصدره لينا الوش الخشب؟!.
نهضت بشرى بانفعال قائلة:
-وأنتَ مالك أنتَ بيا يا بني أدم أنتَ.
ثم وجهت حديثها إلى صديقتها سمر التي تنظر معاتبة لمراد:
-أنا ماشية انا غلطانة إني باجي أقعد معاهم…
أخذت سمر والفتيات وحتى أنه شاب تدخل أيضًا لحل هذا الخلاف وأخبرها بأن تتناول طعامها ولو أرادت الذهاب بعد ذلك لا يهم وقد أجبروا مراد بألا يحتك بها لحساسيتها المُفرطة النابعة من خوف والدها عليها.
تحدث مراد أثناء تناولهم الطعام وانهماكهم في الحديث عن التكليفات الدراسية:
-أنا لقيت مكتب محاماة قريب من الكلية وهروح وهبدأ من يوم السبت وعلى فكرة هما طالبين ناس لو حد عايز يجي….
هنا تحدثت بشرى:
-بجد فين ده؟!.
تمتم مراد ساخرًا:
-ياه على الانسان لما بيكون عايز مصلحة من الواحد كان ممكن اقول بلاش تحتكي بيا بس أنا هخليني احسن مني ياستي وهقولك….
قالت سمر في تهكم مقاطعة حديثهما:
-مكتب محاماة ايه اللي تروحي تدربي فيه يا ست بشرى؟! ده أنتِ هتخلصي السنة من هنا وابوكي هيرجعك على بلدكم من هنا، هتروحي وهتفرهدي نفسك وخلاص وأحنا داخلين على امتحانات وده اخر ترم.
تحدثت بشرى بشغف حقيقي:
-بس أنا بحب المحاماة يا سمر وعايزة اشتغل بيها..
أخذ الجميع يتابع الحوار باهتمام، لترد سمر على صديقتها:
-لما تتخرجي ابقي شوفي مكتب عندكم، مرواحك مكتب هنا في القاهرة زي قلته أقل من شهرين اللي فيهم امتحانات اصلا وهترجعي البلد ولا هتلحقي تتعلمي حاجة ولا غيره ما هينوبك غير الشحططة، والمحاماة مش حلوة للبنات.
قال مراد معترضًا:
-ياستي هي حرة، أنتِ تقريبًا علشان مخطوبة وفرحك بعد الإمتحانات ومواركيش حاجة تعمليها هتشجعي البت أنها تقعد ومتعملش حاجة اديها الفرصة أنها تجرب.
تمتمت سمر وهي تلوي فمها بتهكم وتعقد ساعديها:
-براحتها ياخويا هو أنا يعني ماسكاها من أيديها منعاها؟!!…
هتف مراد في نبرة عادية وهو يوجه حديثه إلى بشرى:
-لما نخلص الاكل هديكي رقم المكتب علشان مش هقولك ابعتهولك لاني معيش رقمك وهتقعدي تعملي حوار، المهم اتصلي بيهم وقولي أنك قرأتي البوست اللي معمول على جروب “….. …… ….” بتاع المتر هلال وأنك حابة أنك تاخدي خبره منه وأكيد هيقولولك تيجي بإذن الله..
________
طرقات خافتة على الباب مغنجة كصاحبتها…
أذنت فردوس لها أثناء جلوسها على المقعد وهي تضع قدميها على الطاولة المتواجدة أمامها لتضع طلاء أظافرها بكل برود…
ولجت دعاء وهي تسير بدلال، فهي زوجة بكر عم كمال منذ ثلاث سنوات، في الثلاثينات من عمرها، تزوجها بكر بعد وفاة زوجته بعدة سنوات دون أن يرزق منها بأطفال، بينما دعاء كانت متزوجة قبله ولديها طفلة تدعى ريم أحيانًا تأتي وتمكث معها وأحيانًا أخرى تمكث مع جدها وجدتها…
غمغمت دعاء ساخرة:
-هو في واحدة تزغرط علشان جوزها بيقولها أنه هيتجوز عليها، أنا من ساعة ما جيت البيت ده ياختي وأنا عارفة أنها هربانة منك بس النهاردة اول مرة اتأكد.
رفعت فردوس رأسها ونظرت لها في لا مبالاة وهي تغلق الغطاء الخاص بطلاء أظافرها..
مما جعل دعاء تعقب باستغراب:
-أنا مش فاهمة أنتِ معجونة من أيه يابت أنتِ ده أنتِ هتفقعي مرارتي أنا شخصيًا قاعدة تحطي مونكير؟! والراجل بيدور علي عروسة ده أنا لسه سامعة بكر بيقول أنه رايح يتقدم لواحدة، أيه مفيش شوية من الأحمر؟!.
-براحته خليه يتجوز من حقه يتجوز، هو مش فارق معايا وده واضح من سنين والكل عارف طبيعة علاقتنا هقعد أعيط يعني ولا ألطم؟!..
هذا هو المتوقع منها كانت دعاء تود إخبارها بذلك لكن أسترسلت فردوس حديثها بجفاء:
-عيطت وانهارت كتير بعد موت حسن، مفيش حاجة بترجع اللي فات، خليه يعمل اللي هو عاوزه أنا مش في البيت ده علشان أقوله شبيك لبيك، وأقوله خدني في حضنك تعالي نعيش طبيعين، وأنا بيني وبينه ثأر ولو شوفت شريف هقتله زي ما قتل أخويا.
غمغمت دعاء رغمًا عنها بقلق حقيقي:
-أقسم بالله أنا بخاف منك يا بت أنتِ.
ضيقت فردوس عيناها وتحدثت بنبرة مخيفة وقوية أجادت صُنعها:
-من خاف سلم طول ما أنتِ بتخافي كده أنتِ في السليم يا حبيبتي يلا روحي على اوضتك بدل ما أحطك في دماغي يلا….
ركضت دعاء ورحلت من الغرفة مدركة بأن تلك التي تسمى فردوس يمكنها أن تقوم بتسميم البيت كله….
بينما فردوس نظرت إلى انعكاسها في المرآة وتسأل نفسها إلى متى؟!
إلى متى سوف تتصنع عدم الاهتمام؟!…
___________
في المساء…
كانت دعاء تجلس في الغرفة تقوم بجمع بعض الملابس لها في حقيبة متوسطة الحجم، مستعدة للذهاب إلى منزل عائلتها لقضاء بضعة أيام مع صغيرتها….
ولج بكر إلى الغرفة وأغلق الباب خلفه، وجاء ووقف خلفها متمتمًا بعد أن ترك قُبلة على رأسها ولحقها بقُبلة على عنقها:
-بتلمي هدومك ليه؟!..
غمغمت دعاء في نبرة عادية:
-أبدًا يا حبيبي هروح أقعد عن بابا وماما ومع ريم يومين ولا حاجة.
عبس وجهه تمامًا وهو يتحدث:
-أنتِ لسه جاية أول امبارح؟!.
حاولت دعاء المرح معه وهي تحاوط عنقه بعد أن أستدارت:
-بصراحة بقا أنا بخاف من مرات ابن اخوك دي بحس انها شوية وهتقتلني والله.
ضحك بكر ثم غمغم بهدوء:
-والله على أساس أنك بتخافي اوي يابت؟!.
ثم أسترسل حديثه بجدية:
-وبعدين فردوس غلبانة سيبك من كل اللي بتعمله ده هي غلبانة.
عقدت دعاء حاجبيها وهي تقول بسخرية فهي لا تعلم عن من يتحدث؟!.
-مين دي اللي غلبانة يا بكر ده أنتَ اللي غلبان والله، ده أنا بخاف لما تخش المطبخ تخش تسممنا ولا تعمل لينا حاجة.
أردف بكر بهدوء:
-فردوس لو كانت عايزة تعمل حاجة لحد كانت عملت من زمان يا دعاء، سبيها تطلع غلبها في أي كلمتين وحاولي متحتكيش بيها وخلاص، وقوليلي ليه بقا ماشية من غير لف ولا دوران؟!.
تركت دعاء قُبلة على وجنتيه بدلال وهي تحاوط عنقه ليبادلها محاوطًا خصرها بيده، وقالت:
-علشان أوحشك شوية، علشان حاسة أنك زهقان مني.
بشغف كان يجيب عليها:
-أنتِ عارفة إني استحالة أزهق منك يا دعاء ده أنتِ الحاجة الحلوة اللي في حياتي.
ترك قُبلة على أرنبه أنفها مما جعلها تقول الحقيقة:
-يعني ريم عندها برد مش تعبانة اوي بس هي بتدلع وأنتَ عارف أنها غيرانة فحبيت أروح أقعد معاها لغايت ما تخف وممكن اجيبها معايا وأنا جاية.
عقب بكر في استغراب:
-أنا ياما قولتلك خليها تفضل هنا أنتِ اللي مش عايزة وأبوكي برضو مش راضي.
هتفت دعاء في توضيح:
-يعني هو منعًا للمشاكل بابا شايف وجودها معاهم أحسن وفي نفس الوقت كل شوية تيجي تقعد معايا يومين وبعدين أنتَ عارف أبوها بيعمل مشاكل.
كز بكر على أسنانه متمتمًا في انفعال واضح:
-لو بس تسيبوني عليه…
قاطعته دعاء بهدوء:
-هنقول ايه ربنا يهديه علشان ريم مش أكتر وبعدين أنا مش عايزة أدخلك في حوارات يا حبيبي أنا عايزاك علطول رايق كده.
_____________
قُرب أذان الفجر…
عادت شمس وهي تشعر بالغضب الجامح ألقت الحقيبة على الأرض وولجت لتجلس على الأريكة ودخل خلفها والدتها وزوجها…
تمتمت سوسن بانفعال من حماقة ابنتها وما فعلته:
-عجبك الفضيحة اللي عملتيها دي؟!!!! تضربي الراجل بالقلم يا شمس ويا بجحة عايزة توديه القسم؟!..
هتفت شمس بجنون وثورة:
-بقولك كان بيتحرش بيا وسكران وحالته بالبلى وتقوليلي كان المفروض اسكت؟! طبعً اوديه القسم.
تحدثت سوسن بغضب هي الأخرى:
-ايوة كان المفروض تسكتي وتمشي مش تضربيه بالقلم عارفة أن الموقف ده هيفضل معلم ومش اي فندق او حد هيرضى يعرضك بعد كده.
-في داهية أنا برقص اه بس حد يقرب مني لا وألف لا وأنتم عارفين كده كويس….
صرخت والدتها بجنون رافضة تصرفات ابنتها:
-أنتِ تسكتي أحسن خلاص اتجننتي باين…
قاطعتها شمس بشراسة وهي تقول:
-لا مش هسكت أنا هتكلم وأقول اللي عايزة اقوله أنا حرة وكان لازم اوديه القسم.
تحدث عبده تلك المرة بنبرة قد تبدو حيادية ولكنها ساخرة:
-وتروحي القسم ازاي؟! وأنتِ معكيش بطاقة ولا معاكي أي حاجة تثبت هاويتك ولو روحتي القسم اصلا هيفهموا أن شهادة الميلاد اللي معاكِ دي مزوره لو حطاها في دماغك، هتقوليلهم انا رقاصة ومعيش بطاقة ولا معايا اثبات شخصية جاية اشتكي على واحد عايز يقضي معايا ليلة فأنا ضربته بالقلم وأنا واقفة ببدلة الرقص؟!…
هتفت شمس بانفعال والدموع هبطت من عيناها:
-أنتَ بتذلني علشان ابويا ميت يعني وأهله محدش رضي يعترف بيا فمعنديش اثبات شخصية؟!.
قالت شمس تلك الكلمات التي تحفظها عن ظهر قلب من طفولتها من أحاديث والدتها المسمومة والتي جعلتها ترغب دومًا في الابتعاد….
الابتعاد عن كل شيء وأي شيء وأنهم يجيب عليهما طوال الوقت العيش متخفيان من أجل الكثير من الأسباب المنطقية والغير منطقية، ولكن لم تعد تتحمل.
-أنا بفوقك كان لازم تفكري ألف مرة قبل ما تمدي ايدك على الراجل كان في ألف طريقة وطريقة شيك علشان نحل بيها الموضوع من يسر ما سمعتك تنضر، والراجل قال كمان أنه مش هيسكت يارب صاحب الفندق يكون عرف يسكته، دي بقت نقطة سوداء في تاريخك وقبل ما تفكري تروحي القسم كنتي فكرتي في أمك وفي نفسك ازاي هتدخلوا القسم….
صرخت فيهما بصوت جهوري:
-أنا قرفت من كل حاجة، انا داخلة اوضتي ولو أمكن اني مسمعتش صوتكوا من الأساس هيكون أحسن.
بعد وقت..
قامت بتبديل ملابسها، وأخذت تبكي لا تدري حقًا ما السبب الأساسي هي تعلم بأن طلب رجل شيء هكذا منها لأمر وارد وكانت تتوقعه لكنها اليوم ثارت، ثارت بشكل كبير، منذ قُرب ثائر منها وأنها باتت تمتلك له مشاعر حقيقية قد انقلبت حياتها كل شيء بها تغير باتت غريبة هي نفسها لا تفهم شيء، كل ما تشعر به الآن أنها تريد سماع صوت ثائر…..
نظرت على الساعة في هاتفها لتجدها تقترب من الرابعة فجرًا، تعلم بأنه سيكون غارقًا في نومه بكل تأكيد، ولكنها تريد الاتصال به…
ألا يمكنها سماع صوت الرجل الذي تحبه في أي وقت تريد؟؟!!
أتصلت به دون تفكير وبعد عدة ثواني كان يجيبها فهو كان قلقًا ولأول مرة لم يخلد إلى النوم مبكرًا كما أعتاد بل أخذ يشعل سيجارة خلف الأخرى وذهب النوم من عينه تمامًا..
-الو يا شمس في حاجة ولا ايه؟!..
كانت نبرته قلقة فهي ليست معتادة أن تتصل به دومًا هو من يفعل، واليوم التي ستفعلها به ستتصل في هذا الوقت؟! بالتأكيد هناك مصيبة قد أصابتها…
أبتلعت شمس ريقها بصعوبة ثم غمغمت محاولة التوقف عن البكاء:
-مفيش حاجة يا ثائر، أنا بس كنت مخنوقة شوية وحسيت أني عايزة أكلمك.
شعر بصوتها الباكي مما جعله يشعر بالاستغراب…
شمس ليست أنثى تبكي لأي سبب هين كما تفعل بعض الإناث هو يعلم ذلك ويشعر بها لا شيء يبكيها إلا لو كان كبيرًا…..
-شمس في حاجة متكدبيش عليا انتِ بتعيطي، حصل حاجة؟!!!.
غمغمت شمس من بين دموعها كاذبة:
-اه بعيط بس مخنوقة شوية مش اكتر اتشاكلت مع ماما كالعادة فحسيت اني مخنوقة وعايزة أكلمك.
سألها بشكٍ..
-متأكدة أن الموضوع كله خناقة مع مامتك؟!.
قالت شمس بلهجة متأكدة وحادة:
-ايوة يا ثائر كل ده علشان اتصلت بيك؟!! انا اتصلت علشان عايزة اسمع صوتك علشان مخنوقة.
تحدث ثائر بمشاعر صادقة:
-أنتِ تكلميني في أي وقت يا شمس وأنتِ عارفة كده، أنا بحبك يا شمس، بحبك ومحبتش غيرك وقلقان عليكِ، متحطيش مسافة ما بينا أكتر من كده، بكرا لازم أقابلك ونتكلم.
بكل سذاجة أجابت عليه فهي ترغب في لقائه:
-ياريت يا ثائر..
-هشوف اي مكان تتقابل فيه بعيد عن هنا ونروح نقعد فيه، تمام؟!..
-تمام، تصبح على خير.
-وأنتِ من أهل الخير يا شموسة.
____________
في اليوم التالي…
في وقت الظهيرة…
في نادي يطل على كورنيش النيل كانت “شمس” تجلس برفقة ثائر بعد أن قام بدعوتها لتناول الغداء معه، ومن أجل الحديث معها ووافقت تلك المرة لأنها تريد الجلوس معه هو يشعرها بالأمان ولا تدري كيف ولما؟!.
بعد أن تناول معها الطعام كانوا في انتظار المشروبات التي قاموا بطلبها..
-متأكدة أن مكنش في حاجة امبارح؟!
-لا مفيش حاجة يا ثائر وياريت بلاش نتكلم في الموضوع ده.
هز رأسه متفهمًا ثم غمغم مغازلًا أياها:
-أخيرًا حنيتي ورضيتي تيجي معايا.
رفعت الوشاح الأسود التي كانت تضعه على رأسها وظهرت خصلات شعرها من أسفله فهي تضعه بكل إهمال كمنظر ليس أكثر وقد تساقط بفعل الهواء…
قبل أن تجيبه تحدث ثائر مستنكرًا:
-ما تظبطي الطرحة أيه كل شوية تقع؟!.
عقبت على حديثه بانفعال فهي مازالت أعصابها مشدودة:
-أعمل أيه شعري حرير وبتقع وبعدين أنا حطاها منظر مع العباية متعملش نفسك لسه عارفني ده أسلوبي ودي طريقتي مش عاجبك اقوم امشي يا حبيبي.
-ده أنتِ عايزة ظبط زوايا والله.
ضيقت شمس عيناها وتحدثت في سخرية لاذعة وثقة رهيبة:
-وأيه اللي جابرك يا حبيبي؟! اتكل على الله هو أنا اللي جايباك؟! أنتَ اللي بتتحايل عليا وأنا قولت أخلص من الحوار ده.
بكل جراءة عقب على حديثها:
-برغم اسلوبك وطريقتك دي عجباني وأنتِ عارفة أنك عجباني واني عايز أتجوز من اكتر من سنتين وأنتِ اللي منشفة دماغك مش عارف ليه؟!.
لوت شفتيها بتهكم شديد وهي تغمغم بجدية محاولة إيجاد أسباب الرفض:
-بصراحة يا ثائر أنتَ ملكش أمان ده أنتَ من ساعة ما جيت الحتة وسمعتك مسبقة كل شوية تطلق واحدة وتتجوز وأنا مش عايزة حياتي تكون على كف عفريت برضو، أنا عايزة استقر مش هسيب بيت أمي وجوزها علشان أروح اتجوز واحد يتجوزني شهرين ويرميني.
ثم أسترسلت حديثها في استهزاء:
-ده أنا مش عايزة أعدلك لو قولت أه هكون الجوازة الكام.
دافع ثائر عن نفسه قائلا:
-أنا مبرميش حد كل واحدة طلقتها كان في سبب ومشكلة ما بينا.
بنبرة درامية تحدثت:
-ايوة بس أنا عرفت أنك بتكون مش عايز تخلف، وبعدين أنا أيه اللي يغصبني اني اتجوز ومخلفش يعني ده معناه أنك بتكون عايز تخلص من اللي معاك بسرعة نيتك واضحة.
توتر ثائر قليلا ثم تحدث بثقة حاول بثها في نفسه:
-لا والله مش ده السبب أنا مش عايز أخلف وده ملهوش علاقة بفكر إني أطلقها وبعدين كل واحدة اتجوزتها بتكون عارفة برغبتي دي بس بعد الجواز بفترة بتحاول تحطني قدام الأمر الواقع على أساس اني لبست فيها ولما تقولي يا أخلف يا نطلق وقال يعني أنا هخاف وأقولها خلفي أنا مبحبش حد يلوي دراعي.
غريب..
غريب جدًا منذ أن كانت مراهقة ورأته يدخل إلى المنطقة في منزل الحاج يعقوب وبدأ يتسلل بداخلها ومنذ عدة سنوات يبدو أن مشاعرها أصبحت متبادلة بينه وبينها ولكنها تحاول الإنكار ذلك أمامه وأمام نفسها…
يقلقها جدًا…
-ما تحكيلي عنك مدام مش عايزني أصدق كلام الناس عنك، أنا بصدق أي حاجة بتقولها بس أنا بخاف.
رفع يده ليمسك يدها المتواجدة على الطاولة ثم أغلق قبضته عليها برفق متمتمًا:
-قولي أه يا شمس، قولي أنك موافقة نتجوز ووقتها أقولك شروطي وأكلمك عن نفسي واقولك اللي عايزة تعرفيه.
سحبت يدها من يده وكأنها لدغتها عقربة وهي تقول باستنكار فهو لا يعرف حقيقتها ويريد وضع شروط أما لو علم ماذا سيفعل:
-شروط؟!! شروط أيه يا أبو شروط هو أنتَ هتتشرط عليا كمان؟!.
-يابت أهدي هتفرجي الناس علينا.
نظرت له في شذر..
مما جعله يحاول تحسين موقفه:
-خلاص يا ست البنات نعتبره اتفاق ما الجواز عرض وطلب.
أردفت شمس في غرور:
-اهو كده أحسن شوية سمعني شروطك يادلعدي.
تمتم ثائر بوضوح وهو يبلغها شروطه:
-أولا شغلانة الكوافير….
قاطعته شمس بانفعال:
-اسمه بيوتي سنتر يا عنيا..
عقب على حديثها في استهزاء:
-كوافير بيوتي سنتر، شغلانتك دي تسبيها لامك تعيش حياتها لكن مش هيكون ليكي يد فيها، وطرحتك وشعرك الحرير ده ميبانش تاني وتلبسي لبس عدل كده.
-يا سلام وأيه كمان؟!!! أنتَ بتتشرط عليا بجد بقا.
-مش شروط بس أنتِ هتبقي مراتي اللي عايز أحافظ عليها وعايزها في أحسن حال.
غمغمت شمس بكبرياء أحمق:
-يعني أنتَ مش عايز تتجوزني علشان البيوتي سنتر؟!..
هز رأسه بإيجاب:
-بصراحة اه.
-لا متقلقش دي مش شغلانتي الأساسية.
قهقه ثائر ساخرًا:
-اومال شغالة مدرسة وأنا معرفش ولا دكتورة؟!
بكل برود تحدثت شمس بجنون:
-لا رقاصة يا روح قلبي.
لم يصدقها بالتأكيد هي تمزح لذلك أخد أنفاسه ثم قال:
-دمك خفيف يا شمس بس الهزار له وقته ومش موجود في قعدتنا دي.
-ما أنا مش بهزر وعارفة أنها قاعدة جد وأنا بشتغل رقاصة فعلا والله العظيم.
-أيه؟!!!


google-playkhamsatmostaqltradent