Ads by Google X

رواية ديجور الهوى الفصل الثاني و العشرون 22 - بقلم فاطمة طه

الصفحة الرئيسية

    


 رواية ديجور الهوى الفصل الثاني و العشرون 22  -   بقلم فاطمة طه


‏أصابعي تسيلُ شوقًا، أرغبُ كثيرًا في لمسَك.
#مقتبسة
وماذا عن الشوق الذي يموت يباساً في صدري ألا ترغب في لَملمته بِـ لقاء و نظرة من عينيك؟!.
#مقتبسة
ونادتْ بي الأشواقُ مهلاً فهذهِ مَنَازِلُ مَنْ تَهْوَىْ رويدكَ فأنزلِ!
#مقتبسة
ماذا لو أخبرتكِ أنني في هذه اللحظة منشغل بالتفكير بكِ وأحبُّكِ أكثر مما أبديت لكِ من حُب.
#مقتبسة
______________
تمتم كمال بدهشة مقاطعًا حديثها:
-أنتِ بتقولي أيه؟!
لا يصدق حقًا ما سمعه منه، ولم يستوعبه عقله..
هتفت داليا بنبرة هادئة محاولة شرح الأمر له وما توصلت إليه في عقلها بعد تفكير عميق من محادثتها مع جهاد وجدت أن نصف حديثها صحيحًا والنصف الاخر لا:
-يعني أنا بقول أننا نستنى شهرين، تلاتة، أربعة ونشوف الدنيا أيه، بحيث يعني أننا نعرف بعض أكتر بدل ما يكون في بينا أولاد واحنا لسه….
قاطعها كمال ساخرًا ومستنكرًا ما يسمعه منها ويحاول استيعابه:
-احنا لسه ايه؟! احنا مش مخطوبين يا داليا، احنا متجوزين، مش لسه بنتعرف على بعض.
أبتلعت داليا ريقها وهي تلاحظ قسماته الغاضبة محاولة قول أي شيء قد يُجدي نفعًا:
-أنا فاهمة يا كمال بس يعني الجواز شيء تاني و….
هتف كمال بنبرة جادة ومنفعلة بشكل رهيب يبدو أن كل أمرأة تدخل إلى حياته تتعهد أن تقوم بجعله يفقد أعصابه:
-داليا، أنا يوم ما دخلت بيتكم اول مرة وقعدت معاكي لأول مرة أكتر حاجة عجبتني فيكي صراحتك وأنك عارفة عايزة ايه، وطلباتك ايه، وأنا مفيش حاجة قولتيها أو طلبتيها مجتش ليكي؛ سواء الشبكة أو المهر وبيت لوحدك، رعايتك لأهلك بياتك عندهم، كل شروطك اتنفذت ولقتيها ومقولتش تلت التلاتة كام فيها…
أبتلع ريقه وأسترسل حديثه ساخرًا:
-ومعتقدش اني لما اتقدمت ليكي أنا ضحكت عليكي أو قولتلك أسباب تانية، انا قولتلك بصراحة أنا عايز أيه من الجوازة دي.
تمتمت داليا بنبرة مختنقة:
-يعني أنتَ مش شايف أنك بتهني؟!!.
كرر كمال كلمتها مستنكرًا:
-بهينك!!..
هزت رأسها في إيجاب وهي تقول بجدية:
-أيوة لما تكون رابط جوازي بيك بالخلفة أنتَ بتهني وبتظهر أني مليش لازمة في حياتك غير اني اخلف ليك، اه وافقت بس برضو وافقت اني اكون زوجة ليك مش واحدة تخلف وبس.
هتف كمال وهو يضيق عينه قائلا بنبرة منفعلة:
-هو أنتِ حد لاعب في دماغك يا داليا؟! أصل ده مش كلامك يعني…
أبتلعت ريقها ونهضت وهي تقول في توتر حاولت إخفاءه:
-أنا مش صغيرة علشان حد يلعب في دماغي يا كمال، وأنا لسه صريحة معاك وعلشان كده جيت كلمتك وقولتلك رغبتي يعني المفروض دي حاجة أكون مستعدة ليها نفسيًا، وأنا شايفة أنك مش عايز مني غير الخلفة وده شيء بيجرحني.
هتف كمال غاضبًا بعد أن استغفر ربه:
-داليا أنا مبحبش الشعارات وأكيد أنتِ مراتي ومقولتش أن اللي رابطنا ببعض الخلفة وبس، بس أنا قايلك اني عايز أخلف من اول مرة قعدت معاكي فيها.
تمتمت داليا مدافعة عن نفسها:
-طب وأنا قولت ايه؟! ما أنا اكيد عايزة أخلف وأكيد عايزة أكون أم، وعايزة أخلف منك أكيد بس برضو لما نتأكد أننا مكملين مع بعض مش نجيب عيل نبهدله ما بينا، وكل اللي بقوله نكشف ونظبط مع الدكتورة ونأجل كام شهر، غلطت أنا في أيه يعني؟! أنا بقولك كام شهر مش سنين؟!..
نهض كمال هو الآخر قائلا بنبرة حاسمة:
-غلطتي لما غيرتي كلامك، زي مثلا ما أنا ممكن اجي دلوقتي اقولك مش هتباتي عند أهلك ولا هتخرجي من البيت حتى لو أنا بايت في بيت العيلة برضو هتفضلي في بيتك ساعتها قوليلي هيكون ردك ايه بعد ما غيرت كلامي معاكي وخلفت بوعدي؟!!.
عقبت داليا بتلقائية وبنبرة جادة:
-هطلب منك تطلقني….
خرجت منه ضحكة ساخرة ثم قال وهو ينظر له بوعيد:
-والمفروض دلوقتي أنا اعمل معاكي أيه؟!.
تمتمت داليا بتوتر:
-دي مش زي دي يعني…
قاطعها كمال بنبرة حازمة:
-لا دي زي دي يا داليا، وعلى العموم براحتك أنا مش هجبرك تخلفي مني و…
قاطعته داليا وهي تقترب منه متمتمة بتوتر وأدركت أنها أخطأت في حقه:
-أنا أسفة والله يا كمال أنا مش قصدي أزعلك او اضايقك والله أنا بشارك معاك المفروض نتكلم مع بعض واقولك أنا حاسة بايه ودايما اقولك اللي جوايا، وخلاص اعتبرني مقولتش حاجة.
صاح كمال مستنكرًا بانفعال لا مثيل له:
-ازاي يعني بعد كل ده تقوليلي مقولتش حاجة؟!!! أنتِ قولتي كتير أوي يا داليا، كنت فاكر أننا فاهمين بعض واضح اني كنت غلطان أوي…..
نظر على الساعة المُعلقة على الحائط متمتمًا ببرود:
-أنا اتأخرت على الشغل..
هتفت داليا بانزعاج مما فعلته:
-كمال متزعلش أنا بس متلغبطة شوية، خلاص اعتبرني مقولتش حاجة بجد..
هتف كمال بنبرة جادة:
-مفيش حاجة اسمها اعتبرني مقولتش أنتِ قولتي واللي كان كان، واللي أنتِ عايزاه هيحصل بس متلومنيش على أي تصرف او حاجة ممكن ارجع في كلامي فيها، شوفي عايزة تروحي للدكتورة أمته وعرفيني….
لا يدري لما رغب في الذهاب إلى الطبيب رُبما لأنه تذكر مشكلة عمه، وحديث داغر…
رُبما رغب في الاطمئنان على نفسه قبل أن يفكر في أمر تأجيل الإنجاب…
وعلى أي حال هو لن يمرر الأمر لها، لكن الآن عليه الذهاب إلى العمل….
_______________
ليلة أمس أنصاعت لأوامره وهبطت لحضور حفل الزفاف المتفق عليه..
هي ليست راضية عما تفعله، ولكنها لا تسنطيع التوقف، لا تستطيع فعل أي شيء..
هي لا شيء أيضًا، الأيام تعاد لا هي تتوقف عما تفعله، ولا يقوم عبدة بإخبارها بمعلومة مفيدة فهو يقوم بالتجزئة كل يوم يُلقي لها الطُعم لتهبط إلى العمل بعد معلومة صغيرة تحتاج إلى التكملة، وها هي تجلس أمامه يخبرها عن حفلة يجب عليها أن تحضرها في الغد وهي شاردة تمامًا عاقدة ساعديها تنظر في اللاشيء…
تمتم عبدة بنبرة عادية ظنًا منه أنها تسمعه أو تعطي له تركيزًا:
-ها يا شمس قولتي ايه؟!!.
غمغمت شمس بنبرة باهتة:
-قولت ايه في ايه؟!.
ضيق عبدة عيناه متحدثًا بسخرية:
-هتكوني قولتي ايه في ايه؟! أنا بكلمك في حفلة بكرا.
أردفت شمس بتهكم:
-هو أنتَ مش عاتق أي حاجة؟! ما كنا لسه امبارح في فرح عمال تكنز على قلبك قد كده.
تمتم عبدة بهدوء وهو يرمقها بنظرات بريئة:
-وفيها أيه بس يا بنتي؟! هو في حد يكره الخير؟! ده رزق واتفتح ليكي، وبعدين يعني محسساني أنك مش بتاخدي على قلبك قد كده..
تحدثت شمس بنبرة مكتومة:
-اه باخد على قلبي قد كده، زي ما أنتَ بتأخد مش ناسية بس على الأقل أنتَ مأمن نفسك معاك بطاقتك ومعاك أثبات شخصية وبتروح تحط فلوسك في البنك الدور والباقي عليا انا اللي مش عارفة أعمل اي حاجة.
جاءت والدتها من الداخل بعد أن انتهت لتوها من صنع الغداء واستمعت نهاية حديثهم:
-بدل ما أنتم عمالين تاخدوا يمين وشمال هاتولي شغالة تنضف وتمسح وتعمل الاكل وحد يساعدني في البيت.
تمتمت شمس بهدوء وهي تعقد ساعديها وتوجه انظارها نحو عبدة:
-ما تجيبلها حد يساعدها وادفعله، ولا منتظر أنا اللي ادفع.
نظر لها عبدة بضيقٍ ثم تحدث بمكرٍ:
-دي سوسن تطلب وأنا انفذ بس اطلعي أنتِ منها بس من بكرا الصبح هشوف حد يساعدها في البيت ويقضي طلباته جه الوقت أنها تدلع وتبطل شقى وتلاقي اللي يخدمها وهي قاعدة مكانها…
أقتربت منه سوسن وتركت قبلة على وجنتيه قائلة بلهفة وسعادة:
-ربنا يخليك ليا يا سيد الرجالة، وما يحرمني منك أبدًا، طول عمرك بتفكر في راحتي..
نهضت شمس وهي تغمغم بضيقٍ شديد وتهكم لم تستطع كبحه:
-أنا احسن حاجة اقوم اتخمد علشان اسيبكم على راحتكم علشان الفيلم الأبيض والاسود ده بيموعلي نفسي ومش بتحمله يا عصافير الكناريا.
تمتمت سوسن باستغراب:
-مش هتتغدي؟!
هتفت شمس بنبرة منزعجة:
-مليش نفس كلوا أنتم.
أنهت حديثها وولجت إلى الغرفة وتوجهت صوب الكوميدنو المتواجد عليه هاتفها تتفحصه لعل هناك رسالة أو اي شيء من ثائر ولكنها لم تحصل على أي شيء منه..
لا تدري هل هو يتجاهل الأمر تحديدًا بعد أن علم أنها بلا هوية أو أصل معروف بالإضافة إلى كونها راقصة طبعًا…
هل يبحث حقًا كما أخبرها أم لا؟!.
هل عليها أن تلجأ إلى شخص أخر غيره، ولكنها لا تأمن أي شخص غيره ولا تعلم كيف تقص حكايتها الغريبة تلك أمام شخص أخر…
ولأن لا أحد يعاملها أو ينظر لها رغم الوحل الواقعة فيه كما يفعل معها ثائر حتى ولو ينفعل عليها، هي تأمنه مهما فعل…
في النهاية قررت أن تخلد إلى النوم قليلا وليحدث ما يحدث في الغد..لقد سئمت من كل شيء..
______________
عادت زينب إلى بيتها وتركت المنزل بعد إتيان ابنها من الإسكندرية، فهي لا تجلس معهم طوال الوقت ولكن الوقت الأكبر تقضيه معهم تحديدًا في السنوات الأخيرة…
ذهبت وهي على أمل أن تكن المشكلة بين ابنها وزوجته وجودها، رغم أنها تعلم أنها ليست السبب ولكن تحاول تجربة جميع الحلول….
وها هي نرمين تجلس مع زوجها بعد أن تناولا الطعام سويًا فأخبرتهم بشرى بأنها لن تستطيع الاتيان هذا الأسبوع بسبب مرض صديقتها لا تستطيع تركها بمفردها فأشتد مرض ملك…
غمغمت نرمين برفض قاطع:
-أنا مش موافقة على حوار العربية دي، مش ملاحظ أنك عمال تسهل لبنتك القعدة مع صاحبتها، والقعدة لوحدها؟!..
خرجت منه ضحكة ساخرة وبعدها عقب على حديثها:
-والله اللي يشوفك كده ميشوفكيش وأنتِ بتقاوحي معايا وعايزة البنت تسافر وتعمل اللي عايزاه وتعمل اللي يريحها وحسستيني اني واقف في طريقها مع اني كنت خايف عليها، بس أنتِ حبيتي تعانديني وخلاص أنا فاهمك كويس.
أردفت نرمين بنبرة منزعجة تحاول الدفاع عن موافقتها لذهاب بشرى إلى القاهرة:
-مكنتش بعاندك أنا كنت عايزاها تجرب وتشوف الدنيا وتعرف أن الصح أنها تكون هنا وسطنا، لكن معرفش أنك أنتَ وأمك ما شاء الله عليكم بتحلوا العيشة هناك في عينها.
تمتم منير بعفوية:
-دي بنتي ولو مدلعتهاش هدلع مين؟! وسواء هنا أو هناك أنا كنت ناوي اجيب ليها العربية بعد التخرج ومش العربية يعني هي اللي هتخليها تحب العيشة هناك..
أبتلع ريقه ثم أردف بنبرة ذات معنى وتلميح ملحوظ:
-بنتك بتهرب من البيت يا نرمين ولا حب في المحاماة ولا الأشعار اللي قعدت تقولها مدخلتش دماغي ببصلة بس أنا في النهاية وافقت بسبب تشجيعكم وعلشان تجرب هي أول مرة تطلب مننا حاجة، لكن الحقيقة بنتك هربانة من البيت يا نرمين.
صاحت نرمين بشذر وهي تغمغم بضيقٍ:
-يعني أيه بتهرب من البيت قصدك ايه يا منير؟!.
قال منير بنبرة باردة:
-أسالي نفسك يا نرمين أنا قصدي ايه.
أبتلع ريقه ثم أسترسل حديثه بجفاء:
-بنتك بتهرب منك.
نهضت نرمين وهي تضع يديها في جانبيها قائلة بنبرة منفعلة:
-والله؟! المشكلة بقت في نرمين؟! وأنتَ كنت فين السنين دي كلها، كنت فين يا بتاع اسكندرية ياللي قاعد هناك دايما وشاري دماغك وسايب كل حاجة معكوكة فوق رأسي…
غمغم منير ببرود ونبرة جافة:
-يمكن قاعد هناك هربان من نفس الشيء وبريح دماغي من النكد، اشوف مصالحي أحسن من القاعدة جنبك تفضلي تفتحي في القديم وتضايقي الواحد.
صاحت بجنون وغضب شديد يحتلها:
-طلقني وريح نفسك مدام أنا مشكلتك أنتَ وعيالك.
تمتم منير برفضٍ:
-أحنا عيالنا على وش جواز قربنا نكون جدود طلاق ايه، اعقلي بقا يا شيخة، اذا كان عليا أحنا ناهيين الموضوع من زمان، بس عيالك ليهم حق تحترميهم…
أردفت نرمين بانفعال رافضة هذا الأمر:
-أنا مش هكون الشماعة اللي هتعلق عليها غلطاتك يا أستاذ منير ولو كنت كملت زمان كان بسبب أهلي، لكن الغلط من أساسه عندك.
-مفيش حد مبيغلطش وايه مزهقتيش من الاسطوانة دي بقا؟! الواحد كره حياته يا شيخة بسببك.
تمتمت نرمين بسخرية:
-والله لولا اني مش غريبة ولسه بعقلي الحمدلله، لكنت صدقت قد ايه أنتَ راجل مظلوم، وقد ايه انا جاية عليك،يا بجاحتك يا منير…
نهض منير متمتمًا بنبرة منزعجة وهو يرحل في ثواني مختفيًا…
-مدام هنتكلم في النقطة اللي احنا حافظينها انا داخل انام، أنا جاي من طريق سفر ومش حملك..
تاركًا أياها تلعنه هو مثله كمثل جميع الرجال لا يشعرون بحجم الخطأ الذي اقترفوه، يعطون لأنفسهم الحق دومًا والصلاحية في فعل كل شيء وأي شيء.
_____________
“قُرب منتصف الليل”
كان كمال مستلقى على الأريكة الجلدية ويضع رأسه على الوسادة يستعد للنوم في المكتب كما أعتاد منذ عودة أفنان وداغر….
كل شيء يسير بطريقة سيئة..
ما فعله شقيقه وشقيقته باخفائهم أمر الطفل وبعدها معرفته بمشكلة داغر الخاصة بالانجاب والذي حزن من أجله وبشدة، وبعدها اعترافه الصريح بحبه لشقيقته وعدم رغبته في طلاقها، كل شيء يسير بطريقة غريبة وفقد السيطرة عليه…
غير حديث داليا المزعج له في الصباح، اغضبته وازعجته، رغم أنه كان يظن بأنها أمرأة متفهمة هادئة، يقضي وقت لطيف معها، يشعر معها بمشاعر جديدة عليه، ولم يظن بأن الشجار بينهما سيأتى بتلك السرعة…
وكأن جميع النساء قد أتحدت على اغضابه لا يدري حقًا، ما الذنب الذي اقترفه منذ ما يقارب سبع سنوات ونص حتى الآن ليمر بتلك الأمور كان كأي شاب يتزوج من المرأة التي يحبها ويعشقها، ما الذي حدث وجعل الأمور تصل إلى تلك النقطة؟!!.
على أي ذنب يعاقب؟!، وعلى ذكر العقاب ولجت فردوس إلى المكتب دون أن تدق الغرفة وهي ترتدي احدي إسدالاتها بعشوائية التي تنقذها في التحرك في المنزل…..
نظر ناحيتها فهي اقتحمت الغرفة بالمعنى الحرفي وأغلقت الباب خلفها مما جعل كمال يستنكر فعلتها قائلا:
-أيه مفيش اي خبطة أي حاجة، داخلة دخلة بوليس الآداب ليه كده؟!.
عقبت فردوس بنبرة متهكمة:
-والله زي ما أنتَ بتعمل، ولا هو حلال تدخل اوضتي وقت ما تحب ومن غير ما تستأذن ولما أعمل أنا كده أكون عملت حاجة غريبة و……
قاطعها كمال قائلا بغضب حقيقي يلازمه منذ الصباح فهو لا يتحمل أي ضغط:
-فردوس أنا والله النهاردة ما حملك ولا حِمل مناهدة معاكي ولا عايز اسمع صوت بني ادم.
أسترسل حديثه متهكمًا:
-فلو هافك الشوق أنك تتخانقي معايا أجليها لبكرا ناخد اليوم من اوله لأني على اخري دلوقتي.
أبتلعت ريقها محاولة الحديث بنبرة هادئة وانثوية بعض الشيء ويبدو أنها تفشل أن تنفذ حديث دعاء تحديدًا حينما وجدته اعتدل في جلسته بعد أن كان مستلقي والغطاء السميك متواجد فوقه فهو على وشك الذهاب في النوم:
-يعني أنتَ هتنام هنا برضو النهاردة ولا أيه؟!.
أشار كمال على نفسه وعلى الغطاء قائلا بتهكم:
-أنتِ شايفة أيه؟!.
تمتمت فردوس بنبرة ساخرة:
-شايفة متعمتش والله، بس يعني اطلع نام فوق..
سألها بجدية وعفوية:
-ليه؟!.
هذا السؤال يزعجها ولا تدري لما يتعمد أن يحرجها هو يعرف جيدًا ما تعنيه…
قالت فردوس حجة سخيفة لا تناسبها:
-علشان هيقولوا أيه لما تنام كل ما تيجي في المكتب؟!!.
رفع كمال حاجبيه قائلا بسخرية:
-والله؟! قصدك مين؟! اللي في البيت يعني؟!.
هزت رأسها وهي تعقد ساعديها متمتمة بتردد:
-ايوة اكيد مش الناس اللي في البيت اللي جنبنا.
غمغم كمال بنبرة عملية:
-ومن امته بيهمك يقولوا ايه؟!!! وبعدين ريحي نفسك ولا حد بيقول ولا بيعيد ولا حد بيدخل في حياتنا، اطلعي اوضتك ونامي.
هتفت فردوس محاولة قول أي شيء:
-يعني أنتَ مصمم مش هتطلع تنام فوق؟!.
هز رأسه بإيجاب متمتمًا بنبرة باردة:
-اه مليش مزاج، وبعدين عرضك أنا فاكره كويس انام على الكنبة، كنبة من كنبة مفرقتش أنا كده قاعد براحتي ومصفي دماغي، فريحي أنتِ دماغك بقا.
صاحت فردوس بجنون فهي لن تلح عليه أكثر من ذلك، هي من أخطأت أنها أتت وطلبت منه:
-براحتك نام على الكنبة ونام لوحدك الحق عليا..
هذه فردوس التي يعرفها، وجدها تستدير وتعطيه ظهرها وعلى وشك المغادرة، لم يتحمل كبريائها أكثر من ذلك رغم أنه تحمل من أجلها الكثير والكثير…
لكن مهلًا ما الذي يحدث؟!!!…..
وجدها تعود مرة أخرى ناظرة له بتحدي تخلع الحجاب الخاص بالاسدال وبعدها قامت بفتح السحاب الصغير الخاص به وقامت بخلعه تحت انظاره لتصبح واقفة بمنامتها القطنية ذات الاكمام الطويلة التي لم تختلف عن ملابسها التي يعرفها…
حقًا هو لا يعلم ما الذي تريده……
وبعدها أقتربت من الأريكة قائلة:
-ادخل شوية.
سألها كمال بغباء:
-ادخل فين وبعدين أنا مش فاهم، أنتِ بتعملي ايه؟!..
تمتمت فردوس بثبات انفعالي تحسد عليه:
-هنام معاك هنا مدام أنتَ مش عايز تطلع فوق.
حاول النوم على أحدى جانبيه حتى يترك لها مساحة بعض الشيء بطريقة تلقائية منه، لتفعل هي المثل وتستلقي جواره وتحاول أن تدخل أسفل الغطاء معه…
سألها كمال ساخرًا هو حقًا بات لا يعلم كيف تفكر تلك المرأة:
-جاية تنامي هنا وفي اوضة فوق فيها سرير مترين جاية تتلزقي جنبي في الكنبة؟!!..
تمتمت فردوس وهي تنظر له عن قُرب:
-مش أنتَ اللي مش عايز تطلع؟!..
وبكل عفوية أسترسلت حديثها:
-وبعدين أنتَ مش فوق بالنسبة ليا فوق مش الخيار الاحسن دلوقتي.
تحدثت مع نفسها قائلة بعد أن استوعبت ما تقوله:
“منك لله يا دعاء”
ضيق كمال عيناه وهو يسألها بعبثٍ:
-وأنتِ صحيتي مرة واحدة ولا اندهشتي مرة واحدة بعد السنين دي كلها اني مش فوق؟!.
قالت فردوس بتهديد واضح:
-والله يا كمال أنا بحاول يوم يعدي بطريقة عدلة، فبلاش أنتَ اللي تقفلها.
سألها وهو مازال لا يصدق فعلتها:
-أنتِ هتنامي هنا بجد ولا بتهزري؟!.
-ايوة بجد
تمتم كمال وهو ينظر لها ويشعر بجسدها الدافئ عن قُرب منه:
– طيب قومي اقفلي الباب من جوا طيب.
سألته فردوس باستنكار:
-اشمعنا؟!.
تمتمت كمال بسخرية:
-افرضي عمي او جدي او اي حد جه فتح الباب على اعتبار اني متنيل نايم لوحدي، مهوا احنا مش مبهدلين بعض في كل حتة وهنتقفش في الآخر.
هتفت فردوس بنبرة عادية:
-قوم أنتَ، أنا مش هتحرك من مكاني.
حاول كمال النهوض من جانبها، وبمجرد أن نهض هو وذهب ناحية الباب وقام بإغلاقه، كانت هي قد اتخذت مكانه ليأتي هو مرة أخرى وهو يغلق المصابيح عدا ضوء خافت تركه….
وأتى لينام بجانبها، ووضع يده أسفل رأسها لتعتدل هي قليلًا وتضع رأسها على كتفه ويديها على صدره مما جعله يسألها بريبة:
-فردوس أنتِ كويسة؟!.
رفعت بصرها لتنظر له بنبرة هادئة:
-كويسة، بتسأل ليه؟!.
هل هي حقًا تقوم بسؤاله لماذ؟!
بعد تلك التصرفات العجيبة التي تفعلها…
سألها وهو يرفع ذراعه التي كان اسفلها ويقوم بالعبث في خصلاتها:
-يعني مفيش حاجة هتصدميني بيها، حاجة هتطلبيها هتجلطني؟!.
أردفت فردوس بجدية:
-بعد الشر عليك، وبعدين مفيش حاجة والله.
جذبها إلى أحضانه رغمًا عن أنفه لن يستطيع تحمل هذا القُرب دون أن يتفاعل معه وللحق ما جعله يشعر بالحيرة والدهشة سكونها التام ونظراتها الهادئة والدافئة لأول مرة بعد سنوات…
أبتلعت فردوس ريقها وغمغمت بعفوية:
-في اوردر هيجي بكرا حاجات طلبتها.
سألها كمال بنبرة هادئة وهو هائم في عيناها:
-حاجات ايه دي؟!.
عقبت فردوس بتوتر:
-لبس، هدوم، انا قولت اقولك علشان أنتَ قولت اقولك كل حاجة حتى لو طلبت حاجة على البيت…
ما يعرفه دومًا أن فردوس لا تفضل الشراء عبر المواقع كما تفعل الكثير من النساء والفتيات فهي ترغب دومًا الذهاب إلى المتجر وتقوم بشراء ما ترغب به بنفسها، فما الذي تغير؟!..
-غريبة يعني، أنتِ طول عمرك بتحبي تشتري بنفسك..
تمتمت فردوس بتوتر:
-يعني تغيير يا كمال، لقيت عروض كويسة وأنا بقالي كتير مش بنزل زي الأول وكده.
عقب كمال بهدوء:
-طيب.
وضعت رأسها على كتفه وحاوطته هي بذراعيها من خصره، مما جعل جسده يتصلب من لمساتها، لا يصدقها، هو لا يعلم ما الذي تود فعله، مما جعله يسألها بتردد وهو يجذبها إلى أحضانه أكثر وما عاد يفصلهما شيء:
-فردوس أنتِ عايزة توصلي لأيه…
على الرغم من أن سؤاله ازعجها وكانت على وشك النهوض والركض ثم الذهاب إلى غرفتها إلا أنها رغبت في الاستمتاع قليلا بدفء أحضانه، ولأنها شعرت بشعور مختلف الآن بين ذراعيه، لأنها راغبة، ورُبما لأنها لا تبكي كما تدخل في أحضانه دومًا في ذكرى وفاة حسن…
-يعني يوم من غير زعل أو خناق.
وجزء بداخلها دفعها لتخبره بفظاظة عكس النعومة التي كانت تتواجد في الجملة السابقة:
-وبعدين يعني لو للدرجاتي هتفضل تسأل وتحسسني اني كائن فضائي ومش عاجبك وجودي، مش حابة أكون متطفلة هقوم أمشي.
تمتم كمال بجدية:
-فردوس أنتِ عبيطة؟!.
هزت رأسها في إيجاب مما جعله يهتف بابتسامة رُسمت على شفتيه:
-يعني أنا بحترم التصالح مع الذات.
رفعت فردوس أصابعها لتمررها على وجهه وعنقه لتحرقه حقًا بلمساتها تلك، لأول مرة ترغب في لمسه أو تسمح لنفسها فعل هذا، رغبت في الشعور به حقًا، لا تدري هل هذا بسبب غيرتها الحمقاء، أم حديث دعاء، أم ان الرغبات الحقيقية ما عادت تستطيع كبتها، يمكنه نتعها بأنها أنانية، لتعترف بأن هذا صحيحًا نوعًا ما، رُبما مغفلة لأنها لم تستطيع الحفاظ عليه له، وتركته بكامل ارادتها لامرأة أخرى…
ورُبما مجروحة منه…
ناقمة عليه..
لكنها الآن عاشقة تود الشعور بملمس جسده تحت أصابعها، تود النظر له كيفما تشاء، حتى أن كمال كان يراقب عيناها وأصابعها التي تمررها على كامل أنحاء وجهه تاركًا أياها تفعل ما تريد ليعلم إلى أين تريد الوصول….
شعر كمال وكأنها تنظر له للمرة الأولى لوهلة شعر بأنها عادت تلك الفتاة اليافعة بالحب بنظراتها تلك، وأنها زوجة قد تكون راغبة به حقًا….
جعلته يشعر بمشاعر غريبة او مخيفة..
مخيفة لأنه يدرك أنها لن تستمر، ولكن لن يقم بإيقاف اللحظة وهو يشعر بأصابعها الناعمة تداعب وجنتيه وكل أنش في وجهه…
المخيف في الأمر بأنها تمتلك عليه تأثير أقوى مما كان يتخيل أو يظن، لمساتها البسيطة تلك والعفوية منها محت بها أفكار وغضب كبير كان يتواجد بداخله….
هتفت فردوس بنبرة هامسة وهي تنظر له:
-ليه وصلنا لكده، ليه احنا هنا وحياتنا كده؟!! مكنش ده اللي بنرسمه ولا بنخطط ليه.
غمغم كمال بنبرة خافتة وهو يمرر يده على خصرها وظهرها:
-كله مقدر ومكتوب يا فردوس بلاش كلام في الموضوع ده.
أردفت فردوس بلا وعي:
-أنتَ مبسوط يا كمال مع داليا؟! مبسوط وأنتَ مع غيري، عرفت تلمس واحدة ست غيري؟!.
تمتم كمال بنبرة حاسمة:
-فردوس ملهوش لازمة الكلام ده علشان هيودينا احنا الاتنين لنقط مش هتعجبنا، وانتِ بنفسك قولتي عايزة يوم من غير خناق او زعل، نامي في حضني وارتاحي شوية…
كان حديثه مُقنعًا بالنسبة لها..
لأنها تعلم بأن أي اجابة لن تؤدي بهم إلى نقطة جيدة..
هتفت فردوس بنبرة مختنقة:
-ينفع بعد كده تنام فوق؟!.
لم يستطع أن يرد طلبها تلك المرة وهو يغمغم:
-هشوف يا فردوس حاضر، بس لما احس ان دي مش رغبة يومين، وبعد يومين تقوليلي لا معلش انزل تحت تاني وتطلعي جنانك عليا.
دفنت رأسها في صدره ليُقبل رأسها بحنان وحب وهو يشدد من ضمها له قائلا بنبرة عابثة:
-سبحان الله مفيش حاجة لمتنا، غير كنبة المكتب..
ضحكت رغمًا عنها وعانقته بقوة وبدأت تشعر بالسكينة بين أحضانه، وجسدها بدأت تشعر بدفئه كحال من يحضتنها….
أخذ يدثرها بالغطاء بحنان، وكان يتمنى أن يتأخر شروق الشمس في الصباح؛ وأن تطيل الليلة ولتبقى بين أحضانه للأبد…..
وبعد دقائق قليلة جدًا كان يجافية النوم بها شعر باستكانة جسدها وانتظام أنفاسها لم يصدق حقًا أنها نامت بتلك السرعة، بينما هو مشتعلا وراغبًا في قُربها إلى أقصى درجة، تركت رغباته مستيقظة بينما هي رحلت في سبات عميق لشعورها بالأمان التي لا تجده في فراشها وحيدة كل ليلة مُجبرة على تناول تلك الأقراص حتى لا تفكر في شيء…
_____________
ولج داغر إلى الغرفة فوجد الإضاءة خافتة وما أن خلع حذائه، وأقترب قليلا من الفراش كعادته كل يوم يراقبهم أثناء نومهم، في الأيام الأولى كان هذا المشهد يؤلمه، يغضبه يجعله طوال الليل يجلس في الشرفة يدخن سجائره بشراسة…
ولكن بعدها أخذ يجلس على الأريكة يراقبهم بصمت أثناء نومهما حتى يذهب هو في النوم….
حينما أقترب وجد الصغير نائمًا على الفراش بمفرده، ببراءة رهيبة، جسده أصغر من عمره وحتى ملامحه دومًا مُرهقة لا يدري لما؟!..
ربما بسبب مناعته وحالته الصحية، فهو في تلك الأيام استطاع تخمين حالته وعلم حتى سبب خوف أفنان عليه الذي قد يصل إلى حد الهوس..
لم تكن أفنان موجودة في الغرفة وكما يعرف هي لن تتركه بمفرده، فنظر ناحية الشرفة وجدها مفتوحة ولكن ليست هناك أي إضاءة منبعثة بها…
وهنا ظن أن أفنان بالخارج ويبدو أنها لم تغلق الشرفة، وشيء بداخله أخبره بأن يذهب ليغلق النافذة حتى لا يبرد الصغير….
وجينما وصل لها ليغلقها وجدها جالسة في الداخل في الظلام تجلس وتتناول مشروب ما لم يستطع تحديده..
فولج إلى الشرفة وتنحنح بخشونة فأعتدلت أفنان من حالة التفكير التي كانت مستغرقة بها تحديدًا في حال شقيقها شريف من دونها، وبالتأكيد هو في حالة سيئة بسبب شمس وتخشى الحديث معه، فالأمر محرج جدًا…
فغمغمت أفمان بتوتر ونبرة استفهامية:
-داغر؟! جيت بدري يعني النهاردة.
سحب داغر مقعد بلاستيكي ثم جلس أمامها قائلا في نبرة جامدة:
-في مشكلة يعني اني جيت؟.
أرجعت خصلة هاربة من خصلات خلف أذنيها وهي تتحدث بارتباك:
-لا مش قصدي.
نظر داغر على هيئتها الجميلة والأنيقة حتى في المنزل، حسنًا هي لا تفعل ذلك من أجله يعلم ذلك جيدًا ليس بأحمق فهي من أن كانت صغيرة تلك عادتها، ولكن ما يجعله يشعر بالدهشة حقًا هو استمرارها…
بعد كل ما حدث وهذا الهدوء الغريب التي تجلس فيه في هذا الطقس شديد البرودة وتتناول مشروبها الساخن وتجلس بتلك السكينة -حسب ظنه- أنه شيء لم يتقبله عقله لذلك تحدث داغر في سخرية وغيظ حقيقي لا يفهم سببه:
-حقيقي أنا بقدملك التحية وكل التقدير يا أفنان.
ضيقت أفنان عيناها وقالت باستغراب لم تستطع كبحه:
-مش فاهمة قصدك يا داغر، ممكن تتكلم بوضوح بعد أذنك!!.
خرجت منه ضحكة ساخرة ثم غمغم وهو ينظر لها نظرات ثاقبة:
-انا اللي أتكلم بوضوح برضو؟!.
أبتلع ريقه ثم أسترسل حديثه بجفاء:
– أنا بحترم بجد أنك قادرة تقعدي كده وتشربي حاجة سخنة وتلبسي وتعيشي حياتك كأن مفيش حاجة، مع أنك أنتِ السبب في اللي أخوكي فيه، أخوكي مستقبله وحياته كلها ضاعت خلاص بس هو بيقاوح، غير طبعا اللي أحنا واقعين فيه بسبب عملتك أنتِ وهو ومتقوليليش مليش ذنب، ومكنش في حل تاني علشان الكلام ده بيعصبني أكتر.
يؤلمها، أنه جلاد جيد ليأخذ روحها بكلماته..
لكن تلك المرة فاض بها الكيل حقًا…
لن تستطيع الصمت..
لن تتحمل هذا اللوم، يكفي لومها التي تحصل عليه كل ليلة من ضميرها عند نومها..
غمغمت أفنان بجنون حاولت كبحه ولكن أتى وقوه:
-هو أنتَ سايبني على ذمتك ليه السنين دي كلها؟! معلش جاوبني….
سؤال هو نفسه لا يعرف إجابته حقًا ولم تعطيه مهلة للإجابة بل أسترسلت حديثها في غضب:
-أنا أقولك أنا ليه علشان تفضل صاحب الفضل عليا علشان تعرف تذلني لغايت أخر وقت ممكن، تمارس هوايتك المفضلة وهي أنك تحسسني بالذنب، مش زي ما أي حد تاني بيفسر.
أبتلعت ريقها ثم غمغمت بجدية وقوة لا تدري من أين أتت لها:
-بس علشان تبقى عارف يا داغر لو مطلقتنيش في أقرب فرصة أنا هخلعك يا داغر..
نظر لها مصدومًا من حديثها..
من قوتها التي لا يعلم من أين استمدتها…
فخرج من صدمته ضاحكًا في سخرية ثم غمغم في عدم تصديق:
-أنتِ بجحة يا أفنان بجحة بجد.
لم تهتم لكلماته بل تحدثت بانفعال:
-أنتَ اتجوزتني حسب كلامك لأخواتي علشان تخليني أعيش بقيت حياتي مرفوعة الرأس مش علشان تكسرني أنتَ، أنتَ مديت أيدك عليا يا داغر يوم كتب كتابنا وأنا مش ناسية لغايت دلوقتي، محدش من اخواتي عملها تخيل؟!!…
أبتلعت ريقها ثم غمغمت بنبرة مرتجفة:
-اه احنا غلطنا في تسجيل فهد بس مكنش في حل تاني وعموما أنا ولا عايزة حاجة منك أكتر من كده ولا ابني هيعوز حاجة أكتر من اسمك، واعمل أي اجراء تعوزه تضمن ده أنه لما تخلف هو ميكنش له فيك أي حاجة…
كانت هي الجلادة تلك المرة دون أن تدري…..
فقاطعها داغر متمتمًا وهو يكز على أسنانه أثناء وضع قبضته على الطاولة:
-يمكن معنديش حاجة ولا أملاك أخاف عليها زي ما أنتِ بتحاولي تلمحي او تحطي حلول بس أنتِ خلتيه يأخد أغلى حاجة أنا بملكها اسمي.
شيء لن يستطع حتى أن ينجب طفل ليأخذه منه، فأخذه طفل ذلك الوغد…
سألها متهكمًا وبلهجة عصبية:
-وبعدين هتروحي تخلعيني ليه ممكن أفهم؟!
أردفت أفنان في نبرة عادية:
-هلاقي ألف سبب وسبب، طلقني وريح نفسك يا داغر وريحني أنا اتعاقبت بما فيه الكفاية، كفايا تعاقبني أنتَ كمان، ومكنش ذنبي غير أني كنت عيلة صدقت كلام الحب واتكلمت وخرجت معاه بس والله ما سلمت نفسي له…
لم يدعها أن تستكمل حديث يعرفه جيدًا…
حديث يغضبه يجعله على وشك ارتكاب جناية..
-اسكتي، اسكتي وخشي نامي يا أفنان.
نبرته لم تكن تتحمل المزيد من النقاش، ولأن جرائتها قد نفذت تقريبًا فعليها المغادرة بأسرع وقت ممكن…
وبالفعل نهضت وغادرت تزامنًا مع هبوط الأمطار، في نهاية فصل الخريف الذي يودع حتى يأتي فصل الشتاء…
لم يجب على أسئلتها تركها تتحدث في الهراء الذي لم يتحمله حينما وصلت إلى تلك النقطة، إلى العقبة التي تتواجد في حياته، وهو خطأها المراهق الذي أدى لوقوع الجميع في الهاوية….
أخرج علبة السجائر المتواجدة في جيبه حتي يدخن ويخرج غضبه في أي شيء…..
كان هناك انخفاض ملحوظ في درجة الحرارة….
كانت تود أن تلج إلى الشرفة لتخبره بأنه يجب عليه بألا يجلس في هذا الطقس تحديدًا مع هبوط الأمطار ولأنها تراقبه من الداخل في خلسة ووجدته أشعل سجائره، وشعرت بالخوف منه وعليه..
لا تدري لما تخاف منه إلى تلك الدرجة..
لكن يجب عليه أن يدخل حتى لا يمرض..
غضبت من نفسها وكأنه سيسمع منها أو حتى سيفعل ما تخبره به…
هو يمارس ساديته عليها في أن يجعلها مذنبة طوال الوقت، يبدو أنها لن تطهر من ذنب مراهقة أقترفته وهو وثوقها في حب شاب لها…
متى ستشعر بأن الامر انتهى..
_______________
“أنا من أتيت”.
“أنا التي رغبت في النوم بجواره”.
“أنا من فعلت كل هذا”..
كان هذا حديثها مع نفسها، حينما استيقظت ووجدت نفسها نائمة بين أحضانه يحتضنها بحميمة وكأنه يخبئها داخل جسده، لا تدري حقًا متى نامت وكيف؟!.
دون أن تفكر في شيء…
مثل المرة الماضية التي نامت في فراشه دون أي استعانة بشيء قد يجعلها تنام قصرًا وتلك الأقراص المنومة التي تستخدمها…
حاولت الحركة من بين أحضانه ولكن الأمر صعب هو يحتجزها بالفعل بجسده وذراعيه والمساحة الضئيلة الخاصة بالاريكة لا تساعد على شيء تحديدًا أنها هي من تنام من الناحية الداخلية…
أخذت نفس طويل وابتسامة ترافقها وخجل يحتلها، تتمنى أن لا يعلم أي شخص وجودها هنا، وتحديدًا دعاء……..
استيقظ يا كمال…
كان هذا هتافها التي لم تخرجه بل كانت تتمنى أن يستيقظ وترحل هي لا تدري كم الساعة ولكن تظن من أنه مازال الوقت باكرًا جدًا….
لا تظن بأن الساعة قد تخطت الثامنة او التاسعة، أين هاتفها حتى تعرف الساعة، أو هاتفه هو..
اليوم هو يوم الجمعة..
لرُبما لهذا السبب لم يستيقظ كمال حتى الآن ولم يصدع صوت هاتفه ليعلن عن موعد استيقاظه…
دفنت رأسها في عنقه مستعشره دفئه، ورائحته، لأول مرة تشعر بتلك المشاعر الغريبة والتي لا تستطيع تفسيرها…
وبعد ربع ساعة تقريبًا بدأ كمال يتململ في نومته ظننًا منه أنه لديه المساحة ولكنه فتح عينه على أخرها ليجدها هي بين أحضانه…
ليتذكر من أنه هي من أرادت، ظن أن هذا كله حلم، حلم لا أكثر ولكنه واقعًا…
حينما شعرت بحركة خفيفة منه وتنهيدة مشتاقة خرجت منه تلاها بُقبلة على رأسها..
رفعت رأسها ليغمغم في صوت ناعس به بقية نوم:
-صباح الخير.
-صباح النور..
سألها كمال بعفوية:
-هي الساعة كام؟!.
-مش عارفة.
مد كمال يده ناحية الطاولة وكان قد ابتعد عنها قليلًا ليأتي بهاتفه ويعود محتضنًا أياها مرة أخرى بأحدي ذراعيه واليد الأخرى أمسك هاتفه ووجد أن الساعة الآن التاسعة والنصف صباحًا ليغمغم بنبرة دافئة:
-لسه بدري على صلاة الجمعة، نكمل نوم أحسن.
الشق الآخر من الجملة قاله بعد أن ترك الهاتف في المكان الذي توصلت له يده، وعاد يحتضنها دافنًا وجهه في عنقها لترتجف قليلًا متمتمة:
-يعني أنا حاسة اني فوقت مش هعرف أنام تاني.
شعرت بُقبلة يطبعها على عنقها مغمغمًا بصوت ناعس:
-يعني حاولي.
تمتمت فردوس بتلقائية بعد أن تذكرت مكالمة نجوى ليلة أمس:
-أنا عايزة اروح ازور طنط نجوى النهاردة، مراد جه وخلاص كلها يومين تلاتة ورايح الجيش..
ابتعد عن عنقها وعاد إلى مستواه الطبيعي وهو يغمغم بنبرة منزعجة:
-فن اختيار الأوقات.
أردفت فردوس محاولة تبرير موقفها:
-يعني هروح مش هكمل نص ساعة هناك، مراد زي اخويا الصغير ولازم اودعه، وبعدين إيمان هتروح معايا، علشان خاطري.
مراد وإيمان في جملة واحدة..
هذا ما ينقصه بعد أمسية جميلة..
قاطعهما صوت طرقات خافتة على الباب…
فرقع كمال صوته متمتمًا بنبرة هادئة:
-مين؟!.
جاءه صوت أفنان من الخارج متمتمة:
-أنا يا كمال الحقني..
فنهض كمال من مكانه وذهب ليفتح الباب وبدون مقدمات تحدثت أفنان بنبرة قلقة:
-كمال، داغر تعبان اوي وسخن خالص…



google-playkhamsatmostaqltradent