رواية في هويد الليل كاملة بقلم لولا عبر مدونة دليل الروايات
رواية في هويد الليل الفصل الاول 1
البداية!!!!
قبل خمسة وثلاثين سنة !!!!
علي سطح احدي المنازل الريفية البسيطة في واحده من قري الريف المصري العريق …
وفي ليله ربيعية هادئة حيث السماء الصافيه والقمر ينير عتمه الليل ، ورائحه طين الارض المرويه بعرق رجالتها تعبق المكان وتجعل له رائحه مميزه ، وصوت صرصور الحقل المميز هو فقط المسموع في تلك المنطقه …
ولكن هناك صوت اخر اضاف سحراً اخر للمكان وهي انغام موسيقي عمر خيرت المميزة والتي تبدد سكون الليل المبعثة من المذياع الصغير والقديم الذي يمتلكه.
يجلس علي كنبه قديمه من الخشب تسمي ” الكنب البلدي” ينظر الي السماء ذات النجوم الامعة في الفضاء الفسيح ويدعو الله في داخله ان يكلل نتيجه تعبه واجتهاده علي خير ، فغداً موعد ظهور نتيجة الجامعة !!!
*يارب اكرمني وانجح بمجموع زي كل سنه ، يارب انت عارف انا تعبت وشقيت قد ايه ، يارب انا عاوز انجح مش بس علشاني ، ده علشان خاطر ابويا الرجل الغلبان الشقيان اللي نفسه يفرح بأبنه وهو بيتخرج ومعاه شهاده الهندسه !!!!
*نفسي احقق له حلمه اللي عاش يحلم بيه طول عمره ويشوف ابنه الوحيد مهندس قد الدنيا زي ما بيقول .
علشان يستريح بقي واشيل عنه الحمل …
وهنا صدح صوت مغنيه المفضل يشدو باقرب اغنيه الي قلبه وقلب صديقه وتؤام روحه والتي يحفظنها عن ظهر قلب …
اخذ نفس عميق من الهواء العليل حوله يمليء به رئتيه ثم نهض من جلسته وسار حتي سور السطح ينظر للاراضي الزراعيه والبيوت الريفيه القديمه المحيطه به من كل جانب ..//
وقف مستند بيديه علي سور السطح مغمض العين ولسانه يردد كلمات الاغنيه بايقاعها المميز …
في هويد الليل ولاقيتك
ما اعرف چيتني ولا چيتك
ما اعرف غير اني لقيت روحي
ونچيت من همي ونچيتك!!!!
ومع اعاده كلمات الكوبليه مره اخري ، كان يفتح عينيه وينظر الي يمينه حيث المنزل المجاور له عندما سمع صوت قادم منه ….
تحرك بخطوات بطئية يسترق النظر نحو المنزل الخالي من السكان …
ولكنه وقف مبهوتاً مكانه وعيونه مفتوحه علي وسعها تكاد تخرج من محجرها عندما ابصر تلك الحوريه الجميله تقف علي سطح منزلها مثله !!!
كانت جميله بل ساحره بشعرها الاسود الطويل المنسدل علي ظهرها ونسمات الريح تغازله برقه فيعانق وجنتيها بنعومه شديده تحجب عنه رؤيه ملامح وجهها الجميل …
وقفت علي سطح منزلها تستمتع بنسمات الليل الجميل هي تفرد زراعيها في الهواء مغمضه العين وكانها تريد ان تطير وتحلق في الفضاء الفسيح من حولها..
اقتربت اكثر من سور السطح ينظر اليها من علو فسطح منزله اعلي من سطح منزلها مما اتاح له رؤيتها بحريه دون ان تراه …
سمع صوت يأتي من خلفه فأدار راسه يلقي نظره سريعه نحو مصدر الصوت الذي لم يكن سوي صوت رفرفه بعض الحمام القابع داخل غيه الحمام خاصته..
اعاد نظره مره اخري ناحيتها ولكنه لم يجدها وكأنها تبخرت في الهواء ..!!!
دقق النظر جيداً حتي انه مال بجسده الي الامام حتي خرج نصف جسده من سور السطح تكاد عينيه تخترق سطح منزلها ولكنه لم يجد لها آثر !!!
استقام في وقفته واخذ يحك مؤخره راسه هاتفاً بتوجس: هو انا بخرف ولا بيتهيألي ولا ايه ، ولا تكونش دي النداهه اللي بيقولوا عليها؟؟؟
بس دي كانت واقفه قدامي حقيقه مش خيال !!!
لا خيال … ايوه .. البيت ده بقاله فتره فاضي مفيهوش حد وماسمعناش ان في حد اجره…
نفض راسه سريعاً محدثاً نفسه بتقرير : ده اكيد من القلق والتوتر علشان النتيجه بكره …
انا هنزل اتوضي واصلي وكعتين وانام احسن بدل القلق ده علشان اليوم يخلص …
القي نظره سريعه نحو سطح منزلها المظلم وخطي عائداً الي بيته في الطابق الارضي وعقله مع تلك الحوريه التي ظهرت له من العدم !!!!!
……………………………………..
“روايه في هويد الليل بقلمي لولا نور ”
……………………………………..
في صباح اليوم التالي …
كانت اصوات الزغاريد تمليء سرايا “آل مهران ”
احتفالاً وابتهاجاً بنجاح الاين الاصغر لليل مهران واحد من اكابر البلده …
ربط ليل مهران علي كتف ابنه جواد وهو يضمه داخل صدره بحنان لطالما كان يشعر ناحيته بعاطفه كبيره ويميزه عن شقيقه الاكبر بسبب حرمانه من والدته التي وافتها المنيه وهي تضعه ، فحرم من حنانها من قبل ان يعرفها !!!
*الف مبروك يا جواد ، طول عمرك رافع راسي ومشرفني قدام الدنيا بحالها …
بادله جواد الحضن باقوي منه ثم طبع قبلة تقدير واعتزاز علي راس وكف والده: ربنا يبارك في عمرك يا حج ويخاليك لينا ، الفضل لحضرتك بعد ربنا …
ربنا يحفظك من كل شر يا اسد ابوك…
ثم توجه ناحيه فارس صديق ابنه والذي يعد بمثابه ابن آخر له وضمه في عناق ابوي مباركاً له هو الاخر: الف مبروك يا فارس يا حبيبي فرحتني وفرحت ابوك الرجل الطيب بنجاحك وتفوقك زي عوايدك../
احني فارس راسه وطبع قبله تقدير واحترام علي يد الحج ليل مهران الرجل المهيب الذي يعيشون ويعملون في كنفه ويعاملهم كانهم عائلته: الله يبارك في حضرتك يا حج ، ربنا يقدرني واكون عند. حسن ظنكم دايماً …
ربط عم حسين الرجل الكبير علي كتف والده بفخر واعتزاز بنجاح فلذه كبده: طول عمرك رافع راسي يا فارس يا ابني ، ربنا يفرحك ويسعدك زي ما فرحت قلبي يارب../
اللي انا فيه ده من خيرك وتعبك يا حج: قالها فارس وهو يقبل رأس والده تقديراً واعتزازاً به….
هتف الحج ليل بسعاده: انهارده بقي بمناسبه نجاحكم انتوا الاتنين هعمل لكم ليله تتحاكي بيها الناحيه كلها ، ثم رفع صوته منادياً علي ولده البكر وذراعه الايمن جودت الواقف بعيداً عنهم يتابع ما يحدث بصمت غريب !!!
*يا جودت … تعالي واقف بعيد ليه ؟؟
اقترب جودت سريعاً منهم راسماً ابتسامه عريضه علي وجهه: اؤمر يا حج …
تابع الحج ليل كلامه آمراً: عاوزك تطلع ع المزرعه وتدبح عشر عجول وعشر خرفان وتشرف علي دبحهم وتوزيعهم بنفسك ، عاوز كل واحد في البلد انهارده ياكل لحمه انهارده ولو مكفوش ادبح تاني مايهمكش …
*ده انهارده ليله عيد ، دي ليله نجاح جواد مهران وفارس المصري علي سن ورمح….
صاح جودت مهللاً: طبعاً يا حج ، ما تشيلش هم انت وكل طاباتك مقضيه ان شاء الله …
بالاذن انا بقي علشان الحق وقتي ….
ثم اقترب من شقيقه معانقاً اياه : الف مبروك مره تانيه يا اخويا …
بادله جواد العناق بمحبه صادقه رابطاً علي ظهره بقوه : الله يبارك فيك يا جودت رينا يخاليك ليا …
سلاموا عليكم … قالها جودت مودعاً اياهم ، وما ان استدار عنهم حتي تبدلت ملامحه و تغضنت بعلامات الغل والكره!!!!
اقترب فارس من جواد هامساً بصوت منخفض حتي لايصل الي والده ووالد جواد المنشغلين بالحديث معاً:
ها هتعمل ايه ، ناوي تفاتح ابوك في موضوع دانيلا امتي …
اجابه جواد بنفس الهمس: انهارده ان شاء الله قبل العشاء الكبير اللي عامله …
*بس الاول قولي ايه اللي الموضوع اللي كنت عاوز تحكيلي عليه …
سأله فارس بعدم فهم : موضوع ايه؟؟؟
جواد : الموضوع اللي قلت لي حصل معاك امبارح…
فارس: اااه . تعالي هحكيلك …//
…………………………………………….
“روايه في هويد اليل بقلمي لولا نور”
……………………………………………..
داخل مزرعة آل مهران …..
تعالي صوت جودت منادياً علي احد العاملين ويكون زراعه الايمن في المزرعة:
: عوض .. يا عوض .. انت يا زفت يا عوض!!!
آتي الرجل مهرولاً يعدل ثيابه متحدثاً بلهاث : ايوه يا جودت بيه تحت آمرك..
صاح جودت بعصبية شديده: كنت مختفي فين ، عمال انده عليك من بدري ..
اجابه عوض متلعثماً : ككك… كنت في بيت الراحه جنابك…
نظر له جودت نظره حاده صارمه جعلت من عوض يشيح بنظره عنه ، متحدثاً بتحذير شديد : لاخر مره بقولها لك يا عوض لو ما بطلتش شغل التلزيق والنحنحه انت والبت اللي ماشي معاها دي ، قسماً بالله لاكون قاطع عيشكم انتوا الاتنين من هنا ومن البلد كلها ومش هتلاقي حد يشغلك …
عاوز توسخ يبقي بعيد عن الشغل وعن المزرعه كلها انت فاهم !!!
هز عوض راسه سريعاً موافقاً علي حديثه خائفاً من بطشه فهو يعرف جودت جيداً انسان فظ غليظ لم ولن يتهاون في الخطأ حتي مع اقرب الناس اليه ، فهو كما يقول المثل ليس له عزيز او غالي !!!
فاهم يا جودت باشا ، مش هيتكرر تاني !!!
تحدث جودت بصرامه محافظاً علي ملامحه الجامده: المهم دلوقتي ، طلع خمس عجول خمس خرفان يتدبحوا ويتوزع منهم اربع خرفان واربع عجول علي اهل البلد ، والخروف والعجل اللي باقي وديهم البيت علشان يتطبخوا علشان العشاء بتاع باليل …
أومأ عوض بطاعه: اوامرك جنابك …
ثم تابع جودت محذراً: وطبعاً عارف لو الحج سأل دبحت كام عجل وخروف انت عارف طبعاً هترد تقول ايه ؟؟؟
هتف عوض بنبره المتفاخر بنفسه: عيب عليك يا باشا ودي تفوت عليا برضك ، الحج لو سأل هقوله عشر عجول وعشر خرفان …
ماهو سعادتك طالما قلت ندبح خمسه يبقي النص علس طول زي تملي …
والخمسه التانيين هخاليهم علي جنب وابيعهم لسعادتك زي كل مره….
ربط جودت علي كتفه باستحسان: عفارم عليك يا عوض ، بتفهمني من غير ما اقول وده اللي مصبرني عليك…
عوض بتملق زائف: خدامك يا جودت بيه…
تحدث جودت ناهياً النقاش: طب طير انت خلص اللي طلبته منك وخالي بالك مش عاوزين حد ياخد باله من حاجه ….
حمامه..، قالها عوض وهو يجري ينفذ اوامر جودت، الذي اخذ ينظر الي اثره وهو يبتعد من امامه متحدثاً بكره: عاوزني اطلع عشرين دبيحه من لحمي الحي علشان خاطر يفرح بالننوس بتاعه ، مش كفايه مفضله عني في كل حاجه وخالاه يكمل تعليمه وانا لاء
كده بقي قسمه العدل العلام ليه والفلوس وكل حاجه ليا انا …!!!!!
……………………
في المساء….
يقف جواد يمشط خصلات شعره السوداء ويرش عطره الاخاذ بغزاره علي قميصه الناصع البياض ، القي نظره رضا اخيره علي مظهره قبل ان يفتح باب المرحاض الخاص به ويخرج منه فارس يجفف شعره بمنشفه صغيره….
هتف جواد مداعباً صديقه :نعيماً يا ابو الفوارس!!!!
الله ينعم عليك يا سي جواد ، انا مش فاهم انت ليه صممت اني البس معاك هنا ،ما كنت لبست في بيتنا وجيت علي الصوان باليل مع ابويا …
هتف بها فارس متسائلاً وهو يلقي بالمنشفه من يده ويقف امام المراءه يمشط خصلاته هو الاخر …
اقترب منه جواد ولف ذراعه حول كتفه يجيبه : اولاً علشان تكون معايا وانا بكلم ابويا في موضوع دانيلا ، ثانياً بقي علشان خايف عليك من جنيه السطح لا تظهر لك من تاني وتندهك زي النداهه وتبقي زي ابو النوارس المجذوب اللي ندهته النداهه!!!!
تأوه جواد اثر لكمه فارس له : تصدق انا غلطان اصلاً اني حكيت لك ، ويلا غور انزل قول لابوك علي جوازك من دانيلا واللي ان شاء الله مش هيوافق وانتي ساعتها اللي هتبقي مجذوب دانيلا!!!!!
فال الله ولا فالك ، انا ابويا مش بيرفض لي طلب وانت عارف ، بس بطل قرك الدكر ده وكله هيبقي تمام …
انا هسبقك علي تحت وانت خلص وحصلني …
قالها جواد وغادر غرفته تاركاً فارس خلفه يفكر في حوريه السطح ..
بس انا متاكد انها حقيقه مش خيال .. قلبي بيقول لي كده وانا قلبي عمره ما كدب عليا …..
………………………………………………
“روايه في هويد الليل بقلمي لولا نور ”
……………………………………………
دلف جواد الي غرفه مكتب والده بعد ان سمح له بالدخول: تعالي يا جواد يا حبيبي …
انهارده عامل لك ليله لنجاحك هاتحكي وتتحاكي بيها البلد لسنين قدام ، عقبال ما اعمل يوم جوازك ، نادراً عليا لاعمل لك فرح سبع ليالي ، فرح ما اتعملش لحد قبل كده ولا هيتعمل …
قبل جواد يد والده : ربنا يخاليك لينا يا حج ويطول لنا في عمرك …
ومدام حضرتك فتحت الكلام ، فده يشجعني اني اقولك علي اللي انا عاوزه…
تسأل والده بحيره: خير يا جواد عاوز ايه؟؟
تنحنح جواد يجلي حنجرته: بصراحه يا حج انا بحب واحده زميلتي وعاوز اتجوزها …
تهللت اسارير والده هاتفاً بفرحه حقيقه: بجد يا جواد ده يوم المني يا ابني …
قولي مين هي واهلها مين وانا اروح اخطبها لك علي طول …
جواد بسعاده: دي واحده زميلتي في الجامعه اسمها دانيلا بس هي مش مصريه ابوها وامها ايطاليين بس عايشين في مصر من زمان ابوها الله يرحمه كان شغال هنا في مصر واتوفي من خمس سنين وبعد وفاته مامتها رفضت ترجع ايطاليا لاهلها وفضلوا يعيشوا هنا …
طب تمام الموضوع مقضي بعون الله ، انت كلمها وحدد معاد مع والدتها وان شاء الله نروح لهم علي طول ….
هتف جواد بنبره متردده: بس في حاجه صغيره …
حاجه ايه ؟؟ هتف بها ليل مهران متوجساً …
جواد بنبره متردده: هي .. هي دانيلا مسيحيه مش مسلمه…!!!
وهنا اقتحم الغرفه جودت بملامح متصلبه بعدما استمع لحديثهم من اوله ، هاتفاً برفض قاطع: انت اتجننت يا جواد ، عاوز تتجوز واحده مش من دينك !!!
مش كفايه انك بتفكر في الجواز وانت لسه متخرج يا دوبك من ساعتين من غير حتي ما تستني انك تشتغل وتبني نفسك ولا انت عاوز تاخد كل حاجه علي الجاهز وخلاص من غير ما تتعب وتشقي …
بس هقول ايه ما انت متعود علي كده طول عمرك تاخد من غير ما تدي ….!!!!
جودت!!!!! صاح بها الاب بنبره قويه حاسمه.
ايه يا حج هتغلطني في دي كمان !!!
هتف الاب مجيباً اياه: ايوه هغلطك علشان انت طول عمرك متسرع ومش بتفكر ، ده غير ان انت رديت علي اخوك وقلت رايك من غير ما ترجع لي ولا حتي تستني اني اقول رأيي!!!
هتف جودت بنبره خانعه: يا حج انا مقصدش ، انا بس معجبنيش كلامه …
هتف ليل بصرامه: هقولها لك تاني علشان اهوج ومتسرع …
ثم حول نظراته ناحيه جواد المنكس رأسه بحزن : جواد زي ما قلت لك كلم اهلها وحدد معاهم معاد وانا موافق من حيث المبدأ ، وموافقتي النهائيه هتكون بعد ما نروح نزورهم في بيتهم ان شاء الله …
هتف جودت معترضاً : موافق يا حج انه يتجوز واحده مش من دينه !!!
رد الاب منهياً النقاش مع ابنه: اخوك مش بيطلب حاجه حرام ، واحنا ملماش سلطان علي قلوبنا ..
واحنا في دينا ده مش حرام وكلها اديان ربنا ولو كان ده غلط مكانش ربنا اجازه وشرعه ، المهم اهلها هما اللي يوافقوا …
ثم فتح احد ادراج مكتبه واخرج منها ورقه مطويه ومفتاح وقدمهم لجواد: خد يا جواد ده عقد ومفتاح مكتبك الهندسي بتاعك هديه نجاحك ..
علشان تقدر تفتح بيت وتتجوز زي ما اخوك قال ….
مش كده يا جودت …!!!
كده يا حج …. قالها جودت من بين اسنانه وهو يري جواد دائما ً ما ينتصر عليه …!!!
ربنا يخاليك ليا يا حج وما يحرمني منك ابداً …
قالها جواد وهو ينحني يقبل رأس ويد والده تحت نظرات جودت الحانقه ….
…………………..
يالا يا ليلي يا بنتي هنتاخر علي الناس …
هتف بها المصري افندي والد ليلي والمهندس الزراعي الجديد في ارض آل مهران …
خرجت ليلي من غرفتها بعد ان القت نظره اخيره علي مظهرها : انا جاهزه اهو يا بابا خلاص خلصت…
بس انا هاجي معاك اعمل ايه وانا معرفش اي حد هناك ؟؟
اجابها والدها وهو يحثها علي السير معه خارج المنزل: اهل البلد كلهم هناك وانت هتبقي في السرايا من جوه مع ستات البلد وبناتها واهو تتعرفي عليهم واكيد هتلاقي اللي في سنك وتصاحبيهم وممكن يكون منهم معاكي في المدرسه الثانوي هنا ان شاء الله…
………..
كانت ساحه قصر ال مهران وحديقته تعج بالرجال من كل حدب وصوب من اهل البلد والبلاد المجاوره ، ووقف الحج ليل مهران واولاده في استقبال الضيوف .
الي جانب الشادر المقام في مآدبه كبيره لتناول الطعام والذبائح التي تم ذبحها من اجل الاحتفال …
وعلي الجانب الاخر من الشادر يوجد المسرح التي تم نصبه لصعود الفرقه الموسيقيه وبعض المنشدين لاحياء تلك الليله المميزه…!!!!
وصل المصري افندي وابنته الي قصر آل مهران ، فأخذها الي الباب الخلفي من ناحيه المطبخ واوصلها اليه فهو لا يأمن تركها وحدها في مكان لا تعرف فيه احد …
نادي علي سيده تدعي نبويه تعمل في القصر وقد التقي بها هنا في وقت سابق !!!
يا ست نبويه .. ست نبويه!!!
التفت السيده اليه وهي تحمل في يدها صينيه كبيره مملؤه بكاسات الشربات استعداداً لتقديمها للحضور : ايوه يا سي مصري تحت امرك يا خويا …
خاطبها المصري بود : تسلمي يا ست نبويه،
ثم اشار الي ابنته الواقفه بجانبه: بعد اذنك دي ليلي بنتي ممكن تخاليها تدخل عند الحريم جوه وتخالي بالك منها اصلها متعرفش حد هنا خالص …
اجابته السيده بترحاب شديد: يا سلام من عينيه الاتنين هشيلها في عينيه…
ثم نظرت الي ليلي تلك الشابه الجميله الخجوله : اللهم صلي علي النبي ايه الحلاوه والجمال ده كله ربنا يحفظك من العين يا حبيبتي…
تعالي معايا جوه هتتبسطي اوي وفي بنات حلوين من سنك جوه …
ثم التفتت تخاطب والدها : روح انت يا سي مصري عند الرجاله وما تقلاقش عليها …
تركهم ورحل وصوت ثرثره الست نبويه من خلفه ….
الا قوليلي يا حلوه انتي عندك كام سنه ؟؟
انا عندي 17 سنه وفي ثالثه ثانوي السنه دي….
……………..
مر وقت ليس بالقليل قضته ليلي مع ثرثره الست نبويه والتي حكت لها عن بيت آل مهران وكل بيت في البلد …
همت نبويه تحمل احدي الصواني المملؤه بالفاكهه وسعادتها ليلي في حملها: عاوزه مني حاجه تانيه يا خالتي ؟؟
لا يا روح خالتك ، بس زي ما قلت لك علي بال ما اطلع صينيه الفاكهه دي باره تكوني روحتي اسطبل الخيل شوفتي الخيل ورجعتي علي طول ، سمعاني !!
حاضر يا خالتي مش هتاخر …
قالتها ليلي وهي تخرج في اتجاه اسطبل الخيل ، وما ان ابتعدت بضعه خطوات حتي اصطدمت بحائط بشري كان عائد من نفس الطريق …
انتي عاميه مش تفتحي وانتي ماشيه!!! قالها جودت بعصبيه عندما اصطدم به احدهم !!!
شعرت ليلي بالاحراج عندما اصطدمت به وكانت سوف تعتذر منه ولكن عندما استمعت لقله تهذيبه ، قررت ان تلقنه درساً رداً سخافته!!
رفعت راسها ونظرت له هاتفه بعصبيه : اما انك صحيح واحد مش محترم ، ده بدل ما تعتذر علشان انت اللي جاي في وشي وكان ممكن كمان تبعد عن طريقي، لكن بدل ده كله بتقل ادبك عليا ، عموماً انا كان في نيتي اعتذر لك لكن مدام طلعت قليل الادب يبقي ما تستاهلش اعتذاري …/
وتحركت من جانبه مغادره دون ان تتفوه بحرف اخر…
اما جودت فكان يريد اي شيء بخرج به ضيقه وغضبه من والده وشقيقه وها قد وجده عندما اصطدم باحدهم ، وما ان هم ان يتحدث حتي تخشب موضعه وتصلبت حواسه عندما طالعت عيناه تلك الحوريه الشرسه التي اخذت تكيل له وتنهره بدلاً من ان تعتذر له حتي انه وقف صامتاً عاجزاً عن الكلام امام حضورها الطاغي !!!!
وما ان تحركت من جانيه حتي خرج من صدمته ووجد نفسه يمد يده وبجذبها من ذراعها هاتفاً بافتنان: مش نتعرف يا قطه ، ولا انتي عاوزه تخبطيني وتمشي كده من غير احم ولا دستور ؟؟
شعوت ليلي بيده تجذبها من ذراعها فلم تشعر بنفسها وهي تستدير له بحركه سريعه جعلت من خصلاتها السوداء تتطاير من حولها بشكل خاطف للانفاس جعلت الواقف امامها يخر صريعاً لهواها!!!
وييدها الحره صفعته علي خده بقوه اجفلته هاتفه فيه بصراخ : ايدك بدل ما اقطعها لك يا سافل يا حقير ..
ثم دفعته في صدره بكلتا يديها واستدارت تجري مهروله ناحيه الاسطبل…:
وقف جودت مكانه واضعاً يده مكان صفعتها وعينيه تتابع ركضها وشعرها الاسود الطويل يتطاير من خلفها كالمهره العربيه الاصيله ….
فاق من جموده علي يد تضع علي كتفه وصوت انثوي يعرفه جيداً يقول : تعيش وتاخذ غيرها يا سي جودت.
ايه البت علمت عليك ولا ايه يا باشا../
هتف جودت بتيه وعينيه مثبته علي مكان اختفائها: مين دي يا نعيمه .. تعرفيها ؟؟
اجابته نعيمه بغيظ وهي تلوك العلكه في فمها وتصدر بها صوتاً مسموعاً منفراً : انا معرفهاش ، بس شوفتها وهي قاعده جوه في المطبخ مع نبويه وسمعت انها بنت مهندس الزراعه الجديد واسمها ليلي…
ردد اسمها بخفوت وكانه يتذوقه: ليلي!!!
هتفت نعيمه بسخط وغيره: بس وانت مالك بيها ، ولا هي عجبتك علشان صدتك ، لا خد بالك انا زي الفريك ما احبش شريك …
التفت لها جودت وقد استعاد نفسه من جديد هاتفاً بنبره لعوب: وانا برضه ليا غيرك يا جميل ، بلف *والف وارجع لك من تاني ، انتي الاصل يا بت …
*ايوه يا خويا اضحك علي عقلي بكلامك الحلو ده ..
*انا اقدر برضك … المهم الليله بعد ما المولد ده يتفض ابقي استنيني في اوضتك ، عاوزك عروسه الليله …
* تؤمر يا سيد الناس … قالتها نعيمه وهي تقترب بجسدها من جسده بطريقه مثيره …
* تعجبيني .. يالا بقي زوقي عجلك .. قالها جودت ثم عاجلها بضربه وقحه علي مؤخرتها وقد نجح في صرف تفكيرها عن ليلي والتي اصبحت شغله الشاغل الان !!!!؟
……………………
نهض فارس من جلسته بصوره مفاجاة لفتت نظر جواد الذي ساله بقلق: في ايه يا فارس ايه اللي قومك كده مره واحده؟؟؟
اجابه فارس بهدوء ينافي وجيب قلبه المرتفع : ابداً عاوز اروح اشوف ادهم …
هتف جواد يؤنبه: وده وقت ادهم بذمتك ، ده المنشد ده خلص خلاص والمغني وفرقته طالعين دلوقتي ، هتسيب ده كله علشان تروح تشوف سي ادهم الحصان !!!!
* علي طول مش هتاخر دقايق هطمن عليه وأجي لك علي طول …
ورحل دون انتظار رد صديقه، فهناك شعور غريب يشعر به مرتبط بحصانه ادهم !!!!
دلفت ليلي الي داخل اسطبل الخيل واخذت تشاهد الخيل باستمتاع حتي لفت نظرها فرس اسود جميل يضاهي سواده سواد الليل ، يقف بشموخ وعظمه تليق به وغرته السوداء الطويله تستريح علي جبهته بدلال ….
اقتربت منه مشدوهه بجماله وسحره وكان هو الفرس الوحيد الطليق خارج الحظيره ولكنه مربوط من قدمه الخلفيه
اقتربت منه مشدوهه بجماله وسحره وكان هو الفرس الوحيد الطليق خارج الحظيره ولكنه مربوط من قدمه الخلفيه …
اقتربت حتي وقفت امامه وما ان رفعت يديها حتي تملس علي راسه حتي صهل عالياً ووقف علي قدميه وكاد ان يركلها في صدرها ،
لولا الصوت الهادر من خلفها بصوت جهوري : أدهم!!!
و اليد الذي جذبتها من زراعها في اللحظه الحاسمه واخفتها داخل صدره…
اخذت ترتجف داخل احضانه حتي استكانت وغمرتها دفء احضانه وصوت نبضات قلبه الهادره تحت اذنها ..
خرجت من احضانه رفعت عينيها السوداء تطالع بها وجهه القريب منها ، فاصطدمت بامواج عاتيه تموج داخل زرقه عينيه والتي لازالت لا تستوعب ان القابعه بين يديه حقيقه وليست خيال ….
انها هي حوريه السطح !!!!
همس بتيه وعينيه تجوب علي كل انش في وجهها الجميل : حوريه !!!
اجابته بهمس مماثل : ليلي .. اسمي ليلي
وهنا تعانقت النظرات وتألفت القلوب وعلي اصوات نبضات القلوب سطرت اول سطر من قصه عشق “الفارس والحورية” !!!!!
وصدح الصوت عالي من بعيد يردد اغنيته المفضله والتي اكتشف انها اصبحت تمثل قدره !!!
في هويد الليل ولقيتك …..
ما اعرف چيتني ولا چيتك ….
ما اعرف غير اني لقيت روحي …
ونچيت من همي ونجيتك……..
……………………………….
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية في هويد الليل) اسم الرواية