Ads by Google X

رواية غوي بعصيانه قلبي الفصل الواحد و الخمسون 51 - بقلم نهال مصطفي

الصفحة الرئيسية

 

رواية غوي بعصيانه قلبي الفصل الواحد و الخمسون 51 - بقلم نهال مصطفي

 
-خُلق القلب عصيـًا :
مَتى تجمعنا الطُرقات معاً ، في ليلة شتـوية ممطرة
والقمر مكتمل كاكتمال أيدينا المتشابكة ويراقبنا من بعيد
ونستمع لأغنية أم ڪلثوم
” أنت عمري ”
حتى نصل لنهاية الطريق .. و نُعانق بعضنا عند مقطع
“اللي شفته قبل ما تشوفك عنيّا
عُمر ضايع يحسبوه إزاي عليّا..♥️”
خلف بـوابة الحُلم حُب عظيم ينتظـرك ، أرجوك .. لا تجعل انتظاره يطول 🤍🍃
~رسيـل المصـري
•••••••
يُقال :..
‏عندما تعطي فائض؛ احتمال فائض تفكير، فائض حب، فائض اهتمام، فائض ثقة، فائض عمل ، فائض جهد..
سيتدخل التوازن الكوني.. ليعطيك درساً على هيئة صدمة
وألم ثم ستدرك إدراك تام، أن الاعتدال والتوازن هو سبب من أسباب السلام الروحي والنفسي ستدرك أن التوازن هو جوهر الكون ..
انصـرفت شمس بعد ما فجـرت قنبلتها الموقـوتة برأس الجميـع .. صمت تام يعقبه نظرات حائـرة تحمل العديد من الأسئلة ، برودة الجـو حولهم لا تعني شيء مقارنـة ببرودة أجسادهم إثـر لتلقيـهم الخبـر الصـادم حتى ختمتـه حيـاة ذاهلـة :
-أزاي !! آكيد في حاجة غلط ، عاصي أنت سمعت اللي قالتـه شمس ؟!
هول الصدمـة والخوف من شبح الفقد خيـم على رأسه ، فسـالها :
-أنتِ كُنتِ عارفـة ؟!
أمسكت برأسها التي كادت أن تنفجر خاصـة مع حلول عُذرها الشهـري مرتين من آخر لقاء روحي بينهم .. طالعته بعينيها المندهشة:
-معرفش ، والله ما أعرف .. بس أزاي !! ممكن تكون شمس اتلخبطت أو … بص هو في حاجة غلط ..
وثب قائمًا بملامحه العابثـة التي حاول اخفائها قدر الإمكان وقال :
-قومي يالا ..
حياة بتوجس :
-هنروح لأي دكتور نشـوف ..
-دلوقتِ ؟! أنت عارف الساعة كام !
رد بحـدة :
-هستناكي فـ العربيـة ..
امتلأت عينيها بدموع القهر إثر معاملته الجافة ، فارقت مخدعها متكئة على عكاز حُزنهـا وارتدت أول شيء قابلهـا وتابعت خُطاه تحت مظلة الهواجس التي تأكل رأسهـا ..
انتهى تميـم من أخذ حمامـه الدافئ وخرج وهو يجفف رأسه بالمنشفـة الصغيـرة فوجدها تجلس على طرف الأريكة ، لم يطل النظر إليها بل اكتفى قائلًا :
-مراة عاصي مالها !!
ردت باختصـار :
-أبدًا ، تعب الحمـل الطبيعي ..
هز رأسـه مصـدرًا إيماءة خافتـة :
-ربنـا معاهـا ..
كان عكس عادتـه التي اعتاد عليها في خلق الأحاديث معهـا ، أخذت تلوم نفسها عن معاملتها معـه فجر اليـوم حتى فكرت في الإعتذار عما فعلتـه ولكنهـا أبت وتمردت على حنين قلبهـا وركضت لتختبئ بالمرحاض .. تنهد تمـيم بهدوء ثم طالع صورته بالمـرآة قائلًا :
-أمـا نشـوف أخرتهـا معاكي أيه يا شمس ..
انتهت الطبيبـة بأحد المستشفيات الخاصة بفحص حيـاة ثم عادت إلى مكتبها الجالس أمامه عاصي الذي ينتظرها على مراجل من قلق .. لحقت بها حياة وهي ترتدي معطفها وجلست مقابلهُ ؛ فسبقهـا بسؤاله :
-خيـر يا دكتورة ، أي سبب المغص اللي عندها ..
ابتسمت الطبيبة بهدوء :
-مبروك يا مدام حيـاة ، أنتِ حامل ..
تمتمت بهمس :
-حامل !!
أكملت الطبيبة :
-كلها أيام وهتدخلي في الشهـر التالت ، أزاي متعرفيش كُل ده !!
خرج صوتها مرتعشـًا من بين شفتيها :
-حامل أزاي بس يا دكتور .. ممكن تتأكدي تاني ، أصل..
أجابتها الطبيبـة :
-مالك مصدومة ليـه ؟!
ردت متحتجة :
-أصل يعني ، جوزي كان مسافر له شهرين ولسـه راجع ، وو
-كملي يا مادام ، سكتي ليـه ..
-قصـدي أقول يعني أن البريـود كانت منتظمة ، عشان كدة مشكتش !! أنا .. أنا مش فاهمة أي حاجـة ..
اتسعت ابتسامة الطبيبة ووضحت :
-ده اسـمه حمل غزلاني .. طبيعي يكون في طمث أثناء الحمل ، بس بيكون قلـيل .. يوم ولا يومين وله أسبابه، وعشان كده استبعدتي فكرة الحمـل .. وده نفس اللي حصل معاكي النهاردة ، بسبب الإجهاد اللي حصل وتغيرات هرمونيـة ..
بدأ عاصي أن يهدأ قليـلا رابطـًا معياد الحفـل المطابق للميعاد الذي حددته الطبيبة ، فتدخل متسائلًا بقلق :
-طيب هي كويسة وصحتها .. قصدي أقول في أي خطر عليها ؟!
الطبيبة :
-صحة البيبي ومامته زي الفل ، ومفيش داعي للقلق ده كُله .. هناخد بس الحقن والفيتامينات دي وراحة كاملة لمدة أسبـوع ، وأشوفك بعد اسبوع ..
وثبت حياة التي مازالت الصدمة مسيطرة عليها ، أخذ عاصي ” الروشتـة ” من الطبيبة بعد ما شكرها ، سبقته حيـاة بخطوتين فتوقف إثر نداء الطبيبة :
-عاصي بيـه .. دقيقـة بعد إذنك .
•••••••••
“-لـو نازلـة أخدك في سكتي ..”
قال تمـيم جُملتـه وهو يرتدي سترته الرماديـة على أذان شمس الحائـرة والمضطربـة والمغمسـة في شِتات أفكارهـا .. أجابتـه بتوجس :
-تمـام ، هجهـز ..
أخذت ملابسـها من الخزانـة واتجهت ناحيـة المرحاض استعدادًا لنزول معـه .. استكمل تميم لبسـه حتى فرغ منه فجلس على أحد المقاعـد ينتظرها .. دقائق قليـلة وخرجت شمس في كامل أناقتهـا مرتدية بدلـة حريمي فضفاضـة باللون السماوي ، تحته قميصًا باللون الأبيض يتطابق مع لون حجابها … للحـظة انجذب لجمال طلتها ولكنه تعمد تجاهل النظر إليـها ، حتى أنها بحثت في عينيـه عن تلك النظرة ولكنه كان بارعـًا في إخفائها ..
أخذ مفاتيحه وهاتفـه وسبق خُطاها ، فتناولت حقيبتهـا ” البالطو ” الأبيض ويبدو على وجههـا العبوث .. لحقت خُطاه وهي تقـرأ أحد الرسائل النصية على هاتفهـا بدهشـه وهي تسب حماقتها سرًا ثم قالت :
-تميـم ، عندي مرور النهاردة ولسه شايفـة الميعاد .. ممكن نستعجـل بس عشان مفيش وقت .
أومأ بطاعـة ولم يظهر أي اهتمام سوى اتساع خطواتـه .. تقدم لفتح الباب الخشبي الفخـم ، فطلت منه فتـاة بأواخر العشرينات من العمر، ترتدي تنورة قصيرة لا تصل لرُكبتها ، يعلوها ستـرة ذات أكمام بنفس اللون القاتم .. تحتها قميصـًا باللون الأسود .. تبدو الفتاة في كامل زينتها وجاذبيتها .. حيث استقبلت تميم متبسـمة وهي تمد يدها لتُصافحه :
-حمد لله على سلامتـك يا بيشمهندس ..
رد على جملتها برتابة :
-الله يسلمك يا سُهيـر .. أيه جايـة لعاصي ؟!
اتسعت ابتسامتها :
-بصراحة عاصي بيه هو اللي باعتني لحضرتك ؟! بس واضح جيت في ميعاد مش مناسب !!
-لا أبدًا .. تعالى اتفضلي ..
بدت ملامح الغيـرة تُقاسم ملامحها ، خاصـة عندما اتجه تميم إليها فألتقـم ضجرها الواضح .. فتعمد إثارة غيرتها أكثر وقال :
-شمـس .. هخلي عم سعيد يوصلك عشان ما تتأخريش .
لم تلتفت إليه شمس التي لم تحرك عينيها عن سُهيـر حتى كرر ندائه عليها فعادت لرُشدها :
-أيه يا تميم ..
-هخلي عم سعيد يوصلك ويستناكي ..
-هااه !! لا ملوش داعي ..
تميم باستغراب :
-هو أيه اللي ملوش داعي ..
-عادي بقا يا تمـيم ..
-مش كُنتي مستعجلة !!
تحججت شمس وهي تمسك برأسها :
-فجأة حسيت بدوخة وصداع ، أنا مش هقدر أروح في الحالة دي ..
ابتلعي تميم ضحكته على تصرفاتها الطفولية التي لم يراها من قبل ، وتحمحم مسترجعًا ثباته :
-طيب خدي أي مسكن واطلعي ارتاحي .. وأنا هخلص مع الاستاذة سهيـر ولو لسه تعبانة نشوف دكتور ..
ثم نظر لسهيـر :
-اتفضلي يا سهيـر ..
أوقفتـه شمس بغضبٍ هامسـة :
-هتفضل فين !!
-في المكتب يا شمس ..مالك !!
-هاه .. مالي ، أنا كويسة أهو ، تشرب معايـا قهـوة !
ضاقت عينيه بتخابث :
-مش كنتي تعبانة !!
-ااه ، قلت اشرب قهوة يمكن الصُداع يروح ..
-ماشي يا شمـس، خلي سيدة تعمل ٢ قهوة ، وأكدي عليها قهوة سهيـر سادة عشان هي مانعة السكريات !!
رفعت حاجبها بدهشـة :
– يا راجل !!
-نعم !!
-وأنت عرفت منين أنها مانعة السكريات !!
تميم بمكر :
-آكيد منها .. أسيبك عشان متأخرش عليها أكتـر من كده !!
انصرف تميم بعد ما فجر الغيـرة بصدرها وتركها تعض اغتياظًا على أناملهـا حتى ذهبت إلى سيـدة لتُقررها عن هويـة تلك الفتاة التي يهتم لأجلها لهذا الحد ..
•••••••••
” بالسـيارة ”
-مش هتنزل ؟!
كان السؤال الأول الذي تفوهت به حيـاة بعد صمـت طويل قضاه الاثنان طوال المسافة المقطوعة.. فأجابهـا بنبـرة جافـة :
-عندي شُغل ، انزلي أنتِ ..
رمقتـه طويلًا بأعين مترقرقة بالدموع حتى أغمضت عينيها كي لا يتعرى حزنها أمامه وولت عائدة إلى غُرفتها .. أما عنه انتظر ذهابها وهو يقاوم عقدة الفقـد واللحظات العصيبـة التي مرت عليه أثناء حمل مهـا ..
صُرخه بوجهها إثر حملها الذي حذرها منه الأطباء .. وأصرارها على تجسيد ثمـرة حبهم حتى ولو سيكون المقابل حياتهـا ، أشهر الحمل الأخيرة التي وضعت تحت الرعاية الطبية المتكاملة .. أيام عناءه معه بالمشفى .. أخر ضمـة يد كانت تحمل رسالة الوداع .. جملة الطبيب الأخيـرة وهو يزف له الخبـر ” اللي حصل لمدام مها ده معجزة ، حمد لله على سلامتها ” .. ما اطمئن للقدر فخانه !!
خشي أن يعاني من الفقد مرة آخرى ، أن تأتي الأيام التاليـة خالية منها ، هبط من سيارته واتبع خُطاها بخطوات أشبـه بالركض حتى وصل إلى غرفته …
كانت تتوسط المكان الشاهد على جني ثمار حبهـم وتجهش بالبكاء وجسدها الذي ينتفض على ضفة الحسـرة ، والهواجس التى تسربت إلى رأسها وأنها مُجـرد لحظات عابرة في حياته سيتخلص منها في أول محطـة ..
اندفع إليها بلهفـة جالسـًا على طرف السرير الذي ابتل من ماء حزنها وجذبهـا عنـوة إلى حضنـه .. فحاولت الابتعاد والتملص من قبضـه عليهـا فلم تجد حلًا سوى البُكاء بين يديه حتى استجمعت قوتها وقالت بصوت باكٍ :
-ابعد يا عاصي ..
لم يلبي طلبها بل ازداد من احتواءها وضمها حتى دفعته بكل قوتها صارخة :
-أنت كُنت بتتسلى بيـا ؟!! مش كده !!
رد بصدمة :
-أنتِ أيه اللي بتقوليـه ده ؟!
جففت دموعها بحُرقة :
-أنا مش هنزل البيبي ، ومتقلقش مش هعملك أي شوشـرة .. بس سيبني في حالي .. متحاولش تقرب مننا .
مازال عاصي تحت تأثير صدمته من اتهامها الشنيع:
-بيبي أيه اللي ينزل ، أنت جبتي التخاريف دي منين ..!!
-مش تخاريف يا عاصي ، بص على شكلك في المراية وأنت هتعرف أنها مش تخاريف .
شرع أن يمسح على شعرها كي تهدأ ولكنها انتفضت مبتعدة عنه كالملدوغـة :
-متقربش مني .. كفاية أوي لحد كدة !
-حياة افهمي .. مفيش الكلام ده !! أنا لو زعلان فأنا زعلان لاخسرك مش عشان التخاريف دي !! أنا مش عارف أنتِ جبتي الكلام ده منين!!
توقف عقلها عن استيعاب المزيد ، بل علق عند فكرة تخليـه عنها وأنا مجرد نذوة بحياته ، خرجت عن وعيها صارخة بوجهه بقهرة :
-أنا عملت لك أيه عشان تستغلني !! مادام مش عايز تخلف مني قربت لي ليـه !! أنا انا قولتلك متخلنيش اسلم قلبي وتوجعني !! عملت فيا كده ليه !! قولي ؟!
سيـل من الدموع المنهمرة من بحيرة عينيها المحمرة تحت تأثيـر غيبوبتها القهرية منه .. لم يتحمل المزيد من الاتهامات ولم يستطع إسكاتها ولن تستمع إليه .. فـ حان الآن لتدخل لغة الحب لتنفض المعركة الناشئة بينهم ..
اطفئ بركان حزنها بقُبلـة جروحه التي انفتحت فجأة حتى تشاركا الدموع التي امتزجت .. والتنهيدات المتبخرة من أرواحهم الثائرة .. استسلم صخبها وهي ترتشف من ماء قربه لتنطفئ نارها ، لتهدأ .. كانت ترد له القُبلة قُبلتين كأنها تود الانتقام منه بلغة قلبـها ، ضمها إلى صدره ولم يكف عن توزيع قبلاته العشوائية عليها حتى تمدد الاثنان وهما يرتويان من أرواح بعضهم المضطربة ليغرقا في سُبات عميق معـًا …
•••••••••
أخذت شمس القهوة من سيدة وأصرت أن تدخلها بنفسها لتميم وسهير الجالسين بغرفة المكتب خلف الباب المقفول .. طرقت الباب بخفوت وهي تبلع جمر الغيرة العالق بحلقها ثم فتحت البـاب مصدرة ابتسـامة مزيفة :
-القهـوة ؟!
رفع تميم رأسـه عن الملفات المنغمس في قراءتها :
-فين سيدة ؟!
توقفت شمس على ساقي سهير المتعرية وقالت بضيق :
-مشغولة بقا ..
قالت سهير وهي تأخذ قهوتها :
-مرسي .. مراتك جميلة يا تميم ..
استقبلتها شمس بابتسامة مصطنعة :
-كلك ذوق ..
أكملت سهير :
-تميم من زمان كان بيحلم يتجوز واحدة محجبـة ، وأهو حقق حلمه ..
-كمان !! دا انتو مع بعض من زمان !!
ارتشفت رشفة خفيفة من القهوة :
-أحنا صحاب من أيام ثانوي .. بابي كان المستشار القانوني لشركات دويدار..
-امممممم …
ثم طالعت تميم :
-قهوتك هتبـرد !!
رد باختصار :
-تسلمي يا شمس ..
أنغمس الاثنان في شُرب قهوتهم وظلت شمس واقفة في مكانها لن تزيح عينيها عن سهيـر .. طالعها تميم :
-في حاجة يا شمس ؟
-هاااه !! لا ابدا ، مستنية لتكونوا عايـزين حاجة ..
-بقيتي أحسن ؟!
انكمشت ملامحها بضجر :
-منا زي الفل أهو ، أنت هتتعبني بالعافية ولا أيه ؟!
رفع حاجبه مستغربا متعمـدًا ترويض غيرتها :
-الصداع !! مش كُنتي مصدعة !
-ااه اه الصداع ، لسـه شويـة .. بس احسن ..
ثم علقت قائلة وهي تأخذ الوسادة الخاصة بالانترية وأعطتها لسهيـر :
-ممكن تحطيها على رجلك .. لو مش مرتاحة ، حاساكي مش مرتاحة ..
سهير براحة :
-ازاي أنا مرتاحة جدًا ..
طافت عيني شمس بحيـرة وغضب :
-عشان تسندي القهوة والملفات .. جربي ..
ابتسمت سهير بهدوء بعد أدراكها بغيرة شمس على زوجها وقالت :
-أنا مرتاحة كده ..
غلت مراجل النار برأس شمس التي تشبثت برأسها مفتعلة الدوخـة والدوران وهي تتمايل :
-تمـيم ، ااه .. ممكن تسندي .
ترك تميم ما بيده وركض إليهـا ممسكًا بمعصمها :
-مالك ، تعالى اقعدي .. تعالى .
وصلت شمس لما تريده وهو الجلوس معهم وعدم تركهم بمفردهم في هذه الغرفة وتترك عقلها يشع نارًا بالخارج .. جلست على المقعد متحججة بالألم :
-كملوا شغلكم أنتـو مش هعطلكم .. تروح الدوخة وأقوم أمشي ..
•••••••••
-يا ابن اللعيبـة يا مُراد ! روحت طلبت أيد عالية من عاصي ؟!! دا أنت جاحد .
بعفويـة أردف كريم جملتـه وهو يقفز من فوق السرير بفرح .. ثم تابع قائلًا :
-سـرك في بيـر ، بس هو عاصي قالك أيه ؟!!
لم يروي مراد تفاصيـل كثيرة لأخيه ولكنه اكتفى بسؤاله :
-متعرفش عاصي اتكلم مع عالية ولا لسـه ؟!
فكر كريم بصـوت عالٍ :
-لو كان اتكلم مع عالية كانت هتحكي لنوران ونوران كان هتقول لي !! يبقى لسه ماقالش حاجة ..
رد مراد بتخابث :
-نوران ؟!! قولت لي مين نوران !
-أنت بتنسى بسرعة كده ليـه ؟!!
هنا فتحت جيهان الباب و التي كانت مقدمة لإيقاظ ابنها الذي أكد عليها أن توقظه للذهاب للجامعة قبل الظهر .. فابتلعت ما استمعت إليه وقالت :
-ده انت صحيت !!
توتر كريم الذي احتج قائلًا :
-باي باي يا نيللي .. هكلمك وقت تاني ..
هزت جيهان رأسها بتخابث وقالت:
-طيب يلا عشان تروح جامعتك ، وماتنساش تسلم على نيللي !!
ثم خرجت وقفلت الباب ورائها وهي تنتوي لمراد :
-بتثبتي ياابن المحلاوي ؟!!!! طيب أما وريتك ..
عادت إلى غُرفتها وهاتفت عبلة التي سافرت لأحد الدول الأجنبية لقضاء شهر العسل مع فريد الذي رسم عليها خريطة الحب .. ردت على هاتف اختها بتأفف :
-خير يا جيهان !!
-أيه ده انتِ لسه نايمة !! معلش صحيتك .
-ايه مخليكي تكلميني الساعة دي !
-ابارك لك ، أنت متعرفيش أن عاصي وافق عالية ومراد ابني يرجعوا لبعض !!
فزعت عبلة من مرقدها :
-ايه الجنان ده ؟!!! مين قال كده ؟!
نهضت عبلة من مخدعها وحاولت الاتصال بعاصٍ مرارًا وتكرارًا ولكنه بدون جدوى حتى أدى بها عضبها لمهاتفة مراد الذي انفجرت بوجهه قائلة :
-اسمعنى يا مراد ، حوار رجوعك لعالية ده على جثتي ، انسى ..
مراد بهدوء :
-مبروك يا خالتي سمعت انك اتجوزتي، بالرفاء والبنين ..
اشتعل الغضب براسها :
-متغيرش الموضوع انت فاهم ، ولو عاصي وافق على الجنان ده ، انا مش هوافق .. وعالية مش هترجع لك لو انطبقت السمـاء على الأرض ..
جلس مراد على مقعد مكتبه قائلًا :
-ما تخليكي فـ الهاني مون وسيبك مني انا وعالية !
فاض صبرها من برود مراد وتلاعبه معه حتى قفلت المكالمة بوجهه وأخذت تسبه علنًا ، نهض فريد من نومه وأخذ يقبل كتفها :
-مالك بس يا روح قلبي..
-مراد عايز يرجع لعالية ..
-طيب وانت مضايقة ليه !!
-فريد ، انا مش هخلي جيهان وابنها ينتصروا عليا تاني !جيهان راسمة على تقيل وطمعانـه في ورث بنتي ..
اشعل مراد سيجارته :
-سهله ، اخلصك من مراد .. ويبقى كده طيرنا احلام جيهان ..
رمقته باستهزاء:
-سبق ووثقت فيك في موضوع البنت شمس وكانت ايه النتيجة !! سيبني أنا هتصرف .. الدور جاي عليهم واحد واحد ..
•••••••••
أخذ مُراد يُقلب الفكرة في رأسه حتى أتاه مكالمة من رقـم مجهول ، فـرد :
-ألو ؟!
أتاه صوت انثوي :
-أنا سوزان يا مُراد ..
-ااه أزي حضرتك ؟
خاضت في الموضوع بدون مقدمات :
-أنت نويت على أيه في موضـوع عاليـة ؟!
ظل يضرب في سطح المكتب بمؤخرة قلمه برفق ثم قال :
-هتجوزها ؟!
-أمتى ؟!
-لما عاصي يوافق ، عشان أقدر اكتب كتابنـا من أول وجديد .
ردت سوزان بضيق :
-وعبلة مش هتخلي عاصي يوافق .. لأنها بتخطط تضربك في شُغلك عشان تبعدك عن بنتها ، خالتك لسه قافلة معايا وأنت لازم تتصرف ، عايز عالية حارب عشانها ، مش عايز يبقى انسحب من دلوقـت ..
وثب مراد قائمًا وقال بحسم :
-أنا هتصـرف ..
انتهت مكالمته مع سوزان بعد ما اتفقا الاثنان عما سيفعله مراد للفوز بحبيبته .. فـ غادر مكتبـه وشركته على الفور مستقلًا سيـارته حتى وصل أمام الأزهـر وطلب مُقابل أحد المشايخ .. جلس مراد أمام الشيخ وروي له مسألتـه حتى ختـم كلامه :
-ينفع أردها ولا لازم اكتب كتابي من جديد ؟!
أفتى فضيلة الشيخ قائلًا :
-اسمع يا بني .. يجوز رد الزوجة في حالتين إذا تم الدخول بها ، أو الخلوة بها خلوة صحيحة .. ومصطلح الخلوة الصحيحة هي الخلوة التي يمكن فيها حصول الجماع ..
بمعنى أنت ومراتك اتقفل عليكم باب واحد ، خلوة يمكن فيها الوطء عادة .. سواء حصل بينكم أو محصلش فهي قُدام الناس مراتك وفي بيتك ، يعني ذلك ان لها عدة فبالتالي يجوز ردها بدون كتابة عقد جديد ما دامت أثناء فتـرة العدة ..
فزع مراد من مكانه مشدوهًا وهلل :
-ينصر دينك يا عم الشيخ .. كُنت فين من زمان ..
ثم عاد وجلس على مقعده متلهفًا :
-يعني كده أنا اردها وقلبي مطمن ..
-اطمن يا بني ، وربنا يجمعك على مراتك في خيـر ..
••••••••••
بعد مرور ثلاثة ساعات على وجود سهيـر مع تميم ومناقشـة تفاصيل الفروع والاطلاع على المعلومات الخاص بكل فرع فختمت اجتماعهم :
-هستنى ردك في أقرب وقت ..
زفرت شمس بارتياح لانتهاء اجتماعهم الممل الذي اجبرت على حضـوره فقالت بضيقٍ :
-ما أنتِ قاعدة ياسهيـر ، سيدة تجيب غدا !
صافحتها سهيـر بامتنان :
-مرة تانية ، وفرصة سعيـدة إني اتعرف عليكي بجد ..
بادلتها بابتسامة زائفة :
-أنا أسعد …
نهض تميم متأوهًا إثر وجع الجرح بكتفه وقال :
-اوصل لك يا سهير
تدخلت شمس بحدة :
-خليك أنت ، هي عارفة الطريق ..
تبادلت كل من سهير وتميم النظرات حتى انسحبت بهدوء ، وجه تميم حديثه إلى شمس بعتب :
-ممكن افهم أيه المعاملة دي ؟!
انفجرت بوجهه :
-والله !! عايزني اتعامل ازاي وهي بمنظرها ده وقافلين على نفسكم أوضة واحدة ؟!
دنى منها يرمقها بنظراته الخبيثـة :
-ده أحنا بنغيـر بقا !
رُد سهم الجملة بصدرها وهي تتراجع للخلف بملامحها الشاحبة من حقيقة اتهامه الصـريح ، أجاب بتردد :
-انت دماغك راحت فين !! انا عملت كده عشان بس ارفع عنك الذنب ..
لكت الكلمات في فمها وأكملت :
-ما اجتمع رجل وإمرأة إلا وثالثهم الشيطان .. وهي لوحدها فتنة بلبسها ده ..
اكتفى بنظرة من عينيها اربكتها يوحي بعدم تصديقه لحجتها فتابعت لتفر من تلك النظرات الفاضحة:
-انا مصدعة اوي ، هروح انام ..
••••••••
‏الفكرة التي تستحق أن تؤمن بها قطعًا دون
تشكيك، هي فكرة أنك من سلالة بني آدم
الخطّاءة وأنك على قيد التعلُّم، مادمتَ حيًا.
فتحت حيـاة جفونـها إثـر حرارة أنفاسه المشتعلة على بطنهـا بقبلات هادئـة .. امتد كفها لتتغلل أناملها بين جدائل شعره متأوهة باسمه :
-عاصي ..
عاد إليـها بعيون اللهفـة والاعتذار :
-اسف صحيتك ..
ثم تفقد عينيها المحمرة من كثـرة البكاء فطبع فوقهم قُبلات اسفـه وقال :
-أنا أسعد رجل في الدنيـا عشان هخلف طفل أنتِ هتبقي أمه ..
رفعت جفونها الذابلة إليه :
-يعني أنت مش زعلان أني حامل !!
كان الأمر الذي مر به أكثر من أن يخرج منه انسانًا قويًا، رفع كفها لمستوى ثغره وقبله :
-أنا مش هسمح لحاجة تاخدك مني .. أنا ما صدقت لقيتك .
-هي مش الدكتورة طمنتك على البيبي وقالت لك كله تمام ، زعلان ليه بقا .
مسح على شعرها وقال بهدوء :
-من يوم ولادة تاليـا وداليـا وأنا عندي رعب من أوضة العمليات والولادة .. تقدري تقولي صدمة على فرحة على خوف ..
اعتدلت حياة من نومتها ووضعت كفها على وجنته بلطف :
-كله هيبقى تمام .. متقلقش .
رد عاصي باضطراب :
-هشوف لك أكبر دكتور برة .. تتابعي معاه وتكوني تحت الملاحظة ٢٤ ساعه ، وعايزك متتحركيش من السرير وكل حاجة هتكون عندك .. اتفقنـا ..
ابتسمت بفرحة والكثير من الدهشة وعدم الاستيعاب وهي تضع يدها على بطنها :
-عاصي ، جوايا هنا ابنك .. مش قادرة استوعب ازاي .. يعني بعد ٦ شهور هحضنه واشم ريحتـه .. حاسة إني في حلم .. انا هبقى أم ياعاصي .. انا متوترة وحاسة بحاجات كده عكس بعضها ..
ضمها بكل قوتـه وقبل شعرها وهو يقول :
-هتكوني أحلى أم ..
-وأنت كمان هتكون أعظم أب ..
حين ترتعشُ الروح إثر دفقةٍ عاتية من العواطف لا بدّ لها أن تنفتح لتسكبُها في صدرِ روحٍ أخرى .. وهذا ما فعلته وهي تعانقه باكيـة وتهمس :
-شكرًا لأنك عيشتني أحلى أحساس ممكن أي ست تعيشـه ..
ثم ابتعدت عنه ونظرت بعينيه :
-أنتَ مبسوط صح ، يعني مش زعلان .. !
-مبروك يا روح قلبي .. ربنا يتم فرحتنا على خيـر ..
-عاصي ، أنا عايزة أرجع شقتنا ..
ضم كفيها بحب :
-هنرجع ، وهنعيش لوحدنا بعيد عن عالمهم .. أنا وأنتِ والبنات والباشا اللي جاي في السكة .. بس خلى موضوع الحمل ده سر مابينا ..
-حاضر
ثم سندت رأسها على كتفه وسألته :
-بتحبني !!
تسللت يده من تحت ملابسها إلى بطنها:
-لحقتي تنسي اللي حصل ليلة امبارح ..
فانتفضت ضاحكة :
-عاصي .. أيدك ساقعة .. وبس بقا عشان بغير .
تذوق شهد ضحكتها ملتهمًا انفاسها بقبلاتـه الحنونة وهو يقول :
-منا عارف ..
تملصت ضاحكة من مداعبته لها وصقيع يده :
-عاصي بطل بقا.
-بحبك ..♥️😘
طالعت بريق عينيه اللامع بحبها وتفوهت :
-بحبك .. ♥️
•••••••••
•••••••••
” مـساءً ”
تركت شمس دفتـرها وجلبت صندوق الإسعافات الأولية لتخلق مع تميـم لغـة حوار بدل صمتـه ومحادثاته الكثيرة التي بدأت تثير شكوكها .. اقتربت منه بوجهها القاطب :
-ممكن تسيب اللاب توب شوية عشان أغيـر لك على الجرح ..
ترك اللاب توب من يده ووضعه بعشوائية بمنتصف السـرير .. جلست أمامه وشرعت بفك أزرار قميصه ببطء ، فسألته :
-غريبـة ما جبتليش سيرة سهير دي قبل كده !!
-عادي ، مجتش مناسبـة ..
لاحظ عبوس وجههـا وقال :
-بس لذيذه ، بنت جدعة ..
-أمم مرتبطة ، قصدي يعني مخطوبة متجوزة !!
-لا .. مركزة في شغلها وبس .
نزعت قميصـه برفق :
-لا واضح ، أنها تجي لك لحد هنا وتقعد الوقت ده كله !!
جلست ورائه وشرعت في نزع الشريط اللاصق للجرح وسألته :
-واضح أنكم صحاب أوي !
-اااه من أيام ثانوي ، وبصراحة كانت في مشاعر من ناحيتها بس ..
توقف عن سرد قصته مع سهير إثر تأوهه بوجع بسبب ضغط شمس على جرحه فأردف :
-خففي أيدك شويـة مش كده !!
جزت على فكيها :
-وهتشتغلوا مع بعض كتير !!
رد تميم وهو كاظم لضحكه :
-أيوة ، عاصي هو اللي قالها ..
فرغت شمس طاقتها بجرحه ، كل ما يردف بجملة لم ترق لها تنتقم منه بطريقتها حتى فرغت من عملها قائلة :
-بس أنا مش موافقة ..
-على أي!!
شرعت بلملمة الأدوات الطبية بوجه مكفر وقالت :
-أنكم تشتغلوا سوا ، هي الشركة دي مفيهاش رجاله يعني .!.
اتسعت ابتسامة تميم :
-فيها ، بس الشغل مع الستات أسهل كتيـر ..
رمت بوجهه قميصـه بغل وقالت :
-البس ….
فتلقى قميصه ضاحكًا :
-ما براحة يا شمس .. أنتِ مالك النهاردة .
في تلك اللحظة جاء صوت طرق الباب وهلت منه سيدة التي قالت :
-تميم بيه ، عاصي باشا بيقـول لك تعالى تحت أنت وست الدكتورة عشان عازمكم على العشـا ..
فـ رد تميم :
-نازلين وراكي على طول يا سيدة ..
” بالأسفل ”
تلهـو حياة مع البنات في ساحة القصـر الواسعة وتركض معهن محدثين ضحكات مرتفعـة ، فخرج عاصي من مكتبـه على صوتهم المتعالي فوجدها تركض هنا وهناك .. فاقترب منها بنارٍ متوهجة من شدة الغضب :
-أنت بتعملي أيه !! لو سمحتي اقعدي وبلاش حركة كتير ..
تدخلت تاليا معارضة :
-يا بابي بنلعب ..
رد بحسم :
-العبـوا وأنتوا قاعدين .. أيه لازمتـه الجري والتنطيط ده ..
حياة بطاعة :
-خلاص خلاص ، متزعلش نفسك هنقعد ونلعب ..
دنى منها هامسًا في آذانها بحدة :
-حياة .. بلاش جنان متنسيش أنك حامل .
ابتسمت بحب :
-مقدرش انسى .. خلاص فك التكشيرة دي بقا ..
تدخلت داليـا :
-يلا نلعب Snakes and ladders
عاصي بتحدٍ :
-ااه حلوة دي مفيهاش تنطيط .. وأنا هجيب اللاب توب وأقعد هنا ..
ثم دنى من حياة متوعدًا :
-أما اشوف أخرتها معاكي ..
قبلت وجنته بحب كطفلة متعلقة بأبيها وهمست له :
-بحبك .
ثم هربت منه محتميـة بالبنات وجلسن جميعًا بالأرض ليلعبن السلم والثعبان .. جاء تميم برفقة شمس من أعلى وجلسا بقربهم .. استغلت شمس لهو تميم في مكالمة فـ سألتها عن حالتها ، ردت حياة قائلة :
-أحسن الحمد لله يا شمس .. الدكتور كتبت لي حقن وفيتامينات..
ردت شمس :
-قوليلي مواعيد الحقن عشان أجي اديهالك ..
جاء عاصي وجلس بقُربهم ليُتابع تحركات حوريته ، انضمت شمس للعب معهن .. وذهب تميـم لأخيـه ليناقشـه في أمور العمـل .. مرت قرابة النصف ساعة من الضحك والمزاح واللعب .. فاستغلت حياة انشغال عاصي في مهامه خاصـة بارتدائه لنظارتـه الطبية فأمسكت بهاتفها وأرسلت له رسالة نصيـه :
-شكلك قمـر أوي وأنت بتشتغل ، عايـزة احضنك .
انفصل عن تركيزه في عمله والتفت للرسالة النصيـة التي جاءته ، فتح هاتفه فـ وجد اسم ” Hayaty♥️ ” .. قرأ الرسالة تمددت معالم وجهه .. اكتفى بارسال نظرة تحذيرة لها ثم عاد لإكمال شغلـه وحواره الهام مع تميـم ..
جاء الدور عليها في اللعب .. فأدت دورها وغازلته برسالة جديدة :
-وحشتني أوي ..
ألقى نظرة على هاتفـه ثم قرأ رسالتها فتنهد بضيق فسأله تميم :
-في حاجة ؟
رد باختصار :
-مشكلة بس وهتتحل ..
كبحت حياة ضحكاتها وانغمست في اللعب قليلا حتى قفزت فكرة رسالة جديدة برأسها وكتبت له :
-حاسـة إني بتوحم على بوسـه بطعم القهوة ، زي الصبح ..
أخذ يضرب الأرض بمشط قدمـه بغل وهي مازالت مستمرة في اشعال نيران الشوق بقلبـه .. فهتف بضجر :
-سيدة كلمي المطعم شوفي الأكل اتأخر ليـه ..
وضعت كفها على ثغرها لتكتم الضحك الذي لطخ وجهها بحمرة الانتصار عليـه فلاحظتها شمس :
-في حاجة ؟!
-لالا معاكم .. العبي .
فتحت هاتفهـا وبحثت في الصـور لتجد صورة لها التقطتها في الغردقة عند قياسها لأحد الفساتين .. كان الفستان قصيرًا للغايـة بارزًا لتفاصيل حوريته وهي تغازل شعرها الذي يغطي ذراعها بأكمله .. فضغطت على ارسال وسألته :
-أيه رأيك في الفستان ده ؟! كنت مشترياه من سنتين ومقررة إني هلبسـه للشخص اللي بحبه .. عجبك !
دق هاتفه بإعلان وصول رسالة جديدة .. فـ زفر بنفاذ صبر وفتحها .. كبر الصورة وهو يتأمل ابداع الخالق في حسنهـا .. قفل الهاتف واستأذن من تميـم :
-هروح المكتب بس نسيت حاجة ..
ذهب إلى المكتب ثم نادى على سيدة التي جاءت ركضًا وقال :
-نادي على حياة..
هرولت سيدة إليها وقالت :
-ست حيـاة ، كلمي عاصي بيـه ..وبسرعة عشان شكله على أخره ..
بللت حلقها الذي جف وحان وقت جني ثمار تمردها وتدللها .. نهضت بخوف وهي تسألها :
-متعصب أوي يا سيدة !!
ردت بذعر :
-ربنا يستر !! أنت زعلتيـه ولا أيه يا ست حياة !! ده بيطلع نار ..
-طيب هروح اشوفه ..
تقدمت حياة بتردد وخوف إلى مكتبـه ، تحركت شمس إلى تميم الجالس أمام الحاسوب ، فسألته بتوجس :
-هو في مشكلة مع عاصي وحياة !!
رد بجفاء :
-معرفش ..
فأضاءت شاشته باسم سهيـر .. فنظرت شمس إلى الاسم بعبس وقالت بحنق :
-هي بتكلمك ليـه دلوقت ؟!
وصلت حياة إلى الغـرفة فتسمرت أمام الباب ، فأتاها صوت الأشبه بالرعد :
-اقفلي الباب وتعالى ..
نفذت ما طلبـه منهـا واقتربت منه كطالبة مقدمة على العقاب من استاذها .. وقفت أمام المكتب :
-مالك يا عاصي حصل أيه !!
رد بنفس الحدة وأشار الي جوار مقعده :
-تعالى هنا وأنا هعرفك حصل أيه !!
بللت حلقها برعب واقتربت منه وهي تطالع جهار الحاسوب باحثة عن المصيبة التي ارتكبتها بدون قصد .. فوقفت بجواره بجزع :
-في أيه يا عاصي ؟!
شدها من ذراعها ليُجلسها على ساقيه عنوة وهو يمرر كفه على جدار عنقها ويدفن أنفاسه بالجهة الأخرى ويقول :
-حركات العيال دي بلاش منها ..
تنهدت بارتياح :
-وقعت قلبي .. حرام عليك .
فابتسم ضاحكًا :
-كده نبقى خالصين .
أعلنت تمردها عليه :
-طيب وسع كده ..
-وسع أيه !! كُنت بتقولي أيه !! وحشتك وعايزة قهوة !!
-كنت بنكشك بس على فكرة ..
فتسللت يده الباردة تحت سترتها الصوف فتململت صارخة وهي تسند جبهتها فوق جبهته :
-شوفت مين اللي بيعمل حركات العيال .. عاصي بس بغير والله ..
جذبها إليه أكثر حتى ذابت بين يديه وبسُكر لمساته وقالت قبل أن تُبادر بتقبيله :
-بجد بتوحشني وأنت معايا
كلما أردت أن أعثر علي نفسها ‏تذهب إليـه .. ‏هكذا تُلبي نداء قلبها ‏في الحصول على راحته وسُكرها المباح .. لينرنم قلبها في حضرت العشق الملتهب بينهم معترفًا :
“‏لقد كان يُعيدني إلى الحياة مرَّة أخرى، بشكل أو بآخر يعرف كيف ينتشلني من أكثر المزاجات ضيقًا إلى تلك التي تكُون دائمًا مليئة بالدَّهشة والعشق ”
وضعت كلتا كفيها على وجنتيه لتستريح من الركض في حرم هواه .. تنهدت بأنفاس محترقة حتى قالت ضاحكة :
-دلوقتِ عرفت سـر انجذابي ليك طول الوقت .. هرمونات الحمل دي طلعت مشكلة بجد !!
-يعني لما تولدي .. هبطل أوحشك ..
حياة بهيام :
-مفتكرش .. لأنك سكنت جوه روحي واتربعت ..
بادر تلك المرة بتوزيع عطر قبلاته الخفيفة عليها ومازالت يده تراوغ خصرها :
-لسـه أيدي ساقعة ؟!
-حلاوة الشتا في المطر ..
ثم تنهدت وشرعت في مسح آثار الحُمره من وجهه :
-هي الدكتورة لما نادت عليك ، قالت لك أيه ؟!
-قالت لي أحطك جوه عينيا .. بس ..
-بس أيه ؟!كمل ..
-كلام عبيط كده .. قالت ممنوع أقربلك الفترة .. دي بتتلكك ، وبعدين هي مالها !!
ضحكت حياة على طريقته وقالت :
-كله يهون عشان ابننا ..
داعب وجنتها برفق :
-طيب ومامته اللي مطيرة النوم من عيني أعمل فيها أيه !
كادت أن تُجيبه فأتاهم صوت سيدة من الخارج :
-الأكل جاهز يا عاصي بيه ….
••••••••
‏”عندما يشعر الإنسان بالمحبّة تتغير جودة الأيام في عينيه للأفضل، تزهو اللحظات، وتتمدد الراحة في كل لحظة، لا يطلبُ المرء أكثر من هذا.. محبّة صادقة دون حاجة أو دافع ..”
-اتفضـل هديتك ؟!
قالت عاليـة جملتها بعد ما أنهت يومًا طويلا بالجامعة ثم اتفقت أن تلقاه مساءً بأحد المقاهي .. فتح مراد العلبـة فوجد بها ساعة من ماركة نيوترا بمينا بلون أسود كرونوغراف ستانلس ستيل من فوسيل .. ومعها زجاجة عطر فاخرة من ماركة شانيل بلو دي ..
انبهر مراد بهديتها وقال :
-ليه ده كله يا عاليـة !! حقيقي ذوقك تحفه ..
احمر وجهها :
-بصراحة ده ذوق نوران ..
ضرب مراد كف على كف :
-يادي نوران !! أنا عايز اتعرف عليها نوران اللي طلعت لي في البخت دي ..
ضحكت عاليـة بصوت خافت :
-حاضـر هابقى أعرفك عليـها ..
نظر إلى قهوتها فوجدتها انتهت فقال بحماس :
-يلا قومي ..
-هنروح فين !!
-مفاجأة ..
ردت بهلع :
-مراد انا اتأخرت أوي ، لازم اروح ..
أخرج بعض النقود الورقية من جيبه ووضعهم على الطاولة :
-من غيـر اسئلة كتير .. قُدامي ..
نفذت عالية أوامره على مضض واتجهت نحو سيارته ، فأشار إليها :
-اركبي…
عارضته :
-مراد !!
فتح لها باب السيارة وأجبرها أن تصعد .. ثم دار وصعد هو الأخر بجوارها .. قفل أبواب السيارة الكترونيًا ثم قال :
-عاليـة انا رديتك .. يعني أنتِ دلوقتِ بقيتي مراتي شرعًا وقانونًا .. تسمح لي اخطفك عشان نقضي شهر عسل محصلش ..
زام فاهها بذهول :
-يانهار اسود !! مراد متهرجش .. عاصي وماما ..
ثم حاولت أن تفتح باب السيارة لتهرب منه :
-مراد افتح بقا ..
جذبها من ذراعها عنوة :
-عالية بطلي انت جنان .. انت مراتي ومحدش هيقدر يبعدك عني ..
مسكت هاتفها برعب :
-مراد ، عاصي .. والله ماينفع ..
جذب الهاتف منها وأرسل رسالة صوتية لعاصي قائلًا بها :
-عالية معايا يا عاصي ، لأني رديتها النهاردة الصبح .
ثم قفل هاتفها ووضعه في جيبه بحسم :
-ممكن تهدي بقا ! تنامي وهصحكي لما نوصل
-اهدى أيه !! مراد أنت ولعت الدنيا باللي عملته ده !!
-تولع .. المهم أنك من النهاردة بتاعتي وبس ..
أتمنى أن تأخُذنا الدنيا جميعًا إلى الأماكن التي نُحب بطريقة تليق بهذا العُمر من الانتظار ..
 
 
    google-playkhamsatmostaqltradent