رواية حب بين نارين الفصل الثالث والعشرون 23
اللهم إني أستودعك بيت المقدس وأهل القدس وكل فلسطين. اللهم ارزق أهل فلسطين الثبات والنصر والتمكين، وبارك في إيمانهم وصبرهم. اللهم إنا نسألك باسمك القّهار أنْ تقهر من قهر إخواننا في فلسطين، ونسألك أن تنصرهم على القوم المجرمين.
اللهم اشف جريحهم، وتقبّل شهيدهم، وأطعم جائعهم، وانصرهم على عدوهم. اللهم أنزل السكينة عليهم، واربط على قلوبهم، وكن لهم مؤيدا ونصيرا وقائدا وظهيرا. سبحانك إنك على كل شيء قدير؛ فاكتب الفرج من عندك والطف بعبادك المؤمنين.
_____________________
حــب بيـن نـاريـن 🔥 آلبـارت الثالـث والعـشريـن بقلمي نورهان ناصر
كانت تنظر لها باستغراب شديد ،بينما الأخرى تنظر لها ببسمة وهي تمد يدها لكي تساعدها ، ترددت لميس قبل أن تقرر مدّ يدها لها ثم ابتسمت بهدوء ومدّت يدها إلا أنها تفاجأت بـ مراد يهتف بدهشة من خلفها وهو ينظر لتلك الفتاة
_ ماتيلدا !
نظرت لميس لها بغيرة واضحه ، بينما المدعوة بـ ماتيلدا التفتت تنظر خلف لميس ثم تحدثت بسعادة وتمتمت بلكنتها الإنجليزية المنمقة:
_ Murad ,Is that you are?
I can't believe!!
كانت لميس تشتعل غيظًا وقبل أن يجيب مراد على صديقته ، فوجئت بنفسها تحلق في الهواء ولا تلامس قدماها الأرض ، نظرت له بغيظ شديد ، بينما ابتعدت ماتيلدا خطوة للخلف ، عبر مراد بها وهو يحملها بين يديه وتجاهل نظراتها التي تحدقه بحدة ، ثم توجه إلى صديقته وقام بتحيّتها وهو مازال يحملها :
_ أنتِ بتعملي إيه هنا ؟
تحدثت ماتيلدا العربية بتكسر:
_ موش بهمل حاجه سياهه أزيزي !
تمتمت لميس داخلها وهي ترمقهم بغيظ:
_ عزيزي في عينك !
قالت ماتيلدا باستغراب :
_ مين دا مراد يشيلها ؟
أردف مراد بمرح وهو يغمز للميس التي اشتعل وجهها من شدة الغيظ:
_ واهده كده !.
فتحت لميس عينيها بصدمة ولكزته على صدره فتأوه مراد بخفوت ، تابعت ماتيلدا باستغراب:
_ واهده كده يعني إيه موش فاهم !
همست لميس بضيق :
_ نزلني !
ضمها مراد له أكثر وتابع حديثه مع صديقته دون أن يحفل بما قالته ، فقالت ماتيلدا باستغراب وهي تشير إلى ملابس لميس :
_مراد بس هي لابسه زي مسلمين كيف تهملها إنت شكله موش من ....
طالعته لميس بضيق:
_عاجبك كده أهي فهمت غلط .
ثم وجهت حديثها إلى ماتيلدا :
_ أنا مراته هو بيهزر معاكِ !
تماما ماتيلدا بدهشة :
_ أنت لميس موش كده !
نظرت لميس لها باستغرب ثم التفتت لـ مراد الذي بدى التوتر عليه جليًا ، أخذت لميس تحدث نفسها ، هل كان يحكي لها عني ؟هل كان يتذكرني طوال تلك السنوات معقول ؟
قال مراد بتغيير للموضوع:
_ ماتيلدا فرصة سعيدة إني شوفتك تاني !
تحدثت ماتيلدا وهي تنظر لهما بسعادة :
_ أنا مبسوط كتير مراد كنت أوز أشوف صديقك الصدوق فرصة هلوه مدام لميس سلام أليكم !
أنهت حديثها ثم ودعتهم ورحلت ، نظرت لميس له بتوتر وقالت حتى تداري ارتباكها وسعادتها بأنه كان يحكي لأصدقائه عنها وأنها هي صديقته الوحيدة :
_نزلني بقى بعرف أمشي !
_ لأ أنا عاجبني الوضع أوي !
همست لميس بخجل:
_مراد الناس بتبص علينا أرجوك نزلني !
_ إحنا هنا في تركيا مش في مصر يعني كل واحد في حاله يلا بقى العربية موجوده أهي !
وزعت لميس أنظارها بخجل وهي ترى نظرات الناس المحدقة بها :
_ لأ بردو الناس بتبص على لبسي إني مختمرة وفي واحد شايلني مينفعش كده هيفكروا غلط .
صمتت قليلًا ثم تابعت بسخرية :
_وبعدين إيه واحدة كده دي إللي قولتها لصاحبتك مقولتلهاش إني مراتك ليه ؟
ابتسم مراد بمشاكسه وهو يغمز لها بعينيه :
_كنت بناغشك لأنك من ساعة ما طلعنا وأنتِ ضاربه بوز شبه بوز الشاويش عطيه !
_شايفني كده ؟ أنا شبه الشاويش عطيه الله يسامحك !
ضحك مراد بخفه وهو بلا وعي يشدد يديه حولها يقربها منه وهو يستنشق الهواء براحه لأول مرة :
_ اللهم آمين يارب !
كان الناس ينظرون إليهم ما بين مبتسم ظنًّ منه أنهم عُشاق وبين نظرات أخرى حانقه ، تطرق إلى لميس بعض الهمهمات من المارة
_ يبدوان يحبان بعضهما !
ابتسمت بحب وهي ترجوه من داخلها أن يكون ذلك صحيحًا ، إلا أن ابتسامتها سرعان ما اختفت عندما سمعت همهمات أخرى حانقه
_ ترتدي ثياب كهذه وتسمح لشابٍ بحملها هكذا أمام الناس ، أين ذهب الحياء .
لوت المرأة فمها وتشدقت قائلة بنبرة تحمل التهكم للميس ومراد :
_ اللهم احفظ بناتنا !
حزنت لميس بشدة واخفت وجهها في صدره ، تمتم مراد بهدوء وهو يسير بها متجاهلًا تلك النظرات والهمهمات:
_بصي يا لميس كل واحد بيفسر على مزاجه وبيشوف الظاهر بس ، حد منهم لاحظ إن رجليك الاتنين ملفوفين بشاش وانك صعب تمشي براحتك ، وإحنا مش هنقعد نبرر تصرفاتنا لكل واحد يعني وأنا المهم عندي راحتك أنتِ علشان رجلك متوجعـكيش لما أنتِ رجلك متحملكش أنا رجليا لازمتهم إيه ؟.
ابتسم مكملًا بنبرة حانية :
_ أنا هكون رجلك وايدك من واجبي اشيلك على كفوف الراحه وإن مشلتكيش ايديا تشيلك رأسي الرسول صلى الله عليه وسلم قالنا رفقا بالقوارير شبهكم بأرق حاجه ومن واجب الزوج على زوجته يكون سند ليها في كل وقت ولما تميل هو يرفعها !
أتدرون سعادتها بعد هذا الكلام ، لقد فاقت عنان السموات والأرض ، لو أن كل زوج عامل زوجته كما كان يعامل النبي صلى الله عليه وسلم زوجاته وكذا الكلام بالنسبة لزوجه لن تكون هناك مشاكل ، ستكون الحياة وردية كما يقولون !
_ شكرا !
_ مفيش داعي تتشكريني كل شوي كمان أنا السبب في اللي رجلك فيه يالا ادينا وصلنا أهو !
أنهى حديثه ثم أنزلها برفق فاستندت على السيارة ريثما يفتح الباب ثم أدخلها ووضع حزام الأمان حولها بهدوء واتجه إلى مقعده في الناحية الأخرى وهو مقعد السائق .
قال مراد بهدوء وهو يقود سيارته:
_ تحبي تروحي فين ؟
ابتسمت لميس بسخرية وتمتمت ساخرة :
_ معرفش من ايمتى وانا بقولك هروح فين ؟ أنا ماشيه وراك يمين يمين وشمال شمال !
تجاهل مراد سخريتها وقال بجدية:
_ ندمتي صح ؟
كانت تنظر من نافذة السيارة بشرود وعندما سمعت سؤاله المباغت هذا ، توترت ثم أجابت وهي تتصنع اللامبالاة :
_ إحنا بنعمل حاجات كتير وبنندم عليها قصدك إيه بقى ؟
_ أول حاجه بصيلي وأنتِ بتتكلمي !
نظرت له لميس بهدوء وهي تزفر الهواء :
_ ها وبعدين !
_ ده كله علشان اعترفتي إنك ..
قاطعته لميس وهي تجعد جابينها بضيق واضح :
_ مراد إنت عايز إيه من الآخر ؟ مطلوب مني إيه وأنا أعمله؟ .
_ مش مطلوب منك حاجه أنا آسف على السؤال انسي !
حزنت لميس وابتلعت ريقها ونظرت إلى نافذة السيارة بشرود وأخذت تحادث نفسها :
_يعني أعمل إيه ،أتمسك بيك وأنت مع أول فرصة هتتخلى عني صعب مش عايزة أبعد بس في نفس الوقت خايفه اقرب ، طب إنت بتحبني ؟ ولا لأ مبقتش فاهمه أي حاجه حاسه إني تايهه ، خايفه أقرب وإنت تبعد الموضوع كله صعب ، إزاي هقدر ابص في وشك وأنا أبويا خسرك كل حاجه ؟.
_________________________
كانت تجلس فوق الشجرة بيدها مســدس تقلبه بين يديها بشرود وهي تتذكر ما مضى
عودة إلى الوراء
تنفس سيف الصعداء وغادر مغلقًا الباب خلفه ، تكورت سمر على نفسها وجلست على السرير وهي تضم ركبتيها إلى صدرها وأخذت تحدث نفسها بشرود مصحوب ببعض الخوف من القادم :
_ يا ترى الأيام مخبيه إيه تاني ؟
صمتت قليلًا ثم أردفت :
_أنا موافقه أشتغل معاهم !
هنا صرخ صوت ضميرها وهو يقول :
_توافقيني على ماذا أجننتي إنهم مافيا بلا رحمة ؟
_ وعشان كده أنا موافقه !
_ لم أعد أفهمك !
أغمضت سمر عينيها وهي تقول بغموض:
_ مع الأيام هنفهم كلنا .
في الصباح
استيقظت من نومها أو لنقل هي لم تستطع النوم وفوجئت بدخول ذاك المدعو بـ عز والذي أخذ يتمتم بسخرية وهو يقول :
_ القطه عجبت الزعيم وبيقولك هتشتغلي معانا برضاكي أو غصـ..........
_ وأنا موافقه !.
نظر لها عز باستغراب من موافقتها السريعة ثم تمالك نفسه وقال بسخرية :
_ طبعاً ما أنتِ بنت مين في الآخر بنت سعيد الكـ .. إللي بيبيع مبادئه عشان الفلوس !
ضغطت على يديها بقوة حتى تكتم غيظها وألا تنهض وتريه من هو الكـ ...ثم هتفت بسخرية :
_ بالظبط كده ما أنا زي ما إنت قولت بنت سعيد وأنا موافقه على الشغل خبر زعيمك !
ومن بعد هذه المحادثة خضعت سمر لعملية تدريب مكثفة تحت إشراف الزعيم ، الذي أخذ يلقي بها في مهمات صعبة ومستحيلة ؛ ليرى جدارتها ورغم أنها جديدة في هذا المجال إلا أنها أثبتت جدارتها فيه واحتلت ثقة زعيمهم وصارت سمر بنت المافيا القوية يخشاها أعتل الرجال بسبب صرامتها وقوتها رغم أنها فتاة لم تبلغ العشرين من عمرها !
عودة إلى الواقع
أفاقت من شرودها على صوت سيف وهو ينادي عليها باستغراب:
_ انا مغلطش لما قولت عليك مجنونه بتعملي إيه عندك ؟
ضحكت سمر وهي تحمل قطعة من المانجو :
_باكل مانجه تاخد واحدة !
_سمر تعالي معايا عايزك !
أومأت برأسها ثم هبطت من على الشجرة بقفزة واحدة واتبتعه بهدوء ، حتى وصلٓا إلى مكان معزول ويبعد عن مقر تجمعهم ، استدار لها سيف يتمتم بهدوء :
_مش عايزة تسيبي العالم ده وتخرجي منه ؟
_ و إيه لازمته السؤال ده وإنت عارف إجابته!!
قال سيف بهدوء:
_ أسمعها منك !
_ بقولك إيه أنا مش فايقه لكلامك ده سيبني لوحدي ! و آه بلاش تغيب كتير بقى الفترة دي عملية الروس قربت على آخر الشهر ده دي أكبر عمليه في تاريخ المافيا !
ركل سيف الحجارة اسفله بضيق:
_عارف !
_شحنه البنات دي هتكون هي هدفي
و إللي حصل قدامي ده مش هيتكرر تاني !
طالعها سيف باستغراب:
_ أنتِ لسه فاكره ؟
شردت سمر وهي تتذكر إحدى المرات في بداية عملها معهم كيف يعاقبون من يخونهم وفضل الزعيم أن ترى بنفسها العقاب
عودة إلى الوراء
كان الزعيم يصرخ عاليًا بغضب شديد ثم فجأة فُـتح الباب وظهر رجل يجر فتاة ما قد حاولت الهرب ، فأمر الزعيم بتلقينها درسًا قاسيًا وأصر على حضور سمر ، التي أتت ووقفت بدورها بقربه بينما سيف أحنى رأسه للأرض بحزن شديد ، وتابع الرجال ما أمرهم به ذلك العجوز .
كانت سمر صامدة تعتري ملامحها علامات الجمود .. وكان الزعيم يكاد يصاب بالشـ ـلل من برودها بعد ما رأت ، ولكن هيهات تماسكت رغم أنها من داخلها كانت ترتجف بزعر إنهم بلا رحمة أو شفقة ... وأقسمت بالله أن تلك الفعلة لن تتكرر مرة أخرى وبأنها ستحمي كل فتاة بكل قوتها
عودة إلى الواقع
_ أنا ..
قاطعه صوت نغمة هاتفه ، أخرجه سيف و نظر إلى الإسم وأشار إلى سمر أن تلتزم الصمت ، ثم غاب بعض الوقت وعاد إليها
قالت سمر بتوتر وهي تطالع معالم وجهه :
_في حاجه ؟
_ لا ده إتصال مش مهم أوي بقولك إيه دي فرصتنا بعد العملية إللي جيه دي نخلص من العالم ده بقى ونطلع للنور !
ضحكت سمر بشدة ثم تمتمت بسخرية وهي تقول
_ جرى إيه يا سيف باشا مفيش حد غيرنا هنا علشان تمثل عليه !
وضع سيف يده على رأسه وضحك بخفوت فقالت سمر وهي تغمز له بمرح :
_مش لايق عليك خالص !
_ منا لازم أحْبك الدور حلو .
_طيب المهم كنت عايزني في إيه بقى؟
وضع سيف يديه في جيب بنطاله وهو ينظر لوجهها بهدوء:
_في حد بيدور عليك!
قهقهت سمر ضاحكة وهي تردف بسخرية :
_مصر كلها بتدور عليا يا بني إيه الجديد؟
_في واحد اسمه حسام وده صديق ليا بعتلي صورتك و.....
عودة إلى الوراء
_ عاش من سمع صوتك يا عم حسام !
رد حسام بهدوء:
_ مش وقته الكلام ده أنا عايزك في أمر مستعجل !
قال سيف بانتباه:
_خير !
_ هبعتلك دلوقت صورة بنت عايزك تلاقيها مختفيه من فترة كبيرة أوي!
_ طيب ابعت !
أرسل حسام الصورة له ، مرت دقائق كان سيف ينظر لهاتفه ينتظر حتى تتحمل الصورة لكي يراها ، وما إن رأى صورة الفتاة هتف بصدمة :
_دي صورة المرأة الحديدية!
رفع سيف هاتفه على أذنه وقال باستغراب :
_ طيب يا حسام هجبلك معلومات عنها بس قولي بتدور عليها ليه يعني؟
_مش أنا إللي بدور عليها ده العقيد أحمد ومش هقدر أقولك ليه بقى؟ لأن أنا نفسي معرفش !
_طيب يا حسام لو لقيت حاجه هبقي أقولك !!
أغلق معه ولا يعلم لما لم يخبره أنه يعلم مكانها شيء ما منعه من ذلك ثم أخذ يحدث نفسه باستغراب:
$طب والعقيد أحمد بيسأل عليكِ ليه يا سمر ؟
عودة إلى الواقع
_ وأنا عايزة أقابله !!
رمقها سيف بتهكم:
_هتقابليه إزاي بس؟
تحدثت سمر ببرود :
_زي الناس يا سيف !
_ يا برودك يابت !
_ بقولك إيه هقابله يعني هقابله والنقاش في الموضوع ده انتهى على كده !!
حدق سيف بعينيها بضيق :
_ سمر أنتِ كده بتلعبي بالنار سمعاني أيوة أنتِ معايا طول الوقت وايديك مش ملوثه بالدم ..بس الحكومة متعرفش ده ومدام اسمك وصلهم الله اعلم بقى باللي هيحصل أنا مرضتش أقوله على مكانك !
_ مش مهم يا سيف أنا عايزة أخلص بعدين أنا آه عشت معاهم 6 سنيين بس لا قتـ ـلت حد ..وبعدين كنت بساعدك صح وإنت مش هتتخلى عني !
ابتسم سيف بسنة صغيرة وقال :
_لأ طبعًا مستحيل أنتِ هتطلعي من هنا كما ولدتك أمك نقية زي ما انتِ ده كفاية إنك عشتي معاهم بس مبقتيش زيهم ده غير إنك مكشفتنيش وطول الوقت بتنفذي تعليماتي وده هيدعمك أوي لما نقبض عليهم واحيطك علما انا حكيت لرئيسي عنك وإن شاء الله خير!
_ عارفه يا سيف كل ده وإنت بردو طول الوقت بتساعدني وعلى طول جنبي وكمان خلتني أكمل تعليمي وكنت بتغطي على غيابي لحد ما اتخرجت وبقت محامية ، والاوباش دول ..نهايتهم قربت بس بردو هقابل العقيد ده !
قالتها وهي تعقد ساعديها أمام صدرها بضحك ، تمتم سيف بسخرية :
_طيب منا عارفك دماغك صـرمة قديمه وعنيدة .
قالت سمر باستفزاز:
_ عارفه انا ديمقراطية أوي ومع ذلك رأيي أنا إللي بيمشي !
طالعها سيف بسخرية:
_طب يالا يا ديمقراطيه نروح نشوف شغلنا ده زمان سي مروان هيتجنن عليكي ده إللي حايشه عنك البوص .
_خليه يتجنن !
_ طيب أنا كده هتصل علي حسام وأقوله .
أومأت سمر بهدوء:
_ تمام كده !
_ طيب يالا بينا إسبقيني أنتِ وأنا هكلم حسام .
صمت قليلًا ثم أردف بسخرية :
_ مروان هيولع روحي طفي نار قلبه وحني عليه
أردفت سمر بحدة وهي توليه ظهرها:
_اخرس يا حـيوان !
_________________________
طوال الطريق بعد تلك المحادثة التي جرت بينهما التزم كلا منهما الصمت ، حتى أوقف مراد سيارته أمام إحدى الحدائق العامة
_ وقفت ليه ؟
نظر لها مراد بهدوء:
_انزلي وهتعرفي !
أنهى حديثه وهو يترجل من سيارته ثم اتجه ناحيتها وقام بفتح الباب وساعدها على النزول
_ لميس !
قالتها جنار بتوتر ، فالتفتت لميس ناحيتها باستغراب ، تقدمت جنار بضع خطوات واقتربت منها وهتفت بقلق :
_ إيه ده رجلك لسه بتوجعك؟
ضحك مراد بشدة :
_التانيه حفيدتك دي كوارث !
ابتسمت جنار بشرود وهي ترى مراد يضحك مضى زمن طويل لم ترى فيه ضحكته تلك أو بالأحرى لم ترها بحياتها
مالت لميس عليه تهمس بغيظ :
_على فكرة مش بضحك !
همس مراد هو الآخر بضحك :
_ ماتيلدا كانت بتقول إن دمي خفيف هي والدكتورة هازان !
لوت لميس شفتيها بغيظ:
_نينينينيني هازان قال !
كانت جنار تراقبهم بسعادة وهم يتناقرون هكذا وكأنهم عشاق ، آه من الزمن لو التقيا في ظروف أفضل من هذه ، ولكن لله حكمة من ذلك ولا أحد يعلم ماذا يحصل غدا سوى الله .
قطعت مناقرتهم تلك وهي تقترب من حفيدتها ثم قالت:
_ إيه يا لميس تيته موحشتكيش ؟
اندفعت لميس بدموع صوبها وهي تحتضنها :
_وحشتيني أوي !
لم يخفى على جنار دموعها تلك أو نبرة صوتها المتعبه والتي يُغلفها الحزن ، وعلمت أن للأمر علاقة بمراد فقالت :
_مراد هتلنا بوظه أنا شوفت واحد بيعملها هنا !!
_ بتزوغيني يعني !
قالت جنار ضاحكة :
_ نبيه طول عمرك ، روح بقى عايزة حفيدتي في كلمتين !
أومأ مراد وتركهم مع بعضهم ، جلست جنار و لميس بين أحضانها ، وقبل أن تنطق لميس بحرف باغتتها جنار وهي تلقي بسؤالها بينما تربت على ظهرها بحنان:
_ بتحبيه صح؟
رفعت لميس رأسها ونظرت إليها بتوتر شديد وغزت الحمرة وجنتيها وتلعثمت شفاهها وحاولت النطق فخرج صوتها بصعوبه :
_ هــو مــين؟
أمسكت جنار بوجهها بحنان ثم قالت :
_حبيبتي مفيش داعي تخبي عني أنا بفهمك على طول ، وأول ماشوفتك شوفت وحسيت بوجع ده .
وأشارت على قلب لميس ، فارتمت لميس بين أحضان جدتها وقالت بدموع :
_هايفيد بإيه ؟ الحب لوحده مش كفايه ، مراد لسه عايش في الكوابيس يا تيته ، عارفه لما بينطق اسمي بحس إنه بيدور فيا على أخته ، مراد مش شايفني أصلا.
صمتت وهي تبكي ولم تعد قادرة على الحديث أكثر ،
ربتت جنار على ظهرها وهمست لها قائلة:
_ غلطانه هو بيحبك والله حتى لو مقالهاش يا لميس ، وموضوع أخته هو مستحيل ينساه ولا الحادثة نفسها تتنسي مراد محتاجك معاه أكتر من أي وقت تاني ، مراد ضعيف عايزك معاه وأنتِ هتنسيه أيوة صعب ومش هقولك إن علاقتكم دي سهلة لأ يا قلبي صعبه و صعبه أوي كمان بس مش مستحيلة .
أمسكت بوجهها بين يديها وتابعت حديثها ببسمة صغيرة:
_ ومدام بتحبيه تتمسكِ بيه أوعي تتخلي عنه وربك قادر على كل شيء ماتستبعديش يكون هو كمان متمسك بيكِ ، وعلى حتت مش شايفك دي لأ غلطانه موضوع إنه يدور فيكِ على أخته ده كان زمان تعرفي إن مراد متعلق بيكِ زيك بالظبط وكان دايما يسأل العم أحمد عنك ده قبل ما يعرف الحقيقه يعني بس مع ذلك هو بيحبك والله وعلى حكايته إنه ضعف في مرة وكان هيـقــ ـلك ، هو ميقدرش يعملها أبدا .
ابتسمت لميس بسخرية رغمًا عنها رأت جدتها ابتسامتها تلك فقالت وهي تتابع التربيت على كتفها :
_ على فكره مراد قناص ماهر وبيعرف يصيب هدفه ولو على بُعد منه فكري بعقلك وشوفي هو شايفك أنتِ ولا أخته وخلي ده .
ثم أشارت على قلبها وتابعت :
_هو إللي يحكم !
شردت لميس بحديث جدتها ، وأخذت تتذكر عندما احتضنها بقوة ، عندما افاقته من كابوسه في ذلك المنزل الذي اختطفها فيه وعندما ذكر إسمها كان يعنيها هي بقوله "لميس متسبنيش أنا تعبان" إلى غير ذلك و مواقفهما في الباخرة أيضًا .
كان بين ذراعيها يعلم من تكون ، لم يكن يعي أخته ، وتذكرت عندما أخذ يرتجف وهو يخبرها برغبته في النسيان ، وبألا تتخلى عنه وتمسكه بثيابها بقوة وعندما جلسا بهدوء هو يقرأ القرآن وهي تستمع له ، وأيضًا عند صلاتهم معا ، وعند خوفها بأول ليلة لها في الباخرة ، لم يتركها وجلس يقرأ لها القرآن حتى غفت .
ومواقف كثيرة خوفه عليها في أغلب الأوقات وقلقه عندما تشعر بالدوار وأيضًا حمله لها بسببٍ وبدون سبب حتى لا تتعب أو تقع على الأرض ، وحمايته لها بكل قوته عندما كانا في ذاك الصندوق ، حسمت أمرها لن تتخلى عنه ستكون معه حتى يتجاوز كل ذلك ، لن تترك يده ، ومض على عقلها عبارة ظلت محفورة بعقلها "نار انتقامه قويه ولكن نيران حبي له لن تُـهزم بسهوله "
ابتسمت جنار وهي تقول :
_مراد جه أهو امسحي دموعك دي وربنا يقدم إللي فيه الخير !
مد مراد يديه بالايس كريم لهما وهو يردف بهدوء:
_اتفضلوا البوظه أهي !
طالعته جنار بابتسامة وهي تأخذ الآيس كريم منه :
_احكيلي بقى عملتوا إيه في البحر ؟
جلس مراد بهدوء بجوارهم :
_ولا أي حاجه كل شوية تدوخ وأنا اشيلها ، تقوليش أنا الشيال بتاع الست لميس !
ضحكت جنار بخفوت ثم قالت :
_ هي لميس من صغرها مبتحبش البحر !
أخذ مراد يتحدث مع جنار في عدة أمور ، بينما لميس كانت شاردة بأمره ، هل تتمسك به كما يحثها قلبها وجدتها ، هي أيضًا تشعر أنه يكن لها مشاعر حتى لو لم يعترف لها ، ولكنها تتذكر عندما كانت غائبه عن الوعي في المياة برفقته أنها سمعته بقلبها وهو يعترف لها، أم أنها كانت تتخيل ، لا تعرف .
ابتسمت بهدوء ثم بدأت تشاركهم في بعض الأمور ، وبعد مرور بعض الوقت استأذنت جنار ولكن قبل أن ترحل حدثت مراد على انفراد وأخبرته بأن موعد العملية الكبرى للمافيا آخر هذا الشهر .
_ عارف رامي بلغني ! أمجد اخوها أخباره إيه؟
غمغمت جنار بحزن :
_اهو داير بيفتش على الحقيقه أما المخفي لسه مرمي في المستشفى !
________________________
كان يسير بسيارته بشرود وهو يتذكر حديث ذاك الرجل وعقله لا يستوعب ما عرفه .
_أنا مش قادر أصدق مش ممكن !
شرد عقله وهو يسترجع تلك المحادثة
عودة إلى الوراء
بعد أن تركته والدته وغادرت ظل جالسًا في مكانه وهو يضع يديه على رأسه ، لم يعد يفهم أي شيء
آفاقه من شروده أحدهم وهو يجلس على المقعد المقابل له ، رفع أمجد رأسه ونظر إليه باستغراب فتحدث الآخر معرفًا عن نفسه:
_ فاكرني ولا ؟
أومأ أمجد بهدوء:
_ عارفك طبعًا !.
_أنا عارف إن جواك مئات التساؤلات والملاك بتاعك كلامه ماقنعكش صح ؟
قال أمجد بدفاع:
_هو بس مجهد وتعبان ..بس انا أصلا مش مصدق إن أختي حصلها حاجه !
_ لا صدق ..ووالدك هو السبب ..وتعرف أنا ممكن ببساطة أثبتلك صدق كلامي بس ..
نظر له أمجد بتوتر:
_بس إيه لو عندك حاجه قول ؟
_شوف الدليل إللي معايا حساس أوي بس أنا هحطك على أول الطريق ، ماتثقش في أبوك أوي ..عارف كلامي صعب عليك ..بس هي دي الحقيقه أبوك عميل قديم للمافيا !
تمتم أمجد بضيق وهو ينهض يحمل هاتفه ومحفظته :
_أنا سمعت بما فيه الكفاية عن إذنك عندك دليل توريهوني مش هتقعد تقولي ألغاز بعد إذنك!
_ بكره تعرف الحقيقه وتندم لأنك كنت في يوم في صفه هو ضد أمك واختك !
عودة إلى الواقع
زفر بضيق وهو يضرب على المقود بغضب شديد ثم أغمض عينيه بقوة وسرعان ما فتحها مرة أخرى ، عندما استمع لصوت نغمة رسائله الخاصه ، أوقف سيارته وأمسك هاتفه ونظر إلى الرسالة باستغراب وقرأ محتواها.
_ إيه ده ؟
__________________________
كانت مستلقية على الفراش بتعب وهي تغمض عينيها منذ أن أتوا ، أصر على أن ترى قدمها طبيبة لكي تطمأنهم أكثر ، وفجأة دلف مراد إليها وهو يحمل علبة عصير وبعض الطعام واستأذنت الممرضة بعد أن عقمت جرح قدمها ولفته بشاش طبي وتركت لهما المكان أما الطبيبة فقالت لهم بأنه لا داعي للخياطة فالجرح ليس كبيرًا وغادرت هي الأخرى.
فتحت لميس عينيها وحاولت الاعتدال في جلستها فاقترب مراد منها ووضع وسادة خلف ظهرها وساعدها على أن تجلس نصف جلسه ، فسمعها تتمتم بإنزعاج واضح :
_ مفيش في تركيا كلها غير الدكتورة هازان يعني !
اعتدل مراد ونظر لها بتعجب بعد أن انتهى من وضع الوسادة خلفها :
_مش عارف مش بطقيها ليه يعني؟ دي دكتورة دمها خفيف ولما شافتني جايبك حبّت تيجي تطمن مفهاش حاجه !
أنهى حديثه وهو يبتسم بظفر يعلم أنها ستنفجر بعد كلامه هذا ، وهذا ما حدث :
_طبعا مهي عجباك أوي وإيه .
صمتت قليلًا وهي تقلده بسخرية :
_دمها خفيف مش كده ...!!
قال مراد وهو يدعي البراءة :
_ شهادة حق هي دكتورة ..
_ مراد !
قالتها لميس بحدة ثم أمسكت به من ياقة قميصه وتمتمت بلكنة جديدة على مراد وما زاد دهشته أكثر هو إضافتها لياء الملكية في نهاية حديثها
_ إنت صديقي أنا وبس مينفعش يكون ليك أصدقاء بنات فاهم معنديش أنا الكلام الفاضي ده إنت ليا وبس !
صمتت وهي تلتقط أنفاسها وبكت ، اللعنة على تلك المشاعر والهرمونات ، يا الله ساعدني ، وضعت يدها على وجهها وأخذت تشهق بقوة ، لأنها للمرة التي لا تدري عددها أظهرت مشاعرها أمامه بدون مواربة ، و رغم أن مراد وصل إلى غايته وهو أن يخرجها من برودها الغير مُحبب بالنسبة له .
وها هو جعلها تنفجر مرة أخرى ، وكم ألمه قلبه عليها فهو يدري صراعها مع نفسها هو الآخر يعايش ذات الصراع ، فاقترب منها وحاوطها بذراعيه وعانقها بهدوء ، تحركت في البداية بهيسترية ، ثم استكانت فهمس مراد بحنان :
_خلاص أهدي أنا آسف أنا بهزر والله معاكِ أنا مش بصاحب بنات معرفتي بيهم سطحيه حتى ماتيلدا مجرد تعارف من بعيد لبعيد ..!
تحدثت لميس بدموع في صدره :
_ مراد إبعد عني وجودك جنبي نار ..نار بتحرقـني أنا قلبي واجعني مش قادرة ..قربك مني بيخليني اتعلق بيك أكتر .
همس مراد بحب وهو يزيد من ضمها له:
_ بس أنا مش عايز أبعد .
صمت قليلاً ثم تابع بحزن :
_ مش بإيدي ..بس مش قادر ..مش قادر أقول إللي في قلبي ليكِ ..حاسس بالعجز ..بس إللي مش هقدر أعمله هو إني أسيبك لأ !
غمغمت لميس بدموع :
_ كفاية مش قادره !
أخرجها مراد من حضنه وأمسك بوجهها بحنان وهو يقول بصوت هادئ :
_أنا هحاول يا لميس بس أنتِ إللي بتتهربي مني ، من وقت ما كنا في البحر مبصتيش لعيني ، ده مش ذنبك ، أنا لو هدي لينا فرصة ، بس حاسس إنك يأستي معقول ، هتبعدي مش عايز أحاول وأنا حاسس إنك أنتِ مش عايزه و..
قاطعته لميس بدموع :
_أنا لو عليا مش عاوزه أبعد عنك خالص .. أنا سبق و قولتلك إنك حلم بالنسبة ليا .. أنا خايفه أظلمك معايا .. إنت من حقك ..تشوف حياتك مع ...
_متكمليش حياتي معاكِ أنتِ !
وهي تنظر له قالت برجاءٍ:
_هتقدر يا مراد ؟
_مش هوعدك إن الحياة هتكون وردي معايا ، بس هحاول مادام أنتِ معايا بس عندي شرط
إزدرقت ريقها بتوتر وابتعدت عنه .
___________________
في نفس الوقت ولكن بمكان آخر
كان يحدق في الصورة أمامه ثم ألقى هاتفه بغضب نحو الجدار فتحطم بقوة ،وأخذ يصيح بحدة وهو ينظر لرجاله ثم قال بنبرة صوت غليظة:
_ نهايتك على إيدي يا عز الكـلـ.....
عودة إلى مراد ولميس
تمتمت لميس بتوتر وهي تقول بإرتباك:
_ شرط شرط إيه؟
_ تتبري من والدك وعيلتك كلها !
فتحت لميس عينيها بدموع وصدمة :
_ إيه؟
•تابع الفصل التالي "رواية حب بين نارين" اضغط على اسم الرواية