رواية وانقطعت الخيوط كاملة بقلم ميمي عوالي عبر مدونة دليل الروايات
رواية وانقطعت الخيوط الفصل التاسع 9
فى الطائرة المتجهة الى تركيا .. كانت تجلس رهف الى جوار مراد و هى كالموتى ، فكانت يداها باردة كالثلج تتشبث بحواف مقعدها و عيونها ذائغة فى كل اتجاه لا تستقر على شئ لاكثر من لحظة و هى تجاهد لرسم ابتسامة على شفتيها التى لولا طلاء الشفاة لاجزمت انها باهتة بهوت اشجار الخريف
و كانت المضيفات يرحبن بها و بمراد مع ترديد عبارات المباركة و التهنئة التى اشترك فيها الكثير من الركاب ، و كان مراد يرد عليهم بايماءات من رأسه يصاحبها ابتسامة دبلوماسية كامتنان للجميع
و ما ان استقر مراد بمقعده و التفت اليها ليشعر على الفور بما تعانيه فقال لها بخفوت : ايه يا رهف .. انتى خايفة من الطيارة و اللا ايه
لتهرب عبرة خائنة من مقلتيها عندما احنت راسها و هى تحاول مداراة رعبها الساكن بجوانبها ، فقال مرة اخرى : انا عارف انك ماركبتيش طيارات قبل كده .. بس مش لدرجة الرعب ده .. ماتخافيش كده
رهف و عى تحاول السيطرة على نبرات صوتها المتهدجة : مش الطيارة بس اللى مخوفانى
مراد بفضول : ايه تانى مخوفك اومال
رهف بيأس : مش هتفهمنى
مراد : طب ما تحاولى تتكلمى .. مش يمكن افهمك
رهف و هى تمسح على وجهها : طول عمرى كنت لوحدى ، و خدت على كده .. بس على الاقل كنت ببقى عارفة ان دادة زينب و امينة حواليا .. لكن دلوقتى …..
مراد : دلوقتى حاسة بالوحدة اكتر من غيرهم .. هو ده اللى تقصديه
رهف بتردد : مش بالظبط
مراد : طب ايه
رهف بخفوت : حاسة انى عاملة زى اللى مابيعرفش يعوم و رموه فى البحر مرة واحدة و سأبوه و قالوا له عوم لوحدك
ليصمت مراد لبرهة و هو يفكر فى معنى حديثها ثم قال : و يا ترى تقصدى ايه بالبحر بالظبط .. السفر و اللا الطيارة … و اللا جوازنا
رهف و هى تختلس النظرات الى رد فعله : كله
مراد : انتى حاسة انك لسه مش مستعدة لجوازنا .. كنتى حابة ننتظر شوية كمان
رهف بتنهيدة حارة و هى تتذكر كلمات هدى لها وقت الوداع : انا بس مش فاهمة
مراد : و ايه اللى مش فاهماه
رهف : مش فاهمة يا مراد .. و مش عارفة اذا كان جوازنا ده بالنسبة لك عن قناعة خاصة و اللا مجرد ارضاء لبابا
مراد و قد وجدها فرصة جيدة لخوض حديث تمنى حدوثه : طب ما تيجى نجيبها من الاول يا رهف
رهف باستغراب : هى ايه دى اللى نجيبها من الاول
مراد : من فترة كده دار ما بيننا حوار كان معناه انك يمكن تكونى مش موافقة على جوازنا من البداية
رهف بحمحمة : لاأاا .. مش ده اللى كنت اقصده
مراد : اومال كنتى تقصدى ايه
رهف : اقصد انك ما اهتمتش تعرف رأيى .. و خصوصا ان بابا هو اللى …
و عندما صمتت قال لها مراد بالحاح : بابا هو اللى ايه .. كملى
لتنظر له رهف بحزن و تقول : بابا هو اللى طلب منك تتجوزنى
ليصمت مراد و هو يتنقل بين عينيها و الذى لاول مرة يشعر بألم ساكن بداخلها و قال : انتى تقصدى انى ممكن اكون مجبر على جوازنا
رهف و هى تنظر بعيدا : ايه … مش هى دى الحقيقة
مراد : طب و انتى ايه اللى خلى الفكرة دى جت فى دماغك
رهف : تقصد ايه اللى اكدهالى
مراد بذهول : و كمان اكدهالك … طب فهمينى
رهف : افهمك ايه .. افهمك اننا مكتوب كتابنا من اكتر من سنتين ، و انك طول ما انت موجود و فى نفس البيت و احنا تقريبا مافيش حوار بيننا
افهمك انك تقريبا ما كنتش تعرف رسالة الدكتوراة بتاعتى عن ايه لحد ما انا اتكلمت عنها فى العزومة بتاعة العشا اللى بابا بلغنا يومها بجوازه من تالا
اقول لك ايه و اللا ايه ، اقول لك انى لسه مجروحة منك من وقت ما اعتقدت انى بكذب عليك فى موضوع الاتيلية
مراد بدفاع : انا ما كذبتكيش
رهف بحزن: و ماصدقتنيش يا مراد غير لما سألت هدى و عرفت منها
مراد : مش دى الحكاية ابدا ، الحكاية ان الموضوع بالنسبة لى كان زى الصدمة .. الحقيقة انتى فاجأتينى بحاجة كانت مستبعدة جدا بالنسبة لى
رهف بفضول : و ليه بقى مستبعدة و جدا كمان
مراد بابتسامة : اولا لانى ماكنتش اعرف انك شاطرة اوى كده فى الحكاية دى
رهف بخجل : و عرفت منين بقى انى شاطرة و اوى كمان
مراد : من رأى كل الستات اللى شافوا شغلك ، او اتعاملوا معاه .. حتى تالا كنت شايف انبهارها بالفساتين بتاعتك اللى عرفت بعد كده انها من تصميمك
رهف : طب و ثانيا
مراد بجدية : ثانيا … انى ما توقعتش ابدا انك ممكن تقدرى تخطى خطوة زى دى من ورا عمى
رهف بخفوت : بالمناسبة .. يمكن ماجتش فرصة مناسبة انى اشكرك كفاية على وقوفك جنبى قدام بابا فى موضوع الاتيلية .. الحقيقة موقفك وقتها فاجئنى
مراد : ما هو اكيد ماكانش ينفع انى اسيبك تتعرضى للهجوم ده كله فى وجودى و اقف اتفرج عليكى
بس خلينا نرجع لحكاية انى متجوزك مجبر دى ، مش معنى ابدا كل الكلام اللى قلتيه ده انى مجبر على جوازنا يا رهف
لتنظر له رهف بعدم اقتناع فيكمل قائلا : انا راجل عملى يا رهف ، و ده شئ لازم تعرفيه و تتعودى عليه .. شغلى مهم جدا عندى و عشان كده بيبقى مستحوذ على كل اهتمامى .. و ده لانى ما كانش عندى حاجة غيره اهتم بيها
حتة انى ماكنتش اعرف موضوع رسالتك بالتفصيل .. فيمكن يكون كلامك فيه شئ من الحقيقة .. بس ده مش عدم اهتمام اد ماهو عدم فهم ، انا ما بفهمش فى القانون ، و عشان كده كنت بسمع و بس و مش هدافع عن نفسى و اقول لك انى صح .. ابدا ، انا بس بقوللك القصة و ما فيها
و لازم تفهمى حاجة مهمة جدا … من قبل ما عمى يتكلم فى موضوع جوازنا ، و انا كنت واخد جوازى منك شئ مفروغ منه و مسلم بيه
رهف بدهشة : ازاى بقى .. و مين اللى قال
مراد : العادات .. و التقاليد بتاعتنا … انتى فكرك لو كان ليكى اخ ، و اللا كان لينا ولاد عمام تانيبن .. كانت هدى اتجوزت من برة العيلة.. طبعا لا
رهف ببعض الحزن : يعنى لو مش اجبار من بابا ، فاجبار من العادات و التقاليد
مراد باستياء : و ليه واخداها انها اجبار انا مش فاهم
رهف بسخرية : اومال اخودها ازاى
مراد : خديها ببساطة ، و احسبيها من زاوية تانية
رهف : زاوية ايه بقى دى
مراد : ان عمى هو اللى مربينى من بعد بابا الله يرحمه و بقى فى مكان والدى ، و لما آن الاوان انى اتجوز وافتح بيت .. حب انه يرشحلى عروسة اللى هو انتى ، و انا وافقت و اتجوزنا
رهف بسخرية : يااااسلاام
مراد : انا شايف ان الموضوع عادى جدا الا إذا… كنتى انتى اللى رافضة جوازك منى او ما زلتى
رهف بلهفة : لأ
مراد بابتسامة : اومال لازمتها ايه بقى كل اللفة دى
رهف بخجل : يمكن لانى ماعرفكش يا مراد .. بعد العمر و السنين دى كلها حاسة انى ماعرفكش
مراد بابتسامة : يا ستى بكرة تعرفينى
رهف بامتعاض: و هعرفك ازاى بقى و انت الشغل هو محور حياتك كلها
مراد : ماقلنا ده لانى ما كانش عندى غيره يشغلنى .. لكن اعتقد دلوقتى الوضع اتغير
رهف بخجل : و اتغير ازاى بقى
مراد ضاحكا : لا خلى ازاى دى بقى تبقى بالتجربة ، و انتى بنفسك اللى هتحكمى على التغيير ده
لتومئ رهف برأسها بهدوء لتجد مراد يمد يده ليمسك كفها قائلا : لسه خايفة من الطيارة
لتنظر رهف باتجاه زجاج النافذة لتكتشف انها بين السحاب و ان حديثها مع مراد جعلها تغافلت عن شعور الخوف الذى كان يملأ جنباتها فقالت بابتسامة رضا : لأ .. خلاص الحمدلله عدت
……………………….
فى فيلا سليمان بالقاهرة كان يجلس مدكور بابهى طلة لرجل فى عمره ، فكان يجلس بخيلاء بجوار سليمان و بصحبتهم تالا و هى ترتدى ثوب العرس الذى قد صمم مدكور على ان ينتقيه بنفسه ليضمن حشمته و وقاره
كان القاضى الشرعى يقوم بانهاء اوراق عقد القران بعد ان انتهى من عقده فى حضور هدى و زوجها احمد الذى كان شاهدا على عقد القران مع المحامى الخاص بسليمان و عدد محدود جدا لا يتعدى العشرة اشخاص من اصدقاء تالا و اسرة سليمان
و بعد ان انتهى القاضى الشرعى من اجراءاته قام بلملمة دفاتره و هنأ العروسين و غادرهم ليقول سليمان بمرح : ياللا يا عريس .. لبس عروستك شبكتها
لتتقدم هدى من عمها لتناوله صندوقا من القطيفة الفاخرة و هى تقبل رأسه و تقول بدبلوماسية : اتفضل يا عمى .. ألف مبروك
ليلتقط مدكور الصندوق و يقوم بفتحه ليظهر طاقما من الالماس الخالص الذى ينطق بالبذخ الشديد و الذى سرق انظار الجميع و بمقدمتهم تالا و التى كانت متشوقة لرؤية هدية الزفاف التى وعدها بها مدكور حين قال لها بعد زفاف رهف : شبكتك دى المفروض انها هديتى ليكى ، و دى اول هدية منى ليكى و انتى على ذمتى .. يعنى لازم تكون تليق بينا احنا الاتنين
ليلتقط مدكور الخاتم الذى كان يقدر بعدد ليس بالقليل من قراريط الالماس و مد يده ليلتقط كف تالا التى تراقب الحاتم بانبهار و البسها اياه و هو يقول : اتمنى يكون ذوقى عجبك
تالا و هى تعبر عن انبهارها : الا عجبنى .. ده يجنن يا حبيبى .. ذوقك تحفة .. ميرسى
سليمان : الف مبروك يا عرسان .. مبروك يا بيبى
تالا : الله يبارك فيك يا دادى
مدكور بمرح : عقبالك يا سليمان
سليمان ضاحكا : ايدى على كتفك .. الاقى بس عروسة حلوة كده و تحبنى زيكم كده
و كان هناك مصورا صحفيا عمله الاوحد التقاط الصور لتالا و مدكور و بعض اللقطات لعقد القران و التى اتفقت معه تالا على كيفية توظيف تلك اللقطات فيما بعد
و بعد القليل من الوقت نهض مدكور قائلا : ياللا بينا
سليمان : هتمشوا من دلوقتى .. لسه بدرى على معاد الطيارة
مدكور : يادوب على مانغير هدومنا
تالا : انا بعتت شنطى كلها مع السواق اللى بعتهولى الصبح
مدكور : و وصلوا من وقتها .. ياللا بينا
………………..
امام عمارة أنيقة بحى الزمالك على النيل مباشرة .. توقفت سيارة مدكور ليهبط منها وسط استغراب تالا التى قالت بفضول : انت وقفت هنا ليه
مدكور : وصلنا
تالا و هى تتلفت حولها بدهشة : وصلنا فين .. مش الفيلا بتاعتك فى …
مدكور مقاطعا : الفيلا دى بتاعة رهف و مراد ، انما احنا هنعيش هنا فى شقتى
رهف بذهول : انت اول مرة تجيبلى سيرة الكلام ده
ليترجل مدكور من السيارة و يتجه الى الباب الخاص بها ليفتحه و يمد يده إليها ليساعدها على الهبوط من السيارة و الصعود الى شقتهم و هو يقول : اوعى تفكرى ان عشان مراد يبقى ابن اخويا و جوز بنتى كمان .. انى ممكن اسمح انكم تعيشوا مع بعض تحت سقف واحد
ثم انا عاوزك تبقى فى بيتك براحتك و بكامل حريتك ، ماينفعش حد يشاركك فى مملكتك دى .. و اللا ايه ، وكمان انا مش حابب ان يبقى فى بيننا عزول .. مش بذمتك عندى حق
تالا بتردد : ااايوة طبعا
و ما ان وصلا الى شقتهما حتى وجدتها جميعا مضاءة بانوار خافتة و مزينة بالورود و الشموع ، و وجدت مدكور قد اعد لها مأدبة عشاء فاخرة فقالت باستغراب : انت مش قلت هنغير هدومنا و نطلع على المطار على طول
مدكور : الكلام ده كان عشان الناس و الاعلام و بس
تالا : طب اومال ايه
مدكور بخبث : احنا هنقضى الليلة هنا فى بيتنا .. انا و انتى و بس ، و بكرة بالليل ان شاء الله نطير على شهر العسل
تالا بلجلجة : طب و ليه ماقلتش لدادى على الاقل يتطمن علينا
مدكور ضاحكا : انسى دادى بقى .. احنا مش قلنا لازم نعرف الفرق بين قبل و بعد .. ياللا يا حبيبتى .. تعالى اوصلك اوضة النوم و اوريكى الحاجات اللى مجهزهالك عشان تغيرى هدومك ، و اااه .. اعملى حسابك ان تليفوناتنا هتتقفل لحد ما نرجع القاهرة
تالا : طب كده الناس هتقلق علينا
مدكور : لا ماتقلقيش .. انا بلغت كل الناس فماحدش هيقلق علينا
…………………
بعد مرور شهر و فى فيلا رهف فى القاهرة
كان موعد عودة رهف و مراد من تركيا .. و كان فى استقبالهم هدى و تميمة و زينب و امينة ، و ما ان دلفا الى الداخل ، حتى هرعت رهف الى احضان زينب و هى قائلة باشتياق : وحشتينى اوى يا دادة
زينب بحب : انتى اكتر يا قلب دادة ، و لو ماكنتيش وحشتينى بالشكل ده ماكنتش طاوعتك ابدا و جيت لحد هنا النهاردة
مراد ضاحكا و هو يحتضن هدى و تميمة : و الله الواحد حاسس انه مسافر بقاله كتير اوى
هدى بمرح : ليه يا عم مراد كنت حاسس بالغربة و اللا ايه
مراد : لا وانتي الصادقة .. اخدت على الكسل ، مش عارف ازاى هبقى مطالب انى اصحى بدرى و انزل شغلى من تانى
رهف و هى تحتضن امينة بسعادة : جايبالك معايا اخبار تجنن بخصوص الشغل
امينة : ده انتى اللى تستعدى عشان تسمعى الاخبار اللى هنا
زينب : مش هنبتديها شغل.. ياللا اطلعوا غيروا هدومكم و انزلوا عشان نتغدا سوا .. زمان مدكور بية على وصول
رهف : هو بابا وصل
هدى : كلمنا الصبح و قال انه هييجى يتغدا معانا
رهف بحنين : وحشنى اوى
زينب : و اكيد انتى كمان وحشتيه .. ياللا اطلعوا اعملوا زى ما قلتلكم
وبعد صعود مراد و رهف الى غرفتهما .. يلاحظ مراد ان رهف يعتليها الشرود فجذبها تحت جناحه قائلا: سرحانة فى ايه
رهف : مش عارفة يا مراد ، دى هتبقى اول مرة اتعامل فيها مع رهف و هى مراة بابا .. حاسة انى مش على راحتى
مراد : لازم تبقى على راحتك .. و لازم تفتكرى ان انتى هنا فى بيتك و هم جايبن ضيوف عليكى
رهف بذهول : بابا هيبقى ضيف على بيته
مراد بتوضيح : مراته هتبقى ضيفة عليكى ، ثم انا فهمتك ان عمى اخد شقة لوحده عشان يبقى هو براحته و احنا براحتنا
رهف بتنهيدة : عمرى ما اتخيلت انه ممكن يبعد عنى
مراد : طب ماهو كان بينزل القاهرة و يسيبك
رهف : كنت ببقى عارفة انه يومين و اللا تلاتة و راجع ، لكن بالوضع ده …
مراد : بالوضع ده ايه بس يا رهف ، دا احنا مع بعض فى القاهرة ، و المسافة يعنى مش كبيرة للدرجة دى ما بيننا و بينه
لتصمت رهف على مضص ، ليلاحظ مراد امتعاضها فيكمل حديثه قائلا : حاولى تاخدى الموضوع ببساطة اكتر من كده
رهف : مش قادرة اتصورها مكان امى يا مراد ، مش قادرة اتخيل حتى انها ممكن تدخل اوضتها
ليديرها مراد لتقف بين يديه ليقول لها بجدية: اوعى تفكرى ان عمى ماعملش حساب النقطة دى ، اومال انتى متخيلة سكن بيها بعيد ليه ، ماهو عشان كده ، عمى كان حريص لاقصى درجة انه يحافظ على مشاعرك و على ذكرى مامتك الله يرحمها فى نفس الوقت
رهف : الاختيارين احلى مافيهم مر يا مراد .. يمكن ماتصدقش لما اقول لك ان بعد بابا عنى هياثر فيا اوى ، كلكم معتقدين ان عشان كان دايما بيتعامل معايا بجد زيادة عن اللزوم ان بعده مش فارق معايا .. لكن بالعكس .. انا رغم كل شئ الا انى كنت دايما ببقى متطمنة و انا شايفاه قدامى
مراد بامتعاض : و انتى مش متطمنة بوجودى معاكى
رهف : اقصد انى كنت ببقى متطمنه عليه يا مراد .. ماتنساش انى ماليش غيره فى الدنيا دى
مراد بعبوس : اومال انا ابقى ايه بقى
رهف بابتسامة : انت جوزى .. لكن هو ابويا ، يعنى ما ينفعش اقارنكم ببعض
مراد بتنهيدة : غلبتينى يا ست رهف .. بس انا برضة مش عاوزك تاخدى الموضوع بمأساوية اوى كده ، و ماتحمليش هم ، انا ما اعتقدش ان عمى اصلا يقدر يبعد عنك
بعد مضى فترة من الوقت .. وصل مدكور بصحبة تالا التى تغير مظهرها مئة و ثمانون درجة .. فكانت ترتدى ملابس انيقة محتشمة لم يعتادها عليها احد و كانت شبه متجهمة تتعامل برسمية مع الجميع
و ما ان علمت رهف التى كانت ماتزال بالاعلى ان ابيها قد وصل ، حتى هبطت مسرعة و هى تقول بلهفة : بابا .. حمدالله على السلامة .. وحشتنى
لينهض مدكور من جلسته و هو يفتح لها ذراعيه قائلا بلهفة حقيقية : انتى اللى وحشتينى يا عفريتة .. اول مرة تغيبى عنى المدة دى كلها
ليتبادلا عناقا قويا لم يخلو من دموع رهف التى قبلت ابيها قائلة : ماكنتش فاكرة انى هوحشك كده .. كنت فاكرة انا بس اللى كده
ليضمها مدكور الى جناحه مقبلا رأسها و هو يقول : و مين بقى اللى قال الكلام ده .. ده انتى وحشتينى من قبل حتى ما تسافرى .. تعالى اقعدى جنبى و احكيلى .. انبسطتى فى شهر العسل
كان مراد كان وصل اليهم هو الاخر فقال بترحيب : اهلا اهلا يا عمى حمدالله على السلامة .. و مبروك
ليتبادلا الاحضان فى حين ذهبت رهف الى تالا و قالت : ازيك يا تالا .. حمدالله على السلامة
تالا بعنجهية : ميرسى يا رهف .. و حمدالله على سلامتكم انتم كمان
مراد بدبلوماسية : حمدالله على السلامة يا مدام تالا … و الف مبروك
تالا بابتسامة : الله يسلمك يا مراد .. ميرسى
مدكور و هو يسحب رهف من يدها ليجلسها تحت جناحه : ها .. احكيلى بقى .. انبسطتى
رهف : الحمدلله يا بابا .. انبسطت اوى
مدكور بمرح : و الولد مراد عرف يفسحك كويس
رهف ضاحكة : الحقيقة احنا الاتنين فسحنا بعض كويس جدا
هدى : ازاى بقى احكولنا
مراد و هو يبادلها الضحكات : اكتر من مرة تطلع فى دماغها انها عاوزة تنزل تتمشى ، و كنا فى الاول مش واخدين خوانة طبعا و لسه ماحفظناش الاماكن ، و كنا نفضل من هنا لهنا لحد ما فجأة نلاقى روحنا فى مكان مالوش معالم
مدكور : طب و بعدين
رهف ضاحكة : و لا قبلين .. كنا بنقول يا غربتى ، و نقعد ندور على تاكسى يرجعنا الاوتيل و معظم المرات كنا نكتشف اننا اصلا جنب الاوتيل و مش عارفين
مراد : بس طبعا اتعلمنا بعد كده
مدكور : و عملتوا ايه بقى لما اتعلمتوا
مراد و هو يقبل تميمة الجالسة فوق قدميه : بقينا ناخد خريطة من الاوتيل قبل ما نتحرك
امينة : و عملتى ايه فى الشغل طمنينى
رهف بسعادة : مضينا العقد الحمدلله .. و هنبتدى فى التنفيذ خلال شهر بالكتير
امينة و هى تصفق بمرح : الله عليكى هو ده الكلام
هدى : ده بقى طبعا غير الخبر اللى ليكى عندى
رهف : خبر ايه يا ترى
هدى و هى تصفق بيديها برتم منتظم : لقينا المقر الجديد اللى فى القاهرة و كتبنا العقد اول امبارح و الاجمل انه مش محتاج توضيب خالص ، و جاهز على الفرش و الشغل على طول
امينة بحماس : و اتعاقدنا على المكن كله و هيوصل و هيتركب بكرة ان شاء الله
لتنهض رهف من مكانها لتحتضن هدى و امينة بسعادة قائلة : احلى اخبار من احلى هدى و امينة فى الدنيا كلها
مراد : مبروك يا رهف .. الف مبروك
رهف بسعادة : الله يبارك فيك
مدكور : الف مبروك يا حبيبتى .. تستاهليها
رهف بفرحة شديدة : بجد يا بابا .. حضرتك شايف انى استاهلها
مدكور : طبعا يا حبيبتى .. كفاية انه مجهودك انتى ، حلمتى حلم مشروع و حققتيه برضة بطريقة مشروعة .. فطالما حقك و تعبك يبقى تستاهليه
كانت تالا تراقب حديثهم بخليط من الحقد و السخرية اللذان لم تستطع مداراتهما لتلاحظ هدى ملامحها التى تنم عن كره شديد لما يدور حولها فقالت لها : و انتى يا تالا
تالا بانتباه : انا ايه
هدى : انبسطتى فى شهر العسل
تالا بسخرية : ااه اومال ايه .. انبسطت جدا
تالا : تقصدى مظهر اكبر من سنى
رهف : بالعكس يا تالا .. اى حد يشوفك هيديكى اصغر من سنك ، و بعدين الدريسات دلوقتى بقت لكل الاعمار ، انا حتى انطلب منى انى اصمم مجموعة دريسات للسن اللى تحت العشرين
تالا ببعض الامتعاض : بس برضة .. المفروض اللبس بالذات بيبقى حرية شخصية
رهف بعدم فهم : ااه طبعا .. بس انا مش فاهمة ، مش انتى اللى مختارة الفستان ده عشان تلبسيه
تالا و هى تنظر لمدكور بزاوية عينيها: مش بالظبط
رهف : مش فاهمة
مدكور مقاطعا حديثهم : هو انتو مش ناويبن تأكلونا و اللا ايه .. انا جعت
و اثناء الطعام قالت هدى : انا عاوزة اوجه الدعوة لبعض رجال الاعمال اللى بيشتغلوا فى الازياء فى الحفلة اللى هتتعمل
مدكور : انا قلت لك ان الحفلة مسئوليتك .. شوفى ايه المناسب و اعمليه
تالا ببعض الاعتراض : الحفلة دى اللى المفروض كل الناس المهمين هيحضروها .. يعنى لازم تبقى تحت اشراف ناس متخصصة فى الكلام ده ، و كمان دادى قاللى انه كلم مكتب تنظيم حفلات هم اللى هيتولوا الحكاية دى
مدكور و هو يكمل طعامه : يبقى المكتب ده يتصل بهدى .. لان هى اللى هيبقى معاها كل التفاصيل .. و ماتشغليش انتى بالك بالحكاية دى ، المفروض ان انتى العروسة .. فسيبك من التفاصيل دى و ماتشغليش بالك بيها
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية وانقطعت الخيوط ) اسم الرواية