Ads by Google X

رواية ثري العشق و القسوة الفصل الرابع 4 - بقلم اية العربي

الصفحة الرئيسية

  رواية ثري العشق و القسوة كاملة بقلم اية العربي عبر مدونة دليل الروايات 


رواية ثري العشق و القسوة الفصل الرابع 4

عَالمي غَابةٌ تحكمها الملوكَ وأنا أحدهم

كل الضُعفاء جعلوني قاسِياً ، كل المتوسلون جعلونى شرساً ، كل الراجون جعلوني ملكاً ، هم من بنوا عالمي المظلم ، وأنا من وضعت قوانين اللعبة

صقر الجارحي

❈-❈-❈

المرحلة العمرية الخامسة

قبل عشر سنوات من الوقت الحالي .

في مكانٍ دوماً عُرف بالهدوء التام ، لا يسمع فيه إلاً صوت الطبيعة كبعض الطيور والحشرات وحفيف بعض الأشجار .

في المكان الذي ينام فيه الأشرار والطيبون ، الصالحون والمفسدون ، التائبون والعاصون ، الأغنياء والفقراء لا يفصل بينهما فاصل كما في الحياة ، الكل يرتدي الثوب نفسه ولا فرق بين أسود أو أبيض .

إنها القبور وما أدراك ما القبور وما يحدث فيها ، يظنون أن الموت راحة ولا يعلمون أن الراحة تكمن في رضا الله فقط سواءً كنت حياً أو ميتاً .

يقف هذا الذي أصبح في الخامسة والعشرون من عمره ، يقف أمام قبر والدته الذي زيّن بالزهور الملونة ينظر له بعيون حادة باردة ، نظرة من يراها يظن أن هذا الماثل كان على عداوة مع تلك النائمة تحت التراب ، ولكن الحقيقة عكس ذلك تماماً ، فمن تـ.نام هنا كانت أحب البشر وأقربهم إلى قلبه ، أمه التى كانت هي الجسر الفاصل بينه وبين ما يعيشه الآن ، والدته التي لم يكن يراها سوى ساعةً واحدةً في اليومِ فقط ولكن بالنسبة له كان وقتاً كافياً ليحيا وليتنفس أوكسيجينه النقي ، كانت ساعة واحدة معها تكفي ليعود إنساناً يحمل شظايا ضمير ، ماتت التى كانت تسعى لإصلاحه ليصبح من بعدها منكسر يخفى كَسره بالتجبر والقسوة ، يصبح معتم ظالم تابعٌ لأهواء خاله .

يقف بثبات كأنه تمثالاً وليس بشراً من لحـ.مٍ ودمٍ ، عقله يتساءل ويجيب ويدور دوماً في نفس الدائرة المغلقة ، دعاه أن تحيا ، تمناه أن تبقى ، ترجاه أن تكن معه دوماً ، والآن رحلت وتركته ، إذاً لا نجاة له بعد الآن وأصبحت تلك قناعاته .

تركاه والداه لميشيل يشكله كيفما يريد ، إذا هذا قدره الواقع والمحتوم عليه فليعيشه كما يريد بالطريقة التى سيصنعها لنفسه .

انتشله رنين هاتفه من أفكاره السوداء ومخططاته المظلمة ، ليلتقطه ويجيب بجمود :

– ماذا ؟

تحدث ميشيل بجمود مماثل متسائلاً بعدما فشل أتباعه في تعقبه :

– أين أنت ؟

تحدث بثبات يخفي مكانه ويقضي تماماً على عواطفه :

– قُل ماذا تريد فقط .

تحدث ميشيل بغضب مغلف بالهدوء :

– هناك جديد ، أنتظرك في القصر كي نتحدث .

أغلق صقر ودثر هاتفه في چيب حلّته لينظر مرة أخيرة لقبر والدته التى توفت بعد صراع من المرض منذ ثمانِ سنوات وإلى الآن يأتى في ذكرى وفاتها يقف هنا بصمتٍ تام إلا صوت عقله الذي يعاتبها على تركه وليتها تجيبه وتريحه من هذا الصراع ، ولكن يظل الصمت هو السائد .

تحرك تاركاً هذا المكان الذي دُفن فيه قلبه منذ وفاة والدته ليتجه على الفور إلى سيارته يستقلها ويغادر .

❈-❈-❈

في مدينة بولونيا الإيطالية

داخل شركة spider للإلكترونيات .

يجلس مديرها خلف مكتبه يتحدث مع أحدهم قائلاً بانزعاج :

– كيف حدث ذلك ؟ ، وكيف استطاعوا إختـ.راق حاسوبك ؟ ،، أم أنك أوقفت برنامج الحماية الذي صممته الشركة لك ؟

تحدث الآخر بغضب وتوتر بسبب وصول رجال المافيا إلى حاسوبه وحصولهم على معلومات مؤكد ستودي بحياته ليقول :

– لم أقم بأي شئ ، فقد وثقتُ بك ويبدو أننى أخطأت ، الآن أصبح دليل خيانتي لهم في قبضتهم وحياتى أصبحت على المحك ، قل لي ماذا أفعل الآن ، أنت تعلم إذا حدث ووقعت لن أقع بمفردي .

تحدث خوان مدير الشركة الالكترونية قائلاً بثبات وثقة :

– إهدأ وسنجد حلاً ، الآن دعني أرسل لك مهندس الشركة العام بنفسه ، سيضع لك برنامجاً أقوى لا يمكن إختـ.راقه ثم سنجد أحداً من رجالنا يمكنه التواصل معهم في أمرك والتوسط لك عندهم .

تحدث بغضب ونبرة أكثر حدة وتوبيخ :

– لا ترسل مخنثاً مجدداً ، أنت من أضعتني وسلمت رقبـ.تي لهم ، هل تعتقد أنهم حمقى ليتغاضوا عن ما في حوذتهم ؟ ، أنا سأتولى أمري .

أجابه خوان ببرود وهو يرجع بظـ.هره خلفاً ليستريح بلا مبالاه :

– إهدأ يا رجل فكلانا يعرف أنني لم أفعل ولن أفعل شيئاً يعرضك للخطر ، أنا وأنت في زورق واحد ، ربما الخائن تحت أنظارك وأنت لا تردي ، والآن دعنا أولاً نحمي حاسوبك ثم نجد حلاً ، هي أغلق وسأرسل لك شفيق الدقاق .

زفر الآخر بضيق وتحدث بقلق واضح برغم تأمينه لنفسه جيداً :

– حسناً ، سأنتظر حلاً منك ، وأنا سأعمل على حماية نفسي حتى لو استأجرت إيطاليا جميعها ، لن أسمح لهم بتصفيتي بعد ما فعلته لأجلهم لينهوا حياتي وقتما أرادوا كأي خائن .

أغلق خوان مع صديقه ثم رفع هاتفه يطلب مكتب المهندس شفيق الدقاق ليتحدث بهدوء ورتابة بعدما نزع وجههُ الحقيقي وارتدى قناع الطيبة قائلاً :

– صباح الخير شفيق ، هل أنت مشغول الآن ؟

تحدث شفيق باحترام :

– نعم قليلاً سيد خوان ولكنّي أسمعك تفضل .

زفر خوان وتحدث بترقب وخبث :

– هناك صديقاً مهماً لي تم إختـ.راق حاسوبه من قبل بعد عصابات الأعمال برغم أننى أرسلت له واحداً من أفضل مهندسونا ليضع له برنامج حماية ومع ذلك تم الإختـ.راق ، لذا فأنا أقترحت عليه أن أرسلك بنفسك إليه لتقوم أنت بتلك المهمة وأنا أعلم أنك لن تخذلني .

تحدث شفيق برضا خصوصاً بعد مدح مديره له ليقول :

– بالطبع سيد خوان وأنا ممتن لثقتك وتأكد أنني سأفعل ما بوسعي .

أومأ خوان وتحدث بخبث :

– أعلم ذلك ، هيا خد العنوان واذهب إليه في الحال ، هو في انتظارك .

أغلق معه بعدما أملاه العنوان ليبدأ شفيق بجمع أغراضه ويتحرك على الفور .

❈-❈-❈

في مكتب ميشيل

يجلس صقر أمامه يتطلع على هذه الصورة التى تنتمي لرجلٌ ما ، يتعمق صقر فيه جيداً ليقول بعد ذلك متسائلاً بانتباه :

– من هذا وما خطؤه ؟

تحدث ميشيل وهو ينفث دخان سيجاره الغليظ الذى يرتكز بين إصبـ.عيه :

– لم أسأل عن خطؤه ولا يهمنى ، ولكن ما علمته أن هذا هو عضوٍ مؤسس نشط في مافيا الرقيق ، ويبدو أنه خان رؤساءه ليقرروا تصفيته .

نظر للصورة بقوة وتحدث ببرود وتعالي بعدما أعتاد على سماع هذه الأشياء التى تقشعر لها الأبدان :

– ولما لا ترسل أي رجلٌ تابعٌ لك ليقتله ، لما تكلفني أنا بهذا الأمر الردئ الذي يمكن لأي صبي مبتدئ أن ينهيه .

تحدث ميشيل بحدة وعيون ثاقبة يوضح مقصد اختياره :

– ليس كذلك ، هذا الذي أمامك أصبح يعلم أنهم يريدون تصفيته ويحتمي بعدد لا بأس به من رجاله ، هو يؤمن نفسه جيداً لذا يصعب على غيرك القيام بذلك .

تحدث بثبات وعينه لا تفارق ملامح هذا الرجل ليحفظه :

– حسناً ، لأستعد إذاً .

وقف يتحرك بخطى ثابتة صوْب الباب ليغادر ويترك ميشيل ينظر لأثره بغموض وهو ينفث دخان سيجاره لينتشر حوله مهللاً له كداعم لأعماله الشريرة .

❈-❈-❈

في القاهرة

تحديداً في دار الأيتام التابعة للسيدة لبنى يقف عمر أمامها يبكي لبكاؤها قائلاً بحنو وهو يحمل حقيبته :

– صدقيني يا أمي مش هبعد عنك كتير ، هتلاقيني كل يوم عندك ومش هتحسي إني مشيت أصلاً .

تحدثت لبنى بحنان مفرط بعد أن تبنته إبناً روحياً ومعنوياً لها لتشعر كما لو كانت تفارق قطعةً من جـ.سدها قائلة :

– مش هقدر يا عمر ، إنت الوحيد اللى مش هقدر على فراقه ، خليك معايا يا ابنى واعتبر نفسك ساكن بالإيجار ، هعملك مكان خاص بيك هنا وافتح لك ليه باب بعيد عن الدار بس بلاش تمشي .

انحنى يقبل يـ.دها بحنو ثم اعتدل يردف متعهداً :

– لو ينفع صدقيني كنت عملت كدة ، بس أنا محتاج أثبت واعتمد على نفسي يا أمي زي ما علمتيني ، لازم أحاول أعمل حاجة وأأسس مستقبلي ، والفرصة دي حلوة ومش عايز أضيعها ، وجودي في الدار مخليني أحس إنى محلي سر ، خليني أسعى وعمري ما هقدر ابعد عنك ، هي بس المسافة هتكبر شوية ، وهأجر قريب منك هنا ووقت ما تحتاجيني هتلاقيني وقبل ما تحتاجيني كمان هكون عندك .

نعم لقد أتته فرصة من قِبل أحد المتبرعين للدار والذي يمتلك عدة صالات رياضية وكان قد رأى عمر وسأل عنه لبنى التى أثنت على أخلاقه ليطلب منه بعدها توليه إدارة إحدى صالاته الرياضية بعدما رأف بحاله ليستطيع تحقيق ذاته .

وكم فرحَ بهذا العرض الرائع بالنسبة له خصوصاً أنه لم ينتهي من تعليمه الجامعي بعد وتعد هذه فرصة كبيرة ليثبت نفسه .

ولكن مع كل تلك المميزات لا تتقبل تلك الأم الحنون فراقه ، لا تتقبل أن تستيقظ دون أن تراه ككل يوم ، حقاً الأمر خارج إرادتها ، ولكنه يريد ذلك لذا عليها أن ترضخ لقراره وتتمنى له صلاح الحال دوماً .

تحدثت بصوت متحشرج حزين مغلف بالقبول والمزاح كي تخفف عنه حزنه :

– يعنى هتبقى عندي هنا كل يوم فعلاً ؟ ،، ولا يوم هيفوت غير لما أشوفك يا عمر ؟ ،، علشان لو محصلش وغبت عنى يوم هاجى أملصلك ودانك في الجيم قدام العضلات اللي هتدربهم .

ابتسم لها ثم اتجه يعانقها وقد خانته دموعه لتسقط على كتفيها بينما دموعها لا تتوقف أبداً وصوت نحيبها يزداد وهي تتمـ.سك به بقوة لا تود فراقه وقد أتت نادية لتهدأها لينزع نفسه عنوة عنها ويغادر على الفور قبل أن يغير قراره الذي يعلم جيداً أنه إذا رفض هذا العرض لن يعوضه أبداً .

❈-❈-❈

عودة لبولونيا الإيطالية

في إحدى شركات التجارة الكبرى

يجلس شفيق خلف مكتب هذا المدير يقوم بعمله حيث تتحرك أصـ.ابعهُ باحترافية على الحاسوب الخاص بهذا الرجل كأنه يتلاعب بإحدى الآلات الموسيقى .

بسهولة وذكاء عُرف بهما دوماً ، يضع برنامج الحماية الذي أنشأهُ هو ليمنع اختراق هذه الأجهزة من قبل مافيا الإلكترونيات وهو لا يعلم أن الشركة التى يعمل بها بالأساس ما هي إلا ثوب ترتديه تلك المافيا .

كان يضع هاتفه النقال على مكتب هذا الذي يقف يتابعه بتعمن ولكن قطع تركيزه رنين هاتف شفيق لتظهر صورة نارة على الشاشة أمام عين هذا الشهوانى الذي يعانى من مرضٍ نفسي يشتهى فيه الأطفال جنـ.سياً أو ما يعرف علمياً بالبيدوفيليا ، مجرد ثوانى حتى مد شفيق يـ.ده يتناول الهاتف ليجيب على إبنته التى أصبحت ذات الخامسة عشرة عاماً قائلاً بهدوء :

– ناردين أنا ورايا شغل مهم دلوقتي هخلص واكلمك .

تحدث نارة بتعقل وهدوء :

– أوكي يا بابا ، بس ماما قالت لي أبلغ حضرتك إن أونكل مسعود وطنط نهلة جايين عندنا النهاردة وبتقولك تعالى بدري شوية .

تحدث شفيق على عجل :

– تمام هخلص وجاي ، يالا سلام .

أغلق ليكمل مهمته ولكن هذا الخبيث بدأت لديه مهمة اصطياد أخرى لينهش فيه مرضه النفسي حيث تساءل بخبث :

– هل هذه إبنتك ؟

تحدث شفيق وعينه على الحاسوب يباشر عمله :

– أجل سيد ليردو ، إبنتى الكبرى .

التمعت عينه الشهـ.وانية بعد رؤيته لصورة نارة وتساءل بخبث وهو يدعي تنظيمه لأغراض مكتبه حتى لا يبدو مهتماً :

– وهل لديك صغرى ؟

ابتسم شفيق وأومأ يتذكر ابنته مايا مدللته ومميزته ليمد يـ.ده يتناول هاتفه ثم يضغط عليه لتظهر صورة صغيرته التى أتمت عامها الثامن منذ أيام ليعرضها عليه قائلاً ببلاهة يغلفها التباهي :

– هذه إبنتى الصغرى مايا ، لقد أتمت عامها الثامن منذ يومان فقط .

نظر لها ليردو بتمعن يتفحص ملامحها وخصلاتها الحمراء ، هي لا تشبه شقيقتها الكبرى ، ولكن اثنانيهما تبدوان رائعتان أشعلتا شـ.هوته المقززة مثله ليبتسم بخبث ويتناسى حياته التى اصبحت بين قبضة المافيا ويفكر فقط في شـ.هوته متسائلاً :

– وما سن الكبيرة ؟

تحدث شفيق وهو يعاود إغلاق هاتفه ووضعه على المكتب مجدداً ليعود يباشر عمله :

– خمسة عشرة عاماً ، تدرس في الصف الأول الثانوي .

ابتسم بخبث وبدأ عقله ينسج أفكاراً خبيثة بصمت بينما شفيق يكمل مهمته التى جاء من أجلها دون أن يعي ما يدور في عقل هذا الشخص فكل ما يريده أن يحظى بمعارف مثله كي يستطيع فتح شركة خاصة به لذا فهو يسعى لتكوين صداقات مع هؤلاء الكبار أصحاب الأعمال .

❈-❈-❈

في منزل نارة

تقف مع أسيا تعدان الأطعمة المناسبة لضيافة السيد مسعود وزو جته ، السيد مسعود هو مواطن عربي يقيم في إيطاليا ويجاور شفيق وعلى صداقة معه هو وعائلته منذ وقتٍ ليس بالبعيد .

تحدثت أسيا بضجر :

– يعنى قالك هيتاخر يا نارو ، أنا لسة معرفش الأستاذ مسعود ده كويس ولازم يكون هنا في استقباله ، طيب حاولي تكلميه تاني كدة معلش .

توترت نارة قليلا فهي دوما تشعر بطريقة شفيق الفاترة معها ، ربما يعاملها معاملةً حسنة ولكن بالطبع التميز يكن من نصيب صغيرته وهذا لا يزعجها لربما يفعل ذلك نسبةً لفارق السن بينها وبين مايا ، أو لسببٍ تتذكره جيداً ولكن لم تذكره أبداً .

أما آسيا فعلى العكس ، هي تشجع دوماً نارة وتصرفاتها وتلوم شفيق على معاملته الفاترة معها ، نعم تحب صغيرتها جداً ولكن ترى أن دلال والدها لها أمراً مزعجاً يمكن أن يفسدها مستقبلاً .

تحدثت نارة بهدوء وهى تحمل الأطباق وتضعها في غسالة الأطباق :

– معلش يا ماما الأفضل أن حضرتك تكلميه وتفهمي منه ، يمكن هو عنده شغل مهم ومش عارف يقولي عليه .

أومأت آسيا لها وهي تترك ما في يـ.دها لتنظر حولها باحثة ومتسائلة :

– طيب موبايلي فين ، كان هنا دلوقتي !.

لتتفاجأ بمايا تلوح به وهى تقف عند حافة الباب قائلة :

– معايا يا مامي ، كنت بكلم my friend .

زفرت آسيا بضيق لتقول بتهكم وهي تطالعها :

– قولتلك لازم تستأذني الأول يا مايا ، عيب كدة .

تحدثت باندفاع قائلة :

– بس ده أصلاً موبايلي وبابي جايبهولي وإنتِ اللي أخدتيه مني .

وقفت أمامها آسيا تردف بتوبيخ هادئ :

– أيوة أخدته لإنك استعملتيه غلط واهملتي مذاكرتك ، لما تكبري شوية وتقدري تستوعبي إن الموبايل ليه وقت معين واستخدام معين تقدري تاخديه تانى أو حتى نخلى بابي يجبلك واحد جديد .

زفرت بغضب لتقول بتمرد :

– يو بقى ، هو كل حاجه ممنوع ممنوع ، على فكرة كل أصحابي في ال school معاهم موبايلات ، أنا هقول لبابي لما يرجع .

تحركت تلك الطفلة المتمردة لتغادر بعد أن تركت الهاتف على الطاولة باهمال لتزفر آسيا مطولاً من أفعالها بينما نظرت لها ناردين بهدوء وتحدث برتابة وابتسامة هادئة :

– معلش يا ماما حاولي تتعاملي معاها بهدوء شوية هي لسة صغيرة .

تعمقت آسيا في عينيها وابتسمت بحب وحنين ، دوماً ومنذ أن دخلت نارة حياتها وهي هادئة مطيعة وحنونة ، لم تعاندها يوماً أو تتمرد على أمرٍ برغم قوة شخصيتها ، لم تشعر بجهدٍ معها كما تشعر الأن في تربيتها مع مايا .

التمعت عين آسيا وهي تردف بنبرة مطمئنة يشوبها الحنان والحب :

– ربنا يكملك بعقلك يا حبيبتى .

❈-❈-❈

في القاهرة ولكن في مكان أخر .

في نفس شقة عفاف التى كانت تقطن بها

تجلس مع نهى التى تزوجت منذ عامين في عمر السابعة والعشرون من محمود موظف الشهر العقاري الذي أحبها وتقدم لها بعد أن كوّن نفسه ووافق سامح عليه وقبلت هي به ليكن بينهما قصة حبٍ بعد ذلك .

هي الآن على وشك وضع طفلها الأول لذا فهي تقيم عند والدتها منذ آيام نظراً لوهن الحمل ولتستعد لولادة طفلها .

صعد سامح من عمله يطرق الباب لتفتح له عفاف قائلة بحنو :

– حمدالله على السلامة يا حبيبي .

أومأ ودلف يردف بهدوء :

– الله يسلمك يا أمي .

اتجه يخطو ليجلس بجوار شقيقته التى تتمدد على الأريكة بتعب وتتابع التلفاز ليربت على ظـ.هرها بحنو متسائلاً :

– عاملة إيه يا نهى النهاردة ؟ نفسك في حاجة اجبهالك ؟

نظرت له بحب تبتسم ثم أردفت وهي تشير على أحد الأكياس المجاورة :

– ربنا ما يحرمنى منك ابداً يا سموحتى ، بس محمود ربنا يباركله جايب لي كل اللى نفسي فيه .

نظر للأكياس وابتسم عليها فهي عاشقة للشوكولاتا والمغلفات منذ الصغر وإلى الآن ويبدو أن محمود يدللها وهذا جعله يشعر بالراحة قائلاً :

– ربنا يخليكوا لبعض يا حبيبتى .

حاولت أن تعتدل في جلستها التى تشبه نوم سلحفاة على صدفتها ليساعدها هو حتى إستطاعت أن تجلس لتقول وهي تربت على كـ.تفه بحنان :

– وانت هتتجـ.وز إمتى بقى ؟ ،، مش كفاية كدة عزوبية ؟

كانت عفاف تحوم حولهما لتستمع إلى جوابه بعدما فشلت هي في الحديث معه عن هذا الأمر لذلك سلطت نهى عليه كي تستطيع اقناعه .

أما هو فكان يعلم نيتهما لذلك تحدث بهدوء كي ينهي هذا الحديث :

– مش هتجـ.وز غير لما ننقل على بيت خاص بينا ، لا ينفع اتجوز هنا مع أمي ولا ينفع أسيب أمي وأروح أشتري برا ، يبقى الحل إني أستنى لما ننقل في بيت خاص بينا وده هيحصل قريب إن شاءلله ، فياريت بقى منفتحش كلام في الموضوع ده تاني .

نظرت نهى لوالدتها التى أتت وجلست تجاورها وتنظر له بهدوء قائلة :

– خلاص يا ابنى اللى تشوفه ، أنا بس نفسي أطمن عليك قبل ما أموت وأشوف خلفك ، إنت حقك تفرح وتتهنى يا حبيبي بعد العذاب اللي شوفته علشانّا .

نظر لها بعمق ثم تحدث بهدوء يخفي حزناً لن يمحى قائلاً :

– بعد الشر عليكي يا أمى ، إن شاءلله أخلص بس موضوع البيت وأدور على عروسة بنت حلال تقبل بيا مع إنها هتتعذب معايا .

نهرته عفاف لتقول وتتخلى عن هدوءها بدفاع :

– مين دي اللى هتتعذب معاك ؟ ،، هو انت فيه زيك أصلاً ؟ ، ده يا سعدها وهناها اللى هتتجـ.وزك ، بس إنت شاور بس .

ابتسم إبتسامة لم تصل لعينه ليقول وهو يقف يستعد لنهي النقاش :

– تسلمى يا حاجّة عفاف ، عن اذنكوا هدخل أغير هدومي .

تحرك للداخل وجلست هي تتحدث مع نهى عن نفس الموضوع .

❈-❈-❈

في بولونيا الإيطالية .

تحديداً في ڤيلا هذا الرجل المدعو ليردو والتى تحاط بعددٍ لا بأس به من الحراس الذين يحتمي بهم من المافيا ، رجال دفع لهم ببذخ فقط ليحافظ على حياته اللا أخلاقية هذه .

فهو منذ رؤيته ابنتي شفيق وهو يفكر في طريقة للإيقاع بهما ، يهيئ له عقله المريض سيناريوهات عدة ويريد تحقيقها كاملةً ، ولكن كيف يصل إليهما ؟

أما عقله الذي يبدو في حالة عطلٍ أخلاقي فقد أعطاه فكرة التودد لشفيق الدقاق والتقرب منه وقد استنتج اليوم رغبة شفيق في هذا القرب أيضاً لذا سيبدأ الآن في وضع أولى خطواته .

تناول هاتفه وطلب رقمه بعد أن حصل عليه منه ليجيب شفيق على الفور قائلاً باحترام وترقب وتعجب :

– أهلاً بك سيد ليردو ، هل حدث شيئاً مجدداً لحاسوبك ؟

تحدث ليردو بخبث وهدوء كي يصل إلى مبتغاه :

– لا اطمئن شفيق الأمور تحت السيطرة ولكني أود دعوتك على العشاء أنت وأسرتك غداً ، فهل تقبل دعوتي ؟

توتر شفيق وتعجب من هذا الود السريع ليكمل ليردو قاطعاً أي تساؤلات :

– أود أن نكون شركاء عمل ، أعجبت بذكاءك اليوم كما أن خوان يمدح فيكَ بطريقة جعلتني أغار منه عليك ، لذا فدعنى أقدم لك عرضي ربما وافقت عليه وإن لم تقبل يكن بيننا وداً متبادلاً فقط .

صمت شفيق قليلاً يفكر ، هو لا يريد عرض عمل وليس من هذا النوع الذي يفضل عرضاً عن آخر بل كل ما يريده هو معرفة بعض الشخصيات الهامة التى يمكن أن تساعده في مسيرته العملية هنا ، ولكن ليقبل تلك الدعوة ثم ليحاول شرح وجهة نظره له .

تحدث بعد تفكير دام لثواني ليقول بهدوء ورتابة تخفي حماساً لهذا اللقاء :

– حسناً سيد ليردو ، دعني أسأل زو جتي وبناتي وإن قبلن سأرد لك خبر .

تحدث ليردو بخبث قائلاً :

– حسناً أنتظر إتصالاً منك وأتمنى قبولك دعوتي ، فأنا لدي عرضّ لا يفوتك حقاً .

زفر شفيق يفكر ليردف بهدوء :

– سأرد لك خبر سيدي ، تصبح على خير .

أغلقا إثنانهما وجلس شفيق يفكر في الأمر بشرود ، أتت آسيا بعد ذلك تجلس جواره على الفراش وهي تضع كريمها اليومي على بشـ.رتها ، انتهت والتفتت لتلاحظ شروده فتعجبت متسائلة :

– مالك يا شفيق بتفكر في إيه ؟

انتبه لها فتنفس بعمق ليعود للخلف ويرتكز واضعاً ذر اعه خلف رأ سه على ظهـ.ر الفراش قائلاً بترقب لردها :

– الراجل اللى روحتله شركته النهاردة علشان أطبق له برنامج حماية للكمبيوتر بتاعه ، كلمني دلوقتي وعازمني على العشا .

تعجبت متسائلة :

– إيه السبب يعني للعشا ده ؟ وعازمك إمتى وفين ؟

تحدث بترقب وهو ينظر لملامحها وينتظر ردها يبدو أنه على وشك القبول ويحتاج لكلمة تشجعه :

– بيقول بكرة إن شاءلله وعنده عرض شغل ليا كويس جداً .

لوت شفـ.تيها في حركة تعجب ثم شردت تفكر لتردف بعد ذلك دون الوصول لشئ :

– مش عارفة يا شفيق ، يمكن عجبوا شغلك أو مديرك اتكلم عنك كويس قدامه ، على العموم روح واسمع عرضه إيه وقرر بس أهم حاجة ميبقاش شغل مش مضبوط .

أومأ لها مؤيداً ليردف بترقب :

– طيب إيه رأيك تيجوا معايا إنتِ والبنات ؟

نظرت له بتعجب وتحدثت باستنكار :

– إحنا ؟ ، ليه يا شفيق ؟ ، ده يعتبر لقاء عمل إيه داخـ.لي أنا والبنات بيه ؟

تحدث بنبرة يشوبها الرجاء محاولاً إقناعها قائلاً :

– تعالوا معايا يا آسيا ، هو أصلاً عزمنا كلنا وأنا محتاجكوا معايا ، وبعدين أنا بثق في نظرتك للناس ، تعالى نشوف الوضع إيه ونقرر سوا .

زفرت مطولاً تشعر بالضيق ولكنها لم ترد رده لذلك قالت بعد ثواني :

– تمام يا شفيق ، هتكلم مع البنات وأشوف رأيهم إيه ، بس أظن ناردين ممكن متقبلش أو تتكسف .

تحدث بهدوء قائلاً :

– مافيش مشكلة بس حاولي معاها علشان متبقاش لوحدها .

أومأت بصمت تفكر في هذا العشاء ومغزاه ولكن مهما سبحت بأفكارها لن تصل لنوايا ذلك الرجل الخبيث أبداً .

❈-❈-❈

عاد صقر إلى القصر ليلاً ليجد ميشيل في انتظاره يطالعه بعيون متسائلة ينتظر خبراً منه .

تحرك بخطى ثابتة ويـ.ديه تختبئا في جيْبي سرواله ليقف أمامه قائلاً ببرود بعدما قرأ أفكاره وحلل نظراته :

– لا تنتظر ، عندما أنتهي سأخبرك أنا .

زفر ميشيل ليتحدث بفحيح غاضب :

– لا أطيق الإنتظار ، لا أنا ولا حلفاؤنا ، لذا تعجل قليلاً ، أولم تقل أن الأمر يمكن أن ينهيه صبيٌ مبتدئ ؟ ، لما لا تقضيه إذاً ؟

يحاول استفزازه ولكن هذا الماثل يبدو أنه محى تلك الكلمة من قاموسه فبات ثابتاً لا يستفزه حديث لذا تحدث ببرود كأن الأمر لا يعينه :

– أنت تريد القتل فقط دون التفكير في العواقب وأنا هدفي التربص والصيد ، فمتعتي تكمن في صيد فريستي عندما تظن أنها باتت آمنة ، لذا دعني أستمتع .

أعجب ميشيل وافتخر به وبتربيته له ليقول بخبث وتباهي بعد أن امتـ.صت كلمات صقر غضبه :

– من أسماكَ صقر لن يخطئ ، لذا أفعل ما تراه مناسباً .

تحرك صقر من أمامه يخطو بتعالي ليتجه لغرفته ويتركه يشعر بالإنتصار والفخر للنتيجة التى وصل إليها صقر بفضله .

❈-❈-❈

في اليوم التالى مساءاً في بولونيا ( المدينة الحمراء نسبةً لمبانيها )

وعلى متن يخت يسبح في مياة نهر رينو الذي يحـ.تضن المدينة بالإشتراك مع نهر سافينا .

يجلس ليردو على طاولة مجهزة بعناية يستقبل عائلة شفيق التى وصلت لتوها وحوله من الحرس الكثيرون ، وقد جاءت نارة معهم بعدما ألحت عليها مايا الصغيرة فهي لا تفضل اللقاءات العملية تلك ولكن في نهاية الأمر رضخت لرغبة الصغيرة المدللة وأتت .

يرحب بهم بحفاوة ولكن منذ اللحظة الأولى التى رأته فيها آسيا وهي لم تشعر تجاهه بالإرتياح ولا الألفة .

كذلك نارة التى لمحت الخبث في عـ.ينيه حيث كان يطالعها بنظرات جعلتها كما لو كانت مجردة من ثيابها ، دوماً هي تثق في لغة العيون .

كان شفيق قد اندمج معه في الحديث وهو يحاول أن يتغاضى عن شعور الضيق الذى يراوده معللاً لنفسه أنه ربما يسئ فهمه .

أما مايا الصغيرة التى كانت منبهرة بالمكان من حولها وهو يحدثها بخبث وتجيبه ببراءة غير واعية ما يدور بعقله المريض .

كان أكثر حديثه مع مايا وبعضه مع شفيق بينما تجلس آسيا بضيق وقد تمنت لو لم تأتي لهذا اللقاء الذي لا يروق لها .

أما نارة فانشغلت بالنهر من حولها ، تنظر له بشرود ، سبحت بأفكارها وأحلامها التى تسعى لتحقيقها .

لينظر لها هذا الرجل بخبث بعدما تطايرت خصلاتها أمامه وبعد أن استكفى من حديث مايا متسائلاً :

– ألم يعجبكي الطعام آنستي ؟

انتبهت له لتقابله بوجـ.هها ثم نظرت له بضيق وجاهدت لتردف بابتسامة فاترة :

– لا إنه لذيذ ، شكراً لك .

ابتسم لها ليتساءل مجدداً وهو يحمل كأسه ينوي إرتشافه وعينه الخبيثة تجول على ملامحها :

– في أي مدرسة تدرسين ؟ ، يبدو أنكِ تحبين تأمل النهر ، وآرى أن هذا خاص بدراستكِ ، إنكِ تشبهينني .

تحمحمت تنظر لآسيا التى قابلتها بضيق ليردف شفيق بدلاً عنها بنية صافية :

– إنها تدرس في مدرسة ( الهدف الحر Free aim ) الثانوية بالقرب من منزلنا ، وتدرس مايا في ( المدرسة الثقافية العامة General cultural school) .

أومأ يبتسم بخبث وهو يرتشف مشروبه ويطالع تلك النارة بعيونٍ وقحة تقابلها هي بالتجاهل والقلق لتنهي آسيا ذلك اللقاء قائلة وهي تستعد للقيام :

– معذرةً منك سيد ليردو ولكن لنغادر الآن ، هيا شفيق .

نظر لها شفيق بتعجب ليتساءل بهدوء :

– هل أنتِ بخير عزيزتي ؟

نظرت له بعمق لتردف بعيون ثاقبة كي يفهم عليها :

– أشعر بالصداع قليلاً ، دعنا نغادر الآن .

أومأ لها ونظر لـ ليردو قائلاً باعتذار :

– حسناً أعتذر منك سيد ليردو ، لنغادر إذا وليكن العشاء القادم في منزلنا .

ابتسم له ليردو وأومأ مؤيداً ليردف بخبث وهدوء :

– فليكن إذاً ، وزال البأس عنكِ مدام آسيا ، سعدتُ بلقاءكِ .

أومأت له بصمت لتتحرك وتتمـ.سك بيـ.دي إبنتيها بعد أن وصل اليخت إلى مرساه واتجهت لتترجل منه هي وأبنتيها بمساعدة العامل وزو جها لتغادر هذا المكان سريعاً ثم لتتحدث معه عن شعورها عندما يعودا .

أما ليردو فكان يتابع خطواتهم وحديثهم الهامس وهو يعلم أن آسيا لم تعاني صداعاً كما ادعت لذلك ابتسم بخبث ليعود سريعاً قبل أن يستهدفه أحدهم .

هو يلاحظ أن هجومهم عليه طال ترى هل عفووا عنه أم أن رجاله الذى اختارهم لحراسته يقومون بعملهم على أكمل وجه ؟ .

نفض رأسه ، لن يفكر في هذا الأمر الآن ، لينسى أمر المافيا وليفكر في طريقة الوصول لكلتا الفتاتين .

❈-❈-❈

في اليوم التالي

وبعد أن غادرت نارة إلى مدرستها وغادرت مايا عن طريق الحافلة إلى مدرستها أيضاً .

تحرك هذا الذي لم يـ.نم منذ ليلة أمس ، تحرك وحوله حراسه ليتجه إلى مدرسة نارة كي يراها ويتحدث معها أو ربما يختطفها إن لم تقبل الحديث ، هو على إستعداد لفعل أي شئ لكي يحصل على ما يريده .

لذا ها هو يتجه إلى مدرستها التى قال عنها شفيق ليظل في سيارته يراقب الوضع من حوله وينتظرها حتى تلِج .

على بعد مناسبٍ له وفي إحدى شقق المبانى العالية التى تم استئجارها لمدة شهرٍ واحد يقف هذان اللذان أتيا لإتمام مهمتهما اليوم ، صقر وماركو بعد أن راقبه صقر ليومان ليعلم نقاط ضعفه هو ومن حوله ويحسب خطواتهم وطريقة حراستهم له كحسابه لمسألة فيزيائية هامة .

يخطط لكل شئ كما لو كان مهندساً معمارياً يضع قواعد برجٍ سكني حديث ، وها هو يقوم بتجهيز سلاحه الكلاشينكوف الذي سيستعمله لإنهاء حياة هذا الليردو .

انتهى دوام المدرسة وتحرك الطلبة لمغادرة المدرسة وهذا الرجل يجلس في سيارته يتنظر خروج نارة الذي طال ولكن هذا مناسباً تماماً لنجاح مخططه دون حدوث صخب .

ظل يتابع وينتظر إلى أن رآها تخرج بهدوء ترتدي وشاحاً فوق الزي المدرسي يتطاير مع حركة الهواء ، تخطو متعمدة التأخير قليلاً حيث تنتظر انتهاء الزحام الطلابي أثناء الخروج .

نظر لها بخبث ثم تحدث وهو يستعد للترجل :

– أمنوني جيداً وما إن أشرت لكم حتى أدخلتموها السيارةَ على الفور .

أومئوا وسبقوه يترجلوا لينتشروا في المكان وينظرون حولهم وللأعلى وهنا وهناك ولم يصلوا بأنظارهم إلى تلك النافذة التى يختفي خلفها صقراً متربصاً له .

ترجل هو أيضاً ينظر لها ثم نادى قائلاً بخبث :

– ناردين ؟

استمعت لصوته لتلتفت متعجبة ، في بادئ الأمر وخلال ثوانى لم تتذكره إلا بعدما تقدم منها يردف بخبث وابتسامة صفراء كريهة :

– كيف حالكِ آنستي ؟ ،، هل يمكن أن نتحدث قليلاً ؟

توتر جـ.سدها خصوصاً وهي ترى هؤلاء الحراس حوله كليلة أمس ولكن الآن هي بمفردها معه لتقول بتلعثم بعد أن بدأ فكها يرتعش :

– لا يمكنني الوقوف معك سيد ليردو ، عن إذنك .

اعترض طريقها بيـ.ده ليردف وقد تبدلت نظرته لأخرى قاسية ليقول بنبرة تحمل تهديداً واضح :

– فكرى جيداً آنستي ، ربما ندمتي على رفضكِ للحديث معي .

ابتلعت لعابها بخوف ووقفت حائرة ليبدأ جـ.سدها يرتعش بينما كان صقر ينتظر اللحظة المناسبة حيث كانت تلك النارة تواليه ظهـ.رها وتقف أمام جـ.سد هذا الليردو تخفيه حيث لا يسعفه الحظ .

أصبح الوقت يمر وهو يشعر بنفاذ خطته ليلاحظ يـ.د هذا الحقير تتحرك من خلف جـ.سد نارة مشيرة إلى حراسه الذين يقتربون منه ليصبح استهدافه بعد ذلك مستحيلاً .

ولكن لن يسمح بذلك ، لقد حـ.سم الأمر وسيفعلها الآن ولكن فقط لتبتعد تلك الفتاة ذات الشعر الناري الطويل والوشاح المتطاير التى تقف قبالته .

لم يجد مفر من ابتعادها ورجاله يقتربون منها وثواني فقط أمام هدفه ليركز بدقة متناهية ويصوب سلاحه على نقطةٍ ما وعينه منكبة بانتباه شديد على هدفه والذي لم يكن سوى وشاحها المتطاير .

وها هو يطلق أولى طلقاته لتصيب رصاصته هدفها وتثقب الوشاح ثقباً يمررها للهواء دون أن ينتزع ، فعلها ليشتت الحراس ولتبتعد هذه الفتاة التى ارتعبت تنبطح أرضاً لا إرادياً وقبل أن يستوعب عقل الحراس حتى قام بإطلاق رصاصته التالية في ر أس هذا الليردو ليسقط قتيلاً في الحال ولتصرخ نارة صرخات متتالية بعدم استيعاب أو تقبل لما تراه ، ليحاول رجاله إسعافه أو معرفة مكان القاتل ولكن لن يفلح ذلك في شئ .

أغلق النافذة ببرود كأنه كان يشُم نسمات الهواء ليردف ماركو وهو يربت على ظهـ.ره مشجعاً :

– أحب مهامك يا رجل ، تنفذها بمتعة ودقة عالية تجلعني مستمتع .

لم يعيره اهتمام بل وضع سلاحه في علبته ليبدأ يتحرك للأسفل معه بثبات وخطوات سريعة مدروسه حتى وصل للشارع الرئيسي واتجه يستقل سيارته ويجاوره ماركو ليغادر بعدما لاحظ تجمع المارة حول هذا الجـ.سد الملقي أرضاً غارقاً في دماؤه بعد أن أُنتشلت نارة بيـ.دِ إحدى مدرساتها المصريات لتعيدها داخل المدرسة مجدداً بعد أن سمعت صرخاتها .

google-playkhamsatmostaqltradent