رواية عمو الظابط كاملة بقلم عبد الرحمن الرداد عبر مدونة دليل الروايات
رواية عمو الظابط الفصل الرابع 4
في صباح اليوم التالي استيقظ «يوسف» كعادته على صوت بائع البصل المتواجد أسفل منزله مما جعله يفتح عينيه وهو يقول:
– مياااااو
فتح عينيه وغلقها عدة مرات قبل أن يقول بتعجب:
– مياو ايه يا يوسف أنت اتهبلت ولا ايه
حاول النهوض من أسفل الغطاء لكنه لم يستطيع فردد بحيرة:
– هو أنا مش قادر أخرج من تحت البطانية ولا ايه؟
حاول بجهد شديد إلى أن استطاع أخيرا الخروج وتحرك فوق فراشه لكنه شعر بشيء غريب مما جعله يتوقف وهو يقول:
– أنا ماشي على ايدي ورجلي ليه؟
حاول الوقوف على قدمه لكنه لم يستطيع وفي تلك اللحظة وقع بصره على يديه التي كان يسندهما على فراشه مع قدميه ليتفاجئ بما شاهده.
صرخ بصوت مرتفع وقال بصدمة كبيرة:
– ايدي راحت فين؟ يلاهوي ايه الفرو ده
تحرك بسرعة ونظر إلى المرآة المقابلة لسريره وهنا كانت الصدمة الكبرى:
– لاااااااااااا
ركض في كل مكان بتوتر شديد وكأنه يحاول الخروج من هذا الوضع لكنه في النهاية توقف بتعب قبل أن يقول:
– اهدى يا يوسف، أنت أكيد بتحلم ما هو أكيد يعني مش هتنام بني آدم وتصحى قطة بلدي، اكيد فيه حل
نظر حوله بتفكير قبل أن يتابع:
– في الأفلام لما بيتحطوا في موقف زي ده بيحاولوا يتوجعوا علشان يصحوا معرفش ايه العلاقة بس شكلها حاجة مهمة فأنا هرجع وأجرى بقوة وبعدين أخبط في الباب وهوب أصحى من النوم، اشطا أوي الخطة دي هتنفع
بالفعل بدأ في تنفيذ خطته وعاد إلى الخلف قبل أن يركض بسرعة ويصطدم في باب غرفته، في تلك اللحظة صرخ بتألم وردد:
– آآآه يا نفوخي
نهض من مكانه ونظر حوله في محاولة لإيجاد حل لكنه لم يجد مما جعله يقول:
– لا ما هو أنا مش هصدق إني بقيت قطة خلاص، أكيد أنا بحلم بس ياريت بتاع البصل يصرخ يصحيني ولا البت أختي المفعوصة ترذل عليا
في تلك اللحظة ارتفع صوت بائع البصل مرة أخرى:
– تعالي يا هانم تعالي يا مدام البصل عندنا ولا في الأحلام
ضيق «يوسف» ما بين حاجبيه وردد بقلق:
– البصل عنده مش في الأحلام أومال أنا بحلم ليه، يارب يكون حلم مش حقيقة، يارب أصحى من الحلم ده
في تلك اللحظة طرقت شقيقته الصغرى الباب وهي تقول:
– يوسف؟! أنت يبني
اتسعت حدقتاه بسعادة وردد:
– أنا هنا يا مريم خشي علشان مش عارف افتح الباب
فتحت شقيقته الباب بهدوء ووجهت نظرها صوب فراشه لكنها وجدته فارغًا مما جعلها ترفع أحد حاجبيها بتعجب وهي تقول:
– راح فين ده
تحرك «يوسف» ووقف أمامها مباشرةً وهو يقول:
– أنا أهو
كان يتحدث بطبيعته لكن ما يصدر منه ما هو إلا مواء القطط وفي تلك اللحظة عندما استمعت شقيقته صوت هذا المواء نظرت إليه وصرخت بصوت مرتفع:
– ااااااااع قطة قطة، الحقيني يا ماما قطة
جاءت الأم وهي تركض وتقول بدهشة:
– قطة؟ دخلت إزاي دي، افتحي باب الشقة يا بت خلينا نهشها من هنا
وضع «يوسف» يده على رأسه وهتف بعدم رضا:
– ماما بتكره القطط واختي بتترعب منهم، أنا اخرج بكرامتي بدل ما يعملوني شوربة قطط النهاردة، وبعدين في أحلام العصر اللي أنا عايش فيها دي
ركض بسرعة إلى الخارج وأغلقت الأم باب الشقة على الفور خلفه لكي تمنعه من الدخول مرة أخرى بينما وقف هو على الدرج وهو يقول:
– وأخرتها ايه بقى؟ ما هو اللي أنا فيه ده ميصدقهوش عقل بردو، أنا قطة إزاي يعني؟ مياااو
احيه ده أنا بعرف انونو كمان، الوضع مريب
في تلك اللحظة استمع إلى صوت صعود أحد على الدرج فانتبه له ليتفاجئ بوالده الذي كان يحمل حقيبة بها وجبة الإفطار فتحرك «يوسف» على الفور وتحدث قائلا:
– بابا الحقني أنا اتحولت قطة
نظر الأب إلى القطة التي تصدر مواء متواصل وابتسم وهو يقول:
– قمر أوي القطة دي ما شاء الله، شكلك جعانة صح؟
رفع أحد حاجبيه وقال بعدم رضا:
– ما هو أنا لو قولت صح هترمي الشنطة دي وتطلع تجري وتقول قطة ملبوسة لكن حتى دي مش عارف اعملها وكل كلامي بيتسمع نونوة، ياربي على اللي أنا فيه
انخفض الأب وأخرج قرص من الفلافل من الحقيبة ثم وضعه أمام القط وهو يقول:
– خدي افطري شكلك على لحم بطنك
رفع أحد حاجبيه وقال بصدمة:
– أنت بتعزم على ابن اخوك يا بابا؟ وبعدين حد بيحط لقطة طعمية؟! على العموم تشكر يا حاج طول عمرك صاحب واجب
نهض الأب ودلف إلى الداخل بينما بقى «يوسف» في مكانه وهو ينظر إلى نفسه بتعجب وصدمة لم تنتهي. التقط أنفاسه وردد بحزن:
– يارب ارجع بني ادم تاني، ليه اتسخط قطة بس ده أنا غلبان
ظل جالسًا مكانه لثلاث ساعات حتى شعر بالجوع الشديد، في تلك اللحظة نظر إلى قرص الفلافل الموضوع أمامه على الأرض وردد بنبرة تحمل الحزن:
– بقى اخرتها اكل من الأرض وكمان زي القطط، لا زي ايه بس أنا اوريدي قطة، اللهم لا اعتراض
تحرك وبدأ في الأكل من قرص الفلافل الموضوع أمامه وبعد أن انتهى بدأ في لحس يده ويمسح جانب وجهه لكنه توقف وقال بصدمة:
– يلاهوي ده أنا بعمل زي القطط لما تخلص اكل
تحرك من مكانه وقرر النزول إلى الشارع لكنه ما إن وصل إلى الخارج حتى شعر بالخوف فهو صغير جدا مقارنة بالعالم من حوله فهو يرى العالم الآن من منظوره الشخصي. دلف إلى الداخل بخوف لكنه قرر التغلب على خوفه وخرج مرة أخرى وتحرك بخطوات حذرة ليستمع إلى صوت قطة أنثى على يمينه تقول بصوت مسموع:
– الله الله، أنا أول مرة أشوف قط مز كده في الشارع المعفن ده، ما تيجي يا قمر ورا صفيحة الزبالة دي
تفاجئ أنه يفهم كلامها وردد بعدم رضا:
– بس يا واطية يا رخيصة، ايه يارب الحظ ده، يعني اتحول لقطة في موسم التزاوج بتاع القطط
لم تتوقف القطة عند هذا الحد بل ركضت خلفه ورددت:
– خد بس يا حليوة أنت، أنت تايه ولا ايه، شكلك قط ابن ناس، شكلك كدا بيقول إنك قط بيت وياعيني غدروا بيك وسربوك
توقف ونظر لها وهو يقول:
– أنا محدش سربني
لوت ثغرها وقالت بحزن مصطنع:
– ياعيني لسة مش راضي تتقبل الصدمة، هو كدا موسم التزاوج بيبدأ تلاقي البني ادمين اللي ملهمش أمان بيسربوا قططهم بدل ما يجيبولهم قطة، معلش يا أخويا اتعود بقى على بهدلة الشارع
تركها وتابع تحركه وهو يقول:
– ده أنتي قطة رغاية، سيبيني في حالي الله يرضى عنك مش ناقصة
تابعت تحركها خلفه وهي تقول بإصرار:
– خد بس متبقاش قموصة، فضفض يمكن تستريح
توقف ونظر لها نظرة تعبر عن الحزن قبل أن يقول:
– أنا ظابط
رفعت أحد حاجبيها وقالت مازحة:
– ظابط في الشرطة المدرسية صح
لوى ثغره وقال بعدم رضا:
رفعت أحد حاجبيها وقالت على الفور:
– يا عيني يابني، الصدمة لحست دماغك
عاد حديثه مرة أخرى وقال بتأكيد:
– مش بهزر، أنا إنسان وصحيت من النوم لقيت نفسي قط
شعرت بغضبه لذلك قررت امتصاص غضبه والتظاهر بأنها تصدقه:
– خلاص خلاص مصدقاك، طب ومين اللي سخطك قطة يا حليوة
حرك رأسه وقال بحزن:
– معرفش، أنا كل ما أكلم حد يسمع نونوة
– أومال هيسمع هوهوة ما أنت قطة، مقولتليش اسمك ايه يا مز يا قمر انت
إلى اللقاء في الفصل القادم غدا الساعة الثامنة والنصف مساءًا
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عمو الظابط ) اسم الرواية