رواية كارمن كاملة بقلم ملك ابراهيم عبر مدونة دليل الروايات
رواية كارمن الفصل الثلاثون 30
لم يتوقف عقله عن التفكير بها طوال الخمسة اعوام، لكن كبرياءه يمنعه من نطق اسمها.
وصل خالد بالسيارة امام منزل عائلة رشيد وتحدث اليه بتأكيد:
– بقولك ايه انت ترتاح النهارده وتفضيلي نفسك بكره عشان نخرج مع بعض ونتكلم شويه.. ومتقلقش انا اللي عازمك.
ابتسم رشيد وتحدث بمزاح:
– ياااااه اخيرا جه اليوم اللي تعزمني فيه!
ضحك خالد بمرح:
– عشان تعرف ان بـ سفرك ده ضيعت علي نفسك حاجات كتير.
ابتسم رشيد وترجل من السيارة وتحدث بمزاح:
– ماشي لما نشوف.. رغم اني متأكد ان انا اللي هدفع في الاخر.
ضحك خالد قائلا:
– اكيد طبعا انت اللي هتدفع.. انا هعزمك على المكان بس.
أومأ رشيد برأسه قائلا بمزاح:
– عمرك ما هتتغير يا خالد.
ابتسم خالد وتحدث بتأكيد:
– هاجي اخدك من هنا بكره متنساش.. سلام.
أومأ رشيد برأسه بالايجاب ودلف الي منزل عائلته.
*****
بداخل غرفة مكتب كارمن بالمطعم.
– انا اسفه جدا يا فندم بس صدقيني عمر ابن حضرتك هو اللي غلطان وهو اللي ضرب الولد الاول.
جلست كارمن بداخل مكتبها تستمع الي حديث احدى الموظفات التي تعمل بـ كيدز اريا التابع إلى المطعم الخاص بها، كانت تشكي لها من سلوك ابنها عمر مع باقي الاطفال. استمعت كارمن الي شكوتها وهي تنظر الي عمر صاحب الخمسة اعوام وهو يجلس بكل كبرياء غير مبالي بحديث الموظفه وهي تشكي لوالدته.
وقفت كارمن من مكانها وتحدثت:
– وعملتي ايه مع مامت الولد؟
تحدثت الموظفه:
– اعتذرتلها يا فندم ولما سألتني عن مامت عمر مقدرتش اقولها ان مامته صاحبة المكان عشان المشكله متكبرش اكتر.
أومأت كارمن برأسها وتحدثت:
– تمام.. تقدري تتفضلي انتي على شغلك وانا هتصرف في الموضوع ده.
أومأت الموظفه برأسها وعادت الي عملها. نظرت كارمن الي ابنها وتحدثت بغضب:
– ينفع اللي حصل ده؟! دي مش اول مشكله من النوع ده تعملها هنا.
تحدث عمر بصوته الطفولي:
– ماما حضرتك قولتي انها مش اول مشكله صح.. يعني عادي بقا.
نظرت اليه كارمن بصدمة قائلة:
– هو ايه اللي عادي.. انت ليه ضربت الولد انا عايزة افهم؟
تحدث عمر:
– عشان لما وقعني كان لازم يعتذر يا ماما وانا قولتله كده عيب وهو قالي انه هينادي مامته تضربني.. وكان بيخوفني بـ باباه وعشان كده انا ضربته عشان يعرف ان انا مش بخاف من حد.
تحدثت كارمن بغضب:
– اللي انت عملته ده غلط يا عمر ومش هسمحلك تكرره تاني.
تحدث عمر بحزن:
– هو بابا هيرجع امتى من السفر بقا انا عايز بابا.
غضبت اكثر وتحدثت بنبرة حادة:
– وانت عايز ايه من بابا دلوقتي؟ انت طلبت مني حاجة وانا معملتهاش؟!
تحدث عمر بصوته الطفولي:
– اشمعنا كل الولاد اللي بيجو هنا عندهم بابا.. انا كمان عايز يبقا عندي بابا زيهم.
نظرت اليه كارمن بحزن ثم عانقته بقوة وتحدثت اليه بصوت مكتوم من شدة رغبتها في البكاء لكنها لم تسمح لعينيها بذرف الدموع:
– انت عندك بابا زيهم يا حبيبي بس بابا مسافر عشان شغله وان شاء الله هيرجع قريب.
ابتعد عنها عمر قائلا:
– كل مرة بتقولي كده وبابا مش بيرجع.. طب هو مسافر فين وانا اسافر عنده.
نظرت اليه كارمن بحزن واجابة:
– صدقني يا عمر المرادي انا هكلم بابا واقوله يرجع عشان تشوفه.
أومأ عمر برأسه بالايجاب وصمت، نظرت اليه كارمن بحزن وهي تفكر في رشيد وتعلم ان القادم سيكون اصعب ولم يتوقف عمر عن السؤال عن والده.
*****
مساء اليوم التالي.
توقف خالد بسيارته امام منزل عائلة رشيد. خرج رشيد من المنزل واقترب من سيارة خالد وقبل ان يصعد بداخلها نظر بدهشة الي المقعد الخلفي عندما رأى طفلين يجلسون بداخل سيارة خالد.
فتح باب السيارة في المقدمة بجوار خالد وهو ينظر الي الطفلين بدهشة قائلا:
– مين دول يا خالد؟ معقول اولادك؟!
ابتسم خالد وتحدث وهو ينظر الي اولاده قائلا:
– ياسين وكيان.
ابتسم رشيد بسعادة والتفت ينظر اليهما وَتحدث اليهما بلطف وبدأ يتعرف عليهما بطريقه مرحه. كيان صاحبة السابعة اعوام وشقيقها ياسين صاحب الخمسة اعوام.. تحدث خالد الي رشيد بقلة حيلة:
– نهى لما عرفت ان انا اجازة من شغلي النهارده سابت الولاد وراحت مع مامتها عند الدكتور وانا لبست الولاد وملقتش حل غير ان انا اجبهم واخرجهم معانا.
نظر رشيد إلى الاولاد وتحدث بدهشة:
– هنخرجهم معانا ازاي؟!
تحدث خالد بثقة:
– انا اسمع عن مطعم حلو اوي وفيه كيدز اريا للاطفال.. احنا هنقعد في المطعم والولاد في الكيدز اريا يلعبوا.
تحدث رشيد:
– طب ما نأجلها ونخليها مرة تانيه وخلاص.
تحدث خالد بأصرار:
– دا انا واخد اجازة النهارده بالعافيه عشان اقعد معاك شويه ومش هعرف اخد اجازة تاني.
تحدث رشيد بتردد:
– انا بصراحة مش متخيل اننا نخرج ومعانا الاولاد!
تحدث خالد بثقة:
– متقلقش.. المكان اللي احنا هنروحه ده كل الناس بيشكروا فيه وحتى نهى مراتي كانت هناك امبارح بالاولاد وقالت ان المكان كويس.
تحدث رشيد وهو ينظر ويبتسم الي اولاد خالد:
– خلاص تمام.. خلينا نروح.
*****
بداخل غرفة مكتب كارمن بالمطعم..
تحدثت كارمن الي عمر:
– عمر انا عندي شغل كتير النهارده وحسابات لازم اراجعها.. ممكن تروح تلعب في الكيدز اريا بس من غير مشاكل.
تحدث عمر وهو يركض الي خارج غرفة المكتب:
– حاضر يا ماما.
خرج عمر وركض للعب في المكان المخصص للاطفال.
وصل خالد بسيارته امام المطعم. ترجل من السيارة وساعد اولاده علي الخروج من السيارة. وقف رشيد يضحك وتحدث الي خالد بنبرة مرحة:
– الله يعينك بصراحة.. انا مش مصدق اللي انت فيه ده!
تحدث خالد بغيظ:
– اضحك برحتك بكره تتجوز ويبقى عندك اولاد وانا اشمت فيك زي ما انت شمتان فيا كده.
تبدلت ملامح رشيد الي الحزن وشرد في كارمن سريعا، لم يلاحظ خالد تبدل ملامح رشيد وذهب يسأل عن المكان المخصص للاطفال. بعد دقائق قليله عاد خالد الي رشيد وجلس الاثنان معا بداخل المطعم.
*****
بداخل المكان المخصص للاطفال.
اقترب ياسين ابن خالد من عمر وتحدث معه بصوته الطفولي:
– انت لسه هنا بتلعب! على فكرة انا جبتلك بابا معايا المرادي وهو ظابط وهيقبض عليك.
نظر اليه عمر بسخرية ثم ابتسم بثقة وتركه وذهب يلعب في مكان اخر، غضب ياسين من تجاهله له وذهب خلفه وقام بدفعه على احد الالعاب، صرخت كيان اخت ياسين عندما وقف عمر من جديد واقترب من شقيقها وحدثت بينهما مشاجره. ركضت اليهما المشرفه وعدد من الموظفات المسؤلين عن الاطفال. ركضت كيان الي والدها بالمطعم وهي تبكي واخبرته ان شقيقها يتشاجر مع طفل اخر وسبق والاثنان تشاجرا معا بالامس. وقف خالد بسرعه ووقف رشيد وذهب الاثنان الي المكان المخصص للاطفال.
اقترب خالد من ابنه ونظر الي وجهه بعد ان اصابه عمر باظافره ثم نظر الي عمر والمشرفه المسؤوله وتحدث اليها بغضب:
– ايه التهريج اللي بيحصل هنا ده! ازاي اسيب ابني هنا خمس دقايق بس وارجع الاقيه متبهدل كده؟!
اجاب عليه عمر بصوته الطفولي الغاضب:
– هو اللي بدأ الاول وبيخوفني عشان باباه ظابط.
نظر رشيد الي الطفل الذي يتحدث بكل قوة واعجب بقوة شخصيته رغم صغر سنه.
انسحبت احدي الموظفات وذهبت لتخبر مديرة المطعم بما حدث.
تحدث ياسين ابن خالد وهو يتحامى في والده:
– اه بابا ظابط وهيقبض عليك دلوقتي.
تحدث خالد الي ابنه بغضب:
– عيب كده يا ياسين..
ثم نظر الي الطفل الذي يقف امامه بكل قوة وتحدي:
– انت باباك فين عشان نتكلم معاه.. اكيد انا مش هقف اتكلم مع عيل صغير.
تحدث عمر بتحدي:
– بابا مسافر وانا مش صغير.
تحدثت المشرفه المسؤله عن الاطفال باعتذار:
– انا بعتذر جدا لحضرتك يا فندم بس فعلا ابن حضرتك اللي بدأ الاول ووقع عمر وده كان بسبب مشكله حصلت بينهم امبارح ومدام حضرتك تفهمت المشكله.
تحدث اليها رشيد بغضب:
– الاطفال دول مش غلطانين.. الغلط والتقصير منكم انتم.. تقدري تقوليلنا انتم كنتوا فين والاطفال بيضربوا بعض بالشكل ده؟
خفضت المشرفه وجهها ارضا بصمت، تحدث خالد بعصبيه:
– انا عايز المسؤول عن المكان ده حالا..
جاءت كارمن مسرعه بعد ان اخبرتها الموظفه بما حدث ورأت اثنان من الرجال يقفون امام ابنها والمشرفة المسؤوله وصوت احد الرجال مرتفع ويطلب المسؤول عن المكان.
توقفت كارمن خلفهما وتحدثت بثقة:
– خير حضرتك انا المسؤول هنا.
التفت الاثنان ينظرون اليها، حدق بها خالد بصدمة وهمس بدهشة:
– كارمن.
ارتجف جسد كارمن قليلا عندما رأت رشيد وتعلقت عيناها بعيناه.
اسرعت دقات قلبه بقوة عند رؤيتها ووقف يتأملها بصدمة. لا يصدق عيناه! كارمن امام عيناه الان! لكنها تبدلت كثيرا عن الماضي، لا تزال جميلة كما كانت بل اصبحت اكثر جمالا، وتبدو أيضا اكثر جديه بثيابها الرسميه الانيقه ووقفتها الواثقه امامه.
سرعان ما عادت بذكرياتها الي الماضي وتذكرت لحظات كثيرة جمعتهما معا، لكنها لم تستسلم لتلك الذكريات ان تأخذها من الواقع الذي تعيشه الان، عليها مواجهة هذه اللحظة، تعلم ان هذه المواجهة كانت ستأتي يوما ما وعليها المواجهة بقوة ودون تردد.
حاولت اظهار عكس ما تشعر به وتمسكت بقوتها ووقفتها الواثقه، ابعدت عيناها عن رشيد ونظرت الي ابنها. تحدث خالد بصدمة وهو يحرك عيناه بين كارمن ورشيد:
– كارمن.. ازيك.. انتي بتشتغلي هنا؟!
نظرت اليه وقبل ان تجيب على سؤاله، اجابة المشرفه عليه:
– مدام كارمن صاحبة المطعم.
نظر رشيد الي المشرفه بدهشة ثم عاد ببصره الي كارمن.
تحدث عمر بصوته الطفولي وهو يقترب من كارمن :
– ماما صدقيني انا مش غلطان المرادي وهو اللي بدأ الاول.
فتح رشيد عيناه بصدمة وهو ينظر الي الطفل الذي يقترب من كارمن ويتحدث اليها بثقه ويقول انها امه. نظر خالد الي الطفل بصدمة هو الاخر ثم الي رشيد.
عقد رشيد ما بين حاجبيه بدهشة وهو ينظر الي الطفل باهتمام.
توترت كارمن وامسكت بيد ابنها وتحدثت بصوت حاولت ان يبدو طبيعيا:
– ايه اللي حصل؟
تحدث عمر بصوته الطفولي:
– الولد ده يا ماما اللي كان بيحاول يخوفني امبارح والنهاردة برضه بيخوفني عشان باباه ظابط.
نظرت كارمن الي ابنها ثم نظرت الي رشيد وتحدثت بصوت بارد:
– ممكن اعرف ايه المشكله؟!
استغرب رشيد من قوتها الظاهره امامهم وبرودة صوتها، مازالت هي بنفس ملامحها الرقيقه لكن نظراتها وصوتها لأمرأة اخري، أمرأة قويه مسؤوله تقف امامهما بكل ثقة.
تحدث اليها رشيد وهو ينظر الي الطفل باهتمام:
– ده ابنك؟
كان قلبها ينبض بسرعه وجسدها يرتجف قليلا، حاولت اخفاء توترها واجابة بثقة:
– اه ابني.
تحدث مرة أخرى باهتمام:
– انتي اتجوزتي تاني؟!
نظرت اليه بصدمة ولم تجيب على سؤاله، انتظر رشيد اجابتها ثم نظر الي الطفل وبدأ في التفكير ومقارنة عمر الطفل بعمر ابن خالد صاحب الخمسة اعوام وبدأ يتسلل الشك الي داخله ان هذا الطفل من المحتمل ان يكون ابنه.
نظرت كارمن الي المشرفه وتحدثت اليها:
– خلي عمر معاكي وتابعي شغلك وهنتكلم في المشكلة اللي حصلت دي بعدين.
أومأت المشرفه برأسها بتوتر وأخذت عمر وذهبت لتتابع عملها. نظرت كارمن الي خالد وتحدثت اليه بثقة:
– اتفضلوا المكتب نتكلم.
نظر خالد الي رشيد، تابع رشيد بعيناه ذهاب عمر مع المشرفه وابتعاده عنهم، ثم عاد ببصره الي كارمن وتأملها بدهشة؛ لا يصدق ان هذه المرأة القويه التي تقف امامه هي كارمن الفتاة المدللة الساذجة التي تزوجها بالماضي.
تركتهم كارمن وعادت الي غرفة مكتبها، تحدث خالد الي رشيد بدهشة:
– رشيد.. معقول الولد ده ابنك؟!
نظر رشيد اتجاه عمر وخفق قلبه بقوة، ثم عاد ببصره إلى خالد واجاب عليه:
– مش عارف يا خالد..
ثم نظر الي غرفة مكتبها وتحدث باصرار:
– انا لازم اعرف منها الولد ده ابن مين.
ترك خالد يقف مع اولاده وذهب هو خلف كارمن الي غرفة مكتبها. تقدم إلى الداخل وهو ينظر حوله بعدم تصديق، مازال لا يصدق ان الفتاة الصغيرة المدللة اصبحت سيدة اعمال ولها مشروع ضخم تقوم بإدارته بمفردها.
كانت كارمن تنتظره بغرفة مكتبها وهي تحاول رسم الجديه والهدوء علي ملامح وجهها. وقف رشيد امامها وهو يتأملها باهتمام وتركيز. توترت من نظراته اليها وتحدثت اليه ببرود:
– حمدلله على السلامه.
عقد ما بين حاجبيه وتحدث اليها:
– انتي كنتي عارفه ان انا مسافر؟
اجابة عليه بهدوء:
– في الحقيقه مكنتش مهتمه اعرف وعرفت بالصدفه.
استغرب ردها البارد عليه وتحدث اليها بغضب:
– انا سألتك سؤال برا وانتي لسه مردتيش.. انتي اتجوزتي تاني؟
نظرت اليه بقوة واجابة:
– رغم ان ده سؤال شخصي ومش من حقك تسأله بس انا هجاوب عليه لاني عارفه انت ليه بتسأل السؤال ده.
نظر اليها بستغراب، لا يصدق ان هذه كارمن التي يعرفها وتزوجها. لم تهتم بدهشته كثيرا واجابة عليه:
– لا متجوزتش.
تحدث اليها بصدمة:
– والولد اللي برا ده يبقى ابن مين؟
نظرت اليه وهي تفكر في الإجابة ثم اجابة عليه بثقة:
– يبقى ابني..
تحدث بغضب:
– ومين ابوه؟!
اجابة بثقة:
– انت.
تفاجئ من ردها ونظر اليها بصدمة، نظرت اليه بتحدي واضافة:
– اكيد مش هينفع اخبي عليك حاجة زي كده وخصوصا ان عمر شايل اسمك.. عمر رشيد الجبالي.
صرخ بها بصدمة:
– انتي بتقولي ايه!! يعني الطفل ده ابني وانا معرفش.. انتي ازاي تخبي عليا حاجة زي كده كل السنين دي؟!
اجابة عليه بصراخ هي الأخرى:
– انا مخبتش حاجة!! انت اللي سبتني ورميت كل حاجة ورا ضهرك وسافرت.. كنت عايزني اعمل ايه؟ اكيد مكنتش هسافر وراك وادور عليك عشان اقولك ان انت عندك ابن!!
تحدث اليها بغضب:
– كنتي تقدري توصليلي بمليون طريقه بس انتي اختارتي تحرميني من ابني كل السنين دي ومين عارف لو مكنتش قابلتك النهارده اكيد مكنتش هعرف ان عندي ابن.
تحدثت اليه بغضب:
– انت اللي حرمت نفسك من ابنك وحرمته منك لما سافرت ومفكرتش غير في نفسك وبس.. على الاقل انا اتحملت مسؤولية تربيته لوحدي وكنت له الاب والام طول الخمس سنين.. لكن انت عملت ايه! روحت اتجوزت بعد طلاقنا بشهر واحد وعشت حياتك.
نظر اليها رشيد بصدمة قائلا:
– جواز ايه؟! مين ده اللي اتجوز؟ انتي بتقولي ايه؟! انا جدي مات بعد طلاقنا بشهرين ومقدرتش اعيش في البلد دي بعد كل اللي حصل بينا وعشان كده سافرت.
وقفت تنظر اليه بصدمة ثم تحدثت بعناد:
– كل ده ميهمنيش.. المهم دلوقتي ان انت عرفت ان عندك ابن.. وكمان ابني طول الوقت بيسأل عنك وانا مبقتش عارفه اقوله ايه وكل ما بيكبر أسئلته عنك بتكتر.
حدق بها رشيد بصدمة قائلا:
– انتي ازاي بتتكلمي عادي كده!! انتي مش عارفه انتي عملتي ايه؟! انتي حرمتيني من ابني خمس سنين.. حرمتيني من اني المسه بإيدي وهو لسه مولود.. حرمتيني اشوفه وهو بيكبر قدام عيني.. وبعد خمس سنين بتفاجئيني ان عندي ابن وبتتكلمي عادي وكأنك معملتيش حاجة؟!
تلألأت عيناها بالدموع واجابة عليه:
– انت اللي معملتش أي حاجة يا رشيد عشان تستحق انك تعيش مع ابنك كل اللحظات اللي اتحرمت منها.
تحدث اليها بغضب:
– وانتي ملكيش الحق تحرميني منه.
تحدثت بدهشة:
– انا مستحيل احرمك منه.. عمر محتاجلك وكل ما هيكبر هيحتاجك اكتر وانا مش عايزة ابني يعيش ويتربى من غير اب ويحس بـ اللي انا كنت بحس بيه وانا من غير أب.
تحدث رشيد بغضب:
– عمر لازم يعرف ان انا ابوه.
تحدثت بالايجاب:
– هو دايما بيسأل عليك وانا قولتله انك مسافر وكنت وعدته انك هترجع قريب.. خلينا نستنا يومين كده وانا هقوله انك رجعت من السفر.
تحدث اليها بغضب:
– انا مش هستنا ايام وابني لازم يعرف دلوقتي حالا ان انا ابوه.
تحدثت هي الأخرى بغضب:
– وانا مش هأذي ابني نفسيا عشانك!! عمر عارف ان باباه مسافر والولد ذكي جدا واكيد لو خرجت دلوقتي قولتله ان انت باباه الولد مش هيصدق.. وانا مش مستعده اخسر ثقة ابني.
رمقها بنظرات غاضبه، وقفت امامه تنظر اليه بقوة وتحدي ثم اضافة:
– لو سمحت يا رشيد.. بلاش تدخل ابننا في اي مشاكل كانت بينا.. الولد هيعرف ان انت باباه.. بس في الوقت المناسب.
تحدث رشيد بغضب:
– والوقت المناسب ده هيجي امتى؟
اجابة ببرود:
– لما الاقي طريقه اقدر افهمه بيها سبب انفصالنا عن بعض.
هز رشيد رأسه بذهول قائلا لها:
– مكنتش اعرف ان السنين بتغير اوي كده يا كارمن!! مين يصدق ان انتي كارمن اللي كانت بتخاف من اقل شئ ورجليها تقف من شدة الخوف.
أومأت برأسها بالايجاب قائلة:
– انا مبقتش اخاف غير علي ابني وعشان احميه لازم اكون الشخصيه اللي قدامك دلوقتي واللي انت مش مصدق انها كارمن.
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية كارمن ) اسم الرواية