Ads by Google X

رواية شيخ في محراب قلبي الفصل الحادي و العشرون 21 - بقلم رحمة نبيل

الصفحة الرئيسية

  رواية شيخ في محراب قلبي بقلم رحمة نبيل عبر مدونة دليل الروايات


رواية شيخ في محراب قلبي الفصل الحادي و العشرون 21

_ هفضل كتير مستنى ؟؟؟؟انطقوا فين ماسة ؟؟

ارتعدت شيماء من حديث رشدي رغم نبرته التي كانت هادئة عكس عينه المشتعلة بغضب مخيف …ركضت شيماء واختبأت في هادي الذي وقف امام رشدي يحاول تهدئته :

_ أهدى بس يا رشدي زعيقك ده مش هيحل حاجة

جذب رشدي شعره بعين وغضب شديد وقد بدأت بنرته تعلو بغضب شديد :

_ برضو هيقولي اهدى ….مش لما اتنيل اعرف هي فين يبقى وقتها اشوف أهدى ولا اتنيل على عين أهلي اتعصب

نظر هادي لشيماء التي كانت ترتعد خوفا تفكر في كيفية الهروب من حصار أخيها فهو لو علم ما فعلته ماسة تقسم أنه سينزل المنزل على رؤوس الجميع ولن يتمكن أحد من تهدئته .

ازدادت قتامة نظرات رشدي وهو يرمق شيماء بشر في انتظار أن تتحدث وتنهي هذا الصمت المقيت لكن ما أنهى الصمت لم يكن صوت شيماء بل كان صوت رنين هاتف رشدي …والذي تجاهله مرارا وتكرارا حتى مل وأخرجه من جيب بنطاله ليرى رقم غريب

ضيق رشدي نظراته بتفكير وصوت داخله يخبره أن المتصل هذا ليس سوى بلاء رأسه الذي أوقع نفسه به بتسرع وبالفعل بمجرد أن فتح المكالمة حتى سمع صوت بكاء عنيف و صوت ماسة يعلو :

_ رشدي الحقني انا اتقبض عليا ………

_____________________

_ هو ايه ده ؟؟؟

ابتسم زكريا على ملامح فاطمة المصدومة لحديثه السابق …ورغم أنها سمعته جيدا وهو متأكد من هذا إلا أنه اعاده مجددا على مسامعها، لكن هذه المرة بلين قليلا يحاول سبر اغوارها وتبين رأيها :

_ بقولك عايز نعمل الفرح قريب …انا شقتي جاهزة من فترة اساسا محتاجة بس شوية حاجات بسيطة وتكون ناقصة وجودك بس .

شعرت فاطمة بجسدها ينكمش برعب وهي تتخيل نفسها تعيش معه في شقة بعيدا عن والدتها واحضانها …حسنا هي بالفعل تقبلت وجود زكريا في حياتها، لكن ليس لهذه الدرجة هي لم تتعافى بعد لم تتقبل أمر أن تملك رجلا في حياتها ويتدخل في كل شيء وهو يرغب أن يتزوجوا ؟؟؟

كان زكريا يتابع كل تعابير وجهها وكأنه سيُختبر بها وقد لمح اعتراضها بل رعبها من الفكرة لذا ابتلع ريقه يحاول الابتسام وهو يهز رأسه لها :

_ ولا اقولك انا شايف نأجلها شوية …

نظرت له فاطمة بلهفة شديدة وهي تمنع زفرة راحة أن تخرج منها فهي للتو كانت تفكر في طريقة لرفض الأمر …

ابتسم زكريا بحنان وهو يهز رأسه لها متحدثا بصوت خافت قليلا :

_ خلينا نتفق اتفاق …

نظرت له فاطمة بفضول شديد تنتظر إكمال حديثه لتفهم الأمر حتى تحدث زكريا بعدها بتفكير :

_ بما إننا بدأنا من الاول خالص فهنبدأ صح يعني مثلا نبدأ نتعرف على بعض واحدة واحدة ومش هستعجلك لحاجة ابدا ممكن نخرج سوا ونتكلم سوا في التليفون زي الناس المخطوبة ايه رأيك ؟؟

نظرت له فاطمة وهي لا تعلم ماذا تقول له وقد أزاح صخرة كبيرة كانت تجثم أعلى صدرها خانقة إياها…تحدثت ببسمة :

_ هو إنت مثالي فعلا ولا انا متهيألي ؟؟؟

صدم زكريا لثوانِ من حديثها لينفجر بعدها في الضحك وهو يردد من بينها بصعوبة :

_ لا أنتِ اللي طيبة يا فاطمة ..

هدأ زكريا من الضحك ثم تنفس ليهدأ ضربات قلبه مكملا حديثه :

_ مفيش حد مثالي يا فاطمة اعرفي كده كويس ..الموضوع كله بيكون اجتهاد .

لم تفهم فاطمة قصده بكلمته الأخيرة ليلتقط هو نظراتها تلك ثم اقترب منها وهو يمسك يدها بحنان متحدثا :

_ يعني يا فاطمة كل الناس بتجتهد أنها تبين الحلو اللي جواها وتخفي الوحش عن الناس ….

_ بس ده اسمه نفاق .

ابتسم زكريا يشرح لها الأمر كما لو كان يفعل لأحد تلاميذه :

_ النفاق هو إني اظهر مشاعر أو انصح بشيء عكس اللي جوايا …يعني مثلا اقولك يا فاطمة الكدب حرام وانا اساسا بكدب …أو اني افضل امدح في فعل معين وانا اساسا بخالف الفعل ده ….إنما الجهاد ده بيكون جهاد مع النفس يعني بجاهد نفسي أنها تحافظ على الحلو اللي جواها والوحش بخفيه واحاول امنعه .

توقف عن الحديث ثم قال بعد صمت قصير :

_ تخيلي إن كل انسان عنده جواه نص حلو ونص وحش ….وخبى الحلو وأظهر الوحش ….هنكون وقتها عايشين في غابة ..عشان كده المجاهد هو اللي يقدر يكبح النص الوحش جواه ويظهر الحلو للناس .

كانت فاطمة تستمع لزكريا وهي تحاول موازنة كلماته ليكمل هو بحنان :

سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال ايه ؟؟؟

نظرت له فاطمة بانتباه ليكمل هو :

_ “أيها النَّاس، إنَّ بعض الطَّمع فَقْر، وإنَّ بعض اليأس غِنى، وإنَّكم تجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تدركون، وأنتم مؤجَّلون في دار غرور، كنتم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تُؤْخَذون بالوحي، فمن أَسَرَّ شيئًا، أُخِذ بسريرته، ومن أعلن شيئًا، أُخِذ بعلانيته، فأَظْهِروا لنا أَحْسَن أخلاقكم، والله أعلم بالسَّرائر، فإنَّه مَنْ أَظْهَر شيئًا، وزعم أنَّ سريرته حسنة، لم نصدِّقه، ومن أَظْهَر لنا علانية حسنة، ظننَّا به حسنًا “

رددت فاطمة تلك الجملة التي علقت بذهنها وهي تبتسم له :

_فأَظْهِروا لنا أَحْسَن أخلاقكم، والله أعلم بالسَّرائر

_ بالضبط كده …ده بقى الجهاد واللي انا بحاول اعمله يعني انا مش مثالي ولا كامل أنا جوايا عيوب زي أي بني ادم تاني لكن يجاهد نفسي …. إنما النفاق ده شيء تاني وموضوعه كبير يبقى اكلمك عنه في مرة تانية لأن شكل اللي بره خلصوا كلامهم .

هزت فاطمة رأسها له وهي تنهض معه تتبعه للخارج وداخلها مائة سؤال وكلهم يدوروا حول ذلك الذي يتقدمها والذي بدأ يمهد مكانه الخاص بقلبها .

__________________________

كان رشدي يركض في ممرات مركز الشرطة وخلفه هادي يحاول أن يهدأه وهو يكاد يحرق المكان بالجميع :

_ يارشدي اصبر بس نشوف ايه حصل !؟؟؟

استدار رشدي لهادي يرمقه بشر متحدثا :

_ اصبر ايه انت اهبل ؟؟؟ مراتي تتصل بيا بتعيط وتقولي أنها مقبوض عليها وعايزني أهدى ؟؟ امال اتعصب امتى لما الاتوبيس يفوتني ؟؟؟

أنهى حديثه وهو يتوقف أمام أحد مكاتب المركز ثم تنفس قليلا ليهدأ نفسه وبعدها أخرج بطاقته العسكري يطلب منه إذن الدخول :

_ لو سمحت بلغ الباشا اني حابب أقابله .

نظر العسكري في البطاقة التي تقبع بيده ثم أدى التحية لرشدي وبعدها دخل للغرفة وغاب بها لدقيقة تقريبا كان رشدي يحرق فيها هادي الذي ما زال يحاول تهدئته حتى عاد العسكري وهو يخبره أن يدخل ….

تحرك رشدي ودخل للمكتب سريعا يتبعه هادي وبمجرد دخوله نهض ذلك الذي يتوسط المكتب وهو يبتسم لرشدي مادا يده له :

_ رشدي باشا نورت القسم كله …

صافحه رشدي وهو يبتسم له بسمة صغيرة رسمها بصعوبة….

أشار له الضابط بالجلوس هو وهادي ثم تحدث ببسمة عملية :

_ تحب تشرب ايه !؟؟

كاد هادي يتحدث مخبرا إياه أنه يريد كوب عصير مثلج عله يرطب حلقه الذي جف من كثره حديثه مع ذلك الرشدي الغبي لكن توفقت الكلمات على باب فمه بسبب رشدي الذي أشار بيده رافضا أي شيء مما جعل هادي ينظر له بغضب شديد وهو يكاد ينهض وينقض عليه …

_ انا مش جاي اتضايف يا جمال باشا انا بس كنت جاي عشان فيه حد تبعي موجود هنا ..

_ حد تبعك !؟؟ بيشتغل هنا يعني ولا ….

_ مقبوض عليه .

فهم جمال ما يجري هنا ليعود بظهره للخلف وهو يحاول التذكر كل المعلومات التي وصلته اليوم ومن تم القبض عليهم، لكن كان رأسه فارغا :

_ مين ده اللي تبعك وانقبض عليه ؟؟؟

ابتسم رشدي بسمة مغتاظة غاضبة :

_ مراتي …..

___________________

_ بثينة أنتِ معايا ؟؟؟؟

زفرت بثينة بضيق وهي تبعد المجلة من يدها أثناء تسطحها على فراشها وهي تستمع لندب شيماء المتواصل منذ ساعات ترثي حالة ابنة خالتها وحالتها أيضا بعدما يعود أخيها …

_ معاكِ يا شيماء ….اعمل ايه يعني ؟؟؟ ماسة غلطت وخليها تتربى .

رمتها شيماء بنظرة حانقة وهي تقترب منها متحدثة بعدم فهم :

_ هو أنتِ ليه مش بتطيقي ماسة ؟؟؟

رفعت بثينة عينها في وجه شيماء ببرود ثم تحدثت وكأن لا شيء بها وهناك لمحة برود تمر في عينها :

_ ولا حاجة بس بنت خالتك هزارها تقيل شوية وانا مش بحب الناس اللي من النوع ده .

لم تكد شيماء تفتح فمها بكلمة حتى قاطعها صوت رنين هاتف بثينة التي رمقته بنظرات مغتاظة ولم تجب بل ألقته بعيدا عنها وكأنه يحمل وباءا قاتلا متجاهلة رنينه المتواصل مما أزعج شيماء بشدة :

_ ما تردي يا بثينة بدل الدوشة دي ….

نظرت بثينة للهاتف مجددا ثم قلبت عينها وهي تهز رأسها بعدم اهتمام :

_ فكك منه وخلينا معاكِ هتعملي ايه ؟؟؟

نظرت لها شيماء قليلا بشك وهي تدرك جيدا أن بثينة تحاول تشتيت انتباهها عن المكالمة :

_ هعمل ايه يعني؟؟ اول ما يرجعوا هستخبى في هادي وهو يتصرف مع رشدي مش هو جوزي برضو وواجب عليه يحميني ؟؟؟

ابتسمت بثينة بسمة بلاستيكية جاهدت من خلالها في التحكم بنفسها وهي تتحدث بغيظ شديد :

_ اها فعلا واجب برضو و….

قاطعها رنين هاتفها مجددا وهي تزفر بضيق لتندفع له شيماء تحمله بسرعة ملقية إياه جوار بثينة وهي تغادر الغرفة حتى تترك له مساحة للخصوصية :

_ ردي أنتِ وانا هرجع البيت قبل ما رشدي يرجع لاحسن يطين عيشتي .

انهت شيماء حديثها وهي تخرج سريعا تاركة بثينة تكاد تحترق من ذلك البلاء الذي القي على رأسها …فتحت المكالمة وهي تصرخ في المتصل :

_ فيه ايه رن رن رن قرفتني …عايز ايه ؟؟؟

_ انزليلي تحت عشان عايزك ولو منزلتيش خلال خمس دقايق هروح استنى هادي يرجع ووقتها هتيجي بس صدقيني هتندمي اوي ……

_____________________

صعد الثلاثة للتاكسي بصمت كبير خوفا من انفلات غضب رشدي فيهما …جلس هادي جوار السائق بينما جلس رشدي وماسة في الخلف …

كان رشدي ينظر للامام بشر وكأنه يحدق في عدو خفي بينما كان هادي يتحسر على شباب ماسة في الامام …

لكن ماسة ليست بتلك التي تصمت بسهولة لذا مسحت دموعها بهدوء شديد وهي تهتف بصوت خافت :

_ رشدي ….

لكن لم يصلها اي رد من رشدي بل كل ما صدر منه هو تلك البسمة المخيفة التي تخرج فقط في اقصى مراحل غضبه ….لتعيد ماسة همستها لكن بصوت اعلى قليلا :

_ رشدي …

انتفضت فزعة وهي ترى استداره رشدي لها بشكل مفاجئ مخيف صارخا في وجهها محاولا التحكم في غضبه :

_ نعم عايزة ايه من زفت ؟؟؟

ابتلعت ماسة ريقها بخوف وهي تردد :

_ مالك متعصب كده ليه ؟؟؟

نظر رشدي لهادي وهو يردد بحنق شديد :

_ ما شاء الله طلعتم نفس الغباء …

استدار مجددا لماسة وهو يكمل حديثه بغضب شديد :

_ يعني أنتِ شايفة اللي عملتيه عادي؟؟؟ وميعصبش ؟؟؟ها انطقي .

_ انا عملت ايه بس !؟؟؟

فتح رشدي فمه باتساع كبير وهو يشير لها بعدم تصديق مرددا بصدمة :

_ عملتي ايه !!؟؟؟ هي البعيدة هبلة وأنا معرفش !؟؟ بعد كل اللي حصل ده بتقولي عملتي ايه ؟؟؟

لوى هادي فمه يمنه ويسار بتهكم شديد وهو ينظر لهم في المرآة :

_ عيني على شبابك يا بنتي ….

ابتسم رشدي بعدم تصديق :

_ مش هرد عليكِ لما نرجع البيت وقتها يبقى اقولك عملتي ايه لاني متعودتش اني اتكلم في خصوصياتي برة البيت ….

صمت بغيظ شديد ثم نظر من النافذة بغضب شديد يردد بحنق :

_ قال و الاستاذة منهارة وعمالة تعيط وتقولي الحقني اتقبض عليا وانا زي الأهبل جريت مفزوع وقولت بس البت اتمسكت أمن دولة وبتتعذب ومش بعيد يكونوا بيكهربوها وتطلع في الاخر….. خناقة والاستاذ ماسكة اربع بنات وكلاهم علقة موت القادرة .

أنهى حديثه بسخرية شديدة يرمق ماسة التي لوت فمها بحنق وكأن حديثه لا يعجبها ليكمل رشدي بسخرية :

_ وانا بقى جاي وعمال اجمع ارقام ناس مهمة عشان يتوسطوا ويخرجوكِ وكنت هتصل بمحامي يجي يخرجك بكفالة .

رفع هادي حاجبه باستهزاء وهو ينظر له في المرآة الأمامية يتمتم بحنق :

_ ده على اساس إنك كنت واخد كوافير حريمي معاك ؟؟؟

_ والله يعني انت كنت هتعمل ايه بقى يا استاذ لو طلعت جناية كبيرة ؟؟؟

ابتسم هادي وهو يتحدث بجدية مضحكة :

_ كنت هكلم صاحبي هو محامي وبيفهم في شغل المحاميين ده وكان هيخرجها زي الشعرة من العجينة.

هز رشدي بيأس وهو يهبط من السيارة بعدما توقفت ثم اغلق الباب خلفه بغضب شديد مشيرا لماسة بالخروج وهو يرى الشياطين تتراقص أمام عينيه …

في ذلك الوقت كانت شيماء تهبط من بناية بثينة وهي تدعو ربها أن ينتهي هذا الأمر على الخير لكن أثناء ذلك انتبهت لرشدي الذي يقف أمام سيارة أجرة وجواره هادي الذي يهمس له ببعض الكلمات من بعيد كانت ماسة التي تقريبا اقتربت من البناية هربا من رشدي الذي انتبه فجأة لاختفائها ولولا ما بداخله لكان لحق بها الآن……

تحركت شيماء بحركات سريعا صوب منزلها وهي تحاول ألا تنظر جهة رشدي الذي ابتسم بسخرية متمتما :

_ ماشي هتروحوا مني فين …

أثناء ذلك كان زكريا يهبط من البناية الخاصة لهادي رفقة والده ووالدته …

_ خلاص يا لؤي بلاش تزعل هروح اجبلك و….

توقف زكريا عن الحديث وهو يرى رشدي الذي يكاد يحترق وسط الطريق جواره هادي لذا استأذن سريعا من والديه واتجه لهما بتعجب شديد …..

_ رشدي فيه ايه ؟؟؟؟

___________________

دخلت ماسة سريعا للمنزل ثم اتجهت بسرعة صوب غرفتها وكأن هناك شبحا يلاحقها وخلفها شيماء التي لحقت بها وأغلقت الباب سريعا صارخة في وجهها :

_ استريحتي كده يعني ؟؟؟ مش قولتلك بلاش ام المؤتمر الشوم ده اللي عمرك ما روحتيه ورجعتي سليمة …اول مرة رجعتي مكسورة وتاني مرة عملتِ مشكلة كبيرة …واهو تالت مرة ماشاء الله قضيتِ كام ساعة لطاف في السجن …

ألقت ماسة حقيبتها على الفراش وهي ترتمي خلفها بتعب شديد هامسة بحنق شديد :

_ شيماء ابوس ايدك انا مش ناقصة كفاية التحقيق اللي هيجي رشدي يعمله عشان يعرف انا ايه اللي وصلني للقسم ؟؟؟

نظرت لها شيماء قليلا لا تفهم حديثها حتى فجأة فتحت عينها وفمها بصدمة :

_ لا استني كده عشان مش مترجمة ….يعني كل العصبية اللي في رشدي دي كلها وهو لسه ميعرفش إنك مروحتيش المؤتمر ؟؟؟

هزت ماسة رأسها وهي تضحك بشكل غبي :

_ هو يا دوبك جه لقاني ضاربة كام بنت بلاستيك كده فخرجني بالعافية بعد ما أثبت أنهم اللي تعدوا عليا الاول ومن وقتها وهو عمال ياكل في نفسه ولسه ميعرفش اللي حصل بالضبط والصراحة يا ريت ميعرفش .

اخذت شيماء تحرك شفتيها بحسرة وهي ترمي نفسها جوار ماسة على الفراش هامسة :

_ ده انا وانتِ مش هنشوف الشارع ده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها……

___________________

كان الثلاثة يجلسون على سطح بناية هادي و الصمت هو سيد الموقف والجو يخلو من أي اصوات سوى صوت الرياح التي أرادت تخفيف حدة الأجواء بهزيرها اللطيف ….

استمر الصمت حتى قطعه صوت هادي الذي تلون بغضب مخيف :

_ اه يا ابن الـــــ……

تجاهل رشدي السبة النابية التي خرجت للتو من فم هادي ليوجه حديثه صوب زكريا الذي كان ينظر ارضا بشرود بينما عينه تحكي قصة أخرى :

_ رد عليا يا زكريا هو ده سبب عصبيتك من مصطفى ؟؟؟ هو عمل كدة في فاطمة ولا ايه ؟؟؟

كان رشدي يقصد بحديثه أنه كان يهددها بصور أو غيرها فهو يعلم مصطفى جيدا يستطيع الحصول على كل ما يرغب به من أي هاتف بسبب قدرته الكبيرة على التهكير يكفي فقط أن يحصل على الرقم ليمتلك بعدها كل ما يخص صاحب الرقم من معلومات .

رفع زكريا عينه والتي كانت خالية من أي تعابير بشكل غريب يرمق رفيقيه ثم هز رأسه بحركة غير مفهومة :

_ تقدر تقول حاجة زي كده ….

بالطبع هو لن يفضي هذا السر ولو على رقبته فليس هو من يظهر سر يخص شرفه وزوجته حتى لو كان لأقرب شخصين له …

_ انا هقوم دلوقتي اروح اجيبه من قفاه وانزل فيه ضرب لأن مفيش حاجة هتهديني غير كده …

كاد هادي ينهض بغضب شديد عقب كلماته تلك ليمسكه رشدي وهو ينظر له بحدة :

_ انت نسيت هو مين ولا ايه يا هادي ؟؟؟ الاستاذ ظابط يا حبيبي يعني تهجمك عليه بقضية وابقى وريني صاحبك اللي بينهم في حاجات المحاميين ده هيخرجك ازاي منها ….

_ يعني اسيبه ماشي يلطش في أي حاجة مؤنثة قدامه ؟؟؟

_ لا طبعا بس كله بالعقل يا هادي يا حبيبي مش بالعضلات …

كان هذا صوت زكريا الذي خرج بعد صمت طويل منبئا إياهم أن القادم لن يكون هينا ابدا …..

___________________

_ مش فاهمة يعني هو كده رشدي مش هيطولكم ؟؟؟؟

زفرت ماسة وهي تزيح فاطمة قليلا من على فراشها :

_ ايوة لغاية ما يهدى بس وبعدين يبقى نرجع ولا أنتِ مش هتستحملينا خمس ست سنين على ما يهدى ؟؟؟

فتحت فاطمة فمها ببلاهة :

_ خمس ست سنين ؟؟؟

_ ده يا دوبك …ندعي بس ميكونش اكتر من كده عشان عصبية رشدي بتطول شوية

تحدثت شيماء وهي تتوسط الأريكة في غرفة فاطمة بعدما طردن منار شر طردة من الغرفة واحتلوها هي وماسة هروبا من غضب رشدي والذي يقبع على بُعد طابق واحد منهما :

_ انا مش فاهمة انتِ ليكِ عين تهزري كمان ؟؟؟ أنتِ يابت بجحة ؟؟؟ مش عارفة عملتي ايه يعني ؟؟؟

تحدثت ماسة بعدم اهتمام وهي تغمض عينها براحة غريبة :

_ مش فاهمة أنتِ ليه مكبرة الموضوع كده ؟؟؟ فرضا يعني رشدي لقانا هيعمل ايه ؟؟؟هيقتلنا ؟؟؟ لا طبعا آخرها كام تهزيقة على كام فازة هيتكسروا وخلاص خلصنا .

همسات فاطمة وهي تتخيل الأمر :

_ يا ربي شكل رشدي عصبي اوي …

_ اوي اوي اوي اوي اوي بصي اوي لغاية بكرة كده ..

كانت هذه ماسة التي تتحدث ببساطة شديدة ليس وكأن من تتحدث عنه زوجها …

خافت فاطمة بشدة وهي تتحدث لماسة بشفقة :

_ وانتِ مستحملة ده ازاي يابنتي ؟؟؟ الراجل العصبي مش حلو ابدا ده ممكن في مرة يتعصب ويضربك .

انتفضت شيماء تجلس على الأريكة تدافع عن أخيها :

_ هو عصبي مش قليل رجولة …فيه فرق …..رشدي عصبيته بتطلع على كل اللي حواليه ماعدا الانسان يعني يكسر فازة ..يكسر ترابيزة يكسر كرسي يزعق ويلعن ويشتم لكن عمره ما مد ايده على بنت اللهم وإلا لو غلطتها كانت كبيرة وقتها يكفي قلم واحد عشان تفقد الاحساس بجميع حواسها.

فتحت فاطمة فمها ببلاهة شديدة تتخيل الأمر لتكمل شيماء وهي تبتسم لها :

_ هما التلاتة كده اساسا يطلعوا على مفيش بس قلبهم كلهم زي البفتة والله .

لم تهتم فاطمة بأى شيء في جملة شيماء سوى بجزء ” هما التلاتة كده اساسا ” ابتلعت ريقها وهي تفكر في زكريا …هل يغضب بهذا الشكل فهي لا تتذكر رؤية غضبه سابقا …كانت فاطمة تفكر دون أن تدرك أنها تتحدث بصوت عالي :

_ وزكريا ؟؟؟

انتبهت لها ماسة وهي تبتسم بسخرية مرددة دون أن تعي ما تقوله :

_ إذا كان هادي بيتعصب قيراط ورشدي قيراطين فجوزك يا روحي بيتعصب ٢٤ قيراط وربنا ما يوريكِ عصبية زكريا .

اعتلدت شيماء في جلستها وهي تتذكر أحد المواقف النادرة لغضب زكريا :

_ يا ستير ياربي ده مرعب …صحيح اتقي شر الحليم اذا غضب ….ده اخر مرة اتعصب كان صوته بيهز البيوت في الحارة وكانت عيونه حمر ولا كأنه هيرتكب جريمة .

ابتلعت فاطمة ريقها وهي تتساءل بخوف :

_ وايه اللي عصبه بالشكل ده ؟؟؟

نظرت كلا من ماسة وشيماء لبعضهما البعض جنى تحدثت ماسة :

_ كان فيه شيخ في الحارة قبل كده وكان معروف بتشدده ودايما يعمل مشاكل مع اللي رايح واللي جاي وقتها كان الشباب لسه طلاب في الجامعة عادي والشيخ ده أمام في المسجد المهم يعني الشيخ ده عنده بنت كانت من سن الشباب ومعاهم في الجامعة وحصل إنه عرف بطريقة أنها مصاحبة واحد وبتمشي معاه وقتها راح الجامعة جرجرها قدام كل صحابها بشكل بشع وكان وقتها الشباب هناك …

صمتت ماسة تتذكر ذلك اليوم والذي شهدت فيه الحارة عن ابشع ما يمكن أن يراه شخص ….أكملت بعد صمت قليل :

_ وقتها رجع الحارة وهو بيجرها من شعرها قدام الكل ويصرخ فيها إنه هيغسل عاره بايده وأنها اكيد غلطت مع الشاب ده ورماها في الأرض قدام الكل ونزل فيها ضرب ومحدش قدر يتحرك من المنظر لولا زكريا ……

صمتت ماسة تراقب ملامح فاطمة المفزوعة تتخيل نفسها محل تلك الفتاة اوليس هذا ما حدث معها بالتحديد حينما جرتها عمتها لمنتصف المنزل في قريتهم الصغيرة صارخة في الجميع أنها جلبت العار لهم وعليهم التخلص منها …

أغمضت عينها تحاول طرد تلك الذكريات خارج رأسها لكن أبى عقلها إلا أن يذكرها بكل أحزانها

” بنتك حطت راسك في الطين وريني بقى عارفه وشك في الناس ازاي يا مرسي ؟؟”

” قولتلك ادفنها واخلص منها محدش هيفكر أنها انجبرت على كده وهيفضلوا يحللوا اشمعنا هي وليه هي بذات اكيد هي عطتهم وش عشان يتمادوا “

” هتفضلي طول عمرك نقطة سودة في عيلتنا والنقطة دي عمرها ما هتتمحي غير بموتك “

خرجت فاطمة من شرودها وهي تستمع لباقي كلمات ماسة التي لم تنتبه لحالة فاطمة :

_ وقتها رجالة كتير حاولت تسحب البنت من تحت ايده وهو حالف ليقتلها قدام الكل لحد ما زكريا والشباب رجعوا جري من الجامعة وحاولوا يساعدوا البنت لكن الراجل رفض يعتقها وهو بيقول أنه هيغسل عاره بايده….وقتها عفاريت زكريا كلها خرجت على الراجل وصوته هز المنطقة كلها وهو بيزقه ويبعده عن البنت ويقوله شرع ايه ده يا خرفان اللي يخليك تعمل كل ده ؟؟؟ هو الشرع امرك بكده ؟؟؟ الشرع قالك تمرمط بنتك كده ؟؟؟ وتمرمط شرفك كده قدام الكل ؟؟؟؟

أكملت شيماء تتذكر ما حدث وقتها :

_ وقتها زكريا محدش قدر يمسكه ولأول مرة كان هيمد ايده على حد اكبر منه وهو بيصرخ زي المجنون في الراجل بعد ما الراجل قعد يرد عليه بكلام ويحشر الدين فيه …..

_ كان مرعب والله وعمري ما شوفت ولا هشوف منظر بالشكل ده اليوم ده عدا علينا كأنه جحيم والحمدلله وقتها هادي اتصرف واتصل بالبوليس وإلا كان الموضوع انتهى بأن واحد فيهم ميت ..

انهت ماسة حديثها ولم تنتبه لحالة فاطمة التي انفصلت عن الواقع تماما وهي تتذكر كل ما حدث معها وما تعرضت له على يد عمتها ونساء العائلة وتخاذل والدها وقهر والدتها التي لم تتمكن من فعل شيء…

وقتها لم تملك زكريا ولم يكن هناك من يدافع عنها …هي حتى في ذلك الوقت أيقنت أنها المجرمة من كثرة تكرير ذلك اللقب على مسامعها والجميع يرميها بتلك التهمة بدعوى أنها هي من اغرتهم أو أنها هي من مهدت لهم الطريق فإن لم يكن كذلك لما هي بالتحديد من بين جميع بنات القرية من يتم معها هذا الأمر ؟؟؟؟

فزعت كلا من ماسة وشيماء لحالة فاطمة التي أخذ جسدها يرتعش ودموعها تهبط بشدة تتمتم بكلمات خافتة لا تصل لمسامع أيا من ماسة أو شيماء ……

___________________

_ انت اتجننت؟؟؟جاي تهددني عند بيتي ؟؟؟

_ طب اهددك بعيد عن بيتك عادي ؟؟؟

صدمت بثينة من رد ذلك الوقح الذي أصر أن تهبط له عند سيارته ليظل يلقي على مسامعها تهديدات حمقاء .

انتبهت بثينة لصوت فرانسو يعلو مجددا بشر :

_ اسمعي يا بثينة عشان اخر مرة هحذرك …الواد اللي أنتِ متفقة معاه ده عشان موضوع ماسة لو مبعدتيش عنه هتصرف وقتها تصرف مش هيعجبك سامعة .

توترت بثينة بشدة لمعرفتها أنه ما يزال يراقبها وعلم مقابلتها الأخيرة مع ذلك المصطفى الأحمق :

_ هو الاستاذ لسه مرفعش المراقبة عني ولا ايه ؟؟؟

_ اللي زيك يا بثينة ميتأمنش ليه ….

ضحكت بثينة ضحكة قصيرة تخفي خلفها رعبها من تهديد فرانسو، لكن رغم ذلك وقفت تدعي القوة والوقاية أمامه وهي تجيبه :

_ من الاخر قول عايز ايه ؟؟؟

ابتسم لها فرانسو وهو يقترب منها بشر هامسا :

_ مصطفى ده تنسيه خالص سامعة ؟؟؟

لم تبدي بثينة أي ردة فعل على حديثه ليكمل هو بنبرة هادئة وكأنه يلقي على مسامعها أحوال الطقس :

_ هادي هيجي يقولك على معاد كتب الكتاب اتمنى وقتها ميصدرش منك اي اعتراض عشان مزعلش ماشي ؟؟؟

رمقته بثينة بنبرة مميتة وهي تتوعد له بالويل …….

________________

كانت ماسة تحاول تهدئة فاموة التي أخذت تبكي وتصرخ بكلمات غير مفهومة وهي حتى لا تعلم السبب فهم كانوا بخير حال منذ قليل …

تحدثت شيماء وهي تكاد تبكي رعبا على فاطمة :

_ يمكن خافت من كلامك وفكرت إن ممكن زكريا يضربها ؟؟؟

_ لو كلامك صح مش هتنهار بالشكل البشع ده ….اجري كلمي اي حد يجي يلحقها كلمي زكريا ونادي لامها …

تحدثت شيماء بخوف شديد وهي تحمل هاتفها :

_ حاضر حاضر …

_______________

_ زكريا إنت برضو مش حابب تقولنا سبب كل اللي بتعمله ؟؟؟ اصل غضبك الكبير ده مقلقني اوي .

كان هذا صوت رشدي بعدما استمع لما ينوي عليه زكريا متعجبا من ذلك الشر الذي يسكن صديقه الهادىء المبتسم والحنون.

زفر زكريا وهو ينهض متجها صوب رشدي ينظر في عينه متحدثا بثقة كبيرة :

_ رشدي انتم لو معملتوش اللي قولت عليه …هعمل انا، بس لوحدي سامع ويحصل اللي يحصل .

نظر هادي لرشدي يشير له بعينه أن يوافق الآن لحالة زكريا مخيفة …قاطع تلك الأجواء رنين هاتف رشدي والذي وجد المتصل أخته …

زفر رشدي بغيظ شديد ثم تجاهل الأمر فهو مازال غاضبا منها وبشدة وربما هي تتصل به للإعتذار وهو حقا لا قبل له الآن بالتحدث في هذا الأمر يكفيه جنون رفيقه …

توقف هاتف رشدي عن الرنين ليتحدث هادي بمرح محاولا كسر تلك الأجواء :

_ طبعا لما يقع في ايدينا مش هتنسوا هادي حبيبكم .

لم يفهم أيا من زكريا أو رشدي حديث هادي ليوضح لهم :

_ قصدي يعني إن الواد ده ليا فيه زي ما ليكم فيه متنسوش إنه كان بيفكر في شيماء و….

توقف هادي عن الحديث ليلمح اللقب الذي يطلقه على شيماء على هاتفه…ارتسمت بسمة واسعة على فم هادي وهو يحمل هاتفه مجيبا بحنان :

_ حبيبي ….

رفع رشدي حاجبه بحنق شديد وهو يكاد ينهض ضاربا إياه بوجهه فهو لم يغفل عن ذلك الاسم الغبي الذي يطلقه على أخته لكن توقف رشدي عن حركته وانتبهت حواس زكريا جيدا لذلك الاسم الذي خرج من فم رفيقه :

_ فاطمة ؟؟؟ مالها فاطمة ؟؟؟ اه اه زكريا معايا….. طب فهميني فيه ايه بطلي عياط واتكلمي براحة ..

هنا ويكفي لم ينتظر زكريا ثانية أخرى وهو يركض للاسفل سريعا حتى كاد يسقط على الدرج أكثر من مرة وهناك مئات السيناريوهات تدور في رأسه وكلها توصله للجنون ….

وصل زكريا واخيرا لمنزل فاطمة ليدق الباب بعنف شديد وهو يقرع الجرس في نفس الوقت …

فزعت منيرة في الداخل وهي كانت ما تزال تجلس على سجادة الصلاة الخاصة بها بعدما فرغت من الصلاة لتسمع لذلك الطرق المرعب على الباب لذا نهضت سريعا تخرج من غرفتها التي تقع في اخر المنزل وأثناء سيرها للباب التقطت مسامعها صوت بكاء ونشيج من جهة غرفة ابنتها لتضرب صدرها برعب وقد نست أمر ذلك الذي يكاد يكسر الباب على رؤوسهن وتتجه صوب غرفة ابنتها …بينما نحمده خرجت من غرفتها مفزوعة تراقب الأمور من بعيد دون التدخل حتى

كان زكريا يطرق الباب بخوف شديد وخلفه كلا من هادي ورشدي يحاولون تهدئته ليتحدث هادي وهو يمسك زكريا يمنعه من تكسير الباب :

_ يابني أهدى شيماء بتقولي إن هي مرة واحدة عيطت يمكن مخنوقة ولا حاجة يخربيت جنونك أهدى …

لم ينجح هادي في تهدئة زكريا وكيف ذلك وهو أكثر العالمين بما تمر به ومتأكد تماما أن سبب بكائها ذلك ليس كما يقول هادي بل ربما تعرضت لتلك الحالة مجددا أو تذكرت شيء أو الاسوء ربما تواصل مصطفى معها بشكل من الأشكال …عند هذه الخاطرة جن جنونه وهو يزيد من عنف طرقاته صارخا :

_ حد يفتح الباب اخلصوا …..يا فاطمة ….فاطمة انا هنا متخافيش …

ركضت ماسة سريعا صوب الباب الخارجي للمنزل وهي تحاول التمساك وعدم الانهيار لما تتعرض له فاطمة التي تبكي وتصرخ في أحضانه والدتها متمتمة بكلمات وحديث غير مفهوم …

فتحت ماسة الباب سريعا ليندفع زكريا كما القذيفة دون شعور منه صارخا باسم فاطمة…

دخل رشدي سريعا وهو يسأل ماسة عما حدث لفاطمة لتجيب وهي تبكي :

_ معرفش والله ما عرف احنا كنا بنتكلم سوا ومرة واحدة لقيتها بتترعش وتعيط وبعدين بدأت تصرخ وتقول معملتش حاجة وانا مش فاهمة .

ضمها رشدي يحاول تهدئتها وقد بدى أنها انتظرت مجيئة لتنهار بينما هادي كان يقف بقلة حيلة فلا هو يمكنه مساعدة رفيقه والدخول خلفه وقد تكون زوجته في وضع لا ينبغي عليه رؤيته ولا هو يمكنه التصرف وحده فهو حتى لا يعلم مصابها….

دخل زكريا للغرفة بلهفة شديدة ليصعق من مظهر فاطمة وهي تبكي وتصرخ في أحضان والدتها تلك الحالة التي يراها بها اول مرة ….فهي حتى عندما كانت تدخل في حالة الانهيار المعروفة بها كانت لا تستطيع وقتها التحدث أو الصراخ بل يتصنم جسدها دون أي حركة والان هي في هذه الحالة وهو حتى لا يعلم سببها ……

اتجه زكريا لفاطمة بأرجل واهية يحاول إخراج كلماته دون جدوى …ثواني حتى تمكن من الحديث وهو يتحدث ببسمة مهتزة مرتجفة :

_ فاطمة ….حصل ايه ؟؟؟

نظرت له منيرة بترجي :

_ معرفش يابني والله انا كنت بصلي ومرة واحدة سمعت صوتها معرفش حصل ايه ؟؟؟؟؟؟

اقترب زكريا من فاطمة أكثر وجذبها من أحضان منيرة لاحضانه وهو يتلو عليها بعض الأيات مرجحا غضبها وصراخها ذلك لسوء نفسيتها في الفترة الأخيرة خاصة بعد رؤيتها لمصطفى مجددا .

تحركت منيرة ببطء من جانب الاثنين وخرجت بهدوء شديد ثم أغلقت الباب عليهما داعية الله أن يكون زكريا سببا في هدوئها وتوقفها عن الصراخ بهذا الشكل المرعب…

ركضت ماسة لمنيرة سريعا وهي تسألها عن سبب ما حدث لفاطمة :

_ هي فاطمة حصل ليها كده ليه يا خالتي ؟؟؟ هي بتشتكي من حاجة أو الفترة الأخيرة كانت مريضة ولا حاجة !؟؟؟

تحركت منيرة وجلست على أحدي الارائك وهي تبكي دون كلمة واحدة وماذا تقول في حالتها تلك هل تستطيع الكلمات أن تعبر عما يسكن داخلها ؟؟؟؟؟

___________________

في الداخل كان يضمها وهو يشعر وكأن قلبه يكاد يخرج كمدا على حبيبته يتسائل عن سبب وصولها لتلك المرحلة وهو من تركها سعيدة مبتسمة ..

نظر لها ليجدها صمتت من بكاءها سوى من بعض الشهقات التي تخرج كل فنية وأخرى وهي تزداد في ضمه كثيرا متحدثه بهمس خوفا أن يسمعها أحد :

_ انا مكانش عندي حد يا زكريا مكنش عندي حد ….

لم يفهم زكريا حديثها ورغم ذلك شعر بقلب ينقبض بوجع لنبرتها هامسا لها :

_ مش فاهم قصدك ايه يا فاطمة وضحي ….

رفعت فاطمة وجهها من على صدرة وهمست له بأعين محتقنة بالدماء من كثرة بكاءها :

_ عمر ما كان ليا حد يدافع عني ولا كان فيه حد يقف جنبي ويقولهم اني مليش ذنب …دائما كنت لوحدي حتى ماما كانوا بيمنعوها عني بالعافية …

_ شايف إنك نسيتِ ربنا في الحسبة دي يا فاطمة …..ربك اللي دايما معاكِ وجنبك ربك اللي اقرب ليكِ من كل الناس .

نظرت له فاطمة قليلا قبل أن تنفجر في البكاء وهي تهتف بوجع شديد :

_ انا وحشة اوي اوي يا زكريا عمري في حياتي ما اديت واجابات ربنا عليا انا …انا …

أوقفها زكريا وهو يرى الصراع الذي يدور داخلها والذي كان واضحا تماما على وجهها :

_ انتِ تائبة يا فاطمة يكفي إنك تعرفي تقصيرك فين وتصلحيه وربك غفور ولو تحبي نبدأ سوا من الاول أنا معنديش مانع .

نظرت له فاطمة بعدم فهم ليبتسم هو ويبعد شعرها عن وجهها هامسا بحب :

_ ما رأي غاليتي بأن نعيد دروس التحفيظ مجددا ؟؟؟ وايضا نجلس سويا نتحدث باستفاضة فيما تريده ؟؟؟

نظرت له فاطمة لثواني لم تفهم قصده حتى لمع مقصده فجأة في رأسها لتبتسم بسمة متسعة وهي تهز رأسها بلهفة شديد وبسرعة توافقه فهي لن ترفض تلك الفرصة الذهبية للتقرب من الله وايضا للبقاء جواره ….حصنها الآمن وحضنها الدافء …

ابتسم لها زكريا وهو يقبل رأسها بحنان شديد هامسا :

_ ‏أنتِ الجزء اللطيف الذي ألتجئ إليه كلما أتعبنى العالم، لذا اعتني بنفسك لأجلي غاليتي ………….

__________________________

“الّصمتُ أيضًا لَهُ صوت، لكنّه بحاجه إلى روحٍ تفهمه”.


google-playkhamsatmostaqltradent