Ads by Google X

رواية جعفر البلطجي الجزء (2) الفصل التاسع 9 - بقلم بيسو وليد

الصفحة الرئيسية

 رواية جعفر البلطجي كاملة بقلم بيسو وليد عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية جعفر البلطجي الجزء (2) الفصل التاسع 9

 
 
ضمها جعفر بحنان ومسدّ على رأسها بينما أرتشفت بيلا القليل من الماء لتقترب منها ليان تأخذ الكوب وتضعه على الطاولة بجانبها، جلس جعفر على طرف الفراش وكانت هي تقف أمامه، تحدث جعفر وهو ينظر لها قائلًا:مش هتكسبيني برضوا خلّي بالك
أبتسمت ليان أبتسامه لطيفة وقالت:لا هكسب زي ما كسبتك هناك
جعفر بـ أبتسامه:شكلك هتبقى مُنافس صعب أتغلب عليه بسهولة
أقتربت منه ليان واستقرت بـ أحضانه التي أصبحت ملجأها وأمانها من قسوة العالم ومن بهِ، بينما كانت بيلا تنظر لهما بـ أبتسامه وهي سعيدة بـ علاقة صغيرتها مع أبيها
نظر لها جعفر ثم نهض وحمل ليان واتجه للجهة الأخرى ثم جلس بجانب بيلا وبـ أحضانه صغيرته ليُحاوطها بذراعه ضاممًا إيها إلى أحضانه مع صغيرته ليطبع قُبلة على رأسيهما بحنان دون أن يتحدث
__________________
كان يجلس في بهو منزله وهو يُفكر في ما هو مُقبل عليه، شارد ينظر في نقطة سوداء يود محيها من حياته فكلما أبتسمت لهُ الحياة تعود سريعًا لتصفعه بقوة وكأنها عازمة على إلقاء دروسها القاسية على رأسه دون رحمة أو شفقة، البارحة خسر طفله وكاد يخسر زوجته ورفيقه واليوم يود الأسد الثأر وردّ الصاع صاعين
ماذا سيفعل، وما هي أولى خطواته فـ هو لا يُريد سوى تعذيبه مثلما يشاء لا أحد يمنعه فـ هو لن يهدء سوى بالثأر لها لا أكثر من ذلك، أخرجه من شروده وأفكاره صوت هاتفه الذي صدح فجأه لينتشله من بقعته السوداء التي تستوطن عقله وقلبه
“عملت اللي قولتلك عليه”
أتاه صوته وهو يقول بجدية:عملت وبزيادة ومحدش حس بـ أي حاجه وكله في السليم
جعفر بهدوء:حلو طبعًا انتَ عارف هتعمل ايه بعدها
لؤي بهدوء:عارف مسافة ما أخلص هكلمك برضوا واعرفك
جعفر:مش عايز أي حد يحس بيك ولا يلاحظوا غيابك تتعامل عادي خالص قدام الناس وكـ أن مفيش حاجه حصلت لحد ما أكلمك تاني
أنهى حديثه معه ثم أغلق الهاتف ووضعه مره أخرى على الطاولة ومن ثم مسح على وجهه وخصلاته وهو يشعر بـ أن رأسه ستنفجر لا محال، لحظات وشعر بجسد صغير يلتصق بجسده لينظر بجانبه ولم تكن سوى صغيرته التي أرهقت قلبه حُبًا وعشقًا لها
ضمها إلى أحضانه لتضع هي رأسها على كتفه وتعود للنوم مره أخرى تاركة إياه ينظر لها بحب، كان يلعب في خصلاتها بحنان وهو شاردًا بها، هذه الصغيرة أستطاعت بـ أن تجعله شخصًا آخر دون أن يشعر، أستطاعت إخراج الجانب الآخر المدفون بداخله بكل سهولة، سمع صوت طرقات على باب منزله لينهض هو حاملًا إياها على ذراعه ثم أتجه إلى الباب وفتحه بهدوء لـ يرى سراج أمامه
دلف جعفر ودلف سراج خلفه وأغلق الباب خلفه ثم أقترب منه وهو يقول:انا قولت أجي أتطمن عليك … انتَ كويس
زفر جعفر بهدوء وقال:أيوه
نظر لهُ سراج بشك وقال:لا مش حاسس … بالمنظر دا لا مش كويس … هنفضل نقولك كام مرة أنسى دلوقتي وركز في مراتك
زفر جعفر بملل ليتركه ويدلف إلى المطبخ بينما تطلع إليه سراج بتعجب شديد ولكنه أبى أن يتركه وذهب خلفه، بدأ جعفر بـ إعداد فنجان قهوة بعدما شعر ببعض الألم في رأسه ليقف سراج بالقرب منه ينظر لهُ بهدوء بينما جعفر لم يُعيره أيا أهمية
لحظات من الصمت والهدوء بينهما ولكن كان لصراعاتهم الداخلية رأيًا آخر، أشعل جعفر النيران التي تُذكره دائمًا بـ إنتقامه ثم وضع وعاء يستخدم لعمل القهوة عليها ليتركها بهدوء ويستند بظهره على الجدار خلفه
زفر سراج وقال بحده:جعفر يكون في عِلمك انا مش هسيبك تنفذ الهبل اللي بتفكر فيه دا دلوقتي مهما حصل … وخليك عارف إن انا مش هسمحلك تعمل أي حاجه توديك في داهية انا عارفك كويس أوي وعارف دماغك فيها ايه وبتفكر أزاي فـ حذاري يا جعفر تعمل أي حاجه من غير ما تكون معرفني
أبتسم جعفر أبتسامه جانبية ساخره وهو ينظر بعيدًا عن مرماه، فـ هو لا يعلم بـ أنه أتخذ خطوته بالفعل وسيقوم بتنفيذها خلال ساعات، أقترب منه سراج حتى وقف أمامه مباشرًا ونظر لهُ بترقب لينظر لهُ جعفر بهدوء دون أن يتحدث
لحظات وصق سراج على أسنانه بقوه وغضب ليقول:حلو … بتعاندني مش كدا
جعفر ببرود:أعاندك في ايه مش فاهم
سراج بحده:انتَ فاكر نفسك بتضحك على مين يا جعفر … عملتها
جعفر ببرود:يعني عرفت
سراج بغضب:منك … عرفت منك انتَ … انتَ ناسي أن انا قادر أقرأ أفكارك ولا ايه .. انا قادر أقرأ أفكارك وأمنعك عن اللي في دماغك بمنتهى السهولة
جعفر ببرود:دا على أساس إني هسمحلك مثلًا
سراج بغضب:مش هستنى أذنك انا قادر أمنعك من غير ما تقولي انتَ أمنعني … طول ما نفسك بتزاولك على جرايم عواقبها رقبتك انا قادر أمنعك
جعفر بغضب:وانا مش هسمح لـ أي حد يقف في طريقي ويمنعني عن أني أخد حق مراتي وبنتي مهما حصل
سراج بصراخ:بس انا هقدر غصب عنك وعن عين أهلك
أنتفضت ليان فزعًا على صوت صراخهما وهي تنظر لهما بخوف، شعر جعفر بالغضب يعمي عينيه ليدفع سراج بعيدًا عنه بقوه وهو يقول بغضب:لو راجل وريني هتمنعني أزاي وانا هنسى إنك صاحبي يا سراج
في هذه اللحظة دلفت بيلا على صوتهما العالي وهي تنظر لهما، أستندت على الجدار بجانبها تنظر إلى جعفر الذي كان ينظر إلى سراج بغضب والذي كان يُبادله نظراته بـ أخرى مشتعلة
حرك سراج رأسه برفق وهو يقول بتوعد:حلو أوي
أقترب منه مره أخرى ووقف أمامه ينظر لهُ ليتحدث وهو يضربه بخفه على كتفه بـ أستهزاء قائلًا:انا بقى هوريك الراجل دا قادر يمنعك أزاي يا جعفر ولؤي انا هيكون ليا تصرف تاني معاه .. عشان يمشي ورا واحد مجنون زيك نهاية اللي بيعمله موت
أبعد يده عنه بعنف ثم جذبه من قميصه لينظر لهُ بعينين حمراوتان قائلًا بنبرة خافته:حلو وانا مستني أشوف … وخف بقى عشان انا ماسك نفسي عنك بالعافية عشان خاطر بنتي مش أكتر بس كلمة زيادة كمان هتتفاجئ بـ اللي هعمله … وانتَ آخر شخص أتمنى أنه ميشوفش جناني على حق … كلامنا خلص لحد هنا
أنهى حديثه ودفعه بعيدًا وهو يرمقه بشر وكأنه يتحداه على فتح فمه بحرف واحد بعد حديثه، نظر لهُ سراج بغضب شديد وحرك رأسه برفق وهو يقول:ماشي … هنشوف مين اللي كلامه هيمشي في النهاية
صرخ بهِ جعفر بجنون وهو يدفعه بعيدًا قائلًا:أطـــلـــع بـــرا
نظرت بيلا إلى صغيرتها التي تركها جعفر مؤخرًا وقالت بنبرة مهزوزة:ليان روحي أوضتك يا حبيبتي وأقفلي الباب
ذهبت ليان إلى غرفتها بالفعل كما طلبت والدتها منها وأغلقت الباب خلفها لتعود بيلا وتنظر لهما لتقول:كفاية خناق بقى لحد هنا كدا مش هينفع هتخسروا بعض عشان خاطر ايه
سراج بحده:قوليله هو الكلام دا … شوفي جوزك بيعمل ايه ونهاية اللي بيعمله ايه وبعدين أبقي قوليله الكلام دا
نظرت بيلا إلى جعفر الذي كان يقترب منه مره أخرى في نية ضربه لتقترب هي سريعًا تقف أمامه تمنعه عما يدور برأسه وهي تنظر لهُ قائلة:كفاية يا جعفر عشان خاطري نهاية اللي أنتوا بتعملوه دا مش حلوه عشان خاطري
توقف جعفر مكانه وحاول التماسك من أجلها فقط لتنظر هي إليه ثم إلى سراج لتقول:بعد أذنك يا سراج أمشي دلوقتي
خرج سراج بالفعل فـ وجوده دقيقة أخرى كانت ستسحقه، سمعت صوت إنغلاق الباب لتنظر هي إلى جعفر مره أخرى الذي تركها وخرج أيضًا تاركًا إياها تقف وحيدة تنظر إلى أثره بهدوء، مسحت على وجهها برفق ثم أستندت على الرخام بيديها بشرود
____________________
كان يسير وهو لا ينتبه لـ أي شيء حوله حتى أصتدم بهِ وشعر فجأه بهِ يجذبه بعنف معه لـ إحدى الأزقة بعيدًا عن مرمى الجميع
“كنت فين”
كلمتان خرجتا من فمه تبدوان عادية للجميع ولكن بالنسبة إليه هي ليست كذلك، رفع لؤي بصره إليه بعدما كان ينظر إلى يديه التي كانت تُمسك بقميصه بقوه ليقول ببرود:مشوار عادي
تصنع سراج الذهول وقال:مشوار عادي أه … ويا ترى المشوار دا في مكان مقطوع برضوا … أصل انا أول مرة أعرف أن الناس مشاويرها بتبقى في أماكن مقطوعة
رمقه لؤي ببرود وقال بحده:أيوه اللي بترميله صح عايز ايه بقى عايز تمنعه أنه ياخد حق مراته وحقه وحق أي حد يخصه … عايز تمنعه ويعدي الموضوع وكأن اللي حصل دا محصلش ولا يتقبل كل دا من غير ردّ فعل … خسر أبنه اللي مكانش يعرف عنه حاجه ويوم ما يعرف أن ليه وجود يختفي وشويه وكان هيخسر مراته وربنا كان غفور رحيم بيه وحمدنا ربنا إن البت محصلهاش حاجه كمان .. عارف لو البت كان حصلها حاجه كان جعفر جراله ايه … انتَ تحمد ربك إنه عايش دلوقتي غيره كان مات بحسرته بتتكلم وكأن اللي حصل دا حاجه بسيطة وانتَ مش حاسس بحرقته على مراته وعلى منظرها قدامه ولا على أبنه اللي بيحلم بيه كل يوم وهو عايز يكون في سند لـ بنته … انتَ مش عارف ولا هتعرف جعفر بيفكر أزاي وجواه ايه
صاح بهِ سراج وقال:عـــايـــز أفـــوقـــه مــن غـــفـــلــتــه … مــش عـــايـــزُه يــخــســر حــيــاتــه عــشــان ردّ فــعــل غــبــي مــنــه …. جــعــفــر قــادر يــاخــد حــقــه بــمــلـيـون طــريــقــه بــعــيــدًا عـن إنـه يــوقــع نــفــســه فـي مــشــاكــل وبــلاوي مــحــدش شــايــفــهــا ولا حــاسس بــيـهــا …. فــكــروا فـي الـلـي هــيــحــصــل بــعــدها مـراتـه دي هــتــفرح لما يــدخل الـسـجـن هـا بـنـتـه هــتــبقـى مــبــسوطــة … ربــنا خــالــقـنــا بـعـقـل نــفـكــر بـيـه يـا أغــبــية مــش كــل حـاجـه بالــدراع
أنهى حديثه وصدره يعلو ويهبط بعنف فـ هؤلاء الحمقى لا يفهمون بـ إنهم يوقعون بـ أنفسهم في المهالك وهو الوحيد الذي يعلم نهاية ما يحدث ولذلك يُحاول لفت أنظارهم إلى هذه النقطة فـ الغضب وتلك النقطة السوداء التي تكمُن بداخل جعفر تعميه عن رؤية أي شيء آخر وهو يخشى عليه من الوقوع في المهالك
ولذلك يُحاول إفاقته بشتى الطرق حتى وإن كلفه ذلك عناء حبسه في منزله لمنعه من إرتكاب هذه الجريمة، تحدث لؤي هذه المرة وهو يقول بهدوء:محدش هيعرف أي حاجه عن اللي بيحصل أو اللي بنعمله وانتَ مش هتفتح بوقك بحرف وجعفر هياخد حقه بالطريقة اللي تطفي ناره لا انا ولا انتَ ولا أي حد هيقدر يمنعه عن اللي عايزُه … مش هنعرف نمنع واحد مراته أجهضت واتضربت تحت أيد واحد مريض زي حليم
زفر سراج بقوة وتركه لينظر لهُ لؤي بهدوء دون أن يتحدث، لحظات وقال سراج بقلة حيلة وحزن:انا خايف عليه يا لؤي … خايف عليه يحصل معاه حاجه هو مش عامل حسابها … كنا هنخسر واحد ومش مستعد نخسر التاني … انا مش متخيل إن ممكن ييجي يوم منبقاش مع بعض أحنا الأربعة … مسافة ما بفكر في النقطة دي بتجنن يا لؤي انا خايف عليه من المصايب اللي مستنياه
أقترب منه لؤي وربت على كتفه وهو يقول بنبرة هادئة وتفهم:انا عارف انتَ حاسس بـ ايه وعايز تعمل ايه .. بس انا قولتلك على اللي فيها يا صاحبي … جعفر مش هيسكت غير وهو عامل اللي في دماغه سواء برضانا أو غصب عننا … وانا مفيش في أيدي حاجه أعملها غير إني أنفذله اللي هو عايزُه لعل دا يطفي ناره شويه يا صاحبي ويهدى … سيبه يعمل اللي هو عايزُه وإن شاء الله خير ربنا هيسترها معاه زي ما ساترها معاه على طول
مسح سراج على وجهه وهو يقول بهدوء:ونعمة بالله
____________________
“مالك يا صلاح سرحان في ايه من إمبارح كدا”
أردفت بها أزهار وهي تجلس بجانبه تنظر لهُ بهدوء ليقول هو بعد لحظات:في أخويا والجحيم اللي هيشوفه على أيد جعفر
نظرت أزهار بعيدًا وقالت بتردد:متزعلش مني يا صلاح بقى أخوك يستاهل
حرك صلاح رأسه برفق وهو يقول بشرود:عارف … عشان حطيت نفسي مكان جعفر ولقيت إني كنت هعمل كدا وأكتر … يعنى ايه أخسر أبني على أيد أخويا سواء كان عمدًا أو لا … أزاي أصلًا هشوفه بيمدّ أيده عليكي دا انا أقطعهاله
أزهار بهدوء:من زمان وهو كدا يا صلاح وانتَ كسلت تعرف ايه اللي مخليه كدا
صلاح بحده:بيتنيل على عين أهله بيحبها
نظرت لهُ أزهار وقالت بـ أستنكار:بالمنظر دا … دا كدا حُب يا صلاح .. دا مرض
نظر لها وقال:عرفتي بقى بيلا كانت لازم تتجوز جعفر ليه … الحب مش بالعافية يا أزهار وهي رفضاه انا هفرض نفسي على واحده مش حباني ولا قابلة وجودي ليه
أزهار:أديك قولتها يبقى اللي أخوك فيه دا مرض مش حب يا صلاح
زفر صلاح ومسح على وجهه وهو يقول بقلة حيلة:مش عارف أعمل ايه ولا أقول لـ أمي ايه … أقولها أبنك بيلعب في عداد موته .. دي لو عرفت هتروح فيها
أزهار بحيرة:ما هي دي الكارثة … كدا هتعرف وكدا هتعرف
صلاح بهدوء وتوهان:انا حتى مش هقدر ألين قلب جعفر من ناحيته مش هيجيلي عين بصراحة
أزهار:حُط أختك مكانها يا صلاح واللي مش هتقبله على أختك أكيد مش هتقبله على بنت عمتك
زفر صلاح ودفن وجهه بين كفيه وهو يُفكر فيما سيُصيب أخيه خلال الساعات القادمة على يد جعفر
______________________

دلفت بهدوء إلى الغرفة القابع بها لتجده يجلس على طرف الفراش وهو ينظر في نقطة فارغة، أغلقت الباب خلفها وتقدمت منه وهي تحمل فنجان القهوة التي تركها وخرج بعدما تشاجر مع سراج، وضعت الكوب على الطاولة الصغيرة بالقرب منه ثم جلست بجانبه بكل هدوء وهي تنظر لهُ دون أن تتحدث بحرفٍ واحد
بينما كان هو مازال شاردًا لقد أنقلب كل شيء فجأه دون سابق إنذار لتتحول حياته إلى جحيم، أستفاق أخيرًا على لمسة يدها لينظر لها ويراها تضع رأسها على كتفه بهدوء، زفر هو ومسح على وجهه يُحاول نسيان ما حدث حتى تسير حياته مع بيلا بالشكل الذي يُريده دون عائق قد يؤثر على علاقتهما
تحدثت بيلا بنبرة هادئة وهي تقول:انتَ اللي هتنضف البوتاجاز يا جعفر
عقد جعفر حاجبيه بتعجب ليقول بعدم فهم:مش فاهم
تحدثت بيلا بنفس الهدوء وهي تقول:القهوة اللي كنت بتعملها فارت على البوتاجاز وانا مش قادرة أنضفه فـ هتقوم زي الشاطر تنضفه قبل ما تنشق عليه وساعتها أبقى قابلني لو عرفت تنضفه
جعفر بهدوء:وانتِ عملتي غيرها
حركت رأسها برفق دون أن تتحدث ليقول هو:مكنتيش عملتي حاجه
بيلا:متقلقش مش هعمل حاجه أصلًا عشان الشوية اللي وقفتهم دول تعبوني إحمد ربنا إني جيت بالقهوة لحد هنا سليمة كان زمانك بتغسل السجادة اللي برا
أبتسم جعفر بخفة وقال:يا ستي ملكيش دعوة انا راضي وهعملها
بيلا:خلاص حيث كدا بقى نبهدل الشقة عشان تقوم زي الشاطر كدا تنضفها وتدوق شويه من اللي بدوقه كل يوم
جعفر بأبتسامه:وانا مستعد يا ستي وعلى قلبي زي العسل كمان
أبتسمت بيلا وقالت:لا لا خلاص عشان انتَ هتفرهد من أول تنضيفتين وتقولي مش قادر خليك زي ما انتَ أحسن
نظر لها وقال:تمام يا ستي الله يسامحك مش هكلمك وهعديها بمزاجي على فكرة
أتسعت أبتسامتها وعانقت ذراعه ولم تتحدث، أخذ فنجان قهوته وأرتشف منها القليل في نفس الوقت الذي سمع فيه صوت نداء بـ أسمه في الأسفل، زفر جعفر بضيق وهو يقول:يا شيخ ربنا ياخد جـ…..
لم يستطع إكمال جملته بعدما وضعت بيلا يدها على فمه وهي ترمقه بنظرات غاضبة مشتعلة لتقول وهي تصق على أسنانها:انا بتعصب وبتجنن ها بطل شويه عشان ماخدش موقف يزعلنا من بعض
أنهت حديثها وهي ترمقه بنظرات مشتعلة لينظر هو لها دون أن يتحدث، عاد صوت نداءه مره أخرى ليُبعد يدها عن فمها وينهض خارجًا إلى الشرفة تحت نظراتها المشتعلة التي تتابعه
رمقه بسخط وهو يقول بحده:عايز ايه يا جاموسة انتَ من زفت
نظر لهُ هاشم بحقد وقال:تصدق انا ابن جزمة وغلطان طب مش قايل حاجه
كاد يذهب ولكن أوقفه جعفر الذي قال بحده:ولما أنزلك دلوقتي
توقف هاشم ورفع رأسه يرمقه بنظرات مشتعلة ليقول بغضب:خلاص قولتلك مش قايل حاجه دا انتَ مستفز خليك كدا دماغك تفضل شغاله زي الولية اللي ما بين نارين ومتعرفش إذا كان جوزها بيخونها ولا مع صحابه
ذهب هاشم بغضب وهو يُتمتم بضيق من ردود أخيه التي تُغضبه دائمًا بينما كان جعفر مازال واقفًا يرمقه بشر ليقول بغضب مكتوم:وربي لوريك يا هاشم الكلب بس أصبر عليا
______________________
“مالك يا سراج انتَ من ساعة ما رجعت من برا وانتَ مش على بعضك ومتضايق هو في حاجه في الشغل أو مع العيلة دي”
أردفت بها مها التي كانت تجلس بجانب سراج تنتظر إجابه منه لـ يُحرك هو رأسه نافيًا وهو يقول بنبرة هادئة:مفيش حاجه يا مها انا كويس
نظرت لهُ بـ أستنكار وقالت:سراج متضحكش عليا انا عرفاك كويس وحفظاك أكتر من نفسك .. قولي في ايه أحنا مش متعودين نخبي حاجه على بعض صح
زفر سراج بقوة وصمت للحظات ثم قال:أخوكي هيجنني قُريب
عقدت مها حاجبيها بتعجب وقالت:ليه
قص عليها سراج ما حدث بالكامل حتى أنهى حديثه مع لؤي وتركه، بينما كانت هي تستمع إليه بهدوء حتى انتهى وهو يقول:وبس وانا من ساعتها دمي محروق بسببه
وضعت مها يدها على كتفه وقالت بهدوء:متقلقش جعفر مستحيل يعمل كدا
نظر لها بـ أستنكار وقال:انا بقولك زين وانتِ تقوليلي عبيد
مها:صدقني انا عارفه جعفر أخويا هو في المواقف دي بتلاقيه مندفع وعصبي وبيقولك انا هعمل وأسوي بس لما بيهدى ويقعد يفكر مع نفسه بهدوء بيعرف يحلها من غير إثارة جدل ولا أي حاجه لو تفتكر فتوح لما كان بيضايقني وانتَ أدبته ولما جعفر عرف وجه مسح بكرامته الأرض قدام الحارة وإداه العلقة التمام هو برضوا عمل نفس الحوار مع بيلا هو اه معملش دا بالظبط بس هيتجبر إنه يعمل العكس اه هيأدبه تأديبه حلوه زي ما بيعمل وبعد كدا هيحبسه ولو الموضوع كمان طلع فيه مرض نفسي حليم هيروح المصحة النفسية يتعالج عشان هو كدا من زمان شايف بيلا آخر بنات العالم مع إنها رفضته بس هو صمم إنه يفضل وراها بس وجود أخويا في الموضوع الوضع هيختلف تمامًا ومش بعيد يعمل اللي قولتلك عليه فعلًا وبكرا تعرف إن انا كلامي صح
نظر لها وقال:تفتكري ممكن يعمل كدا فعلًا
حركت رأسها برفق وهي تقول:انا متأكدة من اللي بقولهولك لو فكرت فيها هتعرف إني عندي حق
صمت سراج وهو يُفكر بتركيز شديد فيما قالته مها منذ لحظات، تذكر نظراته المهزوزة وتردده في بعض الأوقات وصراخه وغضبه، جميعهم يُرشدونه إلى العديد من الطرق والتوقعات الوارد حدوثها بالفعل والتي قد ذكرتها أيضًا منذ قليل، أستغرق القليل من الوقت حتى ربط جميع الأحداث ببعضها البعض وتوصل إلى تلك النقطة التي ذكرتها زوجته أيضًا
تحدث سراج بهدوء وهو ينظر إلى مها قائلًا:تصدقي طلع عندك حق … انا مخدتش بالي خالص من كل دا … انا أزاي مفكرتش فيها كدا بجد … بس هو بدء ينفذ انا شوفت دا
حركت مها رأسها برفق وهي تقول نافية:بيوهمك يا سراج وانتَ صدقته بسهولة
تفاجئ سراج ليسمعها تقول:هاشم تواصل مع إيميلي وعرفها كل حاجه وهي قالتله أن هو مش هيقدر ينفذ أي حاجه من دي هو بيعيشه حاله من الرعب عشان لما يتسلم تكون أدلة ضده إنه مريض وأعترف بجريمته من غير ما يحس ودي فيها دخول من غير خروج على كلام هاشم ليا
سراج بهدوء:طب هو ليه قالي كدا … ليه خرجني عن شعوري وخلاني أزعق وأهدد … ليه مش عايز يفهمني اللي ناوي عليه
مها بهدوء:عشان هو مش عايز أي حد يساعده في أي حاجه عايز يعمل كل حاجه بنفسه عشان يحس إنه رجعلها حقها هي والطفل اللي راح .. وعشان يرجع حق أكرم ومُنصف
سراج بهدوء:بس انا وعدت مُنصف إن حقه في رقبتي انا … وانا لازم أوفي بوعدي ليه مهما حصل … محدش هياخد حق مُنصف غيري انا
_____________________
دلف إلى المقابر بعدما شعر بأنه يُريد رؤيتها ولأول مرة والتحدث معها، لأول مرة منذٌ ثلاثون سنة تكون هذه أول زيارة لها، سار بين المقابر وهو يبحث عن قبرها، ينظر إلى الأسماء المدونة على باب كل قبر وكأنه يبحث عن صغيرته الضائعة، يبحث عن أسمها بلهفة ينظر هُنا وهُناك على أمل بـ أن يلقاه
ظل يسير قرابة الخمس دقائق يبحث عن أسمها أو أسم والده وما لبس لحظات حتى رأى أسم والدته أمام عينيه، ألتمعت عينيه وهو يرى أسمها يُزين باب قبرها “شاهي محمد السيد”، ظهرت أبتسامه خفيفة على ثغره وهو ينظر لهُ وكأنه وجد ضالته أخيرًا
أقترب من القبر بهدوء وعينيه مُثبتة على أسمها يتأمله بحنين، جلس على رُكبتيه أمامه وهو ينظر لهُ بعينين دامعتان لا يُصدق مرت ثلاثون سنة ليشاء الله وتُكشف الحقائق ويأتي اليوم ولدها وحبيبها ومُدللها ليأخذ بثأرها، مدّ يده ووضعها على باب قبرها وهو يتلمس حروف أسمها وقد شعر بالعديد والعديد من المشاعر في هذه اللحظة لم ولن يشعر بها من قبل سوى في هذه اللحظة
سقطت دمعه من عينه ولم تكن سوى بداية لوصلة بكاء تهز الصخر من مكانه، سقطت دموعه وهو ينظر لهُ فـ هو أتعس إنسان على هذا الكوكب، عندما كُشفت لهُ الحقيقة ظن بـ أنه سيرى والدته ويرتمى بـ أحضانها بعد مرور كل هذه السنوات، ولكنه لم يعلم بـ أن القبر كان يحتضن جسدها في هذه اللحظة منذٌ سنوات
مر شريط ذكرياته وعاد حديث غزالة يرن بـ أذنيه ككل يوم، وكأنها تُريد ثأرها، لقد مر ما يكفي حان وقت الثأر لها، بكى جعفر بضعف شديد وأستند بجبهته على باب القبر وأخذ يبكى بنحيب لأول مرة، عانق قبرها وهو يبكي يا لهُ من شعور مؤلم فبدلًا من أن تحتضن جسد والدتك تحتضن قبرها
تحدث وهو يبكي قائلًا بنبرة مُتألمة:وحشتيني أوي يا أمي … وحشتيني ووحشني حُضنك أوي … حرمتني منك بدري أوي يا شاهي … حرموني وحرموا مها من حُبك لينا وحضنك اللي بنحس إنه أأمن مكان في العالم كله حرموني وقتلوكي وقتلوا طفولتي وبراءتي معاكي … انا أتقـ.تلت معاكي يا شاهي وانا مش حاسس … انا تعبت أوي يا أمي انا شوفت من الدنيا دي اللي محدش شافه صدقيني … انا مستقبلي أتدمر على أيد شويه حيوانات معندهمش رحمة … انا عارف إن حالي مش عاجبك … ولا عاجبني انا كمان بس انا مفيش حاجه في أيدي قادر أعملها انا أتد*بحت بمنتهى القسوة ومصعبتش على حد … انا اللي الدنيا علمتني القسوة والجبروت … علمتني ميبقاش ليا لا قريب ولا عزيز بس بالرغم من دا كله حاولت أخلي جوايا نقطة بيضة في وسط السواد اللي حواليا
بكى بعنف وهو يُكمل قائلًا بحرقة:مهربتيش ليه يا شاهي منها … هو كان كدا كدا ميت انتِ مهربتيش ليه على الأقل كان زمانك معايا دلوقتي وفي حضنك مش شايل هم حاجه ولا دا كان بقى حالي … بس انتِ أستسلمتي ومخدتش في قتلك نص دقيقة وكان دمك سايح حواليكي وكان ذنبك الوحيد إنك أتجوزتيه … طب هو ليه مقالهاش إنه أتجوزك ليه مصارحهاش على الأقل كانت سابتك ليا أو قدر هو يهربك … ليه أتحرم انا ومها منكوا بسببها انا تعبان أوي يا أمي … أوي … سكاكين كل يوم بتقطع قلبي وانا شايفك في الحلم كل يوم بتقوليلي ريحني يا جعفر … كل شوية أشوفك تعبانه وزعلانه مني ومبتتكلميش معايا ومفيش على لسانك غير ريحني يا جعفر … القصاص يا جعفر … حقك عليا عشان سايبك تعبانه لحد دلوقتي وانا لسه متحركتش ولا جيبتلك حقك … حقك عليا انا والله تعبان وتايه ومش عارف أعمل ايه
سقطت دموعه أكثر وأكثر لقد ذاق من العذاب ما يكفيه حتى الممات ألا يستحق أن يرى السعادة ولو لوقتٍ قصير، يا لها من حياة قاسية غير عادلة، كان يبكي بكاء حارق لقد أكتفى من العذاب يُريد الراحة يكفيه ما رآه، شعر بـ يد توضع على كتفه وتُشدد عليه ليرفع رأسه ينظر إلى هذا الوجه الهادئ وصدره يعلو ويهبط بعنف، جلس الشاب بجانبه وبدون سابق إنذار كان يعانقه وهو يُربت على ظهره لينفجر جعفر في هذه اللحظة مُعلنًا عن سقوطه ودمار حصونه التي تحملت لسنوات العديد والعديد
شدد الشاب من عناقه لهُ وهو يُربت على ظهره بمواساة فكان يقوم بزيارة والده برفقة والدته بالقرب منه وسمع كل ما قاله جعفر وكم ألمه حديثه، ليُقرر الجلوس معه ومواساته بقدر الإمكان، تأوه جعفر ألمًا بـ أحضانه وكأن الله سخر لهُ هذا الشاب ليقوم بمواساته
نظر الشاب إلى والدته التي أقتربت منه وهي تنظر إلى أبنها وجعفر الذي كان يستوطن أحضانه فيبدوا بـ أنه بعمر أبنها وكم ألمها قلبها عليه هذا المسكين بعد سماع حديثه دون قصد
تحدث جعفر وكأنه مُغيب عن الواقع وهو يقول:آسف يا أمي .. حقك عليا … حقك عليا سامحيني والله لـ أجيبلك حقك منها … هجيبلك حقك وهريحك صدقيني انا مش هخلف بوعدي ليكي بس بالله عليكي ما تزعلي مني
ربت الشاب على ظهره برفق لتقترب والدته منه وتجلس بالقرب من جعفر لتُربت على رأسه بطيبة وحنان لينظر لها جعفر وكأن لمستها أيقظته من غفلته لتستقبله بـ أبتسامه ودودة وحنونة، إمرأة كبيرة ذات وجه بشوش لا يعلم من تكون تُهون عليه أوجاعه وحزنه
تحدثت السيدة بـ أبتسامة بشوشة حنونة وهي تقول:يُمهل ولا يُهمل … طول ما انتَ لسه مخدتش الخطوة ولا رجعلها حقها فـ أعرف إن معاد القصاص لسه مجاش … ووقت ما ييجي هتلاقيه أتنفذ من غير ما تكون مرتب لأي حاجه … كل حاجه ليها معاد هتتنفذ فيه بس الأكيد أن القصاص هيحدث مهما مرت السنين خليك عارف ومتأكد إنه جاي وزي ما أتعمل في والدتك هيتعمل فيها … بس قدام العالم كله انتَ أصبر شويه كمان وهتلاقي ربنا أخد حقك وحق كل واحد أتظلم ربنا مبينساش حد وعارف وشايف وحاسس باللي جوانا … قرب من ربنا أكتر وصلي وأعمل أي حاجه تقربك ليه ومتسمحش للشيطان إنه يسولك نفسك في جرايم عواقبها النار … صلي وأقرأ أذكار اللي دمرك وخلاك إنسان عنده صفات مش حاببها وشايفها سلبية على اللي حواليه غيره هيوعيك وهيحطك على الطريق الصح دا ربنا بيقولك انا عند حٌسن ظن عبدي بي طول ما انتَ حاطط ربنا قدامك فـ أتأكد إنك لما تحتاجله هتلاقيه هيهون عليك ويريح بالك … وهي مش زعلانه منك انتَ معملتش حاجه تزعلها هي جايه تقولك القصاص مش عشان انتَ تاخدلها حقها لا هي تقصد إن معاد القصاص قرب حقها راجع بس مش بـ أيدك انتَ … أستنى شويه كمان وهتعرف وهتفهم كل حاجه وهتعرف كل حاجه لوحدك وتأكد إن مهما المعاد يطول مسيره يخلص ويرجع الحق لـ أصحابه
كان يستمع إليها وهو لا يعلم كيف حدث ذلك ولكنه أيقن بـ أنها رحمة الله فقد كان حديثها لهُ كالضماد الذي ألتف حول جرحه النازف يُلملم بقايا حُطامه لإعادته كما كان سابقًا، تحدث جعفر برجاء وهو ينظر لها قائلًا:ممكن تحضنيني .. انا أتحرمت من حضن الأم بدري أوي ومفتقده
أبتسمت السيدة العجوز وضمته وهي تُربت على ظهره بحنان ليشعر هو بهِ أخيرًا بعد سنوات طويلة، لأول مرة يشعر بلذة هذا العناق وكم هو حنون ودافئ، سقطت دمعه من عينه وشعر بالعديد والعديد من المشاعر التي أفتقدها منذٌ صغره تعود من جديد لهُ عن طريق هذا العناق الدافئ الحنون، عناق الأم الذي لا يعلم الكثير عن قيمته إلا عندما يفتقده للأبد، ربتت على ظهره بحنان وهي تقول:ربنا يطبطب على قلبك يا ابني ويهون عليك انتَ لسه صغير ولسه العمر قدامك أستغله صح وكفاية اللي ضيعته منه
أبتعد عنها جعفر ومسح دموعه بهدوء وقال بنبرة باكية:مش بـ أيدي … منها لله اللي خليتني بالصورة دي
السيدة:انتَ بقى في أيدك تصلح كل دا وتخلي نفسك إنسان تاني خالص
حرك جعفر رأسه برفق وهو يقول بشرود:صعب … البيئة اللي حواليا مش مسعداني على كدا للأسف بس بحاول عشان خاطر بنتي
السيدة بتساؤل:انتَ متجوز … تصدق والله ما خدت بالي شكلك صغير وما باين عليك؟؟؟؟؟؟؟؟
نظر لها جعفر وقال بـ أبتسامه خفيفة:أعتبرها مجاملة لطيفة منك
السيدة:لا والله ما بجاملك حتى أبني بص مصدوم أزاي
نظر لهُ جعفر وأبتسم ليسمعه يقول:انتَ كام سنة انا تقريبًا من سنك
جعفر بهدوء:عندي تلاتين مش باين عليا
حرك الشاب رأسه نافيًا وهو يقول بـ أبتسامه:خالص وبالمناسبة انا برضوا عندي تلاتين لسه مكملهم إمبارح
جعفر بـ أبتسامه:كل سنه وانتَ طيب .. انا أكبر منك بشهر
الشاب بـ أبتسامه:وانتَ طيب يا غالي شوفي جت من الغريب ومجتش من القريب
السيدة:قصدك ايه انا قيلالك كل سنه وانتَ طيب أول واحدة فيهم طب والله يا أبني الواد دا مفتري
أبتسم جعفر لينظر إلى الشاب مره أخرى والذي قال:يا ولية أتقي الله دا انتِ مفتكرتيش غير لما شوفتي الاستوري بتاعتي هو انا عبيط يا نوجه
نجلاء بضيق:قصدك ايه ها قولي الراجل مش غريب يعني مصر كلها أوضة وصاله
نظر الشاب إلى جعفر وقال:معندكش أوضة أبات عندك عشان انا والست دي مش هنعديها على خير النهاردة
أبتسم جعفر وقال:تعالى بات عندي المكان يسيع من الحبايب ألف
نظر الشاب إلى والدته وقال:خلاص انا عرفت هبات فين النهاردة يلا يا ستي مع السلامة انتِ بقى انا هقعد مع الراجل الطيب دا … اه صحيح انتَ ساكن فين
نظر لهُ جعفر وقال:حارة درويش
جحظت عينين الآخر وقال بصدمة:قول أقسم بالله انا جنبك على فكرة … أستنى كدا … انتَ جعفر؟؟؟؟؟؟؟؟
حرك جعفر رأسه برفق وهو يقول بأبتسامه:انتَ تعرفني
الشاب بصدمة:انتَ مش فاكرني … انا رمزي فواز فاكر حجز الكورة الخُماسي اللي كنا بنحجزه وننزل نلعب كان في وقتها ملعب هناك
عقد جعفر حاجبيه وهو ينظر لهُ يُحاول تذكره ليقول رمزي:فاكر لما كنا بنلعب وواحد جه أتعرضلي وضربني قومت انتَ جيت دافعت عني وضربته لحد ما شوهت وشه فاكر
جعفر:انا اه فاكر الموقف بس مش قادر أفتكرك
أخرج رمزي هاتفه وعبث بهِ قليلًا ثم وضعه أمام عينيه وهو يقول:أهو مش دا انتَ برضوا
نظر جعفر إلى الصورة ورأى نفسه يقف بجوار ولد ولم يكن سوى رمزي، نظر جعفر إليه مره أخرى وقال بعدم تصديق:رمزي … قول أقسم بالله
رمزي بـ أبتسامه:أفتكرت
جذبه جعفر إلى أحضانه وهو يقول بسعادة:وحشتني أوي يا رمزي
أبتسم رمزي وبادله عناقه وهو يقول بـ أبتسامه:صاحبي السوابق اللي لما كان حد بييجي على سكتي كان بياكله
ضحك جعفر وشدد من احتضانه لهُ وهو يقول بسعادة:حبيبي يا رمزي انا مش مصدق
أبتسم رمزي وقال:شوفت سبحان الله أتفرقنا بقالنا قد ايه ويشاء الله ونتقابل تاني وتجمعنا نقطة واحدة
جعفر بسعادة:انا مبسوط أوي والله … أحلى صدفة بجد حمدلله على سلامتك يا صاحبي
ربت رمزي على ظهره برفق وهو يقول بـ أبتسامه:الله يسلمك يا صاحبي
أبتعد عنه ونظر رمزي إلى والدته وقال:منسيتيهوش صح
نجلاء بـ أبتسامه:انا بشبه عليه بس خوفت أسأله ميطلعش هو وأتحرج
جعفر بـ أبتسامه:ياريتك كنتي سألتيني
نظر لهُ رمزي وربت على ذراعه برفق وهو يقول بأبتسامه:كفاره يا صاحبي
صدح أذان العصر ليقول رمزي:بينا نصلي العصر مع بعض
نظر رمزي إلى والدته التي نهضت وهي تقول:طب هسبقكوا انا بقى ولما تخلصوا صلاة تعلولي عند مصلى السيدات
ذهبت نجلاء لينظر رمزي إلى جعفر الذي نظر إلى قبر والدته بحزن ليُربت على كتفه برفق وهو يقول بمواساة:في الجنة ونعيمها يا صاحبي إن شاء الله ربنا يرحمها ويصبر قلبك
جعفر بهدوء:اللهم آمين
نهض رمزي ومدّ يده لهُ ليتمسك بهِ جعفر وينهض أيضًا، نظر للقبر نظرة أخيرة قبل أن يذهب برفقة رمزي الذي حاوط كتفه وتحدث معه
_______________________
دلف بقدمه اليُمنى وهو يُسمي الله وخلفه جعفر الذي نظر حوله وشعر بـ أن هذا هو أنسب مكان يشكو فيه ربه بكل ما يحمله من ثقل وحزن، نظر إلى رمزي وقال:رمزي
ألتفت لهُ رمزي ينظر لهُ ليقول جعفر بخجل:انا مصليتش بقالي فترة طويلة وحاسس إن انا يعني مقصر جامد أوي
أبتسم رمزي عندما فهم مقصده ليقول:ربنا مستنيك تقرب منه من جديد … ربنا غفور رحيم يقبل توبة العبد الذي يعود إليه نادمًا في حقه يطلب منه المغفرة وينوي نية التوبة فيتقبل الله توبته ويعفو عنه ويغفر لهُ … كيف يرفض توبتك وهو التواب الرحيم … كيف يرفض غفرانك وهو الغفور الرحيم … إن الله إذا أحب عبدًا إبتلاه وحبب فيه جميع خلقه … توضئ يا رجُل وصلي بخشوع وأخرج ما يكمُن داخل صدرك لهُ حتى وإن ركعت باكيًا فـ والله إنها أحب خلوات العبد إلى ربه … توضئ يا صديقي ودعنا نُصلي العصر جماعة
توضأ بالفعل وبدأ الجميع يُصلي وكانت هذه من أفضل الأوقات وأحبها إلى قلبه فـ كان دائمًا يواظب على صلواته الخمس وكان يجلس لـ يُصلي قيام الليل معه ولكن عندما ذهب رمزي لم يجد جعفر من يُشجعه ويأخذ بيده ويعلمه أمور دينه ولكن يبدوا بـ أنه قد عاد الآن وسيعود جعفر القديم مره أخرى
أنهوا صلاتهم وجلسا معًا، نظر جعفر إلى رمزي وقال:حسيت إني أرتحت
نظر لهُ رمزي وأبتسم قائلًا:الصلاة تُزيل همومك ومتاعب الحياة فأنت تقف أمام ربك الذي يُناديك كل يوم خمس مرات كي تُحادثه وتُخرج لهُ ما يكمُن داخل صدرك من ألم وحزن … الله أكبر يا صديقي
أستند جعفر برأسه على الجدار خلفه وهو ينظر في نقطة فارغة وهو يُردد بهدوء قائلًا:الله أكبر
صدح صوت الشافعي رحمه الله عليه من الراديو وهو يقول “حتى وإن بدَت السماء بعيدةً إن الذي فوق السماء قريبُ فارفع يديك إلى الإله مناجيًا إن الجروح مع الدعاء تطيبُ ما ضرنا بعد السماء وإن علت مادمت يارب السماء قريبُ”
ردد جعفر بشرود وهو يقول:إن الجروح مع الدعاء تطيبُ
ربت رمزي على قدمه برفق وهو ينظر لهُ بـ إبتسامه ليشرد جعفر مره أخرى في عالمه الخاص عازلًا نفسه عن الجميع
_____________________
“ماما براحة شويه انتِ مستعجلة على ايه هو المسلسل هيطير”
أردفت بها ليان بصوت طفولي أنثوي رقيق وهي غير راضية عما تفعله والدتها وهي تُمسك بيدها بيديها الصغيرة وتقوم بـ إسنادها لتقول بيلا وهي تسير بجوارها:أيوه ومش هعرف أتفرج على الإعادة عشان بابا هييجي يتفرج على الماتش وانا عايزة أعرف ايه اللي هيحصل النهاردة
جلست بيلا على الأريكة لتنظر لها ليان قائلة بتذمر:مش مهم انتِ تعبانه يا ماما
طبعت بيلا قُبلة على خدها وهي تقول بحنان:انا كويسه يا قلب ماما صدقيني
تركتها ليان وعادت للغرفة لتمر ثوانِ وتعود لها من جديد تقف أمامها قائلة بجدية لطيفة:العصر أذن وبابا قالي قبل ما يمشي أحطلك الكريم دا بعد العصر وبليز يا مامي متعترضيش عشان مش هخليكي تشوفي المسلسل ولما بابي ييجي هقوله مامي مرضيتش تخليني أحطلها الكريم
نظرت لها بيلا وأبتسمت رغمًا عنها فقد أحبت أسلوبها ونبرتها في الحديث وجديتها التي زادتها لُطفًا، جذبتها بيلا لـ أحضانها وطبعت قُبلة عميقة على خدها وقالت بـ لُطف:ينفع تخلي بابا ينكد علينا سوى ما هو انا مش هسيبك تضحكي وتهزري معاه وهو منكد عليا بسببك
ليان:عادي هبوسه وهيتصالح
نظرت لها بيلا ورفعت حاجبها وهي تقول بغيرة:تبوسي مين
تحدثت ليان وهي تُخرج الأنبوب قائلة ببراءة:بابي
بيلا:ومين هيسمحلك إن شاء الله
ليان:هو عشان انا على طول ببوسه وبقوله إني بحبه وهو بيتبسط وبيجبلي شيكولاته كل يوم
جذبتها بيلا وهي تُمسك بـ ذراعيها وهي تقول بحدة وغيرة:لا والله ليلته سودة معايا أبوكي دا لما يرجعلي
ليان:عادي لو زعل هبوسه وأصالحه وهديه شيكولاته
نظرت لها بيلا وقالت:بت بطلي أستفزاز بدل ما أبيتك انتِ وابوكي على السلم
ليان ببراءة:عادي هنروح عند عمتو مها وعمو سراج
أنهت حديثها وهي تضع الكريم على كتف والدتها ثم قامت بفرده بينما قالت بيلا بتوعد:ماشي هنشوف الحوار دا لما جعفر يرجع من برا … دا الموضوع فيه بوس وشيكولاته بتتجاب كل يوم من ورايا ورومانسية وانا زي الهبلة نايمة على وداني إن ما عبرني بـ لبانه دكر ولا تف في وشي حتى بالغلط … ماشي يا جعفر
طبعت ليان قُبلة على خدها بحنان وهي تنظر لها بـ أبتسامه لطيفة لتقول بيلا بجدية:لا مش هتأثر ولا هرجع في كلمتي
طبعت ليان قُبلة أخرى على خدها لتقول بيلا بـ إصرار:ولو مش هرجع عن قراري برضوا إنسي
إنهالت عليها ليان بالقُبل لتتفاجئ بيلا من هجوم صغيرتها عليها حتى تعفو عن والدها، ضحكت بيلا على أفعال صغيرتها البريئة ليدلف جعفر في هذه اللحظة من الخارج ويُغلق الباب خلفه ويبتسم فور رؤيته لهذا المشهد اللطيف والذي أسعد قلبه بشدة
ترك أغراضه على الطاولة واقترب منهما قائلًا بـ أبتسامه:دا ايه الحب دا كله طب انا مليش من الحب جانب ولا ايه
جلس جعفر بجانب بيلا براحة لتبتعد ليان عن والدتها وترتمي سريعًا بـ أحضان والدها الذي ضحك وهو يراها تنهال عليه بالقُبل أيضًا ليضمها بحنان قائلًا بنبرة ضاحكة:لا عجبني الإستقبال دا هنغيره ونستقر على دا
أبتعدت ليان ونظرت لهُ قائلة برقة:عجبك
أبتسم جعفر وطبع قُبلة عميقة على خدها وهو يقول:أوي
ليان بـ أبتسامه:خلاص كل أما ترجع من برا هستقبلك كدا
أتسعت أبتسامته وقال:دا أحلى أستقبال في حياتي كلها وشيكولاتك عندي يا ستي
بيلا بغضب:وانا بنت البطة السودة ولا مكونش شفافة وانا مش واخده بالي إن ما عبرتني بـ باكو بسكويت بالغلط يا راجل
ضحك جعفر بقوة لتقول ليان بإغاظة:عشان انا حبيبته الوحيدة وهو بيحبني انا وبس
شعرت بيلا بالغضب ليضحك جعفر أكثر لتصرخ هي بغضب قائلة:يعني ايه الكلام دا دا جوزي على فكرة وبعدين متبوسيهوش كدا انا بغير
ليان:وانا مالي يا مامي هو اللي حلو ولو سمحتي متقربيش منه عشان بغير عليه
ضحك جعفر مره أخرى لتقول بيلا بغضب:انتَ بتضحك على ايه شوف بنتك بتقول ايه
نظر لها جعفر وقال بنبرة ضاحكة:بتغير على أبوها يا بيلا ايه اللي مزعلك
نظر جعفر إلى صغيرته التي نظرت لهُ بجدية ليقول بعدما نظر إلى بيلا مره أخرى:خلاص متقربيش مني عشان حبيبتي بتغير عليا بسيطة
بيلا بحدة:لا والله
أبتسمت ليان وطبعت قُبلة على خده ثم ضمت رأسه وهي تنظر لها لتشعر الأخرى بالغيرة الشديدة لتنسى ألمها وجروحها وهي تنهض وتنقض عليهما وهي تُبعد ليان عن جعفر لتتمسك بهِ ليان ترفض تركه لتعلو ضحكاته مره أخرى وهو يرى شجار زوجته مع طفلته عليه هذه تُريده وتلك تُريده أيضًا
أنتصرت بيلا عليها وها هي تلتصق بجعفر وتضمه إلى أحضانها بقوه وهي تنظر لها بتحدي والتي كانت تقف امامهما وتعقد يديها أمام صدرها بعدم رضا، أحبت بيلا إغاظتها مثلما فعلت معها لتطبع بيلا ثلاث قُبل على خده ومن ثم وضعت رأسها على كتفه وهي تنظر إلى ليان بـ أبتسامه واسعة وسعادة
ضحك جعفر وهو يرى تعلق زوجته بهِ وإغاظة صغيرته كما فعلت معها، نظر جعفر إلى ليان ينتظر ردًّا منها، وكأنها فهمت نظرة والدها لتقترب منه تضمه من الجهة الأخرى وهي تنظر بضيق إلى بيلا التي رمقتها بحدة ليشعر بالأثنتان تُشددان من عناقهما لهُ ليضحك عليهما وهو لا يصدق ما يراه ليضمهما إلى أحضانه وهو يقول ضاحكًا:خلاص صلوا على النبي هتموتوا بعض عليا مش كدا … خلاص يا توم خلاص يا چيري انا هسيبلكوا البيت خالص عشان ترتاحوا سهلة وبسيطة أهي
كانت كلًا منهما ترمق الأخرى بضيق وغيرة ليقول جعفر:لا الموضوع شكله كبير … أوعي انتِ وهي كدا لا انتِ ولا هي ريحوا نفسكوا
كاد يُبعدهما وينهض ليشعر بهما يمنعانه ليُصيح بنبرة عالية وهو يطلب النجدة قائلًا:يا ربــــــــــــاه ألـحـقـنـي يا ســــــــراج
google-playkhamsatmostaqltradent