رواية عمو الظابط كاملة بقلم عبد الرحمن الرداد عبر مدونة دليل الروايات
رواية عمو الظابط الفصل العاشر و الاخير 10
تغيرت تعابير وجهها وظهر التوتر وهي تقول:
– لا أعرفها ايه، أنا أول مرة أقابلها كانت معاك امبارح وبعدين هعرفها منين ما إحنا عرفناها من قطة بنت خالك
حرك رأسه بمعنى “لا” وردد:
– لا، غضبي امبارح كان عاميني عن تفصيل الموقف ونظراتكم لبعض بس لما قعدت وهديت بدأت افسر نظراتكم وكلامها ليكي وكل حاجة لدرجة إني شكيت إن مشوار قطة بنت خالي ده كان من ترتيبك علشان مشكش في حاجة إنتي مخبياها عليا؟!
ضيقت نظراتها وقالت بنبرة حادة:
– هيفيدك بإيه يعني لو مخبية حاجة؟
اعتدل ونظر لها بحدة قائلا:
– لا طبعا هيفيد، هيفيد بإني شاكك إنك ورا اللي حصلي، مش بعيد إنك اتفقتي مع الساحرة علشان تحولني قطة
ضيقت ما بين حاجبيها وقالت باعتراض:
– وأنا هعمل ده ليه؟ هستفاد ايه أصلا وبعدين هو فيه قطة بتروح تتفق مع ساحرة علشان تحول بني آدم قطة؟ كان فكري إنك بتفكر صح لكن زي ما أنت متغيرتش
رفع نبرة صوته وقال بغضب:
– أومال فيه ايه أنا مش فاهمه ردي عليا؟
تنفست بهدوء وأجابت على سؤاله بنبرة هادئة على عكس حدية الحوار:
– فيه إني كنت بني آدمة زيك واتحولت قطة بردو بس الفرق إني قطة من حوالي 3 سنين ونص
اتسعت حدقتاه بصدمة وردد على الفور:
– إزاي ده وخبيتي عني ليه كل الوقت ده؟
لوت ثغرها والتفت لكي تُعطيه ظهرها وهي تقول بعينان دامعتان:
– وهيفيد بإيه إني أقول؟ مجرد ذكريات مش عايزاها ترجع هتظهر قدامي تاني، السنين دي كلها بحاول أخفي حقيقتي اللي مش عايزة أتقبلها، أنا مش أنانية وحاولت أساعدك على قد ما أقدر بس الفرق إني خليتك تاخد عنوان الساحرة من حد تاني مش مني علشان متشكش فيا أو حد يعرف إني بني آدمة
كان يستمع بصدمة لتتابع هي بنبرة باكية:
– شوفت كل أنواع الذل والعذاب لدرجة إني كرهت أكون بني آدمة تاني
اقترب خطوة منها وهو يستمع بصدمة وما إن صمتت للحظات حتى قال:
– ايه اللي حصل فهميني؟! مين كان السبب في إنك تبقي قطة كدا؟
جلست مكانها وانهمرت عبرة من عينيها قبل أن تقول:
– كنت بني آدمة زي أي واحدة فس في الدنيا، فرحانة ومبسوطة وكل حاجة عايزها بلاقيها، مكانش ليا غير بابا الله يرحمه،
كان سندي وضهري في الحياة بعد موت ماما الله يرحمها، وفجأة أصحى على كابوس وهو إن بابا مات، مكنتش مصدقة ولا مستوعبة الخبر بجد، تخيل حد يكون هو كل حياتك وهو اللي بيقدملك كل وسائل الراحة والحب اللي محتاجهم وفجأة يختفي من حياتك؟!
التقطت أنفاسها وتابعت:
– بعدها بدأت العقارب والسحالي يظهروا، الأعداء اللي مكنتش أعرف عنهم غير الاسم شوفتهم على الحقيقة، في يوم العزاء التالت صحيت من النوم لقيتني زي ما أنت شايف كدا، فضلت أعافر وأحاول يمين وشمال لكن مفيش فايدة، يمكن أنت لقيت اللي يساعدك ويقف جنبك علشان متتجننش من الموقف لكن تخيل أنا بعد اللي حصلي ده واتحطيت لوحدي في الموقف ده؟! فضلت أعافر وأعافر لغاية ما قابلت الساحرة وساعتها قالتلي نفس اللي قالته ليك بس الفرق إني اتعصبت وشتمتها ومشيت وروحت البيت بتاعنا، لقيت العيلة متجمعين ودخلت من سكات علشان اسمعهم ويارتني ما سمعتهم، هم اللي حولوني قطة علشان ياخدوا كل ورث بابا وميبقاش ليا وجود؟! تخيل يعملوا كدا في لحمهم ودمهم؟!
ساعتها فهمت الحكمة اللي قالتها الساحرة وكان ممكن ارجع تاني لكني رفضت ده، فضلت أكون قطة أحسن ما أكون وسط بني ادمين مؤذيين بالشكل ده، خدت على حياة القطط وبقيت قطة شارع زي ما الكتاب بيقول، مش بس كدا ده أنا بقيت فتوة الحتة زي ما بيقولوا وكنت باخد حق القطط الضعيفة وأجيبلهم أكل كمان لغاية ما بقيت محبوبة من كل القطط، تخيل أكون مكروهة من البني ادمين وعايزين ليا الأذى والضرر والحيوانات تحبني؟!
تأثر بشدة بسبب حديثها وتقدم ليقول بهدوء:
– فهمتي الحكمة وكان في إيدك ترجعي تاني وتاخدي حقك ليه معملتيش كدا، أنتي شخصيتك كقطة قوية جدا يعني هتقدري تتعاملي معاهم
حركت رأسها بمعني لا وهتفت بحزن:
– وقتها مكانش فيا طاقة، كرهت الفلوس وكرهت كل حاجة، رضيت إني أكون قطة وفي نفس الوقت مكنتش عايزة ارجع تاني بني آدمة يعني خلفت الحكمة بإرادتي، أنا مش حمل ناس زي دي، الناس دي الأذى بالنسبة ليهم سهل يعني مش هيضرهم حاجة لو حاولوا مرة واتنين وتلاتة!
مش عارفة ليه ممكن حد ممكن يؤذي حد عن طريق السحر وبالشكل البشع ده؟ هل الدنيا تستاهل الأذى والضرر ده؟! ليه لما حد يغير من حد أو يشوفه أحسن منه يجري على أقرب ساحر أو دجال علشان ينتقم منه رغم إن الشخص ده معملوش حاجة؟! ليه الأذى بقى سهل للدرجة دي عند الناس؟ هم ميعرفوش إن اللي يستعين بساحر بيبقى كفر بالله؟ طب إحنا اتسخطنا قطة بسبب الكلام ده فيه ناس كتير أوي بيلاقوا صورهم عليها أسحار وأذى شديد ولو جينا نعرف الحقيقة هنلاقي أصحاب الصور دي عمرهم ما أذوا حد أو اتسببوا في ضرر للي عمل السحر، تحس إنها هواية، أيوة الأذى بقى عند الناس هواية لكن تعرف ايه أحسن حاجة؟ أحسن حاجة هي إننا كلنا هنقف قدام ربنا يوم القيامة وساعتها مش هيبقى للي أذى غير الندم ومش هيبقى للي اتأذى غير الفرح والعوض من ربنا.
تأثر بشدة لما قالته وتحدث بنبرة هادئة:
– لو هم استغلوا إنك لوحدك وعملوا كدا فلما يقف جنبك ظابط هيرجعلك حقك وهيخلي أي حد يعملك حساب، زي ما ساعدتيني وأنتي قطة هساعدك وأنتي بني آدمة
ضيقت نظراتها وقالت بتوتر واضح:
– بس أنا خايفة، تخيل بقالي حوالي اربع سنين قطة وفجأة ارجع بني آدمة تاني
ابتسم وردد بهدوء:
– متخافيش أنا معاكي، دلوقتي بس فهمت الحكمة واقدر انفذها، أنا راضي إني قطة وعايز ارجع بني آدم تاني
ابتسمت ورددت هي الأخرى:
– وأنا كمان
أغلق الإثنان عينيهما للحظات قبل أن يعاودان النظر ليجدا أنفسهما قد عادا لصورتهما البشرية من جديد.
ابتسم وردد بسعادة:
– الله ايدي أهي؟! ياااه ده أنا نسيت إزاي أمسك حاجة
ضحكت ورددت بابتسامة:
– تصدق حليوة بردو حتى وأنت بني آدم
ضحك على ما قالته وردد:
– وأنتي زي ما أنتي حتى لما رجعتي بني آدمة، يلا عندنا مشوار لعيلتك
حركت رأسها بالإيجاب ورددت:
– تمام بس أنا مش معايا فلوس هنركب إزاي
وضع يده في جيبه وأخرج الكارت البنكي الخاص به وهو يقول:
– سبحان اللي شحنت عن طريقه رصيد قبل ما أنام وحطيته في جيب البنطلون، أمان متقلقيش
قام بسحب الأموال واستقل معها سيارة أجرة إلى منزلها وأثناء الطريق ردد بهدوء:
– قصتك دي شبه قصة حد أعرفه إسمه إلياس بس الفرق بقى متسخطش قطة
ضيقت ما بين حاجبيها ورددت بتساؤل:
– صاحبك ده؟
حرك رأسه بمعنى لا وأجاب:
– لا بطل الرواية اللي كنت بقرأها
ضحكت وضحك هو معها واستمر الحديث بينهما إلى أن وصلا إلى وجهتهما.
كان المنزل أمامه الكثير من العربات فرددت هي:
– شكل العيلة متجمعين النهاردة
ابتسم وفرك كفيه وهو يقول:
– ده كدا عاش أوي، استعنا على الشقا بالله
تقدم وضغط على زر الجرس وما هي إلا ثوانٍ قليلة وفتحت الخادمة الباب ليتقدم هو دون إذن إلى الداخل وهو يقول:
– مساء الفل عليكم، متجمعين في جهنم إن شاء الله
نهض عمها وقال بغضب:
– أنت مين يا جدع أنت وإزاي تخش كدا؟ أنت اتجننت
ابتسم وردد:
– بس بس ليطقلك عرق ولا حاجة، أحب اعرفك بنفسي أنا يوسف ظابط شرطة وزوج ليان المستقبلي إن شاء الله
في تلك اللحظة دلفت «لوكا» إلى الداخل لينهض الجميع بعد أن ظهر على وجوههم الصدمة لتقول هي بطريقتها:
– ايه يا حبايبي شوفتوا عفريت؟ ولا متوقعين قطة هتخش عليكم؟!
– بالصلاة على النبي كدا كل حاجة تخص لوكا.. يوه قصدي ليان ترجع وبيتها اللي أنتوا قاعدين فيه ده تتفضلوا من غير مطرود لغاية ما المحامي يعرف برجوع ليان وحوارات الوراثة دي تتظبط وآه صح، أي حد هيفكر يؤذيها بأي شكل أقسم بالله ما هرحمكم، ايه القطة كلت لسانكم
لتتابع هي بابتسامة:
– مكلتش حاجة يا يوسف والله بس شكلي هاكل لو متحركوش من هنا حالا، برا كلكم براااا
نهض الجميع وعلى وجوههم الصدمة والحسرة وتحركوا إلى الخارج بينما اقتربت هي من «يوسف» وقالت بتساؤل:
– ايه حوار زوج ليان المستقبلي ده؟ بتقولهم كدا علشان يخافوا؟
حرك رأسه بمعنى لا وقال بابتسامة:
– لا بتكلم بجد يا قطة
اتسعت حدقتاها وقالت بعدم تصديق:
– متهزرش يا حليوة؟!
ضحك وقال بسعادة:
– مش بهزر يا قطة
*تمت*
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عمو الظابط ) اسم الرواية