Ads by Google X

رواية اوصيك بقلبي عشقا الفصل السابع عشر 17 - بقلم مريم محمد

الصفحة الرئيسية

  رواية اوصيك بقلبي عشقا كاملة بقلم مريم محمد عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية اوصيك بقلبي عشقا الفصل السابع عشر 17

  
“جزء أول”
“ظننتُ أنّي واهمة ؛ ربما أحلم و لا بد أن أستيقظ.. و لكنّي لم أستيقظ، كان حقيقيًا و قد خربت صورتكِ أمام عينيّ، و هذا… يحطّمني !”
_ سلاف
لفّت “لمى” ذراعيها حول عنق خالها فور أن فتح باب السيارة الأمامي من جهة أمه و تلقّى منها الصغيرة، بينما توجهت “أمينة” لتفتح الباب الخلفي و تتلقّى بدورها التوأم الثلاثة من المقاعد المعززة …
كان “أدهم” يسرع في خطاه نحو المنزل و التوتر بادٍ على أقل تحركاته، هكذا وصولًا إلى شقة والدته، فتح باب الشقة بنسخته الخاصة من المفتاح، أنزل الصغيرة “لمى” و هو يهتف مناديًا عبر الشقة :
-سـلاف.. ســلاف.. سـلاف !
لم يتلقَ ردًا و قد فتش جميع الغرف حتى توقف أمام غرفة أخته، وجدها مغلقة فلم يشأ أن يزعجها، إن كانت زوجته هنا لخرجت عند سماع صوته
قابل “أدهم” لدى خروجه أمام المصعد، كانت تهم بالخروج بعد الصغار و استوقفته بقلقٍ :
-إيه يا أدهم خير يابني !؟
جاوبها “أدهم” متخذًا مكانها داخل المصعد و هو يكبس زر طابقه بسرعة :
-مالقتهاش جوا يا أمي. أكيد طلعت فوق أنا طالع لها أهو !
أكدت عليه قبل أن ينغلق المصعد :
-إبقى طمني طيب !!
بالكاد رأته يومئ لها برأسه، لحظاتٍ و دفع “أدهم” باب المصعد منطلقًا صوب شقته، اقتحمها في الحال متجهًا رأسًا إلى غرفة النوم، و قد صدق حدسه و وجدها هناك، تستلقي فوق الفراش و لا تزال في عباءتها السوداء، كان التعب واضحًا عليها …
-سلاف ! .. صاح “أدهم” هارعًا إليها
شعرت “سلاف” بالمرتبة تنخفض بجوراها، كانت غاطة بالنوم، أو لعلها غيبوبة قصيرة، عندما فتحت عيناها من جديد رأت وجه زوجها الحبيب يطلّ عليها ؛
ابتسمت له بارهاقٍ و هي ترفرف بأجفانها، بينما يحاوطها بين ذراعيه قائلًا بقلقٍ شديد :
-إيه يا حبيبتي مالك ؟ حاسة بإيه يا سلاف قوليلي !!؟
و كان يمسك بذقنها بلطفٍ بين سبابته و إبهامه يقلب وجهها يمنة و يسرا ليتفّحصه عن كثبٍ …
-أنا كويسة يا أدهم ! .. قالتها “سلاف” بصوتٍ ضعيف عكس إدعاءاتها

-ماتخافش انت قلقان أوي كده ليه ؟
أدهم بصوتٍ أجش :
-قلقان ليه ! بعد ما قفلت معاكي و أكدتي إنك راجعة بشهادة ميلاد لمى لماما و فجأة بعدها بشوية تكلميني تاني و تقوليلي مش هاتقدري تنزلي أفهم أنا إيه !!؟
سألته عابسة : انت ماجتش تاخد شهادة الميلاد و توصلها لعمتو أمينة زي ما قلت لك !؟؟
رد دون أن يرف له جفن :
-لأ طبعًا. التطعيمات تستنى يروحوا بكرة أو بعده.. إنتي كنتي متخيّلة إني ممكن أروح لهم و أسيبك !؟؟
سلاف بشيء من الإنفعال :
-يعني سبتهم هما هناك يا أدهم !!؟؟
زفر بامتعاضٍ : إهدي يا سلاف ماسبتش حد. أنا عديت خدتهم في سكتي و جيت على هنا فورًا. أكيد ماكنتش هاجي أخد الشهادة و أروح أستنى معاهم كل ده و أسيبك إنتي هنا لوحدك !
أغمضت عيناها متنهدة و هي تسند رأسها إلى الوسادة بعمقٍ، أخذت تسعل بخفةٍ فجأة، ثم ما برح سعالها أن إزداد حدةً و أخذت تتأرجح مكانها من شدة السعال.. في المقابل يراقبها “أدهم” بتوجسٍ ما لبث أن استحال خوفٍ عليها …
-فيكي إيه بس يا سلاف !!؟ .. غمغم “أدهم” بجزعٍ و هو يضم رأسها إلى صدره
و لا تعلم لماذا كرهت نفسها في تلك اللحظة، لأنها تسبّبت في قلقه و زعزعة استقرارهم جميعًا اليوم.. هي و هو و الأطفال
ربما ما كان عليها أن تعود إلى المنزل، ربما كان يجب أن تتأكد قبل أن يذهبوا بأن كل ما يلزم لتلقّي التطعيمات جاهزٌ، هي المُلامة.. أيًّا كان ما فعلته شقيقة زوجها مع ابن عمتها يخصّهما وحدهما، لم يكن عليها أن تتواجد في هذا الوقت و تكتشف أمرهما، لم يكن عليها تحمل هذا العبء كله …
-يلا قومي هانروح المستشفى ! .. شدّ يدها بحزمٍ أجفلها
لو أراد لأقتلعها من الفراش بسهولةٍ، لكنه إنصاع لقبضة يدها التي شددت على كفّه فسكن على الفور منصتًا إليها :
-استنى بس يا أدهم. مستشفى إيه. مش مستاهلة
تململ بغضبٍ : مش مستاهلة إزاي. انت بقالك فترة تعبانة و صدرك تاعبك. بس إنهاردة زادت أوي الحكاية ! .. ثم هتف بصرامةٍ :
-إستحالة أقف اتفرج عليكي. مش هاسمع كلامك المرة دي. يلا قومي بقولك هانروح المستشفى !!
*****
-Asthma Syndrome !
أعلن الطبيب الخمسيني تشخيص حالة مريضته بعد الكشف الدقيق عليها
كانا كلا الزوجين يجلسان أمامه، و قد كانت “سلاف” رافعة نقابها لعجزها عن التنفس بشكلٍ طبيعي، لم تكن تفهم ما أدلى به.. و لكنها أيقنت من وجه “أدهم” بأنها علّة غير حميدة على الإطلاق …
-انت متأكد يا دكتور !؟ .. تساءل “أدهم” محاولًا إخفاء صدمته قدر المستطاع
-ربو ؟ متأكد !؟؟؟
شحب وجه “سلاف” فوق شحوبه و هي تستمع إلى هذا الخبر يخرج من فم زوجها، جمدت تمامًا و لم تستطع نطقًا.. أحسّ بها “أدهم” و ألقى عليها نظرة
كما العاجز، كالغريق الذي يتعلّق بقشة مد يده و قبض بقوةٍ على كفّها الملقى بحجرها و هو يعاود النظر إلى الطبيب قائلًا بانفعالٍ :
-ممكن تتأكد تاني يا دكتور. ممكن نعمل تحاليل آشعة أي حاجة. إزاي شخّصت بالسرعة دي !!؟
إنبلجت ابتسامة على وجه الطبيب، و قال مهدئًا و هو يخلع نظارته :
-بالراحة يا دكتور أدهم. مالك بس أنا لسا ماكملتش كلامي.. أكيد هانعمل تحاليل و أشعة. بس أنا متأكد كمان من إللي بقوله. و في نفس الوقت بطمنكوا. الوضع مش خطير. النوع ده من الربو تافه جدًا. عامل زي الحساسية المزمنة كده. هانحدد له علاج إن شاء الله بعد ما تطلع نتايج التحاليل. ماتقلقش المدام زي الفل و الله
كان يتنفس بثقلٍ و هو لا يزال يشعر بإعياء الخوف عليها، ازدرد ريقه ضامًا يدها بقبضته أكثر …
-أدهم يابني انت بتثق فيا و لا لأ !؟ .. حدثه الطبيب بجدية
أدهم عابسًا بوهنٍ شديد :
-أكيد يا دكتور أمجد !
الطبيب بحزمٍ : خلاص يبقى تصدقني و ماشوفش وش القلق ده عليك ! .. و حوّل ناظريه نحو “سلاف” مكملًا :
-و إنتي يابنتي. ماتخافيش إنتي كويسة.. ممكن اسألك سؤال ؟
بالكاد خرج صوت “سلاف” هامسًا أبحًا :
-اتفضل !
-إنتي حصلت معاكي حاجة إنهاردة ضايقتك صح ؟
إتسعت حدقتاها و ارتبكت فجأة من تلك المباغتة، بينما بقى “ادهم” هادئًا في انتظار ردها الذي تأخر كثيرًا، بل لم يأتي أصلًا، ليسترخي الطبيب للوراء قليلًا و قد خمن الإجابة، فقال بهدوءٍ :
-طيب أيًّا كان يا مدام. إنتي المرض إللي عندك ده مزمن. و مش بيظهر أعراضه غير في حالتين. مواسم الخريف و الربيع. و الحالة التانية ناتجة عن الحالة المزاجية. زي إنك مثلًا تسمعي خبر يضايقك. حد يزعلك كده يعني.. ف كل ده بردو حاجات لا تدعو لأي قلق. مبدئيًا الوقاية. أولها النقاب ده. لازم يتخلع !
-نعم ! .. خرج هذا الاعتراض من فاه “أدهم”
فأردف الطبيب ناظرًا إليه بقوةٍ :
-مش بمزاجك و لا مزاجها يا دكتور. أي حالة ربو ماينفعش معاها خنقة النفس أبدًا. قولًا واحدًا النقاب لازم يتخلع !
*****
يُقال أن السر إذا خرج عن اثنين فلن يبقى سرًا.. فماذا لو عرفه أربعة ؟
زوجها الراحل و قد توفّى و حمله معه إلى قبره، و لكن إبنة خالها، زوجة أخيها… لقد رأتها بالمجرم بالمشهود.. ضبطتها متلبّسة في ذلك الوضع المخلّ
يا للخزي
يا للعار !
كان كل ما أرادته “إيمان” بعد افتضاح أمرها أن تستلقي هكذا و تظل تبكي حتى تخرج روحها، تشعر بالوجع من كل شيء، تشعر بالغضب، تحتقر نفسها أكثر، كل هذا يفوق قدرتها على التحمل، لقد أخطأت و دفعت الثمن.. لكن يبدو بأنه ليس كافيًا
هل يجب عليها أن تموت حتى تجد الراحة و السلام !؟
و إن سخت بروحها فهل من سلام بعد ذلك.. أم عذابٌ آخر و أدهى ينتظرها !!!
-إيمان !
ناداها صوت أمها من جديد، و كانت قد تحاملت على نفسها و ارتدت ثيابها بصعوبةٍ، و ها هي تمسح دموعها في الملاءة ة تقوم واقفة، مشت بآلية تجاه باب الغرفة و فتحت القفل، ثم جذبت المقبض لتصير وجهًا لوجه أمام “أمينة” …
-لسا بتعيطي ؟ .. تمتمت “أمينة” بشفقةٍ واضحة على إبنتها
وقفت “إيمان” كصخرةٍ جامدة بينما تستطرد “أمينة” بعصبية :
-ليه بتعملي في نفسك كده يابنتي ؟ و عشان إيه. لما إنتي كارهة نفسك بالشكل ده بسبب إختيارك ما تقولي لأ. إحنا لسا فيها يا إيمان. أدهم أخوكي عنده حق. مالك ماينفعكيش زي سيف بالظبط. ليه بتجني على نفسك للمرة التانية
رفعت “إيمان” يدها و نزحت بقايا دموعها بقوةٍ قائلة بصلابة :
-عشان ده إللي لازم يحصل. ده إللي لازم يحصل يا ماما.. و هايحصل !
هزت “أمينة” رأسها بعدم تصديقٍ و هي تصيح فيها :
-هو إيه إللي هايحصل. إنتي مفكرة إنك كده بتنتقمي لكرامتك منه. مفكرة إنك ممكن تندمي مراد عليكي يعني و تغظيه.. إللي إنتي ماتعرفيهوش إنك بتغيظي نفسك و بس. محدش هايتئذي غيرك يابنتي !!!
أومأت لها موافقة :
-أيوة.. عندك حق. عندك حق. كلامك كله صح. صح !
و ظلت تردد الكلمات مرارًا و تكرارًا بطريقة أثارت ريبة “أمينة” و أقلقتها على وضعها العقلي و النفسي …
لكن دخول كلًا من “أدهم” و “سلاف” أنقذ الموقف وجعل الأم و إبنتها تكفّان.. و لكن صمت “إيمان” كان رهبةً و مخافة
لحظة إلتقاء عينيها بعينيّ “سلاف” تضاربت بداخلها مئات المشاعر، و أبرزها الخجل، و رغم ذلك لم تقدر على إزاحة بصرها عنها قيد أنملة …
-خير يا حبيبتي. طمني يا أدهم عملتوا إيه عند الدكتور ! .. استقبلتهما “أمينة” بالتساؤلات متوجهة ناحية “سلاف” فورًا
احتضنتها بحنانٍ، بينما يخبرها “أدهم” و قد انتقلت له عدوى الإرهاق هو الآن :
-الحمدلله يا أمي بخير. الدكتور طمّنا. الهانم طلع عندها مرض مزمن في صدرها و كانت هاملاه.. تعرفي لو ماكنتش أصريت عليها و خدتها للدكتور كانت المضاعفات في المستقبل هاتكون خطيرة لا قدر الله ! .. و وجّه حديثه لزوجته معاتبًا :
-الله يسامحك يا سلاف. أنا شخصيًا مش مسامحك
-ماتقدرش يا حبيبي. انت روحك فيا.. تنكر !؟
اعترف “أدهم” و هو يميل مقبلًا خدها :
-عشان السبب ده تحديدًا مش مسامحك. عشان روحي فيكي يا سلاف !
ردت له القبلة و هي تهمس بعشقٍ :
-حبيبي !
علّقت “أمينة” باستنكارٍ :
-هو إيه ده منك ليها. مش ليكوا شقة. عيب كده احنا واقفين
ضحكا الزوجين معًا، اعتذر “أدهم” من والدته، لتحدق “سلاف” بـ”إيمان” مباشرةً الآن و هي تقول بنبرةٍ ذات مغزى :
-إحنا عاوزين أيامنا الجاية كلها تبقى كده. ضحك و سعادة بس.. و خاصةً عندنا فرح بكرة. فرحتنا بإيمان. فرحة ماتتقدرش بشيء !
نظرت “إيمان” لها و لأول مرة تحس نحو تلك المخلوقة بهذا الخوف الرهيب ! ……………………………………………………….

google-playkhamsatmostaqltradent