رواية ندوب الهوى الفصل الرابع و العشرون 24 - بقلم ندا حسن

الصفحة الرئيسية

  رواية ندوب الهوى كاملة بقلم ندا حسن عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية ندوب الهوى الفصل الرابع و العشرون 24

  “لا أريد الفراق ولا أريد الإبتعاد عنك،

أنتَ معذب الفؤاد ولكن لا استطيع

التكملة من دونك”

“اليوم التالي”

بقيت “مريم” طوال ليلة أمس تتلهف لعودة زوجها من سفرة والفرحة تدق بابها من كل الاتجاهات، منذ أن تأكدت من حملها وهي مثل شقيقتها تطير فرحةً وسعادة لأجل ذلك الخبر، لم يكن على البال ولم تتأخر بالانجاب بل هي منذ أشهر تزوجت ولكن هذه فرحة كبيرة شديدة دقت قلبها وشعور مختلف لأول مرة تشعر به جعلها غير متزنة نهائيًا وكل ما تفكر به هو طفلها الذي بالداخل..

ولم يبخل عليها “سمير” ويجعلها تنتظر أكثر حيث أنه أكد عليها أنه سيعود اليوم من سفرة ويبقى معاها كالعادة ولكنها حقًا لا تستطيع الإنتظار..

قامت بفعل كل شيء جميل لتقوم باستقباله على أكمل وجه ولتكن هذه المناسبة غير أي شيء قد مر عليهما معًا، حضرت أصناف كثيرة لطعام الغداء يحبها زوجها، قامت بتنظيف الشقة لتعود عليها بالشعور بالهدوء والراحة ولتستقبله بها وهي نظيفة..

ثم ومن بعد أن انتهت قامت بالاستحمام والتعطر وارتداء ملابسها المكونة من بيجامة بيتية لونها رمادي جميل أظهر جمالها أكثر ورقتها الطبيعية وبياض بشرتها..

لتظهر ذلك الملاك البريء الذي يحبه زوجها ويهواه إلى أبعد حد بذلك الجمال الطبيعي الذي يسلبه لبه ويجعله في حيرة شديدة من أمره، كيف هي كذلك؟..


دقائق أخرى وهي في الإنتظار جالسة على الأريكة أمام شاشة التلفاز تستمع لأحد الأفلام العربية القديمة ولكن خلدها معه هو فقط ومع لحظة معرفته بحملها..

ثم دق الباب على حين غرة فانتفضت بفزع لأنها كانت شاردة تفكر في ردة فعله عندما يعلم بذلك الخبر الرائع، تركت التلفاز سريعًا وذهبت لتنظر من خلف الباب إن كان هو أم لأ..

فتحت الباب بهدوء وابتسامة على وجهها رائعة تستقبله بها وبترحاب شديد ظهر من خلال ملامحها قبل شفتيها التي تحدثت بحب:

-حمدالله على السلامة يا سمير

أبصر هيئتها بحب واشتياق مع أنه أبتعد عنها لساعات قليلة ولكن يكفي أنه نام بعيد عن أحضانها، تقدم إلى الداخل وبيده أكياس بلاستيكية:

-الله يسلمك يا مريومة

نظرت إلى الأكياس بيده ثم أردفت سائلة مُبتسمة:

-ايه كل ده

تقدم ليدلف إلى المطبخ وهي خلفه يهتف بجدية وهو يضع الأكياس على رخامة المطبخ وتبقى واحد في يده:

-ده الغدا وشوية طلبات للبيت.. الحج كان بيجيب فجبت معاه

تقدمت وفتحت بعض من الأكياس لتخرج إليها رائحة الطعام الشهي التي استنشقتها بشراهة ثم عادت للخلف قائلة بحيرة:

-بس أنا طبخت

خرج من المطبخ إلى الخارج وأردف مُجيبًا إياها بهدوء:

-أنا قولتلك متعمليش أكل يا مريم

ضغطت على شفتيها بأسنانها بحدة وهي تتذكر أنه قال لها لا تطهي أي طعام حقًا:

-نسيت

جلس على الأريكة في الصالة ومازال بيده واحدٍ من الأكياس الذي دلف بها وقال بجدية:

-خلاص يتحط في التلاجة

ابتسمت إليه وأقتربت منه سائلة إياه وهي تضيق عينيها على الكيس الذي بيده قائلة باهتمام وفضول:

-ايه الكيس ده

أخفض بصره إلى الكيس بيده ثم رفعه إليها وهي تقف قبالته، ابتسمت شفتيه تلقائيًا ووقف ليبقى أمامها مقابلًا لها وتحدث بحب وحنان:

-ده بقى علشانك.. فستان مشوفتش حد فيه غيرك

تابع نظراتها المندهشة وعينيها اللامعة وهو يخرجه من الكيس رافعًا إياه أمام وجهها وقد كان رائع للغاية يدل على أن من اختاره صاحب ذوق رفيع للغاية، لونه بني غامق به نقاط من اللون الأبيض المائل للون بشرتها وكأنه كان يعاكس بشرتها وجمال عينيها..

محتشم ككل ملابسها، يظهر بشكل رائع بذلك الحزام الذي يتوسط خصره وتلك القماشه المعاكسة على صدره، رفعت نظرها عليه وابتسمت بحب شديد تغدقه به ويبادلها إياه..

أقتربت منه معانقة إياه بقوة وهي تشكره بسعادة على هذه الهدية الرائعة ومهما كانت فيكفي أنه في منتصف مشاغله تذكرها وأتت على خلده:

-يا حبيبي تسلملي وتعيش وتجيب يارب

بادلها ذلك العناق الذي يبعده عن العالم أجمع ويتركه في وجودها وحدها دون مجهود تفعله:

-ربنا يخليكي ليا يا مريومة

ابتسمت باتساع وهي تعود للخلف مقررة الإفصاح الآن عما داخلها وفي هذه اللحظة بالتحديد، نظرت إليه بعمق وحركت شفتيها للتحدث ثم عادت تصمت فنظر إليها يدقق بها هو الآخر إلى أن قالت بسعادة:

-ويخليك لينا

لم يعلق على الأمر فيبدو أنه عفوي وتتحدت عن العائلة جميعها، فلم يعطيها إلا ابتسامة، انتظرت ليتحدث فلم يفعل وهي تبادلة النظرات إلى أن استغرب منها حقًا فقالت مرة أخرى تضغط على حروف كلماتها:

-ويخليك لينا يا سمير… لينا

لم يقول له أحد من قبل أنه غبي هذا مؤكد، نظر إليها مرة أخرى بجدية يتعمق بالنظر إليها ويظهر مدى عدم فهمه لحديثها وهو يقول:

-لينا؟.. لينا مين

ضحكت بصوتٍ منخفض وهي تشعر بمدى الصعوبة لتجعله يفهم من دون الحديث ليكون هناك جو حماسي بينهم ولكنه غبي ويبدو عليه ذلك، تقدمت منه أكثر وأخذت منه ذلك الفستان وتركته خلفه على الأريكة ثم هتفت بنبرة خافتة مُبتسمة بسعادة:

-أنا… أنا روحت لدكتورة امبارح مع هدير أكشف علشان اللي كان بيحصل الفترة الأخيرة

انتظر لتكمل فلم تكمل فقال هو مُتسائلًا بقلق ولهفة ناظرًا داخل عينيها بترقب:

-وبعدين

ألقت هذه الكلمات الصغيرة عليه بسرعة وهي تنظر إليه داخل عينيه بعمق شديد تنتظر رد فعله:

-طلعت حامل

نظر إليها يحدق بعينيها بقوة بعد أن اتسعت عينيه وهو يعيد كلماتها داخل عقله أكثر من مرة ليستوعب أنه صحيح واستمع إليه جيدًا، أبعد وجهه للناحية الأخرى ثم نظر إليها من جديد يتسائل بذهول:

-حامل؟. أنتِ حامل.. حامل حامل بجد يعني ولا ايه

خرجت ضحكاتها بصوتٍ عالي وهي تنظر إليه وتستمع إلى حديثه الذي يكرره بذهول وقد كانت متوقعة أن يحدث ذلك بالفعل:

-اومال حامل لعبة… والله حامل

قدمت يدها وأمسكت يده اليمنى ثم وضعت كفه على بطنها قائلة بابتسامة جميلة وعينيها تلمع بالدموع أو هذا بريق السعادة:

-في هنا نونو… ابنك أو بنتك أيهما أقرب بقى

حرك كف يده على بطنها بهدوء وتروي وعينيه هو الآخر تلمع بسعادة غامرة ولهفة غير متوقعة ظهرت على ملامحه ووجهه بالكامل وقد كان هذا خبر مفاجئ للغاية بالنسبة إليه:

-ده بجد؟. اوعي تكوني بتهزري

اتسعت ابتسامتها أكثر وأكثر وأسنانها البيضاء تظهر بوضوح وهي تُجيب عليه بمرح:

-أنا راضية ذمتك.. ده موضوع حد يهزر فيه؟

أقترب منها إلى أن جعل المسافة تتقلص بينهم ومازالت يده كما هي وابتسم بغرابة قائلًا:

-بصراحة لأ

نظر إليها بعمق ومازال لا يدري ما هي حقيقة مشاعره! لأول مرة يقع عليه هذا الشعور الغريب، سعادة غريبة وحنان يقع عليه من جانب وهناك لهفة لم يتذوقها من قبل اختلطت مع كل هذه المشاعر وهناك أكثر لا يفهم ماهيته..

ابتسمت عينيه قبل شفتيه وشعرت برجفة يده عليها وكأنه لا يستطيع تحديد ما الذي عليه أن يقوله أو يفعله فصاحت هي بصوت عالي نسبيًا:

-سمير!.. أنتَ تُهوت

أجابها بعمق وهو يقترب منها ليأخذها في عناق آخر غير الأول يحمل مشاعر أخرى غير الأولى ولأول مرة يشعران بها معًا:

-أنا فعلًا تُوهت.. تُوهت فيكي، ألف مبروك يا مريم

شددت على احتضانه بيدها وعينيها تلمع بسعادة مُجيبة إياه بلين ونبرة خافتة حنونة:

-مبروك علينا يا سمير

حقًا إنه لم يكن يفكر في هذا الأمر كثيرًا، لما سيفكر من الأساس وهو متزوج منذ أشهر قليلة، لم يجعل عقله ينشغل بهذه الأمور أبدًا وتركها هكذا تسير بمشيئة الرحمن ولكنه تفاجئ حقًا، وقد كانت هذه أفضل مفاجأة على الإطلاق وأروع من كونه تزوج “مريم”..

لم يكن يتوقع أنه سيفرح ويشعر بالسعادة أكثر من سعادته بزواجه منها ولكنه الآن يشعر بسعادة مضاعفة لحصوله على طفل منها.. يا له من قدر وتخطيط إلهي لا ندري ما الذي به هكذا يفاجأنا فقط، أنتَ وما كُتب لك من نصيب إما أن يكون جزء من السعادة أو الكثير من الحزن..

ابتعدت عنه قائلة بود ولين وهي تنظر إليه بجدية ومازالت الملامح تُبشر بالروائع:

-هحضر الغدا بسرعة.. أنتَ أكيد جعان

أومأ إليها بهدوء فذهبت من أمامه ثم عادت مرة أخرى تقول بجدية بعدما تذكرت:

-صحيح العشاء النهاردة عندكم.. كلنا هنتعشا هناك

سألها مضيقًا ما بين حاجبيه باستفهام:

-كلنا مين؟

استرسلت في الحديث وهي تذكر أسماء عائلته بالكامل:

-الحج رشوان وأم جاد وجاد وهدير وأنا وأنتَ.. كلنا يعني هنتعشا عندكم

أومأ إليها برأسه مرة أخرى وهو يسير إلى الداخل بينما هي ستذهب إلى المطبخ لتحضر الطعام:

-أنا هروح أغير واخد دش على ما تخلصي

-ماشي

ذهبت إلى المطبخ وذهب هو الآخر إلى غرفة النوم وكل منهم داخله سعادة لا نهائية وهناك حديث آخر لم ينتهي بعد عن نفس سبب السعادة ولكن صبرًا فليس كل شيء متاح في ساعته..

❈-❈-❈

بعد تفكير طويل في أمر “كاميليا” وجد أن زوجته معها كامل الحق، لقد ظهرت مرة واحدة في حياته من بعد أن ساعدها وأخذها إلى منزله..

لم يكن يريد مقابلتها من الأساس ولم يكن يريد رؤيتها مرة أخرى ولكن هي فعلت أشياء أظهرت وجودها في حياتهم إلى زوجته وفعلت أشياء غريبة وقالت حديث لا يُقال لرجل متزوج وهي امرأة متزوجة..

من الممكن أن يكون هذا أمر طبيعي في البيئة الخاصة بها ولكنه ليس عنده، هو يمانع هذه الطريقة وبشدة ويمانع تواجدها من الأساس في حياته فلا يود أن يأتي بتخريبها لأجل إمرأة لا يعرفها بل أشفق عليها..

كان من المفترض لو ما فعلته طبيعي أن تأتي إلى والده تزوره وترد له المعروف إن أرادت فقط لكن ليس بكثرة الزيارات والحديث الغريب والنظرات الأغرب والأكثر من هذا كله مكالمات الهاتف الذي لا يوجد لها أي داعي من الأساس تتحدث بأي شيء وكل شيء وهو يُجيبها مرة من كل عشرة حتى لا يقلل من ذوقه معها ويجعلها تشعر بالحرج ثم يتهرب منها ويغلق الخط..

هذا كثير للغاية ويثير حنقه ويشعره بالضجر الشديد لذا كان عليه أن ينهي الأمر ويواجهها بما تخفيه، سيسألها بوضوح وجدية شديدة ما الذي تريده وإن كانت تريد شيء يستطيع أن يفعله سيفعله وإن كانت لا تريد من الأساس فسيطلب منها بهدوء الرحيل من حياته حتى لا تقوم بتخريبها عليه وعلى زوجته وحبيبته الغالية التي تغيرت مئة وثمانون درجة منذ لحظات الأمس إلى اليوم ولا يدري ما الذي حدث لها بمجرد تركه السفرة والذهاب ليفتح الباب!.. على أي حال فقط ينتهي من أمر “كاميليا” ثم يعود لزوجته وحياته الطبيعية معها ينعم بوجودها كما السابق ويأخذ قدر كافي من الشعور بالراحة والحب..

لحظات مرت عليه في هذا المكان العام وهو ينتظر حضورها إليه ليضع النقاط فوق الحروف ناهيًا كل شيء لم يبدأ بعد لتكون حياته بأمان..

دلفت إلى المكان تسير في الممر بجسدها الممشوق والذي كان يبرزه فستانها الأبيض الذي يلتصق عليها، كان الفستان بفتحة صدر على شكل حرف سبعة كبيرة للغاية ضيقة تبرز مفاتنها، يصل طوله إلى ركبتيها بالتحديد وأقل من هذا ربما وهناك حزام ذهبي اللون يتوسط خصرها مع حقيبة ذهبية اللون صغيرة تحملها على يدها وهي تسير إليه بعنجهية واضحة وغرور لا يصف رافعة رأسها للأعلى وعينيها كذلك وهي تسير…

دلفت إليه مُبتسمة بعد أن أبصرته من بعيد وجلست أمامه بعد أن سلمت عليه بترحاب شديد وعصافير عقلها يغردون بسعادة لا نهائية متوقعة عكس ما أتى إليه “جاد”، نظر إليها بجدية شديدة مقررًا التصرف بشدة اليوم حتى يجعلها تبتعد دون حرج منه:

-تشربي ايه؟

ابتسمت برقة وهي تضع حقيبتها جوارها ورفعت نظرها إليه تهتف بنفس الابتسامة الكريهة:

-قهوة مظبوط

صاح “جاد” للنادل الذي كان من الأصل يقترب منهم فأشار عليها قائلًا بجدية وهو يتحدث إليه:

-واحد قهوة مظبوط للمدام وواحد شاي

أومأ إليه النادل متمتمًا بابتسامة بشوشة هو الآخر بالتأكيد ثم رحل عنهم فأعاد “جاد” نظره إليها ليجدها تنظر إليه وعينيها مثبتة على عينيه الرمادية بعمق، استغرب “جاد” منها كثيرًا ثم حمحم بخشونة وهو يضع يده أعلى الطاولة قائلًا:

-أكيد مستغربة أنا طلبت أقابلك ليه

وضعت هي الأخرى يدها على الطاولة مقابلة له وهي تقترب إلى الأمام مُبتسمة بطريقة جعلته يود الرحيل الآن بسببها وبسبب هذه الذنوب المحاطة به، أردفت برقة ودلال:

-تؤ مش مستغربة

رفع “جاد” حاجبه الأيمن مستغربًا شاعرًا بالاستنكار الكلي منها، سألها قائلًا بنبرة رجولية خشنة:

-ومش مستغربة ليه

عادت إلى الخلف تستند إلى ظهر المقعد قائلة بهيام ونظرة نعسة غريبة:

-في حاجه في دماغي كده متوقعه إنك تتكلم فيها

قضب جبينه أكثر وهو يدقق النظر بها هذه المرة فحديثها كله يجعله مدهوش أو يريد الاستفهام أكثر لأنها تتحدث بثقة:

-ايه الحاجة دي

لوت شفتيها ضاحكة وهي ترمش بعينيها بغرور قائلة:

-لاه قول أنتَ عايز ايه مش جايز اللي في دماغي يطلع غلط

كاد أن يتحدث ولكن أتى النادل يقف في المنتصف بينهم يضع فنجان القهوة أمامها وكوب الشاي أمامه ثم رحل بعد أن تركهم، تابع النادل وهو يضعهم ويرحل ثم عاد بنظره قائلًا بجدية شديدة ونبرة خشنة واضحة:

-أنتِ عايزة ايه؟

ضيقت حاجبيها مُقتربة للأمام وهي تمط شفتيها للأمام قائلة بحيرة:

-عايزة ايه إزاي يعني

أقترب إلى الأمام مُقربًا يديه من بعضها على الطاولة بطريقة تظهره قويًا جادًا إلى أبعد حد:

-يعني عايزة ايه يا مدام كاميليا، كون إن أنا اسعادك بطريقة إنسانية مايدكيش الحق تدخلي في حياتي مرة واحدة بالطريقة دي

رفعت فنجان القهوة إلى شفتيها ببرود تام وهي تستمع إلى حديثه الواضح والصريح للغاية والذي استرسل مُكملًا:

-أنا عارف الطريقة اللي صفوة المجتمع زيك كده ماشين بيها يمكن تكوني أحسن منهم مش هشكك لأني معرفكيش لكن مرة واحدة تكلميني كتير وتيجي الورشة أكتر بحجج فارغة وتيجي لأبويا المستشفى والبيت.. بأمانة كتير دا طبعًا غير كلامك اللي قولتيه قدام مراتي

-بتحبها؟..

خرج السؤال منها بطريقة سريعة فور انتهائه من حديث، لم يكن انتهى من الأساس بل كان سيكمل ولكنها عندما أتى على ذكر زوجته لم ترى نفسها إلا وهي تتسائل بهذه الطريقة الذي يظهر بها الحقد والغل..

بطريقة رائعة غير ملامح وجهه بعد أن وصل إليه شيء غريب يخاف أن يكون حقيقة، حول ملامحه لأخرى فرحة سعيدة بشوشة ونبرة صوته اختلفت لتكون حنونه مُحبه:

-أكيد بحبها.. إلا بحبها دي مراتي وأم ولادي في المستقبل ومن غير أي حاجه تبقى بنتي وأول حب في حياتي ويهمني راحتها وزعلها وبكلامك خليتيها تغير وتزعل وأنا مش هسمح بكده

هل شعرت بالغيرة والحقد؟.. هل شعرت بالنيران داخلها تنهش بصدرها لأجل استماع أذنيها هذا الحديث الحنون عن زوجته!.. لما لم يفعل معها “عادل” هكذا!.. لقد فعل ولكنها من تخلت، أحضرت قناع بارد وارتدته على وجهها ثم بكل تبجح وغرور قالت:

-بما إنك سألتني عايزة ايه أنا هقولك بس ياريت تكون حد متحضر ومتقوليش أهلي ومراتي والكلام الفارغ ده.. لأن أنا فعلًا عايزة حاجه وأنتَ إحساسك صح

مقدمة غريبة عن الأهل وزوجته ربما يخلفها أشياء لن تعجبه، نظر إليها منتظر منها أن تكمل الذي بدأته وتقول ما الذي تريد، رفعت الفنجان ترتشف منه القهوة ببرود وهي مصممة على أن تقول ما في داخلها دون خجل أو خوف:

-بصراحة كده أنتَ داخل مزاجي، عاجبني يعني.. وشايفاك لايق عليا أكتر من مراتك بكتير أوي

اتسعت عينيه الرمادية وهو ينظر إلى تبجحها وعدم خوفها أو خجلها من كونها تنطق بكلمات كهذه لرجل غريب عنها، اعتدل في جلسته قائلًا بذهول:

-أنتِ مجنونة؟.

بكامل البرود وعدم الخجل، بكامل البشاعة التي على وجه الأرض تحدثت قائلة بعدم اكتراث لتفكيره:

-تؤ مش مجنونة ولا حاجه.. ايه يعني لما واحدة تطلب من واحد يتجوزها مفيش فرق بين الراجل والست وأنا بطلب منك تتجوزني ولو على مراتك ياسيدي مدام أنتَ عايزاها خليها على ذمتك ومتقلقش مش هكلفك حاجه أنا عندي بيتي

سيطر الذهول على ملامح “جاد” وكامل استغرابه قد مُحيا وأتى محله ذهول ودهشة.. استنكار ورفض تام لما تقوله شاعرًا بغرابة شديدة كيف لها أن تقول ذلك وهو رجل متزوج وقد اعترف بعشق زوجته منذ دقائق، كيف تقول هذا وهي إمرأة من المفترض أن يكون لديها حياء وخجل..

لحظةٍ واحدة!.. أليست متزوجة؟. نعم إنها متزوجة من رجل اسمه “عادل” يعرفه، هذه الأخبار لا تخفى على أحد، ربما هذه المرأة تعاني من شيء في عقلها وتريد العلاج، يالا السخرية لو علمت زوجته فقد حذرته وقالت أنها تشعر بشيء خاطئ وهو من استخف بها..

استمع إلى صوتها الذي مازال يخرج بدلال قائلة:

-سكت ليه؟. بتفكر في العرض

سألها دون مقدمات بقوة:

-مش أنتِ متجوزة؟..

ابتسمت ببرود وكأنها متأكدة من أن زوجها سيطلقها ولا تعلم ما الذي يدبره لها لكي تقع في فخه وصاحت تهتف:

-حاليًا آه لكن متقلقش إحنا متفقين على الطلاق.. ولو عايز أطلق النهاردة يبقى حالًا

كم أنها وقحة!. يا له من مغفل زوجها هذا!. كيف يتركها هكذا أهي لهذه الدرجة تظهر أمامه ملاك بريء لكي يعطيها كامل الثقة بهذه الطريقة ويتركها تخرب في حياة البشر..

أبعد “جاد” كوب الشاي من أمامه لكي يتحدث براحة أكثر ويجعلها ترى ملامحه وكل تعابير وجهه مع جسده فهذه لا يجوز معها إلا الحدة، أردف بصوته الحاد وعينيه جادة للغاية تنظر إليها:

-أنتِ قولتي اللي عندك فاضل أنا أقول اللي عندي، أنا مش عايز أشوف وشك تاني ليه لأن أنا تقريبًا عندي حياء أكتر منك آه والله بأمانة.. وبخاف ربنا ولما هاجي أخون مراتي مش هبص لواحدة متجوزه وده مش هيحصل أبدًا.. أنا متجوز وبحب مراتي أكتر من نفسي وحطي تحت بحبها مليون خط ومش مستعد أخسرها علشان خاطر واحدة زيك

توحشت نظرتها ناحيته بعد هذا الحديث المُهين لها، وكأنها لم تُهين نفسها منذ دقائق بسبب حديثها الذي اردفته دون خجل، أبصرته بطريقة حادة متوحشة بعد أن هانها بشدة وصاحت بصوتٍ عالٍ نسبيًا:

-أنتَ إزاي تتجرأ وتتكلم معايا بالأسلوب ده

ابتسم بسخرية وتهكم رافعًا حاجبيه بقوة يهتف باستفزاز:

-زي ما أنتِ اتجراتي واتكلمتي معايا بالأسلوب الرخيص ده

وضعت يدها تضرب على الطاولة بقوة حتى أن ما عليها قد اهتز معها وصاحت بغضب وغل ظهر داخلها بعد اعترافه بأنه لن يترك زوجته لأجلها:

-أنا أتكلم زي ما أنا عايزة.. أنا كاميليا عبد السلام أعمل منك…..

كانت ستكمل الإهانة له وتسبه كما فهم ولكنه قاطعها بقوة وحدة افزعتها وجعلتها تبتلع باقي حديثها داخل جوفها ليتحدث هو وهو يقف على قدميه أمامها قائلًا بغضب وحدة شديدة:

-جاد الله أبو الدهب مافيش زيه ولا هيتعمل زيه.. ابلعي ريقك وشوفي أنتِ بتقولي ايه الأول علشان متحطيش نفسك في الغلط.. الرجالة مش بتتعمل على ايد واحدة زيك.. واحدة شمال ولامؤاخذه

أكمل ببرود وهو يبصرها بطريقة فظة وكأنه يتقزز منها:

-أظن كلامي وصل.. مش عايز أشوف وشك تاني

أخرج من جيب بنطاله عملة ورقية ثم ألقاها على الطاولة تحت نظراتها الغاضبة ورحل من أمامها بعد أن ألقى هو عليها نظرة ساخرة غاضبة بعد أن أخرج “جاد” العنيف الذي بداخله عليها وهي كانت أول واحدة يتحدث معها بهذه الطريقة المُهينة الغريبة عليه.. لم يتعود لسانه ولا نظراته وحركات جسده على هذا لأنه لم يقابل مرأة بهذا التبجح والغرور لذا كان عليه حقًا أن يخرج هذه الشخصية العنيفة القابعة بداخله عليها لتقف عند حدها مُبتعدة عنه فهي كانت على وشك تخريب حياته لولا أنه حاول أن يبقى الأمر جيدًا بينه وبين زوجته إلى حين..

لقد كانت “هدير” على حق وكان شعورها بمحله في هذه المرأة، قالت أنها لن تأتي عليهم بالخير وقد حدث وقالت أنها تريد منه هو بالتحديد شيء وسيكون خاطئ وقد كان، كل ما قالته كان صحيح وخوفها كان له داعي وشعورها بالغيرة كانت محقة به لأنها رأته بيعينها وشعرت، هل كانت خائفة من أن يقع بفخها ويتركها؟.. أنها غبية من المؤكد هو لن يفعل ذلك ولو كان السيف على رقبه وهذا ما يُنجيه فهي الأولى والأخيرة وكل شيء بحياته لن يتخلي عنها مهما حدث، لو علمت ما الذي حدث من “كاميليا” لن يمر الأمر بسلام حقًا وستكون الجاني والمجني عليه وسيقع على رؤوسهم متاعب لا يريدها بل هو عليه أن يصلح… لذا لن يقول أي شيء..

أبصرته بنظرات غاضبة تشتعل نيران وحقد غير عادي بالمرة وهي تراه يرحل بعد أن وقع عليها كل هذه الإهانة برفضه لها والحديث عنها بهذه الطريقة وتفضيل زوجته عليها.. أهانها بطريقة بشعة لن تتحملها وستردها إليه بفعل وليس قول واحد تلو الأخر لتجعله يعلم من هي “كاميليا عبد السلام” وما الذي تستطيع فعله به وكيف ستخلق رجال منه وأفضل بكثير وكيف هو سيعود راكعًا لتسامحه مطالبًا التوقف عما تفعله به وبحياته الجميلة هذه الذي يتباهى بها ويرى أنها الأفضل من كونه معها.. عليه أن يرى من هي عن حق وستمحي ذلك الوجه الذي رآه من قبل ليكون التغير قابل للتفاوض..

❈-❈-❈

“في المساء”

بعدما حدث بين “جاد” وزوجته أمام الجميع وفي حضور مرض والده، شعروا بالحزن الشديد جميعهم دون استثناء، لأن “جاد” ابنهم من أهم صفاته غير كل ما عرف به أنه حكيم عادل وهادئ لم يعتقدوا أنه سيعالج أي أمر بينه وبين زوجته بهذه الطريقة وقد شعروا بالغرابة أيضًا من موقف زوجته أمامهم، ربما تكن معها حق أو كامل الحق لشكها مما حدث فهم نفسهم قد شعروا بالذهول من هذه المرأة وحديثها مع “جاد” ولكن لم يتوقعوا أن تقف قبالته هكذا ترد عليه الحرف بالحرف والكلمة بالكلمة وربما أكثر قليلًا..

بعد أن تحسن “رشوان” وقد حدث هذا في يوم وليلة لأنه لم يكن مريض بشيء خطير فكر شقيقه “عطوة” وزوجته “سعيدة” باستدعاء العائلة بأكملها في منزلهم لتناول العشاء والجلوس في جو أسري هادئ قليلًا ليحسنوا من مزاج الجميع المتوتر..

صعدت إلى الأعلى والدة “جاد” وزوجها منذ وقت طويل لتساعد والدة “سمير” في تحضير العشاء وقد جلس زوجها مع شقيقه في شرفة الشقة يتمتعون ببعض نسائم الهواء لحظة غروب الشمس..

ومنذ وقت قليل أتى “سمير” ومعه زوجته والسعادة تنبعث من النظر في وجوههم، لحظات من بعدهم وصعدت “هدير” وحدها دون “جاد” الذي قال لها سيأتي خلفها لأنه بيده عمل سيأخذ دقائق قليلة..

دلف “رشوان” و “عطوة” للجلوس مع سمير في صالة المنزل يتحدثون بأمور عدة بينما النساء ذهبت إلى المطبخ وإلى غرفة السفرة الصغيرة لتحضيرها ووضع الطعام عليها..

وقفت “هدير” جوار والدة زوجها في المطبخ تضع الأطباق على الرخامة بهدوء وهي تنظر أمامها دون حديث على غير العادة وقد شعرت بها منذ أن أتت أنها ليست على طبيعتها، نظرت إليها ثم أردفت بخفوت وهي تدقق بها:

-مالك يا هدير

رفعت الأخرى رأسها عن الأطباق ونظرت إلى والدة زوجها تستدير إليها بوجهها، ابتسمت عنوة عنها بتصنع مُجيبة إياها قائلة:

-ماليش يا ماما فهيمة

تركت “فهيمة” صينية البطاطس التي كانت تأخذ منها لتضع في الأطباق واستدارت بجسدها تقابلها تنظر إليها بجدية تامة:

-مالكيش إزاي يابت أنتِ مش شايفة نفسك، الواد جاد زعلك تاني

ابتسمت بمرارة وشفتيها ترتعش أثناء تأديها هذا العمل الصعب والاستمرار في التمثيل، وفقط عندما ذكرت اسمه تذكرت ما يفعله من ورائها:

-لأ يا ماما فهيمة إحنا كويسين.. أنا بس حاسه النهاردة كده إني مرهقة ومش نايمة كويس

لم تشعر بصدقها في الحديث ولم ترى أي شيء في تعابيرها يدل على الخير بل هي تخفي شيء ومن المؤكد أنه بينها وبين ابنها “جاد”:

-خدي بالك من نفسك يا حبيبتي ومن صحتك

أومأت إليها برأسها وابتسمت هذه المرة عن حق وهي تتأمل هذه المرأة الرائعة، منذ أن تزوجت ابنها ولم تكن يوم حماة لها بل كانت بمثابة أم ثانية..

عادت كل منهما تفعل ما كان بيدها استمعوا إلى جرس الباب علمت فورًا أنه زوجها واستمعت إلى صوت “سمير” وهو يشاكسه بمرح كعادته، دلف إلى المرحاض لكي يغتسل ويعود ليجلس معهم، تحدثت والدته قائلة بهدوء:

-روحي أنتِ يا هدير شوفي جاد لو محتاج حاجه

قالت دون أن ترفع رأسها بجدية شديدة:

-هيحتاج ايه ده بيغسل أيده

استمعت إليها “سعيدة” والدة “سمير” فقالت بجدية وهي تقترب منها تاركة تلك الأكواب من يدها:

-مهما كان بيعمل يا حبيبتي، روحي شوفيه لو محتاج حاجه ولا كده

تركت ما بيدها على الرخامة ونظرت عليهم بجدية بعد أن أومأت برأسها عدة مرات وهي تذهب إليه لتراه إن كان يريد شيء كما قالوا، ذهبت وهي في طريقها إلى المرحاض وجدته يفتح الباب ويخرج منه ينظر حوله وكأنه يبحث عن شيء..

أقتربت لتقف أمامه فقال دون النظر إليها:

-هو مافيش فوطة ولا ايه

ابتعدت إلى أحد الجوانب تأتي بالمنشفة المعلقة على الحائط وعادت إليه مرة أخرى تمد يدها بها فنظر إليها بابتسامة هادئة وهو يدقق النظر بها بينما يأخذ المنشفة من يدها يجفف بها يده..

هتف بصوتٍ رخيم وهو يبتعد معها إلى أحد الجوانب البعيدة عن حركات العائلة:

-مالك؟ حاسس إنك زعلانة مني مع إنك امبارح كنتي كويسه واتغيرتي فجأة

نظرت إلى عينيه الرمادية التي تتحرك وتنظر إلى وجهها، أبصرت شفتيه وهي تتحرك لتخرج الحديث من بينهما ولم تشعر بأي اهتمام به، أجابت وهي تجذب ذراعها من يده قائلة بابتسامة مصطنعة:

-مافيش حاجه بالعكس أنا زي ما أنا أهو

أكملت تتسائل وهي تبصره بدقة واهتمام كبير لترى ردوده المباشرة من حركاته ماذا ستقول:

-أنتَ كنت فين النهاردة

وضع المنشفة مكانها خلف ظهرها وهو يستمع إلى سؤالها وأجاب عليها بمراوغة ظهرت لها لأنها تعلم أين كان:

-هكون فين يعني في الورشة

تعلم أنه ليس صادق بل يراوغ ويكذب ولا تدري إلى متى سيظل هذا الوضع وإلى متى هي ستصمت عما رأته وعما تعلمه وإلى متى ستخفي أمر حملها منه، كل هذا يجعلها تموت ألف مرة ولا تستطيع الحديث وكأنها خرساء عن ما تريد، مرة أخرى هتفت تضيق عليه طريق الهرب بالإجابة:

-وقت الغدا يا جاد مكنتش تحت وكلمتك كتير مردتش عليا

-آه صح أنا كنت في شغل بره الورشة

نظرت إليه وهو يهتف بهذه الكلمات بطريقة مفاجأة وكأنه كان متناسيًا وتذكر الآن، يا له من ماكر، ابتسم لها وهو يبتعد عندما وجد “سمير” ينادي عليه وتركها تقف هنا تفكر في طريقته وحديثه، نظرته وظهور اهتمامه بها وبتغيرها المفاجئ اعتقادًا أنها ستسرد له ما بها..

حركت رأسها يمين ويسار وكأنها تنفض الأفكار عن عقلها وذهبت لتكمل في مساعدة الباقين لوضع العشاء..

وقد كان، وضعوا العشاء على السفرة بأشكال وأنواع كثيرة تليق باستدعاء العائلة بالكامل وكل فرد منهم له طبق خاص يحبه كـ “جاد” مثلًا الذي حضرت له زوجة عمه الحمام المحشي، جلس الجميع على الطاولة وبدأوا في تناول الطعام وتذوقه بعد الاستنشاق إلى هذه الروائح الشهية التي جلبتهم من الصالة قبل أن يتم وضع الطعام بالكامل..

أردفت والدة “جاد” بحماس وابتسامة عريضة بعدما ابتلعت الطعام من فمها:

-العزومة الجاية هتبقى تحت عندنا بقى.. ولون دي كانت المفروض تبدأ من عندنا بس الحج عطوة والحجة سعيدة فكروا قبلنا

هتفت والدة “سمير” بجدية وهي تشير إليها بيدها تسرد ما حدث بينها وبين زوجها من حديث:

-والله يا أم جاد الفكرة فكرة الحج عطوة.. لقيته بيقولي كده ما تيجي يا أم سمير نعزم العيال وأخويا الحج ونقعد مع بعض شوية.. وأنا الصراحة ماصدقت قولت يلا

أكملت “فهيمة” من خلفها باهتمام وجدية وهي تضع بعض الأرز في طبق زوجها:

-يجعله دايمًا عامر يارب والعزومه الجاية بقى عندنا تحت.. بس تجولي من الصبح آه أنا مش جدعه علشان اطبخ لوحدي زيك

ابتلع “سمير” الطعام من فمه وأردف مُجيبًا على والدة عمه قائلًا وهو يبتسم:

-والمرة اللي بعديها عندي بقى يا مرات عمي

كادت أن تُجيب ولكن والدته أسرعت تهتف قائلة:

-لأ المرة دي بدأت من عند الصغير بعد عمك رشوان بقى يبقى جاد هو الكبير

كل هذا تحت أنظار “جاد” وزوجته يأكلون بصمت تام ويستمعون إلى الحديث الدائر بابتسامة دون تدخل وقد كان “جاد” في هذه اللحظات يتذكر حديث “كاميليا” وتبجحها به ومعه والأمر لا يبعد عن تفكيره ولو لحظة واحدة وكثير من الأفكار تلعب برأسه بطريقة بشعة وكأنها انتقلت من زوجته إليه..

ترك “سمير” الملعقة من يده وأخذ واحد من أصابع ورق العنب الشهية الذي يفضله عن أي طعام وقال وهو يقف على قدميه بسعادة وبنفس الوقت هناك غرور مصطنع:

-طب أنا بقى عندي خبر يخليكم تتعزموا عندي قبل عمي رشوان ذات نفسه

ابتسم عمه وهنا استدعى انتباه “جاد” ونظر إليه بسعادة وقد علم أنه سيقول لهم بحمل زوجته وانتظارهم لمولود جديد، رفعت “هدير” وجهها عن الطبق ونظرت إلى زوجها الذي وجدته مهتم بالأمر وينظر إليه وعينيه بها لمعة سعادة تزينها بحب..

سأله والده بفضول وهو ويضحك لأنه يعلم ابنه جيدًا يبع الحديث بالمال:

-وايه هو الخبر ده بقى

أبتعد عن المقعد وذهب يخرج من الغرفة بعد أن تناول طعامه قائلًا:

-خليه لما تخلصوا أكل علشان تحضنوا فيا كويس

خرج من الغرفة ذاهبًا إلى المرحاض وتركهم في حيرة فنظروا إلى “مريم” بتسأل داخل عينيهم ولكنها أخفضت عينيها إلى طبق طعامها حتى لا يخجلها أحد منهم بسؤاله وتضطر أن تُجيب عليه قبل زوجها..

أبصر “جاد” زوجته وجدها لا تأكل جيدًا منذ أن جلسوا على السفرة، أخذ طبق من أمامهم به محاشي مختلفة الأنواع ووضعه أمامها قائلًا بصوتٍ حاني خافت:

-مبتاكليش ليه

تركت الملعقة من يدها هي الأخرى ووقفت على قدميها قائلة بجدية:

-شبعت الحمدلله

استرسلت بصوتٍ عالٍ نسبيًا ليستمع إليه عم زوجها قائلة بابتسامة عذبة رائعة:

-سفرة دايمة يا عمي

أجابها بوجه بشوش وهو يبتسم إليها:

-يدوم عزك يا بنتي

جلسوا جميعهم في صالة المنزل مع بعضهم البعض بين شاي مرة وأخرى عصير وفاكهة تدلف وتخرج والجو ملئ بالحماس والدفء الأسري رغم أن هناك من يشعر بالحزن الشديد يقطع خلاياه..

تسائلت “سعيدة” بفضول شديد ناظرة إلى ابنها وهي تجلس مقابلة له:

-ها يا سمير ايه الخبر اللي هتقوله

وزع “سمير” نظره عليهم جميعًا وانتهى بزوجته “مريم” ثم هتف بسعادة وحماس كبير ظهر عليه ولمعة عينيه بحب خالص ونظرة غريبة:

-فيه ضيف جاي علينا كمان تمن شهور كده

نظرت والدته إلى “فهيمة” للحظة لتستوعب ما الذي هتف به، هل هو حقيقي حقًا، حقيقي بهذه السرعة!.. ظلت هي هكذا ولكن سرعان ما وقفت زوجة عمه على قدميها تتقدم منه ومن زوجته تهتف بالمباركة وهي تعانقه بسعادة غامرة وكأنه “جاد”:

-يا ألف نهار أبيض يا ألف نهار مبروك… دا ايه الخبر ده يا سمير ألف مبروك يا حبيبي

تركته وتقدمت من “مريم” التي وقفت على قدميها لتعانقها هي الأخرى مباركة لها تحت أنظار الجميع وقد أقترب “سمير” من والده يقبل يده وأعلى رأسه والآخر عانقه يتمتم له بسعادة كبيرة وفرحة قد ألقاها شخص ما على بيتهم ورحل..

ترك والده وأقترب من عمه يقبل يده وأعلى رأسه كما فعل مع والده بسعادة وحب واحترام قبل أي شيء واستمع إلى المباركة من زوجة ابن عمه أيضًا بابتسامة هادئة وحب ظاهر على ملامحها..

أقترب من والدته التي مازالت تجلس كما هي وتنظر إلى الجميع الذي يبارك له ولزوجته، وقف أمامها يهتف ضاحكًا:

-أنتِ جاتلك صدمة زيي لما عرفت ولا ايه.. لا أصحي مش كده

ابتسمت والدته وادمعت عينيها بحنان فاقترب منها يقبلها ويحتضنها وبادلته بكامل الحنان الموجود داخلها وهي تهنئة، نظر إلى زوجته لتقوم بالتقدم منه وقد فعلت معها المثل تعانقها، دعت لهم كثيرًا هي ووالدة “جاد” التي تمنت لحظة كهذه خاصة بابنها، لحظة أن تعلم يحمل زوجته ووجود نسل له يأتي وينير العالم بوجوده.. هذا آخر حلم بحياتها، أن يُنجب “جاد”..

أقترب “سمير” وابن عمه من بعضهم وقام باحتضانه ومعانقته بشدة وهو يراه يبتسم إليه بسعادة ليهتف “جاد” قائلًا:

-ألف مبروك يا ابن أبو الدهب

أبتعد عنه إلى الخلف فقال “سمير” ببشاشة وود:

-عقبالك إن شاء الله يا كبير

ابتسم “جاد” أكثر وهو يتمنى هذا من كل قلبه، لا يدري كيف هو هكذا ولكن من كل قلبه يريد طفل منها ومنذ زمن وهذه الفكرة مسيطرة عليه بالكامل..

أبصرها ليجدها هي الأخرى تنظر إليه بطريقة غريبة وعينيها بها لمعة غريبة كـ لمعة البكاء!.. تعاتبه!.. هذه النظرة نظرة عتاب كلي يعرفها جيدًا وحزن مخفي داخلها لسبب لا يعلمه ولا تريده أن يعلمه..

أخفضت بصرها إلى الهاتف ونظرت إلى الساعة لتجدها الحادية عشر مساء فوقفت على قدميها قائلة إليه وهو يقف جوارها:

-أنا هنزل قبل ما نروح أشوف ماما وجمال

أومأ إليها بهدوء قائلًا:

-شوية وهنزل اعدي عليكي نمشي

نظرت إلى عمه وزوجته بابتسامة واهتمام يظهر لهم وهي تعبر عن فرحتها بهذه الجمعة التي لم تكن جزء منها:

-ربنا يجعله دايمًا عامر يا عمي

ابتسم إليها وأجابت زوجته سريعًا قبل منه قائلة:

-تسلمي وتعيشي يا حبيبتي

-عن اذنكم هنزل أشوف ماما شوية

أومأت إليها برأسها وانشغل “سمير” مع والده وعمه فقالت “فهيمة”:

-سلميلنا على أم جمال يا هدير

تحركت إلى الخارج لتهبط إلى الأسفل فاستدارت بجدية:

-يوصل بإذن الله

ثم رحلت إلى الخارج لتهبط إلى والدتها وشقيقها قليلًا تنظر على أحوالهم وترى شقيقها الذي انشغلت عنه بحياتها مع “جاد” التعيسة، المدمرة للأعصاب، الحارقة للقلوب، حياتها مع معذب الفؤاد..

❈-❈-❈

بعد الذي فعله “جاد” مع “كاميليا” شعرت بالإهانة المُرة، ولكنها ليست تلك المرأة التي تصمت عما حدث وتعترف بخطأها بل ستكابر وتعانده أكثر وأكثر وستفعل كما قالت له وفي نظرها سيأتي إليها “جاد” راكعًا على قدميه لتسامحه عما بدر منه، ستجعله يدرس كم كان هو المخطئ وهي التي تحدثت عن الصحيح والذي من المفترض أن يحدث..

هي ليست تلك السهلة التي تفوت له مثل هذا الموقف وتتركه ينعم بعدما جرح كبريائها، لن تتركه وهذا قد حدث عندما بحثت خلفه وخلف كل من يخصه في ساعات..

بمصادرها الخاصة والتي تمتاز بها في مهنتها من الأساس كـ مذيعة شهيرة، علمت كل ما حدث في الحارة منذ أول يوم وقف به “مسعد” أمام الجميع يواجه “جاد” وعلمت السبب الرئيسي في ذلك وهو زوجته!..

يريدها ذلك الذي اسمه “مسعد” ولا يريد غيرها، فعل الكثير لأجل ذلك ولكن لم يحالفه الحظ ووقف قبالته “جاد” بكامل قوته، كان غبي لم يستطع كيف يحدد نقطة الضعف لدى فريسته، حاول الإعتداء عليها ومن أنقذها هو زوجها أيضًا وكل ما حدث بينهم في الحارة من خلافات إلى اليوم بسبب زوجته الجميلة الرائعة التي لا يرى مثلها.. حتى أنه فضلها عليها ذلك الأبلة المعتوه..

والآن الوحيد الذي تستطيع أن تستخدمه لصالحها في العد التنازلي هو “مسعد” وهي واثقة ثقة عمياء أنه سيفعل ذلك ويقف معاها أمام “جاد” وبمساعدته هو وحده تستطيع أن تأتي به إلى الأرضية وتضع رأسه تحت قدمها عندما تفعل ما وقع برأسها فور رحيله..

لن ينجوا من تخطيطها، لن ينجوا منها إلى الأبد وستكون الغصة العالقة بحلقه هو وزوجته إلى الأبد وبجوارها “مسعد” ينتقم لأجل سرقة إمرأة أرادها من قبله..

❈-❈-❈

هبطت إلى الأسفل لتسلم على والدتها وشقيقها، ولتجلس معه قليلًا وقد كانت مقررة الحديث معه عن حياته وما يفعله بنفسه من أشياء تدمر وتسلبه دون دراية إلى التهلكة ولكن منذ فترة قصيرة علمت من والدتها أنه أصبح شخص يعتمد عليه، وابتعد عن النوم خارج المنزل والسهر إلى صباح اليوم التالي وظهر عليه كثير من التغيرات الصالحة..

-عامل ايه يا جمال

كانت جالسة جواره على الفراش في غرفته تنظر إليه وهي تراه قد فقد القليل من وزنه عما كان في السابق ولحيته كبيرة على غير العادة وحالته لا تسرها

أجابها وعينيه بالأرضية لم يستطع أن يرفعها بها بعدما فعل آخر شيء معها دون أن تعلم:

-الحمد لله كويس

ابتسمت إليه بهدوء بعدما عملت من والدتها تغيره المفاجئ، وقالت بفرحة:

-أمي بتقول إنك سبت الشغل مع مسعد وبتشتغل في مطعم ألف مبروك

لم يرفع عينيه وبقيٰ كما هو ثم أجاب قائلًا بخجل:

-الله يبارك فيكي

أقتربت منه أكثر ووضعت يدها على ركبته قائلة باهتمام شديد تنصحه بالابتعاد عن ذلك الشيطان الموجود بينهم على الأرض:

-خليك كده على طول يا جمال واوعى ترجع لمسعد تاني ده كل شغله حرام في حرام وربنا عمره ما هيكرمك طول ما أنتَ معاه

أومأ برأسه وهو يجعلها تطمئن بحديثه الفاتر:

-متقلقيش أنا بعدت عنه نهائي

ظهرت أسنانها البيضاء بسبب ابتسامتها الواسعة والتي خرجت لشقيقها حقيقية هذه المرة وقالت بمرح لتجعله يخرج من ذلك الهدوء الكئيب:

-أيوه كده أشتغل وخلينا ندورلك على عروسة بقلب جامد

تهكم وهو يلوي شفتيه بسخرية قائلًا بنبرة حادة:

-ودي مين اللي هتوافق بيا من الحارة.. دول عارفين اللي بيحصل هنا بالحرف

ربتت على ركبته بكف يدها وهي تُجيبه بالنفي لتجعله يتقبل نفسه ويعرف أنه إذا أراد التغير حقًا سيكون من أفضل البشر:

-لأ يا جمال مش عارفين.. محدش يعرف حاجه ولو يعرفوا، أنتَ أي بنت تتمناك بعد التغير اللي هتبقى فيه

غير الحوار كليًا وهو يتسائل عن صديقتها التي كان يكن إليها الإعجاب وكان يشعر أنها تبادله لولا أنه لم يفهم ذلك إلا متأخرًا:

-رحمة ازيها.. بتكلميها؟.

نظرت إليه بجدية وأرادت أن تجعله يبتعد بتفكيره عنها نهائيًا فهي الآن مخطوبة وستتزوج من صديق زوجها:

-أيوه بكلمها وهي كويسه ومرتاحه مع عبده أوي وفرحهم السنة الجاية

بنبرة حزينة خاسرة معركة صغيرة كان يستطيع الفوز بها فقط لو أبصر جيدًا:

-ربنا يسعدها

ابتسمت إليه قائلة وهي تنظر إليه:

-ويسعدك أنتَ كمان

اعتدل في جلسته ورفع عينيه إليها على حين غرة ونظرته ثابته عليها وملامحه تحمل الندم الخالص الذي جعله منكسره وهتف:

-هدير أنا عايز أقولك على حاجه

قضبت جبينها بحيرة وهي تراه يود الإعتراف لها بأمر ما:

-حاجة ايه

كاد أن يتحدث ويهتف بكل ما فعله ولكن بعد نظرتها له تراجع بقلق وخوف غير قادر على التكملة:

-أنا… خلاص مش مهم

-لأ قول

أبعد نظرة عنها إلى الناحية الأخرى وداخل عقله صوتين الأول يقول له أن يبدأ الحياة الجديدة بكل صراحة وحب واحترام لكل من في حياته، والصوت الآخر يقول له قد سترك الله فلا تفضح نفسك ولكن سريعًا ومرة واحدة:

-أنا اللي سرقت دهبك

ضيقت ما بين حاجبيها بدهشة واستغراب شديد وشعرت بالضجر لوهلة وهي تسائلة بريبة أن يكون قد فعلها حقًا:

-دهبي؟.. دهب ايه!. الغوشتين؟..

ظهر الضعف على ملامحه وعينيه حزينه للغاية وملامحه أصبحت باهته وهو يقول:

-أيوه أنا اللي اخدتهم.. لكن هرجعهم والله هرجعهم متقلقيش

أكمل بحزن أكبر وهو يبصر عينيها بخوف طفل أخذ من أحد زملائه قلمه عنوة وقد كانت الأم الأضعف وهي تنظر إليه:

-أنا بس اخدتهم علشان كان عليا فلوس لمسعد وكان بيهددني كان لازم يرجعوا ومكنش عندي طريقة غير دي

نظرته وحديثه جعلوها ضعيفة للغاية وداخلها غضب مكبوت تجاة “مسعد” الذي لم يترك داخل شقيقها شيء جيد:

-لو طلبت مني كنت هديلك.. مش من جاد أنا معايا فلوس بتاعتي!.

ظهر لؤلؤ في عينيه العسلية وكأنه سيبكي:

-أنا آسف إني عملت كده قدام جوزك وصغرتك وفضحتك

ظهر بعينيها هي الأخرى لؤلؤ أكثر منه وخرجت الدموع وهي تتحدث بضعف وقلة حيلة قائلة:

-جاد مهموش الغوشتين ومسألش عليهم ومش هيعرف حاجه ولا أنتَ هترجعهم وأنا مسمحاك بس بس بشرط أنك تتغير بجد

هتف بصدق رأته به بقوة وجدية وشعرت بتغييره منذ هذه اللحظة:

-هتغير.. والله هتغير

أقترب منها وفعلت المثل ليأخذها داخل أحضانه لأول مرة منذ وفاة والدهم، لأول مرة يأخذها شقيقها داخل أحضانه ويشعرها بتواجده، لطالما كانت الابنه الوسطى لوالدها ولكنها أخذت دور الأكبر إلى اليوم هذا.. إلى اليوم وهي الابنة الكبرى لدى هذا البيت والمسؤولة عن كل صغير وكبير به.. وقد كان هذا من أكبر أحلامها أن ترى شقيقها التالف يتغير ويعيش حياة طبيعية مثل البشر.. وما أفسده “جاد” داخلها أصلحه “جمال” بجلسة صغيرة وكلمتين خرجوا منه بصدق..

❈-❈-❈

“بعد أسبوع”

في وسط النهار وبعد أحداث كثيرة بينها وبين أثاث الشقة جلست على الأريكة بعد أن خلعت عباءتها البيتية لتسريح قليلًا وكذلك خلعت عنها حجابها لأنها كانت تقوم بوضع الملابس التي قامت بغسلها في شرفة الشقة لكي تقوم بتجفيفها..

جلست بملابسها التي كانت عبارة عن بنطال قصير يصل إلى ركبتيها وقميص بنصف كم يعلوه، لحظات لما تستطع أن تأخذ بها أنفاسها واستمعت إلى صوت عربات الشرطة التي تصدر ازعاج كبير والتي تؤكد وجود الشرطة في المكان..

دق قلبها بعنف ولهفة لا تدري لما ولكن هذا الصوت وحده يوتر الشخص ويجعله خائف إلى أبعد حد، صمتت الأصوات ولكن ظهر من خلفها حالة من الهرج والمرج في الحارة وهي تستمع إليهم من هنا!..

وقفت على قدميها بقلق بالغ وأخذت عباءتها مرة أخرى ترتديها لتنظر من الشرفة وترى ما الذي يحدث ولمن تأتي هذه الشرطة، سارت في الصالة إلى الشرفة وهي تضع حجابها على رأسها بطريقة عشوائية ثم فتحت الباب ونظرت إلى الأسفل لترى عربة الشرطة تقف أمام منزلهم!.. وبالتحديد أمام ورشة “جاد” والأخرى ذو الصندوق الكبير الذي يكن بها المتهمين في الخلف قليلًا..

ما الذي يحدث لما هما هنا!.. لما يقفون هنا!.. وأين “جاد”..

حقًا لم يستطيع عقلها إتمام تفكيره عندما رأتهم يمسكون بزوجها يخرجونه من الورشة وهو مسالم للأمر يخرج معهم بهدوء و “عبده” يصيح ومن خلفه “طارق” و “حمادة” وهذه والدته تخرج من منزلها تصيح بصوتٍ عالي وخوف..

كل هذا رأته عينيها في لحظة واحدة ولم تستوعب إلا وهي تصيح بإسمه بكامل قوتها من الأعلى وتنظر عليه بخوف وريبة احتلت قلبها:

-جــاد

ثم لم ترى نفسها إلا وهي تركض بعباءتها البيتية والحجاب عليها ليس مهندم بل موضوع بطريقة غير صحيحة بالمرة لتخرج من الشقة وقلبها يدق عنفًا وخوفًا على معذب فؤادها الذي تناست كل ما فعله بها ومعها والآن فقط تذكرت أنه زوجها وحبيها ورفيق دربها الذي لن تتركه أبدًا..

google-playkhamsatmostaqltradent