Ads by Google X

رواية كارمن الفصل الرابع عشر 14 - بقلم ملك ابراهيم

الصفحة الرئيسية

   رواية كارمن كاملة بقلم ملك ابراهيم عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية كارمن الفصل الرابع عشر 14

 
– وانا مستحيل اسيب حقي.. هاتلي اسم عم صادق وعنوانه في الصعيد.
أومأ المحامي برأسه بالايجاب وبحث بداخل احد الملفات والذي يحمل اسم “صادق الهواري” واخذ منه المعلومات الكافيه عن عائلة صادق الهوارى وتحدث اليها بثقة:
– ده العنوان بالتفصيل وكل المعلومات عن عيلة المرحوم صادق.
اخذت من يديه الورقه بحماس وتحدثت:
– انت متأكد ان الارض دي كبيرة وتستاهل؟!
ابتسم واجاب عليها بثقة:
– عيلة المرحوم صادق من أغنى واكبر العائلات في الصعيد، ونص الارض اللي تحت ايديهم ارض المرحوم صادق يعني ارض بالملايين..
ابتسمت بطمع ولمعت عيناها وهي تستمع اليه وهو يضيف:
– القانون معاكم وتقدروا تطلبوا حقكم في الارض.

أومأت برأسها وهي تنظر الي العنوان المدون علي الورقه بيديها وتحدثت بطمع:
– يبقى انا وكارمن لازم نسافر النهارده واخد منهم الارض وابيعها بأعلى سعر.
تابعها المحامي بصدمة قائلا:
– تبيعي ايه؟! دول ممكن يقتلوكي انتي وبنتك لو فكرتي تبيعي الارض لأي حد.. هناك الارض شرفهم ومستحيل حد غريب ياخدها!
نظرت اليه بستغراب:
– يعني ايه الكلام ده! مش انت لسه بتقول ان الارض قانونا من حقي انا وبنتي؟!
اجاب عليها بثقة:
– فعلا الارض قانونا من حقكم انتي وبنتك.. لكن الارض دلوقتى تحت ايديهم هما ومحدش يقدر ياخد الارض من تحت ايديهم غير بالتفاوض معاهم والحل الوحيد انك تعرضي عليهم انهم ياخدوا الارض منكم بشكل قانوني وانتم تاخدوا منهم حق الارض وترجعوا.
نظرت امامها تفكر بشرود ثم نظرت اليه وتحدثت:
– خلاص سيب الموضوع ده عليا وانا هعرف اتفاوض معاهم.
نظر اليها بقلق:
– ولو احتاجتي مني اي استشارة قانونيه تقدري تكلميني في اي وقت.
أومأت برأسها بالايجاب وشكرته وذهبت بحماس وهي تفكر في ضرورة السفر الي الصعيد اليوم قبل الغد.
******
جلست كارمن بداخل الغرفة تنتظر عودة والدتها بقلق، تعلم ان هذا اليوم لن يمر بسلام بعد ان تعود والدتها بأحباط من مكتب المحامي الخاص بها.
حدث على عكس توقعها واستمعت الي صوت والدتها الحماسي يأتي من بعيد، عقدت ما بين حاجبيها وهي تستمع الي صوت والدتها تناديها بحماس وسعاده وهي تصعد الدرج حتى وصلت إلى غرفتهما بالطابق الاخير، توقفت امام باب الغرفة تلتقط انفاسها المتقطعه من صعود الدرج، وقفت كارمن بقلق وفتحت لها الباب وحدقت بها بقلق:
– ماما انتي كويسه؟!
دفعتها والدتها بحماس وهي تبتسم بسعادة وتقدمت الي داخل الغرفة:
– انا مش كويسه بس.. دا انا في اسعد واجمل لحظات حياتي.
حدقت بها كارمن بستغراب، تقدمت والدتها من حقيبتها الفارغه امام خزانة الملابس وتحدثت الي ابنتها:
– يلا بسرعه لمي هدومك عشان نلحق القطر.
حدقت بها بصدمة:
– قطر ايه ؟!
التفتت تنظر إليها واجابتها وهي ترتب ثيابها بداخل الحقيبه:
– هنسافر الصعيد عند اهل باباكي.. المحامي قالي ان باباكي له ارض كبيرة اوي هناك وكان سايبها لعمه!
اقتربت من والدتها بذهول:
– ارض ايه انا مش فاهمه حاجة؟!
القت والدتها الثياب بداخل الحقيبه بعصبيه واجابتها:
– ايه اللي انتي مش فهماه! باباكي له ارض ورث في الصعيد وكان متنازل عنها لعمه بس من غير ورق ولا اي إثبات انه متنازل لهم عنها! انا مكنتش اعرف اي حاجة عن الأرض دي بس المحامي عرفني وفهمني كل حاجة وقالي ان من حقي اطالبهم بالارض او تمنها واكيد دلوقتي تمن الارض دي هيبقى كتير اوي.
هزت رأسها برفض غير متقبله حديث والدتها:
– بس حضرتك بتقولي ان محامي بابا قالك ان بابا كان متنازل عنها لعمه! ازاي هنطلب منهم الارض؟
اجابتها والدتها بثقة:
– انا مقولتش انه اتنازل عنها بمزاجه.. المحامي قالي ان عمه اخد منه الارض بالقوة وباباكي ساب الارض ومشي.. يعني الارض تحت ايديهم لكن العقود والقانون معانا احنا ونقدر بسهوله ناخد حقنا منهم.
وقفت كارمن تنظر الي والدتها بتفكير، لا تتقبل ما تقوله والدتها، التفتت والدتها ونظرت اليها وهي تقف شاردة بحيرة، اقتربت منها وتحدثت اليها بصرامة:
– انتي لسه هتقفي تفكري! جهزي نفسك بسرعه عشان نسافر.
أجابت على والدتها بحيره:
– هنروح نقولهم ايه بس يا ماما! يعني لو بابا كان له حق في الارض دي اكيد مكنش هيسيبها لما كان في عز ازمته!
لمعت عين والدتها طمعًا وتحدثت بقوة:
– باباكي الله يرحمه كان غبي.. اومال انتي طالعه لمين! لما كان عايش كانت الارض دي حقه وهو اللي ساب حقه،، لكن انا مش هسيب حقي.
نظرت الي والدتها بصدمة وقلق، تعلم ان والدتها لن ولم تتنازل عن هذه الارض بعد ان اتت اليها في هذا الوقت التي اعلنت فيه تمردها على كل شئ، لن تقبل العيش بهذه الغرفة بعد الآن، لن تبقى هنا لحظة واحدة، وهي لا يمكنها ترك والدتها تذهب بمفردها! لا تعلم ماذا ينتظرها هناك.
اخذت حقيبتها ووضعت بها ثيابها هي الأخرى، لم تتوقف والدتها عن الحديث وهي تضع قائمة لكل ما ستعوضه بعد حصولها على ثمن الارض، المنزل الجديد والسيارة والثياب وكل شئ افتقدته خلال السنوات الماضيه.
كانت كارمن تستمع الي حديثها بقلق، تخشي ان تتبخر احلام والدتها في الهواء، لا تعلم من اين اتت لهم هذه الارض!
اخذت حقيبتها وخرجت والدتها من الغرفة بسعادة وهي تودع الفقر وتفتح ذراعيها لاستقبال الثراء من جديد.
******
جلس فوق الاريكة امام التلفاز بداخل شقته التي تجمع ذكرياته الجميلة معها، كان يتذكرها وهي تجلس بداخل حضنه على هذه الاريكة ويتبادلون الحديث معًا، لم يخلو حديثهما من المرح والمزاح، كم اشتاق اليها وتمني لو يعود بهما الزمن وتعود الي داخل حضنه مرة اخري. حدق باحد الملفات امامه، كان يدقق النظر في التحريات التي ارسلها اليه خالد وبها بعض المعلومات عن الحي الذي تسكن به كارمن ومتى ذهبت الي هذا الحي.
صوت جرس الباب اخرجه من ذكرياته، نظر الي الباب وتمنى من قلبه لو يجدها هي من اتت اليه، ذهب وفتح الباب على امل رؤيتها. بهتت ملامحه بحزن؛ عندما وجد “مايا” تلك الفتاة التي كانت بالحفل عندما ذهب مع صديقه وكانت كارمن تعمل هناك. اتت اليه برفقة صديقه عادل، نظر اليهما بستغراب قائلا:
– خير يا عادل في حاجة ولا ايه؟!
تأملته مايا بنظرات عاشقه واجابة على سؤاله بدلال:
– ايه المقابله دي يا رشيد! معقول تكون دي مقابلتك لينا واحنا اول مرة نزورك في شقتك!
نظر الي عادل بدهشة، هز عادل رأسه بقلة حيلة واشار برأسه اتجاه مايا مؤكدًا له انه جاء بها الي هنا برغبتها الملحه عليه، ابتعد قليلاً واشار اليهما بيديه مرحبًا بهما الي الداخل.
تقدمت مايا الي داخل الشقه وهي تنظر حولها باعجاب قائلة:
– شقتك حلوة اوي يا رشيد.. وذوقك فيها يجنن.
نظر الي عادل بتوعد واجاب عليها بهدوء:
– ده مش ذوقي.. ده ذوق مراتي، هي اللي اختارت كل حاجة هنا في الشقه وفرشتها على ذوقها.
انتفضت من مكانها قبل ان تجلس ونظرت اليه بصدمة ثم الي عادل بذهول وتحدثت بصوت مبحوح:
– هو انت متجوز؟!

جلس براحة واجابها بتأكيد:
– اه.. انتي مكنتيش تعرفي ولا ايه؟
حدقت به بصدمة وتحدثت بذهول:
– لا طبعاً مكنتش اعرف.. انت اتجوزت امتى وازاي؟!
اجابها بهدوء وهو يعلم ما تحمله بقلبها اتجاهه:
– اتجوزت من حوالي اربع سنين.
نظرت اليه بصدمة ثم نظرت الي عادل بتوعد على عدم اخبارها بزواج رشيد، نظرت حولها بتوتر وتحدثت بارتباك:
– ممكن اتعرف على مراتك؟
اجابها بهدوء:
– للاسف هي مش موجودة دلوقتي.. لو كنتوا عرفتوني قبل ما تيجوا اكيد كانت هتبقى في استقبالكم معايا.
شعرت بالحرج واستعدت للذهاب متجه الي الباب قائلة بتوتر:
– احنا كنا جاين نطمن عليك.. بس مش مهم.. ابقى خلينا نشوفك انت والمدام عشان حابه اتعرف عليها.
أومأ لها برأسه بالايجاب، خرجت من منزله وهي تشعر بالحرج الشديد، صدمتها بمعرفة زواجه كانت مثل الصاعقه. خرج عادل خلفها وهو ينظر الي رشيد بعتذار ويبادله رشيد النظرات بتوعد.
اسرعت مايا في خطواتها حتى توقفت امام سيارتها تلتقط انفاسها بصعوبه، وقف عادل خلفها وتحدث اليها بقلق:
– مايا انتي كويسه؟
التفتت تنظر اليه بغضب وتحدثت اليه بحدة:
– انت ازاي متقوليش ان رشيد متجوز! هو اتجوز امتى وازاي اصلا؟ انا اعرف رشيد من زمان لحد ما سافر ورجع.. معقول اتعرف عليها وهو مسافر واتجوزها هناك!
اجابها عادل بتوتر:
– اهدي بس يا مايا واسمعيني.. رشيد قبل ما يسافر اتجوز فعلا.. بس كان في مشاكل مع اهله واهل البنت اللي حبها وكلهم كانوا رافضين الجواز وهو اتحداهم واتجوزها واعلن جوازه منها، بس الخبر منتشرش اوي لان بعد فترة قليلة من جوازهم رشيد حصله مشكله في شغله وتعب جامد وتقريبا طلق مراته وسافر بعدها.

وقفت تنظر اليه بستغراب وتحدثت بفضول:
– يعني هو طلقها قبل ما يسافر؟
اجابها بتردد:
– ده اللي انا عرفته.
نظرت امامها بتفكير ثم تحدثت:
– انت تعرف مراته دي او شوفتها قبل كده؟
اجابها بصدق:
– انا معرفهاش ولا عمري شوفتها.. اصلا الفترة اللي رشيد كان متجوزها فيها مكناش بنشوفه كتير وعرفنا بالصدفه انه اتجوز!
أومأت برأسها بتفهم وفكرت قليلا بحيرة:
– بس لو هو طلقها ليه قال انه متجوز! ولو هو مطلقهاش.. هي فين؟ ليه مظهرتش معاه ولا مرة؟! وكمان مش موجودة في بيته في وقت زي ده؟!
اجابها عادل بثقة:
– اللي انا اعرفه انه طلقها قبل ما يسافر وكمان هو عايش في الشقه لوحده بعد ما رجع من السفر.
ابتسمت بمكر وأومأت برأسها وهي تهمس بداخلها:
– يبقى في سر رشيد بيحاول يخفيه.. بس انا لازم اعرفه.
نظر اليها عادل بتوتر وهمس بداخله:
– ربنا يستر انا مش مطمن.
*****
في الصباح الباكر من اليوم التالي..
وصل القطار الي محافظة قنا بالصعيد.
ترجلت منه كارمن مع والدتها، كانت تشعر بالخوف الشديد وتتمسك بحقيبتها بيد ترتجف من شدة القلق والتوتر. لم تتوقف والدتها لحظة واحدة منذ ترجلها من القطار، كانت تسير بخطوات مسرعه الي خارج محطة القطار وكأن حياة الثراء تناديها وتريدها ان تسرع اليه، كانت كارمن تحاول الالحاق بها بخطوات مهرولة.
اشارة والدتها الي احدي سيارات الاجرة واعطته العنوان الذي تريد الذهاب اليه. استغربت كارمن من وجود العنوان مع والدتها وسرعتها في الوصول لكل المعلومات التي تساعدها للوصل الي الارض.
صعدت الي داخل السيارة بجوار والدتها ولم تتوقف والدتها لحظة واحدة عن الحديث عن الثراء المنتظر لها.
بعد مرور ساعة من الوقت بداخل سيارة الاجرة، توقفت السيارة بقرية ريفيه واخبرها السائق ان هذه هي القرية التي ذكرت اسمها بالعنوان الذي اعطته له.

ترجلت من السيارة وهي تنظر حولها بشمئزاز، عكس نظرات كارمن التي نظرت الي الطبيعه من حولها براحة واعجاب، تحدثت والدة كارمن وهي تنظر الي حذائها الذي اختلط بالارض الترابيه:
– ايه ده مش معقول! ازاي سيبين الارض مش نضيفه كده!
استنشقت كارمن الهواء النقي وتحدثت براحة:
– بس الجوا هنا حلو اوي يا ماما وهدوء وراحة.
– انتوا مين يا هوانم؟
جاءهم هذا الصوت الأَجش من الخلف. التفتوا ينظرون الي صاحب الصوت بفزع، تحدثت اليه والدة كارمن بحدة:
– انت اللي مين؟
نظر اليها من الاعلي الي الاسفل قائلا:
– شكلكم مش من اهل البلد! انتوا جاين لمين هنا؟!
نظرت كارمن الي والدتها بقلق وتراجعت الي الخلف بخوف وهي تتطلع الي هيئته بجلبابه الفضفاض وجسده الضخم وشاربه الكبير. اجابته والدتها ببرود:
– احنا جاين لكبير عيلة الهواري.. تعرفه؟
ارتجف جسده قليلا واجابها بقلق:
– ومين ميعرفش عبد الرازق بيه كبير عيلة الهواري! دول كبار البلد.
شعرت بالرضا بعد ان لاحظت ارتباكه عند ذكرها اسم عائلة زوجها. نظرت الي ابنتها وتحدثت بفخر:
– احنا من عيلة الهواري وكنا عايزين نروح لكبير العيلة.
أومأ برأسه بحترام قائلا بترحاب شديد:
– يا اهلا يا اهلا.. نورتوا البلد يا هوانم.. انا هوصلكم بنفسي للسرايا الكبيرة عند عبد الرازق بيه.
شعرت والدة كارمن بالغرور الذي افتقدته منذ سنوات بعد خسارتها كل ما تملك. على عكس كارمن التي شعرت برهبة كبيرة من مقابلة هذا المدعو “عبد الرازق” الذي تساءلت كثيرا بداخلها كيف سيكون رد فعله بعد معرفة سبب مجيئهم الي هنا!.
اخذهما الي المنزل الكبير لعائلة الهواري.
كان المنزل كبير للغاية ويشبه القصور القديمة، كان يحاط بالمنزل بالخارج، عددً كبير من الرجال يرتدون الجلباب الصعيدي ويحملون الاسلحة المرخصة لحماية المنزل.
اقترب الرجل الذي اصطحب كارمن ووالدتها الي منزل عائلة الهواري من احد الرجال الواقفين امام بوابة الدخول الرئيسيه، اخبره انهم يريدون مقابلة كبير عائلة الهواري. تطلع إليهما من يقوم بحراسة البوابة وسألهم باحترام:
– عايزين مين يا هوانم؟
نظرت سهير الي المنزل الكبير بعين لامعه بالطمع والجشع واجابته بكبرياء:
– احنا قرايب عبد الرازق بيه.. جاين من القاهرة.
نظرت كارمن الي والدتها بتوتر وهمست اليها بخوف:
– ماما خلينا نرجع انا خايفه.
همست اليها والدتها بغضب:
– نرجع فين ونسيب كل ده لمين..
ثم اشارة برأسها اتجاه المنزل الكبير واضافة بهمس:
– انتي مش شايفه هما عايشين في قصر عامل ازاي!
أومأ الرجل باحترام ورحب بهما للدخول وهو يفتح البوابه الحديدية الكبيرة، تراجعت كارمن للخلف بخوف وهي تنظر للمنزل الكبير برهبه، لا تعلم ما ينتظرها بداخل هذا المنزل، لكن قلبها كان يخفق بقوة. اخذهما الرجل الي مبنى صغير منفصل عن المنزل وتحدث اليهما باحترام:
– اتفضلوا يا هوانم هنا في المضيفه وانا هروح ابلغ عبد الرازق بيه.
دخلت سهير وهي تتطلع حولها بانبهار، خلفها كارمن تنظر حولها بخوف. تحدثت سهير بطمع:
– عيلة ابوكي طلعوا مش قليلين ابدا.. مش قادرة افهم كان مقاطعهم ليه طول السنين دي!
تحدثت كارمن بتوتر:
– انا خايفه من الناس دول يا ماما.. خلينا نرجع.
التفتت اليها والدتها وتحدثت بصرامة وصوت مرتفع:
– نرجع فين انتي اتجننتي! انا مش هرجع للفقر تاني حتى لو هموت هنا.
انتفضت كارمن من صوت والدتها المرتفع وتراجعت الي الخلف بخطوات مرتبكة، اصطدمت بجسد صلب توقف خلفها فجأة، انتفضت بهلع والتفت تنظر خلفها بخوف. كان شاب طويل القامة ذو بشره سمراء وعيون سوداء حادة، ابتعدت كارمن عنه بهلع وركضت الي جانب والدتها. تطلع اليها بعمق وتحدث بنبرة حادة:
– اهلا بيكم.. قالولي انكم بتسألوا عن جدي الحاج عبد الرازق!
توترت سهير قليلاً من حدة صوته وحاولت رسم القوة امامه واجابته بهدوء مصطنع:
– ااحنا.. انا.. انا ابقى مرات المهندس صادق الهواري الله يرحمه.. ودي كارمن الهواري بنتي.
نظر اليهما باهتمام وعقد بين حاجبيه بدهشة. توترت سهير من نظراته الحادة واضافة بتلعثم:
– احنا كنا عايزين نقابل الحاج عبد الرازق.. هو بيكون عم جوزي الله يرحمه، وفي موضوع مهم لازم نتكلم فيه معاه.
أومأ برأسه بالايجاب قائلا:
– جدي وابويا الله يرحمه كانوا حكولي عن عمي صادق كتير. واللي اعرفه عنه انه عاش عمره كله في مصر وقطع علاقته بالبلد واهله من سنين!
تحدثت سهير بمكر:
– بس اللي انا عرفته انه مقطعش علاقته بالكامل بالبلد.. لسه له حق في البلد.
رمقها بنظرات غامضه وهو يستمع الي حديثها الماكر، ثم نظر الي ابنتها التي تقف خلفها بخوف وتوتر، ثم اومأ برأسه واجاب عليها بثقة:
تحدثت كارمن سريعًا بتلعثم:
– لا احنا هنرجع القاهرة دلوقتي.
رمقتها والدتها بغضب وهمست اليها بحدة:
– انتي اتجننتي! نرجع فين؟!
انتفض جسد كارمن وهي تنظر الي والدتها بتوتر، نظر اليها الشاب باهتمام وتحدث اليها بلطف:
– اهدي يا انسه.. انتي وسط عيلتك دلوقتي، يعني متخافيش من اي حاجة.
 

google-playkhamsatmostaqltradent