Ads by Google X

رواية اوصيك بقلبي عشقا الفصل الثالث عشر 13 - بقلم مريم محمد

الصفحة الرئيسية

  رواية اوصيك بقلبي عشقا كاملة بقلم مريم محمد عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية اوصيك بقلبي عشقا الفصل الثالث عشر 13

  
“”أقرّ بأنّي ضعيفة، هشّة، و بلا إرادة.. أحبّك و لا أستطيع تغيير هذا، أحبك رغم الغدر، رغم الهجر، و رغم خطيئتي العظمى.. أحبّك بيأس و دموع ؛ أحبّك و لو واجهتُ الموت على ذلك… أنتَ لعنتي الأبديّة !”
_ إيمان
-أدخل ! .. هتفت “إيمان” بصوتٍ ذي نبرات مرتجفة
لينفتح باب غرفتها بعد لحظة و تطل رأس “مايا” عبر فتحته، إبتسمتا لبعضهما من خلال المرآة، و استأذنت “مايا” بلباقةٍ :
-ممكن أدخل يا إيمي ؟
أومأت لها الأخيرة :
-معقول بتستأذني.. ادخلي يا مايا !
دلفت “مايا” و أغلقت خلفها باب الغرفة، توجهت ناحية “إيمان” رأسًا و عانقتها من ظهرها متمتمة :
-عاملة إيه !؟
جاوبتها مبتسمة بمسحة حزنٍ :
-كويسة !
مايا مشككة : يا بنت. عيني في عينك كده !!
تنهدت “إيمان” بعمقٍ و استدارت لها، بدا الوهن على قسماتها و هي تخبرها :
-إنتي عارفة يا مايا.. أنا لازم أبان كويسة دايمًا. حتى لو مش كده.. سيف الله يرحمه علّمني كويس
عبست “مايا” قائلة بتعاطفٍ :
-إنتي مش مقتنعة بمالك صح ؟ ماتداريش عليا. أنا كمان مش مصدقة. و ماكنتش أتخيّل حتى أن مالك يفكر في كده.. بس إنتي يا إيمان في لإيدك تنهي المهزلة دي !
-مش عايزة أنهي حاجة يا مايا. صحيح كل إللي قلتيه ده.. لكن أنا ماعنتش بفكر في نفسي. أنا نسيت نفسي من زمان أصلًا
-أومال بتفكري في مين يا إيمان !؟؟ .. غمغمت “مايا” بشيء من العصبية
لترد “إيمان” بلا ترددٍ :
-بنتي يا مايا.. لمى هي إللي لازم تشغل كل تفكيري. و لمى محتاجة أب. مش هاتعيش فترة طفولتها و حتى لما تكبر منغير أب. و أنا مش هالاقي لبنتي أحسن من مالك يقوم بالدور ده.. هو عمها و أحق بتربيتها. و أكتر واحد ممكن يحبها و يرعاها !
*****
صدمة.. قشعريرة… ألم في المعدة.. جبينه يتندى بالعرق الطفيف
بعد سماعه تلك الأخبار، لم يستطع نطقًا بعدها و ظل فقط يحملق بأبن خالته دون أن يحرّك ساكنًا، ليستأنف “أدهم” غير منتبهًا بما وقع عليه :
-أنا كنت متوقع إنها ترفض لما بلّغتها بطلبه. لكن بصراحة ذُهلت و هي بتقولّي موافقة.. بس طبعًا مقدرش غير إني احترم رغبتها. في النهاية هي ست و أكيد محتاجة لراجل في حياتها !
لم يزل على صمته، فقطب “أدهم” مسغربًا و سأله :
-مالك يا مراد ؟
أجفل “مراد” منتزعًا نفسه حالته المريبة، اغتصب إبتسامة لم تصل إلى عيناه و قال :
-مافيش يا أدهم. أنا تمام.. بس افتكرت مشوار لازم أعمله دلوقتي …
و بدأ بجمع أغراضه من فوق الطاولة أمام عينيّ “أدهم” المشدوتين :
-هو أنا لحقت أقعد معاك. و بعدين انت مش كنت عاوزني !
مراد باقتضابٍ : أيوة بس الوقت مش هايسعفنا. أنا مضطر أقوم معلش. ممكن أعدي عليك في الييت على بليل لو ممكن
أدهم مرحبًا : آه طبعًا ممكن. تعالى مستنيك
قام “مراد” و سحب سلسلة مفاتيحه في يده قائلًا :
-أوكي يا أدهم.. أشوفك بليل !
أدهم بابتسامة : إن شاء الله.. في رعاية الله
رد له “مراد” الابتسامة مجاملًا.. ثم مضى مغادرًا المقهى العصري بخطىٍ حثيثة …
*****
حضّرت “إيمان” القهوة التي لطالما أعدّتها لشقيق زوجها الراحل في أوقات الدراسة و حتى بعد أن راجلًا مستقلًا، الآن هي تعدّها من أجله و لكن بصفةٍ أخرى، فهو قريبًا سيغدو رجلها.. أجل
ذلك الولد الذي درست له في فترة صباه، و نصحت له في أمور العشق بمراهقته، و كانت تعامله كأخٍ مقرّب طيلة سنوات زواجها و حتى بعد أن ترملّت
حتى هذه اللحظة لا تعرف كيف بات ينظر إليه تلك النظرة !!؟
صحيح أن قبلت به، و لكن حتى و لو كان غيره الذي أتاه كانت لترضى هربًا من ماضيها الذي لا ينفك يلاحقها، كانت لترضى بأيّ رجلٍ مخافةً أن تقع في وحل الآثام من جديد ؛
لكن.. ماذا عنه هو ؟
كيف طاوعته نفسه أن يتقبل مثل هذا.. إنها زوجة أخيه، في مكانة أخته، هل يمكن هذا، هل يمكنه أن يتخيّلها بين ذراعيه ؟
بعد أن كانت ملكًا لأخيه.. هذا شيء لا يُصدق !
و لكنها الحقيقة للأسف.. “مالك” يريدها” و هي قبلته و انتهى …
حملت “إيمان” صينية القهوة، و خرجت على مهلٍ مطرقة الرأس، وصلت إلى حجرة المعيشة متماسكة، و لكن الارتباك ما لبث إغتالها حين خبت الأصوات فجأة عند ظهورها، رغمًا عنها رفعت وجهها لتشتبك نظراتها بنظراته
ارتعش بداخلها و هي ترى عيناه تتفحصانها لأول مرة بهذا التدقيق و الجرأة، ابتلعت ريقها بتوترٍ و أجبرت نفسها على العدو بنفس الوتيرة المتزنة، وصولًا إلى أمها أولًا …
قدمت إليها شايًا كما تفضل، ثم إنتقلت إلى “مايا” و قدمت لها العصير الطازج، و أخيرًا انتهى بها المطاف أمامه…. ليست المرة الأولى التي تقف قبالته هذا الموقف… لكنها المرة الأولى و هي تعلم جيدًا النوايا التي تُطل من عينيه الآن.. كان لا بد أن تثير تلك القشعريرة التي سرت بأوصالها مشاعر مُحببة… إنما لا.. العينين ليست عينيّ “مراد”.. النظرات ليست له.. تبًا
تبًا له و تعسًا لحظها إذ ما زالت تراه في كل شيء و كأنه مركز الكون و حياتها تتوقف عليه.. هي كذلك بالفعل …
-تسلم إيديكي ! .. قالها “مالك” ممتنًا لها و قد تلامست أيديهما عرضيًا
فأنتفضت “إيمان” و ارتجت الصينية بين يديها و إنسكب الماء و العصير المخصص لطفلتها، جمدت المسكينة مضطربة أشدّ الاضطراب، بينما يسارع “مالك” لتفادي الضرر الواقع قدر استطاعته …
-مافيش حاجة. حصل خير. على مهلك ! .. حاول “مالك” أن يُلطف الأجواء ليخفف عنها
لم تقوَ “إيمان” على النطق، و قد كانت أمها تقف إلى جوارها خلال تلك الأثناء، ربتت على كتفها مرةً ثم قالت و هي تنحني لتجمع ما سقط فوق الأرض :
-معلش يا حبيبتي فداكي. خلاص يا مالك يا حبيبي. أنا هالم إللي وقع قوم يابني عيب ..
لم يصغي “مالك” لأمرها و أعاد الكؤوس إلى الصينية، ثم نهض مبتسمًا و قال :
-عيب إيه يا طنط أمينة. هو أنا غريب يعني !؟
-يا حبيبي مش القصد. طيب ماشي. تسلم إيدك ! .. و حملت الصينية عن ابنتها بالفارغ و أردفت :
-أنا بقى عاملة على الغدا مفاجأة هاتعجبك انت و أختك أوي يا مالك.. تعالي معايا يا مايا و لا لسا مش بتدخلي المطبخ ؟
أخذت “مايا” كأسها و قامت على الفور مُرحبة :
-لأ يا طنط و ده معقول. أنا خلاص بقى معايا كتكوت. و مستوايا في المطبخ بقى عالي أوي ..
و غمزت لها
ضحكت “أمينة” مجلجلة :
-طيب ياختي الماية تكدب الغطّاس. تعالي ورايا ! .. و لكنها إلتفتت نحو ابنتها أولًا و قالت :
-و إنتي يا إيمان روحي إنتي و مالك الفراندة عشان تتكلموا براحتكوا. و خلّي معاكوا لمى تلعب حواليكوا على المرجيحة و لا بلعبها جمبك ..
و لم تعطها فرصة الرد، هكذا قامت بتدبيسها و فرّت مع “مايا”.. لتجد “إيمان” نفسها وجهًا لوجه أمام “مالك” !!!
لم تجرؤ على النظر إليه البتّة، هي التي كانت تكيل له المزح و الدلال، صار الوضع أكثر غرابة و غير معقولًا الآن …
-إيمان !
أجبرت نفسها على النظر إليه، كان وجهها محتقنًا بشدة، و في المقابل كان هو أكثر استرخاءً و مرحًا.. لا زال يبتسم لها ابتسامته العذبة الجذّابة و هو يستطرد :
-مالك يابنتي في إيه. متنشنة ليه من ساعة ما شوفتيني. أنا مش واخد عليكي كده !
ارتعش فكها بشكلٍ طفيف و ملحوظ لفت إنتباهه و جعله يحدق أكثر إلى فمها المُغرِ و هي تتحدث بتوترٍ :
-أنا تمام يا مالك. مافياش حاجة.. ممكن تاخد قهوتك و احنا داخلين الفراندة !
أومأ لها و استدار ليحمل فنجان قهوته، في نفس اللحظة تصيح هي منادية صغيرتها التي جلست فوق الآريكة وحدها مشغولة بالدمى و الهدايا التي جلبها عمها لأجلها :
-لمى.. يلا يا قلبي تعالي معايا و هاتي عروستك معاكي
أذعنت الصغيرة لأمها، قامت مصطحبة معها الدمية الشقراء الجديدة، أخذتها و جلست فوق الأرجوحة و انخرطت في حوارٌ هزلي معها ؛
جلسا كلًا منهما إلى الطاولة الوحيدة بالشرفة الأنيقة، و عدا عن صوت “لمى” الطفولي الناعم، كان الجو هادئًا، إلا أن “إيمان” لم تشعر بالراحة مطلقًا، خاصةً و هي تشعر بنظراته تكتنفها، ثم تسمع صوته مبغتةً :
-أظن طنط أمينة قالت هاتسيبنا على إنفراد عشان نتكلم براحتنا.. بس أنا حاسك غريبة أوي إنهاردة يا إيمان !!
وجّهت ناظريها إليه و هو يتحدث إمتثالًا لآداب الحديث، ثم قالت و هي تبتسم بخفةٍ :
-انت متهيألك يا مالك. أنا كويسة خالص و الله
-فعلًا ؟
-أيوة !
-إمم.. طيب إنتي عارفة أنا جاي ليه إنهاردة !؟
لاحظ على شعاع الظهيرة الشتوية الغائم قسماتها الرقيقة المتعبة، و عينيها العسليتان منطفئتين قليلًا، لكن مع ذلك كانت جميلة كما هي شيمتها، بعيدة عن التكلّف، طبيعية، و هنا يكمن سر جاذبيتها.. منذ أن جاء اليوم و كلّما نظر إليها شعر بما يشبه صعقة كهربائية …
-جاي تكلم أدهم و ماما ! .. تمتمت “إيمان” بشيءٍ من الإرتباك
راوغ “مالك” قائلًا باسلوبه الماكر :
-أكلمهم في إيه ؟ ماتعرفيش !؟؟
تنحنحت “إيمان” و هي تقول بمزيدٍ من الاضطراب :
-مالك.. المسألة مش ناقصة إحراج أكتر من كده. أنا عارفة إنك طلبت تتجوزني و أنا موافقة. خلاص بقى من فضلك !
إنحسر مرحه فجأة و هو يرد عليها بحدةٍ :
-خلاص يعني إيه ؟ إنتي شايفاني إيه قدامك يا إيمان.. أنا مش الولد الصغير إبن إمبارح إللي كنتي تعرفيه. أنا بقيت واحد تاني و إنتي دلوقتي في حكم خطيبتي. مهما كانت الظروف. مهما كانت العوائق بينا من وجهة نظرك ده ماينفيش إني راشد كفاية وراجل أقدر أتحمل قراراتي.. أنا اخترت ارتبط بيكي بارادتي. و إوعك تفكري إن فارق السن ده يديكي أفضلية عليا بأيّ شكل. جايز مقدرش أثبت لك ده دلوقتي. لكن لحظة ما تبقي مراتي هاتتأكدي مليون في المية من كلامي !!
تلميحاته المبطنة أصابت معدتها بألمٍ حاد، هذا التطور لا يزيد الوضع إلا سوءً، لا يمكنها تحمل الأفكار التي يشير إليها، رغم أنها فرصتها لتنال حياة أكثر آدمية

لكنها لا تريدها معه، إنه رجل و راشد كما قال، بل و يمتلك من الوسامة ما يميّزه عن أخيه الراحل و يجعله متفوّقًا عليه، لكن كل هذا لا يحرّك فيها شعرة، قلبها لم يكن يومًا ملكًا لأخيه، و حتمًا لن يكون له ؛
“منك لله يا مراد. مش مسامحاك”.. همست بهذه العبارة بينها و بين نفسها و قد فشلت بحبس الدموع التي طفرت من عينيها بغتةً و خانتها جارية على خديها …
تجمّد “مالك” من الصدمة، حين رآى دموعها تبخرت كل مخططاته للسيطرة عليها منذ البادئ، هب واقفًا من فوره، أتى بجوارها و مد لها منديل قائلًا بارتباكٍ كان نصيبه هو هذه المرة :
-إيمان. إنتي بتعيطي بجد. ليه ؟ خدي طيب ..
أخذت من المنديل الورقي دون أن تنظر إليه، لكنه كان غير كافيًا لتجفيف مدامعها التي فتحت على الآخير و لم يعد لها سلطانٌ عليها، و لما عجزت أكثر حجبت وجهها بكفّيه و راحت تجهش ببكاءٍ مرير اجتذب نظرات الصغيرة “لمى” نحوها
من جهة أخرى شعر “مالك” بتأنيب الضمير أكثر و هو يحاول معها مرةً أخرى :
-أنا آسف و الله. و الله مقصدش أزعلك. حقك عليا طيب.. يا إيمان. إهدي عشان أشرح لك. إنتي أهم عندي أنا بالأخص من كل حاجة. مهما حصل أنا مش ممكن أغلط في حقك. أنا جايز أكون فهمتك غلط و قلت كلام زعلك.. أنا آسف تاني !
-ماما !
تناهى صوت “لمى” إلى مسامعها في هذه اللحظة
غصّت نشيجها في الحال حابسة أنفاسها، ثم كفكفت عينيها في كمّ كنزتها قبل أن تتطلع إليها… كانت الصغيرة تقف إلى جوار عمها، و لكن أقرب إليها …
-نعم يا حبيبتي !؟ .. خاطبتها “إيمان” بلهجةٍ منكسرة
قلبت “لمى” شفتها السفلى و هي تشير إلى آثار الدوع اللامعة على وجنتيها :
-إنتي بتعيطي !
هزت رأسها سلبًا و هي تقول بشبه ابتسامةٍ :
-لأ يا روحي. أنا عيني دخل فيها تراب بس. أنا كويسة.. بصي روحي هاتيلي كوباية ماية من عند تيتة بسرعة و تعالي
-حاضر !
قبّلتها “إيمان” على خدها أولًا، ثم تركتها تركض حيث أمرتها، أخذت تستغل هذا الوقت في غيابها لتكبح كل هذا الجزع و الضعف الذي طفى على السطح فجأة
كان “مالك” لا يزال واقفًا مكانه، رفعت “إيمان” رأسها لتنظر إليه بعينيها اللامعتان …
-أنا مش هسامح نفسي على إللي عملته فيكي ده ! .. قالها بندمٍ جمّ
عبست محدقة فيه بغرابةٍ، أجل هي تعلم أن ردة فعلها مبالغٌ بها، على الأقل بالنسبة إليه، لكن ردّه هو أدهشها.. لماذا يشعر بكل هذا الأسى ؟
يتحتّم أن يراها سلبية و رمزًا للكآبة و النكد كما كان يتفنن أخيه بتلقيبها !!
تفاجأت “إيمان” و هي تراه يجثو فوق ركبته باللحظة التالية، و لم تأتِ بحركة عندما قبض على يدها بكفٍ، و بكفّه الأخرى يمسح على رأسها المغطى بالوشاح الزهري

-أنا بقدّرك جدًا.. إنتي عارفة. مافيش راجل مايتمناش واحدة زيك. إنتي جوهرة نادرة يا إيمان. لسا حلوة و جميلة زي مانتي.. صدقيني. أنا مش زي سيف. أنا عمري ما هاسيئ معاملتك.. أنا هاعوضك عن كل إللي عشتيه معاه. و هاتشوفي …
-مـالك !!!
بدد هتاف “أدهم” هدوء الأجواء بقساوة مفاجئة و دبّ الذعر بقلب “إيمان” ! ………………………………………………………………………………………………………………………………………………………..

google-playkhamsatmostaqltradent