Ads by Google X

رواية رحيل العاصي الفصل الثالث و الثلاثون 33 - بقلم ميار خالد

الصفحة الرئيسية

  رواية رحيل العاصي كاملة بقلم ميار خالد عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية رحيل العاصي الفصل الثالث و الثلاثون 33

 ظلوا جميعاً على أعصابهم، حتى شعر عاصي بيد توضع على كتفه، التفت بسرعه وكذلك عز ورحيل ليجدوه يقف امامهم، قال عاصي:
– أنت مين؟
قال الآخر بابتسامة ودوده:
– فاعل الخير
– أسمك إيه ؟!
صمت للحظات ثم قال بنظرة خبيثة:
– شريف المحمدي، أنا هوصلك لمكان احمد!
طالعه عاصي بتردد ثم قال:
– وأنت تعرف أحمد منين؟
– دي حكاية طويلة ياريت نتحرك دلوقتي عشان عرفت منه أنه ناوي يغير مكانه هو وليلى
وافق عز على كلام شريف وتحرك الاربعة معاً، شريف بسيارته والثلاثة في سيارة عاصي..
كان أحمد بجانب ليلى يفكر في كلمات شريف الذي سمعها وتأكد أن وراءه شيئاً ما، نظر إلى ليلى وقال:
– حقك عليا أنا أذيتك كتير، من قبل ما تيجي الدنيا وأنا بأذيكي، ودلوقتي بأذيكي تاني عشان أخدتك من وسط ناس بتحبيها، حقك عليا
ووقتها استيقظت ليلى من نومها العميق، نظرت لأحمد الذي كان يتحدث معها بدون أن ينتبه أنها قد استيقظت وقالت الطفلة على الفور بتعب:
– أنت عمو اللي أخد مني الصورة
نظر لها أحمد بلهفه وقال:
– أنتِ كويسة سمعتيني؟!
قالت ليلى وقد تكونت الدموع في عيونها:
– أنت عمو وحش أنا مش بحبك متتكلمش معايا، أنا عايزه رحيل هي فين
قال أحمد بسرعه:
– مين قالك كده أنا ماخدتش الصورة خالص بلاش تظلمني
ثم مسح دموعها بطرف أصابعه، قالت ليلى بشك:
– بجد؟! اومال هي راحت فين
– صدقيني مش عارف، بس أنا مش عايزك تزعلي مني، عارفه أنا يومها جيت عشان أشوفك أنتِ
نظرت له ليلى بعدم فهم وقالت:
– يعني إيه؟
– فاكره الرسالة اللي قولتيلي عليها اوصلها لباباكِ يومها
اتسعت عيون ليلى فجأة وقالت:
– أيوة
فرد عليها الآخر بابتسامة:
– أنا وصلتها وهو فرح بيها أوي
ضحكت ليلى بفرحه وإرهاق وقالت:
– بجد! يعني بابا مش عند ربنا هو معانا هنا
– هو معاكِ هنا فعلاً
نظرت ليلى حولها بسرعه ثم قالت:
– بس مفيش حد هنا غيرك يا عمو
صمت أحمد فأكملت الصغيرة:
– هو جاي دلوقتي صح؟
قال أحمد بدون مقدمات:
– أنا باباكِ يا ليلى
نظرت له الطفلة بتفاجئ حتى تستوعب كلماته ثم قالت:
– مش فاهمه، يعني أنت بابا؟
– حقك عليا إني بعدت عنك كل السنين دي، بس بابا مكنش عارف يوصلك
ولأول مره تقول الطفلة بقسوة:
– مش مصدقاك، عشان أنت جيت عندي الاوضة بتاعتي يعني كنت تقدر تيجي تشوف ليلى أنا في أي وقت
طفلة بعمر الخمسة أعوام تفوهت بتلك الكلمات وبتلك النبرة القاسية فقط بسبب ما فعله والديها بها، فهذا ذنب مريم أيضًا، نعم وضعها وحالتها النفسية لم تسمح لها حتى تعتني بابنتها ولكن ما ذنب الصغيرة؟؟ ما ذنبها حتى تقضي أول سنوات عمرها التي من المفترض أن تكون أسعد لحظاتها بمفردها، لماذا طفلة بعمر الخمسة أعوام تحسد أصدقائها على اهلهم ووالديها على قيد الحياة، ما ذنب تلك العيون الصغيرة أن تبكي على شيء ليس لها ذنب فيه، قبل أن تفكروا في الإنجاب تذكروا أن هناك أرواح صغيرة تحترق بسبب الاختيار الخاطئ..
قال أحمد بدموع:
– صدقيني كان غصب عني، عارفه اليوم ده أنا عرفت اجي ليه، عشان خالك عاصي مكنش موجود لو كان هناك مكنش هيخليني أشوفك
نظرت له ليلى بدون تصديق وقالت:
– إزاي خالوا بيحبني وأكيد مكنش هيخليني أبعد عن بابا
– والله العظيم ده السبب!! خالك عاصي مش بيحبني هو عايز يبعدك عني
ثم صمت للحظات وقال بحزن وعيون صادقة:
– بس أنا مش هقدر أبقى زيه وابعدك عنه، عايزه ترجعي البيت عند خالوا عاصي ورحيل صح؟ أنا هوديكي بس قوليلي ليه عملتي كده اذيتي نفسك ليه
نظرت له بعيون دامعة وفم معكوس للأسفل، كانت تمنع نفسها عن البكاء فلم يقدر الآخر وأخذها في أحضانه بسرعه، مدت ليلى يدها السليمة وعانقت والدها ولأول مره في حياتها وانفجرت في البكاء، ثم قالت من بين بكائها الهيستيري:
– مش عايزه أشوف ماما هي رجعت البيت تاني، هي مش بتحبني حتى زمان كانت عايزاني أروح عند ربنا عشان زعلانه مني مع إني معملتش ليها حاجه
ثم استمرت في البكاء وقالت:
– أنا بحبها لكن هي لأ، أنا محدش بيحبني ولا عايزني هنا، حتى خالوا عاصي ورحيل سابوني ومشوا هما كمان أنا لوحدي مليش صحاب ولا حد بيهتم بليلى، عشان كده لما سمعت صوتها بره كنت عايزه أمشي بسرعه وأروح في أي مكان بعيد، كنت عايزه أنزل من الشباك زي الكارتون بس معرفتش ووقعت
قال أحمد بنفي:
– مين قال كده، أنتِ تعرفي أني أول ما جالي الخبر جريت على المستشفى بسرعه عشان أشوفك، حقك عليا إني كنت بعيد عنك كل السنين دي بس أنا رجعت خلاص واوعدك مش هبعد عنك تاني وهجبلك حاجه حلوة زي صحابك وهعملك كل اللي أنتِ عايزاه
ابتسمت ليلى وقالت:
– بجد يا بابا؟!
ضحك أحمد بدموع بسبب كلمة ” بابا ” الذي قالتها وأردف:
– أوعدك، بس أول حاجه لازم ترجعي للبيت وأنا هكلم خالوا عاصي عشان أشوفك على طول اتفقنا
قالت ليلى بحزن:
– لا أنا مش عايزه أرجع، خليني هنا
ابتسم أحمد وقال:
– أنا نفسي تفضلي هنا أكتر منك بس عشان عاصي ميقلقش، كفاية اللي أنا عملته
قال الجملة الأخيرة تلك بصوتٍ خفيض فقالت ليلى بابتسامه:
– خلاص اتفقنا
ضحك أحمد ثم قبّلها في جبينها وقال في نفسه:
– لازم أصلّح كل حاجه على الأقل عشان ليلى، أنا هقول لعاصي كل حاجه عن شريف وهقوله ليه بيعمل كده، وهسيب كل حاجه تمشي بقى المهم إني أشوف بنتي وبس، وأكيد عاصي هيوافق أشوفها لو ساعدته عشان كده لازم أرجع لليلى البيت تاني ولعاصي..
ثم نهض وجهز نفسه وكذلك ليلى قد بدّل لها ثيابها، تعجب قليلاً بسبب اختفاء رجال شريف من المكان، كان بمفرده في البيت لذلك حمل ليلى ووضعها على كرسي متحرك صغير وتحرك بها، وعندما خرجوا من البيت كانت الابتسامة على وجه ليلى وكذلك أحمد ولكنها اختفت تماماً حين التفت الاثنان ووجدوا المسدس في وجه أحمد!!
***
الكاتبة ميار خالد
وبعدما أخبر بدر زوجته عن فارس الذي سوف يأتي لخطبة ابنتهم قررت أن تأخذ ليلى وتنزل معها حتى تشتري لها فستان جديد، كانت داليا تشعر بفرحه غريبة وكأن فارس هذا هو أول حب لها، ربما تمكن ببساطته أن يخترق قلبها في وقت قصير، ويكفي أنه قد أعطاها فرصة أخرى لتكون نسخه جيدة من نفسها، دلفوا إلى إحدى المولات الراقية وبدأوا في رحلة بحثهم عن فستان هادئ ورقيق بنفس الوقت..
حتى دلفوا إلى أحد الأماكن الراقية ولحسن حظهم أن صاحبة المكان كانت هناك يومها، فاتجهت إليهم إمرأة في العقد الخامس من عمرها ولكن برغم كِبر سنها إلا أنها تبدو أصغر بعشرين عام، أنيقة للغاية في لبسها وشكلها لذلك عندما اقتربت منهم لم يكن صعب عليهم تحديد هويتها، اتجهت إليهم نسرين بابتسامة جميلة وقالت:
– نورتونا
قالت أمينه بابتسامة:
– المكان منور بيكِ
قالت نسرين بابتسامة:
– شكلك عروسة صح، أكيد اللف ده كله عشان فستان حلو وشيك
قالت داليا بتسامه بشوشه:
– بالظبط عايزه فستان يكون هادي أهم حاجه، ويكون لونه فاتح شوية
ابتسمت لها نسرين وقبل أن يتحرك الثلاثة سمعت داليا من يقول خلفها:
– وليه لون فاتح، خليه غامق هيكون أنسب للي جاي
تعرفت على صوته بسرعه والتفتت لتجد حازم أمامها يطالعها بحنق وغضب كبير، قال أمينه:
– نعم؟؟ خير حضرتك في إيه
اقترب حازم من داليا وكأنه لم يسمع كلمات أمينه وأمسك يدها فسحبت الأخرى يدها منه بسرعه، صاحت به أمينه ودفعته عن ابنتها ونظرت نسرين لما يحدث أمامها بعدم فهم وصدمة، وتحركت في ثواني حتى تطلب أمن المول، قال حازم بغيظ:
– فرحانه وبتجيبي فستان كمان ده ايه البجاحه دي
نظرت له داليا بغضب وقالت:
– أسكت!
صاحت به امينه:
– أنت شخص قليل الأدب اتفضل أطلع بره قبل ما الأمن يطردك بطريقة وحشه
قال الآخر بضحكة ساخرة:
– لو في حد قليل الأدب هنا فهي بنتك
ثم نظر إلى داليا وألقى قنبلته حين قال:
– هي ماما مكنتش تعرف إني بجيلك البيت لما هما يخرجوا ولا إيه ؟؟
وفي لحظة رفعت أمينه يدها وانزلتها على وجه حازم بقوة ثم قالت بغضب عارم:
– أحترم نفسك!! أنت بني آدم مش متربي وأنا هرفع عليك قضية!
كانت داليا تطالعه باشمئزاز ثم قالت رغماً عنها:
– حقيقي أنت بني آدم قذر
فنظرت لها امينه بصدمة، وأدركت أن داليا تعرف هذا الشخص وسكوتها هكذا يدل على أن ما يقوله هذا صحيح، لذلك لم تشعر بنفسها إلا وهي تصفعها بقوة ثم سحبتها خلفها و خرجت من المكان، وبعدها خرج حازم وعلى وجهه ابتسامة شامته..
كانت نسرين تقف بصدمة مما حدث أمامها قبل لحظات ثم قالت:
– ربنا يحمينا إيه البنات دي!
وبعدها صدع هاتفها رنيناً برقم أبنها، ردت عليه بابتسامة وقالت:
– فارس! أتأخرت ليه مش قولت هتيجي عندي الاتيلية..
قال فارس بضحكة:
– حقك عليا يا ست الكل بس اتشغلت، بكره يوم مهم أوي بالنسبالي لازم أكون مجهز نفسي ولا إيه
ضحكت نسرين وقالت:
– طبعاً يا حبيبي، عندي فضول أعرف مين دي اللي وقعتك على وشك كده
– هتحبيها صدقيني، داليا تتحب..
– إن شاء الله يا حبيبي أنت خلص مشوايرك وتعالى طيب
ثم ابتسمت وأنهت معه المكالمة، وللأسف الشديد كان أبنها فارس هو نفسه زميل داليا الواقع بحبها، تلك الدنيا أصغر بكثير مما تظن، تُرا ماذا سوف يكون رد فعل نسرين عندما ترى داليا مجدداً أمامها..
***
الكاتبة ميار خالد
كانت مريم تجلس بغرفتها تنتظر أن يأتي عاصي ويحقق وعده لها، وبعدها شعرت بباب الغرفة الذي يُفتح ودخول حنان إلى الغرفة، واخبرتها أن شادي بالخارج ويريد أن يطمئن عليها فنهضت من مكانها بسرعه وبدلت ثيابها ولبست حجابها وخرجت اليه، كان وجهها بنفس الشحوب ولكنه أراد أن يعطيها طاقة إيجابية فقال:
– وشك مرتاح كتير عن امبارح الحمدلله
قالت مريم بدون مقدمات:
– هو ليه الدنيا بتتعامل معايا كده؟ كل ما أقول اتصالحت مع دنيتي تديني قلم تاني على وشي
– مامتك قالتلي على اللي حصل، بس أنا عندي اعتراض على حاجه
نظرت له مريم فأكمل:
– ليه مروحتيش مع عاصي، ليه رحيل هي اللي راحت معاه
قالت مريم بتساؤل:
– مين رحيل أصلاً اللي مع عاصي دي
– انسي رحيل دلوقتي
نظرت له مريم بنظرات معينه ترجمها هو على الفور ليقول:
– خايفه من ليلى؟
أومأت مريم برأسها وقالت:
– خايفه من رد فعلها لما تشوفني، هي ممكن تكون وقعت من الشباك بإرادتها معقول مكنتش عايزه تشوفني ؟
– أكيد لا بلاش كلامك ده، ليلى هتتجن وتشوفك أصلاً معقول تعمل كده، تلاقيها وقعت بالغلط
– ليه أحمد رجع، رجع عايز إيه بعد كل السنين دي وبنت مين اللي بيدور عليها، ده هرب من قبل ما يحس بيها بتكبر في بطني أصلاً
أمسك شادي يدها واسكتها حتى تهدأ وعندما سكتت قال:
– أنسي كل ده، أنسي أي حاجه خلي ليلى بنتك بس اللي في دماغك، أنا معاكِ وجمبك مش هسيبك
– بس أنت مش الدكتور بتاعي دلوقتي
صمت شادي وهو يطالعها بعيون لامعه ثم قال:
– بس أنتِ قولتيها قبل ما تخرجي من المصحه، أننا مش علاقة مريضة بالدكتور بتاعها، وأنا مش هسيبك
طالعته مريم بتفحص وقالت:
– مش هتسيبني إزاي ؟
– مش وقت الكلام ده، قومي جهزي نفسك عشان لما عاصي يرجع مع ليلى تكوني أول حد يستقبلها
وقبل أن ينهض من مكانه أمسكت يده وقالت:
– خليك وقتها بلاش تمشي
أبتسم لها حتى يبعث بداخلها بعض الطمأنينة وقال:
– مش همشي متقلقيش
ثم خرج من الغرفة وتركها حتى تهدأ وتستعد لاستقبال ليلى، اتجهت إليه سلمى عندما وجدته يتحرك باتجاه الجنينة واوقفته، قالت:
– هي عاملة إيه دلوقتي ؟
– كويسة، أو بتحاول تكون كويسة، ده أكتر وقت لازم نكون جنبها فيه
– أكيد الخمس سنين اللي فاتوا كانوا صعبين عليك بسبب حِمل مريم
قال شادي بوجه مبتسم:
– أبدًا كانوا أجمل خمس سنين في عمري، كفاية أني كنت بشوف وشها كل يوم الصبح
طالعته سلمى ببعض الغموض ثم قالت:
– أنت بتحبها؟ مش كده
نظر لها بذهول واتسعت عيونه بسبب كلماتها وصمت، ففهمت الأخرى أنه يحبها بالفعل لذلك قالت وبدون مقدمات:
– تتجوز مريم؟
ردد شادي بذهول:
– نعم؟؟ مريم مين اللي اتجوزها، إيه كلامك ده ركزي أنتِ بتقولي إيه
– مش أنت بتحبها؟ وفيها إيه لما مريم تفتح صفحه جديده معاك
– أنا شايف إنك بتسبقي الأحداث جدًّا، مش وقت الكلام ده خالص
– تمام بس لعلمك أنا هعمل كل اللي أقدر عليه عشان مريم تكون مبسوطة، يعني تقدر تقول إني أنا وأنت في صف واحد
ناظرها شادي بفتور وأردف:
– وأنا كمان يهمني فرحة مريم قبل أي حاجه لأنها في الأول وفي الأخر مريضة عندي أو كانت مريضة عندي ياريت أنتِ متنسيش كده، أنا ومريم صعب نكون سوا، وعموماً محدش عارف بكره مخبي إيه
وفي تلك اللحظة جاء صوت مريم من خلفهم وهي تردد:
– عندك حق، محدش عارف بكره مخبي إيه..
التفت الاثنان بسرعه ليجدوا مريم تطالعهم بنظرات ليست مفهومه، أو قد تكون مفهومة بالنسبة لهم ولكنهم ينكروها، كانت نظرات مليئة بخيبة الأمل والكبرياء المكسور، وظل يطالعوها هم بذهول..

google-playkhamsatmostaqltradent