Ads by Google X

رواية زهرة الفصل الرابع 4 - بقلم ندي أشرف

الصفحة الرئيسية

   رواية زهرة كاملة بقلم ندي أشرف عبر مدونة دليل الروايات

رواية زهرة

 رواية زهرة الفصل الرابع 4

بعد قضاء يوم عمل شاق هم منشاوي ليغادر الشركة عائداً إلى البيت لكنه تذكر حينما أخبره سليم بأمر زيارة زهرة فتسائل متعجباً:
- الله أمال إيه حكاية اهتمامك بالموضوع ده أوي كدة.. دا أنا كنت بجرك جر كدة لأي حاجه أطلب منك تعملها!
أجاب وهو يفرك رأسه بيديه ويجول بنظره في الأنحاء:
- ابداً والله يا بابا أنا بس صعبان عليا البنت ومامتها، مش أكتر..
ثم توجه صوب السيارة وكذلك المنشاوي وأدار الأخير محرك السيارة..
جلس سليم يتأمل الشوارع ويفكر حتى قال متسائلاً:
- بس بقولك إيه يا بابا، أنا لاحظت إن في عزا عم عبد الحميد الله يرحمه إمبارح مكنش في حد موجود كتير، هما ملهمش أهل هنا ولا إيه..
تنهد المنشاوي ثم أجاب:
- والله يابني عمك عبد الحميد دا حكايته حكاية، بس فعلا مالهمش حد هنا خالص لكن عندهم فالبلد أهله ناس كتير أوي وكبار في البلد وليهم إسمهم..أنما حظه بقى اللي حدفه هنا، عموماً دي قصة يطول شرحها هبقى أفهمك بعدين..

بعد مرور بضع دقائق هتف المنشاوي:
- يلا وصِلنا.
تقدم المنشاوي وإبنه من الباب فأخذ يطرق ثم فتحت له سنية وقد ابتهجت لرؤيتهم
ابتسم قائلاً:
- السلام عليكم إزيك يا أم زهرة..
أجابت في سعادة:
- وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته، اتفضلوا..

دلفوا إلى الداخل يحملون بين أيديهم من خيرات الله ما لذ وطاب، ثم جلس المنشاوي واتبعه سليم الذي كان يبحث بعينيه عن زهرة وتمنى لو يراها..
قالت سنية في حرج:
- ليه تعبتوا نفسكوا بس إيه دا كله..
أجاب المنشاوي:
- والله لا تعب ولا حاجه دي حاجة بسيطة.
خرجت زهرة على فجأة من غرفتها ترتدي ملابس الخروج استعداداً للبحث عن عمل من جديد فهي لا تكل ولا تمل بسهولة..
ابتسم سليم لرؤيتها وشعر بالسعادة تجتاح قلبه فقال:
- ازيك يا زهرة..
شعرت بالخجل فهي لم تكن تشعر بوجودهم وازداد خجلها عندما لاحظت نظراته إليها وإسلوبه معها فأجابت:
- أنا الحمد لله بخير نورتونا والله.
تسائل المنشاوي:
- خير يابنتي متشيكة وزي القمر كدة رايحة على فين..
نظرت زهرة إلى والداتها في حيرة من أمرها، هل تخبرهم أم لا، كانت تشعر أن لها عزة نفس تمنعها عن إخبارهم حتى لا يشفقوا عليها فهي تكره الشفقة من أحد كوالدها تماماً..
فأجابت بدلاً عنها سنية قائلة:
- دي يا حبيبتي شقيانة كل يوم تدور على شغل، وتفضل تلف على كعوب رجليها وترجع زي ما راحت مافيش فرص عمل خالص..
تسائل المنشاوي:
- الله، وتشتغل ليه من أساسه مش عندها دراسة هتبدأ كمان كام شهر ولازم تركز فيها، ازاي هتوازن بين ده وده..
ردت زهرة:
- لأ انا شايفة إن هقدر أعمل الاتنين مع بعض وبعدين انا مش أول واحدة تشتغل وهيا بتدرس، عادي..
قاطعهم سليم في سرعة:
- طيب إيه رأيك يا بابا لو تشتغل معانا في الشركة، زهرة بنت ذكية وهتقدر تساعدنا في حاجات كتير..
أطال النظر فيها وكأن يفكر في الأمر ثم قال:
- والله معاك حق ياسليم كانت تايهة عني فين احنا فعلا محتاجين حد في مجال الدعاية الطبية هعينك فيها مع سليم مؤقتاً لحد ما تتخرجوا من كلية الطب ونشوفكوا أكبر دكاترة في مصر إن شاء الله..
أجابت سنية في سعادة:
- الله يكرمك يارب يامنشاوي بيه والله انا مافرحت كده من زمان، بصراحه انا مش عارفة أشكرك ازاي.
ابتسمت زهرة بهدوء قائلة:
- شرف ليا طبعا إن اشتغل مع حضرتك وان شاء الله أكون قد المسئولية دي.
تنهد سليم في سعادة وهو ينظر الى زهرة بعيون لامعة وقلب مطمئن.
تسائلت زهرة:
- اه أنا اسفة نسيت اسألكم تشربوا إيه..
طلبوا منها قهوة فذهبت لتحضيرها فقطع الصمت المنشاوي يقول:
- كنت عايز أتكلم معاكي في موضوع كده يا أم زهرة..
أجابت:
- خير اتفضل..

بدأ المنشاوي في الحديث عن الموضوع:
- من فتره كدا كانت في حسابات متقفلتش خاصة بـ عبد الحميد الله يرحمه، كنت صارفله مكافئة على انتاجية تِعب عليها وحققت نجاح عظيم وللأسف ملحقتش أخبره بيها، فطبعاً المكافئة دي من حقكوا وكمان إجراءات المعاش أنا خلصتها وكل شهر هيبقى في معاش كده ان شاء الله هيكفي مصاريفكوا انتي وزهرة..
ثم وضع يده في جيب سترته وأخرج بطاقة إئتمان وظرف يحوي بداخلة مبلغ من المال فقدمهم إليها قائلاً:
- اتفضلي، المكافئة والفيزا اللي هتقبضي بيها المعاش.
مدت يدها سنية تأخذ منه ما بيده وقد بدت على وجهها علامات الفرحة وجال في خاطرها أنها كانت تفكر كيف ستدبر أمر دراسة إبنتها ومصاريفها الشخصية ثم حمدت ربها في قلبها وقالت:
- انا مش عارفة أقولك إيه معقول في حد كده في الدنيا!.. ثم دمعت عيناها فقالت والله الدنيا لسة بخير طول ما فيها أمثالك يا منشاوي بيه..
ضحك بسعادة قائلاً:
- ربنا يباركلك يا أم زهرة وعقبال ما تفرحي بـ ست البنات..
قالها عندما رأى زهرة قادمة إليهم تحمل بين يديها القهوة التي طلبوها فقدمتها إليهم، ثم جلست بالقرب من سليم فأخذ يُحادثها بشأن الدراسة وانه سوف يساعدها ويساندها ولن يُقصر في شيء ما دام يمكنه فعله، كانت في بادئ الأمر تشعر بالخجل والإحراج من مجرد التحدث إليه حتى زال الخجل وأصبحت تتحدث بحرية وطلاقة مما ساعد سليم على اكتشافها ومحبتها أكثر فأكثر...

شعر المنشاوي بأن سنية متعبة فأراد أن لا يكون ضيفاً ثقيلاً فقال:
- طيب نستأذن احنا بقى ولو احتاجتوا أي حاجة مهما كانت كلموني..
أجابت سنية بهدوء:
- ربنا يزيدك من فضله يامنشاوي بيه ويقدرنا نردلك جميلك ان شاء الله..
ثم هموا مغادرين وفجأه شعرت سنية بدوار جعلها غير قادرة على المقاومة أكثر وكأن كل شيء يدور من حولها ثم وقعت على الأرض فجأه في ذهول من الجميع فاندفعت إليها زهرة فزعةً خائفة تُناديها وتصرخ بها أن أفيقي ولكن دون جدوى..
٭٭٭
في فيلا المنشاوي جلست سماح أمام التلفاز وكذلك فريدة ابنتها التي حاولت النهوض عن فراشها لبعض الوقت..
قالت سماح:
- إيه حكاية أم زهرة اللي طلعت لنا في البخت دي بقى..؟
ردت فريده في شيء من الغيرة والحقد:
- ما انتي سمعتي ياماما..
ردت عليها قائلة:
- ما انا عارفه بس احنا كان ناقصنا يعني..
- والله ما انا عارفه ياماما بس شكلها ست مش ساهلة هيا وبنتها.. شوفتي سليم كان مستعجل ومهتم ازاي إن يروحلهم، دي تبقى مصيبة لو البنت دي عاجباه وناوي يخطبها..
تسائلت سماح بمكر:
- وانتي ناويه على إيه بقى ها تسيبيها تخطفه منك كدة؟!
أجابت في غضب:
- دا على جثتي! ثم صرخت في ألم..
- خلاص خلاص إهدي انتي لسة تعبانة، عموماً ماتخافيش وسيبي الموضوع ده عليا وياريت تبطلي تبيني اهتمامك قدام خالتك مش عايزينها تقول علينا مدلوقين ولا طمعانين في إبنها...

دخلت عليهم بدرية فجأة تحمل بين يديها ثلاث أكواب من العصير فتسائلت في تعجب:
- في إيه ياسماح بتنموا على مين من غيري ها..
نظرت لها بمكر ثم قالت:
- مش ملاحظة إن جوزك وابنك اتأخروا أوي عند الست دي..
اجابت بهدوء:
- عادي ما يمكن مشيوا وبيقضوا أي مشاوير مهمة.
قالت فريده بخبث لتدفع بدرية للإتصال على زوجها لتطمئن هل بقى هناك أم غادر:
- تفتكري يا ماما يكون سليم قاعد مع البنت دي بنت الست اللي راحوا عندها وهيا قاعدة مع أنكل منشاوي..
اشتعلت نيران الغيرة في قلب بدرية لكنها تماسكت قائلة بتوتر:
- لا مستحيل، منشاوي مايعملش كده أبداً وأنا واثقة إنه زارهم وعمل الواجب ومشي، اكيد هوا في الشركة دلوقتي.. وبعدين يافريدة مايصحش تتكملي بالطريقة دي على عمك المنشاوي أو حتى سليم..
أجابت سماح ببرود وسخرية:
- جايز.. كل شيء جـايز.
نظرت لها بدرية في ضيق وقد بدأ الكلام يُثير الشكوك بداخل عقلها وتشتعل النيران بقلبها في صمت لا تعلم ماذا تفعل!
٭٭٭
في مكان آخر شعرت زهره بأن ضربات قلبها تتسارع بشدة فهي لم تتعافى من ألم فراق والدها وصدمة فقده على فجأة، جثت على ركبتيها بجانب والدتها تحاول أن تطمئن عليها:
- ماما انتي سمعاني ردي عليا أرجوكي فوقي يا ماما عشان خاطري.. حاول سليم تهدئتها لكنها كانت خائفة وبشدة.
اتصل المنشاوي بدكتور خالد وأخبره بما حدث فأخبره بأنه سيأتي في الحال..

حملتها زهرة وساعدها سليم لتنام على الفراش حتى يصل الطبيب، وبعد دقائق ليست بكثيرة كان معهم دكتور خالد..

حاول أن يجعلها تستفيق لكنها لم تستجيب وضع يده على رقبتها وجد أن هُناك نبض ثم توجه لزهرة بعدة تساؤلات:
- زهره لو سمحتي عايز اسألك على حاجات معينة..
ردت في توتر وخوف:
- اتفضل يا دكتور بس هيا ماما كويسة مش بترد عليا ليه؟
أجاب:
- كويسة متخافيش بس قوليلي هيا كانت بتبان عليها أعراض تعب الفتره اللي فاتت!!
أخذت تُفكر قليلاً ثم هتفت قائلة:
- أعراض زي إيه يعني يا دكتور

أجاب:
- يعني مثلا دوخة، غثيان، مغص.. اشتكت من الكلى قبل كدة؟

أجابت:
- اه كنت بلاحظ عليها بتدوخ كتير وتحس بغثيان أغلب الوقت ورجليها بتورم كل شوية.. آه وكمان ساعات كتير كانت بتحس بضيق في التنفس ويجيلها مغص جامد في بطنها.. مكانتش بتقدر تاخد خطوة واحدة من شدة الألم ودايماً تكتفي بالمسكن وتقول هبقى كويسة..

استوعب دكتور خالد ما يحدث لسنية ثم قال لها:
- طيب يا زهرة أنا مش عايزك تقلقي نهائياً بس احنا لازم ننقل مامتك للمستشفى حالاً وتتحجز لحد ما تفوق من الغيبوبة..
أجابت بصدمة والدموع تجري على وجنتيها بكثرة وقد آلامها قلبها كثيراً على عزيزتها المريضة قائلة:
- غيبوبة!! طب ليه هيا عندها إيه أصلاً.. وهتفضل كده قد أيه أنا مقدرش أعيش من غيرها لحظة واحدة، طب أعمل إيه أنا دلوقتي يارب..
تابع منشاوي في صمت كذلك سليم الذي انفطر قلبه عليها وحزن لحزنها بشدة، أشفق عليها وتمنى لو بإمكانه احتضانها وتعويضها عما تمر به من آلام..
أجاب خالد:
- للأسف عندها فشل كلوي، أنا مش فاهم ليه الإهمال لحد ما توصل للدرجة دي.. لما حد يحس إنه تعبان بسرعه يروح يتطمن على نفسه بدل ما يتبهدل ولا تطور حالته أو تسوء فيتعب بزيادة.. أمال الطب ده لازمته إيه بس يا جماعة.

تنهد ثم استطرد قوله في غضب:
- عموماً مش وقته الكلام ده دلوقتي ولا في منه فايدة انا هكلمهم يبعتوا الإسعاف تيجي تنقلها وبإذن الله هعمل أقصى ما عندي عشان تفوق من غيبوبتها...

هتف سليم قائلاً:
- طب ما احنا معانا العربية نوصلها بسرعه لهناك..
أجاب خالد:
- لأ مالوش لزوم عربيه الإسعاف مهيأه أكتر للحالات اللي زي كدا.
جلست زهرة تحتضن والدتها وتقبل يدها وتدعو الله أن يردها إليها سالمة من كل شر..

دقائق وكانت سارينة الإسعاف تُعلن عن وصولها مما أثار الرعب والقلق في نفس زهره أكثر ، خوفاً من أن تفقد والدتها وتعيش وحيدة تماماً، سيأخذونها بعيداً عنها لعدة أيام حتى يأذن الله لها بالعودة من غيبوبتها..
قاموا بنقلها إلى عربة الإسعاف ثم وضعوها في وحدة العنايه المركزة.
وقفت زهرة خارج الغرفه تتأملها من خلف الزجاج وتبكي بمرارة على حالها، فقدت والدها ولم يهدأ لها جفن حتى سقطت والدتها هي الأخرى والله وحده أعلم بمصيرها..
تقدم منها المنشاوي في أسى وأخذ يُربت على كتفها بحنان قائلاً:
- يلا يابنتي، يلا نمشي وبكرة نرجعلها تاني..
أجابت من وسط دموعها:
- لا لا مستحيل، أنا هستناها هنا مش ممكن أسيبها وأرجع البيت لواحدي من غيرها..
- لأ ما انتي مش هترجعي عالبيت، انا مقدرش أسيبك تباتي فالبيت لواحدك..
نظرت له بعدم فهم ثم قالت:
- يعني إيه! أمال انا هاروح فين..
أجاب:
- هتيجي معايا الفيلا متخافيش في هناك زوجتي وأختها وبنتها مش هتبقي لواحدك، الدنيا مش امان يابنتي وهوا ده أسلم حل.
ردت بعناد:
- لا لا أنا مش هقدر أروح مكان غريب عليا وفيه ناس غريبة.. ثم نظرت الى والدتها خلف الزجاج قائلة:
- والنبي يا ماما فوقي عشان خاطري وروحي معايا عالبيت..
تحدث لها منشاوي بحنان:
- انتي كده كإنك بتقوليلي مش واثقة فيا ولا مآمنة على نفسك وسط بيتي وأهلي..
ردت بخجل:
- أنا اسفة يامنشاوي بيه بس غصب عني والله..
تدخل سليم قائلاً بهدوء:
- زهرة لو سمحتي إفهمي، انتي بنت ماينفعش تبقي في البيت لواحدك بالنا هيبقى مشغول عليكي، معلش هيا فتره مؤقتة وياستي وعد مني لو مرتاحتيش أنا هرجعك البيت بنفسي.. تمام؟

نظرت زهرة في عيني سليم ورأت الصدق والحنان فلم تستطع أن ترفض فأومأت إيجاباً في صمت هدأت له نبضات قلبها وشتات عقلها من الضجيج، شعرت وكأن الدنيا لم تخلو من حولها فهناك من يُحبها بصدق ويخاف عليها ويتمنى لها الرضى والراحة..
شعر سليم وكأنه انتصر على عنادها وفرح لذلك ثم سحبها منشاوي من يدها بهدوء قائلاً:
- يلا يابنتي تعالي الله يهديكي ويريح قلبك..
ذهبت معه بهدوء متوجهين الى السياره، تركها المنشاوي بصُحبة سليم وسبقهم ليُجري إتصالاً بزوجته، أجابت في ضيق:
- السلام عليكم، إيه يا منشاوي فينك كده اتأخرت أوي.
- انا اسف ياحبيبتي غصب عني والله المهم اسمعي، أنا راجع البيت حالاً ومعايا ضيفة.. عايز استقبال يشرف ها..
تسائلت بتعجب:
- ضيفة؟! في الوقت ده! طب ازاي ومين دي..
هتف بتعب:
- ياحبيبتي اسمعي الكلام بس وانا لما آجي هفهمك كل حاجه..
أجابت في حنق:
- حاضر حاضر، تيجوا بالسلامة انا في انتظاركم،
مع السلامة..

كانت زهره تتسائل في نفسها بشأن سليم، لم تكن تصرفاته معها عادية.. لما كل هذا الاهتمام.. نظرته، اسلوبه، اهتمامه.. غريب أمره معها ولكن طالت المسافة بينه وبينها فقالت في أسى، إنه تعاطف لا أكثر، هو متعاطف معي ويشفق على حالي لا أكثر..
قطع شرودها صوت سليم يناديها بصوتٍ عال:
- زهرة مالك أنا بكلمك مبترديش خالص سرحانة في ايه بس!
أجابت في حرج:
- ها.. معلش ماسمعتكش هوا انت كنت بتقول ايه؟
- كنت بقول إيه؟ لا دا انتي مش معانا فالدنيا خالص، عموماً يلا اهي العربية.. فتح لها الباب الخلفي ثم قال:
- اتفضلي.
استقلت السيارة بهدوء كذلك سليم ثم أدار المنشاوي محرك السيارة وبدأ في التحرك، غادرت زهرة تاركهة خلفها قلبها وروحها وعقلها مع والدتها..
٭٭٭
دقائق ووصلوا الى فيلا المنشاوي في استقبال كلاً من بدرية وسماح وفريدة، كانت تبدو عليهم علامات الدهشه من تلك الضيفة الغريبة في ذلك الوقت المتأخر من الليل ثم قطع ذلك الصمت قول المنشاوي:
- أعرفكم زهرة عبد الحميد..
ثم وجه بصره الى زهرة مشيراً الى زوجته قائلاً:
- دي بدرية مراتي يا زهرة ودي سماح أختها ودي بقى فريدة بنتها..
أجابت زهرة في حرج شديد وهي تومئ برأسها مُرحبة بهما:
- اهلاً اتشرفت بيكوا.
هتف سليم في حماس:
- ايه يا جماعة هنفضل على الباب كدا اتفضلوا يلا ندخل جوا، اتفضلي يا زهرة.
تقدموا جميعاً بالخطوات إلا فريدة التي وقفت مصدومة مما رأت وهي تُفكر " طبعاً ليك حق تتلهف عليها بالمنظر ده، هوا ده جمال طبيعي! وكمان جايبها البيت أنا لازم أفهم إيه اللي بيحصل وإلا هايجرالي حاجه!.."
دخلوا غرفة استقبال الضيوف ولحقت بهم فريدة في تعب..
لم تصبر بدرية لكي تفهم ما يحدث فسحبت منشاوي من يده وذهبت به بعيداً عن الأعين لتسأله عن سبب عودته متأخرا بصُحبة تلك الفتاة اليتيمة..
أما سماح فذهبت لإحضار شيئاً تشربه زهرة وفي رأسها يدور ألف سؤال وسؤال، و لم يبقى في الغرفة سوى سليم وفريدة وزهرة...

قال سليم بسعادة:
- نورتي بيتنا يا زهرة، إعتبري نفسك في بيتك بالظبط شوية كده وماما هتوريكي اوضتك لو حابة ترتاحي..
اومأت ايجاباً في حرج وخوف..
فاستطرد قوله:
- اتعرفي على فريدة بنت خالتي أنا ها اروح أغير هدومي وارجع تاني عشان نتعشى..

شعرت زهرة بالاطمئنان عندما قال أنه سوف يعود ثانيةً فهي تقلق وتخاف عندما تكون موجودة وحدها وسط أناس لا تعرف عنهم شيئاً ولم يسبق لها أن رأتهم من قبل.. ثم ألقت نظرة على فريده التي تنظر لها بحنق وكره وغيرة ثم تفوهت أخيراً:
- هوا انتي هتباتي عندنا ولا إيه؟ أمال فين مامتك يعني مستغربة ازاي تيجي هنا لواحدك متأخر كدة..

شعرت زهرة بالحزن الشديد كانت تود أن تبكي بشدة على وضعها الآن وهي بدون أمها لكنها لا تحب أن يراها أحد تبكي وتكره العطف والشفقة،
لم تنطق بشيء نظرت لها بجمود تشعر أنها لو تحدثت بحرف واحد لانطلقت الدموع من مقلتيها بدون استئذان..
غضبت لذلك فريدة فقالت:
- هاي أنا بكلمك انتي ما بتسمعيش ولا خرسة ولا ايه بالظبط..
قالت تلك الكلمات على وقت دخول والدتها ثم رمقتها بنظرة غضب فقالت:
- إيه ده يا فريده إزاي نكلم ضيوفنا كدة عيب عليكي..
ثم وجهت حديثها الى زهرة قائلة:
- متزعليش يا زهرة ياحبيبتي دا هيا فريدة بس طيبة واللي في قلبها على طول على لسانها..
اتفضلي ياحبيبتي العصير.

نظرت لهم زهرة في ضيق قائلة في نفسها " كدة وطيبة! أمال لو مش طيبة كانت طردتني!!.. يارب صبرني لحد ما أمي تقوم بالسلامة وأرجع بيتي عاجلاً غير آجل.. "
ثم استجمعت قوتها وقالت بإبتسامة يزيد لها ضوء المكان وظهرت رقتها في نبرتها:
- ولا يهمك ياطنط عادي فريدة زي أختي..
كادت فريدة أن تنطق بقول "أنا ماليش إخوات" لولا أن رمقتها سماح بنظرة جعلتها تفهم أن عليها أن تصمت وإلا لن تمر تلك الليلة على خير أبداً..
ثم قالت سماح:
- طبعاً ياحبيبتي، اتفضلي إشربي العصير..
٭٭٭

في غرفة منشاوي هتفت بدرية في غضب:
- أقدر أفهم بقى ازاي تجيب بنت غريبة عندنا الساعه دي!
أجاب:
- انا آسف ياحبيبتي.. مامتها تعبت ونقلناها المستشفى وللأسف دخلت في غيبوبة.. البنت ملهاش حد فالدنيا أبوها لسة متوفي وأمها زي ما سمعتي كده..
شعرت بدرية بالحزن لكن داخلها جزء غاضب غير راضٍ فقالت:
- وهيا هتشرفنا هنا قد إيه! إنت ناسي ان عندنا شاب فالبيت وكدا ماينفعش!
أجاب بنفاذ صبر:
- اللهم طولك يا روح.. طب وبالنسبة لبنت اختك و اختك اللي عايشين معانا دول!
مش بنت دي بردو وعندنا شاب؟
ردت بعناد:
- بردو في فرق و.. وبعدين دي بنت أختي لكن دي بنت غريبة، ثم قالت بغضب علت له نبرة صوتها:
- إنت أصلا ازاي متاخدش رأيي في حاجه زي كده، دي بنت فقر على أهلها مش هتبقى فقر علينا!!!

شد منشاوي على قبضة يده غضباً ثم قال:
- الشِدة هيا اللي بتبين معدن الناس يا بدرية، الظاهر إني لما عرفتك اتخدعت في طيبة قلبك وانسانيتك لكن شوفي بقى.. برضاكي أو غصب عنك البنت دي هتقعد معانا لحد ما مامتها تقوم بالسلامة وأنا مستحيل أرمي لحمي فالشارع إنتي فاهمه!
كان أثر وقع الكلمة على مسامعها ماحياً لكل ما قاله وقد اتسعت حدقتا عينيها في صدمة فردت قائلة:
- لحمك!!..
  • يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية زهرة) اضغط على أسم الرواية

google-playkhamsatmostaqltradent