Ads by Google X

رواية اطفت شعلة تمردها الجزء(2) الفصل الرابع و الثلاثون 34 - بقلم دعاء احمد

الصفحة الرئيسية

    رواية اطفت شعلة تمردها كاملة بقلم دعاء احمد

رواية اطفت شعلة تمردها الجزء(2) الفصل الرابع و الثلاثون 34

“أختر صديقٌ صالح من بين آلاف الطالحين، فوالله لو صادقت الصالح لربحت الدنيا و مافيها، وأن اخترت الطالح فتيقن من خسارتك للاخره قبل دنياك الفانية”
في منزل «الشهاوي»
دلف «صالح» لشقة والده بجسد مرهق و أمارات الحزن جاليه عليه،
لكن وجد المنزل هادي تمامآ فكان خاليا، علم ان والدته من المؤكد انها الان مع «عائشة » ليشعر بالأسي إتجاه تلك الفتاة
اتجه نحو غرفة والده بخطوات بطيئة، متيقن من حزن والدها على شقيق عمره و كيف لا يحزن عليه وهو الأخ و الصديق و ضلعه الثاني
صفق عدة طرقات على الباب لياتيه الرد بعد لحظات
“ادخل”
وضع يديه على مقبض الباب وهو ياخذ نفس عميق لتمتلئ رئتيه بالهواء شاعرا بألم و حزن، لكن حاول رسم أبتسامة صغيرة على ثغره، و هو يدلف للغرفه قائلا بهدوء:
“عامل ايه يا حج دلوقتي؟”
كان«جلال» يجلس على فراشه ممدد الساقين، الغرفة مظلمة الا من اشعة الشمس التي تداهم الغرفة، بينما هو يُسبح على يديه بهدوء تام،
و الابشع ان الذكريات الجيدة بينه و بين «جمال» تعصف بعقله و قلبه ليجيب :
“بخير الحمد لله”
جلس «صالح» بجواره على الفراش بحزن قائلا:
“هون عليك يا بابا، ما هي دي النهاية لينا كلنا مين فينا هيخلد في الأرض، أنتَ نفسك علمتنا ان البقاء لله وحده”
تنهد «جلال» بحزن و لمعه دموع صادقه ليجيب بهدوء:
” ونعم بالله، لكن عارف ايه اللي بيوجع يا ابني، انه فجأه حد بنحبه ينخطف من وسطنا، و على اد الحب بيكون الوجع من الفراق،
انا و جمال صحاب من ابتدائي،
لسه فاكر ازاي اتصحبنا،
في رابعه ابتدائي كانت امي الله يرحمها اتخانقت مع الحج شريف جدك ربنا يرحم امواتنا واموات المسلمين، وقتها جدتك معملتليش سندوتش و الصبح قبل ما امشي زعقت ليا، و انا زعلت رحت المدرسة و انا مضايق و اي حد يكلمني كان ممكن اتخانق معه كنت طفل لسه،
في الحصه الرابعه تقريبا قبل الفصحه كان قاعد في نفس التخته جمال
لقيته بيفتح شنطته و مطلع كيس السندوتشات بتاعه و كان فاضي هو كمان
وقتها ضحكت رغم اني كنت متضايق اللي هو اتلم المتعوس على خيب الرجا، لكن جمال وقتها اتضايق مني و نزل الفصحه و هو زعلان،
كانت أول مره اعرف يعني ايه كسر الخاطر روحت اخدت الشنطه بتاعتي و نزلت انا كمان لقيته قاعد جانب العلم و زعلان روحت قعدت جانبه و هو متكلمش روحت فتحت شنطتي وطلعت كيس السندوتشات بتاعي،
وقولتله انا كمان مجبتش اكل و مش معايا غير النص جنيه دا على فكرة العمله وقتها كانت غير دلوقتي
لقيت بيبصلي و قام مطلع من جيبه نص جنيه هو كمان قالي ايه رايك نشتري سندوتش من محل الفول اللي جنب المدرسه و نقسمه سوا انا كمان جعان،
قالتله ماشي بس انا هنط من على السور و انت تراقب علشان لو المدرسه شافتنا هتاخدنا للمدير لقيته ابتسم وقالي ماشي
و ساعدني انط من على السور واطلع اجيب سندوتش و حطيته في كيس و ربطته كويس و قمت حدفته لجمال وهو واقف جوا و نطيت تاني دخلت للمدرسه كنت شقى برضو، قعدنا كلنا سوا و قسمنا الاكل مع بعض
كانت حياتنا بسيطه اوي، من وقتها واحنا صحاب و كبرنا سوا ابتدائي اعدادي ثانوي حتى كليه التجارة جمعتنا سوا،
حتى لما اعُجب ببنت جيه و قالي انه عايز يخطب كنا لسه متخرجين و بنشتغل و هو كان بيحب فاطمة بنت شيخ الجامع، وقتها ابوه كان توفاه الله انا قلت للحج شريف و روحت انا و جمال و جدك نخطبهاله”
أبتسم «صالح» بود قائلا:
” كان بيحبها و هي كمان صبرت معه سنين في الفقر لحد ما كبروا و ربنا رزقهم من الوسع
و لما ماتت مستحملش و راحلها و دي سُنة الحياة و محدش هيفضل، الذكريات هتتعبنا لكن ربنا كريم، “واستعينوا بالصبر و الصلاة”
هون عليك يا حج الله يرضا عنك، أمي مش هتستحمل لو جرالك حاجه ”
أبتسم «جلال» برفق قائلا :
” أمك، تعرف انا و حياء مع بعض بقالنا
واحد و تلاتين سنة مفيش مرة شفتني زعلان الا وعيطت ، سبحان الله يزرع الحب في قلوبنا بلا مقابل،
علشان كدا يا صالح وصيتي ليك يا ابني
أمك و مراتك و أختك و بناتك في المستقبل ان شاء الله اوعي يا ابني تكسرهم او تقلل منهم،
علمهم ان الحب الاول الاصدق لله وحده
وان ربنا بيغير على قلوب عباده،
لو حسوا ان في حب دنيوي ملأ قلوبهم خليهم اول مكان يهربوا ليه هو خلوتهم مع ربهم
يمكن حبيته في أمك، بعد ما خلفنا كانت دايما انتم الاول عندها و لما تتعب مكنتش تيجي تشتكيلي، كانت بتدخل اوضتها و تفضل تصلي و تدعي ربنا و أحيانا كانت بتعيط و انا بسمعها لكن عمري ما اتدخلت في اللحظات دي، لأنها كانت بين العبد و ربه…
كلنا فينا أخطاء وكلنا مقصرين لكن ربنا بيحب اللي يسع له و يتلهف على رضاه”
أبتسم «صالح» قائلا:
” ربنا يحفظكم لينا يارب انا هدخل اجهزلك أكل لان انت من امبارح مكلتش حاجه و لسه بليل العزاء مينفعش تفضل من غير أكل ”
ابتسم«جلال» بحزن وهو يومئ له بالموافقة ليتركه «صالح» يدلف للمطبخ يقوم بصنع وجبة خفيفة ثم عاد مرة أخرى للغرفه، حاملاً بين يديه صنية موضوع عليها الاطباق
ليهتف بمرح :
” عمايل ايديا و حياة عنيا
و تحيه لأجدع رجالة يعني جلال الشهاوي يعني القماش والمقاسات المظبوطه علشان هو الصح و التمام، يعني عم المحاسبين كلهم ”
أبتسم «جلال» وهو يهز راسه قائلا:
“بطل صياح يا ابن حياء”
اقترب منه واضعا الصنيه على الفراش ليقبل رأسه :
“ياله يا حجيج خلينا ناكل لقمة سوا لان شوية و المغرب يأذن ”
__________________
في منزل «صالح» بعد أذان المغرب
كانت الفتيات ترتدي الملابس السوداء الأجواء كئيبه و حزينه، تجلس زينب علي الفراش بجوار «عائشة» النائمة و ملامحها متشنجه، و كأنها في كابوس مزعج يداهم عقلها، لا تتقبل الأمر،
و بجوارها غرام التي تقرأ القرآن الكريم من المصحف بيديها
اخذت «زينب» تمسد بحنان على شعرها شاعره بالم طفيف، نهضت من فوق الفراش تتجه نحو الخزانه لعلها تجد دوائها، لكن وجدت الأدوية قد نفذت تزامناً مع دخول “حياء” الغرفة
سألتها برفق قائلة:
“نامت؟”
أبتسمت زينب بحزن وهي تنظر لها:
“لسه نايمة حالا ربنا يكون في عونها”
تنهدت بحزن و ظهرت طبقة طفيفة من الدموع بمقلتيها قائلة:
“الله يرحمه كان الكل كان بيحبه، الجنازة كان فيها ناس من كل حته و اللي جين ياخدوا الخاطر من الصعيد، يارب حسن الخاتمه”
التفت تنظر لما بين يديها من أدوية قائلة:
“أنتِ لسه ماخدتش الدواء معقول يا زينب”
زينب بهدوء و ابتسامة:
“انا كويسه الحمد لله بس انشغلت مع عائشه و غرام و كنت هاخده دلوقتي بس شكله خلص ”
” لا طبعا مينفعش يا زينب لازم تاكلي وتاخذي الدوا هاتي الروشته انا هنزل اجيبه من الصيدلية ”
اعطتها زينب الروشته الطبية لتنظر حياء نحو غرام الشاحب وجهها قائلة:
” انتم مينفعش تفضلوا كدا من غير اكل و عفت مع الحريم اللي بيجهزوا الصواني،هجيبلكم أكل”
ثم اتجهت نحو غرام التي تبكي بصمت قائلة بحنان وهي تربت على كتفها :
” غرام في حريم عايزين يعزوكِ، ياله يا حبيبتي تعالي نروح سوا و بعدين مينفعش كدا أنتِ بترضعي الزعل وحش علشانك”
اغلقت المصحف لتزداد شهقاتها و عيونها حمراء منتفخه أثر البكاء تنهدت حياء بحزن وهي تحتضنها :
“يا حبيبتي اكيد هو في مكان احسن ادعيله عارفه انه صعب عليك انا كمان جربت الشعور دا وقتها رغم اني معتشتش مدة كبيرة مع ابويا الا ان اتوجعت اوي، ياله يا حبيبتي لازم تقفي تاخدي العزاء من الحريم، عماتك و خالتك كلهم في البيت من الصبح”
اومأت لها بهدوء و اناملها تمسح دموعها بحزن قبل أن تخرج مع حياء
سحبت حياء نفسها من بين النساء ثم نزلت من المنزل لجلب المشتريات، نزلت بهدوء جتي لا يراها ايا من الرجال لكن صالح كان يقف امام بوابة المنزل بجوار على و نبيل زوج غرام يستقبلان الناس سويا،
انتبه صالح لوالده التي خرجت للتو من المنزل فانسحب من جانب صديق، بعدما أشار لوالدته حتى تسبقه، اومأت له في هدوء ثم ابتعدت قليلا عن البيت، و بعد خروجها من مقدمة الشارع وجدته خلفها يقول بهدوء؛
“استنى يا ماما، رايحه فين؟ حصل حاجه ولا ايه…”
التفتت له وهي تقول بجدية حانية:
“رايحه الصيدليه الدوا بتاع زينب خلص و كمان مفيش حد في البيت يعمل اكل كنت هشتري شوية حاجات لزينب و عائشه، غرام انا خليتها تاكل مكنش ينفع تقف و هي كدا كان ممكن تقع من طولها بس يدوب اخدت معلقتين و مرضتش تاكل”
اومأ لها بتفهم قائلا:
“ربنا يكون في عونها، خالص روحي انتي وانا هروح اجيب الدوا و اجيبلهم اكل و هروح اطمن عليهم، صحيح الحج في العزا انا جهزتله لقمة كدا قبل ما نصلي المغرب و نزلنا سوا ”
حياء بلهفة وخوف:
” يعني اكل صح؟ ”
زفر بتعب محاولا الهدوء:
” ايوة، ياله ادخلي أنتِ، وانا هروح اجيب الحاجه ”
اومأت له بجدية وهي تدخل للحي مرة أخرى بينما اتجه هو نحو السوبر ماركت يشتري بعض الأغراض ثم توجهه للصيدليه ليبتاع دواءها
بعد مرور نصف ساعة
دلف صالح الي منزله بهدوء و جسد منهمك تنحنح بصوت مسموع وهو يدلف للمنزل
خرجت زينب من الغرفة مغلقه الباب خلفها برفق حتى لا توقظ عائشة
ابتسم بحنان و عينيه تفترس ملامحها قائلا:
“كويس أنك خرجتي ياله تعالي ناكل لقمة سوا علشان تاخدي دواكي
استاءت ملامحها بضجر قائلة:
” الصراحه ماليش نفس يا صالح ممكن اخد الدواء على طول و انت كُل و سيب اكلي لعائشة لما تصحي”
زفر بغضب وهو يتجه نحو ممسكا يديها برفق يجذبها لتجلس فوق الاريكة قائلا:
” لازم تاكلي قبل الدوا مينفعش تاخدي على معدة فاضيه و بعدين انا جايب اكل لعائشه لما تصحى و جايب لينا اكل و انا اصلا اكلت مع الحج بس ياله افتح نفسك”
أبتسمت بينما وضع الطعام على الطاوله بللت شفتيها بجوع وهي تنظر لعلب الكشري
زينب بحماس و جوع :
“انت اكلت صح؟ خالص يعني مش لازم تاكل مرتين ”
حاول كبح ضحكاته وهو يراها تاخذ المعلقة و تاكل بنهم بينما تضيف الدقة ليقول بمرح:
” وربنا كنت عارف انك هتضعفي أدام الكشري و بعدين استنى استنى هاتي دا”
ابتلعت ما بفمه في حين حاجظت عينيها وهي تراه ياخذ العلب الصغيره الموضوع بها (الدقة و الشطة) كادت ان تختطفها من بين يديه لينظر لها محذرا:
“مينفعش كدا هتبقى حاميه اوي عليك غلط”
زفرت باستياء قائلة بعفوية و براءة:
” ازاي اكل من غير الشطة طب حط شويه صغيره اد كدهن”
أشارت على اصبعها بلطف و هي تنظر له بخبث برى.. اقترب من وجهها قائلا بخبث:
“لو عيطتي حتى يا زبدة مش هتدوقيها”
كادت ان تحرقه بتلك النظرة النارية وهي تاكل بهدوء مرت دقائق وهو ينظر لها قبل أن يدلف للحمام تاركا اياها تكمل وجبتها بنهم
ما ان غادر حتى التقطت العلبه الصغيره لتسكب اكثر من نصف محتواها بالعلبه وضعتها مكانها مرة أخرى قبل أن يخرج في حين تاكل هي بتلذذ مع شعور بالسخون أثر كمية تلك الشطة التي وصعتها
خرج صالح من الحمام بعد أن توضأ، تفتقد الغرفه ملياً يبحث عنها لكن لم يجدها سمع صوتا ً صاخب بداخل المطبخ ليتجه نحوه وهو ينادي عليها
كادت ان تبكس وهي تضع زجاجة المياه على فمها ترتشف منها اكبر قدر ممكن ووجهها احمر قاني
نظر لها باندهاش قائلا:
“أنتِ عملتي ايه يا زينب”
وضعت يديها على فمها و الأخرى على بطنها “بوقي ااه”
اقترب منها بغضب وهو يمسكها من ذراعها بغضب قائلا بهدوء:
“لو تسمعي الكلام، تعالي”
جذبها خلفه ليجلسها على الاريكه اخذ احد الأكياس التي جلبها ليخرج منها علبة من اللبن الرائب اعطتها لها بجديه حتى انها كادت ان تعترض لكن نظراته في تلك اللحظه اخبرتها انه لا مجال للنقاش
جلس ينظر لها تاكل بهدوء ما ان انتهت اعطها الماء
اخذت دوائها بهدوء دون التحدث ليحدثها قائلا:
“لما عائشه تصحى بلاش تخليها تنزل و خليها تاكل، خالي بالك على نفسك”
انحني يطبع قبلة على قمة راسها، اخذ مفاتيحه وولج لخارج المنزل في حين ابتسمت هي برفق و هي تنظر لها….
______________________
في لندن و بالتحديد شقة «يوسف الصاوي» وفي نهاية اليوم
ولج يوسف الي داخل المنزل ليجده هادي تماما نادي عليها بجدية وهدوء:
” ايمان، يا ايمان”
“انا هنا يا يوسف في اوضة النوم” اتجه نحو مصدر الصوت ليفتح باب الغرفه ناظراً لها باندهاش حيث كانت تمسك المقص بين يديها تجلس أمام المرأة بحيرة
وقف خلفها وهو يضع يديه على خصره بارتياب بعد أن وضع حقيبته جانباً قائلا بحدة:
“أنتِ بتعملي ايه يا ايمان ممكن افهم”
نظرت له في المرآة بهدوء قائلة:
“بص انا شعري طول اوي و من زمان عايزه اقصه لانه بيضايقني و ب…”
كادت ان تكمل جملتها لكن ولدهشتها وجدته يلتقط المقص منها قاطعا اياها بنبرة صارمة:
“تقصي ايه يا حيلتها انتي بتستهبل صح، شعرك كدا حلو اوي و لايق لونه و طوله معاكي مخليك زي القمر”
كان يعنفها ام يغازلها لم يدرك ذلك الا عندم اتساعت ابتسامتها قائلة :
” يعني هو حلو كدا؟”
أبتسم بمشاكسة قائلا:
“حلو اوي اوي، ممكن اعرف ايه اللي خلكي تحطي فكرة قصه في دماغك؟”
اخفضت راسها قائلة:
مش عارفه اعمله ضفيرة و بيضايقني لما برفعه كحكه و كمان مبحبش ديل الحصان ”
صك يوسف على اسنانه قائلا بحدة:
” تقومي تقصيه يا اذكي اخواتك و بعدين عندك خمسه وعشرين سنه مش عارفه تضفري شعرك”
أبتسمت برفق قائلة:
“بابا هو اللي كان بهضفرهولي باجي اضفره انا بيطلع مش زي بتاعت بابا ”
“طب و مرات عمي ماكنتش بتضفره ليك و لا علمتك” سالها برفق بينما يديرها نحو المرآه يلتقط المشط بهدوء ليمشط شعرها
” ماما اصلا مكنتش بتضفر شعرها لانه غجري و بابا هو اللي كان بيعرف يعملهولي و يعملي انا كمان ”
أبتسم يوسف بفخر و إعجاب قائلا:
” والله الواحد محظوظ ان جلال الشهاوي يبقى عمه ”
ردت ايمان بارتياب و طبقه رقيقه من الدموع ببنيتيها قائلة:
“هو انت كلمته؟ اخر مرة انا كلمته كانت امبارح بليل و بعدين رنيت عليه كذا مره الاول كان مقفول و لما اتفتح مش بيرد عليا و كلمت ماما يدوب قعدت دقيقة واحدة اطمنا عليا وقفلت قالت إنها مشغولة و صوتها متغير، حاسه انها مخبيه عليا حاجه”
زفر يوسف بهدوء وهو ينظر لها قائلا:
” انا كلمت صالح النهاردة العصر و هو قال ان عمك جمال توفي امبارح في نص الليل ”
نهضت بفزع و صدمة لتقف أمامه قائلة بانتفاض:
” عمي جمال لالا هو اكيد كويس انا قبل ما نيجي روحتله و هو كان كويس و سلم عليا َ دعا ليا انت بتهز يا يوسف صح قول انك بتهزر و هو كويس”
انصدم من دموعها التي انسابت دون ادراك و التي شوشت الرؤيه أمامها، مد انامله يمسح دموعها برفق و حنان قائلا:
“اهدي يا ايمان و ادعيله ربنا يرحمه و يرحمنا هو كان غالي علينا كلنا لكن دي أمانة و اتسلمت للي خلقها ”
خطبها بين ذراعيه وهو يريت على ظهرها بحنان وهي تبكي ليقول بحنان:
“ادعيله يا ايمان و ادعي لأهله ربنا يصبرهم”
ردت ايمان بخوف و بكاء:
“بابا اكيد زعلان اوي هو كان بيحبه علشان كدا مردش عليا، انا عايزه اكلمه يا يوسف والله ما هرتاح الا لما اشوفه كلمهولي”
تريث قليلا في رده قائلا :
“اهدي يا ايمان دلوقتي اكيد مشغولين و اكيد اول ما الحركة تهدأ هيرد علينا وبعدين صالح طمني فهدي لو سمحتي”
ردت ايمان بعقلانيه من بين شهقاتها و دموعها :
” ان لله و ان اليه راجعون ”
________________________
في فيلا«باسل العلايلي»
دلف باسل الي بهو المنزل برفقة نور قد خرج من المطار ليعود برفقتها الي فيلاته لكن اندهش يوجود جو من الضجه و الإضاءة تلتمع بالارجاء في أجواء حفل
زفر بحدة ليقطعه صوت نور مستفسرة:
“هو في ايه يا باسل؟ ”
أتاها الرد بحدة مخيفة كادت ان تتنساها منذ فترة فتعامله معها مؤخر كان هادي :
“واضح ان زيدان بيه عامل حافله و بيحتفل”
جف حلقها وهي تمسك بذراعها توقفه :
“باسل…. انا”
“متخافيش يا نور، زيدان بيه مش هيعمل فيلم هندي و هو اكيد مش بيفكر فيك صحيح هو كان عايز يتجوزك لكن انا برضو عارفه كويس، و بعدين انتي متوترة ليه؟ اولا دا بيتي و انتي مراتي ”
عضت على شفتيه بحنق قائلة:
” باسل متخليني انا اروح لبابا دلوقتي و كمان عبد المنعم و سيف وحشوني اوي ”
تنهد قائلا بجدية :
” بكرا ياستي هاخدك ليهم انا كدا كدا عندي شغل كتير في الشركه هوديك وابقى اروح شغلي ياله بقي”
كانت تسير معه لكن توقفت فجأه ليقول بحنق:
“في اي يا نور تاني”
“لالا اطمن دا موضوع تاني ممكن اطلب منك طلب لو سمحت من غير ما تتعصب عليا ”
” اتفضلي”
فركت كفيها ببعضهما قائلة:
” والدتك يا باسل ارجوك ممكن تقولها يا ماما عادي و لا نيرة هانم دي علشان خاطري، انا عارفه انه في مشاكل بينك وبين والدك لكن والدتك ذنبها ايه دي ام يا باسل بلاش تتجاهل وجودها هي استحملت كتير اوي من حقها دلوقتي انها تلقى الاهتمام منك على الاقل”
اوما له بجدية حانية قائلا برفق :
” ماشي يا نور ياله بينا بقي”
سارت معه ليدلف لداخل المنزل يرحب به بعض رجال الأعمال، تزامناً مع نظرات بعض الفتيات لنور بغيرة وهن ينظرن ليد باسل اللي تتشبك بيديها بجدية بينما هي لا تبالي بنظراتهن في حين أتت والدته، لتبتسم نور بحنان وهي تحتضنها
ابتسمت نيرة بسعادة قائلة:
:الف مبروك يا حبايب يارب تكونوا انبسطتم في شهر العسل ايه اخبارك يا نور؟ ”
أبتسمت بود قائلة بهمس :
” هحكيلك لما نبقى لوحدنا بس في المجمل كانت رحلة لطيفة ”
نظرت نيرة لباسل بهدوء حزين قائلة:
” حمدلله على السلامه يا باسل؟”
تنهد وهو يقترب منها بحتضنها وهو يربت على ظهرها قائلا:
” بخير الحمد لله، اخبارك ايه يا ماما”
ابتسمت نيرة بسعادة مدت اناملها تلامس ذقنه برفق و لمعه دموع ربما منذ عدة سنوات لم يناديها كذلك:
“بخير طول ما انت بخير”
تهرب باسل من نظراتها تلك بسرعة يشعر وكأن المشاعر لا تليق به فهو دائما ذلك الشخص البارد
ترك نور برفقة والدته واتجه نحو شقيقته التي تقف بعمليه تتحدث مع احد رجال الأعمال
نيرة بدموع ناظرة لنور بسعادة لتحتضنها:
“شكرا يا نور بجد شكرا انا بقالي كتير اوي مسمعتش الكلمة دي،اول مرة من سنين يقولها”
ابتسمت نور بسعادة قائلة:
“على فكرة بقى هو اه بارد و مستفز بس طيب شوية يعني، باسل عنده كولكيعه من والده الموضوع كبير و محتاج قاعدة طويلة نتكلم سوا”
هزت راسها موافقة قائلة:
” تعالي بقى اعرفك بزينة أخته و الفت”
لوت نور شفتيها يمين ويسار قائلة:
” قصدك ام اربعه و اربعين”
بعد مرور وقت
ولج باسل نحو الجنينة ليجري اتصال و ما ان انتهى وجد احدي الفتيات التي كان له علاقة بها مسبقا و من الحاضرات لتلك الحفلة
ترتدي ثوب اسود لامع طويل تقترب منه مستغلة خلو ذلك المكان هامسه:
“وحشتني يا باسل”
انتفض باسل من لمستها وعاد للوراء مجيب بطريقة سوقيه تعلمها من نور موخر:
“وحشتك عقربه يا بعيدة، بتعملي ايه هنا يا بت”1
عقدت ما بين حاجبيها بنفور قائلة:
“بت و عقربه؟ باسل انت كويس؟ هكون بعمل ايه يعني بحضر الحفلة يا خاين.. بقى هو دا اللي مبتحبش الجواز و لسه راجع من شهر العسل… بذمتك مش انا احلى من مراتك دي”
رد بصراحه فظة صدمتها:
” وربنا ما حصل… انتي بتقارني نفسك بمراتي بقولك ايه ابعدي عني علشان انا…
قاطعته مقتربه منه أكثر ويديه تسير علي وجهه مردده:
“علشان انت ايه يا حبيبي و بعدين انت وحشتني اوي…”
ازدرد ريقه وهو يبتعد عنها دافعا اياها بعنف:
“بقولك ايه يا حيلتها ابعدي عني انا حاليا راجل متجوز فاهمه يعني ايه يا ماما متجوز وبعدين اتهدي بقى ربنا يهدك لا هيبقى في حاجه بين لا في الحرام و لا في الحلال يا عنيا”
جاحظت عينيها بصدمة وهي تراه يغادر المكان:
“حيلتها؟! متجوز… بت… عقربة اوه دي اكيد البيئة اللي اتجوزها ”
____________________
في غرفة باسل
تقف على الفراش وهي تصرخ مستغله الموسيقى العاليه تحاول إفراغ طاقة الغضب و الغيرة بداخلها، تصدح بالارجاء سانحه لنفسها باخراج شحنة غضبها
منتشله ما تقع عيناه عليه وتقم بتسديدها نحو باسل بعد أن دلف للغرفة
بعدما بحث عنها بالحفل فاخبرته والدته انها صعدت لغرفتها
فهل هي الآن على استعداد تام لقتله بعدما رأت تلك الفتاة تتود له و تحتضنه متغزلع له بوقاحه فتركت الحفل بهدوء دون تخريبه بمسك تلك الفتاه من شعرها، واتجهت لغرفته متوعدة له
صرخ باسل بذهول قائلا:
“ماتتهدي يا بت المجنونه، هتيجي فيا و تسيحي دمي
قالها بفزع وهو يتفادي مزهريه متطايرة بالهواء بفضلها
علقت وهي لا تتوقف بل حاء الدور على أغراضه ملتقطه زجاجة عطره تقذفها بقوة جامحه عليه
” مش احسن ما دمى انا يتحرق يا بارد يا عديم الذوق و الأدب و الأخلاق يا خاين
حجظت عين باسل و تحرك سريعا و بخفه ينفذ الزجاجه من التهشم
صاح بعدم فهم و انفعال قائلا:
” ما تفهميني حصل ايه يا مجنونه بدل المرمطة دي”
اقتربت منه بشر هاجمه عليه:
” مش فاهم، طبعا ما انت متعود على المسخرة و قلة الأدب نقول اي بقى، تحضن في دي و تبوس في دي
احتقن وجهه بالدماء مستنكرا كلماتها، زفر بحرارة مقتربا منها، فمنذ ان رآها وهو لم يحدث سواها او يتغزل بأخرى فقد ملئت عيناه
“أنت بتخرفي تقولي اي يا نور، شوفتيني كلمت حد
توقف عن المتابعة مدركاً مشاهدتها لمحاولة الفتاة في التقرب منه
اغمض عينيه زافر بحدة، مقتربا منها في لحظة لم تدركها محتضنا اياها رغم رفضها و غضبها و محاولتها لصده ليقول بهدوء :
” اهدي بقى… والله ما عملت حاجه هي اللي كانت بتحاول تقرب مني وانا صدتها و دا مش كلام وخالص انا بجح و ممكن اصرحك باي حاجه عملتها لان مبحبش الكدب”
هدات أنفاسها و هي تدفعه لاتبتعد عنه قائلة :
“ماشي يا سي باسل اما نشوف اخرتها معاك”
اقترب بخبث هامسا بوقاحه
“والله العظيم انتي بنت حلال اصلا انا كنت هموت و اسيب الحفله الزفت دا انا كباسل لازم استغل الفرصه دي”
نظرت له مدركة نيته بينما صرخت بوجهه قائلة:
” دا انت بتحلم”
هربت بسرعه من أمامه راكضه نحو الحمام قائلة:
” تصبح على خير يا بيبي”
عض على شفتيه يحاول كظم غيظه منها قائلا:
” هتباتي في الحمام يعني ولا اي؟ ”
______________________
بعد مرور اسبوع في احدي شركات المعمار بلندن
في منتصف اليوم دلفت “ايمان” الي الشركة لمقابلة يوسف و تناول الغداء معه كما اقترح عليه بالأمس فقد قامت بتجهيز الطعام في المنزل و اخذت استراحة صغيره من عملها بالمشفى و ذهبت اليه
كانت تسير بخطوات هادئه في حين نزلت عهد الدرج بتعب تمسح قطرات العرق عن وجهها بمنديل ورقي بتنظر لايمان بكره و غضب، صمتت للحظات و فكرة شيطانيه تهيج براسها، لتغيب لدقائق ثم عادت، اتجهت نحو ايمان بهدوء قائلة:
“اهلا يا مدام ايمان نورتي الشركة، انا عهد اللي زورتكم في البيت اول ما جيتوا لندن”
نظرت لها ايمان بجديه و ضيق لترد :
“اهلا يا بشمهندسة…”
ردت عهد بابتسامه :
“بخير الحمد لله، هو حضرتك بتدوري على يوسف.. اقصد بشمهندس يوسف معليش اصلنا قريبين من بعض فواخدين على بعض شويه”
صكت ايمان على أسنانها قائلة:
” اه بسأل عليه هو فين؟ ”
عهد :
” مكتبه في الدور العاشر الاسانسير عندك على ايديك اليمين”
نظرت لها ايمان بحنق و هي تتوعد لزوجها ذلك بينما اتجهت نحو المصعد…..
صعدت بداخله مرت لحظات وهي تفكر به و بكلمات تلك الحيه… في لحظه واحدة نزل المصعد بقوة لتقع أرضا مرتجفه
توقف مهتزاً، انطفت الاضاءة،ابتلعت ما بحلقها بخوف وهي تحاول فتح الباب لكن ابتعدت عنه برعب مدركه انها بمنتصف الدور
للحظات سُرقت أنفاسها برعب شاعره باهتزازه
أتاها صوت من الخارج قائلا بالانجليزية:
“المصعد مُعطل لماذا صعدتي به ألم ترى الافته”
هبطت دموعها لتتحدث بتعلثم و صعوبة و جسدها يرتعش برغب:
“لم.. يكن.. هناك أي لافته…. لو سمحت ساعدني اخرج”
اجتمع بعض الأشخاص في الخارج بينما حاولت استجماع شتات نفسها وهي تخرج هاتفها من حقيبة يديها، بيد مرتجفه
كان يجلس على مكتبه هو و احد أصدقائه يتناقشان في أمر ما ليقطعه رنين هاتفه ليجيب بعد أن رأي اسمها
“ايوه يا ايمان بقولك كنسلي الموضوع متجيش انا هجيلك و نتغدا برا”
ردت بصعوبة و خوف من بين شهقاتها:
“يوسف الاسانسير عطل انا خايفه”
لم يدعها تكمل حديثها في حين قطع الخط، اندفع حيث ياخذه قلبه الذي هلع بمجرد سماع ان مكروه قد اصابها
نزل الدرج ينظر للحشد المجتمع أمام المصعد الذي حدث به العطل
، اخترق صفوف الحشود كان ما بين الطابقين الرابع و الخامس ليجعل ذلك استحالة فتحه، فصار صدرها يعلو و يهبط من فرط الصدمة الممزوجه برعب حقيقي شاعرة بأن نهايتها أصبحت وشيكه اخذت تردد بعض الآيات القرانية
فجعل الدمع يتقاذف من مقلتيها،
غير مدركه ان هناك شخص آخر يقف يرتجف رعبا من فكرة فقدانها فصار ينزل الدرج بخطوات سريعه
ليجد صديقه عدنان يقف مع عامل التصليح فتحدث بجديه
“ماذا حدث”
أتاه رد عامل التصليح بلباقه
“الانسه طلعت بالاسانير و دا وقت الصيانه في حبل اتقطع فخلي الاسانسير ينزل بسرعة و اول ما نزل البارشوت تلقائي اشتغل و واقفه بين الدور الرابع و الخامس يعني حتى لو فتحناه مش هنعرف نخرجها”
ارتجف بقوة و رعب قائلا:
“في اي حل نخرجها به”
ارتبك العامل قليلا ليجيب بهدوء:
” هو احنا ممكن نطلعها من فتحة الإنقاذ بس المشكله ان دي زي الانتحار و خصوصا ان هيبقى في تُقل على الاسانسير و من المستحيل حد يقبل يخاطر لازم نستنا عمال المساعدة و ممكن يقع…. ”
أتاه رد يوسف بحدة قائلا:
” أخرس…. اظن في تليفون في الاسانسير صح”
رد العامل بجديه :
” ايوه يا فندم… ”
تركه يوسف و اتجه نحو غرفة المراقبة وقام بالتواصل مع الهاتف الموجود بالمصعد بعد أن إعادة الاضاءه مره اخري
في البدايه ظنت انها تتوهم لتتفاجا بصوته المرتعب عليها
“ايمان… ايمان انتي سمعاني”
حاولت الوقوف لتشعر باهتزازه بسيطه لتجلس مرة أخرى تبكي بفزع
” يوسف انا خايفه و حاسه اني مش عارفه اتنفس
رغم قلبه الذي ينزف الما وهو يستمع لصوتها الباكي الممزق له إلا أنه حاول بث الطمائنينه بقلبها قائلا بهدوء حاني
” اهدي يا ايمان متخافيش، انا معاكي و عمري ما هسيبك ولا هسمح ان يجرالك اي حاجه وحشه، عشان خاطري اهدي و حاولي تاخد نفسك”
هداتها تلك الكلمات فكان مفعولها كالسحر بالفعل بدأت أنفاسها تنتظم بهدوء
لتردد قليلا قبل أن تحدثه ببكاء
“يوسف”
رد بخوف قائلا:
“عمر يوسف يا ايمان”
” لو جرالي حاجه ابقى سامحني”
رغم عدم فهمه ما تقصد الا انه رد بعفوية :
” مش هيحصل حاجه انتي فاهمه ”
أغلق الهاتف وهو ينظر للعامل قائلا:
“انت مش قلت في فتحه إنقاذ في الاسانسير عشان الحالات دي”
اوما العامل بجديه ليجد يوسف يخلع معطفه و ساعته
ليقاطعه بصرامة
” بشمهندس في خطورة كبيره ”
رد يوسف بحدة قائلا:
“اسمعني انا هربط نفسي بالحبل وانتم هتمسكوه و هتنزلوني بيه لحد ما افتحه من فوق و بعد كدا هترفعونا لفوق”
رد عدنان بفزع قائلا:
” يوسف كدا ممكن يقع بيكم”
رد بنبرة قاطعه صارمة:
“المهم انها تخرج سليمة من جوا انت فاهم و حتى لو حياتي قصاد حياتها، مراتي مش هتخل عنها”
كل هذا أمام عين عهد و التي بكت مدركه ان لا مكان لها في قلبه العاشق لتلك الفتاة
غادرت الشركة قبل أن ترى مساعدته لها و مخاطرته بحياته لأجل زوجته وكنزه الثمين
وبالفعل قاموا بتجهيز الحبال و تعليقها في حزام بنطاله لتحاوط خصره وقاموا بانزال الحبل خطوه بخطوة
الي ان وصل فوق المصعد لتنتفض ايمان من شعورها الغريب بحركة المصعد فقال بصوت مسموع؛
“متخافيش يا ايمان انا جانبك”
“انت بتعمل ايه يا مجنون”
أتاها صوته مهدا قائلا بحب يفوق ما كان يتخيله فهو الان مدرك كم هي غالية جدا على قلبه المتيم بعشقها
“ايمان اهدي انا هفتح الاسانسير متخافيش من الصوت اللي هتسمعيه”
الا ان شهقاتها ازدات برعب جالي في حين اتبع يوسف تعليمات العامل في ازاله غطاء فتحة الإنقاذ قام بازالته بعد بضع دقائق ناظرا لها باطمئنان ليقول بصوت جهوري ليسمعه عدنان و رفاقه
“انا فتحته هنزل و هدخلها خليكم جاهزين”
أتاه صوت من الأعلى بالموافقة ليقوم بإدخال قدمه اولا ثم يقوم بهز الحبال بيفهم الجميع فوق وقاموا بانزال الحبل خطوه خطوة الي ان لمست قدمه ارضيه المصعد
نهضت برفق و خوف ترتمي بين ذراعيه مشدده على احتضانه ليبدلها هذا العناق بقوة و خوف
” ايمان اهدي انا معاكي والله ما هسمح ان يحصلك حاجه”
ابعدها عنه و هو يفك الحبال من حول خصره و لفه باحكام حول خصرها محاولا تثبيت الجهاز حول خصرها
لتساله بجدية و حدة:
“انت بتعمل ايه…. انت عايزني اسيبك، يوسف متهزرش انا لو علي موتى مش هطلع من هنا من غيرك
رد يوسف محاولا اقناعها:
“مفيش وقت لكلامك دا يا ايمان ياله علشان يطلعوكي من هنا وانا هتصرف متقلقيش عليا ”
” لا يوسف لو على موتي مش هطلع من غيرك”
تجاهل حديثها صارخا بحدة:
“اسحبوا الحبل لفوق ياله”
انصدم عدنان و أصدقائه فقال عدنان صارخا:
“انت مجنون يا يوسف وانت هتعمل اي؟”
“بقولك اسحبها مبتسمعش”
عض عدنان علي؛ فتيه بغضب مستجيب له لمن توقف عند صراخ ايمان وهي تحتضنه بقوة تتشبث به
” لو عرفت تبعدني عنك ابقى خليهم يطلعوني”
حاول التحدث لكنه هزت راسها بنفي قائلة؛
“لا مش هسيبك ولا هبعد و مش هتخلي عنك
استجب لحديثها و نظرات عيونها الباكيةولكنه استسلم
و كيف يصمد أمام تلك العينان يالله ان عرفت الهزيمة يوما سيكون ذلك بسببهما
” اسحبوا الاسانسير……”
اتجه كلا من عدنان و رفاقه نحو مكان الماكينه لتنفيذ التعليمات و سحبهم وهم يدعون الله أن يمر بسلام
شعرا باهتزاز المصعد و نظرات الخوف جاليه في عينيها حاول التخفيف عنها ليحتضنها برفق متشبث به هامس:
“دايما واجعه قلبي… الحب وجع قلب و انتي وجعي و عشقي”
لم تشعر بشي تحاول كبت دموعها الي ان توقف المصعد امام الطابق الخامس
ما ان فتحه حتى كادت ان تسقط مجددا لكن وجدته يحملها و يخرج من بين هذا الحشد،
وضعها بسيارته بهدوء ليجلس بجوارها محاولا بث الطمائنينه في قلبها لتصرخ بوجه بغضب :
” انت مجنون صح كانت عايزني اسيبك دا لو فيها موتى مش هسيبك يا يوسف
من أمتي يبعد القلب عن الجسد و يفضل ينبض”
ربت على ظهرها بحنان قائلا:
“حمدلله على سلامتك يا ايمان، حمدلله على سلامتك….”
صمتت وهي تنظر للفراغ ليسالها بفضول:
“صحيح كنتِ بتقوليلي اسامحك على ايه؟ ”
صمتت وهي تنظر له كيف تخبره بذلك الشي كانت تظن انها النهاية فارادت عفوه عن أمر أخذها لتلك الحبوب المانعه للحمل في فترة ما قبل مجيتهم الي تلك البلد الغريبة عنها لكن الآن كيف ستخبره
“يوسف انا تعبانه ممكن تروحني”
أبتسم قائلا:
” ماشي هنعدي على المستشفى نطلب اجازه باقي اليوم واخدك البيت….”
_______________________
في احد المباني الراقية حيث تقطن عهد
كانت تبكي وهي تحتضن والدتها قائله بانفطار:
“بيحبها يا ماما بيحبها بيخاطر بحياته علشان يلحقها هو ليه بيحبها كدا ليه يا ماما”
ابعدتها والدته عنها قائلة :
” لا يا عهد انتي غلطتي غلط كبير، بتعرفي شو اسمك هالا… خاطفت رجال. انت ما بتحبي يوسف ابدا، انتي بس لقيت فيه كل المميزات اللي بتتمناها كل بنت
” شاب ذكي و ناحج جدا بمجاله مرح مع اصدقائه وفي لحبه و لاهله.. متدين وسيم في كل المميزات اه فيه عيوب متل كل البشر لكن مميزاته طاغية لان إيمانه قوي….
وهاد مو حب يا بنتي، هاد اسمه إعجاب مو حب ابدا”
ردت عهد بخوف قائلة:
“انا مش عايزه اكون وحشه يا ماما انا بس عايزه القى الحب… عايزه القى قلب يفهمني
انا خايفه من نفسي ايمان كان ممكن تموت بسببي حاسه اني بتغير اوي مكنتش كدا”
أبتسمت والدتها وهي تربت على كتفها باهتمام
” حبيبتي انت مو وحشه ابدا بس انتي انسانة غلطتي وغلطك كبير كان هيتسبب فب موت انسانه مالها ذنب باي شي
بتعرفي شي روحي و اطلبي منها السماح و اخرجي من التيم اللي شاغله فيه مع المهندس يوسف و انسيه و اذا انسه حنين طلبت منك اي شي بيخص يوسف ارفضيه فورا و خبريها انك موجودة في الشركة بس منشان الشغل مو اكتر من هيك
بدو يضل او يرحل منا ها شي بيخصه لواحده ونحنا مالنا علاقة يا قلبي
و خليكِ واثقه برب العالمين يمكن وقتها يرزقك بشب يعطيك كل الحب اللي بقلبه المهم قلبك يكون صادق و صافي… فهمتيني؟”
اومات له عهد وهي تحتضنها بندم و خوف مما كان سيحدث
________________________
في مصر و بالتحديد الاسكندرية
انتهت زينب من ارتداء ثيابها بعد أن اختارتها بصعوبة فمعظم ثيابها أصبحت ضيقة بسبب بروز بطنها الواضح على غير المعتاد لأي امرآه في منتصف الشهر الرابع
نظرت للمرآه بحزن تشعر وكأن وزنها زاد
زفرت بحنق بينما مد يديه يعانق خصرها وهو يقف خلفها مبتسم؛
“الجميل متضايق من اي؟”
“هو انا تخنت اوي صح، لازم اعمل ريجيم بعد ما اولد ” سألته بفضول و خوف
ابتسم يميل عليها يختطف قبلة من وجنتها بحب قائلا:
“تخنتي ايه يا هبلة و الله دا انتي بقيتي ملبن”
ابتسمت زينب برضا وهي تتابعه يتجه نحو زجاجه عطره ليضع منه قبل أن يمسك يديها و يخرج من الغرفة
” خالي في علمك هنروح للدكتورة وعندنا مشوار تاني هنعمل سوا”
سالته بفضول قائلة:
“مشوار اي؟”
رد باختصار
“لما يجي وقته هتعرفي”
بعد مرور نصف ساعة
جلست زينب أمام الطبيبة تفحصها بابتسامه جميله بينما يقف صالح خلف تلك الستار بقلق يتمنى لو يدلف لهم لتنادي عليه الطبيبة بجديه
” اتفضل يا بشمهندس صالح”
سار نحوهما لتجد الطبيبة تحدثه بابتسامه :
” مش عارفه اجيبهالكم ازاي بس الف مبروك يا مدام زينب انتي حامل في تؤام ثلاثي ولد و بنتين”
فغرت زينب شفتيها بذهول بينما اندهش صالح و لم يستطيع كبح تلك البسمة الواسعة، أيرزقه الله بثلاث أطفال؟”
بينما نزلت دموع زينب و كأنها لم تستوعب ماقلته الطبيبة…. ستكون ام لثلاث أطفال يالله اي جمال هذا !!
عانق وجهها بين يديه بسعادة قائللا:
“شش متخافيش هنكون سوا و هنربيهم سوا متخافيش هكون معاكي ”
لم تشعر بنفسها سوي وهو يحتضنها بينما زاد شهقاتها و نحيبها.. يا الله يا الله
ستكون ام لثلاث أطفال……
ابتسمت الطبيبة بسعادة لهم قائلة:
“مش عايزين تسمعوا نبضهم”
اخذ منها السماعه لتضعها على اذنه بهدوء في حين تزداد ضربات قلبه بعنف
شعر بها يقسم انه سمع نبضهم للحظات شعر بالخوف و السعادة و القلق ما هذا.. ما كل تلك المشاعر المتضاربه الان
أيخاف من فكرة كونه أب.. لا والله ان الرجال يتحملوا المسئولية،
لكن خوفه الان هل سيسطع ان يربيهم كما ينبغي؟
هل سيعلمهم أصول دينهم؟ هل سيكون قادر على نشاتهم كما يحب ويرضى الله
أسئلة كثيرة تدور بعقله بينما يستمع لنبضات أطفاله…
“انا كمان عايز اسمعهم يا صالح” نظرت له برماديتيها البريئه ليبتسم برفق وهو يسمح لها بذلك
اغمضت جفنيها برفق وهي تضع يديها على موضع قلبها شاعرة بارتجاف قوي
عاشت حياتها البائسه لم تكن ان يعطيها الله كل ذلك… يعوضها عن كل ما هو مُر و مؤلم، زوج حنون و صالح و عائلة جميلة، حتى انها لديها اب صحيح هو ليس والدها الحقيقي لكنه كان حنون معها، رغم ما راتها من قسوة بذلك العالم الا انها لديها الان كل ما تتمناه
شعرت للحظات بأن نبضاتها امتزجت بنبضاتهم لتشهق ببكاء
احتضنها وهو يتنهد بارتياح
بعد قليلا
قامت بتعديل ثيابها وهي تجلس على كرسيها أمام الطبيبة تبتسم لهم
“دلوقتي يا استاذ صالح المهمة الكبيرة عليك”
انتبه لها جيدا منصتاً بجدية
“اتفضلي”
“الحمل في تؤام ثلاثي بيكون صعب شويه و خصوصا مع اقتراب فترة الولاده…. شوف انا هكتبها شوية فيتامينات و تلغي خالص اللي كانت بتاخدها و الأكل مهم جدا جدا جدا
مفيش فيها كلام. نبعد عن أكل الشارع و انا متأكدة ان مدام حياء بتعمل كدا بس ارجوك دا ضروري
و بلاش اي مواد حافظه ممنوعه، راحة دي من أهم المراحل طبعا شوية تمشيه هتفرق معانا بس وقت محدد
و لو لاقدر الله حسيت باي وجع ولو بسيط لازم تكلمني فورا وانا تحت أمركم في اي وقت،
اه صحيح يا زينب الشطة لا هتتعبك واحنا بنحاول نتجنب دا علشان تعدي الفترة الجايه على خير”
اومأ لها بجديه قائلا بصرامة:
” متقلقيش يا دكتور هيتم زي ما قلتي”
” تمام و ان شاء الله معادنا الجاي كمان اسبوعين… ”
خرجا معا من العيادة في حين عانق خصرها بحماية قائلا :
” هتيجي معايا مشواري و تقعدي مش عايز كلمه واحدة فاهمه
زفرت بحنق قائلة:
“بلاش شغل الأوامر دا يا سي صالح علشان خُلقي بقى بيضيق الفترة دي كتير”
تجاهل تذمرها وهو يساعدها في صعود السيارة
بعد مرور وقت
أوقف سيارته أمام مكان كبير يبدو كمصنع او شي كذلك”
ترجل من سيارته وهي بجواره تدلف معه لذلك المكان بينما تنظر له بدهشه
حيث يوجود الكثير من الكراسي و في المقدمه منضده عاليه،
في ذات الوقت دلف الكثير من الأشخاص ليحضروا ذلك المزاد العلني
ومنهم رشاد و جالد مساعده
ابتسم رشاد بغل وهو ينظر لزينب و لبطنها بغضب متمنياً لو كانت تنجح خطته
شعرت زينب بالخوف من نظراته تلك لتتمسك بيد صالح بقوة
ابتسم بحنان وهو يساعدها على دخول ذلك المكان لتجلس على احد الكراسي و هو بجوارها في حين انضم لهم “على”
أبتسم بخبث وهو يغمز لصديقه ليطلق ضحكه خافته
مر بعض الوقت و بدا المزاد على
“مجموعه من مكنات إحدى المصانع القماش”
بدأت الارقام من مليون و نصف بينما اخذ الرقم يتصاعد
صالح بجديه محاولا إظهار الاهتمام قائلا:
“تلاته مليون”
«تلاته مليون.. ها تلاته مليون عند صالح بيه مين يزود مين يزود”
رد رشاد بخبث قائلا:
“تلاته مليون و نص…”
” ياله يا جماعه لسه في الأول مين يزود
رد شخص آخر بهدوء
“تلاته مليون تمنيت الف”
صالح بجديه وهو يمسك بيديها بقوة
“اربعه مليون….”
رشاد بسرعة
” سته مليون…”
أبتسم صالح بخبث قائلا:
” سبعة مليون جنية”
ابتلعت زينب ريقها بصعوبه وهي تتخيل ذلك الرقم قائلة :
” صالح انت معاك الرقم دا، افرض المزاد رسى عليك ما تيجي نمشي الله يرضا عليك ”
غمز لها بشقاوة وقحه قائلا:
“اصبري دي اللعبه بدأت تسخن”
في ذلك الوقت رد رشاد بتردد:
“عشرة مليون”
أظهر صالح وجه عابس حزين قائلا بحزن واضح بطريقة متقنه:
“عشرة مليون و خمسميه الف…”
أبتسم رشاد بانتصار وهو ينظر لها قائلا بلهفه غير مدركا عواقب فعلته :
” اتناشر مليون”
نظر له صالح بشماته و انتصر قبل أن ينحني يقبل راسه زوجته هامسا:
“المكن دا كان هيتباع بتلاته مليون بمنتهى السهولة و دلوقتي خليه يشربها الدُغف”
همست زينب بارتباك قائلة:
” وانت عرفت منين، انا مش فاهمه حاجه يا صالح”
“الا اونا الا دو الا ترى”
انتهى المزاد عند تلك الكلمات الشهيرة
في حين نظر خالد لرشاد بصدمة قائلا:
“انت عملت ايه عمال اقولك بلاش هتدقع الفلوس دي منين دا احنا يدوب خلصنا من الخساير اللي عليك بالعافية واللي معاك بالكتير خمسه مليون دا انت غبي انا ماشي”
خرج من ذلك المكان بغضب بينما همس صالح لعلي قائلا:
“مش عايزه يمشي تجيبه على المخزن خلينا نصفي الحسابات
______________________
في سيارة صالح
زينب بحدة:
“ممكن افهم ايه اللي حصل دلوقتي صالح الله يرضا عنك مش عايزين مشاكل احنا هيكون عندنا اولاد و رشاد مؤذي
فهمني انت عملت كدا ليه ما كان سبنا في حالنا
ابتسم برفق وهو يطبع قبلة أعلى راسها قائلا بمرح:
” تعرفي انك هطله وانا بقى نقطي ضعفي الهطل
نظرت باستياء قائلة:
” اتكلم بأسلوب احسن من كدا”
ضحك قائلا
” طب اسمعي بقى يا هبله علشان لما قلك انك على نيتك تصدقيني
اللي عامل نفسه ابن عمك دا
كان عايز يموت الجنين، وكان عايز يخليني أشك فيك انك بتخونيني و مراته السابقة كانت هتشوه وشك و جيتلي الوكالة وقالت انك على علاقة بجوزها ”
كادت ان تتحدث بصدمة مبراءه نفسها لكن وجدته يبتسم وهي يربت على يديها باطمئنان
” انا عمري ما اشك فيك يا زينب…. المهم
بعت البت اللي اسمها عفت دي و كانت بتلعب بدماغك ”
قال تلك الجمله من بين أسنانه بعتاب ليكمل بهدوء وهو يرى صدمتها الواضحة
” عفت كانت بتحاول تصورك صور وانتي في البيت و بلبس البيت و أحيانا كانت بتصور هدومك و قمصانك نومك….
و الهانم حضرتك علشان مغفله كنتي بتسيبي موبيلك قدامها وهي فتحته بسهولة و كمان عملت اكونت باسمك و فتحت كلمت شخص و بعتت الصور و و طبعا كتبت كلام زباله، ميخرحش الا من واحدة مشفتش بربع جنيه تربيه،
و كأنها بتكلم شاب و بتقول انك بتحبيه و مستغفلني و بتصوري هدومك له و في صورة ليك واضح انها خدتها وانتي تعبانه بعد ما عرفنا خبر الحمل لما كانت بتطلع تنضف و انتي كنتِ بقميص النوم
وبعتت الصورة للاكونت دا المهم علشان انا دمي محروق لوحدي…. ”
انسابت دموعها بخوف و حزن قائلة:
” في حد شاف صوري دي يا صالح ”
اغمض عينيه بالم وهو ينظر لدموعها قائلا:
” لا يا قلب صالح الموبيل اللي اتبعتت له الصور معايا و اتمسحت و طلع دا اكونت بتاع عفت باسم راجل و كانت بتبعت الصور لنفسها بس باسم راجل”
صمت لبرهة ليكمل بجدية قائلا:
“لما روحنا المنصورة حطيتلك مادة سامة في العصير تاذي الجنين و تخليه ينزل لكن امر الله و ارداته كانت فوق الكل و دب الروح فيه
وقتها خديجه كانت خايفه و انا بثق فيها هي و كرم لأنهم معانا من زمان اوي
وقتها طلبت من خديجه تراقب عفت لحد ما مره في مرة سمعته بتكلم رشاد و بيطلب منها تراقبني….
وقتها عرفته ان هو وراء اللي حصل فحبيت اردله اللي عمله
زرعت ناس يشتغلوا في مصنع البسكوت اللي عنده و عرفت ان في مواد منتهيه الصلاحيه و طبعا جبت دليل و نزلت بيه في الاخبار و أسهم شركات وقعت في الارض
بعدها اشتريت الاسهم بالسعر اللي يخليه ميعرفش يعوض الخسارة لكنه فلت منها و انا اشتريت اسهم شركاته
و بعد كدا بعتها بالسعر اللي انا عايزه و أعلنت ان انا اللي اشتريتها
رشاد طبعا لما عرف حب ينتقم فخلي عفت تراقبني انا عن قرب و تنساكي شوية
كلمت علي وحطينا كاميرات مراقبة في بيتنا و بيت بابا علشان اللي اسمها عفت تكون تحت عنينا……
عملت تمثيليه كدا و خليت على يقول في السوق ان وكالة الشهاوي بتخسر و في مشاكل ماليه،
بعد كدا خليت عفت تسمعني وانا بقول اني داخل مزاد مهم هيعوض خسايري و ان في خسارة كبيرة بتعرضلها
وقتها كنت واثق ان رشاد هيدخل المزاد دا و لما كنت بعلي عليه كنت متأكد ان حقده وغله هيخليه يزود لحد ما استوى”
ردت زينب بذهول مستفسرة
” طب لو كان رسى عليك المزاد كنت هتدفع المبلغ دا كله منين”
ضحك بخفه زادت وسامته قائلا :
” اولا الحمد لله الخير كتير، ثانيا انا جدي شريف الهلالي و سليمان الشهاوي و ابويا جلال الشهاوي يعني دماغ توزن بلد
وناس يعرفوا يعملوا القرش بتعبهم و شقاهم و لازم نتعلم منهم،
ثالثا و الأهم حتى لو المزاد رسى عليا مكنتش هخسر كتير لان المكن دا بتاعي اصلا و الفلوس كنت هبقي بدفعها لنفسي يعني مخسرتش حاجه ”
عقدت ما بين حاجبيه قائلة:
” مش فاهمه ازاي يعني”
زفر صالح بجديه قائلا:
” شوفي دا مكن خردة بتاع مصنع القماش ”
” اللي كنت شغاله فيه؟ “سألته بفضول ليؤمي لها بجديه
” ايوة هو…. المصنع دا كان فيه مكن كتير خرده، جالي فكره من مده اني ابيعه في المزاد العلني مكنش هيتباع باكتر من تلاته مليون
لكن اللي حصل اني اتفقت مع واحد اسمه فتحي و بيعتله المكن دا على الورق وبعدين خليته يعلن انه بيتباع في المزاد العلني
و خليت على يدفع رسوم المزاد و ادخله و بعد كدا رشاد يلبس فيها و انا ابيع الخردة اللي في المخازن و اللبسه في خساير و احبسه و المكن يبقى بتاعه وانا ليا الفلوس”
صمتت زينب محاوله استيعاب كل ما حدث من وراء ظهرها قائله بذهول:
” دا انت عندك حق دا انا طلعت هطله بجد”
لم يستطع كبح ضحكاته وهي تضع يديها على رأسها ببراءة محاوله استيعاب كل هذا لتصيح فجأه قائلة:
” دا انت ذكي….. يارب يطلعوا ليك”
تنهد قائلا بحب:
” انا نفسي يبقوا فيهم منك و طيبة قلبك بس طيبة القلب محتاجه عقل يا زينب يفكر في كل حاجه بتحصل لان لو مفكرناش هيتضحك علينا…”
أبتسمت براحة في حين انطلق هو نحو المخزن
ترجلت معه للداخل و لكن انصدمت وهي تنظر لرشاد يترنح أرضا يصرخ من الألم
بينما بجواره عفت وجهها متورم، و بجوارها امراتان تعرفت على واحدة منهما حيث كانت تلك المرأه التي ضربتها بالسوق و كادت ان تسكب حمض الهيدروليك (مياة النار) على وجهها
و بجوارها امرآه تبدو أنيقة ثرية “صوفيا”
صالح بصوت عالي :
“اهلا اهلا بالحبايب ”
امسك بيديها يجلسها على احد الكراسي قائلا:
“تعالي بقى اعرفك على الحبايب
رشاد بيه الشافعي اللي حاول يخرب حياتنا علشان هوس جواه و حقد غل طمع في كل حاجه… واحد زباله يفكر في مراتي وهو في حضن اي واحدة من الشمال بتوعه
ودا بقى انا ناويلك على نيه سوداء”
أتاها صوت رشاد بضعف قائلا باستفزاز:
“فاكر ان كدا هتقدر تسجني كلها كم سنه و اطلعلك”
في تلك اللحظه صدحت ضحكت صالح قائلا:
” تطلع… تطلع مين يابا…. دا على جثتي
انت فاكر انك هتدخل السجن علشان الكم مليون دول.. توتو… انت هتدخل علشان أوراق التزوير و الرشاوي والشغل المشبوة و الفلوس الي عليك دا انا مجهزلك حاجات تخليك تقعد في السجن العمر كله…..
تيجي بقى لعفت الكلب اللي دخلت بيتنا و اعتبرنها واحدة مننا قامت عضت اليد اللي اتمدت لها و حاولت تقتل ابننا و تشكك في مراتي و تزرع جواها خوف و قلق”
حاول عفت التبرير لتجد كف ينزل على وجهها من تلك المرأه التي تقف وراها
أبتسم صالح قائلا
” متقلقيش يا فوفا هما هيادبوكي في السجن ان شاء الله… ”
نيجي لصوفيا هانم بنت الحسب و النسب و الله انا حزين عليك واحده زيك تؤدي نفسها في داهيه علشان ده يا خسارة بجد
حاولت تشوهي سمعة مراتي و تحرقي وشها علشان جوزك النتن دا يبطل يبصلها
كان أولى انك تحرقيه، حبتيه وهو سارق فلوسك و مرمطك….
بعتي الستات دول علشان يضربها لكن متعرفيش ان بعد الحادثه باسبوعين الستات دول كانوا مرمين هنا وحطهم الأسود ان الكاميرات جابتهم
نفسي افهم استفدتوا اي من شركم دا… عايزك تروقلي الكلب دا و عفت دي لازم تتوصي بيها”
ساعدها في النهوض ليغادر المكان بينما شعرت هي لاول مرة بحجم ما كان يعرض حياتها… لما كل هذا الشر؟!
________________________
في المنصورة
فتحت بيلا عينيها بتثاقل لتقع عينيها عليه ينام بجوارها محتضنا اياها برفق
ابتسمت بشرود و هي تمرر يديها على ذقنه الخفيفة معطيه اياه وسامة جذابة
احقا هو معها الان يحضنها بعد كل تلك السنوات و بعد كل هذا الألم هو الآن معها
انسابت دموعها بخوف متذكره احدي الذكريات البشعه التي تعرضت لها في تلك المصحة النفسية
تشبثت ببجامته بقوة وهي تدس نفسها بداخل احضانه، نظر لها بهدوء يمد انامله يمسح دموعها المنسابه على وجنتيها قائلا برفق و حزن:
“حقك علي عيني يا بيلا حقك عليا انا، ياريتني ما كنت طلقتك ولا مشيت في اليوم دا، ياريتني كنتي خطفتك منهم و اخدت بعيد عن الكل”
رفعت عينيها تنظر له عن كثب قائلة بارتباك:
“عمر انت مش هتسبني صح؟ بالله عليك متمشيش تاني، انا خايفه اوي يكون حلم
زمان وانا في المستشفى كنت بحلم دايما بيك بتيجي تاخدني و نفضل سوا وفجأه يصحوني من النوم متمشيش علشان خاطري ”
قبل وجنتها بافتتان قائلا:
” مقدرش امشي المرة دي حقيقي يا بيلا حتى لو اتاخرت بي انا دلوقتي معاكي عارفه كل يوم كنت بقعد مع نفسي و افتكر لحظاتنا سوا و اول مرة لما شفتك في اوضتي وانتي بتاكلي من أكل و لما حدفتيني بالطوب و مقابلتنا و الف جنيه بتاعتك ”
اعتدل في جلسته وهي معه ليتجه نحو محفظته يجلبها، جلس بجوارها مخرجا من المحفظه الف الجنية ذلك المبلغ القديم الذي أعطته له
كادت ان تبكي وهي تمسك ذلك المبلغ و تبتسم:
” لسه معاك كنت وقتها فكراك بتستغلني علشان الفلوس دي مكنتش عارفه انك هتحتفظ بيهم… ”
ابتسم بسعادة وهو يخرج تلك السلسلة ليضعها بعنقها فكانت مطبوع عليها صورة قديمة لهم بعد زوجهما، كانت تحتضنه و تقبل خده بينما يحيط خصرها
“مفيش ذكره كانت بينا نسيتها يا بيلا لان محبتش غيرك في حياتي، كنت فاكر اني هقدر اتخطاكي و اتجوز و اخلف لكن برائتك وضحكتك و شغفك للحياة كان دايما بيطاردني”
أبتسمت بسعادة قائلة وهي تحاوط وجهه:
“انا بحبك و بموت فيك”
لم تكمل جملتها بينما انحني يقبلها بسعادة و لهفة و قد عاد لروحه ما فُقد منها يبُثها عشقه و يعزف ألحانه على أوتار قلبها العاشق له
_______________________
في القاهرة
جلست عصمت تتحدث الي والدتها قائلة:
“اهيه يا ماما دي صورتها تصدقي شبه عمر اللي عرفته ان في واحد اسمه منصور اخدها و هي طفله و رباها و دلوقتي متجوزه و حامل بس في مصيبة كدا انا مش عارفه افسرها”
ردت تفيدة بتعب قائلة:
“مصيبة ايه؟”
ردت عصمت وهي تخرج هاتفها تفتح معرض الصور لتعطيه لوالدتها
“شوفي دي صورة عمر وهو في قصر الدمنهوري و واقف معه بيلا و الشاب دا و دي…. تبقى زينب اللي هي ملك الرشيد
انا لحد دلوقتي مش فاهمه زينب ازاي مع عمر و بيلا و بيتعاملوا معها عادي، طب هما عارفين انها بنتهم، البت دي لو ظهرت هتورث عمر بكل ثروته دي….. انا بس مش عارفه ايه اللي جمعهم ببعض و ياترى عمر بيفكر في اي”
ردت تفيدة قائلة:
” الموضوع لازم فيه تفكير بعقل و هدوء و نشوف هنعمل ايه؟ ”
_____________________
في إحدى العيادات الخاصه
كان يجلس باسل أمام الطبيبه يضع سلق على الأخرى بتعالي بينما ينفث سيجارته
الطبيبة بحدية:
” باسل انت ليه عايز تتعالج دلوقتي ايه اللي غير وجهة نظرك و ليه شايف انك مريض نفسي”
رد بهدوء وحيرة ممزوجه بتنهيدة حزن:
“هتصدقي يا هدى اني مش عارف، انا بس تعبت، عارفه انا نفسي اكون انسان عادي،
جايز انا خايف اكون مؤذي للي حواليا يمكن عرفت دا لما قابلت نور
عارفة يا هدى
انا بقالي سنين بشوف نفسي بقيت شخص بارد الا أدام نور يمكن كل حصوني ضعفت و بقيت احس، خوف اني افقدها، احساس بالذنب اتجاه والدتي، رغبه في تغيير حياتي لكن برضو حاسس ان في شخصية جوايا مسيطرة عليا اني لازم اكون دايما مستعد لأي خسارة لأي خيانه و خايف الشخصية دي تدمر حياتي علشان كدا انا هنا.. انا خايف اكون زي ابويا و اخسر كل اللي حواليا انا مش عايز اكون زيه
ابتسمت هدى بلباقة قائلة:
“خوفك و احساسك باللي حواليك دا لوحده انجاز يا باسل لان اهم خطوه في العلاج انك تكون متصارح مع نفسك حقيقي انا فرحانه لك و واضح ان نور دي ليها تأثير قوي”
أبتسم باسل بهدوء عند تذكر لتلك المجنونة
في حين نظرت له هدى بجدية قائلة:
“شوف يا باسل كلنا في حياتنا بنمر بنكاسات وقتها بيحصل حاجه من الاتنين يا بنقوم و نكمل رغم العقبات
يا بنحبس نفسنا في قوقعه خوف و ألم و انت للأسف حبست نفسك فيها طول السنين اللي فاتت، عقدتك من افعال والدك كان ممكن تخسرك نفسك و ينتهي عمرك بدون ما تحس بس دلوقتي لازم يكون عندك دافع
زي انك تكون زوج كويس و حبيب ليها و ان شاء الله في المستقبل اب و اخ مقرب من زينه و ابن كويس مع امك
و انا واثقه انك هتقدر تتعافي…. ”
أبتسم باسل بهدوء شاعرا ببعض الراحه النفسيه وهو ينظر لها
google-playkhamsatmostaqltradent