Ads by Google X

رواية لا تلتمس مني حبا الفصل التاسع عشر 19 - بقلم رانيا الخولي

الصفحة الرئيسية

  رواية لا تلتمس مني حبا كاملة بقلم رانيا الخولي عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية لا تلتمس مني حبا الفصل التاسع عشر 19

أغلقت حنين الباب دون أن يشعر بها أحد وهى تحاول كبت العبرات التى تجمعت داخل عينيها


صعدت إلى غرفتها ولم تنتبه لصباح التى تحدثها

لم تنتبه لأى شئ سوى كلمات والدته التى تتردد داخل أذنها

لما فعل ذلك ؟ لما تحمل بغضها واتهامها له بأنه قاتل

لما تركها تتعذب بعشقه وتعاني من عذاب ضميرها ظناً منها أنه مجرم وقاتل

ولأجل من ؟

لأجل من يحاولون التخلص منه والقضاء عليه

كى يكون تحت طوعهم .

وسلمى تلك الحقيره التى تتعاون معهم

تذكرت بغضها لها وكم حاولت أن تشجعها على الهرب منهم

وهى بكل جهل طاوعتها

جلست على المقعد وهى تضع وجهها بين يديها وتترك العنان لدموعها وصرخاتها المكتومه تهز جسدها بعنف

تذكرت اهانتها له….. تذكرت عندما قامت بإطلاق النار عليه…


كل هذه الأفكار تجعلها تصرخ أكثر وتود أن تطلق لصرخاتها العنان حتى تخرج تلك الآلام التي تجثم على صدرها

تذكرت الماضى بألامه منذ موت والدها وزواجها من سالم الذى برغم حبه الشديد لها إلا أنه عيشها داخل جحيم الشك

وبعدها سقوطها بين يدى هؤلاء المخادعين

تذكرت كلمات زهره الأخيرة

وكيف اوصتها عليه قبل ابنها

إذاً فقد كانت تعلم بحقدهم عليه

وهى بكل سهوله سقطت فى محيط مكرهم

ورفضت حبه الذى كان ومازال يطالب بعشقها .

شعرت بحنين جارف إلى والدتها

تريد الإرتماء داخل أحضانها …. تريد التحدث إليها لتشكوا لها تلك الآلام التي تمزق قلبها

أمسكت هاتفها بيد مرتعشه تبحث عن رقمها حتى عثرت عليه ؛ ازدادت عبراتها تدفقاً وهى تردد تلك الكلمه التى افتقدتها من سنين

ضغطت على زر الاتصال وقد اشتد نحيبها عندما سمعت صوت والدتها تسأل عن هوية المتصل ، لكنها لم تجد منها رداً سوى البكاء وبفطرت قلب اشتاق لقطعه منه قالت بصوت خافت

_ حنين؟! بنتى؟!

هزت حنين رأسها بانهيار أشد وقالت بنحيب يهشم القلوب

_ ماما……

لم تستطيع والدتها الرد عليها من هول المفاجأة بل ردت عليها أيضاً ببكاء أشد ثم قالت بقلب منفطر

_ بنتى…. أخيراً ياحنين حنيتى عليا!

ردت حنين من بين شهقاتها

_ ماما … أرجوكى .. انا محتجالك …محتجالك آوى

أغمضت حنين عينيها تحاول السيطرة على حريق قلبها واردفت

_ تعبت مش لاقيه غيرك اشكيله….. ماما محتجالك

ردت والدتها ببكاء أشد

_ وانا اكتر ياحنين وحشتينى آوى…. حاولت كتير اوصلك بس غصب عنى معرفتش……

اومأت حنين يتفاهم وقالت برجاء

_ أرجوكى ياماما ….لازم اشوفك…. محتجالك بجد

_ حاضر ياقلبى قولى عنوانك وانا هجيلك لو فيها طردى من البيت

هزت راسها بالنفي وتذكرت تهديد عمها وقالت بتفاهم

_ لا مينفعش عشان اخواتى ……لازم تتحملى عشانهم ….

ردت والدتها بإصرار

_ لأ كفايه لحد كده انا هاجى واللى يحصل يحصل

أغلقت حنين عينيها تحاول السيطرة على عبراتها وقالت

_ اتحملى لحد ليلى هى كمان مايتخرج وبعدها مش هنكون محتاجينه.

أغلقت حنين الهاتف قبل أن تسمع رد والدتها

فهى تعلم جيداً أن لقائهم سيتسبب فى ضرر كبير لوالدتها

ظلت عبراتها تدفقاً من مقلتيها تلعن ذلك الحظ الذى تتعسر به دائماً ….. وكم تمنت فى تلك اللحظه أن يعود بها الزمن للوراء ، واااااه لو فعل لكانت الان تنعم باحضان عائلتها مهما كانت قسوتهم ستكون ارحم بكتير مما تعيشه الآن


حتى عندما وجدت من التمست منه الحب والأمان آذته بكل الطرق ولم تكن وقتها تعلم بحقيقة الأمر وتركت ظنها السئ به وتهورها ليدمروا كل شىء

نظرت إلى الغرفه من حولها وتذكرت صباح عندما أخبرتها بأمرها وأنه أراد أن يعيش بداخلها مع من أحب

وهى بكل بساطه دمرت أمنياته فى حياة هادئه مستقره مع من أحب، وجعلت منها غرفة شقاء وتعب له

تذكرت تقبيله لها، كانت قبله هادئه تحمل بين طياتها الكثير من الشوق المضنى ولم تكن بدافع الرغبه ، بل بدافع الحب الذى شعرت به وهى بين أحضانه.

كيف سمحت لهم بخداعها حتى يصل بها الحال لقتله.

لقتل من احاطها بعنايته وحبه الذى انكرته ودهسته بقدميها

ظلت على حالها ترفض الخروج من الغرفه متعلله بأنها مازالت مريضه….. حتى عاد إلى المنزل.

انقبض قلبه خوفاً عليها وتسأل عن عدم وجودها فأسرع بالصعود إليها عندما أخبرته صباح بأنها مازالت مريضه.

دلف الغرفه فيجدها نائمه على الفراش ضامه ساقيه إلى صدرها وآثار البكاء مرتسمه على ملامحها

ألمه انطفاءها بهذا الشكل وتلك الدمعه التى سقطت من عينيها على قلبه تكويه كالنيران

تقدم منها بخطوات ثابتة وعينيه لا تنزاح من عليها حتى جلس بجوارها

فمد يده بتلقائية يمسحها دمعتها كما يود أن يمحوا كل أحزانها معها بسحبت يد واحده منه كما فعل فى تلك الدمعه.

يعلم أن قسوته ازدادت عليها، وأنه يعاقبها على رد فعل طبيعى منها بعد ما سمعته باذنها

فقد ظهر أمامها مجرم قاتل استطاع الوصول إليها وقام بتلك الحيل كى يوقعها فى شباكه

فماذا ينتظر منها.

دقق النظر بأريحية فى ملامحها الهادئه والتى بنظره واحده بها تجعله يرضخ لها وتلين قسوته وجبروته أمام نظره واحده منها .

فقد تناسى كل شئ فور أن وجدها تقتحم منزله بقوتها الزائفه

أراد حقاً معاقبتها على تركها له لكن عقابه تلاشى فور رؤيتها .

هم بالابتعاد لكنه تصلب عندما وجدها ترمش بعينيها قبل أن تفتحها وتنظر إليه

فحمحم بإحراج وقال وهو يبتعد عنها

_ كيفك دلوجت؟

كانت نظراتها إليه تحمل الكثير من الاعتذار لكنه لم يفهم ما تود العيون قوله

نظرت إليه وهى تود قول الكثير لكن لسانها أبى أن ينطق

فقالت بامتنان

_ الحمد لله احسن بكتير

تهرب بعينيه منها كى لا يضعف كعادته أمامها وابتعد قائلاً

_ انا هنزل اخلى صباح تجهزلك الع…..

قاطع صوته صوت حنين قبل أن يخرج وهى تقول

_ قاسم

تسمر فى مكانه عندما سمع اسمه من بين شفتيها وظل على حاله ولم يلتفت إليها ، يخشى الالتفات فيرى فى عينيها تلك النظرات التى تقتله بحدتها واتهاماتها

فقال بثبات زائف

_ فى حاچه؟

تقدمت منه وخطواتها التى تضغط بها على قلبه الذى ينبض بشده جعلته يزدرأ ريقه بصعوبه والظنون تتلاعب به

وخاصة عندما وقفت أمامه تنظر إليه نظرة يملأها العتاب وقالت

_ ليه ياقاسم؟

رمش قاسم بعينيه بعدم استيعاب وقال وهو يبتعد عن نظراتها الغامضه

_ ل..ليه…ايه؟ مش فاهم

تقدمت خطوه اخرى منه وكانت القاضيه على قلبه الذى أخذ ينبض بعنف شديد حتى سمعها تقول بعتاب

_ ليه سيبتنى اتهمك وانت برئ؟ ليه مقلتليش على الحقيقة؟

عقد حاجبيه بعدم فهم وقال

_ حجيجة!! حجيجة ايه؟

دققت النظر داخل عينيه وقالت

_ أن فهد هو اللى قتل سالم مش انت.

انقبض قلبه واتسعت عيناه ذهولاً من قولها ومعرفتها بهذا الأمر؛ من اين لها أن تعلم بهذا الخبر؟

من يعرف بحقيقة الأمر غير عمه وأخيه؟

ومن المستحيل أن يعترف فهد على نفسه.

ربما تكون والدته؟!

لكن محال أن تكون هى لأسباب عديدة

فمن إذاً؟

كما أنه قد تركها فى الصباح وهى مازالت على موقفها منه فماذا حدث إذاً؟

انتبه على صياحها وهى تقول بعتاب لا يرحم ودموعها تنزل بغزاره

_ رد عليا…… ليه خبيت عليا الحقيقة وسيبتنى لعذاب ضميرى انى حبيت اللى قتل ابو ابنى، ليه؟

رغم سعادته باع

ضيق قاسم عينيه وهو ينظر داخل عينيها قائلاً

_ عرفتى منين؟

قصبت حاجبيها بحيرة من سؤاله وقالت

_ هو ده كل اللى يهمك؟ عرفت منين !

أدار لها قاسم ظهره وقال بتهرب

_ أيوة رايد اعرف عرفتى منين، ومين اللى جالك حاچه زى أكده محدش يعرفها واصل غير عمى واخوى والحاچه مستحيل تجولك

يبجى من حجى أسألك مين اللى جالك.

ماذا ستفعل الان امام إصراره ؟ هل ستخبره أن والدته جاءت إلى هنا كى تكمل خطتهم وتفرق بينهم ام تصمت كى لا تقوى العداوه بينهم فقالت بتردد

_ انا كنت دخله عندها ولقيتها بتكلم فهد اخوك فى الموضوع ده……

توترة عندما لاحظت نظراته الثاقبة لها وكأنه يتأكد من صدق كلامها وقال

_ بس كده؟

اومأت بصمت ثم أدارت الدفه جهته حتى لا يشعر بشئ وقالت

_ ممكن بقى تعرفنى ليه خبيت عليا؟

أخرج تنهيده عميقه من صدره ونظر إليها وعيناه لا تنزاح من عليها

ولم يستطيع النطق بشئ واكتفى بالصمت حتى تهدئ قليلاً

لن يستطيع قول الحقيقة وهى بتلك الحاله ، عليه اولاً أن يستمتع بتلك اللحظه التى برغم مرارتها إلا أنه سمع اعترافها بحبه لاول مره

فاقترب منها ماداً له يديه ليحتويها بابتسامه واسعه رغم ما وراءها من حزن وقال

_ انا مش هسألك ايه اللى حصل ولا عرفتى إزاى ، ولا هحاول ابرر موجفى جدامك ، بس كل اللى هجدر اجوله دلوجت ، أن مش كل حاچه بتمشى على هوانا وكيف مااحنا رايدين

لا احيانا بتلزمنا إننا نسكت ونرضى بالظلم اللى محاوطنا عشان المركب تسير، لأننا لو عاندنا المركب هتغرق بينا كلنا ، ومتجلجيش هتعرفى كل حاچه بوجتها، بس دلوجت…….

قاطعته حنين بروح معذبه

_ دلوقت ايه؟ انا مش هقدر اكمل معاك والغموض محاوطك بالشكل ده ، لازم اعرف كل حاجه

تقدم منها خطوه اخرى وقد شعر بسعاده بالغه عند نطقها بتلك الكلمه التى أعطته امل جديداً وقال بخبث أراد بيه تغيير مجرى الحديث

_ انتى مش عرفتى الحجيجه ، واعترفتى بلسانك باللى جواكى

ارتبكت حنين وحاولت ابعاد يديه عنها وهى لعلمها بأنه يريد تغيير مجرى الحديث وقالت

_ أنا…أنا معترفتش بحاجه …. مفيش حاجه أصلاً عشان اعترف بيها

رفع حاجبيه بلؤم وقال

_ يعنى الكلام اتبخر اوام أكده ! على العموم انا مكتفى بيها لحد ماتيجى بنفسك وتعترفى باللى چواتك

خرج من الغرفه قبل أن تمنعه وقد تبدلت ملامحه لقسوة عارمه وهو يتجه لغرفة والدته، لقد ساوره الشك عندما وجدها بصحه جيده عكس ما كانت تدعيه عندما ذهب لرؤيتها، إذا كانت هذه احدى الاعيبه سيعمل على افشالها

  اقتحم الغرفه بغضب هادر فوجدها جالسه على الأريكة بجانب الفراش فتقدم منها وهو يحاول ضبط أعصابه قبل أن يقول بتهديد

_ لو كنتى چايه اهنه عشان تفرجى بينى وبين مرتى فأنا بجولك متتعبيش حالك لأن حركاتك دى هتخلينى اتمسك بيها اكتر .

رايده تبجى معاى يبجى ملكيش صالح بمرتى واصل.

رفعت نظرها إليه ببرود يتنافى تماماً عمّ بداخلها من نيران

_ هى دى اخرتها ياجاسم تيجى على اللى ربتك وعملت منك راچل لاجل اللى هربت منك بعد ما……

قاطعها قاسم بصوت هادر

_ ميخصكيش ، اللى بينى وبين مرتى ميخصكيش ودا اخر تحذير ليكى، وكفايه انى اتغاضيت عن اللى عمله ابنك واللى لسه بيعمله، ولو كنتى فاكره انى معرفش هو بيدبر لأيه تبجى غلطانه

واحمدى ربنا إنى لسه باجى على اللى بينا

أنهى حديثه وخرج من الغرفة ثافقاً الباب خلفه بحده وتوجه إلى خارج المنزل

********

ظلت نظراتها مصلطه على بوابة المنزل تنتظر عودته بقلق بالغ، فمنذ أن سمعت شجارهم وهى تشعر بالاستياء من نفسها ماكان عليها أن تخبره.

كان عليها التمهيد والتمهل قليلاً قبل إخباره، فالعلاقه بينه وبين أخيه ووالدته لا تتحمل مصادمات أخرى .

لكن ما يحيرها أكثر تعامله الجاف معها ، ليس علاقة ابن بوالدته

لقد علمت الان سبب بغضها لفهد لكن والدته لا تعرف سببها بعد .

فهد ذلك الذى قام بقتل سالم يقف أمامها بكل هدوء كحمل وديع وكأنه لم يقتل زوجها ، والأدهى من ذلك أنه أراد الزواج بها

لتكون هذه المصيبه الكبرى .

تذكرت سلمى التى تحالفت معه كى يقوموا بالتفرقه بينهم ، لكن لما ؟ ما غرضها من ذلك ؟

ظلت على ذلك الحال حتى تعبت من التفكير واكتفت بتلك الراحه التى تشعر به لاول مره منذ أن صدقتك كذبتهم

وعليها الآن أن تنتظره حتى تعتذر له عما فعلته به .

نظرت إلى ساعتها فوجدتها قد تعدت الواحده صباحاً

تزايد القلق بداخلها فأمسكت هاتفها كى تطمئن عليه لكنها وجدته مغلقاً

وضعت الهاتف جانباً وجلست على المقعد وهى تفكر فيما تنوى فعله بعدما علمت الحقيقة

هى حقاً ليست كامله وبها حلقه مفقوده ، لكن يكفى أنها اكتشفت برائته وان حبها له تحرر أخيراً من قيوده

فكم تعذبت وعاقبت قلبها على حبها له ظناً منها أنها احبت قاتلاً

ورغم قسوته عليها إلا أن قلبها مازال له عاشقاً ولذلك كانت تعانده فى كل شئ كى يشتد عقابها ويهتز حبها له

لكن قلبها عاند قبالتها ورفض الانقلاب عليه ليزداد تعلقاً به أكثر فأكثر .

انتبهت على صوت سيارته التى انعطفت لتدلف المنزل وينزل منها فتنفست بأريحية واسرعت إلى الداخل كى تستقبله لكنه لم يأتى ، ظلت واقفه تنتظر دخوله لكنه لم يأتى .

لم تستطيع الانتظار أكثر من ذلك وخرجت من الغرفه تبحث عنه حتى وجدته فى غرفة مكتبه طرقت الباب قبل أن تدلف للداخل وتجده مستلقى على الأريكة غارقاً فى سبات عميق ، تقدمت منه بحذر كى لا تقلق نومه وجلست على المقعد المجاور له تتأمله لأول مرة منذ زواجهم

لكن ذراعه الذى يضعه على جبينه أخفى عنها عينيه الحاده كعيون الصقر، وملامحه الصارمه التى برغم وسامتها الا أنها تجعل من أمامها يخفض عينيه خوفاً ورهبةً منه

لم تراه يوماً يمارس الرياضه ورغم ذلك تجد جسده رياضياً بشكل متناسق

وضعت يدها لا ارادياً على شفتيها عندما نظرة لشفتيه التى تذوقة شهد شفتيها .

لم تنسى قبلته ولا الهدوء الذى تعامل به معها

هل هى حقاً طريقته فى التقبيل ام تهاود معها حتى لا يجعلها تخاف منه ؟

ماذا أن اعاد طلبه مره اخرى ؟

هل ستسمح له بذلك ، ارتجفت بشدة عندما تذكرت لحظاتها مع سالم

هل سيعاد مره اخرى؟ لا لن تفعل؛ لن ترضى بتلك الاهانه مره اخرى .

انسحبت بهدوء وخرجت من المكتب متجهه الى غرفتها وأغلقت الباب خلفها بإحكام واندست بفراشها وجسدها مازال يرتجف من تلك الذكريات التى اقتحمت مخيلتها

*********

فى الصباح أصرت والدته على الذهاب من منزله والعودة إلى منزل فهد بعد أن فشلت اولى خطتها

لاحظت حنين تجنب قاسم لها ، وأصبح يقضى اغلب وقته في الخارج ويعود بعد أن يتأكد من نومها ويستلقى على الأريكة وعينيه الحاده تنظر إليها بعشق لا متناهى.

يعلم جيداً أنه قد تمادى فى بعده عنها خلال تلك الأيام ، لكن عليها التحمل قليلاً كى يضع حداً لكل من يحاول التفريق بينهما

وبعدها لن يجعلها تغيب ثانيه واحده بعيداً عن عينيه ولا ذراعيه التى تتوقى لضمها داخل أحضانه

لكن لابد أن تبادر هى بتلك الخطوة، لن يفرض مشاعره عليها مره اخرى

يعلم جيداً انها تبادله تلك المشاعر لكنها تأبى الاعتراف بها، لذا عليه أن يصمد قليلاً حتى تأتى إليه معترفه بعشقها له

أغمض عينيه يناشد النوم حتى لا يذهب إليها ويندس بجوارها محتوياً إياها بين ذراعيه.

أما هى فقد أخذت الظنون تتلاعب بها بسبب بعده عنها.

ماذا فعلت حتى يعاقبها بذلك البعد؟

نعم هى أخطأت وتمادت كثيراً لكن عليه أيضاً أن يلتمس لها العذر.

فقد سمعت كل شىء ولم ينكر عندما واجهته.

لا، هو حاول التحدث وطلب منها أن تسمعه لكنها أبت ذلك وحكمت عليه دون أن يرف لها جفن

لم تعد تستطيع تأنيب نفسها أكثر من ذلك فقامت من الفراش بعد أن تأكدت من نومه وخرجت إلى الشرفه مستنده على سياجها

تنظر إلى حديقة منزلهم تتنفس هواءها بعمق

تتذكر ما حدث لها منذ أن تعرفت على قاسم حتى وقتها هذا

تذكرت أوقاتها معه قبل أن تنخدع بمكر سلمى.

وكيف كانت نظراته لها تكشف مدى عشقه وولعه بها

وهى بغباءها دمرت كل شىء

_ واجفه لحالك فى وجت زى ده ليه؟

تفاجأت حنين بصوته الاجش فالتفت إليه لتجده واقفاً مستنداً على عرضة الباب فنظرت إليه نظره يملؤها العتاب وقالت

_ مفيش انا بس قلقت وقولت اقعد هنا شوية

تقدم منها قاسم ليقف بجوارها وقد شعر بنظراتها العاتبه ، حاول الثبات لكنه لم يستطيع

فقد أصبحت كورده ذابله من شدة الحزن الذى احتل ملامحها فأراد فى تلك اللحظه الاعتراف بما يجول بخاطره تجاهها لكن قبل أن يفعل ذلك عليه أن يمحى من أمامهم تلك النيران التى تهدد صفوهم كى لا يتكرر ما حدث من قبل

وبعد ذلك لن يبعدها عن أحضانه مهما حدث

فقال بثبات

_ تجعدى لحالك ولا فى حاجه مزعلاكى؟

هزت حنين رأسها بالنفي وقالت

_ لا مفيش حاجه مزعلانى خلاص اتعودت على كده

كان صوتها حزيناً جعل قلبه يأن ألماً عليها

فقال

_ اتعودتى على ايه ؟

_ اتعودت على حاجتين اتنين ياإما عصبيه وقسوة ، ياإما تجاهل وبعد ، مفيش حياديه

تاه قاسم فى بحور عينيها وحاول قدر المستطاع تهدئت قلبه الذى يطالبه باحتضانها ويرمى بتعقله عرض الحائط

فقال بثبات

_ ليه بتجولى أكده؟

أبعدت حنين نظرها عنه وقالت

_ تقدر تنكر أن من وقت معرفتنى الحقيقة وانت بتتجنب وجودى وكأنك مش شايفنى أصلاً

ليه مش قادر تقدر الحالة اللى كنت فيه وقت اللى حصل، فجأة لقيتنى عايشه مع الإنسان اللى قتل جوزى ويتم ابنى، وانا بكل غباء حبيته وكنت موافقه اكمل معاه ، لا وقبلها بلحظات كنت فى حضنه وبين ايديه

تفتكر أى حد مكانى كان هيعمل ايه؟

لو انتى مكانى فى الوقت ده كنت هتعمل ايه ؟ رد عليا

قالت كلمتها الأخيرة بعتاب قاتل جعله يرمى بكل شئ عرض الحائط ويسحبها من ذراعها يقربها اليه بلهفه وشوق مقبلاً إياها بلهيب عشقه لها وهى مستسلمه بين يديه من هول المفاجئه

وكان استسلامها له يلهب مشاعره ويجعله فى عالم آخر غير عالمهم

أما هى فقد الجمتها الصدمه وقامت بوضع يدها على صدره كى تبعده لكنه تمسك بها أكثر وجعلها تستكين بين ذراعيه

حاولت تجاهل نداء قلبها بالرضوخ له لكن كان الفوز حليفه تلك المره

فتشبث فى ملابسه وقد تراخت أعصابها وهى تشعر بتلك المشاعر لاول مرة .

قبلته كانت مختلفه خاليه من القسوة والتملك الذى كان يعاملها به سالم

بل قبله برغم هدوءها إلا أنها تحمل لهفه وشوق جعلها تستكين برضى بين يديه

ابعد قاسم وجهه عنها عندما لاحظ عبراتها التى تدفقت من عينيها وكم ألمه قلبه خوفاً عليها فخرج صوته متحشرجاً وهو يقول بقلق بالغ

_ حنين انتى بتبكى ليه؟ انا اسف إن كنت صايجتك

حاولت حنين السيطرة على عبراتها التى تتدفق دون إرادتها وهزت رأسها بالنفي وقالت

_ لأ مش ضايقتنى بس …..

لم تجد الكلمات التي تصف بها ما شعرت به بين يديه، كيف تخبره بطبيعة حياتها مع سالم والعنف الذى كان يتعامل به معها

رفع قاسم وجهها إليه ومد يده يمسح تلك العبرات التى مازالت تتدفق من عينيها واراد أن يمحوا أحزانها بيده كما يمحو عبراتها وقال بحب وهو يطبع قبله هادئه على عينيها

_ بس أيه؟

لم تستطيع حنين التهرب بعينيها من أسر عينيه وقالت بضعف

_ قاسم….. أنت لسه بتحبنى؟

ما هذا الذى قالته! كيف سمحت لنفسها بطرح مثل هذا السؤال!

هل تتسول الحب منه! ماذا أن أنكر ذلك! ماذا سيكون رد فعلها ، ماذا إذا كانت مشاعره تلك مجرد رغبه لا غير .

علم قاسم ما يدور بخلدها فأراد أن يطمئنها وقال بصدق

_ واكتر من الاول كمان، انا نسيت كل حاجه اول ما شوفتك

والتمست ليكى ألف عذر، مش عذر واحد

اقترب منها اكثر ضاماً إياها إلى صدره وهو ينظر إلى عينيها ويقول بحب

_ خالينا ننسى اللي فات ونبدأ صفحه جديده مع بعض

أخرج تنهيده قويه من صدره وقال

_ بس الاول لازم اتخلص من كل اللى اذونا وحاولوا يفرقوا بينا

لا تعرف لما انقبض قلبها خوفاً عليه بهذا الشكل

نظراته الهائمه تحولت بنظرات كلها وعيد وانتقام ، لا تريد أن تخوض حرباً أخرى، تريد أن تنعم بالهدوء والراحة معه، يكفى ما حدث معهم حتى الآن، فليغلقوا بابهم بعد أن يلقوا كل شىء متعلق بالماضى ويعيشوا للحاضر فقط لن يفكروا حتى فى المستقبل

فقالت برجاء

_ قاسم أرجوك تنسى كل اللى فات، انا عن نفسى مسمحاهم خالينا نتركهم لربنا هو المنتقم ونعيش لأولادنا

هز قاسم رأسه برفض وقال

_ مش هينفع، لازمن الكل يتعاقب عاللى عمله واولهم فهد أخوى

أمسكت حنين يده وقالت برجاء

_ الانتقام لو اتملك من قلبك هتلاقى حياتك كلها جحيم، متسيبش نفسك ليه

ومتنساش ربنا يمهل ولا يهمل

نظر قاسم فى عينيها فوجد فيهما نظرة يملؤها الرجاء والحب فى آن واحد فرفع يدها الممسكه بيده وقربها من فمه ويطبع عليها قبله ناعمه وقال

_ انتى بتحاولى تغير الموضوع عشان متتعقببش عاللى عملتيه

google-playkhamsatmostaqltradent