Ads by Google X

رواية اوتار حاده الفصل السابع 7 - بقلم مروه اليماني

الصفحة الرئيسية

    رواية اوتار حاده كاملة بقلم مروه اليماني عبر مدونة دليل الروايات

رواية اوتار حاده

رواية اوتار حاده الفصل السابع 7

توقف ياسين بدراجته البخارية أمام منزله وما زال عقله مشغول بما حدث, ‏رغم أنه كلما التقي بها, وما تفعله من إهانات متكررة لا يستهان بيها ولا ‏تدل إلا علي الوقاحة, لكن ثمة شيء فيها أعجبه, ربما لأنه لم يرئ مثلها من ‏قبل, أو ربما لقلة معرفته بالجنس الأخر, فهو لم يحب من قبل, وأيضاً لا ‏يريد الحب, ليس كره فيه أو في جنس حواء, أنما انتظار لحب حلال, يبدأ ‏بعقد قران وينتهي بأخر نفس في الحياة, ثم يحي من جديد في جنة الخلد, ‏حيث اللانهاية . ‏

فكر مرة أخري في الفرق الذي بينها وبين إيمان, لكن تلك المره كانت ‏مختلفه لأنه تذكر أيضاً الاختلاف الذي بينه وبين أصدقائه, لم يكن كبير في ‏الحقيقة, فهم يصلون ولكن مصطفي مثلا ليس عنده مانع في مصافحة أمراة لا ‏تحل له! , وكثيراً ما يخبر ياسين أنه متعصب دينياً ولكنه لم يكن يرد عليه, ‏لأن الفرق بينهم نابع من اختلاف أسرهم أو ما تربوا عليه, ورغم أن مصطفي ‏وعاصم أولاد عم وتربوا أسفل سقف واحد, ولكن والد عاصم كان مثل ‏والده رباه علي الدين وشابا عليه كما يقال, وهنا أحتار عقله كيف لإخوان ‏كوالد مصطفي ووالد عاصم أن يربيهم أب واحد ولكن ينشأ بينهم هذا ‏الاختلاف, تبسم حين تذكر أنها سنة الحياة وأنا قبيل وهابيل نفسهم أكبر ‏دليل علي ذلك, فقد كانوا أبناء آدم أول الخلق وأبونا وأبو الأنبياء وأول ‏الرسل ومع ذلك ومع تربيته لأبنائه وتعليمهم أصول الدين إلا أنهم كانوا ‏مختلفين, أحدهم كريم والأخر بخيل, متدين يحي لأجل ربه وأخر يعبد ربه ‏ولكن الشيطان تمكن منه لضعف إيمانه, سنة الاختلاف ستظل حتي فناء ‏الدنيا .‏

نظر لمنزل شيرين وتذكر مافعله معها, لم يراها منذ ذلك الصباح, ويعتقد أنها ‏لم تخرج من منزلها هذا ما أ كد له أن شكوكه كانت في محلها, لكن ماذا ‏عساه كان يفعل ؟! . يعلقها به ويحمل ذنبها, لن تتحمل روحه زنب أخر ‏يكفيها ما تحمله . أطلق زفير يضاهي عنان السماء, زفير مشتعل يخرج النار ‏التي تحرق قلبه وعقله وجسده, النار التي جعلته بلا روح, لكنه ما زال ‏يبتسم, كأنه يبتسم عند في الحياة أو عند في الصبر . ‏



لم تكن حالتها أقل من حالته, كانت متوترة, غاضبه من نفسها ولسانها ‏الطويل الذي تندفع منه الكلمات دون تفكير أو ترتيب, غاضبة من تعاملها ‏معه بتلقائيه, ولأول مرة تتعامل مع أحد بتلك الطريقة, كيف سمحت لنفسها ‏أن تفعل ذلك ؟! , لكنها تشعر أن هناك شيء في ياسين يجذبها, ربما ‏أخلاقه التي قل ما ‏

تجد أحد بها في مجتمع صار يقلد الغرب تقليد الأعمى! , قلة ردوده علي ‏إهانتها وعدم رد الإساءة بالإساءة, تذكرت شروده وصمته في الدقائق التي ‏سبقت رحيله والذي كان يدل علي عدم ارتياحه في التواجد معهم, سخافتها ‏معه (غبيه) هذا ما قالته لنفسها وهي تعنفها علي ما فعلته .‏

استيقظت وهي تشعر بتيارات الهواء الباردة, فقد غفت في الشرفة وهي ‏تفكر في ياسين, ضمت كتفيها من برودة الجو ولكنها تعجبت حين نظرت ‏حولها ... الجو مظلم لم تكن الشمس أشرقت بعد, أسرعت للداخل ولكن ‏النوم لم يخطي أعتابها مرة أخري .... ظلت جالسة علي مقعدها بالغرفة تضم ‏قدمها من البرودة .... خطر في ذهنها أن قراءة أحد الكتب في الطب والتي ‏تعشقها علها تسيطر علي عقلها وتطرد منه ياسين ... أشعلت المدفئة وحملت ‏كتابها وظلت تقراءه . حين اقتربت من السابعة نهضت مسرعة بعد تلك ‏المجاهدات للتركيز في الكتاب, قررت الذهاب لأمها لتطمئن عليها وتتحدث ‏معها أيضاً, لتعطيها النصيحة .‏



في منزل شيرين دلفت والدتها لغرفتها مجدداً وجدتها كم هي....كما تركتها! منذ ‏الصباح الذي عادوا فيه من طنطا والتي تغيرت معه أحوال أبنتها لا تعرف ‏السبب, لكن وجهها الشاحب ورفضها للطعام زاد قلقها فتركت عملها ‏وجلست بجوارها تحاول أن تعرف سبب حزنها ولكن دائماً الإجابة تكون ‏واحده الصمــــــــــــــــــــت! ‏

جلست بجوارها علي الفراش وظلت تمسد شعرها بينما هي شارده في عالم ‏أخر, تنظر الي النافذة الزجاجية المغلقة بصمت, قالت والدتها: هتفضلي كدا ‏كتير ؟! .‏

تابعت حين طال صمت شيرين : يا بنتي حرام عليكِ نفسك هتموتي من قلة ‏الاكل .‏

‏_: طب مش هتروحي شغلك .‏

‏_: هو لقي زعلك, أو أتخانقتوا عشان الشغل؟ .‏

‏_: يا بنتي طب ردي حتي طمنيني عليكِ.....قلبي بيتقطع طول مانا شيفاكِ ‏كدا ‏

رققت تلك الكلمات قلبها أخيراً, رقت لحال أمها فقالت : لا يا ماما لقي ‏ملوش علاقه بحاجه .... أنا بس تعبانه شوية ومش هقدر أروح الشغل .‏

‏_: طب قومي ناكل, أمسكت يدها وأردفت : قومي يا بنتي ربنا يهديكي .‏

نهضت بتكاسل لكنها ظلت جالسه علي مقعدها تنظر لطعامها فقط وأحياناً ‏تتعلق عينيها بالباب, فترجعها سريعاً, كانها لا تخرج فقط كي تتحاشي لقاء ‏ياسين .‏

نظرت لها والدتها وقالت : مطلعتكيش من أوضتك عشان تقعد تتفرجي علي ‏الاكل.‏

تناولت الملعقة وبدأت تأكل ببطء وعقلها ما زال في عالم أخر .‏



ظلت عصمت تنظر لزوجها وهو يتناول طعامه بين الحين والأخر, تفكر ‏كيف تبدء, ولحسن حظها لم يكن هناك أحد معهم, هي وهو فقط والباقي ‏خارج المنزل .‏

قالت بمكر وهي تصطنع انشغالها في الطعام الذي أمامها: مش غريب أوي ‏أن نور تخرج كل يوم الصبح بدري كدا ؟! يعني مش معقولة كل يوم تزور ‏إيمان زي ما بتقول! .‏

لم يجيب ياسر لكنها لاحظت التغير الذي طرأ عليه, وتقلب صفوه, فأكملت ‏مسرحيتها قائلة :‏

يعني أنا مش قصدي حاجه, أنا لولا خايفه علي نور وبعاملها زي بنتي ‏مكنتش قلقة عليها كدا أو حتي كلمتك في الموضوع .... بس حكاية خروجها ‏كل يوم بدري زادة عند حدها ... الواحد بيروح لأصحابه يوم أو أتنين ‏تلاته بالكتير ... وكمان في مواعيد متاخره عن كدا شوية .‏

نهض ياسر وقال : خلاص.... خلصتي, ثم تركها ورحل بعدما أخذ ‏مفاتيحه وهاتفه.‏

رحل من أمامها وهي تنظر له بنظرة تشبه نظرات الأفاعي, تخبر من يراها ‏أن خلفها الكثير, كانت متأكدة من وصول سمها لقلبه وعقله, وأن خطتها ‏تسير علي النحو الذي رسمته .‏



اه يانا منك يا نور .... أسمعي ولو أني عارفه أنك مبتسمعيش الكلام .... ‏إلي فات كوم وإلي جاي كوم تاني يا نور .‏

قالتها زينب بعدما أنتهت نور من سرد ما حدث في لقائيها الأخرين بياسين, ‏نظرت لها نور بعدما لم تفهم كلامها, فقالت زينب :‏

يعني لو شفتي الشخص دا تاني متتعامليش معاه أصلاً ....كفاية أوي الي ‏حصل لحد كدا .‏

‏_: بس أنا اعتذرت .‏

‏_: الحمد لله, أنا مش عارفه أصلا أزاي توقفي وكمان تقعدي مع حد ما ‏تعرفيهوش .‏

‏_: حلاص بقا يا ماما إلي حصل حصل وبعدين هو مشي أصلاً مفضلش ‏كتير, وحضرتك معاكي حق .‏

‏_: والله محترم وعمل الي حضرتك ماغملتهوش. مانا معاي حق علطول... ‏أنتي مفيش مره سمعتي فيها كلامي ولا نصايحي .... اه لو تريحيني يا بنتي ‏‏...نفسي أموت وأنا مطمنه عليكي يا بنتي .‏

قالت نور وهي تضم أمها :بعد الشر عليكِ يا ماما .... متقوليش كدا تاني ‏عشان خاطري .‏

‏_: يا بنتي كلنا لها في النهاية .... الحاجه الوحيدة الي مفيش منها هروب .‏

‏_: ربنا يجعل يومي قبل يومك .‏

‏_: بعد الشر عنك ... ربنا يطول في عمرك لحد ما تفرحي وتتهني .‏

‏_: أنتي أحلا وأحن أم في الدنيا .‏

‏_: وأنتِ أجمل بنت في الدنيا .... بس لو تسمعي كلامي وتت..‏

قاطعتها نور قائله : طب ممكن نكمل كلامنا باليل عشان أتاخرت علي ‏الجامعه .‏

‏_: متاكده أنك هتيجي باليل .‏

هزت رأسها إيجاباً, ثم أخذت حقيبتها وقبلت جبين أمها ورحلت .‏



كان عصام يجلس في مكتبه يفكر فيما فعله مع ساره, دلف شريف وجلس ‏أمامه, ظل كلاهما صامت شريف يتابعه في صمت وعصام شارد كأنه لم ‏يشعر بوجوده من الأساس, حتي قطع هذا الصمت شريف حين قال: ‏

مالك! ....‏

‏_: سبت سارة! .‏

نظر له بتعجب, ولكنه صمت حتي يتابع عصام كلامه فقال له بعد صمـــت ‏وهـو يسترجع كــل ما حدث معهم في الكافية بالأمس .‏

قال له شريف معاتب : أنا مقدر أنك خايف, ومش عايز تظلمها معاك بس ‏أنك تسيبها دا أكبر غلط عملته يا عصام, طب بعد ما سبت سارة ‏‏....هتفضل عازب عشان أنت ظابط وممكن تموت في أي لحظة .‏

‏_: أُمال أتجوز واحده وأموت وأسيبها .... أنت لو مكاني كنت هتعمل كدا ‏برضوا .‏

‏_: لا مستحيل كنت أعمل كدا ..... لان كدا كدا ميت, محدش هيعمر ‏فيها يا ابن الناس, إذا كان الرسول مات إحنا بقا هنبقي مخلدين, وبعدبن ‏ياخي ما الصحابه والرسول كانوا بيجاهدوا في سبيل الله, وكل غزوة ‏بيخرجوا فيها كان في إحتمال كبيره أنهم ميرجعوش تاني, مع كدا كانوا بيتزوجوا ‏عادي .‏

ظل ينظر له في صمت ويتابع حديث حتي بعدما أنتهي صمت, فعلم شريف ‏أنه لا يجد ما يقول, فقال :‏

روح صالحها وارجع لها ....سارة بنت كويسة وبتحبك بلاش تضيعها من بين ‏أيديك.‏

قال عصام وهو يبتسم ويشير له ناحية الباب : طب يلا علي شغلك عشان ‏أركز في الملف الي في إيدي .‏

قال شريف بهزار : ماشي يا عم خلصت حاجتي من جارتي بقا .‏

ضحك عصام وكذلك شريف, ثم تركه ليكمل عمله كما يقول وهو واثق أنه ‏لن يعمل وسيظل يفكر في كلامه .‏



في المعرض كان ياسين يقف مع أحد الشباب يتحدث معه, وكان الفتي يريد ‏شراء دراجه بخاريه, دلف إياد وتوجه له قائلاً :‏

أستاذ ياسين .‏

نظر له ياسين وقال : أتفضل .‏

‏_: حضرتك فاكرني أنا ...‏

‏_: أيوه فكرك يا إياد .... في حاجه أقدر أساعدك فيها ؟ .‏

‏_: ممكن تخلص شغلك وبعدين نتكلم أنا مستني حضرتك .‏

ظل إياد واقف بانتظار ياسين الذي سرعان ما أنتهي من محدثه وتوجه له ‏في المكتب الزجاجي الخاص بمصطفي, طلب من مصطفي أن يذهب هو ‏ويري الزبائن بينما هو ينتهي .‏

قال إياد : كنت عايز اصلح عطل في المكنه تبع التوكيل .‏

تعجب ياسين وقال: معقول! ... لحقت .‏

‏_: أصلي عملت حدثه صغيره كدا .‏

لاحظ ياسين الجرح الذي في يده وقال : الف سلامة ... طب أعتبر ‏الموضوع خلصان .... بس أنت لازم تروح مستشفى عشان تشوف الجرح .‏

‏_: لا مش هينفع أروح مستشفى ..... أنا مش عايز حد في البيت ‏يعرف....حضرتك مش فاهم إيه الي ممكن يحصل لو والدي عرف .‏

تعجب ياسين وأشار لجرحه وقال : ما هو كدا كدا هيعرف ... وبعدين ‏أكيد هيسأل عن ..‏

قاطعه إياد قائلاً : لا أنا أتصرفت واحد صحبي معاه نفس المكنه خدتها منه ‏‏.‏

ضحك ياسين من تفكير هذا الشقي وقال: شكلك مش سهل يا إياد . ثم ‏قال في سره وهو يتذكر نور ( مشاء الله العيلة كلها شكلها كدا ) .‏

ضحك إياد وقال وهو يقف : أنا متشكر جداً .‏

منعه ياسين وقال : طب خليني أساعدك انا ممكن اخدك للمستشفى ‏ومحدش هيعرف .‏

كاد يتحدث, ولكن رن هاتف ياسين فاعتذر منه وخرج مبتعد, وقف في ‏الفناء الموجود أمام المعرض, ظل ينظر للرقم المجهول الذي يتصل للمرة ‏الثانية, لم تطول فترة تحديقه في شاشته ورد قائلاً : ‏

السلام عليكم ....مين! .‏

‏_: وعيلكم السلام ..... أستاذ ياسين القاضي ؟ .‏

‏_: أيوه أنا ...مين حضرتك ؟! .‏

‏_: الضابط أحمد أمام قسم شرطة سيدي جابر الأسكندريه عايزينك ‏تشرفنا في القسم ساعتين كدا .‏

‏_: تمام يا باشا أن شاء الله بكرا الصبح أ كون في اسكندريه .‏

أغلق هاتفه ثم دلف وجذب إياد من يده دون أن يسمع رده, توجه معه ‏للمستشفى.‏

ظل واقف بالخارج ينتظر خروج إياد ذهبت به ذاكرته للمكلمه التي أتته ‏من رقم مجهول, سأل نفسه لماذا يريدوه هناك ؟! , أيعقل أن يكون الأمر ‏بخصوص البلاغ الذي قدمه قبل عودته لمصر بأيام!, أم أن هناك أمر أخر ‏ينتظره في الأسكندريه مجدداً, ألا يكفيها ما حدث! .‏

خرج إياد وشكره ثم غادر كل منهم في طريقه, لم يعود لعمله, كان قد أخبر ‏عاصم قبل توجهه لإياد بعد بالمكلمة التي أتته, أنه سيعود للمنزل ليستريح ‏ويضب أغراضه ليسافر في المساء, بينما إياد عاد لمنزله .‏



خرجت نور من الجامعة واتصلت بإيمان لم تجيب فكررت اتصالها ثلاث ‏مرات وهي لا تجيب, أغلقت الهاتف ونظرت للطريق أمامها, أتاه أتصال ‏فتناولت هاتفها وردت قائلة: ‏

الو مبترديش ليه ؟! .‏

‏_: كنت في اجتماع .... أنا مش قولت لك إن في قرض كبير وموضوع ‏طويل كدا هنشغل فيه الفتره دي .‏

‏_: طب ياختي ... ربنا يعينك .‏

‏_: اقفلي يا نور خليني أروح أجهز شنطتي عشان أسافر .‏

‏_: سلام يا رخمه ... خلي بالك من نفسك .‏

‏_: حاضر .‏

‏_: وتعالي بسرعة ... متتاخريش عليا .‏

ضحكت إيمان وقالت : أنا لو أمك مش هتعملي معايا كدا ... عموما ماشي ‏يابنتي أنا مش هتاخر .‏

ضحكت نور ثم أغلقت هاتفها وأكملت قياده .... توقفت حين كادت تخبط ‏احدهم ولكنها تمكنت من سيارتها علي أخر لحظه . نزلت مسرعه من سيارتها ‏وقالت: أنت طلعلي في البخت يا بني .‏

ضحك ياسين وقال : لا وانتي الصادقه دا حظي الأسود .‏

‏_: من أعمالكم سلط عليكم .‏

قال ياسين وهو يشير لسيارتها : شايفه عربيتك دي ...روحي أركبيها يا ‏شاطره وعلي بيتكم عدل .‏

‏_: أنت بتتكلم كدا ليه يا أستاذ أنت ...انا محدش يأمرني بحاجه فاهم .‏

تركها وصعد درجته من جديد ورحل بعدما نظر لها بغضب .‏



في المساء دلفت نور لغرفة إياد بعدا أذن لها, جلست بجواره علي طرف ‏الفراش وقالت : بتعمل إيه ؟! .‏

‏_: مفيش ...بفكر ....نور هو ليه مفيش صور لماما في البيت ‏‏...ومتقوليلش بابا شايلهم عشان بيزعل لما بيفتكر أنها ماتت وسابته.... من ‏وأنا صغير مبسمعش غير الكلام دا .‏

ظلت صامته وهي تنظر له فتابع قائلاً : طب علي الأقل صوره واحده علي ‏التليفون .... نفسي أشوفها .‏

كان كبير, ولكن كلامه يشبه كلام الأطفال التي فقد أحد أبويه, فهو لم يري ‏صورة واحدة له منذ صغره, وأيضاً ذاكرته لا تحمل لها أي شيء.... لا يتذكر ‏ملامحها وكأن أحدهم محاها له بممحاة .‏

‏_: النهارده الذكري الثنويه ليها .... هو أنتي كنتي ناسيه .‏

‏_: لا ...كذبت مجدداً! , وهي مع إياد تكذب دائماً مدامت أمها طرف في ‏مجال نقاشهم, هي لا تتذكره بالفعل لأنها ذكرة وهميه أخترعها أبيها ليضحك ‏علي عقل فتي صغير, لما تحتاج إليها وأمها حية ترزق . شعرت بالحزن علي ‏إياد لماذا لا تخبره الحقيقه وتنتهي من هذا العناء ؟! , لماذا لا تخبره ولا تطر ‏للكذب مره أخري, لماذا لا تاخذه معها في هذا اللقاء ؟! .‏

قال إياد وهو ينهض : أنا حاسس أنك مخبيه حاجه يا نور ... حاسس أنك ‏عارفه حاجه عن ماما .... كل ما سيرتها بتيجي قدامك أو أكلمك عنها ‏وشك بيقلب وبتسكتي . ‏

لأول مرة تنتبه لتلك الرباط التي يربط بها يده نهضت وقالت وهي تمسك ‏يده وتشير علي الجرح : إيه دا ؟! .‏

‏_: نور أنتي بتتهربي من سؤالي .‏

قالت بحده : قولت لك إيه دا ومن إيه ؟! ....رد عليا .‏

‏_: كنت بفكر فيها وأنا خارج من الجامعة .... وحشتني ...كنت نفسي ‏أشوفها ... لقيت نفسي بزود سرعة المتسكل وفجأة كنت هخبط في عربيه ‏بس الراجل لحق نفسه وغير اتجاهه, وانا وقعت من علي المتسكل ‏‏...اتعورت والمتسكل وديته عند ياسين عشان يتصلح وهو إلي خدني علي ‏المستشفى عشان يطهروا الجرح .... للأسف حتي فرصة أني أشفها فشلت ‏فيها رغم أني كنت مستعد أدفع حياتي تمن ليها ... بس للأسف ممتش .‏

أعتلتها الدهشة ظلت تنظر غير مصدقه ما يحدث حولها لقد حاول أخيها ‏الانتحـــــــــار! .‏



في منزل ياسين انتهي من صلاة العشاء, ودعاء ربه أن يلطف به, ثم جمع ‏ثيابه في حقيبة صغيره وخرج من المنزل ‏

متوجه للإسكندرية, صعد دراجته البخارية ووضع حقيبته الصغيرة خلفه ‏وربطها جيداً . رجعت به ذاكرته لأول يوم ذهب فيه للإسكندرية بعدما ‏قرر الرحيل من مصر ليدفن ذكرياته المريرة, لم يكن يعلم أنه ذاهب لحفر ‏ذكري مريرة أخري في حياته.‏

حين خرج من القاهرة ووطأة قدمه الإسكندرية نزل في فندق لعدة إيام ‏حتي يجد سكن, ثم أنتقل لشقته التي أستأجرها هناك, فهو كان ذاهب ‏لفترة مؤقته ليغير جو عله ينسي, لكن بعد بقائه هناك لثلاثة أشهر يتجول ‏في الإسكندرية ويلف شوارعها ومعالمها السياحية حدث مالم يكن في ‏الحـُسبان !‏

يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية اوتار حاده) اضغط على أسم الرواية
google-playkhamsatmostaqltradent