رواية لن ابقي علي الهامش كامله بقلم نداء علي عبر مدونة دليل الروايات
رواية لن ابقي علي الهامش الفصل السابع و العشرون 27
ألف مبروك ياحبيبتي، مبروك يا مرام بقيتي مطلقة ياقلب بابا، القى بوجهها ورقة مكورة قائلاً
الورقة العرفي أهي، جبتها من البيه اللي قدر يكسرني يا مرام، بس تعرفي طلع بيحبك حقيقي، رفض يطلق بسهولة موافقش غير بعد ما دفعتله ١٠٠ ألف جنيه، شايفة نفسك غالية ازاي؟!
تعالت شهقاتها واجهشت في البكاء قائلة
أنا آسفة والله، ياريتني أموت وترتاحوا مني.
تساقطت دموعه رغماً عنه فلم يخيل إليه في أسوأ كوابيسه أن تخذله ابنته بتلك الصورة.
ادعى الصلابة والقوة وحدثها بجدية
اطمني لو حصل منك أي غلط تاني هريحك واخلصك من الدنيا بأيدي، من النهاردة مفيش مدارس تاني، كفاية عليكي الثانوية ولو جالك عريس هجوزك طالما مستعجلة أوي عالجواز، الكلية ملهاش لازمة.
اسرعت إليه تقبل يديه برجاء
ارجوك يا بابا، خليني اكمل تعليمي
دفعه بقسوة
تعليم ايه وليه، علشان تروحي الجامعة وتصيعي على كيفك
هزت رأسها بقوة ونظرت إليه تستعطفه فأشاح بوجهه بعيداً عنها
اقتربت منه وتوسلته
والله أبدا، عمري ما هعمل كده تاني، هكمل تعليم ومش هكلم ولاد نهائي، والله يا بابا خلاص حرمت
تنهد بألم هامساً
هشوف، لو النتيجة ظهرت ولقيت مجموعك قليل يبقى جت من عند ربنا ومفيش كلية، لكن لو خيبتي ظني وده احتمال بعيد بما ان الهانم مكنش عندها وقت للمذاكرة، لو مجموعك يدخلك كلية مناسبة هفكر يا مرام.
تركها وغادر فتكورت على نفسها تئن بخوف وندم وتوجه هو إلى غرفته فوجد رضوى في انتظاره
أشار إليها بتحذير
أنا مش قادر ولا عاوز اتكلم
لم تتحدث بل اقتربت في خطوات هادئة إلى أن باتت بمقابلته فجذبته إليها برفق هامسة
كل حاجة بتعدي يا مصطفى، كل هيعدي
وكأنها كانت أمانه الغائب، تشبث بها وانهارت صلابته وأعلن عن ضعفه، شدزت هي من ضمه وآثرت الصمت وكلاهما ادرك بعد عناء ما له وما عليه فهل يفلح الإنسان في تجميل ما تشوه بداخله أم تبقى بعض الندوب عصية تأبى أن تتجمل.
💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮
همتَ رضوى بالمغادرة، فزعت وتراجعت إلى الخلف وكادت أن تسقط لولا يدي مصطفى التي تلقفتها بلهفة قائلاً :
في ايه يا رضوى، كنتي هتقعي
رضوى : امك صوتها قدام الباب، سامع
مصطفى : لأ اكيد بيتهيألك، ماما ايه اللي هيجيبها بدري كده
انتفضت رضوى بعدما تعالت دقات قوية فوق الباب لتنظر إلى مصطفى قائلة:
أنا رايحة الشغل، افتح لوالدتك وخدوا راحتكم
تحدث إليها مصطفى بمشاكسة قد غابت عنه أيام قضاها صامتاً يتناول قليل من الطعام ويمضي يومه بالمشفى وعند عودته يؤثر البقاء بمفرده، كانت رضوى تؤازره وتدرك ما سببته مرام من جرح لكرامته لذا لم تعترض ولم تواجهه، همس بصوت خافت كي لا يصل إلى مسامع والدته
هتسيبي جوزك حبيبك لوحده مع سوسن؟!
رضوى : يا حبيبي أمك ممكن تخبطني كلمة تخليني أولد حالاً.
مصطفى بغيظ : ظريفة أوي يا رضوى، طب اقولك سلمي عليها الأول وبعدين انزلي.
رضوى : ما أنا اكيد هسلم، حد قالك اني هخرج من الشباك، هفتح الباب واقولها هاي يا حماتي باي يا حماتي
مصطفى ممسكاً بيدها بمرح : لأ، اقعدي بس عشر دقايق وانزلي
رضوى ضاحكة بخفوت كي لا يصل صوتها إلى الواقفة بالخارج :
في المشمش يابن سوسن، خلاااص أنا ست صحتها على ادها مش حمل نكد .
لم تدعه يتحدث من جديد، مدت يدها وفتحت لحماتها قائلة بسعادة كونها على وشك الهرب من الجلوس بصحبتها
اهلا يا حماتي منورة، اتفضلي مصطفى مستنيكي
سوسن : وانتي رايحة فين عالصبح كده؟
رضوى : رايحه الشغل ومتأخرة جدااا، باي يا حماتي خليكي نتغدى سوا، سلااام.
هرولت رضوى تجاه المصعد، بينما سوسن تنظر إلى مصطفى الذي يجاهد ألا ينفجر ضاحكاً بوجهها.
تنفست رضوى الصعداء بعدما غادرت المبنى واستوقفت إحدى سيارات الأجرة قائلة
المعادي يا اسطى الله يكرمك، بسرعة بس وان شاء الله هدفعلك اللي تطلبه
ابتسم إليها السائق بود قائلاً باحترام
حاضر يابنتي، توكلنا على الله
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
ويبقى حلو الكلام مذاق يتلاشى بعدما تكسوه مرارة الفعل، كلماتك باتت خاسرة ووعودك لم أعد امنحها اذن الدخول إلى منطقة التصديق بل اكتفي بسماعها.
استمع مصطفى إلى حديث والدته بشرود، تذكر مواقفه السابقة مع رضوى وفتياته وادرك الأن انه هر صغير بقى سنوات يهرول خلف ظل والدته
نظر إليها بترقب قائلاً :
حضرتك عاوزة تسافري وتسيبيني في الظروف دي، طيب والبنات أوديهم فين
سوسن : جرى ايه يابني، هو أنا مسافرة اتفسح، ده أنا رايحة اعمل عمرة!
مصطفى : عمره! والله يا أمي ما عارف اقولك ايه
سوسن : ما أنا هقولك على حل يريحك
مصطفى : حل ايه ده؟
سوسن : جبتلك عروسه بس ايه، زي القمر واهلها طيبين وعلى أد حالهم مش زي المخفية سوزي، واطمن البت اطلقت لأنها مبتخلفش يعني هتربي البنات وتبقى تحت رجليك.
مصطفى بحدة ورفض وربما نفور لا يتناسب مع احترامه لوالدته
هو انتي مبتحرميش، رايحة تعملي عمره ومصممه توجعي قلب رضوى وبناتي وتخربي بيتي؟!
سوسن بدهشة فهي كحالنا جميعاً لا تخطيء، هي أم تسعى لصالح ابنها فما الضير من ذلك:
أنا يابني، بقى أنا خايفة على مصلحتك تقولي كده، ماشي يا مصطفى بس خليك فاكر انك بتعصاني وتعلي صوتك عليا علشان مراتك.
مصطفى بغضب ملقياً بتخاذله ارضاً بعدما فاض بيه الكيل :
مش علشانها وبس، علشانك قبل منها، ليه كده، فضلت طول عمري ماشي وراكي، شمال شمال يمين يمين.
قاطعته هي قائلة بكره واعتراف صريح منها :
ايوة، طول عمرك في طوعي لحد ما قررت تتجوز الست رضوى، قولتلك بلاش البت دي، أهلها مش مناسبين ولا هي كمان، دكتور أد الدنيا كبرتك وعلمتك بدمي وشقايا تيجي واحدة زي دي تاخدك عالجاهز
مصطفى بصدق :
حبيتها، ايه مستكتره عليا اختار مراتي، ورغم كده غميت عنيا وظلمتها وسمحتلك تبيعي وتشتري فيها، اتجوزت عليها ورغم ان سوزي أجمل واصغر مقدرتش احبها، ربنا مبيتاعندش يا أمي، كنتي طايره من الفرحه يوم ما عرفتي ان سوزي هتجيب ولدين، وصدقيني وقتها كنت بتمناهم من رضوى مش منها، وربنا خلف ظنك، حسيت وقتها اد ايه أنا صغير وقليل، عرفت ان كل اللي بيحصل بسبب رضوى، خلفة البنات نعمه، لكن انتوا وأنا قبل منكم كسرنا خاطرها فربنا ردهالي، قالي أهو يادكتور يا كبير، جالك بنتين بدلهم انت وخليهم ولدين، حرام عليكي بتعملي فيا وفيهم ليه كده، ما أنا قدامك أهو بقيت أعرج يعني كويس ان رضوى متحملاني.
شهقت سوسن قائلة :
وانت عاوزها تسيبك، هي كانت تطول.
مصطفى : يا ربنا، ياستي افهمي بقى، أنا ولا حاجة، دكتور وايه يعني دكتور، أنا عاجز اعالج نفسي، عندي فلوس، ما كله بسبب رضوى ووقفتها جنبي، نسيتي انها باعت دهبها وقت سفري؟
سوسن بتوتر : وماله، كل الستات بتعمل كده
مصطفى بيأس من حالها وما تفكر به :
يا أمي الله يكرمك سيبيني اربي بناتي واعوضهم، خليني اشبع منهم أنا مستحيل اتجوز تاني ولا عندي استعداد أمر بتجربة زي دي تاني واخسر مراتي، وانتِ ساعديني ومتسافريش دلوقتي مش هعرف اتصرف مع البنتين.
سوسن باصرار : أنا خلاص حجزت التذاكر، ومن الاخر أنا زهقت من الزن ليل ونهار وطالما انت مش عاوز تتجوز هاتهم بقى للصدر الحنين الست رضوى تربيهم.
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
اختل توازن تامر وكاد ان يقع أرضا بعدما افاقته سوزي بصوت غاضب جعله يهب فزعا من نومه
نظر إليها بأعين مشتعله ومترقبه فهو لا يطيق أن يوقظه أحد بتلك الصورة
اقتربت والقت بوجهه تلك الورقه الملحق بها اسم هاله وحالتها الطبيه
تحدثت بغيظ قائلة
الورقة دي بتعمل ايه في جيبك يا محترم؟
مسح على وجهه بتوتر واجابها بترو
وانتِ بتفتشي في جيبي ليه؟
سوزي بجنون : بقولك ايه، رد عليا من غير لف ودوران، الزفته دي حامل ازاي مش انت قولت انها مش متجوزه، ولا هي مقضياها يا تامر بيه
تامر : اتكلمي كويس يا سوزي
سوزي : أنا أقول اللي يعجبني، ولو مردتش عليا هروح لها المصنع وافضحها
تامر بجدية : هاله مراتي يا سوزي، متجوزين من فتره طويله بس في السر وهي دلوقتي حامل فلازم نعلن ويبقى جواز رسمي
جلست سوزي وتبدلت ملامحها، شعور تعجز الكلمات عن وصفه لكن التجربة تجعلك تتشرب مرارته وتدرك مدى قسوته، لا تعلم الرد المناسب لما القاه تامر بوجهها للتو ولكنها تشعر بالاختناق والقهر، اقترب منها خوفاً عليها فثارت قائلة بنفور
اياك تقرب مني، انت فاهم، ازاي وليه، طب لما انت متجوز خدعتني ليه واتجوزتني يا كداب يا حقير
تامر بغضب : أنا مش هعاتبك لأني مقدر صدمتك بس صدقيني اللي حصل كله كان غصب عني، أنا اتجوزت هاله بعد جوازك من طليقك، مقدرتش اتحمل تبقي لراجل غيري وانتِ طول عمرك حلم بتمناه، هاله كانت وقتها شغاله معانا جديد، قربت منها وحسيت انها هتفهمني وتساعدني انساكي، بس بعد طلاقك لقيت فرصتي معاكي رجعت من تاني وقولت خلاص هنتجوز.
سوزي باكية بحزن من أجل نفسها اولاً فما تشعر به الآن شعور مهين : بتحبني تقوم تتجوز عليا؟
تامر : أنا متجوزتش عليكي بالعكس أنا ظلمتها هي بس مقدرش اكمل ظلم واخلي ابني اللي جاي يعيش من غير اب وانا موجود.
سوزي : يبقى تطلقني، أنا مش طيقاك من الأساس، كانت غلطه منك لله، خدعتني واتحسبت عليا جوازه تانيه عالفاضي.
تام باعين تفيض بعشقه لها لكنها لم ولن تدرك قيمته : أنا مش هطلقك، صدقيني مفيش حاجة هتتغير أنا بحبك يا سوزي
سوزي بغرور : وأنا مبحبكش، متتعبش.
نفسك لأني هتطلق منك بمزاجك أو غصب عنك وروح للسنكوحة اللي انت متجوزها.
تامر : وانتِ مفكره اني لما اطلقك مصطفى هيجري عليكي، هيرضي عنك يا سوزي هانم
نظرت إليه بتوتر قائلة :
بقولك ايه ملكش دعوة بيا، وبعدين انت عاوز تقلب الطرابيزة عليا وخلاص فاكرني خاينه زيك؟!
تامر : لأ انتِ ملكيش زيي، أنا متجوز، بيني وبين مراتي عقد رسمي محامي كاتبه وفيه شهود، يمكن انا غلطت اني سمعت كلامها ومعرفناش حد بجوازنا لكن انتي ست خاينه، اللي تفكر في طليقها وهي في حضن جوزها تبقى خاينه، ورغم كده عملت نفسي مش واخد بالي لأني بحبك وعاوزك تحسي بيا وتتغيري بس صدقيني يوم ما يفيض بيا حبي ليكي هيبقى لعنه تحرقك وتندمك طول العمر.
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
ازاحت الأوراق المتراصة فوق مكتبها والقت برأسها تتأوه بضعف قائلة
ايه الألم الرهيب ده، الله يسامحك يا سوسن بطني قلبت من أول ما شفتك الصبح، اشتد الألم وتزايدت حدته فتغضن جبينها بحبيبات العرق وعلت أنفاسها بتعب، زفرت رضوى ببطيء وخوف تسعى إلى تهدئة انفعالها لكنها لم تفلح وانفلتت من بين أنفاسها أهة عاليه جعلت همس تهرول إليها بعدما وصل إلى مسامعها صوتها المتألم
اقتربت همس قائلة:
مالك يا رضوى، في ايه؟
رضوى باكية : تعبانه أوي يا همس شكلي بولد
خطت همس تجاهها بفزع : مش قولتي اخر الشهر يا بنتي، لسه اسبوعين وزيادة
رضوى بضعف : مش عارفه، بس دي ولادة أنا حاسة بألم فظيع
همس محاولة السيطرة على مخاوفها: طيب متخافيش يا حبيبتي ، هتصل على مصطفى وننقلك المستشفي، اطمني المستشفى قريبة من هنا، خدي نفس بالراحة واقرأي قرآن على أد ما تقدري.
هاتفت همس مصطفى واخبرته بولادة زوجته فاسرع إليها والقلق ينهشه وجلست همس إلى جوار صديقتها تؤازرها وتبثها بعض الأمان.
بعد قليل دلفت رضوى إلى غرفة الولادة كي تضع مولودها بينما مصطفى وهمس ينتظرون خروجها اليهم اقترب فيصل منهما قائلاً
اطمن يا مصطفى ان شاء الله تقوم بالسلامه
مصطفى بصدق
يارب يا فيصل، ربنا يقومها بالسلامه للبنات وليا، قالها بصوت خافت وكأنه خجل من نفسه ومما فعله بحقها سنوات بينما رشقته همس بنظرات حادة تعاتبه في صمت لتهمس بصوت غير مسموع
حنين اوي انت وصاحبك اللي يشوفك يحلف انك ملاك بريء وانت استغفر الله العظيم.
💬💬💬💬💬💬💬💬💬
في صباح اليوم التالي التف الفتيات الثلاث حول والدتهن بينما جلس مصطفى ينظر اليهن بسعادة اكتملت بعدما اطمأن على سلامة رضوى وطفلهم الصغير، لقد بات لديه ولد يحمل اسمه ربما لم يفكر من قبل بتلك الصوره لكنه سعيد ولن ينكر ذلك
تساءلت تقوى بغيرة طفولية وهي تنظر إلى شقيقها النائم
حضرتك مبسوط يا بابا، جالك الولد أهو؟
مصطفى بحب : المهم ان ماما قامت بالسلامة وبعدين أنا مبسوط علشانكم، لو حصل حاجة هبقى مطمن ان معاكم راجل وسند من بعدي
رضوى باجهاد :
المهم يبقى حنين عليهم، ما أنا ليا أخ لا عمره كان سند ولا عمره هيكون
مصطفى : ربنا يحنن قلوبهم على بعض، أنا متأكد انك هتعلميه يحب اخواته ويخاف عليهم وهما كمان لازم يحبوه ويهتموا بيه.
روان : هنسميه ايه يا بابا
مصطفى : اختاروا اسم وأنا هوافق عليه
تقوى بسعادة : هجبلك شوية أسامي ايه زي العسل
ابتسم مصطفى قائلاً
ماشي ياقلب بابا، اختاري ونشوف.
تساءلت رضوى بفضول حذر قائلة
مش هتكلم مامتك علشان تيجي تشوف الولد يا مصطفى
مصطفى بانكسار : لأ بعدين اقولها، اصلها كانت تعبانه هسيبها ترتاح يومين.
أما الذنب فندعي كذباً اننا قد عفونا وأما الود فقد تم نحره بيديك، فما عاد بالقلب ود ولا نمتلك القدرة على العفو بل جلَ ما نمتلكه ضياع انت صاحب الفضل به.
عادت همس إلى البيت مجهدة وفي عقبها فيصل يشتعل غضبا
أمسك معصمها يستوقفها عن السير قائلاً
مين كان بيكلمك واحنا في الطريق؟
همس بتلقائية :
ده اساف، كان متفق معايا نتقابل في المكتب ولما رضوى تعبت أنا مشيت ونسيت اتصل عليه واعتذرله.
فيصل : شغل ايه وزفت ايه، وليه يكلمك من الأساس
تاهت الكلمات وتبعثر ما لديها من تعقل، لم تصدق همس أن جرأته سمحت له بمحاسبتها، هل يغار؟ وان فعل فهل غيرته نابعة من حب أم غرور ذكري ليس إلا؟
اقتربت منه وباتت لا يفصلها عنه شيء، ابتسمت بسخرية وتساءلت قائلة بصوت مهتريء
مش فاهمه معنى سؤالك، اعتقد ان شغلي ميخصكش في حاجة يا دكتور فيصل.
فيصل بصوت هادر يقطر غيرة وخوف من ازدياد الفجوة الواقعة بينهما :
ليا، اي حاجة تخصك تخصني، ملكي يا همس.
همس بجدية : كان زمان.
فيصل : انتي لسه مراااتي
همس بغضب : للأسف أمر واقع بحاول اتقبله، واحترمه، مش علشانك لأ، لأن أنا همس، اتربيت ان الصح صح حتى لو صاحب الحق فيه ميستاهلوش، بتصرف مع الكل بحذر علشانك، لأني لسه على ذمتك
فيصل : بس انا طلبت منك تتعاملي مع اساف ده بحدود، مش تشتغلي معاه وكل يوم والتاني ينطلك في المكتب بحجة الشغل
همس بهدوء يسلب العقول : زي ما قلتلك شغلي ميخصكش، أنا بس اللي اقول مين ينفع اشتغل معاه ومين لأ.
اقترب من وقفتها وتحدث بصوت تهديده صريح : همس، صدقيني أنا ممكن اقفلك المكتب بتاعك ده، بلاش تستفزيني احسنلك.
دفعته بقوة وحدة وغضب وصاحت بوجع قائلة :
بتغير من اساف، اطمن يا فيصل، أنا مبرجعش لحد خان ثقتي، لو اساف اخر راجل في العالم مش هفكر فيه
فيصل بتيه : تقصدي ايه؟
همس بعدما ازاحت بأطراف اصابعها تلك الدموع المتلاحقة بصفحات وجهها :
اقصد ان اساف كان بيحبني، تقريبا كنا مخطوبين، بابا كان بيثق فيه جدا، هو وولاده كانوا اصدقاء وأنا كبرت قدام عينه ومعاه، في البداية كنت بعتبره أخ وصديق، بعد فتره صارحني بمشاعره، فرحت وبابا وماما رحبوا جدا، بس بمرور الوقت بدأت احس انه متغير، عرفت بعد كده انه اتعرف على زميلة له في الشغل، كانت معجبه بيه وهو حب يجرب، نوع من التسلية على حسب كلامه هو، يمكن كان حريص انه ميجرحش مشاعري لما اكتشفت علاقتهم، وقتها حاول بكل الطرق يبرر، قالي انه محبش حد غيري وان علاقته بالبنت دي كانت تضييع وقت، نظرت إليه بانكسار هامسة بضعف حقيقي
عارف يا فيصل، رغم كل اللي اساف عمله، متأثرتش، حسيت ان ملناش نصيب مع بعض، عذرته بس مقدرتش اسامحه، لكن انت لما دبحتني وقولتلي حبيت غيرك، انتهيت، افتكرت اساف وخيانته، حملت نفسي الذنب وقولت اكيد العيب فيا أنا، مش معقول انت وهو تتفقوا على شيء واحد، أنا ست مقدرتش املى عينك أو عينه، اكيد العيب مني يا فيصل، صح؟
ابتلع ريقه بحزن قائلاً
لأ ياهمس، مستحيل العيب يكون منك، الخيانة ملهاش سبب ولا مبرر، أنا أسف، بس صدقيني غصب عني أنا تهت، كنت تايه طول العمر ولما قابلتك بدأت اعيش، حسيت اني انسان من حقه يلاقي السعادة، بس جنوني وعقدي كانت اكبر من عشقي ليكي، أنا فعلا مستحقش تسامحيني بس مش قادر ابعد، انت الانسانه الوحيدة اللي وجودها يفرق معايا، لو قادر ابعد كنت هختفي من حياتك واسيبك ترتاحي
همس بمرارة : ارتاح! بعد ايه يا فيصل.
فيصل : طول ما فينا روح الحياة بتستمر والأمل موجود، أنا واثق انك في يوم هتقدري تسامحيني .
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية لن ابقي علي الهامش) اضغط على أسم الرواية