رواية الشيطان يقع في العشق الفصل الواحد و العشرون 21 - بقلم سولييه نصار

الصفحة الرئيسية

 رواية الشيطان يقع في العشق الفصل الواحد و العشرون 21 بقلم سولييه نصار

  رواية الشيطان يقع في العشق الفصل الواحد و العشرون 21


تراجعت للخلف بينما تجمعت الدموع في عينيها ....
هزت راسها وهي تقول:
-ابوس ايديك قول انك بتكدب عليا يا جاسر ...قول أن دي نكتة سخيفة ...
تنهد وحاول الاقتراب منها إلا أنها ابتعدت وهي تشعر بالضياع ...يا الهي تاجر مخدرات!لم تتخيل في أسوأ أحلامها أنه اجرامه وصل لتلك الدرجة...ولكن هل احست بالصدمة؟!وجب الا تشعر بالصدمة ...فهذا الرجل خطفها واجبرها علي الزواج منه ... عذبها لأيام ...لن تكذب علي نفسها ....جاسر أو الصياد ليس مثالا للرجل الجيد ...وجب أن تعرف هذا ...يا لغبائها...
-وعد ...
صوته أخرجها من شرودها ...نظرت إليه وما زالت الصدمة تحفر آثارها علي وجهها ...كان قلبها يبكي بقوة  ...انهارت علي الأرض ودموعها تتساقط ...حياتها كذبة ...هي الآن زوجة مجرم...مجرم دمر الكثير من الناس ...
-وعد ممكن تسمعيني للآخر ؟!
قالها وهو يجلس بجوارها ...كان قلبه ينبض برعب...كان خائف أن تتركه ... خائف أن يشعر  بنفس الفراغ الذي شعر به من قبل أن تحتل حياته ..خائف أن ترفضه ...
-وعد .
كرر نداءه بيأس والرعب يتصاعد بقلبه ...بينما قالت هي بصوت جاف:
-تاجر مخدرات ....
نظرت إليه وقالت بقهر:
-تاجر مخدرات...
اطرق.بخجل لتنهض هي بعنف وتصرخ به:
-يعني انت مجرم رسمي ...تخطف الستات وتجبرهم يتجوزوك وكمان بتاجر في السموم دي وتدمر حياة الناس ...
-ممكن تهدي ؟!
قالها بتوتر لتصرخ به بقوة:
-لا مش ههدى...مش ههدى  يا صياد ...أنا دلوقتي متجوزة مجرم !!
ابتلع ريقه وتراجع قليلا لتكمل بقسوة:
-صحيح كنت عارفة انك شيطان بس مكنتش اتوقع انك تكون شيطان للدرجادي ...متوقعتش انك تكون مجرم رخيص بالشكل ده .
-وعد!!!
-لا وعد بلا زفت ...
صرخت فيه وهي تدفعه بقوة وتبكي :
-طلقني ...مش عايزة اعيش مع واحد زيك ...مستحيل اعيش معاك بعد اللي عرفته ...طلقني بقولك ...
امسك ذراعيها وقال بعنف :
-لا مستحيل ...مستحيل اطلقك ...ده في احلامك فاهمة ولا لا ...مستحيل اطلقك بعد ما لقيتك. ..أنا بحبك يا وعد ليه مش عايزة تفهمي ...ليه مش عايزة تفهمي اني عمري ما حبيت حد بالطريقة دي ...ليه مش قادرة تفهمي اني حاسس باليأس والخوف انك تسيبيني...انا قررت اتوب خلاص ...دي هتكون اخر عملية ليا اقفي جمبي ...
ضحكت بذهول وقالت وهي تشعر أنها سوف تجن:
-اقف جمب مين ؟!!اقف جمب مجرم !!!مستحيل ابقي  معاك يوم واحد يا صياد ...طلقني ...بقولك طلقني ...مش عايزاك خلاص كرهتك وكرهت قلبي اللي حب انسان زيك ...
ابتعدت وهي تشعر أنها سوف تجن ...كيف سلمت قلبها لمجرم...كيف استسلمت لهذا الشخص ..كيف ...لقد أقسمت أنها ستنتقم منه وها هي نست كل شىء ووقعت في عشقه كالمغفلة ...وقعت في حب الشيطان..وقعت في حب مجرم ...والان لا مفر لها ...هو سجنها في قلعته المظلمة ...لقد أضحت ملك الشيطان بإرادتها...
كان جاسر ينظر إليها برعب ...لقد انهدم عالمه الصغير الذي كونه معها ...لقد خرج من أحلامه الوردية ليصدم بمرارة  الواقع ...لقد وقع الشيطان في الحب ولكنه نسي شيئا هاما ...أن الشياطين ليس لديها حق لكي تحب ...الشياطين لن تتحول لملائكة وها هي وعد تتسرب من يده ...المرأة التي أيقظت إنسانيته تبتعد عنه وهو مهدد بالإنهيار...ولكنه لن يسمح بهذا ...مستحيل وعد يجب أن تتفهمه...يجب أن تبقي معه ...يجب أن تعرف انها  حياته وأنه بدونها ميت ....اقترب الصياد منها وحاوط وجهها بالقوة وهو يطبع قبلة عاطفية علي رأسها ويقول:
-انا هبطل ...القرار ده اخدته من بدري يا وعد ...بعد العملية اللي هعملها هسيب الشغل ده للابد وبعدها نسافر أنا وأنتِ ونبعد عن هنا للابد ...
ثم خرج وتركها منهارة .....
.........
بعد اسبوع ....
-يعني ايه خرجت ؟! هو انا مشغل بهايم معايا مبيفهموش ؟!
صرخ بها جاسر لرجال الأمن بفيلته ليطرق الرجل بوجهه وهو متوتر ...هو يعرف غضب هذا الرجل ...قد يقتله بسهولة تامة ...ارتعش قلب الرجل داخل صدره وقال بخوف :
-يا صياد أنا ...
امسكه جاسر من قميصه وصرخ به:
-انت ايه؟!!وعد راحت فين ...
ابتلع الرجل ريقه وقال:
-معرفش والله الهانم راحت فين وحضرتك متدنيش أوامر اني مطلعهاش برا البيت ...
دفعه جاسر وصرخ به بقهر قائلا :
-ولا اديتلك أوامر تخرجها ...فأزاي تسببها تخرج يا بني ادم انت ...ازاي متمنعهاش ...
اطرق الرجل برأسه وقلبه ينبض برعب بينما ابتعد جاسر ...عينيه البنية محمرة من الغضب ....حريق بداخله لا يهدأ ....أيعقل أنها هربت منه....لقد ظلت اسبوع بعيدة عنه ...ترفض تماما التحدث معه ...يعرف كم هي محطمة من الداخل بسبب ما عرفته عن حقيقة زوجها ...وهو لا يلومها...يعرف أنه قد صدمها ولكن الا يمكن أن تعطيه فرصة ليشرح الأمر لها ...ليخبرها أنها ينوي فعليا أن يتغير من أجلها ...لانه يحبها بجنون ...يحبها بيأس لا يفهمه ...وعد هي طوق النجاة له من حياة طويلة مظلمة ...هو بحاجة لها ...بحاجة لحبها وابتسامتها التي تشرق حياته ...
تنهد بكبت ونظر لرجله وقال:
-لو ملقيتش وعد في ظرف ساعتين هقتلك فاهم ولا لا ؟!...خد كل الرجالة اللي هنا ودور عليها ...اياك ترجع الا وهي معاك ...انت فاهم؟!
صرخ الصياد في جملته الاخير ليهز الرجل رأسه برعب وكاد أن يتكلم إلا أنه تجمد وهو يري سيدته تدخل الفيلا ببرود ...
-يا صياد الست وعد هنا ..
نظر جاسر خلفه ليجد وعد قادمة نحوه ترتدي قميص وبنطال باللون الاسود ...ملامحها الجميلة متعبة ولكن ما زالت تحتفظ بنظراتها الحادة ...
اقترب منها الصياد وأمسك ذراعها وقال بعنف :
-كنتِ فين ؟!!أنا كنت هموت من القلق عليكِ 
أبعدته عنها بشئ من البرود ثم ولجت للمنزل بصمت ...نظر الصياد إلي أثرها وهو يفكر أن وعد لن تهرب منه ...هي ملعونة بنفس لعنته ...لعنة العشق !!
دخل خلفها الي المنزل ثم الي غرفة النوم ليجدها تجلس بصمت علي الفراش وهي شاردة تماما ...والدموع تنساب من عينيها ...تألم قلبه وهو يراها بتلك الحالة ...لقد تسبب مرة أخري في أذية من يحب ولكنه مصمم الا يخسرها ...وعد لا تعرف كم تعني إليه ...هي بالنسبه له الحياة ...موت والدته قتله ولكن حب وعد هو من أحياه مجددا ...هو من أخبره أنه انسان لا شيطان ...زرع الامل بداخله لحياة أفضل ...ابتسم بحنين وقد قرر أن يفعل المستحيل كي تسامحه ...
اقترب منها ثم جلس علي ركبتيه وهو يمسك كفيها البارد بين كفيه ...طبع قبلة علي كفيها وقال بهدوء؛
-انا عارف أنه كان اسبوع صعب عليكِ ...وعارف ان اللي عرفتيه صعب ...هو صعب علي اي واحدة أنها تعرف أن جوزها تاجر مخدرات ...واحدة غيرك هتهرب مني من غير ما تبص وراها ...بس أنتِ يا وعد اللي ادتيني امل جديد للحياة ...أنتِ اللي خليتي النقطة البيضة الصغيرة اللي جوايا تنتصر علي السواد اللي محاوطني من كل مكان ..اديني فرصة أخيرة ...هكون الانسان اللي انتِ عايزاه...اوعدك اني مش هخذلك المرة دي ...
أبعدت كفيها. هي تمسح دموعها ثم قالت :
-لو فعلا عايز فرصة يبقي متدخلش اخر عملية دي يا جاسر ...خلينا نهرب فعلا من هنا بعيد عن كل حاجة ...
نهض بتوتر وقال:
-مينفعش ...شحنة المخدرات اتحدد ميعادها خلاص ...وغير كده انا اتفقت مع عمي أنها هتكون اخر مرة لينا احنا عملنا اتفاق مع اكبر مورد مينفعش نتراجع يا وعد ...
ركع مرة أخري وعانق وجهها وقال:
-صدقيني يا حبيبتي هتكون اخر مرة ..
هزت راسها ودموعها تنساب بغزارة وقالت:
-توعدني اخر مرة ...
هز رأسه وقال :
-اخر مرة .
..............
كانت تقف أمام المرآة وهي تتطلع الي فستانها بسعادة ...كان قلبها يخفق بقوة داخل صدرها ...بعد اسبوعين ستكون زوجته....ملكه هو فقط ...اخذت تدور حول نفسها وهي تضحك بسعادة بينما فستانها يتطاير حولها حولها ...كان فستان كريمي طويل  ... بأكمام طويلة ...يلتصق بخصرها النحيل ثم يتسع من عند فخذها بقصة تشبه قصة فساتين الاميرات ملحق بتاج فضي رائع مثبت علي رأسها ...لقد وقعت في عشق الفستان علي الفور ...وفعلا عندما ارتدته رأت نفسها اجمل امرأة في العالم ...ضحكت بخجل وهي تتخيل  رد فعل يوسف عندما يراها يوم الزفاف ...لابد أنه سوف ينبهر بها ...نظرت إلي انعكاسها بسعادة وهي تضع كفها علي قلبها من كان يصدق أن بعد ما حدث سوف يكون يوسف لها...حبيبها الوحيد ......وها هي تتأنق كأميرة لأميرها السحري الذي سوف يخطفها علي حصانه الابيض ...فجأة بهت وجهها وتراجعت سعادتها وهي تتذكر السيدة مريم ...تلك المرأة المحطمة التي تدمرت حياتها بسبب ابنها ...وكيف كانت تري فيها صلاح لأبنها لذلك اختارتها ....ورغم ما  فعله حسام بها إلا أنها لا تكرهه بل علي العكس هي تشفق علي هذا الشاب الذي تدمرت حياته تماما بسبب تلك السموم ...إن كان أحد يجب أن يعاقب ...فالذي يحب أن يعاقب هم تجار المخدرات الذين يتلاعبون بحياة البشر ويدمروها ...فكرت بغضب في اولئك الذين يدمرون حياة الشباب دون أي شعور بالذنب أو بتأنيب ضمير...و
-حياة خلصتِ ؟!..
أخرجها من شرودها صوت والدتها من خارج البروفة التي كانت تقيس بها الفستان لتبتسم هي وتخرج وهي تمسك طرفي فستانها ثم تنحني بسعادة وهي تقول بحماس:
-ايه رأيكم ...
تجمعت الدموع بعيني والدتها  وانسابت دون إرادة منها لتنظر إليها حياة بدهشة وتقول:
-ليه بتبكي يا ماما ؟!
مسحت والدتها دموعها بسرعة وقالت:
-كبرتِ يا حياة وهتسيبيني خلاص ...
ضحكت حياة وهي تهز راسها واقتربت منها وهي تقول:
-يا ماما يا حبيبتي انا هسيبك فين بس ....ده انا ويوسف هنسكن فوقيكي بالضبط ...يعني حتي لما هنتجوز مش هتخلصِ مني وابقي اقرفك كل شوية وانطلك أنتِ وخالتي...
ضحكت خالتها وهي تضمها إليها وتقول:
-تنوريني في اي وقت يا يويو ولو زعلك الواد يوسف اوعي تروحي عند اهلك محدش هياخد حقك منه غيري انا ...أنا هكسرلك مناخيره ...
ضحكت حياة برقة وهي تضم خالتها ووالدتها بينما تشعر اخيرا أن كل شئ كل ما يرام ....
خرجت حياة بسعادة وهي تضم الحقيبة التي بها الفستان ...تشعر أن حياتها كلها بتلك الحقيبة ...هي منذ الآن متحمسة كثيرا لزفافهما ....لمعت عينيها وهي تري من بعيد يوسف ينظر إليها ويبتسم ...
-يظهر أن يوسف مش قادر يستغني عن حياة ..
قالتها خالة حياة بخبث لتحمر حياة بقوة وتتقدم إليه ...
ابتسم لها بحب وهو يفتح لها السيارة ..لتقول والدته بإستنكار مصطنع ؛
-شوف الواد ..خلاص نسي أمه وخلي  خطيبته تقعد جمبه في العربية ...
خجلت حياة وقالت وهي تتراجع:
-لا لا اركبِ يا خالتي أنا هركب ورا ....
ضحكت خالتها وهي توقفها وتقول:
-بهزر معاكِ يا هبلة ..أنتِ فاكرة اني هعمل شغل الحموات ده مع بنتي ...اقعدي أنتِ قدام ده مكانك يا حياة متتخليش عنه ...
ابتسمت حياة وهي تستقل السيارة بجوار يوسف ثم ينطلق بهما وكم بدوا سعداء حينها وكأن جميع مشاكل العالم تبخرت ...
........
-ملاك ...
تجمدت ملاك عندما ناداها والدها ...حاولت بأقصي جهدها أن تسيطر علي انفعالاتها ...كانت لا تريد أن تبكي ...لا تريده أن يراها تبكي ...لم تكن مستعدة أن تخبره أنها تعرف حقيقته ...لقد قررت أن تذهب من هنا مع حبيبها عدي وانتهي الأمر ...لن تبقي معه ...هي لن تستطيع النظر في وجهه بعد اليوم ...لقد فقد احترامه لديها ...انهارت مكانته في عينيها ...فكرت بيأس ...هي تعيش في الجحيم منذ أن عرفت أن والدها تاجر مخدرات ...تشعر بكامل جسدها يحترق ...عقلها توقف تماما ولا تفكر في شئ الا الهرب من هنا ...نظرت إلي والدها بتردد...عينيها الرمادية رطبة بسبب الدموع ..عقد عامر حاجبيها واقترب منها وهو يعانق وجهها ويقول :
-مالك يا حبيبتي فيه ايه ؟!
نبرته الصادقة قتلتها حاولت الا تنظر إلي عينيه ولكن فشلت ...نظرت إلي عينيه المشبعة بحب لها فقط ثم انفجرت بالبكاء ...ارتعب عامر وهو يراها بتلك الحالة ونبض قلبه بخوف ...هل يا تري عرفت حقيقته ...هل تهاوت صورته بعيني ابنته الصغيرة ...هل أصبحت لا تحترمه ....كل تلك الوساوس هاجمت عقله فجأة ...اخافته بقوة ...ملاك هي كل ما لديه ...لا يمكنه أن يخسرها ...ملاك هي نقطة ضعفه ...قطعة من قلبه لا يستطيع أن يخسرها ...لقد ضحي بالكثير من أجلها. ..هو اختار ذلك الطريق ليجعلها تعيش حياة كريمة ولا يحرمها من شئ وسيضحي بهذا الطريق أيضا من أجلها ...تهربت ملاك منه وهي تقول بهدوء:
-مفيش يا بابا ..ماما وحشتني بس ...معرفش ليه بس النهاردة حاسة اني محتاجاها اووي ...
امسك عامر كفها وقال:
-هو أنا قصرت في حاجة يا ملاك ؟!
هزت ملاك رأسها وقالت :
-لا يا بابا بس مهما كان الأب مش مقصر أنا برضه محتاجة ماما صح ؟!
هز رأسه موافقا إياها وقال بحزن:
-اسف اني مقدرتش املي فراغها ...حاولت بس فشلت.
عضت شفتيها وحاولت الا تبكي وقالت :
-محدش بيملي مكان الام مهما عمل 
-عندك حق ..
وافقها الرأي ....لتقول هي بهدوء:
-بابا معلش لازم امشي دلوقتي ..
- مش النهاردة إجازة من الشغل .
قالها بتساؤل لترد هي :
-صاحبتي مستنياني في النادي قولت اخرج شوية واريح اعصابي ..
قبلها والدها علي رأسها وقال:
-انبسطي يا حبيبتي ..
لتبتعد عنه هي بسرعة وتذهب ...تنهد عامر وقال:
-عرفتِ الحقيقة يا ملاك أنا عارف . 
.......
كان عدي يقف أمام احدي مواقف الاتوبيس ...قلبه يرتجف داخل صدره لقد قرر أن يكون اناني ويهرب معها ..يترك كل شىء ...فملاك اكيد سوف تعرف حقيقته وحينها سوف تتركه للابد وهو لن يتحمل ...هو يحبها كثيرا ...لقد احتلته صاحبة العينين الرماديتين...وإن أراد أن يحتفظ بها يجب أن يكون اناني بحق ...في الاول سوف يهربان بعيدا ثم سيتزوجها وحينها ليس هناك اي احد مهما بلغت قوته سوف يأخذها منه ...
لمعت عينيه وهو يراها تقترب منه ...رسم ابتسامة علي وجهه وهو يتأمل وجهها الحزين ... اقترب منها وقال بحماس:
-الاتوبيس قر...
ولكنها قاطعته وقالت:
-عدي أنا مش هسافر معاك ...
بهت وجهه لتكمل هي بإبتسامة حزينة قائلة:
-انت عندك حق يا عدي مينفعش نهرب مش مشاكلنا مفروض نواجهها وانا اتعودت اني أواجه مشاكلي ومش ههرب المرادي ...لو بتحبني بجد اقف جمبي ...
ابتسم لها بحزن  وقال وهو يدرك أنه سوف يخسرها:
-انا هقف معاكِ مهما حصل يا ملاك .....
.........
في المساء...
كانت عامر جالس علي الأريكة وفي يده كأس شراب ...يفكر بإبنته وكيف تغيرت فجأة خلال اسبوع  فقط ...هو شبه متأكد انها عرفت بشأن عمله كتاجر مخدرات ..لقد كذبت عليه في ذلك اليوم ...هي فعلا استمعت لحديثه مع جاسر وعرفت كل شىء...لقد سمعها بالأمس تبكي بقوة ...تنهد بألم علي حال ابنته الصغيرة لم يتوقع ابدا أن يكون هو سبب في تألم طفلته ..أنه الآن خائف أن يواجهها ...خائف مما ستقوله ...وكم الاتهامات التي سوف توجهها له ... اغمض عينيه بألم وهو يتسائل ...أيعقل أنها كرهته!!!التفكير في هذا فقط حطم قلبه لأن عامر النجار قد يكون أسوأ رجل في العالم ولكنه أيضا اب محب ...يعشق ابنته بجنون ...ملاك هي نقطة ضعفة الوحيدة وقد حرص كثيرا علي أبعادها عن هذا المستنقع القذر ...فتح عينيه وتجرع كأسه بسرعة لعل تهدأ تلك النيران التي تشتعل داخله ...تنهد بيأس لينتفض عندما شعر بكف علي كتفه نظر إليه ليجده الصياد ...ابتسم عامر وقال:
-جيت في وقتك يا صياد...
-مالك يا عمي ؟!
قالها الصياد بحيرة ليرد عمه :
-ملاك عرفت كل حاجة ...
جلس جاسر بصدمة وقال:
-نعم ...عرفت ازاي يعني؟!
نظر إليه عمه وقال؛
-فاكر لما دخلت علينا احنا وبنتكلم ...هي وقتها سمعتنا ...انا بقيت قليل في نظر ملاك يا جاسر ...صحيح هي مواجهتنيش بس انا عارفها كويس....شفت في عينيها أنها بطلت تحترمني وده قهرني يا صياد ...اتمنيت وقتها اني اموت ولا اشوف النظرة دي في عينيها ...أنا مش عارف ازاي هصلح اللي عملته ...ازاي اخليها تحترمني تاني ...أنا مقهور ان بنتي الوحيدة بقت بتكرهني ...
تجمعت الدموع في عيني عامر ثم انسابت ...فغر جاسر فمه بدهشة ...أنها المرة الأولي التي يري عمه يبكي فيها وهذا بسبب ابنته ...هو يعلم كم يحب عامر ابنته ...هو يحبها أكثر من الحياة نفسها ...سوف يموت لكي تظل هي سعيدة ...اقترب جاسر من عمه وأمسك كفه وقال :
-انا عندي الحل يا عمي ..
نظر إليه عامر بحيرة ليتشجع جاسر ويقول الشئ الذي يريده ...الشئ الذي قرر أن يفعله بعد مزيد من التفكير ...هو غير مستعد لخسارة وعد وعمه غير مستعد لخسارة ابنته ...نظر إليه جاسر وقال:
-نتخلي عن اخر عملية ...خلاص نتوب من غير ما نعمل اي عملية تانية ...وبكدة تكسب ثقة ملاك من جديد ...
-انت عارف انت بتقول ايه ؟!الشحنة هتوصل بعد اسبوع يا صياد ودي ناس مبتهزرش ..
ابتسم الصياد وقال:
-مش هيقدروا يعملوا حاجة يا عمي متنساش احنا مين. ...هو ده الحل الوحيد ..خلينا نلغي العملية دي ...خلينا نعيش حياة نضيفة ...نفتح صفحة جديدة لينا كلنا ملاك وانا وانت ...ووعد ...
ابتسم له عمه وهز رأسه موافقا ودموعه تنساب من عينيه ليضمه جاسر إليه بقوة ويقول:
-النهاردة بس اقدر اقول اني جاسر النجار مش الصياد خالص ...الصياد مات خلاص ...
.......
-وعد ...وعد ...
قالها جاسر وهو يدخل لغرفة النوم التي بها وعد لتنتفض هي بخوف ... اقترب منها وأمسك كفها وهو يقول بسعادة:
-انا اتخليت عن الصفقة الأخيرة يا وعد.  .خلاص توبت  نهائيا وبطلت تجارة المخدرات ...وكل ده بفضلك ...أنا عملت كده عشان تقبليني تاني ..أنا خلاص عمري ما هرجع لتجارة السم ده تاني انا ....
بكت وعد وهي تنظر إليها بينما الذنب يمزقها بقسوة ...امسك جاسر وجهها وقال:
-مالك يا حبيبتي؟!
-انا بلغت عنك البوليس يا جاسر!
بهت وهو ينظر إليها ...ظن أنها تمزح ولكن اصوات سيارات الشرطة التي اقتربت من منزله فجأة لم تكن مزحة ... نهض تجمد في مكانه وهو ينظر إليها ...لقد طعنته وعد بطريقة لم يكن يتخيلها ...اقتحم رجال الشرطة المنزل ...ابتسم مالك وهو ينظر لجاسر وقال وهو يرفع الأصفاد الحديدية قائلا:
-والله ووقعت يا صياد !!!

google-playkhamsatmostaqltradent