Ads by Google X

رواية وعد بلا رحمة الفصل الاخير بقلم ياسمين ابو حسين

الصفحة الرئيسية

 رواية وعد بلا رحمة الفصل الاخير  بقلم ياسمين ابو حسين

 رواية وعد بلا رحمة الفصل الاخير

جلس جاسم امام فارس الذي قال له بتعقل :
_ اهدا كده يا باشمهندس جاسم.. لو سمحت طبعا اقول لك يا جاسم من غير باشمهندس.
اجابه جاسم مسرعا:
_ يشرفني يا فارس طبعا و الله.
اشار فارس للنادل و هو يقول بإمتنان:
_ الشرف ليا اني اتعرفت عليكم و الله.
اقترب منه النادل فقال له فارس:
_ اتنين قهوة مظبوط لو سمحت.
تركه النادل و ابتعد فعاد لجاسم بعينيه و قال:
_ اهدا كده يا جاسم علشان انا كل اللي انت فيه ده انا مريت بيه قبل كده.. انا فاهم كويس قوي وعارف شعورك عامل ازاي.
اجابه جاسم بإنفعال :
_ انا مستحيل حد يكون فاهم اللي أنا فيه مستحيل .. انا وهي اللي مارينا بيه ما فيش احد مر بيه في الدنيا دي كلها فمحدش هيقدر يفهم اللي احنا فيه ده واللي مخليني عايز اخنقها بإيديا.
ضحك فارس ضحكه عالية وقال و هو يسحب نفسا طويلا من تعبه السابق:
_ صدقني مستحيل تكون مريت باللي انا مريت بيه عشان تبقى فاهم انا وغزل مرينا بحاجات كتيرة لغايه ما فهمنا انه مش هنقدر نستغنى عن بعض ومش هنقدر نعيش غير مع بعض ولازم كل حاجه صعبه عيشناها قبل كده نحطها خطوه تحت رجلينا علشان ندوس عليها ونطلع ما تبقاش واقفة في وشنا.. ده اللي انتم لازم تفهموه الماضي لازم تحطه تحت رجليك وتقفوا عليه وتعلوا بيه... انما لو حطيته قدامك هتفضلوا واقفين مكانكم.
نكس جاسم راسه وقال بصوت خفيض متعب مستسلم:
_ انا تعبت ومش لاقي حل وشايف ان الاحسن لها تفضل بعيد عني ومش قادر اخليها بعيد عني.. انا بين الجنه وبين النار عاوزها ومش عاوزها بحبها وخايف عليها مني.. انا كل اللي انا بعمله ده خوف عليها.. مش عايزه اءذيها انا عاوز اشوفها مبسوطه بس مش عايزه اشوفها مع غيري.. عايز اشوفها سعيده بس لو حد اقرب منها خطوة هقتله.. مش عارف عايز ايه انا محتار و تعبان.
طالعه فارس مطولا باشفاق وقال بمكر:
_ عايز الفت انتباهك لحاجة واحده بس انها صغيره في السن ومعهاش اولاد انت كده بتخسرها لان هي سامحني بنوته وجميله واكيد اكيد هيتقدم لها كتير واللي انا متاكد منه انك لو دورت حوليها دلوقتي هتلاقي واحد جاهز وعايزها.. لان هي محترمه ومؤدبه وذكيه وفيها كل صفات الزوجه الناجحة وخذ بالك انه لو انت فكرت انه هي احسن تكون بعيد عنك فا هي تكون مع غيرك.
رفع جاسم رأسه و قال بحدة:
_ مستحيل تكون لحد غيري مستحيل حد يلمسها غيري و مستحيل هقبل اساسا .. دي بتاعتي انا وعملت المستحيل عشان تكون ليا.. عملت المستحيل انت فوق ما تتخيل او يجي في بالك ايه اللي ممكن اكون عملته انا عملته عشان تكون ليا ودفعت الثمن غالي.. انا خايف افشل معاها تاني خايف نرجع لبعض اءذيها تاني واوجعها تاني ونفشل .
طالعه فارس بشجن وقال :
_ انا كمان كنت زيك في يوم من الايام وضيعتها واذيتها كتير قوي اذيتها فوق ما تتخيل ولغايه دلوقتي بحاول اعوضها عن كل لحظه وجع انا حطيتها فيها وهي متستهلهاش لازم تعرف انه علاج المشكله مش في البعد.. البعد كان بيزود بيني وبين غزل الوجع البعد كان بيزود الخلاف ما بيننا.. ارجوك حلو مشاكلكم وانتم مع بعض هتقدرا.. وهي في حضنك مش هيهون عليك تزعلها و هي قدام عينيك وبتضحك هتعمل المستحيل عشان تراضيها انما طول ما انت عارف ان هي مش في ايدك و انها ممكن تكون في يوم لحد غيرك هتوجعها اكتر وغيرتك هتتحول لعنف وحبك هيتحول لأذية.. وانتم مع بعض هتقدر تحل مشاكلكم طول ما انت بعيد الخلاف هيزيد اكثر صدقني .
استند جاسم بمرفقيه علي الطاولة بينهم و قال بحزن ارتسم علي ملامحه القوية:
_ تعرف يا استاذ فارس انا نفسي اخذ الخطوه دى بس مش عارف ابدا منين انا طلقتها.. طلقتها وقعدت قدام الماذون وقلتاها انتي طالق و انا ببص جوة عنيها اللي كانت بتترجاني ما اقولهاش.. قلتهالها مرتين وجعتها مرتين وخايف عليها مني.. كل مشكلتي ان انا خايف عليها مني انا مبفكرش في نفسي واحد في المية والله ما بفكر في نفسي.. انا خايف عليها هي لان هي مش هتستحملالمرة دى ومش عارف اعمل ايه وزي ما حضرتك بتقول عاوز اكون جنبها بس خايف وجودي جنبها ده هو اللي يأذيها مش ابقى بصلح الموضوع.
ساد الصمت لثواني و فارس يفكر في طريقة تحفيزية له كي يرغمه علي اخذ القرار الصحيح بها حتي لمعت عينيه و قال بدهاء:
_ طيب انا هاقولك حاجه يمكن محدش يعرفها غير غزل ولا حتى اهل وعد.. بس انا هاقولهالك عشان انا كنت في يوم محطوط في الموقف ده وخايف عليك من رد الفعل وبصراحه بعصبيتك دي انا مش عارف رد فعلك هيكون ايه انا هاقول لك السر اللي قالته ليا غزل وانت لازم تعرفه.. اللي لازم تعرفه ان وعد متقدم لها عريس فعلا.. زميلها في الشغل اللي رجع معاها من الكويت وطلب منها ده في الطياره وهي رافضه تصارح اهلها فيه و مستنيه رد فعلك ولو انت ماخدتش خطوه هي ممكن توافق وهتسافر معاه و مش هترجع مصر تاني.. لو حابب تخسرها اخسرها بس وقتها ما تلومهاش انها اتجوزت غيرك وعاشت حياتها.. لوم نفسك لان هي قدامك دلوقتي و بتعطيك الفرصه كامله وانت اللي بتضيعها بإيدك .
صفع جاسم وجهه وقال و هو يكز اسنانه بغضب:
_ كنت حاسس.. كنت حاسس و الله وشاكك كنت حاسس بده من وقت ما شفتها راجعه معاه وانا متاكد.. نظراته ليها انا عارف فهمتها... اعمل ايه دلوقتي انا قاعد بتكلم مع حضرتك كل الكلام ده و انا ما اقدرش اتكلمه مع اصحابي وعشره عمري واخواتي لان انا شايف ان ده ضعف وانا مبحبش ابان ضعيف ولا عايز اكون ضعيف.. انا كل مشكلتي اللي موقفاني موضوع رجلي والعرجة اللي فيها كسراني و محسساني ان انا بني ادم ناقص.. غير ان انا خايف بعصبيتي دي اللي انا اءذيها تاني و اوجعها تاني وفي نفس الوقت هتروح مني انا مش عارف اعمل ايه.
اجابه فارس و هو يرتشف من فنجان قهوته:
_ لو بتحبها بجد متضيعهاش منك لان ده هيقتلك وفكره انك كل ثانيه يجي في بالك ان هي دلوقتي مع واحغيرك هتدمرك صدقني.. انا اخدت بالي من عرجه رجلك بس مش دى اللي تسميها عجز.. عادي دي اصابه بتحصل لنا كلنا محدش ضامن نفسه وما اعتقدش ان هي فحبها ليك و بنظراتها اللي كلها حب ممكن توقف عند سبب زي ده.. حبها وعوضها وخدها في حضنك ورجعها بيتك عيشوا حياتكم العمر قصير ما تضيعش وقت تاني انا بنصحك نصيحه اخ.. كنت في يوم من الايام في نفس موقفك.. اوعا تضيعها انا من السعاده اللي انا عايشها دلوقتي مع مراتي و ولادي بنصحك.. مراتي ربت ابني من زوجتي الاولانيه ربته و حبته وجابت بنوته و مش بتفرق بينهم في المعامله واحد في الميه وعايش اسعد انسان في الدنيا دي كلها عشان مسكت في الفرصه ماضيعتهاش مني اوعى تضيع الفرصه يا جاسم.
مرر جاسم انامله في شعراته و كأنه يقتلعهم من وجع راسه و حيرته ... ستذهب لغيره و هو جالس يشاهدها دون رد فعل منه ....

حركت غزل كتفيها وهي تطالع وعد المتسعة عينيها وتطالع هاتف غزل بتعجب .. وقالت لها غزل مؤكده :
_ اديني سمعتك كل حاجه .. جاسم بيحبك وعايزك بس مش عارف يلاقي الطريقه الصح .. فكره ان رجله مصابه زي ما قال هي دي اللي منعاه او مخلياه شويه فاقد الثقه بنفسه و فكره انه خايف يأذيكي او خايف يوجعك.. هو قال كده انا ما بفكرش غير في وعد وبس سمعتي يا وعد .
اغلقت غزل الاتصال الذي كان بينها وبين هاتف فارس وهي تنتظر رد وعد التي كانت تطالعه ببلاهة.. وخزتها غزل بذراعها وقالت :
_ ايه يا بنتي ساكته ليه ما قالك بحبك وعايزك هتفضلي مستسلمه كده .. هتفضلي مستنياه .. هتوافقي انه في يوم من الايام يتجوز ... يتجوز واحده تانيه يا وعد هيروح منك .. انا قلت لك انا كنت مكانك في يوم من الايام و كنت هاخسر جوزي بس وقت ما حسيت ان هو خلاص مايل ليا .. لازم انا يبقى في جوايا حته اصغر بها كرامتي وكبريائي شويه .. انا بحبه وعايزاه ومش هاقدر اشوف نفسي مع غيره ومش هاقدر اشوفه مع غيري لازم نتحدى الظروف ونتحدى كل حاجه عشان نعرف نعيش لان احنا مش هنعيش من غيرهم بنحبهم هنعمل ايه .
ابتسمت وعد براحة و قد لمعت عيناها و قالت :
_ انا ماكنتش متخيله انه بيفكر بالشكل ده انا تخيلت انه بيعاقبنى على اللي انا عملته فيه بيعاقبنى على قسوتي بيعاقبنى على فتره انا قولتلك ان انا كنت فيها مريضه .. انا مش بنكر انا كنت مريضه وبعترف وفخورة ان انا قدرت اعدى الفتره دي و قدرت اقوم شخصيتي وقدرت ارجع الحد اللي هو بيحبه مكنتش متخيله انه بيفكر فيها في انه خايف عليا منه .
غمزت لها غزل بعينها و سالتها بفضول :
_ واديكي عرفتي كل حاجه ناويه تصبري لغايه ما هو يجيلك مش ناويه تاخذي انتي اي اكشن عشان تجيبيه ناحيتك يا وعد هو بيحبك متخسرهوش .. بس بصراحه يستاهل انك تعملي عشانه اي حاجه ده بيحبك قوي .
تنهدت غزل مطولا وشردت بالبعيد وقالت :
_ قصتكم دى بتفكرني بنفسي .. انا كنت فاكره ان قصتي دي يعني ما فيش زيها في الدنيا لغايه ما سمعت قصتك .. عرفت ان في قصص كتير حوالينا بس بنبقى محتاجين حد يلفت انتباهنا انه اوقات بنخسر بعضنا وبنشترى كبريائنا اوعى تخسريه يا وعد .
تنهدت وعد براحة وقالت بسعادة ؛
_ انا خسرت مره قبل كده وعمري ما اخسره تاني و هعمل المستحيل عشان ارجعه ليا بس ازاي ؟!!
فكرت غزل قليلا وقالت بمكر :
_ انا ساعدتك على قد ما قدرت انما ازاي انا متاكده ان عندك انتى الحل لازم انتي ترجعيه بنفسك .. لازم تسعى ورا حلمك وتحققيه زي ما مشروعك قرب يكون حقيقه لازم اهم مشروع في حياتك يبدا .. و انا واثقة انك تقدري ترجعيه .
ابتسمت وعد بمكر و اخرجت هاتفها و راسلت روضة و علا و غزل تتابعها بابتسامة رائقة و قد تنفست براحة بعدما استطاعت مساعدتها و اخذت تدعو لها الله ان يريح قلبها .. حتي انتقلت عيناها لصورة فارس علي مكتبها و هو يطالعها بنهم لا ينتهي ليدق قلبها بسرعة مصاحبة دائما لرؤيته ..

............................................................................
.................

طوال الطريق و سامر يوزع أنظاره بين وعد و علا الصامتين بشكل مقلق تارة يطالع الطريق و تارة يطالعهما بتوجس قطع هذا الصمت القائم و قال:
_ وحدوه .
اجابته بوجوم:
_ لا اله الا الله .
قررت وعد البدء فقالت بغموض:
_ مالكم ساكتين كده ليه.
اجابتها علا باستنكار قائلة:
_ انا مش عايزه اتكلم سيبيني يا وعد براحتي مالكيش دعوه انتي.
تطلع سامر بوعد التي رفعت حاجبها و قالت بتذمر:
_ هو ايه اللي مالكيش دعوه هو انا بشحت منك انا بقول انتم ساكتين ليه بس.
التفتت اليها علا و قالت بحدة و قد قطبت ما بين حاجبيها:
_ وانتي بتزعقي ليه انا مجرد كلمه قلتهالك.. سبيني براحتي ايه اللي انا قلته عشان تخشي فيا الداخله دي و تزعقيلي... مالك يا وعد في ايه هو انتي سبتي العربيه بتاعتهم وجاي هنا عشان تشخطي و تنطرى فيا.
اشاحت وعد بيدها في وجه علا و زفرت بقوة جعلت سامر يتجمد في مقعده و قالت بضيق:
_ انا الحق عليا ان انا بسال مالك.. انا مش فاهماكي بصراحه كل واحد فيكم في حته كل واحد فيكم في ناحيه .. حياتك واقفه وبنتك مستنيه تعيش عيشه طبيعيه زي اي طفله في الدنيا وانتم الاتنين ولا احساس ولا شعور.
التفتت اليها علا بكامل جسدها و جلست علي مقعد السيارة علي ركبتيها جعلت وعد تنزوى و سامر قد اتسعت عيناه و قالت بصياح عالي:
_ يا ستي وانتي مالك انتي تعرفي اللي بيننا.. ايه دخلك في خصوصياتنا.. تعرفي احنا بعيد عن بعض الفتره دي ليه... انت ما تعرفيش حاجه بتحكمي ليه من بره وبعدين معلش الله يخليك مش قادرة على حياتك اللي باظت جايه تديني انا حكم ومواعظ .
انتفضت وعد في جلستها و اصبح وجهها مقابل لعلا و صرخت بها فجعلت سامر يجفل بعينيه و هي تقول:
_ مالك يا علا في ايه انتي نسيتي نفسك انت ازاي تكلميني بالطريقه دي انا اسفه اساسا اني انا عايزه اصلح بينكم وبعدين حياتي انا حره فيها اصلحها ابوظها انا حره انا بتكلم دلوقتي في امر واقع انتم مخطوبين انا وجاسم انفصلنا .
رفعت علا عينيها بملل و قالت بحدة:
_ اديكي قلتيها انتي قلتيها انفصلتي ... دلوقتي احنا مرتبطين بدبله و واحتمال ننفصل هنكمل ازاي بالمنظر ده وانت تقولي لي جواز وارتباط وبنتي طب ما احنا هتبقى نتيجتنا انه هبقى انا وسامر زيك انتي وجاسم.
ضربت وعد مقعد سامر بركبتها جعلت عجلة القيادة تهتز في يده و صرخت بوجهها قائلة:
_ انتي يا بنتي ما بتفهميش.. بقولك انفصلنا اتطلقنا وانتم داخلين على حياه جديده و بدايه حياه جديده علشان خاطر بنتك يبقى لها اب وتكبر في بيئه سويه بينكم.. انتي متخلفه يا علا.
رفعت علا ذراعها بحدة فاصطدمت بكتف سامر الذى طالعهما بخوف و قالت بنبرة عميقة تكاد تكون غليظة:
_ وعد متشتمنيش انا محترمه نفسي ومش عشان احنا هنشتغل مع بعض تقومي تشتميني.. وبعدين معلش يعني انا عايزه افهم.. وهسألك سؤال وحيد انتي بتديني مواعظ بتاع ايه ما تدي المواعظ دى لنفسك يمكن كانت تنفعك .
ضيقت وعد عيناها و قالت من بين اسنانها بشراسة :
_ بقولك ايه انا عارفه كل حاجة واقدر ادي لنفسي مواعظ واقدر اصلح حياتي واقدر اعمل كل اللي انا عايزاه اوعي تقولي اني مش نافعة نفسي باقولك اهه يا علا .
عادت علا وجلست بمقعدها و قالت بابتسامة ساخرة :
_ هو اي كلام بيتقال .. هو ايه اللي اقدر اعمل و اقدر اسوي واقدر ارجعوا اقدر اصلح طب ما تصلحي لو انتي تقدري يا فالحة .
عقدت وعد ذراعيها امام صدرها و قالت بتحدى :
_ علا متتحدنيش عشان انا على اخرى واي حاجه اعملها هتبقى حصلت في وقت عصبيه وهارجع اندم بعدها .. فمتتحدنيش يا علا .
التفتت اليها علا براسها وقالت بنظرة ثاقبة :
_ لا بقا انا هتحداكي و على اي رهان في الدنيا انك لو قدرتي ترجعي جاسم ليكي و انتي اللي ترجعيه بايديكي هاعمل لك كل اللي انت عايزاه ورهان برهان .
قالت لها وعد بحدة و سامر يبلع ريقه بتوتر غير مدرك للمكيدة التي تحاك حوله :
_ متتحدنيش يا علا عشان لو حطيت حاجه في دماغي هعملها واحنا الظروف اللي احنا فيها ما تسمحش باللي انتي بتقوليه ده ما بلاش تتحديني احسن .
عاد سامر بعينيه لعلا التي قالت بابتسامة ماكرة :
_ لا يا ستي انا بتحداكي وتحدي اكبر على التحدي بقى انك ترجعيله النهارده وتبقى مراته النهارده وتنامي في بيته النهارده لو انتي زى ما بتقولي..... اثبتيلي .
زفر سامر بحدة منتظرا رد وعد التي لم تخذله و قالت :
_ طب ولو نفذت ..اي حكم مني هترضى بيه .
اومأت علا براسها وقالت بثبات :
_ موافقه اي حكم هتقوليه هرضا بيه ايا كان .. بس تنفذي شرطي .. حكمك ايه بقى ؟!!
فكرت وعد قليلا و طالعت سامر هذه المرة وقالت بابتسامة يعلمها جيدا و يعلم انها لن تنذر بشىء بسيط :
_ انا قلت لك انا اقدر ارجع جاسم ليا النهارده وابقى في بيته النهارده زي ما انتي قلتي .. اه هاقدر يا علا بس بشرط لو انا عملت كده انتي النهارده كمان يبقى كتب كتابك على سامر و بتستعدوا لفرحكم خلال ايام .
انتفضا الاثنان علي فرملة قوية للسيارة و التفت سامر لوعد و جلس علي مقعده بركبتيه و علا و وعد يحاولان السيطرة علي فزعهما بينما قال هو بحماس وقوة :
_ هو ده اللهم صل على النبي اللهم صل عليه انا معاكي يا بوس شوفي انتي عاوزة تعملي ايه و انا معاكي فيه .. انتي طالما حكمك كتب كتاب وفرح خلاص انا معاكي يا سوسة شوفي انتي عايزه تعملي ايه وانا من دلوقتي ايدك اليمين وهعملك كل اللي انتي عايزاه هاعمله ليكي انا موافق جدا على عالعقاب ده .
طالعت وعد علا بنظرات ذات مغزى بعد نجاح اول طرف بالخطة ....

..................................................................................
.........................

لم يترك الحنق وجهه كلمات فارس تدور برأسه دون توقف لا يقطعها سوى صوت قهقهات مالك الرائق للغاية .. التفت جاسم ناحية مالك وسأله بضيق :
_ هو في حد بيزغزغك ايه الضحك و الكركرة اللي انت فيها دى هو انا ناقصك .
اجابه مالك بهدوء :
_ بتشات مع روضة عاوزة تعرف قدامنا قد ايه ونوصل .
تصنع جاسم الابتسام و قال بسخرية لاذعة :
_ و ايه اللي بيضحك بكده يا تافه عصرك واوانك .
طالع مالك الطريق و شبح ابتسامة يلوح علي مبسمه و قال :
_ كلام سر بيني و بين المودام ما ينفعش اقولك سبب ضحكي .
ضحك جاسم اخيرا و قال له بمداعبة :
_ المودام .. الله يسهلوا يا عم مقضينها كلام + ١٨ .
اشاح مالك بيده في وجهه و قال باستنكار :
_ يا اخويا بطل قر هو طول ما انتم ورانا لا هنقضيها كلام و لا فعل ربنا يا يهديكم يا ياخدكم ويخلصني .
قهقه جاسم قائلا :
_ ماشي يا صاحبي عرفها انه قدامنا نص ساعة خلاص و هتبقى معاها اياكش ترتاح .
رن هاتف جاسم فاجابه مسرعا وقال :
_ ايه يا سامر انتم كويسين ؟!!
_ ايوة الحمد لله .. بس في غلطة اكتشفناها بتصميم مالك تعالو عالشركة احنا قربنا نوصل بتاع نص ساعة كده .
ضيق جاسم عينيه وقال بشك :
_ انا راجعت التصميمات بنفسي و كلها تمام بشكل مبدأي .
_ يا عم اسمع الكلام عاوزين نخلصها قبل ما نرجع بيوتنا و نكسل او ننسي اسمع الكلام .
تطلع جاسم بمالك المنشغل بهاتفه و يبتسم بشغف و قال :
_ معاك حق اصل الواد ده لو راح بيته النهاردة عاوزله اسبوع علشان يورينا نفسه تاني ده واقع يا معلم .
_ و حياتك و انا شرحه بس هانت .
تابع جاسم الطريق وقال بجدية :
_ تمام نتقابل هناك يا صاحبي يالا سلام .

وصلوا اخيرا صف جاسم سيارته .. و هبط منها هو ومالك فانتبهوا علي وقفة سيارة سامر .. ترجلوا من السيارة ليسرع مالك قائلا :
_ انا رايح اجيب كارت شحن للفون علشان اكلم روضة اطمنها عليا .
ضيق جاسم عينيه و هو يقول بخفوت :
_ ما كان خد تليفون حد منا .
ليتفاجىء بعلا تقول :
_ سامر تعالا وصلني اروح لمام كلمتني وريتال تعبانة شوية ولازم اروحلها .
ثم عادت بعينها لجاسم وقالت :
_ لما ترجع نقعد و تعرفونا اتفقتوا علي ايه تمام .
هز جاسم كتفيه باستسلام و قال بتعجب :
_ تمام .
انصرف سامر وعلا و بقي هو و وعد التي تطالعه ببرود .. اشار لها بذراعه و قال :
_ اتفضلي نطلع لغاية ما مالك ييجي و سامر يرجع نشوف في ايه .
لم تجبه وسارت امامه فهز راسه بياس و تبعها .. وقفت قبالة المصعد و قد تسارعت انفاسها .. لتاتي نفس الذراع الطويلة من خلفها وضغطت زر المصعد .. دقائق و وصل المصعد ففتحت الباب و دلفت للداخل واستدارت لتواجه نظرات جاسم المشدوهه متذكرين هما الاثنين اول يوم تقابلا فيه ..
تتخطي جاسم افكاره و هو يتطلع بوجهها ودلف للداخل واغلق المصعد ورائه و ضغط زر الصعود .. تابعها بعينيه و هو يلاحظ انكماشها وذعرها فسألها بقلق :
_ انتي لسه بتخافي من الاصانسير ؟!!
طالعته وعد بحدة و قالت :
_ و انت مالك خليك في حالك تعرف .
قطب جاسم حاجبيه وقال بضيق :
_ ليكي حق انا اللي غلطان برضه انتي حرة تخافي متخافيش انتي حرة .
اهتز المصعد بهما و تشوشت اضائته و توقف ...
تهدل كتفي وعد و طالعت جاسم بنفور و قالت :
_ اهه الاصانسير اتعطل من وشك اللي شبه القميص اللي ما شافش مكواه بحياته ده .
ضيق جاسم عينيه و صاح بها بحدة قائلا :
_ بت .. لمي لسانك احسنلك هو ايه سكتناله دخل بحماره .
رفعت وعد حاجبيها وقالت بصياح تبادلي :
_ هي مين دي اللي بت ما تلم لسانك انت و لا اطلق عليك لساني الستة متر اللي هقصلك منه حته تستر بيها كرامتك اللي همسحلك بيها الارض دلواقتي .
قبض جاسم كفه وقربه من وجهها وقال بشراسة :
_ لولا اني ميصحش المسك او اعجنلك وشك ده و افرده زى البيتزا كنت شوهتك علي قلة ادبك دي .
ضحكت وعد بسخرية وقالت بفتور :
_ اتكلم علي قدك و باعدين بما انك مش هتقدر تلمسني او تضربني مثلا انا بقا هقول كل اللي انا عاوزاه .. انت اناني و بتحب نفسك و بس و مغرور و فاااشل عاطفيا .
ضرب جاسم حائط المصعد و قال بتوعد :
_ وديني لو ما سكتي يا وعد لهمسك راسك دي و هكسر بيها مرايات الاصانسير ده و اقصلك لسانك اللي انتي فرحانة بيه ده و اخليكي تهبهبي .
تماكت وعد نفسها من الضحك عليه و زمت شفتيها و قالت بهدوء :
_ اتكلم علي قدك و شوفلنا حل في الورطة اللي احنا فيها دى بدل ما انت واقف مالكش لازمة كده .
ضيق عينيه و اقترب منه فعادت بظهرها للخلف بخوف حتي اصطدمت بحائط المصعد بينما هدر هو امام وجهها :
_ انتي عاوزة ايه بالظبط .. عاوزاني اتغابى عليكي و معملش حساب لحاجة كده هترتاحي .
ابتلعت ريقها و قالت متصنعة القوة :
_ يا مامي خفت انا كده وركبي بتخبط في بعض سامعهم .. افتحلهم بقا علشان ما يقفوش برة كتير .
ضرب بقبضته الحائط جنب وجهها و هو يقول بصراخ :
_ بتستفزيني ليه انطقي .. ورب العزة انا لو اطول رقبتك لهخنقك و الطشك خمسين قلم علي وشك ده اضيعلك ملامحه .
انكمشت في نفسها وتابعت باصرار :
_ هو اساسا لو انا مراتك دلوقتي كنت هسمحلك تلمسني ده انا كنت قطعتلك ايدك قبل ما تتمد عليا يا زفت انت .
اتسعت عينيه بعد سبها له و قال بتعجب :
_ انا زفت يا زفتة البرك انتي !!
اومات وعد براسها وقالت :
_ ايوة هو انا هخاف منك .. و لو راجل بجد وريني هتلمسني ازاى .
صك اسنانه بقوة و قال :
_ طب وحياة امي ما هتعدى الليلة دى الا و انا مساويكي بالاسفلت يا وعد .
اخرج هاتفه و هاتف مالك و قال بنبرة ثابته :
_ مالك هاتلي ماذون في خمس دقايق من تحت الارض و شغلي الاصانصير ده يا تفجروا بينا لاني لو محصلش اللي طلبته منك هطربقها عالكل .
صفع مالك كفه بكف روضه و تصنع البلاهة قائلا :
_ انا مش فاهم حاجة و مأذون ايه اللي انت عاوزه ؟!!
اخفت وعد ابتسامتها و صرخت قائلة بتصنع :
_ الحقني يا مالك وشغل الاصانصير ده المجنون ده عاوز يموتني .
ابتسم جاسم بنصر وقال :
_ خوفتي دلوقتي و ربنا لهكتب كتابي بس و هديكي علقة اربيكي بيها و وريني هتقطعي ايدى ازاى.. اصبرى بس مش انتي بتتحامي في اني مش عارف ألمسك انا هوريكي .
ثم ابتعد بالهاتف و صرخ بمالك قائلا :
_ مالك شغلي الهباب ده باي شكل و لو الماذون ما جاش وديني هقتلها و اقتل نفسي .
اسرع مالك قائلا:
_ طب اقفل و انا هتصرف و هجيبلك المأذون حاضر بس اهدوا يا شوية مجانين .
اغلق جاسم الهاتف و القاه بكل قوته بالارض و طالعها بقوة و قال :
_ كل اللي عملتيه فيا هطلعه عليكي النهاردة و لو نطقتي بحرف مش هكبر لحد .
تطلع سامر حوله وقال بتعجب :
_ هو عمي فضل فين كل ده تأخير .
اجابته روضة مسرعة :
_ اصله فات جاب بابا و ماما و طنط دولت و عمرو هيجيب هو المأذون .
دقائق و توقف سيارة عمرو و هبط منها هو و المأذون و اقترب منهم قائلا :
_ هي وعد عملت ايه خلت الحجر ده يردها .
تنحنحت علا وقالت :
_ مش مهم تعرف المهم انهم هيرجعوا النهاردة .. اختك دى يتخاف منها وربنا .
غمز لها سامر بعينه وقال :
_ هتبقي مراتي اخيرا يا وحش .
ابتسمت علا بيأس و ابتعدت بعينيها عنه .. لينتبهوا علي وقفة سيارة فضل .. اعطي مالك الاشارة لفرد الامن الذي توجه للوحة الكهرباء و اعاد تشغيل المصعد مجددا ..
انتبهت وعد وجاسم علي صعود المصعد فابتسم جاسم بنصر و قال :
_ وقعتي ولا حدش سمي عليكي .
تصنعت وعد التوتر و الخوف و لم تجبه .. توقف المصعد فاشار اليها بيده قائلا :
_ اتفضلي قدامي علي مكتبي مش عملالي بودى جارد و بتتحديني اتفضلي .. انا هوريكي تتحديني ازاي .
زفرت بضيق و خرجت و هي تفرك اصابعها بتوتر و قالت :
_ انا هوافق عالهبل اللي هنعمله ده بس علشان ضوافري اللي انا سناها زى السكاكين دى هخليها ترسم خريطة مصر علي وشك و هدفعك تمن كل اللي عملته فيا .
صك اسنانه و هم ان يصب علي راسها كلماته اللاذعة و لكنها تركته ودلفت للشركة وعيون الجميع تتابعها بتوتر .. اشارت لراندا بيدها وقالت :
_ اخبارك ايه يا راندا .. اطلبي الاسعاف لو سمحتي .
فغرت راندا فمها بعدم فهم وقالت :
_ انا كويسة .. بس .. الاسعاف لمين ؟!!
تبعتها راندا بعينها حتي التفتت مذعورة علي صوت جاسم الذي قال بقوة :
_ اول ما مالك و سامر ييجوا يدخلوا فورا ماشي .
ابتلعت راندا ريقها و قالت بذعر :
_ حاضر يا باش مهندس تحت امرك .
رفعت سماعة هاتفها و هاتفت الاسعاف قائلة بتوتر :
_ الو مستشفي المجانين !! قققصدى المستشفي ....... عاوزين الاسعاف ضرورى .
وضعت السماعة مكانها لتنتبه لدلوف مالك قائلا بترحاب :
_ اتفضل يا سيدنا من هنا اتفضل .
رفعت راندا طرف شفتها و هي ترى المأذون امامها .. بينما اقترب منها مالك قائلا :
_ اطلبي لينا الشربات و الحاجة الساقعة يا راندا .
دلفا لغرفة جاسم فرفعت راندا سماعة الهاتف مجددا و قالت :
_ البوفيه .. عاوزين شربات ..... هو ايه اللي شربات ايه انا اش عرفني اتصرف و شوف بيجي منين ده و هات حاجة ساقعة....... لاربع اشخاص .
وضعت سماعة الهاتف لتجد سامر وعلا و روضة و عمرو وباقي العائلة جميعا يدلفون ليقترب منها سامر قائلا :
- راندا عاوزين تورت و كيك وحلويات بسرعة .
طالعت دلوفهم بتعجب ثم انحنت وطالعت هذا الزحام بالمكتب و عادت لسماعة الهاتف حملتها و قالت :
_ البوفيه..... مش اربعة لحوالي ؟؟؟ بص انزل هات كل العصير و البيبس و الجاتوهات و الحلويات اللي في السوق....... انت مالك يا بني ادم ليه نفذ الكلام وبس .
اعادت السماعة مكانها و انحنت مجددا وطالعت داخل الغرفة المزدحمة و هي تهز راسها بعدم فهم ..
التفت راندا حول مكتبها ودلفت لمكتب جاسم الواقف يتابع تجمعهم المريب بصدمة... ثم سار خطوتين ناحية وعد و سالها بريبة:
_ ايه اللي جاب أهلي و أهلك هنا؟!
ابتسمت بطفولة و اشارت له ان يقترب و قالت بخوف:
_ اقولك سر.
ذاب مع حركاتها و نظراتها و تحكم في تعابير وجهه و قال ببرود مصطنع:
_ سر ايه؟!
تعمقت بعينيه و قالت بصدق العالم كله و بنبرة تذيب الحجر من رقتها:
_ انا في كلام كتير عاوزة اقوله و مش هينفع اقوله الا و انا مراتك بس كل اللي عاوزاك تعرفه اني عملت الفيلم ده كله علشان انا قررت اني مش هسيبك تروح مني مهما حصل.. تتجوزني يا جاسم؟
عادت لعينيه الحياة بنفس الابتسامة الجانبية التي يخصها هي وحدها بها و فكر قليلا ثم قال:
_ انتي بتطلبي ايدى للجواز يا وعد؟!
كان الجميع يتابع همسهم بترقب بينما قال المأذون بضيق:
_ لقد اجتمعنا كلنا فلم الانتظار؟!
مال عليه سامر و قال بهمس:
_ كلما طال انتظارك زاد اجرك يا رجل تحلي بالصبر.
تعالت ضحكات علا علي طريقته فوخزها بذراعها و هو يقول:
_ ورحمة ابويا لو سمعتلك نفس لهلبسك دفتر المأذون ده بوشك.
تنحنحت علا و عادت بعينيها لجاسم و وعد التي ابتعدت عن جاسم و وقفت امام فضل و دولت و قالت لهما بجرأة:
_ بابا.. ماما.. انا عاوزة اطلب منكم ايد جاسم للجواز لاني لو صبرت علشان هو يتحرك عمرنا هيضيع عالفاضي.
وقفت دولت مسرعة و اطلقت زغاريدها التي أفزعت راندا فجعلتها تنتفض في وقفتها بذعر بينما قال لها فضل بنفاذ صبر:
_ انا موافق يا وعد ربنا يهنيكم.. اكتب يا سيدنا الشيخ الكتاب.. هات يا جاسم بطاقتك بسرعة.
طالعهم جاسم ببلاهة ثم قال بابتسامة ساخرة:
_ اروح اتحجب و اقعد في البيت انا بقا علي كده.
لف مالك ذراعه حول كتفي روضة و قال برجاء:
_ جاسم و حياة اغلي حاجة عندك اللي هي وعد انجز انا متجوز مع ايقاف التنفيذ بسببكم يا اخي حرام عليك.
وقف سامر ايضا و قال برجاء اكبر:
_ و انا لو انتم كتبتم الكتاب هكتب كتابي بعدك دلوقتي و انا و الله تعبت ارحمني يا اخي .
ابتسمت شفتي جاسم و سار ببطء فظهرت عرجة ساقه الواضحة و وقف امام وعد و قال:
_ اكيد دلوقتي شوفتي اني رجلي مبقتش طبيعية بعد الرصاصة اللي صابتها هتستحملي شكلي ده.. مش هتتكسفي قدام معارفك و صحابك مني و انا بعرج كده.
طالعت وعد ساقه ثم عادت لعينيه و قالت:
_ عرجه رجلك دى كانت تمن لان ابويا و امي ما يتحرقش قلبهم عليا.. كانت تمن لان اخويا و اختي ما يعيشوش نص ميتين بعد خسارتهم ليا.. كانت تمن لإني واقفة قدامك دلوقتي و بتمني اعيش العمر كله تحت رجلك دى يا جاسم.
ابتلع جاسم ريقه بتوتر و هو يتنقل بين عيناها مستشعرا حبها و صدقها.. وقف عمرو الى جواره و قال بحب:
_ ادى لقلبك فرصة يتكلم يا جاسم.
التفت اليه جاسم و اخرج بطاقته الشخصية و ناولها للمأذون قائلا بنفاذ صبر:
_ اتفضل البطاقة يا مولانا لانه جوايا كلام مش هينفع يتقال منه حرف غير لما البت دى تكون مراتي و حالا.
استندت وعد برأسها علي صدر عمرو و ذرفت دموعها بصمت و هي تبتسم براحة .. جلس جاسم و عيسي بجانبي المأذون و بدأت مراسم كتب الكتاب و الجميع يبتسم براحة...
اعلنهما المأذون زوجة و زوج بعقد جديد و مهر جديد و مؤخر صداق جديد.. التقط سامر المنديل و قال بسعادة:
_ دورى بقا انا صبرت كتير.. اعقد قراني يا مولانا علي هذه الشابة الجميلة اطال الله بعمرك و ازاد اجرتك يا رجُل.
تعالت ضحكات الجميع عليه بينما اقترب جاسم من وعد و هو يبتسم براحة .. و ما ان اصبح قبالتها حتي تجهم وجهه و قبض علي رقبتها و قال بغضب:
_ انا زفت و هتمسحي بكرامتي الارض و هتقطعي ايدي لو اتمدت عليكي صح يا زفته.
تأوهت وعد من قبضته و قالت بمداعبة:
_ قطع لسان اللي يقول عليك كده.. دى علا هي حفظتني الكلام ده علشان اقولهولك و استفزك تتجوزني.
صفرت علا و تطلعت حولها و كانها لم تسمع شئ.. طالعها جاسم بحدة و عاد لوعد قائلا بنفاذ صبر:
_ بتعطلي الاصانسير بينا علشان تنفذي خطتك يا وعد طب و ربنا و ربنا كمان مرة لهسفلت وشك ده و همسح بيه البلاط.
اسرعت وعد قائلة:
_ وربنا ما انا دى فكرة روضة و مالك اللي نفذ انا ماليش دعوة.
وقف مالك و قبض كف روضة قائلا:
_ طب يا جماعة نشوف وشكم بخير احنا بقا شهر عسل كده في السلوم هنرجع منه بعد سنتين ان شاء الله.. يالا يا روضة.
اجابته روضة بخجل:
_ يالا يا حبيبي احنا اصلا اتاخرنا عالمترو اللي رايح الخرطوم.
اجابها مالك بتذمر:
_ خرطوم ايه بقولك السلوووم يالا يا قلبي.
و خرجا مسرعين من خجلهما.. وقف عمر قبالة جاسم و قال بتذمر:
_ يا جاسم سيبها ما يصحش كده يا اخي .
رفع جاسم ذراعه مستنكرا و قال بحدة:
_ سيبني يا عمرو دول عصابة و مدورينها و مالهومش كبير .. و باعدين دى بقت مراتي و حلال فيها اللي هعمله ومحدش يقدر يكلمني ربع كلمة .
جذبها من ذراعها و خرج مسرعا وهو يقول بتوعد بلا رحمة :
_ تعالي ده انا هوريكي النجوم في عز الضهر .
وقف سامر قبالته و اعترض طريقه قائلا :
_ رايح فين هو مالك الندل خلع و انت هتسيبني و تمشي انا هتجوز اختك دلواقتي .
ازاحه جاسم من امامه قائلا :
_ يا عم تلاقي كتب كتابكم ده بخطة زى اللي اتعملت فيا هما دول يتآمن ليهم تاني بعد اللي عملوه .. اوعي من وشي .
صرخت وعد قائلة بخوف:
_ الحقني يابابا ارجوك .
ارسل لها عيسي قبلة بالهواء و قال ضاحكا :
_ بالشفا يا حبيبتي حلال فيكي و الله
سار سامر ناحية علا و كلمات جاسم تدور بعقله و عض علي شفته السفلي و سألها بترقب :
_ صحيح جوازنا ده من ضمن الخطة يا باش مهندسة ؟!!!!
صفرت علا مجددا و تطلعت حولها ببلاهة كأنها لم تفعل فقبض سامر قبضته وتوعدها بلا رحمة قائلا :
_ طب و رحمة ابويا لهكتب كتابي دلوقتي و هاخدك علي بيتي دلوقتي و ما هأجل حاجة تاني و هعرفك تلعبي عليا ازاي يا علا .
اتسعت عيني علا بذعر و هي تراه يسأل فضل قائلا بحدة :
_ موافق علي اللي قولته ده يا عمي ؟!
اجابه فضل بابتسامة متسعة :
_ اتكل علي الله يا ابني بلا مياعة فارغة و خدها بعدها علي بيتك .
وقفت علا بحدة و قالت بتذمر :
_ ايه اللي انت بتقوله ده يا بابا ؟!!
اجلستها دولت عنوة بعدما جذبتها من ذراعها و قالت بصياح غاضب :
_ اتهدى و اقعدى بقا غلبتينا كلنا هو انتي محدش قادر عليكي .. ابدأ يا مولانا .
تطلع عيسي بسلوى التي انتبهت اليه فابتعدت بعينيها عنه و ابتسمت بخفوت و عمرو يوزع انظاره بينهما باشفاق .. و كالعادة يا سادة انتهت مراسم كتب الكتاب فانتفض سامر واقفا و جذب علا من ذراعها قائلا :
_ قدامي يا هانم ده انتي الجاي ليكي معايا سواد علي لعبك بيا ده .
جذبت علا ذراعها منه و قالت برجاء :
_ استني بس يا سامر طب هتاخدني فين و بنتي اسلم عليها عالاقل .
ضحك سامر بسخرية وقال :
_ شقتي و جاهزة من كله حتي هدوم ليكي جايب هو انتي فاكرة نفسك بس اللي بتعرفي تخططي .
حركت راندا شفتيها و هي تطالعهما بعدم فهم .. وقف المأذون و قال :
_ بارك الله لهم جميعا استاذنكم .
اشار فضل لعمرو وقال :
_ الله يبارك فيك يا شيخنا .. وصل الشيخ للبيت يا ابو وعد و انا هوصل اهلك للبيت ما تقلقش .
اوما عمرو براسه و قال :
_ حاضر يا عمي تحت امرك .. اتفضل يا شيخنا .
وقف الجميع فقال فضل بسعادة:
_ الواحد لاول مرة يرتاح من زمان .. انا عاوز انام يومين .
ابتسم عيسي و قال مؤيدا ماقاله فضل :
_ معاك حق و الله يا حاج فضل اخيرا اتطمنا عليهم .. ربنا يهديهم و يهدي سرهم و يرزقهم الذرية الصالحة .
اشارت دولت لسلوى قائلة :
_ يالا يا سلوى مافيش لازمة لقعدتنا خلاص مهمتنا انتهت و اتطمنا عالولاد .
سارت معها سلوى قائلة :
_ معاكي حق .. الحمد لله .
خرجوا و اغلقت راندا باب المكتب و عادت لمكتبها و جلست و هي تقول :
_ يارب ياخدوا اجازة بتاع عشروميت سنة خليني ارتاح منهم ده هو اللي فاضل بعقلي شعرة يارب خلاص و مش هيرتاحوا غير لما يقطعوها و يحطوني بايدهم في مصحة مجانيين .

................................................................
................

وصل فضل بسيارته امام منزل عيسي فترجل هو و سلوى ودعوهما وانطلق فضل بسيارته .. توجهت سلوى للبيت فاوقفها عيسي قائلا :
_ سلوى ممكن نتكلم شوية ؟!!
توقفت مكانها و قالت و هي موليه اياه ظهرها :
_ مافيش بينا كلام خلاص يا عيسي انت اختارت حياتك و انا اختارت ولادي .
سار ناحيتها و التف حولها حتي وقف امامها... طالعها بشوق متعمقا بعينيها و قال بتنهيدة حزينة :
_ وحشاني يا نصي التاني يا عشرة عمرى كله و حبي الاول و الاخير .. مش قادر استحمل بعدك عني تاني يا سلوى حرام عليكي .
رفعت سلوى عينيا ناحيته و طالعته بنظرات ثابتة و قالت :
_ انت اللي بعدت خلاص انا علشان بحبك استحملت اللي مافيش بشر يستحمله و خسرت ولادى في السكة انا بس كنت الطرف اللي بيضحي علشان حبنا و انت مقدمتش اى خطوة علشاني و لو لمرة واحدة .
اغلق عينيه وسحب نفسا طويلا ثم تطلع بها قائلا بنبرة عمية :
_ و انا تعبت و الله تعبت .. كنت فاكر انه بسفري هقدر اضمن لولادى عيشة مرتاحة بالفلوس ماكنتش عاوز اخليهم يشوفوا اللي انا شوفته و الفقر اللي كبرت فيه .. اتجوزت اه تجوزت علشان اضمن اني ما اسيبش الشغل و الفلوس تقف فكرت فيهم و الله مش فيا .. قوليلي يا سلوى انا استفادت ايه من عمرى اللي راح عملت ايه لنفسي ؟ كنت كل شهر ببعت ليهم اغلب الفلوس علشان اى حاجة يحتاجوها تبقي تحت رجليهم .. و الله تاني ما فكرت غير فيهم .
تطلعت سلوى حولها للطريق و هدات من انفعالها و عادت اليه قائلة :
_ حسبتها غلط يا عيسي و انا كمان حسبتها غلط .. انا و انت صحيح كانت طفولتنا في فقر بس اللي عوضنا وجود اهلنا معانا .. لولا امي ولادى كانوا راحوا .. صحيح امنا ليهم الفلوس بس حرمناهم من اللي أغلي من الفلوس .. اهتمامنا و حبنا و توجيهاتنا .. يتمنا عيالنا و احنا عايشين يا عيسي بادينا انت حاسس مرارة الكلمة .
تجمعت العبرات بعينه و صمت قليلا قبل ان يقول بنبرة باردة ميتة لا حياة بها :
_ و انا من غيرك يتيم يا سلوى .
اخرج هاتفه من جيبه و عبث به قليلا و قال مجيبا اتصاله :
_ السلام عليكم يا براء .. اسمعيني كويس .. انتي هتلمي كل هدومك و هدومي و تيجي مصر علي اول طيارة ......... من غير ليه كلامي يتسمع اخرك اسبوع لو مجتيش مصر ورقتك هتوصلك و ده كلام نهائي.......... تمام هستناكي و ما تقلقيش هنا هتلاقي عيلة كبيرة قوي و عمرك ما هتحسي بوحدة تاني ... تمام خلي بالك من نفسك مع السلامة .
اغلق الهاتف و طالع سلوى التي تطالعه بعبوس متكلم فاسرع قائلا :
_ دي غلبانة جدا و الله و وقفت مع وعد وقفة ربنا اللي عالم بيها .. انا مش هطلب منك تتعاملي معاها بس عالاقل اكون جنبك و سفر تاني مش هسافر .
ابتعدت بعينيها عنه فقال متابعا :
_ اعتبريها مجتش و مش هتشوفي وشها و هبقي يوم معاكي و يوم معاها بعدل ربنا و كل طلباتك اوامر بس كفاية بُعد بقا يا سلوى.
صمتت قليلا و اخذت تفكر و هو يطالع انفعالاتها بقلق و يطالعها بترقب حتي قالت:
_ موافقة بس بشرط.
ابتسم بخفوت كمن ازيح جبل عن اكتافه و قال براحة:
_ انا موافق من غير ما تقولي و برضه حابب اسمع شرطك.
اومأت براسها و قالت:
_ هتجيب مراتك و هتقعدوا بالبيت فوق و خليها تختار الاوضة اللي تريحها سواء اوضة وعد و لا روضة و لا حتي عمرو بس هتكون قدامي و تحت ايديا.
ضيق عيسي عينيه و سألها بتعجب ممزوج بالصدمة:
_ ليه بقا ان شاء الله مش فاهم.
هدرت به سلوى من بين اسنانها قائلة:
_ انا هناك كنت بستني فضلاتها و بواقيك و كاني رجل كنبة ماليش لازمة و هنا هخليها تدوق اللي انا شوفته و علشان لو تجاوزت معاها و ديني لهقتلك و هقتلها.
تعالت ضحكات عيسي و اقترب منها قائلا:
_ انت لسه بتغير عليا يا واد.. عسل و انت غيران شبه غزل البنات تتاكل اكل.
اخفت سلوى ابتسامتها متصنعة العبوس و قالت بحدة:
_ اتكلم جد لو سمحت و اللي هقوله هيمشي عليك و عليها انت فاهم.
رفع حاجبه و قال بنبرة عميقة و صوت غليظ:
_ ده في المشمش يا ابلة انا راجل البيت ده غصب عنك و كلمتي كانت و مازالت و هتمشي عليكي و علي اي حد.. هو انا علشان دلعتك و داديتك و بقولك وحشاني و عامل فيها هاني شاكر تفتكرى اني ضعيف.. قدامي علي فوق يا سلوى و قدامك نص ساعة تحضريلي فيها محشي و كوارع و الا هطبرق البيت علي دماغك.
اتسعت عيناها و قالت له بخفوت:
_ هششش وطي صوتك احنا في الشارع.
قبض علي ذراعها و قال بقوة:
_ و لما انتي عارفة اننا بالشارع بتستفزيني ليه.. قدامي علي فوق انا اتساهلت عليكي كتير.
حاولت جذب ذراعها قائلة:
_ طب بالراحة طيب دراعي وجعني يا عيسي مش كده.
ضرب كتفها بكتفه و قال بهمس:
_ نطلع فوق بس و انا هوريكي اللي عمرك ما شوفتيه.
فهمت مغزى كلامه فلمعت عيناها و زمت شفتيها كابتة لضحكاتها بينما كان يطالعها هو بقلب شاب سبق له و عشق كل تفاصيلها و غنجها و غباؤها و حنانها و مازال شابا في حبها رغم كل الظروف...

صف عمرو سيارته و صعد الدرج بإرهاق و مر علي شقة والدته اولا.. دلف للداخل و اغلق ورائه الباب قائلا:
_ مساء العسل يا امتثال.
ابتسمت الجدة و قالت بحنو:
_ يسعد مساك يا حبيبي مالك شكلك تعبان كده ليه.
تمدد علي الاريكة و وضع راسه علي ساقيها و قال بإنهاك:
_ تعبان يا تيتة و الله من يوم فرح روضة و انا مانمتش ساعتين علي بعض.. بس خلاص النهاردة ارتاحت.. ماما حكتلك اللي حصل.
اومأت الجدة برأسها وهي تملس علي شعراته و قالت:
_ اه يا حبيبي حكتلي و الحمد لله كلنا ارتاحنا ربنا يفرحكم كلكم يا ابني.
تنفس عمرو براحة و قال:
_ النهاردة بس الحمل كله اتشال من عليا.. كل واحدة من اخواتي بقت في بيتها مع جوزها و هفضل ادعيلهم انهم يرتاحوا بحياتهم علشان افضل مرتاح.
_ ربنا يريح قلبك يا ابني و يباركلك في بنتك و مراتك.
تطلع عمرو حوله و قال بتعجب:
_ اومال ماما فين مش شايفها هي عند روان فوق؟!
ابتسمت الجدة و تحولت ابتسامتها لقهقهه خفيفة و قالت:
_ امك مع ابوك في اوضتهم جوة.
انتفض عمرو جالسا و هو يقول بصدمة:
_ بتتكلمي جد يا تيتة هما رجعوا لبعض خلاص.
_ايوة يا ابني ربنا يهدى الحال و ابوك مش هيسافر تاني خلاص و هيجيب مراته تعيش معانا هنا و امك اشترطت تعيش معاها في الشقة هنا علشان تكون تحت عنيها.
تهدلت ملامح عمرو و قال بسخرية:
_ يا أهلا بالمعارك.
وقف منتصبا و قال:
_ لما اطلع انا لمراتي و بنتي بقا وحشوني.
اجابته الجدة بابتسامة رائقة :
_ بوسلي وعد وحشتني و بكرة نزلها شوية اشوفها مبقتش اقدر اطلع السلم خلاص .
غمز لها عمرو بعينه و انحني عليها و قبل وجنتها قائلا :
_ اشتالك علي ايديا يا جميل انت تؤمر .. و حاضر بكرة هجيبهالك تقعد معاكي لغاية ما تزهقك بصويتها .
تركها وصعد لشقته .. ما ان دلف حتي شعر بصمت غريب .. سار حتي غرفته فوجد الصغيرة نائمة بفراشه و صوت حركة بالمطبخ فتسلل لغرفته قبل ان تشعر به روان و غسل يديه جيدا و خرج و جلس بجوار الصغيرة و تامل جمالها الملائكي .. وملس علي شعراتها الحمراء و ابتسم بمكر و هزها ببطء قائلا بهمس :
_ وعد .. اصحي يا حبيبتي العب معاكي شوية قومي قبل امك ما تهجم علينا .. يالا يا وعد .
فتحت الصغيرة عيناها و تمطات بكسل .. اتسعت ابتسامته و قاوم خوفه و وضع كفا تحت راسها و كفا تحت خصرها و ضمها لصدره ثم اقترب بانفه من رقبتها و استنشق عطرها الرباني مبتسما ..
اخذ يداعبها و يقبلها حتي انتفض علي صرخة روان التي قالت بغضب :
_ حرام عليك يا عمرو ماصدقت انها سكتت يا اخي .
ترك الصغيرة برفق علي الفراش و وقف مسرعا و تمسك بذراع روان التي اتكأت عليه و هي تتمسك ببطنها بألم .. فسالها بضيق :
_ هي ازاى مامتك سابتك ونزلت قبل ما اجي .. تعالي ارتاحي يا قلبي .
جلست بحرص و تمددت و هي تقول بلوم :
_ البنت عمالة تعيط تعبتني قومت عملتلها الببرونة باعشاب يمكن عندها مغص او حاجة و انت جاي تصحيها بعد ما نامت .
قبل عمرو كفها قال :
_ انا اسف خلاص بس حبيت اشوف عنيها دى علي طول نايمة مش بتصحي و ببقي عاوز العب معاها .
ضحكت روان و قالت :
_ تلعب مع مين يا عمرو لسه صغننة باعدين بقا العبوا مع بعض لما تزهق .
غمز لها بعينه و هو يعبث بخصلة من شعراتها و قال بمداعبة :
_ و انا هلعب معاك انت امتي يا قمر وحشني لعبنا قوى .
وارت روان خجلها و قالت :
_ مافيش لعب خالص الفترة دي يا عمرو اشتالني من دماغك
اقترب منها اكثر و همس قائلا اشتالك من دماغي طب و اشتالك من قلبي ازاى طيب وحشااااني .
دفعته بخفة من صدره وقالت :
_ بس يا عمرو علشان البنت انا مش قدرالك .
رفع حجبه طالعها بحدة وقال :
_ اروح اتجوز تاني يعني علشان اعرف عالاقل ابوس....... .
قطعت روان كلماته و هي تقبله ليضمها اليه بشوق كان مصيبهما هما الاثنان ....
شعرت بألم في شفتيها فدفعته عنها قائلة بتلخبط و مشاعر مبعثرة :
_ يحيي بس بقا .
ابتعد عنها و هو يقاوم رغبته بها و همس امام وجهها قائلا :
_ هو انا مش قولتلك اسمي ده ما تنطقيهوش غير و انتي في بيتي .
تعمقت لمى في عينيه و قالت :
_ بحبك يا يحيي .. يا نعمة ربنا ليا و احلي حاجة حصلت بحياتي كلها .
اغمض يحيي عينيه مستمتعا بكلماتها و فتح عينيه التي تخبرها اشياء جعلتها تجفل بخجل .. حتي مرر انامله علي وجنتها و قال :
_ انا مش مصدق اصلا انه انتي بقيتي بتاعتي .. فكرة انك كنتي ممكن تروحي مني كانت بتموتني .. انا عمرى ما اتعلقت ببنت زى ما اتعلقت بيكي .. انا كنت بجرى وراكي زى المجنون او المسحور يا نداهة قلبي .
ابتسمت لمي بخفوت و قالت :
_ تعرف يا يحيي انا عمرى ما كنت اتخيل اني هحب او اتحب بيوم ... كنت بقرا الروايات و اسال نفسي معقول بيوم هيحبني حد زى ابطال الروايات دى .. طب ازاى و انا مش بخرج من الدار غير للمدرسة و بس .. بس ابطال الروايات حاجة و انت حاجة تانية خالص .
ابتسمت عينيه و سالها بفضول :
_ و الواقع احلي و لا الخيال ؟!!
اجابته مسرعة :
_ انت الاحلي و بس يا عمرى .
عض علي شفتيه و قال بتحكم اقوى من رغبته :
_ بطلي كلامك ده انا على اخرى و الله .
انحنت قليلا و هربت من حصاره لها و صعدت درجتين و هي تقول :
_ ماشي هسيبك بقا و هطلع لتيتة نجاة علشان ما تزعقليش .
انتفضا الاثنان علي فتح لباب البيت بقوة و دلوف جاسم و وعد الذي كان يجرها ورائه بغضب .. قطب جاسم حاجبيه و هو يطالع لمى و يحيي و قال بغضب :
_ انتوا واقفين هنا ليه .. و انت يا استاذ يحيي استأذنت علشان تدخل البيت و احنا مش فيه .
طالع يحيي قبضته لذراع وعد و ساله بفضول :
_ سيبك منا دي مراتي .. انما انت ماسك دراع وعد كده ليه ؟!
اجابه جاسم ببديهية :
_ اكيد مش همسكها كده غير لو بقت مراتي .
تطلع يحيي بلمي وقد فغرا الاثنان فمهما و قالا بنفس للوقت :
_ اتجوزتوا .
ركضت لمي ناحية وعد و احتضئلة بفرحة :
_ الف مبروك يا حبيبتي ايوة كده فرحونى .
لم يفت علي يحيي غضب جاسم المنافي لعودته لوعد فاقترب منه قائلا بهمس :
_ بقولك ايه انا عاوزك في حوار كده .. تعالى نقعد برة خمساية و سيب البنات مع بعض .
فكر جاسم قليلا و ترك ذراع وعد و وجه حديثه للمي قائلا :
_ اعطيها المفتاح يا لمي خليها تطلع للبيت .
وترك ذراعها فمسدت وعد مكان قبضته و التفتت اليه قائلة بعبوس :
_ همجي .
تقدم خطوة مفاجئة ناحيتها و صرخ بها قائل :
_ بت .
ركضت علي الدرج من امامه بخوف تتبعها لمي و خرج هو و يحيي من البيت ...
جلسا علي مقعدين مقابل البحر في مكانهما القديم يتابعان الموج بصمت ما قبل العاصفة ...
التفتت ناحيته و قالت بتعجب :
_ انت جبتنا هنا ليه يا سامر مش فاهمة ؟!!
لم يطالعها و قال بهدوء :
_ فاكرة اول مرة اتقابلنا هنا .. يومها كنت لسه شارى العربية و كنت فرحان بيها جدا و استنيتك عند الجامعة و فضلنا نلف بالعربية لغاية ما وقفت هنا و قعدنا عالرمل نتكلم لساعات .. و من وقتها و المكان ده ياما جمعنا .. ضحكنا فيه و حبينا بعض فيه و افترقنا فيه .. و حابب نرجع كمان فيه .
ثم التفت ناحيتها و قال كانه لم يقل شيئا منذ لحظات و اجاب سؤالها بسؤال اخر :
_ كنت فاكرة هوديكي فين ؟!
رفعت حاجبيها علي سؤاله العجيب و اجابت ببديهية :
_ البيت عندك زى ما قولت .
ابتسم سامر بسخرية و قال :
_ خلاص يا علا بقيتي مش بتفهميني و لا تعرفيني .. انا عمرى ما هغصبك علي حاجة .. لو عاوزة ترجعي بيت والدك هرجعك حالا .
تنفست علا مطولا وقالت:
_ لو كده ليه جبتني معاك كنت سيبني اروح مع والدي .
لم تتحرك حدقة عينه و هو يطالعها بنظرات غريبة جعلتها تبتلع ريقها بينما خرج عن صمته قائلا :
_ انتي عارفة انتي اتجوزتي كام يوم يا علا .. ١٨٦٣ يوم .. كنت بموت في كل لحظة فيهم و خصوصا بالليل و انا مرمي علي سريري اتخيلك بحضن راجل غيري .. و الراجل ده مطالب اتعامل معاه و اشتغل معاه و اسمعه بيحكي عنك كل يوم .
اغلق عينيه لثواني و فتحهما قائلا :
_ كنت بتعذب و انا بسمعه بيكلمك كنت ببقي عاوز اقوم اخنفه بايدي .
رفع كفيه بوجهها وقال :
_ ايديي اللي كانت بتترفع علشانه اللي كانت بتاكل اي حد يبصله بس .. ايدي اللي لما كانت بتلمس ايده في سلام كنت بحس بلمسته ليكي عليها .
ترقرقت الدموع بعيني علا بينما تابع هو قائلا بحزن :
دفعتيني فاتورة غالية قوى يا علا .. انا عملت بأصلي مع صاحب عمرى و استنيتك انتي تشتريني و انتي بعتيني و بالرخيص لا و خليتيني دفعت تمني كمان .. ملعون ابو الحب اللي يخليني ابكي كل ليلة زى الولايا عليكي يا شيخة .
وسقطت دمعة من عينه متمردة رغم ملامحه الصلبة .. نفضها بكفه مسرعا و وقف قائلا :
_ يالا قومي علشان اوصلك .
كففت علا دمعاتها و تنفست و طالعته بقوة وقالت :
_ توصلني فين ؟!
اجابها سامر ببديهية :
_ لبيت والدك انتي مش عاوزة كده .
طالعته مطولا لثواني ... لدقيقة .. و هو يطلعها بتعجب حتي رفعت كفها امام وجهه و بدات في تمرير كفها علي الهواء امام وجهه كما كان يفعل معها سابقا كلما اشتاقها .. طالع سامر حركتها براحة غريبة تخللته و اطفات نيران كبريائه التي اشتعلت مع دمعته .. خرجت عن صمتها قائلة :
_ اتحدى اى حد يكون حافظ ملامحك غيري .. او يتوقع ريأكشناتك غيري .
ابتسم ابتسامة جانبية و قال :
_ و ده من ايه ده ؟!
تنهدت تنهيدة طويلة و اقتربت منه اكثر و استندت بكفها علي صدره و قالت :
_ مش من حاجة جوزى و ملكي و بتاعي و حقي ابقي حافظاه صم .
اتسعت ابتسامته و قال مقربا اذنه من فمها :
_ اسمي ايه ؟!
اغلقت عيناها ولامست اذنه بشفتيها و قالت بهمس :
_ جوزى .. وحبيبي .. وعمرى .. و الراجل الوحيد اللي اتمنيته من الدنيا كلها .
ابتسمت شفتيه و تطلع لملامحه الغازية لكل تفاصيله .. بينما فتحت علا عيناها و طالعته بنظرات لم يراها بعينها من قبل .. نظرات طالما ما تخيلها .. شعور غريب بالانتشاء ملأه مع اعلانها لرغبتها به....
تطلع سامر حوله و قال متنحنحا :
_ يالا نمشي من هنا و نكمل كلامنا بالطريق .
داعبت ذقنه الذهبية باناملها و قالت بدلال ناعم مثلها :
_ هنكمل كلامنا ببيتنا يا حبيبي .
عض علي شفته و قال باستثارة من حركاتها المغوية مازحا :
_ هتتقطعي النهاردة يا سوسو انتي هتتقطعي .
ضحكت علا ضحكتها العالية الرنانة علي مزحته فكور قبضته و وجهها لوجهها دون لمسها و قال من بين اسنانه .. وطي صوتك ده لهديكي لوكامية اعجنلك وشك .
زمت علا شفتيها و عبست قليلا و تغنجت بكتفها قائلة بضيق مفتعل :
_ مخمصاك يا سامر .
و تركته و سارت حتي السيارة .. ابتسم بانتشاء و هو يطالع انصرافها بنهم و تبعها للسيارة و فتح لها الباب قائلا :
_ اركبي يا شابة ده انتي داخلة علي مرحلة حسرة عليها يا حسرة جت رجليها ماجت رجليها .
احمرت وجنتي علا بخجل و قالت :
_ احترم نفسك لو سمحت ايه قلة الادب دي .
دفعها داخل السيارة و قال بغلظة :
_ انا ناوي اقطعلك لسانك ده و اكله ني علشان ارتاح من دبشه يا دبشة هانم انتي .
عقدت علا ذراعيها امام صدرها و طالعت الطريق مبتعدة بنظرها عنه.. بينما صعد سامر السيارة و قادها مسرعا.. فما احتجزه بداخله لسنوات قارب علي الانفجار من شدة شوقه..
ما ان وصل لبيته حتي صف السيارة و ترجل منها و فتح بابها و جذبها من ذراعها و قال:
_ اه لو تعرفي مستنيكي ايه يا علا.
كانت خطواته واسعة لدرجة انها كانت تركض خلفه.. المتها ساقيها و شعرت بالخجل من نظرات الناس لهما.. حتي سامر انتبه فوقف و قال بصوت عالٍ:
_ باركولي يا جماعة انا اتجوزت النهاردة .
ضربت علا وجهها بخجل بينما بدا الجميع في المباركة له .. اشار لهم بيده بامتنان و دلف لبيته و اغلق عليهم الباب و دفعها فاصطدم ظهرها بالحائط بينما انحني هو قليلا و قبلها بقوة ....
لم توقفه و لم تتذمر بل تركته حتي هدات ثورته قليلا و طالعها برغبة شديدة و جذبها من ذراعها ورائه علي الدرج .. دلفا لشقته ليضمها لصدره بقوة آلمتها علي كل لحظة كانت بعيده عن قلبه فيها ..
احساس الامان و السكن هذا الذي نقصه تصاب اغلب بيوتنا ببرودة المشاعر . لكنها مع ضمته اصيبت بقلبها مباشرة من شدة دفا ضمته الوالهة و التي لا ينتهي شغفها و لا جنونها بكل مرة .
منذ ضمها لم تشعر بشىء سوى الدفء الممزوج بالحنان و لم تشعر بساقيها اللاتي كانتا يتأرجحان بالهواء حتي انزلها عليهما ..
بعد ان انتهت الموسيقي الهادئة و انتهت معها رقصتهم الهادئة .. حتي اتت بعدها اغنية حماسية اخرى اسرعت روضة لاغلاق المسجل فجذبها مالك من ذراعها و حاول معها ان ترقص معه عليها احمرت وجنتيها خجلا حتي بدات تتمايل معه برقه ففاجاها و غني قائلا :
_ ببتدى من الزيرو و كأني ما شوفتش غيره .. اصلا تاثيره مسح اللي تشافوا قبليه .. ربنا مديله طلة تبان لو من كيلو عن نفسي قتيله بامانة راهنت عليه .
تخطت روضة مرحلة التمايل الرقيق و انسجمت في الرقص معه ليتابع مالك غنائه قائلا و هو في قمة استمتاعه بتمايلها عليه و رقصها الرقيق مثلها :
_ جه بالاصول او جه بالحبة دول هو كفاية القبول ده هدية من السما .. همسك ما اسيبش واخدة بالك انتي يا روضة هاااه ما هصدق اصلا .
تعالت ضحكاتها عليه و وقفت تلهث بعد هذا المجهود الكبير بالرقص و ارتمت علي الاريكة قائلة بتعب :
_ خلاص مش قادرة قلبي هيقف و الله .
جلس مالك بجوارها و جذبها اليه و اجلسها علي ساقيه و قال براحة :
_ يبقوا يوروني هيوصلولنا ازاى و انتي تليفونك ده لو اتفتح هفتحلك دماغك اتفقنا .
عقدت ذراعيها حول رقبته و قالت وهي تتعمق بعينيه :
_ انا كمان ما صدقت اصلا استفرد بيك يا واد يا مز انت .
ضمها مالك لصدره اكثر و قال وهو يلتهمها بعينيه :
_ اموت فيك و انت جرىء يا مز المزز كلهم انت يا احمر .
ضحكت روضة ضحكة عالية زادت شغفه بها .. فتنحح قائلا :
_ ايه يا عم ما ترحم امي انا دايب لواحدى .
مررت اناملها علي وجنته و سالته بهدوء :
_ هتفضل تحبني و تهتم بيا كده طول العمر يا مالك و لا شهر عسل و هيعدى ؟!!
ابتسم بخفوت و اعاد شعراتها خلف اذنها و قال :
_ مش عارف بس اللي متاكد منه انه كل لما عنيا بتقع عليكي بحس بنغزة في قلبي و وجع رهيب و فرحة بتيجي منين معرفش بتملاني و بنسي معاها اي تعب بكون فيه .. ياترى الاحساس ده ممكن يقل او يختفي مش عارف .
داعبت انفه بانفها و قالت :
_ انا بقا عارفة و شايفة الجاي كله .. الحلم لما بيتحقق بيبقي غالي قوى و مميز و عمره ما بيفقد بريقه ما بالك بقا بكل احلامي اللي اتجمعت فيك و فضلت اكبرها و ازودها من اول مرة شوفتك فيها و احنا عيال صغيرين .
ضيق مالك عينيه و سالها بتعجب :
_ و احنا صغيرين !!! اتقابلنا امتي انا مش فاكر ؟!
ابتسمت وتنهدت تنهيدة طويلة و شردت بالبعيد قائلة :
_ كنا في الصيف و قاعدين عالبحر و باباك ماشي و انت معاه .. فشاف بابا و وقف يسلم عليه كان عندى ست سنين وقتها و قاعدة ابني بيتي علي الرمل .. جيت انت و انت مش واخد بالك و دوست عليه .. و لما حسيت اني زعلت قعدت و قولتلي انا مشوفتكيش ما تزعليش انا هعرف ابنيه بسرعة لاني لما هكبر هبني بيوت و هبقي مهندس .
حاول مالك العودة بذاكرته لما قالته بينما اردفت روضة قائلة :
_ و قعدت تبنيه معايا و فعلا خلصته بسرعة و كان حلو قوى .. وقفت لما باباك نده عليك كنت شيفاك طويل قوى و انا قاعدة عمرو ماكانش طويل زيك بوقتها رغم انكم قريبين في العمر .. روحت لباباك و بعد ما مشيتوا خطوتين لقيتك سيبته و رجعت جري و قربت مني و........ .
قطب مالك حديثها قائلا :
_ قولتلك يومها ماينفعش حد يشوف ايديكي و رجليكي كده عيب... البنت الجميلة محدش بيشوف جسمها اتفقنا .
اتسعت ابتسامة روضة و قالت بسعادة :
_ بالظبط .. و بصيتلي بصة غريبة يومها وسيبتني و مشيت .. حاولت اكمل لعب يومها مقدرتش وقفت بسرعة و طلبت من ماما تلبسني حاجة عالمايوه و فعلا كانت وعد نايمة علي ايدها ناولتها لبابا و لبستني و دى كانت اخر مرة البس فيها مايو و كنت بلبس دايما بعدها اي لبس ما يبينش جسمي و كلامك ما فارقنيش حتي لما لبست النقاب كان بسببك يا مالك .
هز مالك راسه دون اراديا و كانه عقله ينفي ما قالته فربما ما سمعه الان وهم او حلم .. فسالها ليتاكد :
_ بجد يا روضة ؟!
أومات براسها و قالت :
_ بجد و الله .. و لما بابا اشترى البيت الجديد و عرفت انكم هتسكنوا معانا كنت هموت من الفرحة و كنت مستنية انك تفتكرني زى ما انا كنت فكراك طول الوقت و لما بابا يتكلم في سيرة والدك و تيجي سيرتك كنت ببقي مبسوطة قوى خصوصا لما عرفت انك نجحت بالثانوى و هتدخل هندسة زى ما قولتلي زمان .. و اول ما شوفتك قلبي اتخطف خطفة حسيت انه هيقف فيها .. نفس طولك و ملامحك و شعرك و براءة ضحكتك وقتها بس عرفت انه مش هقدر اشوف غيرك بعمرى كله .ر
اغلق مالك عينيه قليلا و تنفس ببطء شديد و كلماتها تخترق كل ذرة بكيانه .. متذكرا يوم رآها لاول مرة و انبهر بشخصيتها التي اختارت بنفسها الاحتجاب عن العالم لحماية نفسها و الا يراها احد كما طلب منها سابقا .. فتح عينيه و قال :
_ ياااه يا روضة انتي ازاى كده ؟!
اجابته بابتسامتها الرقيقة :
_ تفتكر بقا مهما مر العمر بينا حبك هيقل او اهتمامي بيك ممكن يقل .. فهمت يعني ايه انت كل احلامي .. كنت متاكدة انه ربنا هيجازيني خير بيك فنسجت شرنقة حواليا لغاية ما هييجي اليوم اللي هخرج منها ليك انت لواحدك .
ضمها لصدره بقوة و قال بحب :
_ طولتي عليا قوى يا روضة كان لازم تجيلي من زمان قوى من وقت ما غيرت عليكي و انتي طفلة صغيرة من حقها تلبس و تلعب .. في كل مرة بلعن غبائي و عمايا عنك يا نفسي .
قبلت خلف اذنه بنعومة و قالت و هي تشدد في ضمتها له :
_ الاوان و الميعاد اللي ربنا اختاره احلي يا قلبي و المهم انه انت بقيت معايا و خلاص كل احلامي اتحققت .
تركته و وقفت و تغنجت بكتفها و قالت بمداعبة :
_ انا تعبت و هنام مش هتنام .
اتسعت ابتسامته و اكتفي بمتابعتها و هي تسير حتي غرفتهم ثم توقفت عند بابها و التفتت اليه و غمزت له بعينها ودلفت بنعومة .. سحب نفسا طويلا وزفره مرة واحدة و وقف و ضغط زر الاضاءة ليعم الظلام بالشقة بأكملها الا من غرفتها ...
ظلام و سكون ما قبل العاصفة .. سار ببطء ناحية الغرفة حتي دلفها فوجدها جالسة علي مقعد و تطالعه بخوف طفلة صغيرة تنتظر ان يعاقبها والدها .. تفرك اناملها بتوتر في طرف فستانها كعادتها ..
منذ لقائهما الاول و هي دائما ما تثير بداخله كل شىء و نقيضه و هذا سبب جنونه بها و ادمانه لكل شىء منها ..
اشار لها جاسم بيده ان تأتي اليه فاومأت وعد برأسها نافية.. فصاح بها قائلا بغضب:
_ خدي ابت.
تصنعت البكاء و قالت بنحيب:
_ الحقيني يا ماما اه يا حظي ياني و الله تعبت بقا من اللي الدنيا بتعمله فيا ده كل شوية حد يحط عليا هو انا رف في التلاجة.
وارى ضحكته بإعجوبة و رفع حاجبيه و قال بنبرة صارمة:
_ قدامك ثانية و تقفي قدامي هنا بارادتك يا وعد بدل ما اجيلك انا.
وقفت بتثاقل و هي تطالعه بخوف و اقتربت منه بخطوات ضيقة للغاية... رفع جاسم عينيه بملل و قال بحدة:
_ انجزى يا وعد احسنلك بلاش تعصبيني اكتر عليكي انا بحاول اهدى نفسي بالعافية .
اقتربت منه و هي تضع ذراعيها امام وجهها تحسبا لاى ردة فعل منه .. جذبها من ذراعها و اوقفها امامه و هو يقول بحدة :
_ بتشتميني يا وعد .. انا اتشتم من عيلة زيك .
رفعت راسها ناحيته و قالت ببرائة :
_ انت قولتها عيلة .. هتعمل راسك براس عيلة .
لا انكر انه فنان في التحكم بضحكاته علي هيأتها الطفولية الساخرة .. سالها بجدية:
_ عملتي كل ده ليه ؟!
امتعض وجهها و اجابته بضيق :
_ اظن سماح ليا دلوقتي اشتم صح ؟!!
ثني ذراعها خلف ظهرها و الصقها بصدره و هو يقول بشراسة :
_ اشتمي انا بتلكك علشان تغلطي و اطلع القديم و الجديد عليكي .
ابتسمت بخفوت و هي تطالع عينيه السودء عن قرب متعمقة بهما و مازاد من انتشائها هو انها مازالت تلمع لها وحدها .. عضت علي شفتها السفلي و قالت بهمس رقيق :
_ عاوزني اقولك اني عملت كل ده علشان اتجوزك تاني .
ابتلع جاسم ريقه و هو يراها لاول مرة تطالعه نظرات كتلك سابقا كان يلامسها بلحظات ضعف و لم تكن هي من تخبره بعيناها انها تريده ..
سيطر علي انفعاله و تحرك مشاعره تجاهها و قال بهدوء مستفز :
_ و وصلتي للي انتي عاوزاه يا مدام .
هزت راسها نافية و هي تمرر ذراعها الاخر ببط علي ذراعه بحركة ناعمة و طالعت شفتيه قائلة :
_ لا لسه .
قرر الا يضعف مهما كلفه الامر امامها .. فترك ذراعها و ابتعد عنها خطوتين و قال بجمود :
_ ماشي يا مدام اسيبك بقا تنامي و هروح انا الاوضة التانية انام لاني هلكان من السفر و الخناق معاكي يا بومة .
رفعت وعد طرف شفتها بتذمر و قالت بتلقائية :
_ نعم يا اخويا ده اللي هو ازاى مش فاهمة ؟!
اولاها ظهره و ترك لابتسامته العنان و قال :
_ تصبحي علي خير .
تركها وخرج و هي تطالع اثره بغضب .. حملت المزهرية التي طالتها يدها و قذفتها ناحية الباب فتحطمت و سقطت اشلاء .. بينما اتسعت ابتسامتة جاسم بنصر ..
جلست وعد علي فراشها و حملت هاتفها .. هاتفت روضة وجدت الرقم مغلق و علا ايضا فعبست بوجهها قائلة :
_ ماشية معاكم الدور و الباقي عليا .
هزت ساقيها بتوتر حتي تذكرت غزل فارسلت لها تسجيل صوتي و قالت به بهمس :
_ الحقيني يا دكتورة غزل ده سابني و نام باوضة تانية اعمل ايه هتجنن من بروده .
دقائق و اجابتها غزل قائلة :
_ انا هعرفك تعملي ايه .
بدل جاسم ملابسه وارتمي علي فراشه و هو صغير و طالع سقيفة الغرفة بشرود ليغرق بنفس الدوامة ما بين عقل يخشي ردة فعلها و قلب يريد الركض ناحيتها ..
صوت خرير الماء بالنيل يصل لاذنيه و صوت اصطدام الهواء باوراق النخيل المحيطة للبيت يخترقان عقله البائس حتي شعر بحركة غريبة بالخارج .. لم يعرها اي اهتمام فاغمض عينيه حتي تخلل عطرها انفه و لمسة يدها لوجنته و انزلقت حتي رقبته .. لم يفتح عينيه حتي وجدها تجذب ذراعه من اسفل راسه و تمددت بهذا الفراش لصغير بجواره واضعة راسها علي صدره .. و لفت ذراعه حول كتفيها ..
لم تتحرك منه عضلة واحدة :
_ فابتسمت بمكر و قالت :
_ جاسم .
اجابها بهدوء :
_ هاه .
_ هو لو كنت سيبتك و اتجوزت غيرك كنت هتعمل ايه ؟!
انفتحت عينيه فجاة و قبض علي ذقنها بكل قوته و قال بشراسة من بين اسنانه :
_ ورب العزة كنت قتلتك يا وعد .
خلصت ذقنها بهدوء من قبضته و قالت له :
_ ليه يعني مش كان هيبقي حقي .. الاقي حد يحبني و ياخدني بحضنه و يحسسني بالامان و انام علي كتفه بدل ما كنت بنام بالمهدئات من غيرك كده .
وخزها في ذراعها و قال بحدة :
_ حضنك قطر انتي بتاعتي و محدش غيري يشوفك و لا يلمسك يا جزمة .
اتسعت ابتسامتها و قالت :
_ اقولك سر .
تمدد علي جنبه فاصبح وجهها مقابل لوجهه طاوع قلبه و داعب خصلة من شعرها البرتقالي و قال :
_ قولي .
طالعت وجهه مطولا لتروى شوقها له و قالت :
_ انا مش هخبي عليك اللي بحسه من هنا ورايح و هقولك انا نفسي في ايه و حاسة بايه و مش هتكسف تاني و لا هظهر عكس اللي بحسه .
ابتسم ابتسامته الجانبية التي افتقدتها و قال بمكر عابث :
_ ودلوقتي انتي حاسة ايه و نفسك في ايه ؟!!
داعبث ثغره بسبابتها و غمزت له قائلة :
_ انت عارف انا عاوزة ايه لانك انت كمان عاوز كده .
قبل سبابتها العابثة و سالها بهمس مثير :
_ اللي هو ايه ؟!
ابتسمت بخجل و قالت :
_ ننام طبعا انا كل عضمة في جسمي بتستغيث بوزير الصحة انت عارف المشوار من هنا لمصر رايح جاي كام ساعة ؟
ضيق جاسم عينيه و قال بحدة :
_ بتشتغليني يا وعد طب و ربنا ما هحلك .
وقفت مسرعة و ركضت و هي تقول :
_ هنااام برضه .
جلس علي الفراش علي ركبتيه بعدما لاحظ قصر شعراتها لاول مرة و صرخ قائلا بغضب اعمي :
_ يا نهار ابوكي اسود انتي عملتي ايه في شعرك .
عبثت بشعراتها و قالت :
_ جالي حالة نفسية و قصيته من غير ما احس .. ده طول ده كان اقصر .
قذفها بالوسادة و قال بتوعد :
_ انا هوريكي الحالة النفسية لما بتجيلي بعمل ايه يا اغبي خلق الله انتي .
ركضت من امامه و احتمت خلف طاولة السفرة بينما طالعها هو بغضب و قال :
_ انتي كده هتستخبي مني مثلا .. جالك قلب تقصي شعرك .
_ ما انت جالك قلب تقصني من حياتك و مصعبتش عليك .
ركض حول الطاولة بقوة رغم عرجة ساقة و هربت هي من امامه فقال بغضب :
_ هنقعد نلف كده كتير .. ده انا لو طولت رقبتك هخنقك
تطلعت لمي لسقف البيت و قالت بتعجب :
_ هما عاملين سبق خيل فوق ايه الهبل ده .
وصلها صراخ وعد بعدما قذفها جاسم بالمزهرية و قال :
_ اقفي مكانك يا جبانة .
ارتدت لمي حجابها مسرعة و صعدت الدرج راكضة حتي وقف امام باب شقتهم و طرقته و هي تقول بذعر :
_ وعد مالك بتصوتي ليه ؟!
اجابها جاسم بغضب :
_ انزلي علي تحت يا زفتة انتي كمان .
ضربت وعد الارضية بقدمها و قالت بطفولة :
_ خلاص بقا يا جاسم حرام عليك و الله ما كنت حاسة بعمل ايه .
تطلعت بنصف عين علي غرفتهاو همت راكضة ناحيتها و لكنه كان اسرع منها و كبل خصرها ليلامس ظهرها صدره فقال من بين اسنانه بجوار اذنها :
_ جنان بجنان بقا استحملي اللي هيحصل فيكي يا وعد .
وحملها مسرعا و دلف لغرفتهما و صفع ورائه الباب بساقه .
وضعت لمى اذنها علي الباب فلم يصلها اي صوت فقط صوت تحطيم اشياء حتي هدات العاصفة فابتسمت بخجل و عادت لشقتها ...........

........................................................................
.....................

ولعل الابتلاء الذي أتعبك.. يقودك إلى قدر جميل لم يخطُر على بالك....
وقفت وعد تتنفس الصعداء و هي ترى دلوف و خروج الناس لهذا الصرح العظيم و الذي منذ سنوات كان مجرد فكرة و الآن صار واقعا...
وقف مالك بجوارها و قال بابتسامته الهادئة:
_ اكيد مبسوطة انه حلمك اتحقق و مش بس كده و نجح النجاح المبهر ده.
طالعته وعد بابتسامة متسعة و قالت:
_ ده تعبكم و سهركم لغاية ما مجرد فكرة و رسمة يتحولوا للجمال ده.
وضع كفيه في جيب بنطاله و عاد لمطالعة هذا الصرح العملاق من النافذة و قال:
_ ده رزقنا و رزق عيالنا و ربنا بارك فيه الحمد لله.. تفتكرى المشروع الجاي هينجح كده؟!
التفتت وعد براسها لذلك الجالس علي مكتبه و منهمك في مراسلة احدهم و قالت بثقة :
_ بعد ثقتي بربنا انا متأكدة من نجاح المشروع الجديد بنسبة ١٠٠ ٪ ان شاء الله .
التفت مالك علي التفاتها و ابتسم قائلا :
_ هو مش مطمنك انتي لواحدك .. هو طول عمره مطمنا كلنا .
تنهدت وعد مطولا و كأنه شعر بها فرفع عينه عن حاسوبه و طالعها قليلا كأنه يقرأ ما تقوله عيناها فابتسم بهدوء و غمز لها بعينه لتحمر وجنتاها خجلا .. تنحنح مالك قائلا :
_ ايه يا جدعان ما تحترموا اني محروم من مراتي بقالي يومين بسببكم .. انا هرجع النهاردة و اي شغل او اوردرات هنمشيها واتس روضة و العيال وحشوني .
رن هاتف وعد فاجابته قائلة :
_ جوزك لسه جايب في سيرتك اخبارك ايه يا روضة وحشتيني .
مسحت روضة فم صغيرها و قالت :
_ انا بخير يا قلب اختك قولت اطمن عليكي قبل ما ارجع البيت علشان اكيد هنشغل هناك مالك راجع النهاردة .
هزت وعد راسها بياس و قالت :
_ انا مش عارفة هتقتنعي امتي اني كبرت و بقيت ام كمان و سؤالك عليا كل دقيقتين ده انا كبرت عليه و الله .
ضحكت روضة و قالت :
_ تكبري علي نفسك مش عليا يا هانم و هفضل اقلق عليكي لغاية ما تبقي عجوزة كركوبة كده .
بادلتها وعد ضحكاتها و قالت :
_ ماشي يا عمرى .. اخبار الناس عندك ايه ؟!
_ عمرو مع روان بالمصيف و انا قاعدة هنا مع ماما عاوزة اقولك موريستان هي و طنط براء مقطعين بعض و ابوكي بيصوت .. و اغلب الوقت طنط براء قاعدة مع تيتة بأوضتها بصراحة مش مخلية حد يخدمها غيرها بكل شىء و الله .
امنت وعد علي كلماتها و قالت :
_ الست طيبة امك اللي شريرة و مع ذلك لما بيصفوا و يتفقوا علي ابوكي بيخلوه يشد في شعره .
_ في دي معاكي حق .. هسيبك بقا دلوقتي علشان احمي مهاب قبل ما ننزل و انتي بوسيلي عمر و ثائر حبايب خالتو .
اجابتها وعد قائلة :
_ حاضر يا حبيبتي خلي بالك من نفسك سلام .
اغلقت وعد الهاتف و عادت لمطالعة الخارج بشرود .. حتي فزعت كما فزع مالك و جاسم علي دلوف سامر و علا التي قالت بغضب :
_ مش من حقك تزعقلي قدام التيم بتاعي يا سامر انت فاهم و لا لا .
مرر جاسم كفه علي وجهه بنفاذ صبر من شجارهما المعتاد لياتيه صوت سامر مجيبا بضيق :
_ ما هو لما حضرتك تقفي تضحكي مع المهندسين و انا واقف مش هسكتلك يا هانم احترمي سنك ده انتي بنتك بقا عروسة .
اشار مالك لوعد ان تجلس و جلس لجوارها ليتابعوا تتمة الشجار الذي اشعلته علا قائلة :
_ انا اتجوزت صغيرة و لسه سني صغير حتي لو بنتي كبرت .. ثم انت مالك اضحك و لا ما اضحكش هو في دي كمان خنقة .
قبض سامر علي ذراعها و قال بغضب :
_ مالت رقبتك يا شيخة قال مالي قال .. ايه مش من حقي اغير عليكي لو حد بصلك بس ما بالك لما تقفي تضحكي معاهم و لا اي اعتبار لوقفتي .
ابتسمت علا بهدوء و قالت له بدلال :
_ لسه بتغير عليا يا سامر .
قربها اليه قليلا و قال :
_ اكتر من الاول انا عمرى ما شوفت ست كل ما تكبر تحلو كده ابو جمال امك .
داري مالك و وعد وجهيهما و هما يضحكان بخجل بينما وقف جاسم قائلا :
_ ايه يا هندسة ما امها دي تبقي امي ما تحترم نفسك ثم الكلام ده تقوله في بيتكم احترموا نفسكم شوية .
انتبها الاثنان علي انهما ليسا بمفردهما فاسرع سامر قائلا بحرج :
_ عملت ايه في تمويل المشروع الجديد ؟!
اجابه جاسم بعملية :
_ خلصت كل حاجة و ان شاء الله هنبدا تنفيذ في راس السنة الجديدة استعدوا .
وقفت وعد واتجهت ناحيته و قالت بسعادة :
_ بتتكلم جد يا جاسم ؟!
لف ذراعه حول كتفها و قال بتاكيد :
_ ايوة بتكلم جد طبعا و يحيي هيشاركنا بنسبة... مصمم و انا محبتش اكسفه .
صفق مالك قائلا :
_ هو ده بقا خلينا نكبر و نكبر علشان ولادنا .
كور جاسم قبضته و قال :
_ دايما مع بعض ان شاء الله .
كور مالك قبضته و لامس قبضة جاسم قائلا :
_ اصحاب و اخوات .
انضم اليهم سامر بقبضته و قال :
_ دهر و سند .
غمزت علا لوعد و وضعا قبضتيهما معهم و قالت علا :
_ بنكمل بعض .
ابتسمت وعد و طالعت امانها و قالت :
_ قد الوعد باذن الله .

تمت ...النهاية

google-playkhamsatmostaqltradent