رواية بيت القاسم الفصل السادس 6 بقلم ريهام محمود

الصفحة الرئيسية

 رواية بيت القاسم  الفصل السادس بقلم ريهام محمود

 رواية بيت القاسم  الفصل السادس

 غريبة هي فلسفة العشق.. هي لاتعرف أنه ينتظر منها نصف كلمة ، وهو لا يعرف أنها تنتظر منه البدء" ..

(عند قاسم)
يقف بشرفة المنزل الواسعة يراقب الطريق الممتد أمامه بغضب.. لاتمر عليه دقيقة الا وهو ينظر بساعته ضيقاً وضجراً.. ف الأميرة خاصته تأخرت بالعودة وأيضاً لا تجيب على اتصالاته ولا رسائله.. وعلى مايبدو أنه دللها حد الإفراط كي تتدلل عليه وتتجاهل رسائله.. يستند بذراعه على السور الرخامي للشرفه مائل بجزعه قليلاً.. بجانبه على السور كوب الشاي الساخن تتصاعد منه الأبخرة.. رمق ساعة يده مرة أخرى غاضباً وأصوات إخوته بالداخل تناديه ويتجاهلها بدوره.. فاليوم ميلاد والدته وهم يحتفلون بها رغماً عنها.. ف والدته الحبيبة لاتحبذ تلك الأشياء وتخبرهم كل مرة بأنها كبرت على ذلك والعيب وشيب رأسها وما إلى ذلك.. ومع ذلك يحتفلون بها بقالب حلوى بسيط وهدايا قيمة تناسبها.. رفع رأسه مرة أخرى للطريق أمامه وأخيراً رآها تسير بخطوات بطيئة على غير هدى وكأنها محبطة.. خصلاتها المموجه برقة على وجنتيها وجبهتها تخفي ملامحها عن عينيه المشتاقتين.. رآها وهي تدلف للداخل بهدوء ليرتشف كوب شايه الساخن على رشفتين.. ثم يلج للداخل.. لحظات وكانت أمامه تزفر بقنوط ملامحها عابسة ولا يعرف السبب.. نزعت عن كتفيها حقيبتها ثم ألقتها أرضاً جانباً.. خطوات بسيطة وكان أمامه.. وبسلطة فرضها هو عليها هتف بتساؤل..

-اتأخرتي ليه..؟

قلبت ملامحها بضيق.. وبحركة عصبية بأناملها أبعدت خصلاتها عن وجهها وقالت..

-كان عليا درس بعد المدرسة..

تحدث بحدة..

-و مقولتليش ليه.. والدرس ده كان من أمته انشاءالله؟

قلبت عيناها بملل ثم هتفت من تحت أسنانها..

-مقولتلكش عشان مش لازم اقولك. . مش كل حاجة لازم تعرفها ياقاسم..

وقبل أن يبتلعها كالعاصفه على قلة تهذيبها معه كانت أمه تناديها بنبرتها الطيبة..

-تعالى ياحنين كلي تورته.. أنا عارفة انك بتحبي الشيكولاته ياحبيبتي..

ليقول كمال الذي يجلس بجوار والدته وهو يضحك بخفة..

-حنين عاملة دايت ياأمي.. مش هترضي تاكل..

عقدت الأم حاجبيها باستفهام..

-ايه الدايت ده ياولاد.. تعالي يانونا كلي أي حاجه..

نظرات الأم الطيبه لها لم تهز بها شعرة.. ف هي قد أتت بآخر مالديها من صبر وطاقة تحمل.. تجاهلتها كما تجاهلت حديث كمال المرح ونظرات قاسم الغاضبه ، ونظرات ريم الحاقدة المحترقة بحسرة وهي ترى بأعينها أهتمام قاسم بها وحبه الجلي كالشمس تكرهها وبشدة فهي كانت الأولى والأحق باهتمامه وليس هي .. ودون سلام أو استئذان غادرت حنين تحت انظارهم المندهشة من تغيرها.. ليلحق بها قاسم بخطوات واسعة غاضبة..
-حنيييين..

كانت تلك زعقته باسمها يستوقفها قبل أن تصعد..

-مالك فيه ايه..؟!

والاهتمام ظاهر والنبرة قلقة والملامح تفضح عن حب لا يستطيع كتمانه أكثر..

-مفيش..

فقط كلمة واحده منها باهته كقسماتها اليوم.. لتزيد من قلقه.. لانت نبرته قليلاً.. وغير الموضوع..

-لما اتأخرتي فكرت انك بتجيبي هدية لأمي..!!

قالت بنبرة حادة مستهينة..

-وأنا هجيب هدية لأمك ليه..

غضن جبينه بغضب.. حاول كبحه ونجح. قال باستفهام وهو يحدق بعينيها كعادته وكأنه بحاول سبر أغوارها ..

-هي مش أمي تبقى امك بردو!!

سكتت.. سكتت دقيقه كامله تدار بين نظراتهم حرب .. نظرات غضب وحنق .. ونظرات انتظار.. نظرات ذهول.. وبعزم وإصرار هدرت

-لأ مش أمي

ثم صعدت خطوه وشددت على كلماتها بفحيح..

-أمي لسه عايشه ياقاسم..

وولته ظهرها واستكملت خطواتها.. فهتف بغضب

-أمك اللي عايشه دي رميتك زمان ولا نسيتي..!

اقتربت منه خطوتان ومالت بجزعها العلوي..ورفعت سباتها بوجهه محذره..

-آخر مره ياقاسم هسمحلك انك تقول ان اني رمتني زماان

ليمسك برسغها يجذبها إليه في عنف واضح..

-ولو قولت ان امك رميتك هتعملي ايه. ها ردي عليا قوليلي هتعملي ايه

ثم تابع بحرقة صدره منها.. وقد أرتفعت نبرته واحتقنت ملامحه..

-مش دي الحقيقة.. مش امك رميتك وراحت أتجوزت وبدل الراجل أتنين وتلاته.. بتدافعيلها اوي ومحموئه، طب بالنسبه للناس اللي ربوكي واهتمو بيكي واحتوكي دول ايه .. هواا !!
تمتم بخفوت مشتعل وكأن كلماته تخرج كنار تحرقه قبلها..

-أحمدي ربنا ان احنا موجودين ف حياتك كان زمانك ضايعه..

واقترب منها حد تلامس الأنفاس..

- متبقيش جاحده زي امك...

...........

تنهد بضيق وهو يجلس أمامها قرابة الساعة وذات الحديث الذي لا ينتهي .. ود لو غادر وتركها بمفردها ولكن يعلم بأنها ستأكل رأسه بعتابها ولومها وكم أنها ضحت لأجله وانتطارها له والي آخره من كلامها الذي لاتكل ولا تمل من تكراره عليه.. اعتدل بكرسيه واراح بظهره عليه يرمقها بحيرة.. جيلان كانت حب عمره منذ اللحظة الأولى التي رآها فيها بالجامعة وباتت حلم كل ليلة.. كم لعن غباؤه وتسرعه حينما تركها واستمع لجده وتزوج نورهان.. واااااه من زواجه بنورهان.. وكأن نورهان عدوى أصابته باضطراب المشاعر وانفصام العواطف.. فها هو يجلس أمام جيلان والمفترض بأنه يتوق أكثر منها لزواجهما ولكن عقله شارد بكلمة قالها زياد كان غافل عنها "أو تسيبك وتطلق" وهو لايريد طلاق فهي يتيمة ووحيدة وهو رجل ولا يقبل بأن يتخلى عنها..!! هكذا برر لنفسه تمسكه بها..
ضربة جيلان الغاضبة على الطاولة البلاستيكية الفاصلة بينهما جعلته ينفض أفكاره من رأسه وينتبه لها وهي تسأله باستياء..

-أكرم.. هو انت متصل بياا وعايز تقابلني عشان تفضل ساكت وانا اللي أتكلم..؟

تأملها بعينان مركزتان تعقد مقارنه بداخلها.. شعرها أسود ناعم دائماً منسدل على ظهرها.. ملامحها الهادئه الناعمه وبشرتها الحنطية على العكس من نورهان شعرها قصير لا يتجاوز كتفيها خصلاتها دائماً منسابة بهدوء ودلال على وجنتيها كشخصيتها الخجولة دائماً.. عينا جيلان سوداء ماكرة بنظرة واحده لعينيها تعرف كم هي ذكية.. أما نورهان فزيتونيتيها دائماً حالمة.. عض على شفتيه غيظاً من أفكاره اليوم وشروده.. ليقول متنهداً ..

-آسف.. بس أنا مصدع من الشغل وكمان منمتش امبارح..

استندت بذراعها على الطاوله وابعدت كوب عصير البرتقال الموضوع أمامها بضيق.. ثم قالت وحاولت أن تكون نبرتها ناعمه حزينة قدر المستطاع..

-قولي طيب يا أكرم هتقول أمته لأهلك ع جوازناا.. انا بقيت حاسة انك مش عايزني زي مانا عيزاك..

بنظرات حائرة سألها..

-ليه بتقولي كده.؟

انكمشت ملامحها بحزن تجيد تمثيله وقت اللزوم.. وصنعت نبرة لطالما أثرت بها عليه..

-علطول سرحان وكلامنا مع بعض قل.. هو انت مبقتش عايزني ياأكرم..!

ومالت بجزعها أكثر للأمام وبكفها أمسكت كفه الموضوعة أمامه بدلال وجرأة أكملت كلامها..

- قولي ياأكرم خلاص مبقتش تحبني زي الأول.. خلاص نسيتني..! عايزني أبعد..!!

نظر لوجهها ورسم ابتسامة لطيفه على ثغره.. وقال بجدية..

-طبعاً عايزك ولسه بحبك.. وصدقيني خلال الأسبوع ده هكون معرف جدي كل اللي بيناا..

لتنفرج أساريرها وهي تقول بسعادة..

-بجد ياا أكرم وأخيراً.. يارب فعلاً المره دي تقوله بجد وتبطل خوف.. أنت مش عارف أنا ضحيت عشانك ازاي واستنيتك اد إيه..

وها قد عادت لنفس الكلام عن التضحية والانتظار.. ليقول بسخط وضيق..

- أنا مش خايف ياجيلان.. أنا بس مستني فرصة مناسبة عشان اكلمه مش أكتر ولا أقل..

هتفت بتوتر وهي ترفرف بأهدابها كالأطفال..

-طبعآ ياحبيبي اكيد مش قصدي..

سحب كفه من بين كفيها وقال بجمود..

-طب يللا اشربي العصير بتاعك عشان اوصلك لاني تعبان وهمووت وانام..

ابتسمت رغم شعور داخلي خبيث بداخلها يوسوس لها بأن الأمور لا تسير على هواها وأكرم نفسه تغير حاله أمسكت بكأس العصير ومازالت ابتسامتها المصطنعة تعلو وجهها وأخذت ترتشف من العصير رشفات قصيرة متتالية.. أما عن أكرم فنيران مشتعلة بخافقه بسبب ماقاله زياد ليهتف غاضباً بباله "منك لله يازياد"

.........

ان قلنا أن شهريار متيم..!! ستشعر بغباء وانت تقرأها.. كيف لرجل لايؤمن بالحب يقع به ..!!
كيف لرجل ك "عاصم" أن يسلم قلبه لامرأه حتى وإن كانت ببراءه وجمال أمنية.. كيف أن يثق وقد فقد ثقته في الجميع.
يجلس بمقهي خاص برفيقه على طاولته الخاصة بالمكان مرتدياً بنطال كلاسيكي كحلي اللون وقميص أزرق فاتح مفتوح أزراره العلوية بتبجح ليظهر صدره العريض وجسده المنحوت .. تجلس بالقرب منه فتاه تنتظر ولو نظرة فقط منه وهو بارع بالتجاهل وخاصة وان كان عقله شارد بأخرى.. أخرى جميلة رقيقه ذات غرة تسلب الأنفاس.. والجميلة تجيد التدلل فمنذ أن اتفقا على اللقاء بشكل يومي بالنادي من أجل أن يتعرف على بعضهما بشكل أقوى وهي مختفية..
تململ بجلسته ونظرات ملتصقة من جواره باتت تخنقه.. التمعت بعينيه فكرة سرعان ما قام بتنفيذها.. انتصب بجسده العلوي على الكرسي وقام برفع هاتفه النقال بطول ذراعه وقام بالتقاط صورة له بخاصية "السيلفي" وهو يبتسم ابتسامته الرائعة.. ثم حملها ووضعها على "الانستغرام" تبعه مرفقة بكوب من القهوة ..
وهو ينقر باصبعه برتابة بانتظار نجاح خطته.. وبالفعل لحظات وجائته رسالة على الرسائل الخاصة.. "حلوة الصورة"
وابتسامته تحولت لضحكة ظفر..
رد وقال..
-انتِ اللي حلوة.." مرفقة بوجه يغمز"
وردها كان "قلب أحمر" وفقط.. أرسل لها وقد نفذ صبره..

-مش بشوفك ليه..!
ردها كان سريع دون تفكير كتبت..
-مش فاضية خالص.. بذاكر..

اندهش.. أي مذاكرة تتكلم عنها..

-بتذاكري إيه.. مش المفروض انك خلصتي كلية..!!

غابت عن الرد دقيقة.. دقيقة كافية برسم العبوس على وجه الوسيم.. ثم ردت..

-ااه.. ايوة بس انا باخد كورسات انجلش وبراجعها حالياَ.. المهم انت عامل ايه؟
كتب سريعا..
- الحمدلله تمام.. المهم انتِ وحشاني هنتقابل أمته..!!

.. من الذي يتحدث ويسحب الكلام منها.. هو.. عاصم؟! والله لو قال أحدهم له قبل تلك الساعة أنه سينتظر رد فتاة على رسائله والتودد لها لضحك وقال عنه مجنون..
كتبت..

-بكرة هشوفك ف النادي..

-طب وبالنسبه لوحشاني؟!

ضحكت بخجل وارفقته بوجه أحمر وكتبت "أنا محستهاش"

وأغلقت.. وهو لازال على وضعه الهاتف بيده والإبتسامة على وجهه ورغم غرابة نظراته الا أنه كان سعيد.. سعيد لدرجة الانتشاء..

.......... *****
ان عشت طفولتك في كنف أمك وأبيك بشكل طبيعي فهذه نعمة لايدركها سوى من حرم منهاا..
لطالما أمنت بأن اليتم الحقيقي هو يتم الأم والأب وهما على قيد الحياة.. أنت لاتدرك معنى أن تكون بحاجة لحضن أمك ولا تجده لأنها وببساطة شديدة فضلت أخر عليك.. أخر على شكل زوج.. وانت.. أنت أخر اهتماماتها..!!
ممدة على فراشها.. تنهمر دموعها دون إرادتها.. وخافقها يضرب صدرها بعنف.. تتسائل لما كل هذا يحدث معها.. ف بعد أن أتفقت مع صديقتها هنا على مقابلة رامي.. إلا أنها تراجعت بآخر لحظة خوفاً من أن يراها قاسم.. وليتها ما تراجعت ع الاقل ماكانت سترى أمها.. كانت تسير بجوارها مع رجل يبدو أنه أكبر منها بالكثير ولكن من ثيابه الفاخرة يبدو مدى ثراه.. لم تنتبه أمها عليها.. لم تشعر بها من الأساس.. كانت وستظل على الهامش بحياتها وحياة والدها.. ازداد نحيبها قهراً وألماً حتى قاسم ذلك الكاذب والذي يدّعي حبها لم يشعر بألمها.. أليس الحب أن يشعر المُحب بمن يحب دون أن ينطق..
وكانت كلما شعرت بقهرها ضربت بقبضتها الصغيرة الفراش غضباً.. أمسكت بوسادتها وكتمت به صرختها خشية من أن يسمعها جدها.. صرخة لو سمعها أحد لتمزق قلبه وجعاً لأجلها..
نحيبها يزداد وسؤالها المقهور يضرب كل خلية بجسدها بقوة..
"متى ستعود لأمها.. أو بالأصح متى ستعود أمها لها"..!

.......... ***
بهوة المشاعر والأحلام كانت ريم تسقط دون إرادتها.. تنظر إليه وهو أمامها يصعد درجة وأخرى إلى أن وقف أمامها وبابتسامته الهادئة الرزينة كشخصيته ألقى عليها تحية بسيطة.. والشكر لله أنه وأخيراً رآها وحتى وان كانت زوجة أخيه لا يهم.. هي أرغمت على الزواج من كمال.. هي مازالت تحب قاسم وترسم خيالات هو بطلها.. تنهدت بعمق وردت تحيته بابتسامة واسعة حالمة لم ينتبه عليها.. واستكمل صعوده واستوقفته بصوتها الناعم كألة موسيقية صوتها خفيف على الأذن..

-قاسم.. انا عايزه أتكلم معاك..

وقاسم وكعادته عقدا حاجبيه أكثر وضاق مابين عينيه.. ليتسائل ببلاهه..

- عيزاني أنا... خير ف ايه..!

صعدت درجة لتفصل بينهما درجة واحدة صغيرة ترمقه بطوله المهيب وملامح الغاضبة دوماً.. تلاعبت بخصلاتها ثم تحدثت بتوتر خجل..

-انا ياقاسم عايزه اقولك اني اتغصبت على الجواز من كمال.. وإن انا مش بحبه..

وليتها ماتحدثت ولا استوقغته.. ف الملامح الطيبة الغاضبة انكمشت أكثر وأكثر وتطاير الشرر من حدقتيه لو طالها لاحرقها مكانها..

-وتقوليلي ليه انك مغصوبة.. مش عاجبك العيشة معاه اتطلقي كمال اخويا ألف واحدة تتمنى ضفره..

التمعت الدموع بعينيها وقالت بصوت غلبه النحيب بعد أن تشجعت. .

-انا بقولك عشان انا بحبك انت.. بحبك انت ياقاسم..

كان كالشيطان أمامها باحمرار عيناه وقسماته التي احتقنت كالدم القاني.. امسك بمعصمها بعنف آنت هي متوجعة.. قال من بين ضروسه..

-اوعي اسمعك تقولي الكلام ده تاني.. ولو شوفتك ف وشي تاني همسح بكرامتك الأرض..

تكلمت من بين غلالة الدموع المتساقطة على وجنتيها متوجعة..

-قاسم أنا..

ليقاطعها هو بحدة وهو ينفض يدها بعيداً عنه..

-انتِ حقيرة..

أحست بالضيق في كل شيء حولها.. الدرج أصبح أضيق من ثقب الإبرة.. ضاق صدرها عليها وضاقت أنفاسها.. أحست بالاختناق لتنتفض من نومها فزعة.. استقامت بمنتصف جسدها وهي تلهث بذات الوقت الذي اقتحم فيه كمال غرفتها دون أن يطرق الباب.. أشعل الضوء الجانبي وهرول ليجلس بجوارها على الفراش.. بكفه مسح جبينها من العرق الذي يتصبب عليه.. ورفع خصلاتها الملتصقه بوجنتيها وجبهتها.. ليقول قلقاً..

-ف ايه ياريم.. انا كنت بصحي مراد عشان يفطر قبل مايروح المدرسة سمعتك وانتي صوتك مخنوق كأنك مش قادرة تطلعي صوتك..

رمقته ريم برعب وكأنها مازالت بذلك الكابوس والذي يراودها منذ فترة.. قالت محاولة التقاط أنفاسها..

- مفيش كان كابوس مزعج.. الحمد لله اني صحيت..

مسح بيده على خصلاتها وأعلى كتفها متجاهلاً قميصها الشبه عاري وهيئتها المهلكة لعينيه.. قال مهدئاً بصوته الحاني..

-أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. خير متوهميش نفسك.. ارتاحي انتي..
وأنا هفطر مراد وحاتم واوديهم المدرسه.. وأما تفوقي وتهدي ابقى قومي لزين..
شكرته بعينيها وقد استمعت بعضاًمن صوتها..

-شكراً ياكمال.. هناملي ساعة ولا حاجه وهقوم لزين..

وكمال مظطر أسفاً أن يبتعد.. نادماً انه سيتركها هكذا.. نهض مستاء ً
ليلتفت برأسه لصوتها وهي تقول..

-ممكن تقفل النور والباب وراك..

امتعصت ملامحه.. ثم ضغط كمال بعنف على زر الاضاءه كي يطفأه ثم صفق الباب خلفه مغتااظ..

.......... **

.. سيسئ الرجل لامرأته ما أن يضمن بقاؤها.. تلك المقولة قالتها أمامي إحداهن.. وكم كانت صادقة على قدر وجعها..

الأمور كانت تسير بشكل روتيني بمنزل أكرم ونورهان.. نفس الطقوس اليومية يعاد تكرارها.. منذ أخر مرة تواجها بها معها وتركها.. وهي مبتعدة عنه.. ليس الابتعاد المادي الملموس فهي تقوم بواجباتها على أكمل وجه ملابسه مغسولة ومطوية بعناية.. أكله ونومه وفراشه المنظم دائما.. قهوته المره والتي أدمنها من صنع يديها كل صباح بنفس الموعد تكون بانتظاره لاحتساؤها..
ولكنها مبتعدة معنوياً.. نظراتها تائهة منكسرة وقد اختفى البريق اللامع بهما والي الأبد.. يشعر بأنها جسد ينبض بلا روح.. صامتة على الدوام عدا من بعض كلمات بسيطة كطلب يخص ملك ابنتهما أو شئ للمنزل.. لا ينكر أن صمتها يحيره ولكنه يثير غيظه فهو غير معتاد.. اليوم لابد وأن يعرفها بماينوي فعله.. ف هو له كل الشكر لم يقصر معها ابدا.. ولابد وأن يحيا حياته كما يريد ومع من يحب وهي ليست مضروره بشئ...
انتظر أن تجلس بعد أن وضعت الطبق الأخير لوجبة الغذاء على المائدة..
وقبل أن تبدأ قال بهدوء منافي تماما لتوتر أعصابه..

-أنا هتجوز...

يتبع الفصل التالي اضغط هنا 

الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية بيت القاسم" اضغط على أسم الرواية
google-playkhamsatmostaqltradent