رواية جبران العشق الفصل الخامس والاربعون 45 - بقلم دينا جمال

الصفحة الرئيسية

 

       رواية جبران العشق البارت الخامس والاربعون  45 بقلم دينا جمال

رواية جبران العشق كاملة

رواية جبران العشق الفصل الخامس والاربعون 45

شخصت عينيها ذعرا حين سمعت صوته نزل علي أذنيها وكأنه صوت الرصاص ذاك ليس جبران ، ليس جبران الذي عرفت وأحبت ابتعدت خطوتين للخلف وضعت كفيها علي فمها تحرك رأسها بالنفي بعنف تنساب دموعها بلا توقف تعود قدميها للخلف إلي أن التصقت بالحائط خلفها حين اذا خرجت من بين شفتيها شهقة بكاء عنيفة تخرج مع بقايا روحها المهشمة تماما ... تحرك هو صوبها قلقا مما أصابها ربما كان عليه أن ينتظر أكثر قبل أن تعلم الحقيقة ولكن إلي متي ستظل مخفية يجب أن تعرف ... وقف علي بعد خطوتين منها  ينظر لها نادما حزينا همس باسمها بذلك الصوت الذي لا تعرفه :
- وتر أنا آسف !!
لتهز رأسها بالنفي بعنف ذلك ليس جبران ليس صوته ليس هو من حكم علي حياتها بالإعدام جبران أخذها بين أحضانه حين علم ما صابها لم يلومها لم يعاتب لم يشمئز دوما ما كان يخبرها بأنها أجمل إمرأة رأتها عينيه ... ليكن في النهاية هو السبب في مأساتها منذ البداية وضعت يديها علي أذنيها ترفض اعتذاره لتصرخ بحرقة :
- أنت مييين .. أنت مين جبران اللي أنا حبيته سلمته قلبي وروحي وحياتي ولا شخص تاني مجرم مريض هو السبب في اللي حصلي أنت ميييين
توترت حدقتيه ينظر لها قلقا اقترب خطوة واحدة يحاول أن يمسك بيديها لتنتفض بعنف تصرخ فيه :
- ما تلمسنيش أنت مين انطق
صرخت بها بشراسة ليبتسم متألما وشريط طويل يمر أمام عينيه إلي أن وجد مقعد بعيد من الخشب في أحد أرجاء الغرفة تحرك يحمله عاد به إليها وضعه أمامها يغمغم :
- ممكن تقعدي وتهدي وأنا هحكيلك علي كل حاجة أرجوكِ يا وتر اسمعيني لأول وآخر مرة
نظرت له غاضبة كارهة نظراتها بها من النفور ما أخافه ... تحركت إلي المقعد جلست هناك ليجلس علي طرف الفراش القريب منها يستند بمرفقيه إلي فخذيه تنهد ابتسم يغمغم شاردا :
- أنا اسمي الحقيقي مراد ظفار نور الدين ... ابقي أخو حضرة الظابط زياد أنا أخوه الكبير علي فكرة والدي الله يرحمه كان ظابط شرطة وكان عايزني ابقي ظابط زيه بس أنا خيبت أمله زي ما قال ودخلت اقتصاد وعلوم سياسية وسقطت فيها أنا ما بحبش التعليم اصلا في أول سنة كلية اتعرفت علي بيجاد ووليد بالصدفة في الكافتريا واتعرفت عليهم ومقابلة في التانية بقينا أصحاب ... أنا بقي خدت سنة أولي في سنتين وخدت سنة تانية بردوا في سنتين وسقطت في تالتة فاتفصلت من الكلية
نظر لها ليراها تنظر ناحية مدهوشة عينيها متسعة علي آخرهما تبدلت نظراتها ما أن نظر لها لتتحول لاخري غاضبة حانقة لا مبالية لما يقول من الأساس ابتسم تنهد بعمق يكمل :
- زياد ساعتها كان في أولي كلية شرطة وناحج بامتياز ، روحت لوالدي وقولتله رفدوني
تحسس وجنته بأصابعه رأت الدموع في عينيه وهو يكمل ساخرا :
- ضربني بالقلم قدام أخويا الصغير وطردني من البيت وقالي إني شخص فاشل عمري ما هنجح وهعيش وهموت فاشل وزياد أحسن مني ألف مرة
كور قبضته يبتسم في ألم يتذكر ذاك الموقف الذي مر به قبل سنواات
Flash back
وقف أمام باب منزلهم يلتقط أنفاسه بعمق يحاول أن يهدئ دس مفتاحه في قفل الباب فتحه ليجد زياد يندفع ناحيته عانقه يصرخ سعيدا :
- مرااد باركلي أنا جبت امتياز طلعت الأول علي الدفعة
ابتسم مراد سعيدا متوترا ؛ سعيدا لأخيه وقلقا من رد فعل والدهم علي الخبر الذي يحمله في جعبته ... عانق شقيقه يهنئه سعيدا :
- مبروك يا زياد عقبال ما تبقي لوا
- والبيه نتيجته فين أنت مش قولت رايح تجيبها بردوا
ارتعش جسد مراد حين وصل صوت والده الحاد القاسي من خلفه ابتلع لعابه مرتبكا التفت ببطئ ناحية أبيه ينظر أرضا تلعثمت نبرته يغمغم متوترا :
- بصراحة يا بابا أنا سقطت واتفصلت من الكلية
غمغم بها دفعة واحدة ليسود الصمت المكان لمدة لا بأس بها رفع مراد وجهه بحذر ينظر للغضب المشتعل بعيني والده الخضراء كعيني زياد فتح فمه ليقول شيئا ولكن بدلا من ذلك تأوه متألما من صفعة قاسية علي وجهه من يد والده لم يكد يعي ما فعل أبيه إلا ووجد صفعة أخري تهبط علي وجهه ... توسعت عينيه ألما يشعر بخط دماء يسيل من أنفه كرامته تهشمت أمام أخيه الصغير ... اقترب ظافر من ابنه قبض علي مقدمة ثيابه يصرخ فيه غاضبا :
- أنت فاشل هتفضل طول عمرك فاشل هتعيش وتموت فاشل وعمرك ما هتحقق حاجة أبدا أخوك الصغير أحسن منك ألف مرة يا ريتني ما خلفتلك أنت عار علينا امشي اطلع برة مش عاوز اشوف تاني يلا برررة
صرخ بها ظافر غاضبا ليدفع مراد بعنف ناحية باب الشقة ارتطم به بعنف التفت برأسه صوب والده ينظر له مدهوشا لا يصدق أن ذلك يحدث فعلا ... زياد دوما ما كان يخاف من أبيهم لم يجرؤ علي النطق بحرف واحد فقط شاهد في صمت .. فتح مراد باب المنزل يهرول للخارج يركض في الشارع قدميه لا تتوقف صفعات والده وكلماته المهينة لا تنفك تضرب رأسه بعنف ... لم يشعر بنفسه سوي وهو في أحد المناطق البعيدة النائية يجلس علي درجات
سلم محل مغلق يبكي كطفل صغير تائه استمر علي ذاك الوضع لساعات إلي أن وقف مقررا الانتحار النهاية له وللجميع ... شردت عينيه تحركت قدميه نحو كورنيش النيل عقله يدفعه بعنف لأن ينهي ذلك العذاب الذي يشعر به ... وصل عند النيل وقف للحظات ابتسم ساخرا يغمض فمرت صورة أبيه وهو  يصرخ فيه قبل أن يرفع قدميه ليقف علي سطح السور وقفت سيارة بيجاد نزل منها يركض بصحبة وليد يجذبانه بعيدا عن السور بعنف وبيجاد يصرخ فيه :
- فوق يا مراد أنت اتجننت هتموت نفسك
جذبه بيجاد ووليد إلي السيارة ارتمي بجسده علي الأريكة الخلفية يميل برأسه للخلف يضحك تتدافع دموعه يصيح ساخرا :
- أنا فاشل ... أنا فاشل وعار عليهم ... دا ضربني وطردني أنا عار علي حضرة اللوا وابنه الظابط المتفوق
ظل يهذي ما يقارب نصف ساعة ليمد وليد يده في جيب سرواله يخرج له عقار أبيض مد يده له به يغمغم متوترا :
- خد دي هتهديك شوية
توسعت عيني بيجاد غضبا يقبض علي القرص قبل أن يأخذه مراد ألقاه من نافذة السيارة نظر لوليد يهمس غاضبا :
- أنت اتجننت عايز تديله مخدرات ولا الزفت الصنف الجديد اللي كان تحت ايدك بتعمل بيه ايه ... أنت مش المفروض وزعته كله علي التجار
هنا بدأ ينتبه لهم اعتدل في جلسته ينظر لهما في حذر يغمغم بشك :
- تجار وتحت ايده ... انتوا بتجاروا في المخدرات
ضحك بيجاد سريعا يردف ساخرا :
- مخدرات ايه يا عم بطل هبل دي شحنة أدوية تبع شركة أبوه
لم يقتنع مراد وبدا بيجاد حقا متوترا فقرر وليد أن يحسم ذلك الموقف حين غمغم فجاءة :
- بقولك ايه ما هو صاحبنا بقاله سنين ومش هيروح يقول لأبوه بعد اللي عمله فيه يعني ... ايوة يا عم عيلة التهامي من أكبر تجار المخدرات وبنشتغل في حاجات كتير ممنوعة من الآخر احنا عيلة **** وأنا وبيجاد مسافرين الصبح إيطاليا عشان هنشتغل من هناك قال يعني بندير أملاك العائلة من الخارج تحب تيجي معانا
توسعت عيني مراد في دهشة في حين صدم بيجاد جبينه بكف يده وليد ما هو الا أحمق كشف سرهم ببساطة ... كانت تلك فرصة مراد المناسبة ليبتعد عن أبيه وليثبت له ولنفسه أنه ليس بفاشل نظر لوليد يسأله :
- هو أنا ينفع فعلا اسافر معاكوا ، أنا عايز اسافر  ينفع يا بيجاد
نظر صوب صديقه الآخر ظل بيجاد صامتا للحظات ينظر له حزينا وكأنه يرفض انغماسه معهم في الوحل تنهد حائرا يومأ برأسه :
- ولو اني مش موافق احنا مغروسين في الوحل غصب عنا يا وليد عشان من العيلة ، بس طالما أنت عايز كدة
ابتسم مراد يشعر بنشوة الانتصار لأول مرة
Back
نظر لها ابتسم يغمغم في سخرية :
- طبعا مجدي وسفيان رفضوا في البداية وجودي بس تحت إصرار وليد وبيجاد وافقوا وقالوا اني لازم اثبت نفسي والا هيصفوني .... ودا اللي عملته علي مدار سنين كنا مثلث وليد الوجهة هو اللي بيظهر في الإجتماعات وبيتفق علي الصفقات وأنا اللي بخطط لدخول وخروج كل صفقة من ورا الستار وبيجاد القناص اللي بيخلص علي أي شريك بيفكر يغدر
نظر وتر له باشمئزاز لا تصدق ذلك القدر المقزز من الشر والحقد الذي يحكيه لها لتغمغم نافرة :
- انتوا مقرفين
ابتسم يومأ برأسه يصدق علي كلامها مردفا :
- عندك حق ... ما كنش في دماغي اي حاجة وقتها غير إني انتقم من أبويا وزياد مش هما لابسين الأسود والأبيض أنا بقي شغال في الأزرق كنت ببقي في قمة سعادتي وأنا بسمع أخبار دخول شحنة للبلد تحت عينيهم وهما مش عارفين ... أنا أهو مش فاشل ... انتوا اللي فشلة ما عرفتوش تمسكوا المخدرات اللي أنا بدخلها أنا اللي نجحت
للحظة فقط شعرت بالشفقة عليه من نبرة صوته المنفعلة الحزينة دموعه التي تحتل مقلتيه بين الحين والآخر مراد كان يريد أن يثبت لوالده بأي شكل كان أنه ليس بشخص فاشل كما كان يدعوه ولكنه للأسف اختار أسوء الطرق ليُثبت ذلك ...قام فجاءة من مكانه توجه إليها ليجلس علي ركبتيه أمامها أمسك ذراعيها لتنظر لوجهه تري دموعه تهبط بغزارة ليصيح بحرقة :
- في يوم قررت اتصل بيهم من رقم مشفر عشان ما حدش يعرف يوصلي كنت عايز اتباهي بانتصاري عليهم كنت عايز اكلمه كنت عايز اقوله أنا نجحت أنا انتصرت حتي عليك ... بس اللي رد كان زياد قالي أن والدي مات ... والدي مات يا وتر ... مات قبل ما اقوله اني ناجح ... مات قبل ما اشوف في عينيه نظرة فخر واحدة ... مات ما ياخدني في حضنه تاني ما كنتش عاوز منه إعتذار أنا والله مسامحه ... أنا بس كان نفسي يفتخر بيا ولو لمرة واحدة يبصلي ما بيبص لزياد بس حتي دي استكرتها عليا ومات
مدت يديها إليه تحتضن رأسه إلي صدرها ليتمسك بها يبكي بحرقة نزلت دموعها معه تمسح علي رأسه برفق ظل هكذا لدقائق طويلة
إلي أن بدأ يستكين فابتعد عنها فجاءة ارتد للخلف وقف يمسح دموعه بعنف حمحم مرة بعد أخري يردف :
- كنت مقرر إني هبعد حتي قبل ظهور كارمن ولا روزا دي ومع وجودها كانت حافز أكبر ليا إني أبعد عن الطريق دا كله
عاد يجلس مكانه علي طرف الفراش يقص عليها ما حدث منذ أن ظهرت كارمن في حياتهم نهاية بإطلاق الرصاص عليه من وليد ضحك يردف ساخرا :
- وليد عشان شخص نرجسي جدا ضرب عليا رصاصة واحدة وافتكر أنه جوبا خلاص كدة الرصاصة كانت تحت الكتف بشوية
Flash back
لا تخف من صوت الرصاص فالرصاصة التي ستقتلك لن تسمع صوتها من الأساس مقولة قالها أحد الحكماء إذا لما سمع هو صوت الرصاصة وشعر بألمها البشع يخترق لحمه أغمض عينيه منتظرا النهاية ينتظر أن تصيب جسده أخري واخري حتي النهاية ولكن ذلك لم يحدث ...سمع صوت مجدي وهو يأمر رجاله بأن يشوهوا وجهه حتي القلادة التي بها صورة كارمن غاب عن الوعي من شدة الألم والدماء تنزف من جرحه بلا توقف بين الوعي واللاوعي كان يشعر بألم بشع ينهش وجهه اسمتع الي صوت أحد الحراس يحادث صديقه :
- أنا حاسس أنه عايش وبيتنفس اضربه رصاصة تانية
لم يكن القدرة علي حركة ولو إصبع واحد وهم يشرحون وجهه والألم يرتفع بجسده إلي أعلي السحاب ليعاود رميه ليرتطم بالأرض بعنف  فقط صرخ عقله بكلمة واحدة :
- يارب ، يارب ، يارب
فجاء صوت الحارس الآخر يغمغم سريعا :
- بقولك ايه يا عم مالناش دعوة احنا نعمل اللي اتقالنا عليه بالظبط هتلاقيها حلاوة روح ولا حاجة شيلو يلا معايا نرميه في العربية
حاول جاهدا كتم أنفاسه حتي لا يشعروا به يتنفس وهم يحملوه إلي الخارج فتح أحد الحارسين صندوق السيارة الخلفي ألقاه داخله وكأنه خرقة بالية من خارج الصندوق سمع صوتها !! جاهد ليفتح عينيه ولو قليلا فراي صورة مشوشة تملئها الدماء لكارمن حبيبته تقف تعانق وليد تخبره سعيدة :
- اخيرنا خلصنا منهم وبقيت أنت الملك يا حبيبي !!
كارمن كانت تخدعه ما مر به كان فقط خدعة سيدفع ثمنها حياته ... فقد الوعي من الألم من جديد تحركت به السيارة إلي منطقة نائية اخرجه الحارسين من السيارة يلقيانه علي جانب الطريق ينازع الموت يري وجه أبيه أمامه الدماء تغطيه بالكامل يشعر بالموت حوله يقترب منه من بعيد وصل إليه صوت أذان الفجر ... قبل أن يستسلم إلي النفق الطويل المظلم ...يري الضوء في نهايته يقترب الضوء منه سريعا إلي أن صدمه بعنف فتحت عينيه لقدر بسيط للغاية يستمع إلي صوت صافرات الشرطة تملئ المكان حوله ... ووجه قريب منه للغاية وجه يعرف صاحبه ها هو زياد شقيقه هنا ... بصعوبة استجمع ما تبقي لديه من حياة لم تُستنزق ليخرج صوته بالكاد :
- زياد أنا مراد
وأغمض عينيه متمنيا أن يكن استمع لما قال ، كم مر من الوقت لا يعرف يوم أسبوع شهر لا يعرف جل ما يعرفه أنه بدأ يفتح عينيه من جديد كان في غرفة ... نظر حوله للحظات قبل أن يعي أنه في غرفته القديمة يشعر بوهن شديد ... الكثير من الأجهزة الطبية حوله رأي زياد ينام علي مقعد مجاور لفراشه ... زياد الصغير كبر كثيرا ابتلع لعابه الجاف يهمس باسمه عدة مرات إلي أن بدأ الأخير يستيقظ فتح زياد عينيه انتفض يعتدل في جلسته يغمغم متلهفا :
- مراد أنت كويس حمد لله علي سلامتك ...
بالكاد ابتسم خرج صوته ضعيفا وَهِنًا للغاية :
- كبرت يا زياد ... وحشتني وحشني البيت أوي
قام زياد من مكانه جلس علي طرف الفراش ينظر لوجه شقيقه الذي لا يظهر من كم الرباط الذي يغطيه بالكامل لولا تحليل الحمض النووي(DNA) الذي تطابق مع حمضه ما كان ليصدق أن ذاك هو شقيقه أبدا تردد قبل أن يتكلم خائف من أن تسوء حالته ولكن لا وقت يجب أن يعلم كل شئ :
- مراد أنا لازم افهم ... مراد أنا آخر معلومة وصلتلي عنك أنك بتاجر في المخدرات برة مصر ودلوقتي القيك مضروب بالرصاص ووشك متشوه كنت بين الحياة والموت ربنا نجاك بمعجزة وكل الاوراق اللي معاك تثبت أنك وليد التهامي ... وفجاءة من غير ما يحصل لا كشف ولا نيلة يطلع تقرير الطب الشرعي أن المتوفي هو فعلا ابن مجدي التهامي ... أنا بحمد ربنا أن كنت أنا اللي موجود والا كانوا دفنوك بالحيا أنا اتصرفت وحطيت جثة تانية كانت جاية في حريقة مكانك وأمرت بتغسليها وتكفينها قبل ما يستلموها وما حدش ركز اصلا واتعمل العزا وطلعت شهادة الوفاة ... ممكن تفهمني في أي ... أنا حرفيا هربتك من المستشفى علي مسؤوليتي
وكان رد فعل مراد علي كل ذلك الكلام الذي قاله زياد جملة واحدة فقط :
- أنا عايز مراية عايز أشوف وشي
تنهد زياد حانقا هذا هو مراد حقا شقيقه المستفز ولكن حقا لا وقت لما يفعل لم يشعر سوي وهو يصرخ فيييه :
- بعد كل اللي قولتله دا تقولي عايز مراية أنت ما عندكش دم ... أنت بتاجر في المخدرات صح يا مراد وقلبوا عليك وكانوا عايزين يقتلوك ويوهموا الناس أن اللي مات ابن مجدي التهامي لسبب أنت أكيد عارفه
تحركت عيني مراد يتفحص وجه زياد وخاصة عينيه الغاضبة يشبه والدهم كثيرا لدرجة أنه حقا شعر بالخوف منه خاصة عينيه التي تحتد حين غضبه تنهد يهمس ساخرا :
- طب ما أنت ناصح أهو وفهمتها لوحدك ايوة أنا كنت بتاجر في المخدرات اتفضل اقبض عليا بقي يا حضرة الظابط
أصفر وجه زياد يشعر وكأن حجر ضخم سقط فوق رأسه لما يفعل شقيقه هذا سنوات طوال ابتعد فيهم ليعود شبه جثة يعود وهو يتاجر في تلك السموم نفي برأسه بعنف يصيح فيه غاضبا:
- ليييه يا مراد لييييه كنت بتنتقم من مين ... من بابا ولا من نفسك ... أنا عارف إن اللي عمله فيك صعب بس أنت ما تعرفش اللي حصل بعد كدة دا ما سابش مكان ما دروش فيه عليك ... كنت بسمعه كل ليلة بيبكي في اوضته بيكلمك نفسه ترجع ... كان نفسه يشوفك تاني انتقمت من مييين اذيت ودمرت كام حد بالقرف دا
اندفعت الدموع إلي عيني مراد ينظر لشقيقه مصعوقا طرفت عينيه الدموع تنزل علي الشاش الذي يغطي وجهه صرخ رغم ما به من ألم :
- لا ما تقولش كدة ... ما تقولش أنه بيحبني عمره ما قالهالي كان دايما بيقولي إني فاشل وأنه ندمان أن خلف ابن زيي ... كان دايما بيقولي اني هعيش وهموت فاشل ... هو بيكرهني شايف اني فاشل
ابتسم زياد في سخرية يشيح بوجهه بعيدا عن أخيه ليحرك مراد رأسه نافيا بعنف والده لم يحبه يوما هو من دفعه لفعل ذلك انتصف يتأوه متألما يغمغم سريعا :
- أنا عارف مين اللي بيتجاروا في المخدرات وبيدخلوها سفيان الدالي ومجدي التهامي هما دول ... اقبض عليهم
ابتسم زياد في سخرية التفت لأخيه يزيح يده من فوق كفه يغمغم متهكما :
- وأنت فاكر اننا مش عارفين بس فين الدليل الشحنات اللي كنت بتدخلها بفضل ذكائك الخارق ما خلتش دليل عليهم كنت عامل حسابك كويس اوي برافو يا مراد ... أنا حتي لو سلمتك ما فيش دليل ضدك كل اللي هيحصل أنهم هيعرفوا أنك لسه عايش وهيقتلوك وأبوك الله يرحمه وصاني عليك قبل ما يموت
ظل كل منهم صامتا لا يجد ما يقوله  إلي أن التفت زياد لأخيه في النهاية رأي في عينيه نظرة حسرة وألم كالتي كانت يراها في عينيه أبيه ليتمتم زياد متألما :
- ليه عملت كدة ليييه ... استفدت ايه أنت خسرت كل حاجة حتي وشك التشوه اللي فيه الدكاترة قالوا مستحيل هيرجع زي ما كان شكلك محتاج عملية في أسرع وقت والا هتفضل مسخ أنت ما شوفتش هما عملوا ايه في وشك
- عشان أنا قررت أتوب وأبعد والله هما عملوا كدة عشان أنا قررت أتوب وأبعد ... أنا هحكيلك كل حاجة
غمغم بها مراد منفعلا وهو يبكي بحرقة ليقص علي أخيه كل ما حدث انهي كلامه ليمسك بيدي زياد يتوسله :
- أنا اقدر اسلملك رقابهم كلهم صدقني يا زياد أنا الوحيد اللي يعرفهم سيبني أكفر عن غلطتي إن شاء الله أعيش طول عمري مشوه أنا راضي بعقاب ربنا علي اللي عملته ... صدقني يا زياد
نزع زياد يده من يد مراد ليخرج من الغرفة تاركا إياه وحده في غرفته القديمة يتسطح علي الفراش لا حول له ولا قوة تبكي عينيه بين حين وآخر ندما علي ما فعل شوقا لأبيه الراحل .... بعد مرور ساعتين تقريبا دق زياد الباب ودخل ومعه رجل تقريبا في نهاية بداية الخمسينات تقريبا شعره يغطي نصفه وأكثر الشيب ابتلع لعابه مرتبكا من حدة نظرات الداخل جذب زياد له مقعد يضعه جوار فراش مراد جلس الرجل هناك يضع ساقا فوق أخري يتفحص مراد بنظراته لعدة دقائق قبل أن يبتسم يغمغم في هدوء:
- إزيك يا معلم جبران
قطب مراد ما بين حاجبيه مستنكرا ما يقول ذلك الرجل نظر لزياد الذي يقف بعيدا لا ينطق بحرف لما يبدو زياد خائفا ... عاد ينظر للرجل حين ابتسم يردف :
- قصدي يا مراد يا ابن سيادة اللوا الراحل ظافر نور الدين ... اخوك حكالي علي كل حاجة وعشان خاطره والدك الله يرحمه قررنا نديك فرصة تانية ... أهو بالمرة نستفيد منك زي ما غيرنا استفاد
التفت برأسه ناحية زياد يغمغم ببساطة :
- عملية الحشيش اللي اتمسكت الأسبوع اللي فات كان المعلم بتاعها اسمه جبران مش كدة دا اتصاب وكان بين الحياة والموت علي ما اتذكر
اومأ زياد سريعا يردف باحترام :
- ايوة يا افندم المستشفى بلغتني بوفاته من ساعتين بس لسه الخبر ما اتعلنش لا ضبط الشحنة ولا موته
- وما يتعلنش تماما
أردف به الرجل بنبرة حادة ليعاود النظر صوب مراد ابتسم يغمغم ببساطة :
- المعلم جبران ما متش وقدر يهرب دا الخبر اللي لازم يتعرف ولا ايه يا معلم جبران قصدي يا مراد
ابتلع مراد لعابه مرتبكا يومأ برأسه بالإيجاب دون أن يفهم هو فقط يشعر أنه يجب أن يوافق علي ما يقول دون نقاش فابتسم الرجل يكمل بهدوء :
- بص يا سيدي أنت من دلوقتي المعلم جبران السواح ... كل التفاصيل هيفهمالك زياد هتتفق علي العمليات هتسلم المخدرات وبعد التسليم هنتعامل احنا ... لازم سمعتك تكبر يا معلم لحد ما يجي الوقت المناسب اللي هتسلمنا فيه كل الكبار فاهمني
قام ذلك الشخص من مكانه توجه صوب زياد يوجه حديثه له :
- أنت عارف أنت هتعمل ايه ... مراد خلاص بقي من الماضي
نظر زياد لشقيقه للمرة الأخيرة يومأ برأسه بالإيجاب
Back
ضحك يردف ساخرا :
- وزي ما بيحصل في كل الافلام الاجنبي بقيت المعلم جبران وجابولي خبير أصوات عشان يدربني علي طبقة صوته لحد ما اتعودت عليها وبقيت المعلم جبران السواح يتفق مع تاجر الحشيش اخد منهم البضاعة واسلمها للحكومة أو اسلمهم أنا البضاعة ويتقبض عليهم متلبسين وأنا برة الصورة دا أنا حتي البطاقة بتاعتي خلصت وروحت جددتها تخيلي لما بصماتي اتحطت علي البنر ظهرت صورة المعلم جبران يعني أنا بقيت رسميا المعلم جبران .. خلال السنين اللي فاتت وأنا بتنقل من مكان لمكان لحد قبل سنتين روحت الحتة اللي فيها فتحية والدتك طرف خيط لسفيان وكان محطوط خطط كتير عشان اتعرف عليه بس اللي حصل صدفة وجودك في الحارة واللي قطع نص المسافة تقريبا
ابتسمت ساخرة كانت طعم لاصطياد والدها جبران أو مراد استخدمها كطعم بدأت تشعر بأعراض انسحاب ذلك المخدر من جسدها منذ مدة طويلة لم تأخذ منه تشعر بكل جزء منها يرتجف اقتربت منه ضحكت تردف ساخرة :
- يعني أنا كنت طعم ... طعم بتصطاد بيه بابا اد ايه أنت ذكي ومبدع وممثل شاطر مثلت عليا الحب وأنا اللي كنت فاكرة نفسي ذكية
انتفض سريعا يقترب منها يري رعشة جسدها التي تحاول السيطرة عليها اقترب يقف علي بُعد خطوة واحدة منها يردف سريعا :
- لا يا وتر ... أنا فعلا حبيتك ... أنا نسيت مراد بكل قرفه وبدأت حياة جديدة من زمان ... أنا حتي ما كنتش عايز انتقم لنفسي أنا بس كنت بنفذ وعدي اللي حلفت اني هكفر بيه عن كل القرف اللي أنا عملته ... صدقيني وسامحيني ... سامحيني يا بنت الذوات
ارتجافة جسدها زادت وبدأ الألم يصفع جسدها بأسواط من نار اضطربت حدقتيها تصرخ فيه بشراسة :
- اطلع برة أنا مش عاوزة اشوف وشك تاني في حياتي بررررة حياتي يارتني ما قابلتك ولا حبيتك أنا دلوقتي ما بكرهش حد قد ما بكرهك ... طلقني



google-playkhamsatmostaqltradent