رواية سمال الحب الفصل الثامن عشر 18- بقلم مريم محمد

الصفحة الرئيسية

   رواية سمال الحب الفصل الثامن عشر 18 بقلم مريم محمد 

رواية سمال الحب الفصل الثامن عشر 18

_ لا أفرط بكِ ! _
تعاقبت الأيام، طويلة و ثقيلة، على عكس المألوف، لم يكن هناك تفاوت، بل توازن عام، الجميع في حالة حزنٍ و كرب عظيم، الجراح لم تبرأ بعد 
لكن الحادث الأخير لم يمر مرور الكرام، و الغارة التي شنّها أولاد "السويفي" على "حي الجزارين" وصل صداها لكبار القار، ثم جاءتهم مباشرةً دعوة كبير عائلة "الجزار" إلى جلسة عشائرية، تلك التي لطالما كان يعقدها أبيه لحل النزاعات و تسوية المظالم و ما شابه 
و هو ما سيتم اليوم، تحديدًا بعد ساعةٍ من الآن، في وقت الظهيرة ذاك، داخل شقته، الآن يقف أمام المرآة الطويلة في عهدة زوجته، و قد نهضت باكرًا تضع لمساتها على عباءته بعد أن كوتها و وضبتها جيدًا 
ألبسته إياها، ثم أمسكت بقنينة العطر الثمينة و أخذت تنثر عليه و هي تدور من حوله ثلاثًا، مشطت له شعرهو لحيته، وضعت الحذاء في قدميه في صورة تقليدية عتيقة عن الزوج المسيطر و الزوجة المطيعة 
ثم أخيرًا، وقفت خلفه و طوقت خصره مسندة ذقنها فوق كتفه، كلاهما ينظر لانعكاس الآخر بالمرآة.. هي تبتسم له بعذوبة، و هو يقبض على يدها ضاغطًا بحنانٍ ... 
-يومي مهما كان و كنت فين. لا يمكن أحسه بدأ منغير ما أطل على وشك و أسمع صوتك ! 
غزله الصريح دغدغ أذنيها و مشاعرها بعاطفةٍ فيّاضة، لتزداد ابتسامتها إتساعًا و ترد عليه برقة : 
-روحي. تاجي و درعي و الهوا إللي بتنفسه.. انا بقى حياتي كلها ماتنفعش منغيرك 
إلتفت لها محافظًا على عناقهما، استطاع أن يطوقها الآن بدوره و أن ينظر جيدًا إلى وجهها، فقال بنظراتٍ عاشقة : 
-ليلة. ليلي و قمر حياتي.. قوليلي أعمل إيه عشان تفضل الابتسامة دي على وشك علطول ؟ 
ضحكت بخفةٍ و قالت : 
-أكتر من ما مستحوذة عليك و بقالك اسبوع مش سايبني ؟ انا كده أبقى طمّاعة أوي 
-يا ستي أطمعي كمان. أنا مديلك الإذن. اؤمريني بس.. أنا خدامك 
إلتمعت عيناها بحب و غمغمت بصوتٍ ملؤه الشجن متشبثة بمنكابيه العريضين : 
-انا إللي خدامتك و الله. الله يخليك ليا. انا مش عايزة من الدنيا غيرك صدقني 
لم يقاوم أكثر اغراء شفتيها المنفرجتين عن ابتسامتها الحزينة، أمسك رأسها من الجانبين و دنا ليلثم فمها كله بقبلةٍ عميقة، متطلّبة، لم تستطع حتى أن تبادله إياها من شدة اقتناصه لها 
فضّلت أن تستلم في الأخير.. حتى أنهاها من نفسه فجأة و طبع قبلة واحدة أخيرة و قصيرة فوق شفتها العلية ... 
-إنهاردة يوم مهم بالنسبة لي ! .. تمتم مغمضًا عينيه و لا زال وجهه يلامس وجهها 
-مش عاوز دعواتك تسيبني 
طمأنته و هي تشد على يده مشجّعة : 
-ماتقلقش.. انا نفسي مش هاسيبك. هاكون قريبة منك للآخر.. ماتقلقش يا حبيبي ! 
______________ 
لولاها ... 
تلك الصغيرة، و لأجل عينيها فقط، تحمّل جدها "سالم الجزار" رفقة أمها، حتى يمضي معها بعض الوقت 
فهي وحدها، أجل هي التي بامكانها التهوين عليه، و ابقاء باله في حالة من السكون و السلام، كانت سلواه 
مصغّرة جدتها، حبيبته و معشوقته الراحلة.. "كاميليا" ... 
كانت تلعب في حجره بهذا الوقت، بينما كانت أمها تعاون "هانم" بالمطبخ لتحضير وجبة الغذاء، عندما أتى "حمزة" فجأة و أبلغها علانيةً : 
-نسمة.. رزق بينده لك. مستنيكي تحت في الشقة ! 
فورًا تهللت أساريرها، فسارعت بتجفيف يديها في مريولة الطبخ و هي تقول مخاطبة الأخ الأصغر : 
-يلهوي و مستني بقاله كتير ؟!! 
جاوبها "حمزة" بتلويحة من يده و هو يمضي نحو أمه ليعبث في طبق البطاطا المقلية التي أعدّتها للتو : 
-لأ مابقلهوش كتير. ده لسا نازل من عند ليلة. روحيله بقى بسرعة 
لم تنتظر "نسمة" دعوة أخرى، إنطلقت بعد أن أخذت الإذن بسرعة من "سالم".. و في ثوانٍ كانت ماثلة أمامه بالأسفل 
في شقة "هانم" سابقًا، و شقتها هي حاليًا بعد أن فرغت لها حين سافرت "نور" مع "النشار" و انتقل "حمزة" للمعيشة مع جدته، إذ أبى المكوث فيها من بعد وفاة، أو مقتل شقيقته 
حتى أنه لا يدخلها إلا للضرورة القصوى كي لا يتأذى بذكراها الأليمة ... 
-رزق ! .. هدلّت "نسمة" بابتسامة كبيرة 
كان شعرها الحالك حلزوني الشكل اليوم لأنها اغتلست و لم تمشطّه، فاعطاها مظهرًا غجريًا جذابًا، فقط لباسها المحتشم زيادةً عن اللزوم ما شكّل عائق لآداب خلوتهما من وجهة نظرها 
فإذا بها تقول الرخصة منه على عجالة : 
-إديني دقيقة بس يا حبيبي أغيّر هدومي و أجي لك. ريحتي كلها طبيخ ... 
-استني يا نسمة ! .. استوقفها برصانته المعهودة 
و قام حيث كان يجلس فوق أريكة بصدر غرفة الصالون، مشى ناحيتها ممسكًا بطرف عباءته، حركة عفوية ورثها عن أبيه 
نظرت له بارتيابٍ حتى وقف قبالتها مباشرةً، و ليُبدد ريبتها الجليّة ابتسم و هو يقول بهدوء : 
-انا مستعجل. ضيوفي بدأوا يوصلوا. انا كنت جاي أقولك كلمتين بس 
سوّدت خيّبة الأمل وجهها، لكنها سألته بجمودٍ : 
-خير يا رزق ؟! 
تنهد بأريحية و هو يرفع يده ممسدًا كتفها بلطفٍ : 
-الاول طمنيني عليكي. مش ناقصك أي حاجة ؟ مش محتاجة فلوس ؟ و كوكي مش عايزة حاجة ؟ 
-انت مكفّينا و زيادة. و انت عارف ان مافيش حاجة ناقصانا ... 
و أكملت بأسلوبٍ ذي مغزى : 
-مش ناقصنا غيرك بس ! 
رد عليها ببرودٍ متنصلًا من اتهاماتها : 
-انا موجود يا نوسا. و في أي وقت تحتاجوا ليا بكون معاكوا ... 
ثم قال مقرًا بذنبه مع ذلك : 
-إلا بس الفترة الأخيرة و إنتي عارفة الأسباب.. بس خلاص من الليلة في نظام تاني. و على مدار الاسبوع هقضي يوم معاكي و مع كوكي. و يوم مع ليلة فوق... لكن ! 
و صمت لهنيهة محدقًا بنظراته الحادة إلى عينيها المترقبتين، و أردف : 
-في نقطة مهمة حابب أتفق عليها معاكي عشان نمشي على النظام ده مرتاحين كلنا 
ابتلعت ريقها مدركة بأن القادم اسوأ، لكنها استوضحته : 
-تمام. قول إللي انت عايزه.. انا سامعة ! 
جاءها الرد أسرع و أوضح مِمّ توقعت : 
-مافيش حمل ليكي. مش هاتحملي تاني.. إلا لما ليلة تتم علاجها و تحمل الأول 
عبست و فغرت فاها على الأخير صائحة : 
نــعـــــم ؟!!!
و ده إيه أصله ده ؟؟؟ إنت ازاي تطلب مني حاجة زي كده اصلًا ؟ يعني ماحملش عشان خاطر البرنسيسة بنت عمك ؟ انا مالي و مالها أصلًا ؟؟؟؟!!!!! 
لم يأتي بحركة، رغم تطاولها عليه بالحديث، بقى هادئًا و هو يزجرها بنظراتها الصاعقة قائلًا : 
-نسمة.. فوقي. اعرفي انني واقفة قصاد مين.. كلمة تانية مش هاسامحك. فاهماني ؟ 
أرادت أن ترد في إثره، ليقاطعها باشارة من يده هاتفًا بصرامة : 
-خلاص.. انا قلت إللي عندي. لو مش قابلة قراري انتي حرة. بس مافيش أي قرب هايحصل بينا 
طفرت الدموع من عينيها على الفور و هي تقول بصوتٍ باكي يختنق بالغصّة : 
-انت كده جاي عليا بزيادة و بتظلمني عشانها !!! 
رمقها بنظرة لم تستطع تخطيها، رغم ثباتها على موقفها الواهن، إلى أن اقترب منها و حنى رأسه ليهمس قرب أذنها : 
-إوعك تكوني فكراني مغفّل. أو جاي من ورا الجاموسة مثلًا.. انا عارف الحمل بتاع أول مرة تم ازاي يا نسمة. عارف انه كان مقصود و عارف رتبتي ازاي و راسي على الليلة كلها.. كل حاجة عملتها معاكي تمت بمزاجي. ماتفكريش أبدًا إنك كنتي ذكية.. و ماتنسيش كلامي ده. انا قاري دماغك دايمًا و ممكن أقولك حتى بتفكري في ايه دلوقت ! 
نجحت باخماد صدمتها باعماقها مظهرة فقط له وجه البراءة و المظلمة، لكنه لم يهتز للحظة و إرتد عنها للخلف مسددًا لها نظرة أخيرة مكفهرّة، ثم ولّى متجهًا للخارج؛ 
لتبقى هي وحيدة، بعد أن أغلق عليها باب الشقة، انهارت فوق أقرب كرسي، و أطلقت لنفسها العنان لتبكي هذه المرة صدقًا على حالها و هي تدفن وجهها عميقًا بظهر الكرسي، كأنما توري نفسها عن العالم و قسوته الدائمة عليها ... 
______________ 
-المعلمين كلهم وصلوا ! 
عبارة "علي" المقتضبة التي استقبل بها ابن عمه و كبيرهم الحالي، استرعت إنتباه "رزق" الذي توقف عند مؤخرة الدرج و استدار إليه 
حدجه بنظرة متفحصة و قال : 
-مالك يا علي ؟ 
-ماليش !
اجابته المختصرة الجافة وطدت شكوكه أكثر، فألح عليه موليًا له جام تركيزه : 
-إنجز يا علي. مش سايبك ألا اما اعرف مالك.. مالك يابني ؟!! 
مع تصميمه، اضطر "علي" للإفصاح أخيرًا : 
-صراحة مش عاجبني الحال. مخنوق 
-إيه إللي مش عاجبك طيب. ما كله زفت من زمان ! 
تنهد "علي" بثقلٍ و أجابه : 
-موازين العيلة اختلت. حاسس إننا زي العقد و فرطنا. رغم إننا مع بعض.. بس موضوع سلمى لسا مابردش. و أختي إللي على وش ولادة و ابنها إللي هاينزل مش هايلاقي أب. الله اعلم أبوه غار فأي داهية.. و كمان ... 
و سكت للحظة مترددًا : 
-غياب نور.. مأثر فيا. انا مش عارف انا عمل إيه عشان تمشي و ماتقبلش تشوفني حتى.. انت عارف لولا الترتيب إللي حصل بالصدفة و إني كنبت عليها قبل الفرح باسبوع. انا واثق انها دلوقت لو ماكانتش مراتي على سنة و رسوله عمرها ما كانت توافق تتجوزني. زي ما أكون أنا السبب في كل إللي حصل !!!! 
الآن و قد تركه "رزق" يفصح عن مكنون صدره أمامه، كان مستمعًا جيدًا، رغم أنه ذكّره بالمآسي التي مرت عليه مؤخرًا و هو الذي يكافح لينسى تفاصيلها و لو قليلًا 
وجد نفسه يؤازره رغم ذلك، وضع كفه على كتفه و ضغط بخفة قائلًا : 
-معلش يا علي. كلنا إتحرقنا بالنار دي. مش انت بس و لا حتى نور.. انت مفكر إني مبسوط و انا لابس عباية الزعامة دي ؟ لو فكرت كده تبقى ماتعرفنيش. انا بس ماعنديش اختيار. و ابويا وقع. لو سبته دلوقتي كل الكلاب هاتنهش فيه و فيكوا.. انا قاعد مكانه مؤقتًا بس. يشد حيله و يقوم تاني. أطمن عليه و عليكوا.. و مش عايز حاجة. مش عايز أي حاجة من دي و ربي 
نظر له "علي" على نحو أقل اضطرابًا مِمّ كان، ليضيف "رزق" مبتسمًا يهوّن عليه : 
-و لو على نور. هي أكيد معذورة.. لازم تاخد وقتها. انت عارف ظروفها و حالتها. نور زي البيبي بالظبط. براءتها سهل جدًا تنجرح.. فاهمني ؟ 
اومأ له مرة واحدة : 
-فاهم يا رزق.. فاهم 
-طيب يلا بينا أحسن كده هانتأخر على الناس. و لا إيه رأيك ! 
-يلا يا عم ! 
و تضاحكا معًا كعهدهما عادةً.. ثم خرجا من البيت جنبًا إلى جنب ... 
_______________ 
الصغيرة و كأنها جاعت 
فتحت بالبكاء و لم يستطع أحد إسكاتها أبدًا، مهما فعلوا، حتى "سالم" الذي هو من أقرب الأشخاص إليها، فشلت كل محاولاته معها 
حتى ظهرت "ليلة".. كأنما هي ملاكٌ هبط من السماء لنجدته ... 
-ليلة. تعالي يا بنتي. تعالي شوفي البت مالها الله يخليكي ! 
ولجت "ليلة" عبر باب الشقة المفتوح و صوّبت ناظريها تجاه عمها، يجلس في أريكته الضخمة الأشبه بالعرش، و الصغيرة "كاميليا" تكاد تنفطر من شدة البكاء في حضنه 
اسرعت إليه و مدت يديها لتحملها عنه و هي تقول : 
-أمال فين مامتها ؟ ازاي تسيبها كده بتعيط ؟!! 
جاوبها "سالم" على قدر معرفته : 
-كانت هنا من شوية. باين رزق ناداها تحت.. مش عارف عندهم إيه بس اكيد لو خلصوا كانت طلعت 
في حينها، اشتعلت نيران الغيرة بصدر "ليلة" و هي تهز الصغيرة الباكية و تهدهدها بين ذراعيها، قالت فجأة و عينيها تقدحان شررًا خفيّة : 
-كده.. طيب طالما أخرت كده يبقى مش طالعة. انا هانزل أديها البنت. شكلها جاعت او عايزة تغير ال"Panty" ... 
لم يمانع "سالم" من أجل الصغيرة، و أضاف على ذلك موصيًا إيّاها : 
-طيب. بس ابقي إطلعي تاني. هاتتغدي معانا.. هانم مابتكلش. و انا لوحدي مش بقدر عليها 
وعدته بدورها : حاضر يا عمي.. مش هأخر. طالعة علطول ! 
و احبت الصغيرة إلى الأسفل محاوطة عليها بذراعيها كأنما تحمل جوهرة ثمينة ... 
أخذت نفسًا عميقًا عندما وصلت أمام باب الشقة، ثم مدت يدها و قرعت الجرس، مرة، إثنان، ثلاثة 
إنفتح بعد برهة طويلة، و ظهرت "نسمة" لا غيرها، ربما لم تلاحظ "ليلة" احمرار عينيها و انتفاخها من كثرة البكاء، إذ كانت مشغولة بالبحث عن زوجها 
لكنها لم تجده ... 
-البنت كانت بتعيط جامد فوق ! .. هتفت "ليلة" و هي تلج دون استئذان على أمل أن يظهر "رزق" و تضبطه متلبّسًا 
كانت قد أودعت الصغيرة ذراعيّ أمها، لتضعها "نسمة" في أرجوحتها المتنقلة و تولي إنتباهها لضرتها التي توقفت الآن بمنتصف الصالة تعاين كل شبر من الشقة 
و فجأة تراخت تعابيرها المنقبضة عندما تأكدت من عدم وجوده، و الآن صار بامكانها ان تتطلع بوجه غريمتها ... 
حرصت الأخيرة على إظهار وجه العبوس المتجهم لها و هي تبادر بالقول : 
-ارتاحتي كده انتي صح ؟ 
رفعت "ليلة" حاجبها مرددة : 
-أفندم ! تقصدي إيه يا نوسا ؟! 
ارتعش فمها من شدة الحقد و هي ترشقها بالكلمات : 
-في الاول جيتي و شاغلتيه. قعدتي تخططي لحد ما اقنعتيه يتجوزك. هو اصلًا ماكنش في دماغه جواز. حتى بعد ما اتجوزك. مش سايباه و وخداه ليكي لوحدك.. بتضحكي عليه إزاي ؟؟؟!!! 
تفهمت "ليلة" الوضع جيدًا، فتصرفت على غِرارها و نقيض اسلوبها ببرودٍ و خباثة : 
-انا مش محتاجة اضحك عليه و لا أبذل أي مجهود. رزق لو مش حابب يفضل جمبي محدش هايغصبه ... 
و رمقتها بنظرة شمولية مقيّمة، ثم قالت : 
-و لو انتي حاسة بعيد. ف ممكن العيب مش منه.. مش جايز انتي إللي محتاجة تكتشفي نقط ضعفك قدامه ؟ ما تجربي تتعلمي طيب. مش عيب.. الثقافة حلوة. جددي معاه و شوفي النتيجة. بس لو حاولتي و مافيش حاجة جدت يبقى العيب فيكي وش و ماتلوميش عليا بقى .. 
و أطلقت قهقهة عالية استفزت اسوأ ما بداخل ضرتها ... 
-إنتي فكراه بيحبك ؟ ماتحلميش يا حبيبتي. ده هو بس الغربال الجديد لازم يبقى له شادة زي ما بيقولوا. بكرة يزهق منك و يرجع لي. زي ما تملي يعمل 
صاحت "ليلة" بصوتٍ ضحوك مستنكر : 
-هو انتي بجد بتقارني نفسك بيا يا نوسا ؟ بقولك إيه بلاش أنا.. بلاش تقعي معايا. انا عارفة كل حاجة. بلس حاجة مهمة جدًا... أنا يا قلبي بنت عمه. صلبه. دمه و لحمه. يوم ما هايختار.. هاتكون أنا. و على ثقة. مش إنتي 
و هزت رأسها ضاحكة و هي تحضر نفسها للمغادرة، ثم فجأة صاحت "نسمة" بكل ما فيها من غلٍ و قد أصابت هدفًا لم يخيب : 
-على الأقل انا خلفت له. الدور و الباقي على إللي مش قادرة تجيب له ضفر عيّل !!! 
وقعت كلمات ضرّتها عليها أشدّ من الحجارة، انكمشت على نفسها و شعرت و كأنها صفعتها بالفعل ؛ 
و فجأة اشتعل الغضب بصدرها و إستحال إلى غضبٍ عارم و هي تنقض عليها، طرحتها أرضًا بسهولة و هي تشد شعرها بكلتا يديها، جثمت فوقها ثم قبضت على عنقها بكل قوتها صائحة بشراسةٍ كالمجنونة : 
-إللي مش قادرة تجيب له ضفر عيّل دي. قادرة دلوقتي تخنقك و تطلع بروحك.. قوليلي مين يقدر يخلصك من إيدي دلوقتي. مـيـــــــــــــــــن ؟؟؟؟؟ 
و بينما تكافح "نسمة"  شاخصة فاتحة فاها على مصراعيه و تتخبّط تحتها تارة، و تمسك يديها تارة أخرى تحاول عبثًا ابعادهما لعلها تسحب نفسًا واحدًا ... 
أتى الرد من خلفها قاصفًا كالرعد : 
-لـــيلـــــــــــــــة ! ....................


google-playkhamsatmostaqltradent