Ads by Google X

رواية هويت رجل الصعيد الفصل الثامن 8 - بقلم نورا عبدالعزيز

الصفحة الرئيسية

رواية هويت رجل الصعيد البارت الثامن 8 بقلم نورا عبدالعزيز

رواية هويت رجل الصعيد الفصل الثامن 8

_بعنــــوان "قرار أحمق" ___

كانت “عهد” نائمة بمقعدها في السيارة وهو يقود ناظرًا للأمام بينما تجلس “ليلى” في المقعد الخلفى وتنظر في هاتفها دون أهتمام للطريق، توقفت السيارة بمنتصف الطريق فنظرت “ليلى” بتعجب وهى تقول:-

-في أيه؟

أجابها “نوح” وهو يفتح باب السيارة ليترجل منها قائلًا:-

-تجريبًا في عطل

ترجل من السيارة ثم فتح الصندوق الأمامى ليرى الدخان كثير يتصاعد فعاد للسيارة وهو يغلق النوافذ جيدًا حتى لا يتسرب الدخان للداخل لأجل “عهد” ووقف بالخارج يتصل بـ “عطيه” ويقول:-

-أنا على أول البلد المهم متعاوجش يا عطيه

أغلق الخط ووقف ينتظر صديقه وفى أقل من نصف ساعة كان “عطيه” أمامه بسيارته السيدان السوداء، فتح “نوح” باب السيارة وقال بنبرة خافتة هادئة:-

-عهد جومى

فتح لها حزام الأمان ثم ساعدها في النزول وأخذ “عطيه” الحقيبة من “ليلى” وهو يمازح صديقه:-

-حمد الله على السلامة يا نوح، نورت البلد

نظر “نوح” له ليراه ينظر إلى “ليلى” لكنه يواجه الحديث له فهز رأسه بضجر من صديقه وهو يقول:-

-أفتح العربية يا عطيه

أدخلها “نوح” في الخلف بجوار “ليلى” وصعد جوار صديقه لينطلق بهم وهو يحاول أن يفتح الحديث مع “نوح” لكى تجيب أو يقدمها “نوح” له فبالتأكيد ليست زوجته فزوجة صديقه مريضة، لمح “نوح” بعض رجال الجبل يجلسون على الطريق ويحملون الأسلحة فلم يعرى أي أنتبه حتى رأي “خالد” في الخلف ليعلم بأن هذا فخ صنع له وعطل سيارته إنقاذه هذه المرة ليتواعد لهما بالكثير من الأنتقام فبعد أن أطمن على زوجته لن يجد ما يمنعه عنهم، وصلوا للمنزل فترجل وأخذ بيد “”عهد”، أسرع “عطيه” لها وهو يقول:-

-عنك الشنطة

رفعت حاجبها له بحدة ثم قالت:-

-شكرًا

لم تعطيه الحقيبة فنظر لها بذهول من حدتها الصارمة ثم ذهب إليها مرة أخرى وهو يحاول أخذ الحقيبة فقال:-

-عنك والله

صاحت به بضيق شديد قائلة:-

-ما قولنا شكرًا دا أيه الغتاتة دى

أتسعت عينيه بدهشة من ردها وتذمرها ليقول بتمتمة خافتة لم تسمعها:-

-أيه البت أم لسان طويلة دى

غادر من المنزل دون أن يودع صديقه، فتحت “حُسنة” باب المنزل ودخل بها وخلفهما “ليلى”، هرعت “سلمى” لهما بسعادة وهى ترحب بهما قائلة:-

-حمد الله على السلامة يا ولدى، نورتى الدار يا عهد

تبسمت “عهد” لها بخفة وقال “نوح” بجدية:-

-حضري أوضة للضيفة يا أمى

أومأت له بنعم ثم أخذت “ليلى” وصعدت فنظر “نوح” إلى “فاتن” وابنتها “حورية” وهو يشتاط غضبًا من مكرهما ثم أخذ “عهد” إلى الأعلى، هرعت “فاتن” بصدمة من رؤيته حي ولم يصيب شيء هو وزوجته وقالت:-

-أتصلى بأبوكى يا بت وجوليله ان نوح وصل

كزت “حورية” على أسنانها بضيق وأومأت لها بنعم

____________________

وضع الغطاء علي قدميها لتقول “عهد” بجدية:-

-ممكن أروح لعليا أطمن عليها

جاءها صوت “سلمى” من بعيد تقول بهدوء:-

-هي زينة جوى وفى الأوضة اللى جارى والله لأجل عيونك أنتِ يا عهد أتحملت على نفسي ورعيتها في غيابك مع أن خيتك لسانها طويلة

نظرت “عهد” لها بأحراج وقالت:-

-حقك عليا أنا يا ماما

جلست “سلمى” جوارها وهى تمسح على رأسها بلطف ثم قالت:-

-ولا يهمك يا حبيبتى المهم أنك بخير وكتر خيرها جوى أنها أتبرعت ونجتك

غادر “نوح” الغرفة ونزل للأسفل لير “حورية” تتحدث في الهاتف فقال بغضب شديد:-

-أيه يا بت عمى لحجتى تبلغى أبوكى

أستدارت “حورية” له بضيق شديد ثم قالت:-

-جرا أيه يا نوح أنت بدور على المشاكل وخلاص

أكمل نزول الدرج وهو يقول ببرود سافر:-

-والله نفسي يا حورية بس أنا مانع نفسي عن المشاكل لحد دلوجت، أصل بعيد عنك أنا بموت في المشاكل جوى والست الوالدة خابرة كدة زين ولا أيه يا مرت عمى

قالها وهو ينظر إلى “فاتن” فتلعثمت في الحديث وهى تقول:-

-في ايه يا نوح راجع بتشاكل دبان وشك ليه؟

سار نحو المكتب مُتحاشي النظر لهما وهو يقول بتهديد ونبرة غليظة:-

-أنا لسه هشاكل والله يا مرت عمى بس يا رب عمى وولده يبجوا جد اللى بيعملوا أصل اللون الأسود مهيبجاش زين فيكى

تحدث وهو يهددها بقتل أحدهما بطريقة غير مباشرة لتزدرد لعابها بخوف شديد من تفكيره ثم دخل للغرفة وأغلق الباب

__________________

-يا عم أنا عاوز لودر وعربية إيجار وهدفعلك اللى تطلبه

قالها رجل في الخمسينات من عمره ليقول “حمدى” بغرور شديد:-

-جولتلك مبنأجرش أيه أطرشت ولا مبتفهمش

تحدث الرجل بترجى شديد قائلًا:-

-بس نوح بيه جالى أنه هيدينى وأنا بأخد منه دايمًا، دا أكل عيش يا حج

ذكر اسمه “نوح” جعله يشتاط غضبًا فوقف “حمدى” من مقعده تحت المظلة ومسك نبوته لينكزه في كتف الرجل بقوة وهو يقول:-

-لما أجولك مفيش يبجى مفيش وغور من اهنا بجى

أتاه صوت “عطيه” من الخلف يقول:-

-بس هو هيأخد يا حج حمدى

هرع الرجل له بسعادة وهو يشكره بحماس قائلًا:-

-متشكر جوى جوى يا ولدى

أربت “عطيه” على يده وتركه يأخذ ما يريد ليتأفف “حمدى” بضيق شديد وهو يستدير إلى “عطيه” ويقول:-

-أنت بتكسر كلامى يا عطيه وكأنك واجف في ملك أبوك أهنا

وضع “عطيه” يديه في جيب عباءته البنية وقال بثقل يثير غضبه أكثر ويرد الأهانة له بإتقان:-

-وملكك يا حج حمدى وعلى ما أعتجد انه ملك نوح وصاحب الملك جالى أديله وأن جينا للحج أنا واجف في شغلى لكن حضرتك واجف تأمر وتنهى أهنا بصفتك أيه ... عم صاحب الشغل .. صفة مبنأخدش بيها في شغلنا

تركه وغادر ليشتاط “حمدى” غضبًا وهو يضرب نبوته في الأرض بقوة ويحاول كبح غضبه قدر الإمكان قبل أن يفلت منه الغضب ويقتل أحد للتو..

تبسم “عطيه” وهو يغادر بعد أن أثار غضب “حمدى”

____________________

دخلت “عهد” إلى غرفة “عليا” لتراها جالسة في التراس وفى يدها كوب من العصير وتتنظر للخارج، تنحنحت “عهد” بهدوء ثم قالت:-

-عاملة أيه يا عليا

نظرت “عليا” لها ببرود ثم عادت بنظرها للخارج لتجلس “عهد” أمامها وتبسمت بعفوية أمام وجه أختها الكبرى ثم قالت:-

-أنا كنت قلقانة أوى عليكى ومبسوطة أنك بخير

تركت “عليا” كوب العصير على الطاولة الصغيرة أمامها ثم قالت ببرود حاد:-

-متتبسطيش أوى يا عهد لأن للأمانة أنا كنت مجبورة على العملية بسبب جوزك المتوحش ولولا خطفه لابنى أنا مكنش هيفرق معايا تلاقى متبرع ولا لا، تعيشي بكبد مريض أو تموتى مكنش من أولويات حياتى للعلم، بطل تتعاملى على أنك أم قلب طيب وبريء وتعيشي دور الساذجة اللى مش فاهمة اللى حواليها، أنتِ عارفة أنى رميتك هنا وضحيت بيكى وأنا متأكدة أن نوح مكنش هيطلقك وأنى أنانية بس حقى أكون أنانية وأفكر في نفسي عشان خاطر ابنى

كانت كلماتها كالخنجر يغرس في قلب أختها رغم مرضها وهى لم تتعافى جيدًا لتدمع عيني “عهد” بحزن شديد من جراءة أختها في الأعتراف بأنانيتها ولم تخفيها فتحدثت “عهد” بضعف تعتذر منها:-

-أنا أسفة يا عليا

أومأت “عليا” لها بجدية تقول:-

-لازم تكونى أسفة وتعتذرى منى وتشكرنى لأنك عايشة دلوقت بفضلى أنا وأهو دين جديد أضف على ديونى اللى في رقبتك بس لحد هنا وأنا مش عاوزة منك تردى أي دين ليا أنا عاوزاكى تتطلعى من حياتى وبس ويبقى كتر خيرك

أنهمرت الدمعة من عينى “عهد” من قسوة أختها التي لم ترأف لحالة أختها المريضة وجرحها الذي لم يشفى تمامًا، هزت “عهد” رأسها بضعف وهى تضع يدها على بطنها مكان الجرح وقالت:-

-أنا مكنتش فاكرة أنك بتكرهنى أوى كدة بس حقك عليا أنا مش زعلانة منك

وقفت “عليا” بغضب شديد وصاحت مُنفعلة على أختها الهزيلة:-

-أنتِ مبتفهمش يا عهد، أنا تعبت من شيل مسئوليتك وحملك فوق كتافى 21 سنة شايلاكى من حقى أتعب أنا مش جبل

قهقهت ضاحكة بهسترية شديدة وهى تقول بسخرية :-

-بكرهك... أنا بسبب أنانية جوزك حفلة الباليه قدام الريس فاتتنى وحلمى ضاع

وقفت “عهد” وهى تستمع لأختها وكرهها لها لتقترب “عليا” منها وهى تتحدث بغضب وكره شديد أثناء مسكها لجسد “عهد” وتهزها بقوة دون أن تكترث لجرحها مُتابعة:-

-ليه كل مرة حلمى أنا اللى يدمر وأنتِ أحلامك مبتتهزش، ليه مكتوب عليا أتعب وأتكسر وأنتِ تعيشي على الجاهز، أنا جوزى يموت لكن أنتِ تعيشي هنا مع جوزك متهنيش ومحدش يقدر يدوس لك على طرف، أنا حلم البالية يضيع منى لكن أنتِ كل قرائك وجمهورك منتظر لحظة رجوعك والكل بيدعي لك وبيحبك لكن أنا منبوذة من الكل

تألمت “عهد” بشدة من هز “عليا” لجسدها وحديثها أكثر قسوة من الألم فدفعتها “عليا” بقوة وهى تقول:-

-أنا بكرهك يا عهد بكرهك وفى كل لحظة عدت وأنا هنا كنت بدعى تموتى في العملية وبعدها ومترجعيش من المستشفى

خرجت صرخة مكتومة من “عهد” من دفع “عليا” لها وقبل أن تتحدث وسط دموعها التي تساقطت بغزارة من قسوة الحديث وألم جرحها أخذتها “عليا” من يدها لتخرجها من الغرفة وتغلق البا في وجهها، أتكأت “عهد” على الحائط بضعف وهى تسير إلى غرفتها ودموعها تتساقط بغزارة لكن جسدها المريض ونزيف قلبها المجروح من حديث أختها وكرهها لها وكيف تمنت الموت لها هزموها لتفقد الوعى وتسقط أرضًا، رأتها “اسماء” وهى تخرج من الغرفة مُتكأ على الحائط وقدميها تزحف ببطيء على الأرض فتجاهلتها حتى سمعت صوت أرتطام جسدها بالأرض فصرخت بهلع وهى تركض نحوها، صعد “نوح” من الأسفل على صوت صراخها وهكذا خرجت “ليلى” من الغرفة ليروا “أسماء” جوارها تحاول أفاقتها، هرع “نوح” بعد أن رأها هكذا وحملها على ذراعيها ليأخذها إلى الفراش، فاقت “عهد” بعد محاولات من “لأيلى” لترى “نوح” جالسًا جوارها ويحتضن يدها بين راحتى يديه ويدلك يديها و”ليلى” جالسة في الجهة الأخرى جانبها لتتذكر حديث “عليا” لها وما حدث لتدمع بضعف وهى تلتف نحو “ليلى” لتختبي في حضنها من أعين الجميع وتقول:-

-طلعيهم برا يا ليلى، أنا مش عاوزة أشوف حد

نظرت “ليلى” له ولأسماء الواقفة بعيدًا فغادرت في صمت بينما “نوح” ينظر لها بدهشة من طلبها وأختباها في صديقتها بدل منه هو ثم غادر الغرفة بهدوء، جهشت باكية بضعف مع صديقتها دون أن تتفوه بكلمة واحدة وما سبب حالتها وبكاءها ولما غادرت غرفتها من البداية...

____________________

جمعت “عليا” أغراضها في الصباح وغادرت بطفلها قبل أن يستيقظ أحد لتراها “ليلى” وهى في طريق خروجها سيرًا على الأقدام لتتجاهلها وتكمل الطريق، ذهبت تتجول في المكان لكى تجلب الكتب التي طلبتها “عهد” دون أن تعرف السبب فظلت تنظر في الهاتف على الخريطة لتدرك أي طريق يجب أن تسلك، رأها “عطيه” وهو يخرج من الكافى بكوب قهوة ورقي ليذهب نحوها وهو يقول:-

-بدورى على حاجة؟

رفعت “ليلى” نظرها له بأغتياظ من هذا الرجل ذو العباءة والعمة ولحيته الخفيفة ويملك زوج من العيون البنية البندقية الواسعة وأنف حاد ببشرة متوسطة البياض ثم قالت بضيق وهى تدفعه بعيدًا عن طريقها:-

-وأنت مالك حد طلب مساعدتك دا انت حشري أوى

أغلق قبضة يده اليسرى بغضب مكتوم قبل أن يفقد أعصابه ويسكب كوب القهوة على رأسها بسبب لسانها السليط وردودها التي تسبب الجلطة للأخرين ثم قالت وهو يكز على أسنانه:-

-هم بنات مصر جليلين الرباية أكدة

سمعته لتتسع عينيها بصدمة من سبه لها ثم أستدارت له بوجه حاد وعابس وعينيها تبث نار على وشك ألتهمه ووضعت سبابتها في وجهه وهى تقول:-

-سمعتك يا مترين وعمارة ثلاثة دور أنت

كتم ضحكاته من وصفها لطوله وقال بحدة مُصطنعة:-

-أنا غلطان أنى جولت أساعدك وأنتِ غريبة في بلدنا

تمتمت وهى تغادر من أمامه غاضبة منه:-

-مبقاش إلا واحد قليل الذوق زيك ويساعدنى

كبث غضبه وصعد إلى سيارته وهو يقول:-

-أنا همشي جبل ما أعصابى تفلت منى وأرزعها كف خماسي

أكملت سيرها على الرصيف وهو يتابعها بسيارته من بعيد مُبتسمًا على حيرتها في الطرق، فتاة طويلة القامة بعينى خضراء وبشرة بيضاء ترتدة بنطلون جينز أسود وقميص نسائي طويل يصل لركبتيها فضفاض لونه أبيض وعليه رسومات بألوان مختلفة وتضع حزام حول خصرها النحيف وترتدي حذاء رياضي أبيض اللون وتلف حجاب من الشيفون برتقالي، كانت جميلة بطالتها الأنيقة وألوانها الربيعية الجميلة، أكملت سيرها حتى وصلت للمكتبة فتبسم وأنطلق في طريقه إلى العمل وهو يحاول تخمين أسم هذه الفتاة..

___________________

أستعد “نوح” للخروج من غرفته وهى تراقبه عن كثب بنظراتها لتستوقفه بضيق قائلة:-

-نوح

أستدار لها بهدوء ليراها تغادر الفراش فأسرع لها لكى يأخذ يدها لتمنعه وهى تسأله بغضب مكبوح:-

-أنت خطفت يونس عشان تجبر عليا على العملية

تنحنح ببرود شديد ثم قال بثقة:-

-اه مكنش عندي حل تانى وخيتك كانت عنيدة

صاحت في وجهه بأختناق شديد يؤلمها من الداخل:-

-وأنا كنت أشتكيت لك مرضي ولا قولتلك ساعدنى

تحدث بنبرة هادئة أمام صراخها هاتفًا:-

-وأنا كنت هستنى مرتى تجولي أنها تعبانة ولا أستنى لما تدخلى المستشفى وتجعى منى

حدقت به ببرود شديد ثم قالت:-

-وهو أنا مراتك يا نوح ولا أنت بتسمى اللى إحنا فيه دا جواز، دا غش وكدب ونفاق وأنا بحذرك يا نوح بيه أوعى تتداخل في حياتى تانى ولا تتصرف في حاجة تخصنى بهمجية وتخلف من عقلك تانى

مسك يدها بغضب شديد من أهانتها له وقال بصراخ قوى:-

-أنا ماسك نفسي عنك بالعافية يا عهد عشان تعبانة لكن متختبرش صبرىعليكى أكتر من أكدة وجولتها جبل كدة وهجولها تانى ولأخرة مرة وأنتِ بتتحددي ويايا تتحدى بأدب لأنى لحد دلوجت معاوزش أوركي وشي التانى والهجمية على حج

تركها وغادر الغرفة لتجلس على الفراش بتعب وظلت سجينة غرفتها حتى المساء..

_____________________

-في حد عاجل يا ناس يهب في مرته أكدة

قالها “عطيه” وهو يسير مع “نوح” في طريق عودتهم من العمل ليقول “نوح” بضيق:-

-هي اللى لسانها ساعات بيفلت منها وأنا متعودتش أن واحدة ست صوتها يعلى عليا

تذكر “عطيه” ردود “ليلى” عليه فتبسم وهو يقول:-

-شكل بنات مصر كلتهما أكدة، ما علينا خلينا في وكستك .. هتعمل أيه؟

هز “نوح” كتفيه بحيرة ويقول:-

-مخابرش

تأفف “عطيه” بغيظ من صديقه فقيد الرومانسية وقال:-

-اه يا جلبى عليك دا الله يكون في عونها، أتحرك يا نوح خدلها ورد وشيكولاته ويا سلام على هدية حلو من ذوجك اللى أنا خابر أنه معدوم وأعتذر

رفع “نوح” قبضته في وجه “عطيه” ليكاد أن يلكمه على سخريته منه ثم قال:-

-هي شيكولاتة وواحدة بس كمان ويبجى كتر خيرى

تركه “عطيه” بضيق وهو يغادر قائلًا:-

-أنا غلطان أنى بتحدد وياكى في المشاعر وأ،ت عديمها أنا مروح جبل ما أتجلط منك

غادر وتركه ليكمل “نوح” طريقه للمنزل وعندما دخل رأها تقف في الشرفة بغرفته فتنهد بهدوء وهو يدخل المنزل ليرى “حمدى” جالسًا على السفرة، رمقه “نوح” بوجه حاد غليظ ثم قال:-

-بالهنا يا عمى

أزدرد “حمدى” لقمته بأغتياظ شديد ليتابع “نوح” وهو يصعد الدرج:-

-كُل من مالى هو العم وولد اخوه أيه ما هم واحد برضو

قالها بسخرية ليثير غضب “حمدى” لترك “حمدى” الملعقة من يده بقوة وقال:-

-منك لله يابويا

دخل “نوح” للغرفة بهدوء ثم نزع وشاحه ووضعه على الأريكة ثم عمته وعينيه على الشرفة مُنتظر أن تخرج لأجله لكنها لم تفعل، دخل المرحاض ليأخذ حمام دافيء ويبدل ملابسه ليرتدى عباءة باللون الزيتونى ووجدها لا تزال بالخارج فتنهد بهدوء ثم سار نحوها ووقف أمامها فرفعت نظرها به بصمت وهى عاقدة لذراعيها أمام صدرها فقال عفوية:-

-مش سجعانة الهواء بارد عليكى .. هجبلك حاجة تحطيها عليكى

أستوقفته بنبرة باردة حادة تقول:-

-مش عايزة

عاد للوقوف أمامها بأرتباك شديد وهو لا يعلم كيف يعتذر من الأخرين ثم قال بلطف:-

-أخليهم يحضرولك العشاء

أجابته بحدة اكثر قائلة:-

-أتعشيت

كانت تتابع ربكته وتوتره بعينيها لكن قلبها الأحمق يتسارع من وسامته ووجهه المبلل ويتلألأ من المياه وشعره المبعثر وتتساقط منه قطرات المياه على وجنته لتحسد هذه القطرات على حقها بلمس وجنته أم هي زوجته ولا يحق لها بالأقتراب منه أو مسح تلك القطرات الباردة عنه، نشبت الغيرة نيرانها في قلبها الصغير من هذه القطرات لكنها تصطنع البرود أمامه فماذا ستقول أو بما ستخبره بأن قلبها فتح أبوابه لهذا الرجل الجليدى، كاد أن يتحدث لكن نظراتها تربكه أكثر وتزيد من توتره الشديد ولم تكتفى “عهد” بنظراتها بل صدمته عندما أقتربت خطوة تجاه وأدخلت ذراعيها أسفل ذراعيه لتستكن في حضنه فأتسعت عينيه على مصراعيها بدهشة بينما هي أغلقت عينيها لتشرد مع دقات قلبها فقد أرادت أن تتأكد مما يحدث لها في حضوره وكانت دقات قلبها تتسارع وحرارة جسدها تترفع وتسير القشعريرة في جسدها كاملًا لتدمع عينيها بضعف وهى تبتعد عنه بعد أن تأكدت بأنها هويت رجل الصعيد ذو القلب الحديدى، نظر “نوح” لها ليرى دمعة تتلألأ في عينيها ليعتقد بأن صراخه بها صباحًا هو سبب بكاءها فرفع يده إلى وجنتها بحنان يضع خصلات شعرها خلف اذنها فنظرت "عهد" بعينيه وبدأت ضربات قلبها تتسارع وتتجاوز المعدل الطبيعي، تحدث "نوح" بلطف وهو ينظر بها:-

-حجك على رأسي يا عهد، غلطة مهتتكررش تانى

تذكرت صياحه عليها فى الصباح لكنها لا تكترث كثيرًا لشيء أخر سوى وسامتها وحنانه معها، أومأت له بنعم ليقول:-

-تحبى نطلع نتعشي سوا برا وتغيري جوا

هزت رأسها بلا، تحدث بهيام وهو يمسح على رأسها بيده قائلًا:-

-وجت ما تحبى تخرجى جوليلى ولو حابة تعملى اي حاجة جوليلى أنا عاوزك تكونى مبسوطة وسعيدة

سألته بنبرة هادئة وهى تنظر إلى عينيه ودقات قلبها تكاد تهزمها بعد أن نشب الحُب جذوره بقلبها الصغير:-

-بجد!

أومأ لها بجدية وثقة من حديثه ثم قال بلطف:-

-أكيد أنا عاوزك أسعد واحدة فى الدنيا ما دام السعادة دى أجدر اجدمها لك يبجى هعملها عشانك ولأجل عيونك يا عهد، أنتِ مش واخدة بالك أنك أهم وأغلى حد عندى ولا ايه

صمتت قليلًا لينظر إلى الأمام حتى لا يخجلها أكثر فنظرت إلى وجهه بحُب ثم جمعت شجاعتها وهى لا تعرف كيف ستفارق حبيبها لتقول:-

-طلقنى يا نوح

ألتف لها بصدمة ألجمته وهو لا يُصدق ما يسمعه منها ليقول بجدية:-

-أنتِ واعية للى بتجولي يا عهد

تنهدت بهدوء قبل أن تتحدث وهى على يقين بأنها تكن له المشاعر لكن برود قلبه المتحجر معها لن تتحمله فقالت:-

-لو عايزنى سعيدة طلقنى.. أنا عارفة يا نوح أن اللى بينا ميندرجش تحت بند الجواز، عارفة أنك مجبورة عليا وأنا واحدة اتفرضت عليك، باين أوى أنك بتغصب نفسك على المعاملة بينا وبتجبر نفسك على معاملتى بلطف، خلينا نصلح الوضع دا وطلقنى أنت ترجع لحياتك وأنا كمان أرجع لحياتى

لم يتمالك غضبه الذي نشب حربه بين ضلوع صدره من طلبها للأنفصال عنه وهى تتحدث بالهراء أى معاملة يُجبر حاله عليها وأى لطف مُصطنع يفعله، كل هذا هراء أحمق لا تتدرك حقيقته، مسك ذراعها بقوة جاذبها نحوه بقوة لتلتصق بصدره، حدق بعينيها العسليتين بغضب يتطاير من عينيه، أزدردت لعابها الجاف بصعوبة من نظرته فسمعت صوته يقول بنبرة قوية:-

-انهى حياة اللى عاوزة ترجعي ليها، فرض وإجبار!! .. دا شيء ميخصكيش فاهمة ولو الطلاج هو سعادتك يبجى خليكى تعيسة وطلاج مفيش، أنا مهطلجيش يا عهد وطريجك الوحيد عشان تأخدى حريتك منى هو موتى، ويا ريت مسمعش الكلام دا منك تانى

ترك يدها بقوة وأستدار لكى يغادر فتمتمت "عهد" بصراخ وعناد شديد قائلة:-

-بس أنا مش هعيش حياتى كلها معاك كدة، دى مش سعادة

توقفت قدميه لكى يسمعها وعندما انهى حديثه قال بحدة دون أن يلتف لها:-

-وأنتِ مالكيش حياة غير ويايا يا عهد وأعتبري نفسك تعيسة مدى الحياة

غادر الغرفة تاركها خلفه لتضرب باب الشرفة بيدها وهى تستدير لكى تنظر إلى الأمام غاضبة من بروده وهى لا تستطيع تحمله أكثر.....

____________________

جاء الطبيب في الصباح لفحصها في المنزل وتطهير جرحها وبعد أن غادر تحدثت “عهد” إلى “ليلى” بغموض دون أن يسمعها أحد لتغادر “ليلى” المكان دون أن تتفوه بكلمة، دلفت “أسماء” لها ثم قالت:-

-كيفك النهاردة؟

تبسمت “عهد” في وجهها بعفوية وقالت:-

-بخير وشكرًا ليكى يا أسماء على اللى عملتيه

تبسمت “أسماء” بسمة حزينة ثم قالت:-

-أي حد مكانى كان هيعمل اللى عملته

أومأت “عهد” لها وأستدارت “أسماء” لكى تغادر فأستوقفتها “عهد” بحديثها تقول”:-

-أنا مكرهتكش لحظة يا أسماء وعارفة أن اللى جواكى ليه مش الخير وأن بسببى أنا وأختى قلبك أتكسر بس صدقينى مفيش جرح بيدوم العمر كله وبكرة السعادة تجي لك لغاية عندك وتمحى أيام التعب

أستدارت “أسماء” لها بدهشة من حديثها وهى لا تفهم شيء منه فألتزمت “عهد” الصمت تمامًا وأكتفت ببسمة رقيقة لتغادر “أسماء”

____________________

ظل “نوح” يكابر قلقه وهو يعلم بأن الطبيب سيأتى لها اليوم لكنه غاضب حقًا منها وتفكيرها في الأنفصال، تأفف “على” من شرود ابنه في العمل ثم قال بصياح:-

-يا نوح؟

فاق من شروده وتفكيره بها بحرج أمام والده ليقول “على”:-

-فينك يا ولدى

تنهد “نوح” بخفوت شديد ثم قال:-

-هو أنا وحش جوى يا أبويا

تعجب “على” من سؤاله الغريب ثم قال:-

-ليه بتجول أكدة يا نوح؟

تأفف “نوح” بحيرة ثم وقف وقال بحدة:-

-أنا ماشي

غادر المحجر شاردًا وهو يتساءل ويكاد عقله يقتله من التفكير في سبب واحد جعلها تفكير في الأنفصال عنه وهل العيش معه صعب وشاق لها بالقدر الكافى لطلب الطلاق منه؟ تساءل بماذا أخطا لتطلب الرحيل؟ لم يهملها يومًا وكان سندًا قوي لها، لم يقبل الأهانة لها من أحد ووقف أمام الجميع لأجل كرامتها وعاملها برفق وإحسان فلما ترغب بالمغادرة، وصل للمنزل شاردًا ومهموم ولم يتحدث مع أحد ولا والدته بل صعد إلى غرفته وعندما ولج للداخل دهش من جمالها وهى ترتدي فستان أسود اللون بقط وطويل وتسدل شعرها بحرية على ظهرها ويغطى وجنتها اليسري وتضع مساحيق التجميل، سارت نحوه ببسمة رقيقة وكأن يستمع لطقطق كعبها العالى تقترب منه وهو يحدق بها بهيام وعينى لامعة، وقفت أمامه بخجل وهى ترفع يدها لتضع خصلات شعرها خلف أذنها اليمنى وتقول:-

-أتعشيت؟

نظر لطاولة العشاء الموجودة في الخلف وعليها طعام وكوبان من العصير ويزينها شمعتين يضيوا الغرفة ليقول بنبرة هادئة:-

-لا

تبسمت وهى تأخذ يده للطاولة ثم جلس يتناول الطعام في صمت وهو يختلس النظر لها يتعجب من حالتها التي تبدلت من ليلة وضحاها ويبدو أنها تفتح صفحة جديدة معه، أنهى طعامه أولاً لينزع عمته وهو ينظر إليها فتركت الشوكة من يدها ثم وقفت لتسير نحوه ومدت يدها له وقالت:-

-ممكن ترقص معايا

أومأ لها بنعم ثم وضع يديه في يدها ووقفا معًا يرقصان سلو على أغنية أجنبية ويديه تحيط خصرها بينما تضع يديها على أكتافه وتنظر في عينيه تحفر ملامحه في ذاكرة عقلها وقلبها حتى توقفت عن الرقص ويديها تتسلل إلى وجنته وأقتربت خطوة أكثر نحوه لتضع قبلة على لحيته بخفة ثم قالت بنبرة دافئة:-

-أعتبر دا أعتذارى وشكرى ليك يا نوح، أنت فعلا تحتاج أنى أشكرك على كل لحظة كنت جنبى فيها ومعايا كفاية أنك أجمل حد دخل حياتى

أخذ رأسها بين يديه ليقربها له ثم وضع قبلة على جبينها بدلال ثم قال:-

-وأنتِ أغلى من حياتى كلها يا عهدى

أرتجف جسدها من قبلته وتنفست الصعداء بخجل شديد من هذه القبلة ثم تبسمت بلطف لأجله لتسقط بسمتها سحرها على قلب هذا الرجل الجليدى لتذيب هذا الجليد فشعر “نوح” بخفقة قلبه تتسارع لأول مرة لأجلها ليعلم بأن قلبه فتح بابه للتو ليرحب بها ويستقبلها بداخله الآن وللأبد..

أستيقظ “نوح” صباحًا وكان بفراشه فتذكر أمس عندما نامت بين ذراعيه، نظر جواره ببسمة وكان الفراش فارغًا، وقف من مكانه وهو يعتقد بأنها في المرحاض لكنه لم يجد لها أثر بداخله ليتذكر ما حدث أمس فأتسعت عينيه بصدمة عندما أدرك بأنها لم تكن تفتح صفحة جديدة معه وتأخذ خطوة نحوه بل كانت تودعه، فتح خزانة الملابس الخاصة بها وكانت فارغة ومعدات التصوير لخاصة بها أختفى لقد غادرت بعيدًا ورحلت عنه للأبد...


google-playkhamsatmostaqltradent