رواية هويت رجل الصعيد الفصل الحادي عشر 11 - بقلم نورا عبدالعزيز

الصفحة الرئيسية

 رواية هويت رجل الصعيد البارت الحادي عشر 11 بقلم نورا عبدالعزيز

رواية هويت رجل الصعيد الفصل الحادي عشر 11

بعنــــوان "أعتراف" ___

أحرق الشوق قلبه وألتهب نيران العشق بداخله بعد أن رحلت فلم يستطيع مقاومة الهوى بداخله فخرج من المحجر سريعًا بعد أن رحلت فناداه “عطيه” بذهول من خروجه مُسرعًا من العمل وقبل ميعاد رحيله المعتاد لكن لم يجيبه “نوح” بل صعد إلى سيارته وأنطلق مُحترقًا عشقًا لها قاصدًا منزله حيث ذهبت محبوبته وعندما مر من أمام متجر زهور توقف فجأة ثم ترجل وفصح الزهور بعينيه ليختار باقة ورود حمراء وكبيرة جدًا رغم أنها لم تكن كافية لحُبه لها، أنطلق بسيارته لتستوقفه امرأة من عمر والدته بزوجها من اهل البلد فتوقف لهما عندما أشاروا له ثم فتح النافذة ليتحدث الرجل بهلع وذعر قائلًا:-

-يا جناب البيه الضيفة المصراوية اللى فى داركم فى واحدة غجرية خدتها

نظر لهما بإستغراب شديد وهو لا يفهم حديثه فتحدثت المرأة بذعر أكبر وهى لا تعلم بأن من يتحدثوا عنها تكون زوجته الغالية:-

-لا دى خطفتها أنا شوفتها وهى بتكممها

رن على هاتفها ليُصدم بوجود الهاتف فى يد المرأة فأتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة ألجمته وقبضت قلبه رعبًا بأن أن تأكد بأن الضيفة التى يتحدثون عنها زوجته، مدت المرأة يدها بالهاتف إليه ليلتقطه منها بأيدي مُرتجفة فرأى رقمه يضيء الهاتف تحت لقب “ولى العهد” دمعت عينيه خوفًا عليها بعد ان رأى تلقبه بولى أمرها فهى العهد المذكور فسألهم بقلق:-

-هم مشيوا كيف؟

فتح الرجل باب السيارة دون أن يستاذن وصعدت السيدة فى الخلف وأشار إليه على الطريق فلم يبالى بركوبهما سيارته وذهب إلى حيث أخذوها والرجل يتحدث بقلق:-

-إحنا لما شوفنهما أكدة خدنا توكتوك وطلعنا وراهما لأن الوضع كان مريب، هم أخدتوها على دار فى أخر البلد

كان يشتاط غضبًا مما حدث وعقله يكاد يموت من التفكير فى الفاعل وماذت سيفعل بها؟ وعن سبب أخذه إلي زوجته رغم انه يقين بأن هذا الفعل من تصرف عمه الماكر، أرتجف قلبه رغم صمود جسده أمام هؤلاءكاد ان يموت قلقًا عليها والخوف يصيبه من أن يتأخر فى إنقاذها ويفقدها قبل أن يخبرها بحبه ويضمها إليه، وصل إلى منزل فى أخر البلد بعيدًا ثم ترجل من سيارته وركض بهلع لا يكترث لأي شيء غيرها فحتى أنه لم يغلق باب السيارة خلفه وتركها مفتوح، ترجل الرجل وزوجته من السيارة ليذهبوا خلفه، فتح باب المنزل الخشبي المكسور بقدمه وولج...

كانت “عهد” جالسة على الفراش بهلع وأمامها المرأة الغجرية تقول:-

-أنا مش عفشة جوى أكدة بس الكسرة والذل يخلوا الواحدة تعمل أى حاجة

تمتمت “عهد” بخوف وهى ترتجف ضعفًا:-

-أزاى بتقولى أنك مش وحشة وأنتِ خاطفنى هنا؟ عملتلك أيه ولا أذيتك فى أيه عشان تجيبينى هنا؟ أنا حتى عمرى ما شوفتك

جلست المرأة جوارها على الفراش وقالت بلهجة واهنة وإنكسار:-

-متعرفنيش ولا أنا عاوزة أذيتك لأن أنا كمان معرفكيش بس الماكر ولد الحرام خالد هو اللى داس عليا وذلنى أكمن كلى تحت ضرسه

أتسعت عينيها بذعر شديد وهى تقول مُتلعثمة:-

-خالد..

أتاها صوته القوة تجاه الباب وهو يقول بثقة وبسمة الأنتصار تمليء وجهه:-

-أيوة أنا! تفتكرى فى غيري هيعوز ينتجم منك ومن جوزك الغالى

وقفت الغجرية من مكانها وهى تسير تجاه ولا تبالى بـ “عهد” ولا بوجودها قائلة:-

-أنا خبتها أتفضل بجى اتصل بجوزها وأطلب الفدية عشان تجى ويايا للمأذون وتكتب عليا كيف ما اتفجنا؟

قهقه ضاحكًا بمكر خبيث ناظرًا إلى “عهد” الجالسة هناك بصدمتها التى ألجمتها وشلت أطرافها من رؤيته هنا وأرتجفت رعبًا من وقوعها بين يديه ويجذب الغجرية للخارج من ذراعها بقوة ويلقيها خارج الغرفة بقوة قائلًا:-

-مش بجولك هبلة وعلى نياتك

تشبثت به الغجرية بقوة بهلع من ان يأذي هذه المرأة بعقله الماكر كما أذاها من قبل وقالت بهلع:-

-أنت هتعمل فيها أيه؟

تبسم بوجه يتطاير منه الشر والمكر الشيطانى ثم قال:-

-مش بجولك غبية..

دفعها بعيدًا عنه ثم أغلق الباب لتفزع الغجرية وهكذا “عهد” التى شعرت بأن دماءها تتجمد فى أوردتها وزحفت لنهاية الفراش تلتصق به بخوف وتحدثه بتلعثمة شديد:-

-أنت هتعمل أيه؟ إياك تقرب منى

تبسم بخبث شديد وهو يقترب منها دون خوف وواثقًا بأن “نوح” لم يعلم شيء وبعد أن ينتهى سيهدم “نوح” بفعلته والأعتداء على زوجته، وقفت الغجرية على باب الغرفة وهى تضرب الباب بقبضتها بذعر وترجاه بأن يفتح الباب ولا يقترب من هذه المرأة فهو أقنعها بأنه سيأخذها رهينة حتى يعطيه “نوح” المال لكنه للمرة الثانية كذب عليها وأثناء ضربها للباب وهى تقول:-

-أفتح الباب يا خالد.. أفتح يا خالد

فتح باب المنزل بقوة لتستع عينيها بصدمة قاتلة عندما رأت وجه “نوح” بعد أن كسر باب المنزل بقدميه ووجه يتطاير منه الغضب ونار تحرق كل من يراه، أسرعت إليه بهلع وهى تتشبث بذراعيه وتقول بهلع:-

-متأذهوش الله يخليك

سمع صوت صراخ “عهد” من الداخل فدفعها بقوة دون أن يهتم لكونها امرأة أو لرجاءها ثم أسرع إلى الغرفة ودفع الباب بكتفيه مرتين وفى الثالثة فُتح الباب فأتسعت عينيه على مصراعيها عندما رأى “عهد” تقف فى زواية الغرفة جوار الباب ووسقطت عنها جاكيتها ومزق تي شيرتها الأبيض من الكتف الأيسر وشعرها فوضوى وترتجف خوفًا رغم أنها تحمل فى يدها جزء من الكوب الزجاجى المكسورة وقد جرحت “خالد” فى عنقه دفاعًا عن نفسها، رأت “نوح” يدخل الغرفة لتهرع إليه باكية وبيدي ضعيفة تشبثت به وهى تتنفس الصعداء بأرتياح بعد أن جاء زوجها، طوقها “نوح” بذراعه وعينيه ثابتًا على “خالد” تنفث دخان من نيران الغضب المُشتعل بداخلها، أخرجها “نوح” من ذراعيه ليوقفها خلفه وكاد أن يقترب من “خالد” لتتشبث بعباءته من الخلف بضعف وخوف على زوجها من أن يقتله للتو وتمتمت بهمس ضعيفة:-

-خلينا نمشي يا نوح

قهقه “خالد” ضاحكًا بسخرية يُثير غضبه أكثر ثم قال:-

-حظك يا نوح ولو كنت أتاخر هبابة

لن يتمالك “نوح” غضبه فأنقض عليها يلكمه بقوة يخرج غضبه به ودخل الرجل وزوجته على صوت صراخ هذه الغجرية فهلعت السيدة عندما رأت هيئة ”عهد" لتأخذ شالها وتضعه على أكتاف “عهد” وهى تقول:-

-أحمدى ربك يا بنتى

تمتمت “عهد” بنبرة خافتة وشفتيها ترتعش من الصدمة التى ما زالت تلازمها قائلة:-

-نوح

كان “نوح” يلكمه بقوة بعد أن أسقطه على الفراش وهو فوق ليأخذه الرجل بعيدًا و”نوح” يصرخ به قائلًا:-

-هملنى .. وحياة امى لأجتلك يا خالد .. بجولك هملنى

أخذه الرجل بعيدًا عنه وهو يقول:-

-خلاص يا جناب البيه متوديش حالك فى داهية

ألتف “نوح” بضيق شديد من جذب الرجل له لكى يغادر بزوجته لكن “خالد” لم يتمالك غضبه بعد ما تلقاه من لكمات وضرب من “نوح” فأخرج مسدسه لتصرخ السيدة بهلع شديد فأستدار الرجل و”نوح” ينظرون عليه فوقف “نوح” يحدق به بدون خوف فهرعت “عهد” إلى زوجها تتشبث بذراعه بخوف شديد قائلة:-

-نوح يلا نمشي من هنا

سار بها للخارج دون أن يخشي هذا السلاح وأدخلها سيارته وصعد بمقعد السائق وقبل أن ينطلق وقف “خالد” أمام السيارة وهو يقول:-

-مش هسيبك يا نوح أنا النهاردة يا جاتل يا مجتول

لم يبالى “نوح” له وضغط على البنزين ليطلق “خالد” رصاصة فى علجة السيارة ليصدمه “نوح” بالسيارة بدون قصد لكنه أنطلق دون ان يبالى بجثته رغم صرخته “عهد” عندما صدمه ….

_____________________

وصل الخبر إلى “حمدى” وبعض الرجال أخبروه بأن “نوح” صدم ابنه بالسيارة حتى قتله والبعض أخبروه بأن هناك شجار دار بينما وأنتهى بقتل “نوح” له وأثناء تحقيقات الشرطة شهد الرجل وزوجته بما حدث وأن “خالد” أختطف زوجة “نوح” وحاول الأعتداء عليها وهو من أن أطلق النار على سيارة “نوح” وأثناء فحص السيارة وجدوه الرصاصة فى عجلة السيارة ولم يسجن “نوح” بل دافع المحامى عنه وأعتبره القضية دافعًا عن الشرف …أم عن “حمدى” فرفض تلقى العزاء فى موت ابنه إلا عندما يأخذ بثأره من قاتله..

____________________

كانت “عهد” تختبى بغرفتها خوفًا من “فاتن” وبناتها، تحدثت “ليلى” بنبرة هادئة تقول:-

-هتفضلى محبوسة كدة فى أوضتك؟ تعالى نخرج نتمشي برا طيب

تمتمت “عهد” وهى تجلس على فراشها وتضع الوسادة على قدميها:-

-أنا خائفة يا ليلى؟ خايفة يأذوا نوح أنتِ مشوفتيش أزاى عمه بيتكلم عن الثأر وحق ابنه، أنا خايفة على نوح

أخذت “ليلى” يد صديقتها بين يديها لتربت عليها بلطف وتقول بثقة:-

-متقلقيش يا عهد، جوزك رجل بجد ومش سهل حد يأذيه لأنه ذكى .. قومى دلوقت ألبسي وهننزل نشرب قهوة فى أى مكان زى ما بتحبى

تنهدت “عهد” تنهيدة معبأة بالذعر والقلق الساكن بداخلها ثم أومأت لها بنعم مُستسلمة لرغبة صديقتها...

___________________

صاح “حمدى” بزوجته الباكية بإنكسار شديد على فراق ابنها قائلًا:-

-بجولك جومى أنا مجعدش فى دار وياه جاتل ولدى وأضطر أشوفه كل دجيجة

كانت تبكى بضعف وهى جالسة على فراشها وتعقد حجابها الأسود حول رأسها فأجابته بضيق:-

-هنروح على فين من كتر اللى حيلتك والبيوت اللى عندك

ألقى بالحقيبة غيظًا من زوجته ويقول:-

-هنروح أى داهية لكن أنا مدخهاش الدار دى تاني غير لما أجتل نوح وأرجع حجى

ضربت قدميها بيديها بغضب ثم قالت:-

-ولما تجتل نوح ولدى هيرجع... ااااه يا ولدى، ولا لما تجتله حجك هيرجع دا مرته وأبوه اللى هيورثه دا إذا كانت مرته مش حبلة وتلهف هى كل حاجة.. أنا مهطلعش من الدار دى غير لما أجتل عهد وأطيب حرجة جلبى على ولدى وأشوف “نوح” مكسور ومحروج... لو انت مهتأخدش حجك من حريم أنا بجى هأخد حجى من حريمه، حُرمة لحرمة بجى

تنهد بضيق شديد وهو يشعر بأن ظهره أصبح بدون سند بعد أن قُتل ابنه الوحيد ولم يترك له سوى البنات، جلس على المقعد ودمعت عينيه ضعفًا ويقول:-

-وأعيش أنا أهنا مع جاتل ولدى تحت سجف واحد، أعملها كيف دى؟

جهشت “فاتن” باكية بأنهيار وهى تضرب صدرها بيديها وتقول:-

-ااااه يا ولدى وجلبى اللى اتحرج عليك اااااه

_____________________

خرجت “عهد” من الكافى بصحبة “ليلى” وهى تتبأطأ ذراع “عهد” بعفوية وتبتسم بمرح وسعادة وتقول بلطف:-

-ياااه كنت محتاجة الخروجة دى أوى والله زمان يا عهد

تبسمت “عهد” بعفوية مُتناسية خوفها وأوجاعها مع صديقتها المرحة ثم قالت:-

-أنتِ اللى كنتِ محتاجة دا

أومأت “ليلى” بنعم غليها وهى تقف أمامها ثم صرخت بحماس تقول:-

-ااه ومحتاجة أكل شورما فى الشارع تعالى

ضحكت “عهد” على “ليلى” وهى تسير للأمام وتسحب “عهد” خلفها بحماس وذهبوا إلى محل الأكلات وأشتروا أثنين من الشورما السورى وساروا فى الطرقات يتحدثون ويضحكون بعفوية تاركين كل الضغوطات والإعصاب جانبًا، أبتعدت “ليلى” للأمام خطوة وأخرجت هاتفها وهى تصور فيديو بالكاميرا الأمامية لهما لتُصدم بأحدهم وهى تنظر فى الهاتف فأنزلته خجلًا وكان “عطيه”، نظر “عطيه” بضيق على عباءته بعد أن تلوثت ببعض الثومية من السندوتش لتضع “عهد” يدها على فمها بحرج شديد، أزدردت “ليلى” لعابها الواقف فى حلقها بضيق وحرج من فعلتها ثم قالت ببرود:-

-أنا أسفة؟

مسح عباءته بمنديل ورقي وهو يقول:-

-حصل خير بس لو نبص للطريج مهنخبطش فى حد

صرخت به بانفعال شديد تقول:-

-ما قولنا أسفة الله، أمال لو مكنتش نقطة ثومية متحسسنيش أنى دلقت عليك طبق

أشتاط غضبًا من أنفعالها وردودها العنيفة عليه وقال بحدة:-

-يا بنت الناس أنتِ تغلطى وتطيحى فى الخلج.. على رأى المال ضرب وبكى سبج وأشتكى

كادت أن تصرخ به مرة أخرى لتمسك “عهد” يدها بخفة وتقدمت خطوة نحوهما ثم قالت:-

-معلش إحنا أسفين الغلط عندنا فعلًا

تأفف “عطيه” بضيق غيظًا من هذه الفتاة وكل مرة يراها تُشاجره وتهرب فقال ببرود:-

-ولا يهمك

قالها ثم مر من أمامهما وتركهما ورحل، تنهدت “عهد” بغيظ وقالت:-

-أنتِ على طول كدة تطلعى فى أى حد، عملك أيه الراجل

تأففت “ليلى” وهى تأكل السندوتش بضيق ثم قالت:-

-دا أسمه عطيه يا عهد هو فى حد فى الزمن دا أسمه عطيه

رفعت “عهد” حاجبها إلى صديقتها بدهشة ثم سألتها بنبرة ماكرة:-

-وأنتِ عرفتي أسمه منين يا ليلى

قصت “ليلى” لها ما حدث من قبل عندما أخذها “خالد” لتبتسم “عهد” بخبث ثم قالت:-

-وبفلحتك بتتخانقى مع الراجل بدل ما تُشكريه، إلا قوليلى يا ليلى مجاش فى بالك أن عطيه ممكن يكون معجب بيكى

قهقهت “ليلى” بسخرية وصوت مُرتفع لتقول بتهكم شديد:-

-إعجاب أيه بس يا بنتى بقولك أسمه عطيه

مسكتها “عهد” من يدها لتوقفها عن السير ثم نظرت إلى وجه صديقتها بغضب وجه عابس:-

-أنتِ بتقيسي الناس يا ليلى من اسمهم، مال اسم عطيه ما تبصي لشخصيته وتحمله للمسئولية، بصي لرجولته وخوفه عليكى من رجل خبيث زى خالد وإلا كان سابك تركبى مع خالد ويا عالم كان هيعمل فيكى أيه؟ معقول بعد سنتين شغل معايا وكلامى عن العلاقات وشريك الحياة لسه متعملتيش أزاى تختارى الراجل ولا مين اللى تفتحي له الباب ومين اللى تقفلى كل الأبواب فى وشه

تحدثت “ليلى” بضيق شديد قائلة:-

-أنتِ يعنى خلاص قررتى أنه معجب بيا؟ يا بنتى دا مفيش مرة بيشوفنى غير لما يتخانق معايا ونمشي كل واحد ضارب التانى بجزمة

تنهدت “عهد” بإستياء من صديقتها وقالت أثناء سيرها للأمام:-

-أنا فكرت أعترضك هيكون على انه رجل صعيدى أو مش هتعيشي فى الصعيد لكن من تافهتك معترضه على الأسم

تنحنحت “ليلى” بحرج من صديقتها ثم قالت:-

-أستنى طيب متزعليش

ركضت خلفها مُحرجة من حديث “عهد” لها …

____________________

كانت “عليا” تراقص مع أصدقاءها فى أستديو الباليه والمدرب يراقبها عن كثب بوجه مُبتسم وبعد أن أنهت تدريبها خرجت من المبنى مُرتدية بنطلون أسود وقميص نسائي عليه سترة وردية اللون وتحمل حقيبة على كتفها وتسرع فى خطواتها حتى تذهب إلى حضانة طفلها ليستوقف صوت المدرب يناديها من الخلف:-

-عليا.. يا عليا

أستدارت له بعفوية تقول:-

-أيوة يا كابتن عمر

تبسم “عمر” وهو يسير نحوها وعندما وقف أمامها قال بنبرة هادئة:-

-شكلك مستعجلة؟

أومأت له بنعم وقالت بلطف:-

-أه عشان سايبة ابنى بس فى الحضانة

قوس شفتيه بضيق وهو يقول:-

-يا خسارة كنت أتمنى نشرب حاجة سوا ونتكلم

تعجبت بذهول من طلبه وظهرت دهشتها فى ملامحها ليقول:-

-ممكن نخليها وقت تانى عشان متتأخريش على ابنك بس توعدينى متنسيش طلبى

هزت رأسها بتوتر من طلبه المفاجيء لها وهى لم تختلط به من قبل سوى فى الإرشادات كبقية الفرقة وهرعت مُسرعة مع رنين هاتفها من الحضانة بسبب تأخرها، تبسم “عمر” عليها وهى تركض مُسرعة ثم بعثر مؤخرة رأسه وشعره الطويل قليلًا بأرتباك من شجاعته فى طلب لقائها ثم ذهب إلى سيارته...

_____________________

أرسل “نوح” لها رسالة يُخبرها بأنه فى طريق عودتها وأثناء قيادته للسيارة رن هاتفه معلن عن أستلام رسالة جديدة فأوقف السيارة جانبًا ونظر بهاتفها وكانت رسالة من “عهد” ورقمها مُسجل تحت لقب “وصية رسول الله” وكان محتوى رسالتها (ممكن تجبلى شيكولاتة وأنت جاي عشان بتساعدنى فى الكتابة)

تبسم بعفوية عليها ثم ترجل لأقرب سوبر ماركت وأشترى الكثير من الأغراض لأجلها ثم عاد للمنزل مُسرعًا لأجلها لكن أستوقفه والده “على” وهو يناديه قائلًا:-

-نوح تعالى

ذهب إلى المكتب خلف والده ليقول والده:-

-أنا فكرت كتير يا نوح والتوتر والخوف دا ميهداش غير لما تدي عمك حجه، أديله حجه يا ولدى يكش يرميه فى البحر مالناش صالح وحط على حجه تمن نص الدار حجه وبعدها طلعه من الدار.. مش هو أخويا بس الأخ اللى يمكر ويحقد ويكره ميجعدش وي عائلتى وأنا مضمناش هيعمل فيهم أيه فى غيابى، طلعه من الدار عشان خاطر أمك ومرتك وولادى اللى هيجيوا جريب يا ولدى

تنهد “نوح” بضيق شديد ثم قال:-

-طب ما لو دا مضايجك أنا ممكن أطلعه من الدار من غير جنيه واحد دا ملكى

تحدث “على” بحدة وغضب شديد يقول:-

-لا يا ولدى، لو طلع من غير ما يأخد حجه ما هيسكتش كفاية علينا موت خالد وأنه مأخدش عزاء دا معناه أنه شايلك الشر فى جلبه وعاوز التأر، كيف نعيش تحت سجف واحد مع واحد عاوز يأخد مننا تأر

صمت “نوح” قليلًا يفكر فى حديث والده و”على” ينظر إلى ابنه بترجي لكى يوافق على طلبه...

____________________

كانت “عهد” تنظر إلى باقة الزهور التى أحضرها لها حتى بعد أن ذبلت تمامًا لم تتنازل عنها وما زالت تضعها فوق الطاولة وشاردة به وهى تتذكر كيف أنقض على “خالد” ضربًا حتى كاد أن يقتله من الضرب لأجلها وقبلته لجبينها وحديثه لها لتشعر بحيرة شديدة من امره، فتح باب غرفتها على سهو لتقف بسعادة وهى تقول:-

-نوح

أتسعت عينيها عندما رأت وجه “فاتن” الملتهب غضبًا وهى تقول:-

-دا أنا يا حيلة يا نوح

أقتربت “عهد” منها بخوف وهى تزدرد لعابها وتسألها:-

-عاوزة ايه؟ ممكن تطلعى برا

سارت “فاتن” نحوها بغضب شديد وقلبها مُحترقأ غضبًا وحزنًاعلى فراق ابنها ثم قالت:-

-مش جبل ما أخد روحك فى يدى

عادت “عهد” خطوة للخلف بهلع وتحدق بها وهى تعلم بأن نار هذه المرأة ستقتلها اليوم إذا لمستها فهل هناك قلب سيحترق بقدر قلب أم فقدت ابنها، تمتمت “عهد” بضعف قائلة:-

-أنا معملتش حاجة أبنك هو...

لم تكمل حديثها حينما انقضت “فاتن” عليها بغضبها تحرقها بنارها المُشتعل كبركان أنفجر للتو بعد أن وصل لأقصي درجة غليان فى باطنه، جذبتها “فاتن” من شعرها بقوة فصرخت “عهد” بألم شديد و”فاتن” ترتطم رأسها بالمقعد بقوة لتجرح جيبنها وهى تسقطها أرضًا وتجلس فوقها و”عهد” تصرخ بألم شديد من ضرب “فاتن” لها المبرح ثم تسللت يديها إلى عنق “عهد” فى سرعة البرق وهى تقول:-

-هجتلك كيف ما جتل ولدى، لازم أجتلك وأحرق جلب نوح عليكى كيف ما حرق روحى على ولدى

كانت تتفوه بالهراء وهى لا تشعر بشيء وشبه فاقدة للوعي وتجلس فوق "عهد" وتضع يديها على عنقها تخنقها بقوة و "عهد" تلتقط أنفاسها بصعوبة وهى تحاول فك يدي "فاتن" عن رقبتها وهى تكاد تموت بين يديها، فتح باب الغرفة ودلفت "سلمى" بهلع وهى تصرخ بها قائلة:-

-أنتِ جنيتى يا فاتن، هملى البُنية وأتجى شر نوح

حاولت أبعادها عن "عهد" لكنها فشلت فى فعل ذلك فلم تجد سبيل إلا الذهاب إليه، هرعت إلى "نوح" بالأسفل لكى ينجد زوجته من هذه المرأة التى جن عقلها بسبب موت ابنها "خالد"، ضربت" عهد" يدي "فاتن" بقوة وتفرك بجسدها بضعف وبدأت تكبح بتعب، ولج "نوح" للغرفة غاضبًا ليراها هكذا ليذعر أكثر وهو يهرع إليها ثم قال:-

-أنتِ جنيتى

دفعها بقوة عن زوجته ليأخذ "عهد" بقلق من أن يُصيبها أذي، وضعها تحت ذراعه بقوة ويصرخ بنبرة مُرعبة بقلق:-

-كيف تتجرأى تفوتى على أوضتى وتجربي لمرتى

أقترب منها بعد أن فقد أعصابه تماما لتتشبث "عهد" به بضعف قبل أن يضرب زوجة عمه ويضع الحق عليه، صرخت "فاتن" بجنون قائلة:-

-هجتلها يا نوح ورحم ولدى اللى جتلته بيدك لأجتلها وأحرج جلبك عليها وأخليكى تبكى دم كيف ما بكيتنى على أعز ولادى

لم يتمالك "نوح" أعصابه أكثر وهى تخبره بانها ستقتل زوجته وحبيبة قلبه، مسكها من عنقها بيد واحدة ثم قال بوجه مُخيف ونظرات مُرعبة:-

-أنتِ متعرفيش تبصي ليها لأنها مرت نوح الصياد وخلينى أجولك وغلاوة عهد عندى اللى بتتحددى عنها لو لمستى مرتى لأشرب من دم عيالك كلتهم ودمك

دفعها بقوة خارج الغرفة لتسقط أرضًا وخرجت والدته، أستدار ينظر إلى زوجته المُرهقة بتعب شديد ثم أقترب لها يأخذ يديها فى يديه بحُب وخوف عليها فقال:-

-أنتِ زينة؟!

رفعت عينيها به بحيرة من أمره، تارة يشاجرها كأنه يكن لها الكره والحقد فقط وتارة أخرى يكاد يموت خوفًا وقلقًا عليها ولم ترى به عدا الحب والدلال، لطفه ودلاله لها كافيان لكى يخبروها بالحب الكامن بداخله ونظرات غضبه وانفعال يخبروها بالعكس، جمعت شجاعتها وهى تنظر بعينيه بثقة ثم سألته:-

-أنا غالية عندك يا نوح زى ما بتحلف بغلاوتى؟!

صمت وهو يحدق بها هادئًا لتسأله مرة اخرى وبطريقة مباشرة كى تضع نهاية لهذه الحيرة وتحمس الأمر بينهما:-

-بتحبنى يا نوح؟!

-هويتك والهوي غلبنى من زمان جوى، بحبك يا عهدى ومحبتش غيرك ولا جدك

قالها وهو يلمس وجنتيها بيديه مستسلمًا لهذه المشاعر التى تسكنه وتنمو بداخله حتى وصلت لأقصي مراحل العشق، تراقص قلبها فرحًا على ضلوع صدرها وقد أعترف بحبه لها، رفعت يدها لكى تلمس لحيته بيدها الصغيرة ثم قالت بنبرة هامسة دافئة:-

-وأنا بحبك يا نوح، لاقيتنى بستسلم لهواك وهو بتسرسب جوايا

اخذ يدها الموضوعة على لحيته ليضع قبلة فى راحة يدها بالداخل بلطف فشعر جسدها خجلًا منه وتوردت وجنتيها البيضاء بلون الدم لتشبه حبة الفراولة ام عن قلبها فتسارعت نبضاته عشقًا وقد نالت حبيبها الآن وأمسي هذا الرجل معشوقها علنًا دون خوف أو الأحتفاظ بعشقها له سرًا.....



وضع سبابته على جيبنها المجروحة ثم تمتم بضيق شديد:-

-هى اللى عملت أكدة؟

تبسمت “عهد” بعفوية غير مبالية بهذا الخدش البسيط فبسبب هجوم “فاتن” عليها وخوفه عليها ربما لم تكن تتشجع وتعترف بحبها ثم قالت:-

-دا خربوش صغير متشغلش بالك

داعب وجنتها بظهر يده بحنان متأملًا بسمتها الساحرة ثم مسك ذقنها بأنامله ليقربها له فأغمضت عينيها بأستسلام، دق باب الغرفة ليوقفه عن الأقتراب أكثر فتنحنح بحرج وهو يفتح الباب وكانت “حُسنة” تحمل الأغراض التى أشتراها لأجلها فأخذهما منها ودخل، وضع أكياس كثيرة على الطاولة لتقترب “عهد” بدهشة قائلة:-

-أيه دا كله؟

أجابها بنبرة دافئة:-

-حاجات عشانك

فتحت الأكياس لترى ما بداخلها فضحكت بسعادة عليه، هى طلبت شيكولاتة واحدة لكنه أحضر لها تقريب كل ما بداخل الثلاجة من شيكولاتات وأغراضات أخرى كثيرة فأستدرات له بسعادة وهى تقول:-

-أيه كل دا؟

أجابها بعفوية وهو ينزع عمته قائلًا:-

-أنتِ جولتلى بتساعدك فى شغلك وأنا ملاحظ إنك مهملة فى شغلك طول ما انتِ فى الصعيد معاوزكيش تخسرى الحاجة اللى بتحبيها يا عهد عشان جاعدة أهنا ويايا، معاوزش أكون السبب فى خسرتك شغلك وحلمك

رفرف قلبها فرحًا بسببه فبسببه أصبح يومها أجمل أيام عمرها بسبب تفاصيله البسيطة وأهتمامه بعملها وطموحها، جلس أمام المرأة ليغير على جرح ذراعه المُصاب فسارت خلفه حتى وقفت جواره وأخذت القطن منه والمطهر ثم جثت على ركبتيها تجلس جواره وتطهر جرحه فتتطلع به بصمت، لا يعلم كيف نجحت فى تحقيق كيان لها وحلمها ونجحها فى الكتابة رغم كونها طفلة جبانة باكية، رفع يديه ليضع خصلات شعرها خلف أذنها لكى يستطيع رؤيتها بوضوح حتى تحجب هذه الخصلات رؤيته لها فتبسمت عليه وهى تقول:-

-شكرًا يا نوح

تعجب من كلمتها وهو يعقد حاجبيه مُستغربًا ثم قال:-

-على أيه؟

وضعت اللاصقة الجديدة على الجرح ثم رفعت نظرها به وقالت:-

-عشان حبتنى

وضع يده على وجنتها وقال بنبرة دافئة:-

-أنا مخترتش أحبك عشان تشكرينى يا عهد، أنتِ أتسرسبتى جوايا غصب عنى مش بإرادتى وفجأة لاجيتنى عاشق غلبنى الهوى، أنتِ دخلتى قلبى وعقلى وحدك أكدة وكأن حُبك هو الفرض الوحيد اللى أتفرض عليا عشان أكدة غصب عنى كُنت فى عز غضبى ونارى بجي قدامك ومقدرش على القسوة، قلبى فى كل لحظة كان بيقولى أوعاك تقسي عليها وتخليها تكرهك ولا تبكيها يوم وهى عهدك والعهد دين، إياك تهملها تنام زعلانة منك وهى وصية رسول الله لك، مكنتش أقدر أخليكى تشوفى قسوتى وغضبى فى عينى وأنتِ بتبصي ليا لتخافى منى وأنتِ الوحيدة اللى مينفعش تخافى منى.. أنتِ لو خوفتى من العالم كله يا عهد تجي ليا أحطك جوايا ولا أن العالم يقسي عليكى ويخوفك طول ما انا عايش

دمعت عينيها وهى تستمع كل كلمة يتفوه بها ويرفرف قلبها فرحًا لم تتحمله فسعادتها فاقت قدرتها وكأنها أمتلكت العالم بأسره الآن، تقدمت بركبتيها خطوة إليه ثم وضعت رأسها على رأسه بهدوء تستكن بين ذراعيه هادئة لتنهمر دمعتها فرحًا وهى تقول:-

-أنا بحبك يا نوح حُب أكبر بكتير من قلبى وهو صغير عليك

طوقها بذراعيه ووضع رأسه فوق رأسها بهدوء ثم قال:-

-وأنا بعشقك وعهد قصدك ربى ما أزعلك فى يوم ولا أبكيكى أبدًا وتأكدى أن عمرى ما هخلف العهد دا لأنك عهدى يا روح قلبى

تبسمت فرحًا ثم أخرجها من بين ذراعيه ليمسك ذقنها بأنامله بلطف فنظرت له بعفوية وحُب لتراه يقترب أكثر منها وأنفاسه الدافئة تداعب وجهها ففرت هاربة منه بعيدًا وهى تقف من مكانها وتقول:-

-أطلع أرتاح شوية وأنا هخلص الشغل اللى ورايا مع ليلى عشان مزعجكش

أخذت اللاب وشيكولاتة واحدة وهربت من الغرفة بخجل شديد وقلبها يتسارع بقوة فوقف مذهولًا من هروبها وقطعها للحظتهما الرومانسية ثم صعد للفراش بضيق شديد ثم تمتم بغيظ:-

-أنا على الطريجة دى هجيب عيال فى الخمسينات

 

دخلت إلى غرفة “ليلى” بتوتر وهى تشعر بحرارة وجهها الساخن ولتضع يديها على وجنتيها بخجل شديد لكنها سريعًا ما صُدمت عندما رأت الغرفة فارغة و”ليلى” ليست موجودة بالغرفة فنظرت لساعة يدها وكانت الثانية عشر مُنتصف الليل فتعجبت وبحثت عن “ليلى” فى المنزل ولم تجد لها أثر فهرعت إلى غرفتها تقظ “نوح” من نومه ليبحث عن صديقتها المفقودة...

فأمر الغفر والرجال بأن يبحثوا عنها ثم أتصل بـ “عطيه” ليجعل رجاله يبحثوا عنها ففزع “عطيه” عندما علم بأنها مفقودة..
google-playkhamsatmostaqltradent