رواية عشقت من الصعيد الفصل العاشر 10 بقلم حنين عماد
رواية عشقت من الصعيد الفصل العاشر 10
حين تسألني عن الخذلان اقول لك هو ان اكون مضطر للدفاع عن نفسي امام من اظنه يعرفني .. أسوأ شئ حين ترى نظرات الاتهام بعيون اقرب الناس إليك .. حين تجد صرح الثقة الذي كنت تظنه قوياً يُهدم امام عينيك وانت مكتوف الأيدي .. واقفون جميعاً امام تلك الغرفة التي تقبع بداخلها تلك الحية الخبيثة التي وضعت خطتها لتُوقع بمن تريده مهما كلفها الامر .. تريده زوجاً لها وإن كان الثمن شرفها وسمعتها .. تريده ولن تهدأ حتى تحقق ما تريد .. مازالت بداخل الغرفة بين احضان والدتها وعلى وجهها تجري دموع التماسيح لتُحكم خطتها وامام باب الغرفة يقف ممدوح الذي ينظر ل زين بشر وغضب وعلى مقربة منه جلست دعاء وصالحة ورحمة وصفاء وكل منهن تكاد تُجن مما حدث منذ دقائق ومما قالته تلك الخبيثة عن قيام زين بالاعتداء عليها بالأمس .. لم يكن أي منهم ليُصدق كلامها ولكن لم يخطر ببالهم ان يُفكر عقلها في كذبة كتلك لتحقيق امانيها المريضة .. كذبة تمس شرفها وسمعتها بل وسمعة عائلتها .. وازداد الامر سوءاً حين رفض زين الإفصاح عن مكان تواجده بالأمس وسبب تأخره لبعد منتصف الليل وكأنه يؤكد ان كذبها حقيقة .. على الجانب الآخر من الصالة الواسعة وقف هو وعينيه مثبتة عليها .. هي الوحيدة التي لم تصدق كذب تلك الافعى .. يشرد بها وهو يتذكر كيف دافعت عنه وفعلت ما جعل العيون تجحظ من صدمتها
*فلاش باك*
يقبض ممدوح على زين مُمسكاً إياه من تلابيبه مردفاً بإنفعال وغضب
ممدوح(بغضب شديد): بجا انت يا واكل ناسك تعمل إكده في خيتي
زين(وهو يحاول دفع يديه): بتجول ايه يا ممدوح انت اتچنيت ؟!!!
ممدوح(وهو يزيد من امساكه بغضب أعمى): اني هكون مچنون لو سبتك عايش لحظة كمان .. هجتلك يا زين .. هجتلك واشرب من دمك يا اوسخ خلج الله
زين(بغضب من طريقة ممدوح): لم نفسك يا ممدوح ونزل يدك دي أني مستحيل أعمل إكده
ممدوح(بحدة): وهي خيتي هتتبلى عليك عاد؟!!!
زين(بغضب وانفعال): بجولك اني ماعملتش إكده
سالم(بحدة): اكتم حسك انت وهو .. نزل يدك يا ممدوح
ممدوح(وهو مازال يجذبه من تلابيبه بحدة): لاه .. مش جبل ما اخلص عليه واخد تاري وأرد شرفي اللي ابنك مرمغه في التراب
زين(بانفعال): بجولك مالمستهاش
قمر(بصراخ منفعل): كدااااااب .. كداااااب
صراخ قمر جعل الدماء تتدفق بقوة في شرايين ممدوح ليلكم زين بغضب شديد في وجهه ليفقد زين اخر ذرة من ثباته ويرد الضربة بضربة اشد .. كاد ان يتحول البيت لحلبة مصارعة لو لم يقف سالم بينهم مردفاً بغضب
سالم(وهو يشهر مسدسه): بس منك ليه .. قسماً بالله اللي هيجل عجله ويعمل حركة تانية ولا يُنطج ليكون مسدسي هو اللي رادد عليه
ممدوح(بحدة): هو ديه عدلك يا عمي .. إكده هترچع حج خيتي؟!
سالم: حج خيتك اني اللي ارچعه مش انت وبالعجل مش بالدراع
ممدوح: عجل ايه؟!! ابنك مرمغ شرفي في الطين .. لاه ويوم ما فكر انه يوسخ وسخ مع بت خالته .. ماطلعش بره
زين(بدفاع منفعل): جولتلك مالمستهاش .. والله العظيم تلاتة ما لمستها
ممدوح: جالوا للحرامي احلف
سالم(بحدة): اخررررس .. ولدي ماهواش حرامي واعرف زين انت بتتحدت كيف .. ماتفتكرش اني هسكتلك كتير .. اني ساكت عشان مجدر اللي انت فيه وإلا قسماً بالله كان هيكونلي رد تاني
ممدوح: اديني انخرست .. حطيت بُلغة في حنكي وسكت .. هاتلي حج خيتي يا عمي يا عمدة يا كبير البلد
قالها وهو ينظر لسالم مذكراً إياه بواجباته التي اقسم على تنفيذها والتي منها نصرة المظلوم ولو كان على حساب اهل بيته .. اعتدل سالم بوقفته لينظر لزين ويردف بنبرة آمرة
سالم: تعالى إهنيه يا زين
تقدم زين بضع خطوات ليقف قبالة والده ويردف بطاعة
زين: امرك يابوي
سالم: انت صحيح رچعت امبارح بعد نص الليل؟
زين: ايوة يابوي بس قسماً بالله لا جربت من جمر ولا حتى نضرتها (شوفتها)
سالم: وكنت فين ومع مين امبارح؟
صمت زين ولم يرد لتبدأ نظرات الجميع يسكنها الشك وهم ينظرون ناحيته
ممدوح(بحدة وانفعال): ما تجول انك كنت بتعمل عملتك السودا مع خيتي يا خسيس
زين(بغيظ من كلامه): اتلم يا ممدوح
سالم: جولت ماحدش ينطج .. رد علي يا زين .. كنت فين و مع مين امبارح؟
زين: ماجدرش اجول
ممدوح: شوفت يا حاچ .. مش لاجي حاچة يجولها عشان يداري على كدبته وعملته السودا
سالم(بنبرة لا تقبل النقاش): زين .. اني بأمرك تجولي كنت فين امبارح
زين: ماجدرش يابوي
نظر سالم لزين بغضب قبل ان ينظر لممدوح ويردف
سالم: النهاردة كتب كتاب زين وجمر
شهقة سكنت صدور الجميع وصدمة احتلت وجوههم من قرار سالم ولكن لم يكن ليقدر احد منهم على الاعتراض وبالأخص بعد ان رفض زين الإفصاح عن ماهية المكان الذي كان به بالأمس وسبب تأخره الغير معتاد .. نظر زين لوالده ليردف بقوة
زين: واني مش موافج .. أني مش هدفع تمن غلطة ماعملتهاش
سالم(بذهول من عصيانه لأوامره): جولت ايه؟!
زين(مُكرراً بنفس النبرة): اني مش موافج يابوي .. مش هتچوز جمر
نظر له سالم بغضب ولأول مرة يرفع يده عليه .. رفع كفه عالياً وهبط به بقوة ولكن الصدمة احتلت وجوه الجميع حين هبط كفه على وجه تلك التي اسرعت بالوقوف امامه مدافعة عن من ينبض قلبها بإسمه .. صُدم سالم مما فعل .. ضربها هي وكانت ضربته ليست بهينة فقد تركت اصابعه أثراً فورياً على خدها لتصرخ صفاء وهي تندفع ناحيتها
صفاء: بنتي!!!
جذبتها صفاء نحوها بلهفة وهي تحتضن وجهها بين كفيها .. نظر سالم لها ليردف
سالم(وهو ينظر لأثر ضربته): إيمان يا بتي أني..
إيمان(وهي تهز رأسها بهدوء): ماحصلش حاجة يا خالو .. انا عايزة اتكلم معاك
سالم: مش وجته يا إيمان
إيمان(بتصميم وهي تنظر له): عشان خاطري .. ٥ دقايق بس
نظر لها سالم قليلاً ليهز رأسه وهو يشير ناحية مكتبه لتتحرك معه بعد ان ألقت نظرة أخيرة على ذلك الذي يقف مذهولاً بما فعلته للتو .. دافعت عنه؟! .. وقفت امامه لتأخذ صفعة والده عنه؟!! .. ضُربت من أجله؟!!!
*عودة*
مازالت عينيه مثبتة عليها وهي تقف وتضع ذلك الكيس من الثلج على خدها لتُحجم تورمه .. لماذا فعلت ذلك؟!! لماذا لم تتركه يأخذ آلاف الصفعات ولكن لا يمسها هي شئ .. هو لا يستطيع تحمل ان الهواء يلامس بشرتها فتخليلوا احساسه وتلك الصفعة تُعاد مراراً وتكراراً برأسه .. يُقسم انه لو شخصاً غير والده الذي فعلها لكان أخذ روحه بدون تردد .. اما على الجانب الآخر وقفت هي بكل هدوء وشموخ وكأنها لم تعش معهم ما حدث منذ دقائق .. لا تنطق بحرف فقط تقف صامتة وكأنها ليست معهم الآن .. لا , هي بالفعل ليست معهم فهي قد استحضرت روح الثعلب التي غادرتها منذ فترة ليست بهينة .. تلك الروح التي لا تُقهر .. تلك الروح التي لم تخسر قضية ابداً وبالتأكيد لن تخسر تلك القضية ؛ فهي قضية تمس من يسكن قلبها وبات قلبها معترفاً بذلك .. اعترف به حين سمعت ما قالته تلك الخبيثة التي ودت لو تقتلع رأسها لكذبتها الحقيرة تلك .. اعترف به حين رأت خالها يرفع يده عليه لتقوم بالوقوف امامه رافضة ان تمسه ضربته الظالمة .. فهو برئ وهي متيقنة من براءته ولكن عليها الانتظار والتريث في خطواتها لتثبت امام الجميع كذب تلك التي لا تنقطع عن إدعاء البكاء والصريخ في الداخل لتُحكم تمثيل دورها الذي انطلى على الجميع عداها فهي التي لا يقدر احد على الكذب عليها ابداً
/////////////////////
يجلس بمكتبه وأمامه فنجان القهوة الذي وضعته ورد منذ دقائق بناء على طلب إيمان التي خرجت لتترك الحرية لخالها بالتفكير قليلاً في كلامها .. كلامها الذي يتكرر بعقله ولا يجد به خطأ واحد يُثبت عدم صحته سوا انه بدون إثبات
*فلاش باك*
إيمان(بدفاع وثقة): يا خالو صدقني البنت دي بتكذب .. زين استحالة يعمل كدا
سالم: ايه اللي هيخليها تكدب يا إيمان ها؟ ايه اللي يخليها تجول كلام يضيع شرفها وشرف اخوها
إيمان: يا خالو .. ماتقوليش انك مش عارف ولا واخد بالك ان عينها من زين
سالم: وهي كل واحدة عينها من واحدة تجول انه اغتصبها عاد؟!
إيمان: هي دماغها ودتها لكدة علشان ملاقتش طريقة غير دي تخليك تجوزهاله غصب عنه
سالم: يا إيمان جولي كلام ينعجل .. جمر اه مطيرورة هبابة وچايز تعمل حاچات كتير بس مش للدرچادي
إيمان: يعني انت تصدق ان زين يعمل كدا؟
سالم: اني مابجتش عارف اصدج ايه وأكدب ايه .. ولدي اني عارفه زين , بس كونه يتأخر برا لبعد نص الليل ومايرضاش يجول كان فين او مع مين دي مخلياني..
إيمان(مُقاطعة بمعاتبة بسيطة): مخلياك ايه يا خالو؟ دا انت بنفسك قولتهالي في اول يوم جيت فيه البيت دا .. قولتلي ابنك زينة الشباب وإن اكتر حاجة انت فخور بيها هي تربيتك ليه .. هتشك في تربيتك يا حاج سالم ولا ايه؟
رسمت جملتها الأخيرة شبح ابتسامة على شفتي سالم لتردف وهي تقف
إيمان: ماتظلمش زين يا خالو .. ماتخليش واجبك كـ عمدة ينسيك واجبك كأب
قالتها وتحركت باتجاه الباب لتقف وتلتفت له مرة اخرى مردفة
إيمان: فكر يا خالو ولو أذنتلي انا هثبتلك وأثبتلكم كلكم براءة زين وإنها كدابة في كل كلمة قالتها
لم تزد حرفاً واحداً وخرجت من المكتب تاركة سالم في صراع بين عقله الذي يُذكره بواجبه كعمدة وكبير للبلد وبين قلبه الذي يرفض تصديق كلمة مما قالت قمر عن فلذة كبده الذي رباه وأحسن ربايته
*عودة*
يرتشف اخر رشفة من فنجانه وقد حسم قراره فترى هل سيكون بصالح زين ام ....؟!
//////////////////////
طال الصمت وطال انتظارهم ل يهم ممدوح واقفاً وقد نفذ صبره ليردف
ممدوح(بغضب): لاه إكده كتير جوي .. اني مش هفضل جاعد إكده وحاطط يدي على خدي .. حج خيتي اني هعرف اخده مليح
صالحة: استهدى بالله يا ممدوح يا ولدي واستنى بس..
ممدوح(مُقاطعاً بحدة): استنى ايه عاد يا خالتي .. اني استنيت كتير .. اني فكرت ان عمي هيچيب حج خيتي بس الظاهر اني كنت غلطان .. اصله كيف هيغلط ولده وينصر الغريب عالجريب .. حج خيتي هيتچاب غصب عن عين اي حد حتى لو كان چوزك
إيمان(بنبرة حادة وغاضبة): لأ .. لحد كدا وتسكت .. انا ساكتة من الصبح وبقول انتوا عيلة في بعض وماينفعش اني اتدخل بس لحد الغلط ومش هسمحلك .. الكلام هنا باحترام ولو ماتعرفهوش انا هعلمهولك
ممدوح(وهو يرفع يده بغضب): بجا اني مش محترم يا بنت ال..
إيمان(وهي تمسك يده وتلويها بقوة): ايدك دي لو فكرت ترفعها عليا تاني مش هقولك هكسرهالك , لأ , دا انا هقطعها وارميها للكلاب في الشارع
ثم دفعته إيمان لتنظر له بقوة مردفة
إيمان(بنبرة قوية يشوبها الفخر والاعتزاز بالنفس): انا اسمي إيمان عبد الرحمن العطار .. حفيدة عيلة العطار وعيلة المنياوي .. ولا عاش ولا كان اللي يفكر يمد ايده عليا
ممدوح(بغضب): انتي..
إيمان(مقاطعة بحدة وبنبرة مخيفة): اسمع .. البيت دا بيت المنياوي يعني صوتك يكون واطي وانت بتتكلم فيه وتتكلم بأدب وباحترام وتعرف انت بتقول ايه وبتتكلم عن مين .. اللي انت بتقول عليه هينصر ابنه عليكم اسمه الحاج سالم المنياوي .. عمدة وكبير البلد اللي الكل يشهد بعدله من اصغر عيل لأكبر راجل في البلد .. وابنه اللي اختك بتقول انه اعتدى عليها اسمه زين المنياوي اللي مفيش نفر في البلد مش بيحكي ويتحاكى عنه وعن اخلاقه .. يعني قبل ما لسانك الزفر دا يفكر يقول كلمة في حق اي واحد منهم يعرف انه هيتقطع قبل ما يكملها انت فاهم
صُدم الجميع من شخصية إيمان وطريقتها .. لم تكن هي تلك البريئة الهادئة التي اعتادوها في الايام السابقة بل كانت وحشاً ثائراً .. كانت كالمارد .. غاضبة ونارية .. حادة ومرعبة .. مرعبة لدرجة ارجفت قلب ممدوح الذي وقف امامها متلجماً لا يعرف ماذا يقول فطريقتها جعلته متيقناً انها قادرة على تنفيذ تهديداتها .. هي ليست ضعيفة هي بالفعل قد تقتله إن تجرأ على احد افراد عائلتها .. على الجانب الاخر كان هو مذهولاً بما تقوله وتفعله .. وكأنها 100 شخصية بواحدة .. الضعيفة والحنونة والقاسية والمنكسرة والمقاتلة والغاضبة .. يُقسم انه كان على وشك كسر يد ممدوح التي كادت بضربها ولكن كل ما يمكن قوله انه تصنم حين وجدها تُدافع عن نفسها بقوة 1000 رجل .. قوة جعلت ذلك الذي يسكن يسار صدره يدق بقوة وكأن زلزالاً بقوة ألف ريختر قد أصابه وازدادت قوة ضرباته حين سمعها تُدافع عنه بنبرة أكدت له عدم تصديقها لحرف مما قالته تلك الخبيثة .. فُتح باب المكتب الخاص بسالم وخرج هو بشموخه المُعتاد .. نظرات الجميع مثبتة عليه لينظر هو لإيمان ويومئ برأسه بهدوء جعلها تبتسم .. لمعت عينيها ببريق خاص وقد اخذت الأذن لتُطلق سراح شياطينها المساعدين للثعلب الذي لا يقدر عليه احد فترى كيف ستكشف حقيقة تلك الخبيثة
////////////////////
الأوراق منثورة امامه بعشوائية ولكن الاوراق التي يريدها ليست ضمنهم .. ليست هنا .. بعد كل ما فعل ليست هنا .. يبدو انها خططت جيداً لخطواتها ولكنه لن يهدأ حتى يعثر عليها .. لن يهدأ إلا عندما يتأكد ان ما بناه في سنوات لن تحطمه هي بأخلاقها ومُثُلها التي تفتخر بهم ولا تتخلى عنهم .. إن كان يحبها فهو يحب نفسه أكثر وإن خُير فاختياره معروف ولن يتردد به
/////////////////////
يعني ايه الكلام ديه؟! تيچي فين؟!!
قالها ممدوح بانفعال حين اخبرت إيمان دعاء بأخذ عباءة لقمر ومساعدتها لتغير ملابسها لتأتي بها للصالة معهم لتبدأ في تنفيذ مخططها لكشف كذبات تلك الغبية التي اوقعها حظها العسر مع الثعلب .. تحركت إيمان لتجلس على الكرسي الموجود بالصالون لتردف ببرود وهدوء غريب وغير ملائم للموقف
إيمان(بنبرة هادئة وهي تنظر له): اهدى بس يا بشمهندس .. اختك هتغير هدومها وتقعد هنا وتحكي اللي حصل علشان نعرف هنتصرف ازاي ودا إذا كنت عايز نحل الموضوع بشكل ودي كأسرة مع بعضينا .. انما لو مش حابب ف تقدر تاخد اختك وتروح على اقرب قسم شرطة وتقدم بلاغ رسمي باللي حصل وتسيب بقا القانون ياخد مجراه
صالحة(بذهول): بتجولي ايه يا بتي؟!!
نظر سالم لصالحة نظرة ذات مغزى لتصمت وهي لا تعرف ماذا سيحدث .. هي في موقف لا تُحسد عليه .. من جهة ابنها ومن جهة ابنة اختها التي تعتبرها في منزلة ابنتها .. ماذا تفعل؟! .. كاد ممدوح بالتحرك بغضب لتردف إيمان بنفس النبرة الباردة
إيمان: بس خد بالك يا بشمهندس ان محضر بقضية زي قضية اختك دي مش حاجة هينة وزي ما انت عارف البلد هنا صغيرة وقبل سواد الليل هيبقى كل فرد فيها عرف باللي حصل
ممدوح(بغضب): انتي بتهدديني؟!
إيمان(مدعية البراءة): استغفر الله دا انا بوعيك .. احنا هنا في بيت بين 4 حيطان نقدر نلم الحكاية ونجيب اخرها بينا وبين بعض انما عايز تكبرها وماله .. احنا تمام .. انت تمام؟
نظر لها ممدوح قليلاً وهو يفكر بكلامها ف بالفعل ان انتشر الخبر ستكون فضيحة بكل البلد وهو أعلم بأهل قريته فهم يعشقون النميمة والقيل والقال .. أخذ ثواني قبل ان يُشير لدعاء بتنفيذ ما قالته إيمان لتتحرك هي للغرفة ذات الباب المفتوح التي ترقد بداخلها تلك التي بدأ قلبها بالدق برعب وبدأ جبينها في التعرق من فرط التوتر .. كانت خطتها ستسير كما خططت لولا تدخل تلك القاهرية اللعينة .. بدأ الجميع في الجلوس على المقاعد الموجودة بالصالة وحالة ترقب تسيطر عليهم جميعاً .. مرت دقائق وأتت قمر وهي تتسند على يدا والدتها ودعاء راسمة التعب والانهيار ببراعة على وجهها ليزور شبح ابتسامة شفتي إيمان وهي تنظر لها مردفة
إيمان(وعينيها مثبتة عليها): اقعدي يا قمر
جلست قمر وهي تتجنب النظر لأ أحد وجلست صابرة ودعاء كذلك لتمر ثواني قبل ان تردف إيمان بنبرة هادئة
إيمان: ها يا قمر .. احكي
قمر(بارتباك وهي تهرب بعينيها): اا.. احكي ايه؟
إيمان(بنبرة يشوبها التهكم): يعني هتحكي حدوتة! .. احكي اللي حصل
قمر: ما .. ماني حكيت
إيمان(ببرود وعينيها تتابع ردود فعلها): تؤ انا عايزة الحكاية من اولها خالص .. وبالتفاصيل .. انا بعشق التفاصيل
قمر(بنبرة يشوبها المسكنة ويتخللها البكاء): اني كنت .. سهرانة مع خالتي امبارح .. و .. الوجت سرجنا .. ولما جومت عشان اروح كان زين راچع من برا .. شوفته داخل من البيت وجبل ما اخرچ راح شدني من يدي و...
قالتها ومثلت بكاءها بانهيار لتُداري إيمان ابتسامتها وتنطق
إيمان: و ايه؟
قمر(بدموع كثيرة): واعتدى عليا
زين(بانفعال): كدب .. اقسم بالله كدب
إيمان(بنبرة هادئة): لو سمحت يازين اسكت ..(ثم نظرت لقمر لتردف).. كملي يا قمر
قمر: بس إكده .. اكمل ايه؟!
إيمان(بنبرة ذات مغزى): لأ ازاي, يعني هو اعتدى عليكي كدا وانتي ماصوتيش ماصرختيش ماقاومتيش ماعملتيش اي حاجة؟!
قمر(بارتباك): ها .. لاه اني مالحجتش .. اصله رش حاجة في وشي خلاني دوخت
زين(بتهكم): كمان؟!
قمر(بانفعال وهي تقف): جصدك ايه .. اني مابكدبش .. انت عارف كويس انت عملت ايه .. كفاية كدب بجا حرام عليك .. انت اعتديت عليا امبارح في الزريبة وسرجت شرفي وضيعني .. حسبنا الله ونعم الوكيل فيك
إيمان(مدعية تعاطفها معها): اهدي بس يا حبيبتي .. ورد
قالتها إيمان وهي تنظر ناحية المطبخ الذي خرجت منه ورد لتردف إيمان بهدوء
إيمان: كوباية لمون علشان قمر تهدي اعصابها
تحركت ورد للمطبخ مرة اخرى ليردف ممدوح بغضب
ممدوح(بغضب): لمون ايه وزفت ايه؟!!
إيمان(مدعية البراءة): لمون عشان اختك تهدي اعصابها انت مش شايفها منهارة ازاي حرام عليك
ممدوح(بغيظ شديد): وبعدين يا عمي في المسخرة دي؟!
سالم(بهدوء): مسخرة ايه يا ولدي .. دي طلبت لمون لخيتك علشان تهدى مافيهاش حاجة
نظرت إيمان لسالم بامتنان لمساندته لها .. مرت دقائق واحضرت ورد العصير وبدأت قمر في ارتشافه وهي مازالت تتجنب التطلع لأي أحد وعيون الجميع تتنقل هنا وهناك إلا زوج من الأعين مثبت على قمر ويحلل كل حركة من جسدها .. تقرأ كل انفعالة قد تصدرها .. تقدمت إيمان بجسدها وهي جالسة لتردف
إيمان: ها يا قمر .. احسن؟
صمتت قمر وأكتفت بإيماءة بسيطة للغاية لتردف إيمان وعينيها مثبتة على قمر
إيمان: تعرفي انا بشتغل ايه يا قمر؟
رفعت قمر رأسها باستغراب لسؤال إيمان الغير منطقي بالنسبة لها لتبتسم إيمان وهي تلقي جملتها بوجهها
إيمان(بابتسامة فخورة): انا محامية .. تخصص جنائي .. يعني قضايا القتل و.. الاغتصاب .. دي لعبتي
بدأ جبين قمر بالتعرق لتُكمل إيمان وعينيها مازالت مثبتة على قمر
إيمان(بجدية): عارفة لما بيجلي حد بقضية وبيطلع ظالم برفض ادافع عنه .. بالعكس دا انا بنفسي بعمل كل حاجة علشان اثبت إدانته وأخليه ياخد جزاءه ..(ثم احتلت نظرة حادة عينيها لتُكمل).. اما بقا لو كان مظلوم فأنا مش بس بظهر براءته .. دا انا بخلي اللي فكر يظلمه يندم هو وعيلته على اليوم اللي اتولدوا فيه .. باختصار كدا بطلع عينهم وعين اللي جابوهم
ممدوح(بحدة وغضب): انتي بتهددينا عاد؟!!
إيمان(ببرود): بالعكس دا انا بطمنكم ان لو ليكم حق هجيبه ومش هعمل اعتبار لأي صلة قرابة ..(ثم رفعت اصبعها بتحذير).. لكن لو ابن خالي هو اللي ليه حق, فصدقني مش عايزة اقولك ايه اللي هيحصل
ممدوح(بانفعال وغضب): لاه اللي بيوحصول ديه كتير جوي
سالم(بهدوء): اجعد يا ولدي وهدي خُلجك
صابرة(بغضب وهي تقف): نجعد ايه يا حاج بعد الكلام الماسخ اللي هيتجال ديه عاد؟!
سالم(بنبرة قوية): كلام بت اختي مش ماسخ وهي ماغلطتش , هي بس بتجول اللي هيوحصول للي هيثبت كدبه أياً كان هو مين
إيمان(بهدوء): المفروض الكلام دا مايزعلكمش في حاجة لأن على حسب كلام قمر انتم اللي ليكم حق ..(ثم نظرت لقمر لتردف).. ولا ايه يا قمر؟
قمر(وهي تهرب بعينيها): اني .. اللي عندي جولته
إيمان(وهي ترجع ظهرها للخلف): ماشي .. يبقى ننزل القاهرة
صابرة: ننزل فين؟! و ليه عاد؟!
ممدوح(بانفعال): اني غلطان من الاول اني جعدت وسمعت الحديت الماسخ ديه .. اختي هاخدها وهنروحوا نعملوا محضر دلوكت واللي غلطان هو اللي يخاف من الفضيحة
قالها ووقف بحدة لتنظر إيمان لسالم بهدوء مردفة
إيمان(متجاهلة كلام ممدوح): عارف يا خالو .. الطبيعي في حالات الاغتصاب ان البنت لما بتروح تبلغ بتتحول عالطب الشرعي اللي بدوره بيثبت 3 حاجات .. اول حاجة هي البنت دي لسة بنت ولا الاعتداء اللي حصل ادى انها فقدت عذريتها .. لو ثبت انها مابقتش بنت ساعتها بيثبت الحاجة التانية وهي هل فقدان العذرية دا تم في خلال اسبوع ولا اكتر .. ولو كان في خلال اسبوع ساعتها بيكون فاضل حاجة واحدة بس وهي اثبات هوية المُغتصب .. اصل كل راجل ليه بصمة وراثية زي بصمة الصوابع كدا استحالة تتكرر بين راجل والتاني .. والبصمة دي بتكون موجودة في رحم البنت لمدة اسبوع ..(ثم نظرت لقمر لتردف).. يعني حسب كلام قمر المفروض ان البصمة بتاعة زين موجودة دلوقتي في الرحم عندها ودا اللي الدكتور هيثبته صحته سواء بطريقة رسمية او لأ
قمر(وهي تبتلع ريقها بتوتر): جـ.. جصدك ايه؟
إيمان: قصدي احنا هننزل دلوقتي القاهرة وهنروح لدكتور يكشف عليكي ويعملك التحاليل دي كلها بس بطريقة ودية احسن من البلاغات والبوليس .. انتوا مهما كان عيلة ولا ايه؟
توترت قمر بينما اردفت صابرة
صابرة: وليه مانوديهاش لداكتورة إهنيه؟
إيمان: معلش يعني بس مع احترامي لكل الدكاترة اللي هنا الطب متطور في القاهرة اكتر والمسائل اللي زي دي بتكون محتاجة حد موثوق فيه وموثوق في كلامه
جف حلق قمر اكثر فهي وقعت الان في شر اعمالها .. نظر ممدوح لزين واردف
ممدوح(بغيظ وغضب): وايش ضمني انه مايوهروبش لما احنا ننزلوا مصر
زين(بقوة): اني مش عيل ولا چبان عشان اهروب .. اني راچل يا ممدوح ولو عملت حاچة ماههروبش
إيمان: كدا كدا زين هيجي معانا علشان التحاليل .. المهم انكم توافقوا على المبدأ
ممدوح(بعد صمت قليل): موافجين
إيمان(وهي تنظر لقمر): وانتي يا قمر .. رأيك من رأي اخوكي؟ ..(ثم اردفت بنبرة تحذيرية).. احنا لسة هنا والموضوع لسة ماكبرش بس لو نزلنا القاهرة ساعتها مفيش رجوع والحق هيظهر
ممدوح(بحدة): انتي بتجولي الكلام ديه ليه؟! .. احنا اصحاب حج وصاحب الحج مابيخافش
إيمان(متجاهلة كلام ممدوح): ها يا قمر؟
قمر(وهي تبتلع ريقها وتهرب بعينيها): اني اللي عندي جولته
سالم(وهو يقف): يبجى هموا بينا
تحرك سالم ووراءه زين الصامت بشكل غريب وعقله يدور به حديث إيمان وجرأتها فهي لم تخجل من التحدث بذلك الموضوع ولم تتردد في محاصرة قمر مصممة على اثبات كذبها ولكن هل بالفعل ستنجح في ذلك .. ركبت إيمان بالمقعد الخلفي من السيارة الخاصة بسالم بينما تحرك ممدوح لمنزله ليركب سيارته بصحبة والدته التي اسرعت بلبس عباءتها السوداء وكذلك فعلت قمر بعدما اختطفت حقيبة ما من غرفتها وخبئتها بعباءتها .. تحرك ممدوح بسيارته لمنزل المنياوي لتتلاقى عيون قمر التي تشتعل بالغضب والغل بعيون تلك القاهرية التي يملؤها التحدي والقوة .. تجلس بالمقعد الخلفي وتشتعل نيرانها من تلك اللعينة التي تسعى لتدمير مخططها ولكنها لن تيأس وستفعل كل ما بوسعها لكي تُكلل خطتها بالنجاح فهل ستسطيع فعل ذلك ام ستُكشف حقيقة كذباتها واحدة وراء الاخرى على يد تلك القاهرية التي لا يقدر احد على تحديها .. تحركت السيارتين في طريقهم للقاهرة والصمت يطبق على كلتيهما ولكن كلام العيون لا يصمت .. ففي إحدى السيارتين تتلاقى عيونه بعيونها في لقاء يقول الكثير .. يقول ما يصرخ به قلبيهما .. يقول ما يرغب هو بقوله ولكن الوقت الآن غير مناسب ولكنه سيقوله لها .. حتماً سيقوله حتى لا يموت مختنقاً بكلامه الذي يملئ قلبه .. يطول الطريق وكأنه يتحالف مع إيمان ضد تلك التي تجلس وطواحين تضرب بعقلها .. تحاول التفكير في مخرج لتربت بيدها على تلك الحقيبة التي تخبئها اسفل عباءتها وقد عقدت العزم على تنفيذ ما هداها إليه عقلها الخبيث بينما بالسيارة الاخرى تربت إيمان هي الاخرى على حقيبتها وتبتسم داخلها فقد كشفت اوراق تلك الغبية في رأسها وستحرص على إظهار الحقيقة واحدة تلو الأخرى ولكنها بحاجة لمساعدة من شخص خاص جداً .. انتهى الطريق اخيراً ووصلوا لوجهتهم المنشودة .. نظر ممدوح حوله باستغراب فهم امام صرح لمشفى عملاق .. ما سبب وجودهم هنا؟! .. فهو كان يظن انهم سيذهبون لعيادة احد الاطباء لينتهي ذلك الأمر وليس لمشفى كبير بذلك الحجم .. نزل سالم من سيارته وهو الاخر قد اصابه الدهشة من حجم ذلك المشفى الذي احضرتهم إليه إيمان
ممدوح: إيه اللي چابنا إهنيه؟
إيمان: جايين نكشف على اختك .. اتفضل يا بشمهندس
قالتها وتقدمت من بوابة الدخول للمشفى وكأنها تدخل فندقاً صغيراً .. تتبعوها في صمت ليجدوها تتجه للاستقبال وتقف امام احدى مسؤولي الاستقبال وتردف بهدوء
إيمان: د. مروان الشاذلي موجود؟
نطقت بها ولكن قبل ان يأتيها رد الموظفة كان صوته يرد عليها مردفاً بود وابتسامة جميلة تحتل ملامحه الوسيمة
أكرم الشاذلي(وهو يربع يديه امام صدره): طب ماينفعش أبوه؟
إيمان(بابتسامة واسعة): عمو أكرم!!
قالتها بابتسامة قبل ان تتقدم منه وترمي نفسها بين احضانه محولة عيون ذلك الواقف لكاسات من الدم وهو يراها تتعلق بعنق ذلك الرجل الذي لا يظهر سنة على ملامحه ابداً بل يبدو شباب اكثر منه هو شخصياً .. من هو؟ وكيف يسمح لنفسه بلمسها؟ كيف يحتضنها بذلك الشكل؟ .. حسناً هو أتى للقاهرة مُتهماً بالاغتصاب ولكن يبدو انه سيغادر القاهرة بجريمة قتل .. فترى ماذا سيحدث وكيف ستتعامل إيمان مع غيرة الصعيدي التي ستراها بوضوح لأول مرة .. هل ستستمر بإدعاء اللا مبالاة ام ستعترف انها عشقت من الصعيد
- تابع الفصل التالي عبر الرابط: "رواية عشقت من الصعيد " اضغط على أسم الرواية