رواية المعلم الفصل السادس والثلاثون والاخير 36 بقلم تسنيم المرشدي

الصفحة الرئيسية

   رواية المعلم الفصل السادس والثلاثون والاخير بقلم تسنيم المرشدي

رواية المعلم الفصل السادس والثلاثون والاخير

 بالتأكيد أنه كابوس بشع ليس إلا ، لابد وأن يكون كابوساً والا قتلها بين يديه ، لا يستوعب عقله ما يحدث ، يأبي قلبه تصديق شعوره بأنه منبوذ من قبل من عشقها وفعل العديد من المصائب لكي يرضيها ، لقد خسر شقيقه مقابل أن يسعدها هي حتي وان كان الأمر ليس بهين عليه

_ كان يتألم طيلة الليل بسبب ما فعله اتجاه أخيه من اجلها وهي لا تراه رجلاً من الأساس ، فسرت حبه الذي لا حد له بضعف ، حسناً سيبذل قصارى جهده لكي يذيقها مدي قوته التي لا حد لها ، سيلقنها درساً ستظل من بعده تناديه بـ سيد الرجال ؛

_ هرول هاني نحوها وجذبها من خصلاتها المتحررة وغرز أظافره في ذراعها ثم دلف بها الي الخارج وهو يتمتم بالسُباب ، لم يكترث تلك المرة بصراخها بل كان يتلذذ ويستمتع كلما ازدادت صرخاتها ، يهلل قلبه ألماً لكن ليس تلك المرة لن يتراجع بل سيكون رجلاً لمرة واحدة فقط ..

_ هبط ريان بصحبة يحيي ولم يعقب علي ما يحدث بل كان يتابع ريان كأنه يشاهد فيلماً كوميدياً ، يريد أن يشفي غليله من تلك البغضية التي قلبت حياته رأساً علي عقب تحت مُسمي الحب ، فلتأخذ قليلاً مما تستحق ..

_ جرها هاني علي الدرج إلي أن سالت الدماء من ثائر جسدها أثر ارتطامها بالرخام تارة والجدران تارة أخري ، وصل بها إلي مدخل البناية ، توقفت قدميه عن الحركة ، تجمدت أرضاً وهو يجوب ذاك الحي الشعبي بعيناه ، أنها مازالت امرأته وإن خرج بها فسيتلقي من اللوم والعتاب قدراً

_ قلبه يريد التراجع وعدم فضحها وعقله يريد أن ينتقم منها أشد انتقام ، خرج من شروده علي صوتها وهي تقهقه ساخرة وأردفت :-
_ شوفت إنك مش هتقدر تكمل اللي بدأته دي الحريم أرجل منك

_ بصقت عليه بتقزز فأشعلت النيران داخله ولم يشعر بقدمه التي تتسارع في ركلها بعنف دون رحمة ، انحني بجسده نحوها وأردف :-
_ انتي طالق

_ عاد لوضعه ودس أصابعه في خصلاتها فأطلقت هي صرخاتها التي دوت في البناية ، لم يفكر كثيراً ودلف بها الي الخارج أسفل أنظار ريان ويحيي عليهم ، وقف في منتصف الطريق وألقي بها كالقمامه التي يلقيها كل يوم وصاح بها :-
_ أنا جايبك من الشارع ورجعتي في الآخر ليه ، ده مكانك يا *****

_ بصق عليها بإحتقار ثم أولاها ظهره وما إن أبتعد عنها حتي انسدلت دموعه بغزارة تحسراً علي حياته التي لم يتبقي منها سوي ذكريات ستؤلمه كلما تذكرها ..

_ عاد الي منزله وألقي بجسده علي أقرب أريكة وأطلق العنان لعبراته في النزول دون توقف ، بينما عاد ريان الي منزله بسيارة يحيي وطلب منه أن يمكث بجانب هاني أنه بحاجة إلي أحدهم لكي يأزره ، كان يتمني أن يدوايه هو لكن لا يستطيع فما فعله يصعب عليه مسامحته بتلك السهولة ..

_ ربت يحيي علي فخذ هاني وأردف بعد تردد :-
_ آن الأوان ترجع الحق لصحابه كفاية كده ..

_ أماء هاني مراراً دون أن يردف بشئ ، يشعر بأن شيئاً ثقيل يطبق علي صدره ، وضع كف يده علي يساره أعلي قلبه وجاب المكان ببصره ، أين هو تحديداً ؟ لا يعلم لا يدري حتي هويته يشعر فقط بالنيران المتقدة داخله ، تحرق جوفه من فرط شدتها ..

_ عقد يحيي حاجبيه عندما رأي ما أصابه وأسرع بالسؤال عليه :-
_ انت كويس ؟

_ لم يعقب هاني بل نهض بصعوبة وتوجه نحوه غرفته بخطي متعرقلة ، يتمايل يساراً ويميناً ، رؤيته أصبحت مشوشة ولم تقوي قدميه علي حمله وانزلقت رغماً عنه ، أسرع نحوه يحيي وجلس القرفصاء أمامه واردف بتوجس :-
_ هاني ، انت كويس ؟

_ أشار هاني الي عنقه فاستشف يحيي عدم قدرته علي التنفس ، رفع رأسه للأعلي قليلاً ثم فك أزرار قميصه ربما يساعده علي التنفس ، مرت مدة ليست بقصيرة استعاد هاني تنفسه الطبيعي ، نهض بمساعدة يحيي وولج داخل الغرفة متكأ علي كتف يحيي

_ وضعه يحيي علي الفراش ووقف امامه يطالعه بشفقة كبيرة وردد متسائلا بحنو :-
_ بقيت أحسن ؟

_ هز هاني رأسه وأردف بنبرة خافتة محتقنة :-
_ سيبني لوحدي ..

_ فتح يحيي فاهه لكي يعارض طلبه فأسرع هاني بالحديث :-
_ سيبني لوحدي يا يحيي

_ تنهد يحيي مستاءً ثم ألقي نظرة أخيرة علي أخيه وقال قبل أن يدلف خارج الغرفة :-
_ لو احتجت حاجة كلمني

_ أوصد يحيي باب الغرفة خلفه ثم أزفر أنفاسه بضجر وأسرع خطاه خارج المنزل لعله يهرب من تلك السخافات المرهقة التي لا تنتهي ..
____________________
_ جلس ريان علي مقعد خشبي في منتصف حديقة منزله ، أعاد رأسه للخلف ووضع كلتي ذراعيه خلف رأسه ، أخرج تنهيدة تحمل بين طياتها صبره علي ابتلاء الله له في الأيام الماضية ، اعتدل في جلسته حينما فُتح الباب من قِبل أحدهم ، استدار برأسه لكي يعلم هويته

_ تفاجئ باقتراب عنود نحوه حاملة كعكة مزينة تتوسطها شمعتان متقدتان برقمي خمس وثلاثون ، بدأت تغرد بصوت ناعم رقيق :-
Happy birthday to you
Happy birthday ريان
Happy birthday to you..

_ وقفت أمامه مُشكلة إبتسامة عذبة علي محياها وأردفت بحب :-
_ أول عيد ميلاد ليك معايا

_ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة عريضة ، وأسبل عينيه عليها بعشق فكانت المرة الأولي لأحدهم يحتفل بعيد مولده ، انحني بقرب وجهها وهمس أمام شفاها :-
_ أنا حبيت عمري اللي بيكبر عشان انتي معايا!

_ إلتمعت عينيها بوميض مختلف الان ، شعور ملئ حيوية واشراقة ، تنهدت بسعادة وأردفت :-
_ بحبك

_ تراجع ريان عدة خطوات للخلف وجاب المكان سريعاً ببصره باحثاً عن تلك الزهرة التي رآها سابقاً ، ها هي نابعة من جدار المنزل ، سار نحوها وقطفها ثم عاد إلي صغيرته ووضعها بين رأسها وحجابها ، ألقي نظرة متفحصة عليها وقال بإبتسامة بشوشة :-
_ حليتي الوردة

_ لم تمنع ابتسامتها من الظهور بسعادة ، أنه ينجح دائماً في سرقة قلبها وهو يتغزل فيها بكلماته التي لا تعلم من أين يأتي بها ، لكن ما تعرفه حق المعرفة هو أنها المصدر المُلهم لتلك الكلمات...

_ طالعها ريان برغبة قوية شعر بها في تلك الأثناء، سمح ليده بمحاوطة خصرها وجذبها الي حضنه ثم انحني وهو لا يري سوي شفاها أمامه :-
_ وحشتيني اوي

_ وقبل أن تجييه هي فُتح باب المنزل فابتعدت عنود سريعاً عنه ، نظرا كليهما الي من اقتحم تلك الخلوة الليلية ، بالتأكيد دينا هادمة اللذات كما يطلق عليها ريان ، تفاجئ كليهما بحضورها كعكة مزينة تتوسطها شمعتان متقدتان برقمي خمس وثلاثون ، تبادل الجميع النظرات حينما كُشف الأمر كاملاً ثم انفجرا ثلاثتهم ضاحكين ..
____________________
_ بعد مرور خمسة أعوام ..
_ في صالة التخرج تقف عنود تجوب المكان ببصرها علي عكس زملائها الجالسين علي مقاعدهم قيد انتظار نُطق أسمائهم لكي يتم تخرجهم من الجامعة

_ انت فين يا ريان كل ده تأخير
_ هتفت بهم عنود بحنق وعينيها معلقة علي باب الصالة علي أمل عودته عاجلاً ، أزفرت أنفاسها بضجر بائن حينما انتظرت ما يقرب من خمسة عشر دقيقة ،

_ اقتربت منها هالة ووضعت ذراعيها علي كتفها وأردفت متسائلة :-
_ لسه مرجعش ؟

_ أماءت عنود رأسها نافية ورددت بنبرة متجهمة :-
_ أتأخر اوي كل ده بيجيب الروب بتاعه من العربية ، أووف منك يا ريان بجد!

_ انتبهتَ الفتاتان الي صوت مدير الجامعة فاستدرن بجسدهم وتابعوا حديثه باهتمام ، جلست عنود مكانها داعية الله بأن يعود ريان سريعاً ، بدأ المدير في نداء أوائل الصف

_ عنود سيف الدين العراقي
_ صدح إسمها عالياً في المكان بأنها حاصلة علي المركز الأول علي الجامعة ، لم تستطيع عنود الصمود وجهشت باكية بسعادة قد ملئت قلبها ، ألقت نظرة أخيرة علي الباب قبل صعودها الي المنصة ، وعندما لم تجد له طيف تابعت صعودها الي الاعلي واستلمت شهادة تقديرها بكل فخر وسعادة لا تكفي الكون ..

_ وقفت مع زملائها الآخرين ثم نُطق إسم ريان بأنه حاصل علي المركز الثاني علي الجامعة ، حضر ريان في تلك اللحظة حاملاً تميم صغيره ذو العامين ، تشكلت ابتسامة عريضة حينما وقع بصر عنود عليهم ، ركضت مهرولة في اتجاههم وعانقتهم بكل حب ..

_ كان يرتدي الصغير روب تخرج وأيضاً قبعة مثلهم ، كانت عنود سعيدة بمظهره البرئ للغاية ، حملته لكي يستطيع ريان استلام شهاداته ..

_ انتهوا من تسليم الشهادات ثم دلف كليهما الي الخارج وتفاجئ بهذا الحشد الهائل الذي يشكل ممراً أمامهم من قِبل زملائهم وبعضاً من الصفوف المختلفة الذي قاما ريان وعنود بمساعدتهم في تسهيل الدراسة لهم عبر محاضرات إلكرتونية مجانية ..

_ تبادلا ريان وعنود النظرات بسعادة غامرة وسارا في ذلك المرر الذي لا نهاية له ، يتسارعون في إلقاء الزهور مختلفة الألوان عليهم ناهيك عن تصفيقهم الذي عم الجامعة بأكملها وبعضاً منهم يُبرع في إطلاق صافرة من فمه مبدي بها مدي فخره بهم ، بكت عنود وهي تسير بينهم وشعور مختلف كلياً يسيطر عليها وهو القيمة ، تشعر بأنها في أعلي مراتب مجدها وتفوقها بسبب هذا التصرف المذهل ..

_ وأخيراً وصلا إلي نهاية الممر ، استقبلهم أحد زملائهم بصندوق هائل يكاد يستطيع حمله بسبب كبر حجمه وثقل وزنه ، وضعه أرضاً واردف بإمتنان :-
_ شكراً لكل اللي قدمتوه عشانا ، إحنا فخورين بوجودكم جدا

_ تبادلا ريان وعنود النظرات وشكرا الجميع علي مجهوداتهم وبعد مرور بعض الوقت غادرا من الجامعة والسعادة كانت مصاحبة لهم ..

_ وصل ريان الي فيلته التي انتقل فيها قبل عدة أعوام بعدما أعاد له هاني جميع حقوقه وممتلكاته ، صف سيارته أمام الفيلا ثم ترجل ثلاثتهم ، حمل ريان صغيره الذي غفي بين أحضان والدته وسار بجوارها متجهين الي الداخل ..

_ أنا قولتلك أنا هعملها وأطلع الأولي مصدقتنيش!
_ هتفت بهم عنود بتعالي وهي تتغنچ بعجرفة شديدة ، قهقه ريان عالياً علي حالها المثيرة للضحك وهتف :-
_ التاني مش بعيد برده يابشمهندسة

_ توقفت عنود عن السير حينما قابلتهم أيلين ( جليسة تميم ) وحملت الصغير ثم صعدت به إلي الاعلي لكي تضعه في فراشه ، بينما أضافت عنود قائلة بنبرة متحمسة مليئة بالحيوية :-
_ أنا بجد مش مصدقة أننا خلصنا وكمان هنشتغل مع بعض في نفس الجامعة مشوار طويل اوي وربنا وفقنا فيه الحمد لله

_ إبتسم لها ريان ثم لمح شيئاً ما يحدث في الحديقة الخلفية عبر البوابة المفتوحة التي تتوسط الردهة ، انتبهت عنود لشروده خلفها فاستدرات بجسدها لكي تري ما جذب انتباهه ..

_ تفاجئ كليهما بحضور الجميع في الحديقه قيد انتظار وصولهم ، توجها معاً إليهم مندهشين مما يحدث ، لقد زُينت الحديقة بالبالونات الملونة بشكل أكثر من رائع تتوسطها زينة ملونة وأيضاً كتابة عليهم (مُبارك التخرج ) ، يوجد أيضاً طاولة مستطيلة الشكل يوجد أعلاها جميع أصناف الحلويات ولم تخلو أي قطعة من جملة
( مُبارك التخرج )

_ ألقي الجميع التهنئة عليهم بسعادة ومشاعر صادقة ، بعد مدة من الاحتفال أسند ريان مرفقة علي أحد الجدران وهو يطالع الجميع بوميض مختلف تشع عيناه بالشغف والحب ، يطرب قلبه فرحاً لتجمع عائلته مرة أخري لكن تلك المرة أصدق عن ذي قبل ، لا احد يبغض أحد ، لا يوجد كراهية ولا نفاق ، لا يوجد حقد ولا غيرة ، فقط يوجد حب وخير متبادل

_ خرج ريان من شروده علي صوت شقيقه هاني :-
_ مبروك علي الحلم اللي اتحقق

_ التفت إليه ريان وربت علي كتفه بحنو واردف بنبرة راضية :-
_ الحمد لله كله بآوانه

_ أخفض هاني رأسه بحزن وخجل وردد :
_ عارف ان اللي بتعمله معايا ده بيكرهني في نفسي كل يوم اكتر ، أنا مستاهلش منك كده انا أذيتك كتير وانت عملت ايه ؟ ساعدتني ووقفت جنبي وبتعملي كتير اوي يا اخويا بحس إني ندل اوي من نحيتك

_ سحب ريان نفساً عميق ورفع رأس هاني الي الاعلي بأصابعه واردف بحكمة :-
_ انت قولت بنفسك يا اخويا ، احنا اخوات ومهما حصل في الآخر ملناش غير بعض ، علي رأي الحج ماهر الاخوات أكبر ورث ممكن الأهالي تسيبه بعد فراقهم ، أنا مش زعلان منك يمكن لو محصلش كده مكنتش فكرت اكمل تعليمي وأحقق حلمي

_ اعتدل ريان في وقفته ودس يديه في جيب بنطاله ونظر الي صغيرته التي باتت عشقه الأكبر والأهم واضاف :-
_ لعل الخير يكمن في الشر!

_ إلتوي ثغر هاني بإبتسامة خجولة فعاد ريان ينظر إليه واردف وهو عاقد حاجبيه :-
_ وبعدين تعالي هنا انت مش ناوي تتجوز وتفرحنا بيك ونشوف عيالك ولا انت استحليت السنجلة ولا ايه ؟

_ تعالت ضحكات هاني علي مزاح ريان واجابه بنبرة منكسرة :-
_ جواز ايه خلاص بقا أنا هتم الخمسة والاربعين الشهر ده يعني مفيش حد هيقبل بيا وبعدين أنا مرتاح كده مش حمل ادخل علاقة من اول وجديد ونعيش شغل المراهقة ده تاني أنا كده تمام اوي

_ ربت ريان علي كتفه مستاءّ من حديثه الذي لم يقتنع به مطلقاً وردد :-
_ الف واحدة تتمناك بس انت اللي كسلان تدور ، حد يكره يعيش مراهقته تاني ده أحلي احساس في الدنيا

_ تقوس ثغر هاني بإبتسامة عريضة وهو يرمق عنود وقال :-
_ ربنا يبارك لك فيها بنت حلال

_ أخرج ريان تنهيدة حارة وتابع :-
_ طب أسيبك أنا عشان اروح أعيش مراهقتي شوية

_ توجه ريان نحو دينا واردف متسائلاً :-
_ أخبارك ايه ؟

_ تقوس ثغرها ببسمة عذبة وأجابته بحب :-
_ الحمد لله فرحانة عشانك

_ بادلها ابتسامة صافية وردد بلطف بعدا ن وضع قُبلة علي جبينها :-
_ ربنا يخليكي ليا

_ سار ريان نحو عنود بعدما أنهي حواره مع دينا ، وقف ريان علي مسافة قريبة من عنود وتصنع أنه يتحدث مع أحدهم في الهاتف قائلاً :-
_ ده انتي تؤمري أمر يا جميل ، انتي تطلبي وريان ينفذ..

_ تعمد إلقاء كلماته وعندما تأكد أنها صغت إلي ما قاله توجه إلي داخل الفيلا ومن ثم الي مكتبه ، اشتعلت نيران الغيرة داخل عنود ولم تشعر بقدميها التي قادتها خلفه بخطي مهرولة غير مستقيمة ، فتحت باب المكتب بعنف وهي تنوي قتله ، لكن لم تجده في المكتب لقد كان فارغ تماماً إذا أين ذهب ؟

_ علمت أين هو حينما جذبها ريان وهو يقف خلف الباب ثم دفعها بخفة علي الباب واقترب منها ببطئ ، شعرت عنود بأنفاسه الحارة تضرب وجهها من شدة قربه منها ، تنهد ريان وتسائل بخبث :-
_ كنتي عايزة حاجة ؟

_ تذكرت عنود ما جائت لأجله ودفعته بعيداً عنها وصاحت به بعصبية بالغة :-
_ كنت بتكلم مين ؟

_ تصنع ريان عدم فهمه وسألها ببرود :-
_ مش بكلم حد ..

_ اقتربت منه وأردفت بنبرة مرتفعة مليئة بالغضب والتحذير :-
_ ريان أنا سمعتك وانت بتقول انتي تؤمري وريان ينفذ يا جميل مين دي ومتختبرش صبري

_ أولاها ريان ظهره سريعاً عندما فشل في إخفاء ضحكاته لكي لا يكشف أمره ، فهو لم ينهي ما بدأه بعد ، أزفر أنفاسه واردف بجمود زائف :-
_ مش فاكر اني قولت كده!

_ رباه ، لقد جني علي نفسه ، بلغت عنود ذروة تحملها ولم تشعر بقدميها التي هرولت نحوه وأجبرته علي الالتفاف إليها ثم دفعته علي الأريكة بحركة سريعة لم يتوقعها ريان ثم أشرفت عليه وهتفت بحدة :-
_ انت ناوي تتجوز التالتة ؟

_ لم يستطيع ريان التماسك بعد جملتها تلك ، أطلق قهقهاته عالياً واردف من بين ضحكاته :-
_ انتي عرفتي منين ؟

_ اتسعت مقلتي عنود بصدمة جلية سيطرت علي ملامح وجهها ثم انتفضت من فوقه ووقفت أمامه واضعة يديها في منتصف خصرها وصاحت بنبرة محتقنة :-
_ اللي خدته الهانم تاخده مساحت السلالم ، مِسِم!

_ تفاجئ ريان من ردها التي أثبت إتقانها اللهجة المصرية ، قهقه عالياً ووقف أمامها قائلا بإعجاب شديد :-
_ الله

_ اقترب منها وحاوط خصرها بذراعيه وجذبها اليه بقرب صدره واردف :-
_ ده انتي اتعلمتي اصول اللهجة وبقيتي بتقولي أمثال كمان

_ تحررت من بين يديه وأولته ظهرها وقالت بحنق :-
_ أنا ماشية أشبع بالتالتة

_ لحق بها ريان وهو يقول :-
_ استني يابت

_ جذبها بذراعها الي حضنه فالتصق ظهرها في صدره ، انحني بقرب أذنها وهمس :-
_ احتليتي قلبي خلاص معتش في كمان لا لتالتة ولا رابعة!

_ التفتت برأسها ترمقه بعدم تصديق فأجبرها هو علي الالتفاف إليه واردف بخبث :-
_ لا ده انا أثبت لك وحالاً

_ شعرت بقدميها تسبح في الهواء قبل أن تعارضه ، دلف خارج مكتبه وهو يجوب المكان بعيناه سريعاً يتأكد من خلوه ، أسرع خطاه إلي الاعلي قبل أن يراه أحدهم لكن لا يعلم أن هناك عينان تراقبه ..

_ تنهدت دينا في محاولة منها علي تقبل الأمر الذي لم يتقبله قلبها طيلة خمسة أعوام ماضية ، لكن ما يهون الحياة معاملة ريان الحسنة التي يحاول تعويضها بكل الطرق الممكنة لكي لا تشعر بالفارق الذي فعله هو بزواجه من أخري ..

_ لا يدري أن لسانه فقط من يصمت ، فعيناه تكشف أمره حينما تشرق فقط لأنها أمامه ، لا يشعر بعفويته التي تصل إلي حماقة في بعض الأحيان وهو يشاركها أحد الاشياء التافهة ، لا يري عشقه وهُيامه بها في كل تصرفاته ..

_ خرجت من شرودها علي مشاجرة صغارها ، اقتربت منهم وانحنت بجسدها لتكون أقرب إلي صغيرتها جويرية ذات الخمس أعوام وأردفت متسائلة :-
_ بتعيطي ليه ؟

_ رفعت جويرية بصرها نحو شقيقتها جني عاقدة ذراعيها بتذمر ورددت بحنق :-
_ أخدت مني الأيباد يا مامي

_ رفعت دينا هي الأخري بصرها علي جني وهتفت متسائلة :-
_ خدتي منها الايباد ليه ؟

_ نفخت جني بضجر وأجابتها مختصرة :-
_ صورتني يا مامي والصورة مش حلوة وانا عايزة أمسحها ..

_ انشغلت دينا بين حل تلك المشاجرة الفريدة من نوعها ، في حين قرر يحيي أن يبوح بما داخله فهو لا يطيق الإنتظار لثانية أخري ، سحب نفساً عميق وتوجه نحوها بخطي متمهلة لا يدري كيف سيقوم بفعل ذلك لكن عليه أن يتحلي بالشجاعة ويفعله من أجلها

_ وقف خلفها وحمحم بحرج بائن فاستدرات إليه هالة ، تلونت وجنتيها بالحُمرة الصريحة كما خفق قلبها من فرط الحماسة المتدفقة في الادرينالين المندفع في شرايينها ، تقوس ثغر يحيي بإبتسامة عذبة وأردف بتعلثم :-
_ مش كفاية مساعدة لكدا!

_ عقدت هالة ما بين حاجبيها بغرابة فهي لم تستشف ما وراء حديثه وأردفت متسائلة :-
_ تقصد ايه ؟

_ فرك اصابعه بتوتر شديد وابتلع ريقه ثم ألقي بحديثه دفعة واحدة :-
_ تتجوزيني؟

_ اتسعت حدقتي هالة من هول المفاجأة الممزوجة بالحماس ، أزدادت نبضاتها أضعافاً بعد عرضه للزواج منها ، أهو حقاً يريدها زوجة له كما تمنت هي قربه منذ أعوام !

_ إلتوي ثغرها مُشكلة ابتسامة خجولة ، أخفضت رأسها بحياء وقالت بنبرة متلعثمة :-
_ وادخلوا البيوت من أبوابها ..

_ ألقت بجملتها ثم تركته وركضت بعيداً عنه تلتقط أنفاسها التي هربت من رئتيها بينما ابتسم هو بسعادة كبيرة غمرت قلبه وردد بينه وبين نفسه :-
_ أنتي اللي هتدخلي بيتي قريب!

_ علي جانب آخر تقف شذي ( إبنة مؤنس الصغري ) متذمرة من فرط غيرتها ، سحب ياسر نفساً وأخرجه ببطئ وأردف :-
_ مش عارف ايه لزمتها الغيرة دي ؟

_ وقفت شذي أمامه عاقدة ذراعيها وهتفت بحنق :-
_ انت مش عايزني أغير وأنا واقفة في بيت البنت اللي كنت هتتجوزها!

_ هز ياسر رأسه مستنكراً ما تتحدث فيه ثم حاول أن يتحلي بالهدوء قليلاً وقال بنبرة هادئة :-
_ البنت دي بنت عمي وعمك والكلام ده من خمس سنين وانتي شايفة بعينك كل واحد عنده حياته وسعيد فيها بس انتي غاوية تنكدي

_ اقتربت منه بدلال وأسندت مرفقها علي ذراعيه وأردفت بنبرة رقيقة :-
_ يعني انت بتحبني أنا ؟

_ انفجر ياسر ضاحكاً ثم انخفض بجسده ليكون أمام بطنها واردف محدثاً جنينهم :-
_ أمك بتسأل أنا بحبها ولا لأ اقولها ايه ؟

_ قاطع حديثهم صوت مؤنس قائلا :-
_ مالكم يا ولاد صوتكوا عالي ليه ؟

_ اعتدل ياسر في وقفته وأجابه مختصراً وهو يرمق شذي بغيظ :-
_ مفيش يا عمي بس شذي هرموناتها عالية شوية النهاردة ..

_ قهقه مؤنس وكذلك ياسر علي عكس شذي التي كانت تطالع زوجها بغيظ عارم ولا تقدر علي التحدث لوقوف والدها بينهم ..

_ بابا ما تجوزني البت دي
_ هتف بهم إياد الابن البكري لخالد وهو يشير بيده الي جني ، تفاجئ خالد من طلبه المبهم والغريب وأخفض بصره عليه وقال :-
_ عارف لو ريان سمع الكلام ده هيعلقك

_ انضمت أية إليهم حاملة صغيرتها ( حلا ) وتسائلت بإهتمام :-
_ ريان هيعلق إياد ليه ؟

_ قهقه خالد ساخراً واجابها :-
_ ابنك بيقولي جوزني جني

_ شهقت أية بصدمة واندفعت فيه بحنق :-
_ ايه الكلام ده يا إياد عيب كده يا حبيبي

_ انحنت أية بقرب خالد وأردفت معاتبة :-
_ وانت بدل ما تقوله عيب تقوله ريان هيعلقك!

_ هز خالد رأسه مؤكداً حديثه مشكلاً علي ثغره ابتسامة سمجة ثم حمل الصغيرة وظل يهدهدها بلطف بينما نادت أية بصوتها :-
_ زياد تعالي هنا إحنا مش في بيتنا ..

_ ألقت بحقيبتها أرضاً وصاحت بتذمر :-
_ أنا زهقت من الجري ورا العيال وسليم مش بيسمع الكلام وسلمي بتقلده وأنا تعبت

_ وضع علي ذراعه علي كتف هاجر واردف ببرود :-
_ سيبهم يلعبوا يا حبيبتي هما فرحانين بالجنينة

_ نفخت هاجر بضجر بائن وتمتمت بغضب :-
_ ده اللي باخده منك ..

_ تركته وغادرت ربما تنجح في تهذيب صغارها ، علي جانب آخر أردف منصور بنبرة متحمسة :-
_ البت اماني بيجيلها عرسان كتير بس انا اللي برفض ، لما أخلص مصاريف تعليمها الأول ابقي اركز في مصاريف جوازها ..

_ ربت ماهر علي فخذ منصور بحب واردف :-
_ سيبها علي الله وعليا يا منصور أنا متكفل بجهازها كله المهم انت تختار راجل من اصل طيب يحافظ علي البت

_ أسرع منصور بالحديث بإمتنان شديد :-
_ ده كتير اوي يا حج ماهر مش عارفين نودي افضالكم دي فين

_ أضافت سعاد علي حديث منصور ممتنة :-
_ ربنا يبارك في صحتك يا حج ماهر ويخليك لينا يارب

_ إلتوي ثغر ماهر بإبتسامة راضية كذلك منصور وسعاد التي تبادلا النظرات بسعادة عارمة ..

_ كانت تطالعه منذ حضوره ، تنهدت ثم سارت نحوه وجلست أمامه وأردفت بحفاوة :-
_ اخبارك ايه يا هاني ؟

_ رفع هاني بصره عليها وشكل ابتسامة لم تتعدي شفاه واجابها :-
_ الحمدلله انتي أخبارك ايه يا دعاء ؟

_ ابتسمت هي بسعادة لسؤاله عليها علي الرغم من كونه سؤال عابر وأجابته بنبرة متحمسة مليئة بالحيوية :-
_ أنا كويسة جدا

_ هز هاني رأسه والتزم الصمت لبرهة ، قطعت ذاك الصمت قائلة :-
_ مش ناوي تتجوز تاني ؟

_ رمقها هاني شزراً لتدخلها في خصوصيات ليست من شأنها معرفتها علي الإطلاق ، سحب نفساً وأردف بجمود :-
_ بسمع أنك اطلقتي

_ أماءت دعاء رأسها مؤكدة حديثه وقالت بأسف :-
_ فعلاً ، ٤ سنين ضاعوا من عمري مع راجل مش شايف غير نفسه وبس لدرجة اني نسيت اني انثي وليا حقوق بس ها الحمدلله اني خلصت منه ، بس احسن حاجه عملها ليا أنه سابلي تيا بجد الاطفال دي نعمة من عند ربنا بتهون عليا كتير ..

_ إلتمعت بؤبؤتي هاني بحزن استشفته دعاء وأسرعت مضيفة :-
_ بس بزعل لما بتسأل علي والدها ومش بعرف اجاوبها واقولها ايه ، نفسي بنتي تعيش حياة طبيعية بين أب وأم و..

_ قاطعها هاني حينما استشف ما ترمي إليه ونهض بعصبية وصاح بحدة لكي ينهي ذلك الحوار :-
_ فرحت أني شوفتك ويارب تلاقي أب لبنتك في أقرب وقت ..

_ ألقي هاني بحديثه الذي يحمل لها رسالة استشفتها دون مجهود ، تحولت تعابيرها الي الضيق وتمتمت بغضب :-
_ غبي

_ مين ده اللي غبي يا دعاء ؟
_ رفعت دعاء بصرها علي مؤنس وهتفت مستنكرة ذلة لسانها :-
_ ها ، لا أبدا يا بابا أنا مقولتش كده ..
___________________
_ نادي بصوته الرخيم علي أحد الأطفال ، جائه أحدهم متسائلا :-
_ نعم يا عمو ؟

_ ابتسم إليه هاني وناوله بضعة حقائب بلاستيكية وأردف وهو يشير بيده علي منزل ما :-
_ شايف يا حبيبي البيت اللي هناك ده ، خبط علي الباب وسيب الشنط دي هناك
_ ناوله هاني ورقة مالية لكي ينفذ ما أمره بفعله ، تقوس ثغر الصبي بابتسامة عريضة وأخذ منه الحقائب ووضعها أمام المنزل ثم طرق الباب قيد انتظار ظهور أحدهم ..

_ فُتح الباب وظهرت رنا من خلفه ، أصاب حدسها الأنثوي عندما رأت الحقائب التي تأتيها كل آخر يوم في الأسبوع ولا تعلم مصدرها ، جابت بعينيها المكان ربما تري من ذاك الكريم الذي يهتم لمأكلاها ومشربها وأيضا يدفع ايجار منزلها الصغير ..

_ تنهدت بحزن عندما فشلت في إيجاد أحدهم ثم استدرات بجسدها وولجت الي الداخل بعد أن أوصدت الباب ، انسدلت عبرات هاني رغماً عنه وهو يري وضعهم الذي تحول الي الاسوء ..

_ عزم علي نسيانها مراراً لكن يغلبه قلبه دائماً ، لم يستطيع نزعها من قلبه ، يعيش صراع بين قلبه الذي يريد عودتها مرة أخري وبين عقله الذي يأبي إعادتها فما فعلته لبس بهين مطلقاً ..

_ تحولت تعابيره الي الشدة والقسوة عندما تذكر أفعالها الدنيئة ومجراته معها فيما تفعله دون تفكير في عواقبه ، استدار بجسده وعاد الي عمله سريعاً لكي يشغل نفسه ولا يفكر بها ..

_ فُتح الباب وظهر من خلفه الصغير ، فارتخت ملامح ريان ببعض الراحة وأسرع في حمله قائلا :-
_ انت عارف ان محدش يقدر يعمل الحركة دي غيرك ياض انت ويدخل عليا من غير استئذان!

_ ابتسم تميم ببلاهة فهو يعتقد أن والده يداعبه ، لم يستطع ريان التمالك امام ابتسامته التي يعشقها كثيراً فهي تشبه عفوية وبراءة والدته ،

_ وضعه علي الفراش وبدأ يدغدغه بمرح ، دلفت عنود خارج المرحاض علي أصوات ضحكاتهم ، وضعت يديها في منتصف خصرها أعلي المنشفة المحاوطة لجسدها وأردفت بتذمر :-
_ بتلعبوا من غيري ؟

_ رفع ريان رأسه عليها ثم قفز من علي الفراش وهرول نحوها وبحركة سريعة رفعها عن الأرض ثم ألقي بها علي الفراش وبدأ يدغدغها هي الأخري ولم يكترث لصراختها المدوية في الغرفة ..

_ صدح آذان العصر فنهض ريان وحظي بإستحمام سريع ثم هبط إلي حيث الجميع برفقة عنود ، اعتدل الجميع في صفوفهم مشكلين صفوف الرجال في الامام وصفوف النساء في الخلف ، وقف ريان إماماً لهم ثم هتف بأعلي صوته :-
_ ساوو صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة ، الله أكبر


تمت الرواية كاملة عبر مدونة دليل الروايات
  • الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية المعلم" اضغط على اسم الرواية 
رواية المعلم الفصل السادس والثلاثون والاخير 36 بقلم تسنيم المرشدي
Novelist

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  • Unknown photo
    Unknown30 مارس 2022 في 8:27 م

    انتي لية بتظلمي الزوجة الأولي لية ما فيش حل غير الجواز التاني دينا كويسة المفروض تعالجي المشكلة مش تداوي مشكلة بجرح كبير

    حذف التعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent