Ads by Google X

رواية ليتني مت قبل هذا الفصل الاول 1 بقلم نعمة حسن

الصفحة الرئيسية

 رواية ليتني مت قبل هذا الفصل الاول بقلم نعمة حسن

 رواية ليتني مت قبل هذا الفصل الاول

في منزل عريـق بحي راقي بالإسكندرية تجتمع أسرة ميسورة الحـال حول مائدة فخمـة تحتوي علي كل ما لذ و طاب إحتفالاً بـفطور أولي أيام شهر رمضان المبارك فكان يترأس المائدة كبير الأسـرة " علي الهنداوي "رجلٌ ذات هيبه و وقار قد زيّن الشيب رأسه ليفصح عن بلوغِه السبعين عاماً أو يزيد، يجاوره عن يمينه ولده الأكبر
"سليمان" ذو الأربعون عاماً و زوجته "صافيه" تجلس أمامه علي الجانب الآخر للمائدة، يتبعه الأخ الأوسط "عبدالقادر" و الذي يبلغ خمسة و ثلاثون عاماً و زوجته "زينب" تجلس إلي جانب "صافيه"، يتلوه الأخ الأصغر"يحيي" إبن الثلاثين عاماً و تجلس أمامه زوجته "يُسر" التي تحمل طفلتها الرضيعه "نور" و إلي جانبها طفلها " زياد".

حمحم الأب بقوة وهو يبسط ساعديه و يثنيهما في حركةٍ سريعه إستعداداً لتناول الطعام و قال بصوتٍ قوي: كل سنه وإنتوا طيبين يا ولاد.. يلا بسم الله.

ردد الجميع دعاء الإفطار و بدأوا بتناول فطورهم و كلٌ منهم يستعيد ذكريات الأعوام الماضيه ليقول" علي": إدعوا لـ زاهيه الله يرحمها، النهارده تالت رمضان نفطر من غيرها.

دعا الجميع لها بالرحمه لـ يبادر سليمان قائلاً: ربنا يطولنا في عمرك يابا و دايماً متجمعين علي حسك.

هنا برز صوت يُسر تقول: أظن بكرة الفطار عندك يا عمو سليمان، إحنا متعودين علي كده، و بعد بكره عند عمو قدّورة.

رمقها سليمان بنظرات خاطفه متفحصه قبل أن يقول: أكيد إن شاءالله، هو شهر في السنه اللي بنتجمع فيه.

تداخل صوت زينب وهي تقول: و إنتي حسبتي الحسبه كده يا ست يُسر و طلعتي نفسك منها، مش ناويه تعزمينا يوم ولا إيه؟

_لاا يا زيزي ما إنتي عارفه إني مليش في جو العزومات و الطبخ و كده، لو تحبوا تفطروا ديليفيري ماشي.

لوت زينب جانب شفتيها بسخريه و قالت: ديليفيري؟! لأ يختي منجلكيش في ديليفيري، إحنا رمضان بالنسبه لنا طبيخ كتير و حلل و دوشه و حاجات كده متفهميش فيها إنتي يا بتاعة الديليفري.

أومأت يُسر بموافقه وقالت: خلاص هبقا أشوف و لو كده هخلي "غزل" تبقا تطبخ معايا.

إنتبه "علي" و نظر إلي صافيه قائلاً: أومال صحيح فين "غزل" يا صافيه؟!

تنهدت صافيه بيأس و قالت: غلبت معاها يا حج والله إنها تقعد تفطر معانا بس هي بتتكسف زي ما إنت عارفها.. قاعده بتفطر جوا مع "أم حسين".

صدح صوته الجهور منادياً: غززززززل.

إنتبهت" غزل "علي نداؤه لتنهض سريعاً عن الطعام و تذهب إلي الخارج تتهادي خطواتها بإستحياء و نظرت إليه بإبتسامه هادئه و أردفت: نعم يا عمو علي؟

إبتسم هو بإتساع و قال: مبتقعديش تفطري معانا ليه؟! عايزاني أزعل منك؟!

أفتر ثغرها عن إبتسامه صافيه وقالت: لأ طبعاً يا عمو مقدرش علي زعلك، بس أنا بفطر مع خالتي أم حسين عشان متفطرش لوحدها.

أومأ موافقاً و قال: ماشي يا آنسه غزل.. وهو كذلك.

برز صوت" يُسر" متأففاً فقالت: غزل خدي نور شيليها لأني مش عارفه أفطر منها.

نظرت إليها غزل بتعجب و همّت بقول شئٍ ما قبل أن يهمس إليها "يحيي" قائلاً: و هي غزل مش هتفطر ولا إيه؟! هاتي نور أشيلها أنا.

هنا تفوه الأب قائلاً: روحي يا غزل كملي فطارك يلا و لما تخلصي فطار إعمليلي كوباية شاي حلوة من إيديكي.

أشارت غزل إلي عينٍ تلو الأخري و أردفت: من عنيا حاضر.

حمحم سليمان بصوته الغليظ قائلاً: الحمدلله.. ربنا يديمها علينا نعمه و يحفظها من الزوال.. كل سنه و إنتوا طيبين جميعاً و الفطار بكرة عندي إن شاء الله.

أومأ الجميع موافقاً ليقول "عبدالقادر": بإذن الله أنا و يحيي نازلين القاهرة بكرة عشان نستلم البضاعه الجديدة.. لو لحقنا الفطار خير، ملحقناش تتعوض بقا.

أومأ سليمان بتفهم وقال: إن شاءالله.. بس قبل ما توصلوا تكلموا التاجر تبلغوه إنكوا علي وصول عشان يجهز لكوا البضاعه و متتأخروش شبه النوبه اللي فاتت.

قال يحيـي: أنا هكلمه علي بيات كمان عشان يكون علي علم بسفرنا ليه بكرة و يجهز الخامات كلها من دلوقتي.

هز سليمان رأسه بتأييد وقال: عفارم عليك.. يلا أستأذن أنا عشان ألحق المغرب.. سفرة دايمه يابا.

_يدوم عزك يبني..هاا يا زينب قربتي ولا لسه؟!

قالها متوجهاً بحديثه نحو زينب وهو يشير برأسه إلي بطنها المنتفخ فقالت: والله يا حج منا عارفه.. بس هانت أهي.

أومأ مبتسماً وقال: ربنا معاكي.. أومال" سيف" إتأخر ليه مش قولتوا هيخرج من الدرس أدان المغرب!!

ليقاطع حديثه دخول "سيف" محدثاً صخب و قال: السلام عليكم.. جعاان ياما إلحقيني.

ضحك الجميع فقال جده: إبن حلال، لسه جايبين في سيرتك، يلا غسّل وشك و إيديك و تعالي كُل بسرعه.

نهضت يُسر عن الطعام وقالت مناديه: غزل.. يا غزل.

قالت صافيه: عايزة غزل في إيه يا يُسر؟

_تيجي تشيل نور علي ما أغسل إيديا.

طالعها يحيي مستاءاً وقال: هاتي نور و أنا أشيلها و روحي إغسلي إيديكي.

ثم قال بغضب: مش كل شويه يا غزل يا غزل، البنت مش شغاله عندنا.

خرجت غزل من المطبخ تقول: أفندم يا أبله يُسر.. عاوزه حاجه؟!

نظرت يُسر إليها بتجهم و عبس وجهها فقالت: إيه أبله دي هو إنتي شيفاني إيه؟!

نظر إليها الجميع بضيق فقال يحيي: خلاص يا يُسر بقا.. روحي إنتي يا غزل خلاص.

أومأت غزل بموافقه و إنصرفت لينهض يحيي عن المائدة و يلتقط طفلته من بين يدي أمها ويقول بضيق واضح: كل سنه و إنت طيب يا حج و بعودة الأيام.

ثم نظر إلي يُسر وقال: أنا طالع.. خلصي و تعالي.

صعد يحيي إلي شقته ليجد زوجته تتبعه علي الفور فنظر إليها بضيق و قال: مش هتبطلي حركاتك السخيفه دي بقاا يا يُسر؟! قولتلك 100 مرة بلاش تضايقي حد بأسلوبك ده و بالأخص غزل....

قاطعته وقد إشتعل فتيل غضبها و قالت: أيواااا.. إشمعنا غزل بقا اللي هتموت عليها كده و مش عايز حد يمسها بكلمة!

نظر إليها متعجباً وقال: بردو يا يُسر؟! رجعنا لنفس الحوار الأهبل ده؟! قولتلك مليون مره غزل دي أختي.. أنا اللي مربيها و من هي عيّله لسه من أول ما بدأت تيجي عند صافيه من سنين السنين..وبعدين كلنا هنا بنعتبرها من أهل البيت و هي بتحب الكل هنا و بتعاملهم بعشم و أخويه..و إنتي عارفه إن أبويا بيعزها و دايماً يقول بت يتيمه متكسروش خاطرها.

ثم تمتم بإستنكار: و بعدين يبقا في تمييز شويه يعني ده أنا أكبر منها ييجي كذا سنه!

نظرت إليه بإستخفاف وقالت: بس دلوقتى مبقتش عيله صغيره يا يحيي، و بصراحه بقا أنا لما بشوفها هنا بتغم و العفاريت بتركبني.

قلّب كفيه متعجباً وقال: لا حول ولاقوة إلا بالله.. و أنا مالي بقت عيله ولا مبقتش عيله.. أنا مال أبويا هو أنا هتجوزها.. وبعدين بقوللك أختي.. فاهمه يعني إيه أختي!! ثم إن يعني إيه لما بتشوفيها هنا بتتغمي؟! إنتي عيزاها تبطل تزور عمتها عشان خاطرك ولا إيه؟!

قالت بجدال: بس الزيارة بتبقا يوم ولا إتنين.. دي لما بتيجي عند صافيه كأنها لزقت بـ غرا...

قاطعها بعصبيه و صاح متشنجاً فقال: يُسر بقولك إيه أنا مش رايق لكلام النسوان ده عالمسا.. تقعد يوم تقعد شهر هي مش قاعدة علي قلبك.. و إنتي عارفة إن هي بتيجي تقعد مع صافيه تونّسها مش جايه عياقه.. و هعيدها لك لآخر مرة....

ثم أشار بإصبعه بإتجاه رأسها وقال: الكلام الفاضي اللي حطاه في دماغك ده هيتعبك.. كبري عقلك كده و إعرفي إنتي إيه و هي إيه هتلاقي نفسك إرتاحتي.

راقتها كلماته فإقتربت منه لتلصق به بغنج و راحت تعبث بأزرار قميصه وهي تنظر له بخبث وقالت: قوللي إنت أنا إيه و هي إيه؟!

هز رأسه يائساً ثم إبتسم و أحاطها بكلتا يديه يقربه منه أكثر وقال: عليا الطلاق إنتي مجنونه و مخك ضارب.. بقا يا عبيطه حد يتجوز برنسيسه زيك و يبص لأي واحده خلقها ربنا؟! حتي لو كانت حوريه نازله من الجنه.

إبتسمت بسعادة ليستكمل حديثه قائلاً: و بعدين يا يُسر إنتي مراتي و أم بنتي..يعني كل حاجه بالنسبه ليا.. أول واحده حبيتها و أول واحده عرفتها و أول واحده لمستها... هااا.

قال الأخيره غامزاً إياها بعينه وهو يضحك بعبث ويقول: واخد بالك إنت يا جميل؟!

صدحت ضحكاتها عالياً ليقول: الله أكبر..بقولك إيه أنا داخل أريح شويه.

أومأت بموافقه ليسير بإتجاه الغرفه و ينظر خلفه ليجدها ما زالت بمكانها فقال: يا بت بقولك داخل أريح شويه.

ضحكت بشده وقالت: الله.. مش تقول.

قال مشاكساً: ماهو الفجر مبيقولش.. الفجر بيدخل علي طول.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالأسفل في شقة "صافيه" كانت تجلس "زينب" تحمل طبقاً كبيراً من الحلويات الشرقيه تتناوله بنهم وهي تثرثر قائلة: شوفتي السهونه اللي إسمها يُسر و عمايلها.. بت تحسي إنها راضعه سم و العياذ بالله.

أتاها صوت "غزل" من خلفها وهي تلتقط طبق الحلويات من بين يديها وتقول: يعني تفضلي صايمه طول النهار يا زوبه و تضيعي صيامك علي ست يُسر دي! إتقي الله.

نظرت إليها زينب و قالت: يُسر.. و ما أدراكي بـ يُسر يختي، دي ميه من تحت تبن، حربايه و بتتلون علي كل لون شويه إسأليني أنا،أنا اللي عرفاها و حفظاها، سيبك من عمتك دي خايبه و قلبها قلب خصايه و بيتضحك عليها بكلمتين.

غمزتها غزل بمشاكسة وقالت: يا واد يا شبح إنت.. بس إيه رأيك في الأكل النهارده؟! كان فخامه مش كده؟!

لوت زينب شفتيها وقالت: بورريه منك يبت وإنتي طالعه لعمتك مبتحبيش تجيبي في سيرة حد.. غيرتي الموضوع في ثانيه.

نظرت صافيه و غزل إلي بعضهما البعض ضاحكتين فهزت صافيه رأسها بيأس وقالت: مهو ده الصح يا زينب و إحنا يعني هنستفيد إيه لما نتكلم علي دي و دي.. دعِ الخلق للخالق.

مصمصت زينب شفتيها وقالت: طيب يا شيخه خضرا إنتي و بنت أخوكي فوتكوا بعافيه بقا أطلع أجهز لـ قدّورة هدومه عشان ماشي بدري.. تصبحوا على خير.

مشت زينب بخطوات متثاقله تجر قدماها جراً حتي صعدت إلي شقتها فقالت غزل التي كانت تنظر في أثرها: يا ساتر منها.. ربنا ما يوقعنا في لسانها.

ربتت صافيه علي كتفها وقالت: زبنب طول عمرها بتحب الكلام الكتير، مش جديد عليها يعني،المهم قومي يلا نامي عشان هصحيكي علي السحور و إنتي لو صحيتي مش هيجيلك نوم تاني، خليكي تمشي بكره وإنتي فايقه.

تثائبت غزل وقالت: أه والله فكرتيني.. والله يا عمتو علي عيني إني أسيبك.

غمزتها صافيه وقالت: يا بت؟! علي عينك إنك تسيبيني أنا بردو؟!

إبتسمت غزل بحزن وأردفت و هي تنظر للأمام بألم داخلي يسكن بين أضلعها: مش فارقه يا عمتي..القلب إتكسر من زمان و سيبت زي مسيبتش واحد.

ربتت صافيه علي خدها برفق وقالت: كله نصيب يا غزل يا بنتي.. ربنا يعوض عليكي باللي يريح قلبك ويسعدك.

أومأت غزل بهدوء و نهضت لتدلف إلي غرفتها و تدثرت بغطاءها جيداً و شردت تفكر بهِ مهلك قلبها و مؤرق مضجعها قبل أن يغلبها النعاس و تستسلم لـ سلطانه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد آذان الفجر صلّي يحيـي فرضه و ودّع زوجته و أطفاله
قائلاً: إن شاء الله هنحاول نستلم بسرعه و نرجع قبل الفطار و لو ملحقناش هنفطر في الطريق و إبقي إفطري إنتي و العيال مع الجماعه عند سليمان.

أومأت يُسر بموافقة ليبتسم لها قائلاً: و مش عاوز مشاكل، أنا فهمتك كل حاجه و لما أرجع هفهمك بزيادة.

إبتسمت بإتساع وقالت: اللهم أني صايمه.. يلا إتكل علي الله و متنساش تجيبلي الحاجات اللي كتبتهالك في الورقه.

أشار إلي عينٍ تلو الأخري و قال: من عنيا الاتنين.. لما نور تصحي بوسيهالي و خلي بالك منها و أكليها كويس.

_حااضر، مع السلامه.

نزل يحيـي من شقته ليطرق في طريقه باب شقة عبدالقادر قبل أن يفتح له الباب وهو يستعد فقال: ثواني بس يا يحيـي هجيب الفلوس و أنزل.

قال: ماشي براحتك أنا هستناك تحت.

نزل يحيي درجات السلم ليتصادف مع إنفراجة باب شقة سليمان قبل أن تخرج منه "غزل" التي إبتسمت فور أن رأته و قالت: صباح الخير.

إبتسم بلطف كبير و أردف: صباح الخير يا غزال، علي فين كده؟

إتسعت إبتسامتها أكثر لمناداته لها بذلك اللقب الذي طالما ناداها به منذ طفولتها فقالت: ماشيه بقا عشان بابا ميفطرش لوحده النهارده كمان.

قال متعجباً: ماشيه بدري كده! طب إستني لما النهار يطلع طيب.

أردفت بودٍ: لا مفرقتش بقا.. أبو حسين هيوصلني.

أومأ موافقاً وقال: توصلي بالسلامه إن شاء الله.. مش عاوزة حاجة أجيبهالك من مصر؟!

تمتمت بهيام دون وعي منها: عاوزة سلامتك و بس.

إبتسم وقال: الله يسلمك يارب.. طب عن إذنك أنا بقا.

ولّاها ظهره لتناديه هي قائلة: يحيـي.

إستدار ناظراً إليها بإنتباه مستفهم ليجد وجهها و قد أصبح كتلةً حمراء فعلم بخجلها لأنها نطقت إسمه دون ألقاب فقال: نعم يا غزل؟! كنتي عايزة حاجة؟!

لم تجب سؤاله و لكن إمتدت يدها إلي حقيبتها و أخرجت منها مصحفاً صغيراً و أعطته له وقالت: خد المصحف ده خليه معاك.. ترجع بالسلامة إن شاء الله.

إتسعت إبتسامته وقال: متحرمش منك يا غزل.. شكراً بجد....

قاطع حديثه رنين هاتفه فأجاب وهو ينظر لها متعجباً ويقول: ده قدّورة.

_ألو.. أيوة يا قدّورة؟!
=أيوة يا يحيـي بقولك.. زينب شكلها كده هتعملها النهارده و مش عارف أعمل إيه؟! آجي ولا أخليني معاها.
إبتسم يحيـي قائلاً: والله مراتك دي مستقصداني، يعني يوم ولادة سيف كنت أنا مسافر و معرفتش تيجي توصلني و دلوقتي محبكتش تولد غير في يوم زي ده! خليك معاها يا عم و أنا هروح لوحدي.
=معلش يا يحيـي غصب عني والله، بس أنا مش ضامن ترجع تولد و أنا مش هنا و محدش هيسلك معاها غيري.
_ولا يهمك يا عبدالقادر، ربنا معاها و تقوم بالسلامه إن شاءالله.

أنهي يحيي حواره الهاتفي و قال موجهاً حديثه إلي غزل: قدوره مش هيعرف ييجي معايا عشان زينب هتولد.. هضطر أمشي لوحدي بقا.

تهلل وجهها وقالت بحماس: بجد زوبه هتولد!! ده أنا كده مش ماشيه بقا، أصل أنا بحب اللحظات التاريخيه دي.

تشدق ضاحكاً فقال: طيب يستي خليكي إنتي إحضري اللحظات التاريخيه دي و أنا هطير بقا عشان ألحق أوصل قبل الميعاد.

أومأت موافقه وقالت: ربنا معاك.. مع السلامه.

نزل يحيـي إلي شقة والده و طرق الباب قبل أن يدلف إلي غرفته فوجده قائماً يصلي فإنتظر حتي إنتهائه و تقدم منه مقبّلاً يداه و قال: أنا ماشي يابا، عايز حاجه؟!

ربت والده علي كتفيه قائلاً: ربنا يسهل عليك يبني، تروحوا و ترجعوا بالسلامه.

_قدورة مش جاي أصل مراته شكلها تعبانه و بتولد.

=وهو كذلك.. ربنا يسترها معاك.. مع السلامه.

إنصرف يحيـي للخارج و إستقلّ سيارته و إنطلق بها نحو القاهـرة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إرتفع صراخها و زلزل جدران البيت محدثاً ضجه عارمه، لقد إشتدت آلام المخاض حتي شعرت بأنها ميته لا محاله، إجتمع الكل في شقة زينب و عبدالقادر ينتظرون قدوم وليدها الذي طال إنتظاره بعد مجئ شقيقه الأكبر "سيف" لتعلن صرخاته الضعيفه عن قدومه إلي عالمهم فـ تهلّل وجه الجميع مستبشرين قبل أن تخرج صافيه من الغرفه تحمله بين ذراعيها وهي تضمه إلي صدرها بإشتياق و لهفه كما لو أنها من أنجبته لتتقدم من الجد الذي نهض يستقبل حفيده الأصغر باسماً و حمله بحب قائلاً: بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله ماشاء الله.

ثم إنحني ليطبع علي جبينه قبلةً لتقول صافيه: شبه مين يا حج؟!

نظر إليها مبتسماً وقال: بالرغم من إن المولود عمره ما تعرفي تحددي له شبه، بس إبن الكلب ده جاي نسخه من عمه يحيـي.

أومأت صافيه بموافقه وقالت: معاك حق يا حج،أنا كمان أول ما شوفته قولت شبه يحيـي، يحيـي لما يرجع و يشوفه هيفرح بيه أوي.

أومأ ضاحكاً وقال: أوماال، الوحيد اللي نصفه و جه شبهه، ده عياله معملوهاش.

تقدمت يُسر منهم بسرعة وهي تحمل الصغير و تقول: يااتي علي الطعامه يا ناس، فعلاً شبه يحيـي خالص، عقبال ما تجيبي يا صافيه.

إنقشعت إبتسامة صافيه عن ثغرها و أومأت بهدوء فقالت: ربنا يخليكي يا يُسر، عن إذنكوا أشوف زينب.

كانت غزل تطالعها بحنق و غضب يملآها حينما رأتها تخرج هاتفها و تقوم بإلتقاط الصور للصغير برفقتها فقالت: بلاش صور يا أبلة يُسر، ده لسه بيبي مولود مينفعش يتصور.

نظرت لها يُسر بغيظ وقالت:ملكيش دعوه يا أبلة غزل، و بعدين أنا مش هوريها لحد يعني ده أنا هبعتها لـ يحيـي يشوفها.

قالت غزل بإندفاع: لا بلاش، أكيد سايق دلوقتي لما ييجي بالسلامة يبقا يشوفها.

رفعت يُسر إحدي حاجبيها بتعجب لرؤية لهفتها الواضحه و أردفت بفظاظة: ملكيش فيه!

كان "علي" يتابع الحوار بينهما بعينٍ خبيرة إلتقطت ما يدور في نفس كلاً منهما تجاه الأخري ليصدح صوته قائلاً: غزل معاها حق يا يُسر، متخليهوش يتلهي عن الطريق.

قالت يُسر مديرة دفة الحوار: هتسميه إيه يا بابا الحج؟!

هندم "علي" شاربه العريض بخيلاء و زهو قبل أن يتمتم قائلاً: يحيـي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان يسير في طريقه بتركيز و هدوء قبل أن يتوقف عندما رأي علي مدد بصره شاباً يشبهه في الهيئة و يقاربه في السن يقف علي جانب الطريق ينتظر مساعدةٍ ما فتوقف أمامه بالسيارة و أنزل زجاج النافذه و قال متسائلاً: يلزم خدمه يا ريس؟!

تحدث الشاب قائلاً: معلش يا ذوق تاخدني في طريقك بس للمينا.

_و ماله يا عم إنت علي دماغي.. إتفضل.

فتح يحيـي باب السيارة ليدلف ذلك الرجل وهو يمد يده ليصافحه قائلاً: أخوك بسّام.

صافحه يحيي بترحاب وقال: عاشت الاسامي يا بسام، يحيي الهنداوي.

_تشرفنا يا باشا، إنت من عيلة الهنداوي بتوع القماش؟!

أومأ يحيـي موافقاً ليقول الآخر: ماشاءالله، ده إنتوا صيتكوا ذايع و معروفين في كل حته، ربنا يزيد ويبارك.

=تسلم يا بسام، ده من ذوقك. و إنت بقا شغال في المينا؟

أومأ بسّام قائلاً: أنا شغال في أي حاجة و كل حاجه بتجيب فلوس، محسوبك فهلوي و بيعرف يجيب القرش من حنك السبع.

هز يحيي رأسه مرات متتاليه وقال: آاااه فهمت، بتهرب بضاعه مش كده؟!

مسح بسام جانب فمه و أردف باسماً: يعني حاجه زي كده، لو ليك أي مصلحه قوللي و أنا أقضيها لك بعون الله.

أردف يحيي ساخراً: يا عم بعون الله إيه، ربنا برئ من أمثالكوا، وبعدين أنا مليش في الشمال الحمدلله، أنا باكل لقمتي بالحلال و مقبلش أدخل مليم حرام علي ولادي.

إبتسم الآخر متهكماً وقال: يعمي متحبكهاش، منا ليا عيال زيك بردو و لو معملتش كده مش هلاقي العيش الحاف أأكله ليهم.

قال يحيي معترضاً: بيتهيألك، ربنا بيرزق بس إنتوا اللي بتستسهلوا الحرام.

إرتفع رنين هاتف يحيي و كان الإتصال وارد من زوجته ليجيب علي الفور قائلاً: ألو.

_أيوة يا يحيي، وصلت ولا لسه؟
=عالطريق أهو، إيه الأخبار؟
_تمام، زينب ولدت و جابت يحيـي.
=بسم الله ماشاء الله، ربنا يبارك و يخلي، كويس إنك بلغتيني عشان أجيب هديه للأستاذ يحيي وأنا جاي.
_ليه يعني مش لازم علي فكره؟ المهم إقفل كده هبعتلك صورته، نسخه منك.
=طيب إبعتيها قبل ما التليفون يفصل شحن، يلا سلام.

أنهي المكالمه لتصله علي الفور رسالة منها تحتوي علي صورة المولود فتحها ليرتفع حاجبيه بذهول ويقول: يابن الإيييييه، ده شبهي أكتر مني!

إنشغل بتكبير الصورة وهو يحملق بها و يتفحصها جيداً ليتفاجأ بصياح بسّام وهو يحذره من إقتراب سيارة نقل ثقيل "تريلا" و يصرخ قائلاً:

_حااااااااااسب!!!!

يتبع الفصل التالي: اضغط هنا

الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية ليتني مت قبل هذا" اضغط على أسم الرواي
google-playkhamsatmostaqltradent