رواية بحر العشق المالح الفصل الأول 1 - بقلم سعاد محمد سلامة

الصفحة الرئيسية

رواية بحر العشق المالح البارت الأول 1 بقلم سعاد محمد سلامة

رواية بحر العشق المالح كاملة

رواية بحر العشق المالح الفصل الأول 1

فى منزل كبير وفاره فى إحدى قرى محافظة البحيره 
على  رأس مائدة السفره  جلس ذالك الكهل 
"فهمى زهران" 
الذى إقترب عمره من السبعون 
نظر على يمينهُ قائلاً: 
فين عواد... محدش نادى عليه ولا أيه.؟ 
ردت إحدى الخادمات: 
أنا خبطت على باب  أوضته ورد عليا من غير ما يفتح الباب وقالى أنه مش نازل  عاوز ينام شويه. 
زفر فهمى نفسه قائلًا بضجر: وفين فاروق ومراته كمان، دى مبقتش لمة عيله كل واحد فى هوا نفسه، بعد كده الكل يكون على السفره. 
ردت ساميه قائله بتوريه: 
هدي نفسك ياحاج فهمى، ما هو عواد وفاروق راجعين وش الفجر... الشغل فى المزارع  عليهم كتير. 
نظر فهمى نحو تحيه قائلاً: إبنك أحواله مش عجبانى، هو خلاص عدا خمسه وتلاتين سنه ولسه متجوزش، إتكلمى معاه وشوفى له بنت ناس طيبين تلمه بدل السهر والسفر الكتير ده بدون أسباب. 
رد فاروق الذى دخل الى غرفة السفره: 
أنا بقول تسيب عواد على راحته بلاش تضغط عليه يتجوز، بدل ما يتجوز وميرتحش معاها ويرجع يندم بعد كده. 
ردت سحر زوجة فاروق  قائله: قصدك أيه بيندم بعد كده، كلام الحاج فهمى فى محله عواد خلاص عدا خمسه وتلاتين سنه زمايله معاهم عيال فى الاعداديه،ومن ناحية العرايس مين اللى سعد حظها يوقعها فى واحد من رجالة عيلة زهران،هو بس يشاور وانا أجيبله بدل العروسه ألف . 
رد فاروق بتعسُف: مالكيش دعوه  أنتِ عواد حر تحيه موجوده تختار له.
رد فهمى وهو ينظر لـ تحيه:إتكلمى مع عواد كفايه عذوبيه لحد كده يتلم بقى،يلحق يخلف له عيل ولا أتنين قبل ما العمر يسرقهُ.
ردت تحيه:حاضر شويه هطلع أصحيه وأتكلم معاه.   

 
بعد الظهر بنفس المنزل 
بجناح كبير مكون من غرفة نوم واسعه مُرفق بها حمام، أيضاً  صالون متوسط يفصل بينه وبين الغرفه باب صغير  من الستائر  .
إستيقظ على رنين هاتفه،مد يدهُ وجذب الهاتف ووضعه على أذنه وسمع حديث المُتصل عليه وأجاب بأختصار:
تمام هبات فى إسكندريه الليله وبكره بنفسى هكون فى إستقبال لجنه الصحه فى المصنع،بس إنت تمملى على كل شئ مش عاوزه أى غلط من أى شئ...أما أشوف آخرتها أيه مع الدكتوره اللى بتقول عليها دى.
وضع هاتفه على طاوله جوار الفراش ونحى غطاء الفراش عنه ونهض من على الفراش يرتدى سروالاً فقط ثم جذب علبة سجائره سحب منها سيجاره  ووضع العلبه مره أخرى مكانها وأخذ القداحه توجه ناحية شُرفة الغرفه ،أزاح تلك الستاره السوداء من على زجاج الشرفه وخرج من الغرفه،وضع السيجاره بفمه وقام بإشعالها ساحبًا نفس عميق منها وزفر دخانها ينظر من بُرجه العالى على المنازل حول منزله يكاد يرى أسطح معظم  البيوت القريبه منهم كلها،رفع بصره مبتسمًا يرى الشمس أصبحت  حرارتها شبه قاسيه فهم بمنتصف شهر يونيو وإشتدت الحراره قليلاً،زفر دخان السيجاره الى أن إنتهى منها ألقى عُقابها من الشرفه ثم دخل الى الغرفه منها الى الحمام وقف أسفل المياه الفاتره تبسم وهو يتذكر شئ رأه قبل قليل أثناء وقوفه بالشُرفه...
أوصد المياه بعد قليل ولف خصرهُ بمنشفه كبيره وخرج من الحمام الى الغرفه نظر أمامه غير متفاجئ بتلك الجالسه بالغرفه  يقول:
خير قولى اللى عندك.
نهضت ترد  عليه:إستر نفسك الاول وتعالى نقعد فى الصالون نتكلم كلمتين سوا.
رد عواد بفظاظه:قولى الكلمتين وخلصينى.
إبتلعت غصه بقلبها قائله:عواد بلاش طريقتك الجافه دى متنساش إنى أمك.
رد عواد بحُنق:للآسف مش ناسى إنك أمى،فقولى الكلمتين اللى جايه عشانهم.
إبتلعت ذالك العلقم بقلبها قائله:
عمك فهمى مش عاجبه سفرك الكتير وكمان سهرك بره البيت لوقت متأخر.
تهكم عواد قائلاً:وبيفكر يحبسنى فى البيت ولا يطردنى منه إياك وقالك تحذرينى الأول. 
ردت تحيه:
لأ طبعاً ده بيتك وإنت ليك   زيه فى أملاك عيلة زهران،هو طلب منى أقولك تتجوز،إنت خلاص عديت الخمسه وتلاتين سنه،إبنه ماجد فى نفس سنك وبقى معاه بنتين والأتنين اللى وراه خاطبين وهيتحدد ميعاد جوزهم قريب...أيه رأيك أشوفلك بنت ناس طيبين وتتجوز معاهم.
ضحك عواد بفظاظه قائلاً:تشوفيلى بنت ناس طيبين،متشكر لخدماتك أنا مش بفكر فى الجواز.
أقتربت تحيه من مكان وقوف عواد قائله:وهتفكر أمتى إما تتم الأربعين.
رد عواد:أفكر وقت ما أحب ولا مفكرانى بنت وهيفوتها قطر الجواز،ولا هتقولى لى الجواز سُتره. 
فهمت تحيه فحوى قول عواد وقالت له:
عواد لو فى واحده معينه عاوزه قولى وأنا أخطبها لك.
ضحك عواد قائلاً:أنا مفيش أى واحده فى دماغى،لا معينه ولا مُربعه،بقول تريحى نفسك وبلاش دور الأم  ده عليا،وفريه لبنتك غيداء،ودلوقتي إن كان الكلمتين اللى كنتِ جايه تقوليهم خلصوا ياريت تتفضلى تخرجى من الاوضه عاوز ألبس هدومى عندى سفر لإسكندريه ومش عاوز أتأخر على ميعاد القطر.
نظرت تحيه له بعين مُدمعه من قسوة رده عليها.
أشاح عواد بصرهُ عنها واعطاها ظهره غير مبالى لتلك الدموع التى تلألأت بعينيها.
خرجت تحيه بيأس فى إقناع عواد بالزواج.

 
بنفس الوقت 
بـ منزل يفوق المتوسط قليلاً،بنفس البلده 
على سطح المنزل 
خرجت من تلك العشه الصغيره  بين يديها علبه متوسطه من البلاستيك تحملها بحذر،إستنشقت الهواء قائله:
ياباى أيه الحر ده  أنا خلاص كنت هنكتم وانا بلم بيض الفراخ من قلب العشه،تلفتت يمينًا ويسارًا قائله:
أما أنزل بسرعه أخفى البيض ده قبل ماما ما ترجع وتقفشنى بيه وتصادره.
بينما بأسفل نفس المنزل دخلت أخرى 
إستقبلها أخيها بالترحاب قائلاً:
فاديه أختى الحنونه نورتى البيت.
إبتسمت فاديه وحضتنه قائله:إزيك يا هيثوم عامل أيه فى المذاكره.
تنهد بسأم قائلاً:أمتى أغمض عين وافتحها الاقنى خلصت الثانويه ودخلت كلية الطب.
تبسمت فاديه قائله:ربنا ينولك اللى بتتمناه أمال ماما فين والشعنونه صابرين.
ضحك هيثم يقول: ماما راحت عند مرات عمى،إنما الشعنونه لسه شايفها من شويه بتتسحب  وهى طالعه عالسطح، أكيد عشان تسرق البيض بتاع الفراخ زى عادتها وتاخده معاه لإسكندريه. 
ضحكت فاديه  قائله: طب هروح المطبخ أعملك قهوه تفوقك للمذاكره وأستناها على ما تنزل. 
تبسم هيثم لها بموافقه. 
بعد دقائق، نزلت صابرين تنظر حولها بترقب وذهبت الى المطبخ مباشرةً، لكن إنخضت قائله:. فاديه فكرتك  ماما. 
ضحكت فاديه  قائله: لأ ماما لسه مرجعتش من عند مرات عمك.
تنهدت صابرين براحه قائله:الحمد لله.
تبسمت فاديه تسأل صابرين بخبث:أيه اللى فى العلبه اللى معاكِ وضمها لصدرك قوى كده ليه؟ 
نظرت صابرين الى العلبه قائله: 
دى كنز  ماما سرقته. 
ضحكت فاديه  قائله: مش هتكبرى بقى وتبطلى تسرقى البيض من وراء ماما. 
ردت صابرين: هى السبب بتستخسروا فيا،وتقول هترقد الفرخه عليه، خلينى ادور على شوية رده أغرس فيهم البيض عشان ميتكسرش وأنا فى القطر. 
تبسمت فاديه قائله: ما هى ماما هترقد الفرخه عليه يفقس لها كتاكيت  صغيره. 
ردت صابرين: طب ما تغذبتى انا اولى بالبيض ده وبكره أتجوز و أفقس لها كتاكتيت ينوشوها. 
غص قلب فاديه بصمت. 
تنبهت صابرين لغصة فاديه وحاولت الترويح عنها قائله: 
إنتى بتعملى أيه هنا فى المطبخ. 
ردت فاديه: كنت هعمل لـ هيثم قهوه تفوقه للمذاكره. 
ردت صابرين بسخريه: والغبى ده كوباية قهوه اللى هتفوقه للمذاكره أقولك إعمليلى نسكافيه معاكِ  تلاته فى واحد،  دورى عليه فى أى ضلفه هتلاقى ماما مخبياه منى.
ضحكت فاديه قائله:ما أنتِ إيدك مش بتسيب حاجه الأ ما تبوظها عشان كده ماما بتبعدها عن إيدك
لوت صابرين شفتاها يمين ويسار بسخريه قائله:
بلاش تدافعى عن ماما يا فوفا هى أساساً بخيله عليا،وبعدين بدور على رده مش لاقيه فى هنا دقيق أهو يسد بدالها أغرس فيه البيض.
بعظ قليل قالت فاديه:أنا خلصت  القهوه والنسكافيه.
ردت صابرين:وأنا كمان خلاص غرست البيض فى الدقيق خلينا نروح أوضتى أخفيه فى شنطة هدومى قبل ماما ما ترجع من عند مرات عمى.
تبسمت فاديه لها قائله:.إسبقينى على أوضتك هودى 
لـ هيثم القهوه وأجيلك نقعد سوا.
تبسمت صابرين لها 
بعد دقيقه 
بغرفة صابرين دخلت فاديه تبتسم قائله:
ها قولى لى ماما راحت عند مرات عمك ليه؟
ردت صابرين:إنت عارفه إن مصطفى خلاص هيجى بعد أسبوعين و بعدها هنتجوز وراحوا يشوفوا الستاير،مرات عمك بترسم دور الملاك إنها بتاخد برأى ماما،وهى فى هتشترى على ذوقها.
ردت فاديه:طب ليه مروحتيش معاهم.
ردت صابرين:قولتلك فى الآخر هتجيب الستاير على ذوقها ليه أدوش نفسى،وممكن يتأخروا وانا لازم الحق قطر اسكندريه اللى هيقوم بعد العصر.
ردت فاديه بسؤال:انا ليه حاسه إنك مش متحمسه لجوازك من مصطفى من بداية الخطوبه حتى مكنتيش عاوزاه يكتب كتابكم فى أجازته المره اللى فاتت،وبالعافيه بابا أقنعك...مع إن مصطفى بيحبك.
شعرت صابرين بالغبطه قائله:معرفش،أنا لحد دلوقتي مش قادره أبلع حكاية إن انا ومصطفى نبقى أزواج ونعيش تحت سقف واحد،آه عارفه أنه بيحبنى من زمان،بس خايفه من مرات عمك،بشوف فيها صورة حماتك ماجده وتسلُطها،متزعليش منى أنتِ عندك قوة تحمل عنى أنا بتخنق بسرعه،وخايفه مقدرش أتحمل العيشه معاها فى نفس البيت،يمكن السبب اللى خلانى وافقت إنى تقريباً مش هعيش هنا طول الوقت،يعنى مصطفى هيقضى أجازته السنويه وبعدها يرجع تانى للسعوديه وأنا الفتره دى هاخد أجازه من شغلى فى إسكندريه ولما يسافر هستأنف الشغل تانى هناك،فـ مش هعيش معاها كتير،رغم ذالك متأكده أنها هتتصنع مشاكل بسبب شغلى فى إسكندريه.
ردت فاديه:طب ليه ما تخلى بابا يشوفلك واسطه تنقلك من إسكندريه لأى وحده بيطريه قريبه من هنا.
ردت صابرين:
أنا مستريحه فى شغلى هناك تبع وزارة الصحة بشتغل فى الفحص والتدقيق على  المنتجات الغذائيه،هنا هشتغل أيه فى الوحده البيطريه هعالج الفراخ ولا هولد الخرفان،وكمان أنا أتعودت على العيشه مع "صبريه" هسيبها لوحدها  هناك،دى بتصعب عليا.
تنهدت فاديه قائله: فعلاً أنا كمان بتصعب عليا،بس هى أختارت حياتها زى ما هى عاوزه ومش ندمانه.
ردت صابرين:فعلاً لما مره سألتها قالتلى أنا خدت من السعاده نصيبى وأكتر ومش حاسه بوحده قلبى دايمًا مشغول بــ مروان وحاسه روحه حواليا...تعرفى كان نفسى أتجوز عن قصة حب ولوعه زيها.
تنهدت فاديه قائله:بلا حب،بلا لوعه كله بيحصل بعضه،مش بيقولوا الجواز مقبرة الحب.
ضحكت صابرين قائله:لأ طمنتينى  وانا داخله على جواز بعد كام يوم،من الدكتور مصطفى إبن عمى.
ضحك هيثم الذى دخل عليهن يقول:
أنا هوصى مصطفى عليكِ هقوله صبحها ومسيها بالكرباج السودانى.
تهكمت صابرين قائله: إنت أيه اللى دخلك الاوضه يا جاثوم وبتدخل ليه فى كلام البنات. 
ضحكت فاديه قائله: جاثوم!  يا بنتى حرام عليكِ ده أخوكِ الوحيد مش عارفه ليه دايماً حاطه نقرك من نقره مع إن بينك عشر سنين بحالها. 
رد هيثم بإغاظه: بعيد عنك الغِل أصل أنا أما جيت خدت الدلع كله. 
نظرت صابرين  له بحُنق قائله: أمال مش ديك البرابر، يلا يالا غور من أوضتى روح ذاكرلك كلمتين ينفعوك . 
تبسم هيثم وجلس جوار فاديه قائلاً: أنا ضامن أدخل كلية الطب البشرى، مش هبقى زيك وأدخل طب حيوانات وعاوز أقعد شويه مع فاديه حبيبتى قبل ما تمشى، دى مبشوفهاش غير كل فين وفين... كله من حماتها الحيزبون.
ردت فاديه:عيب تقول كده على حماتى يا هيثم.
نظر هيثم لـ صابرين التى ضحكت وقال:
مش أنا اللى بقول دى صابرين هى اللى بتقول ربنا وعدنا أنا وأختى بحموات حيزبونات.
ضحك ثلاثتهم.
بينما نهضت صابرين قائله:وقت القطر هروح أنط فى الجيمبسوت وأرجع تانى.
بعد دقائق عادت صابرين نظرت لإنسجام فاديه وهى تشرح لـ هيثم إحدى المواد شعرت بالآسى عليها لكن قالت بمزح:
متتعبيش نفسك مع الحمار.
تبسم هيثم ونظر لها قائلاً:ماشى خلاص كلها أيام وأمتحن و هثبتلك بالبرهان إنى هبقى 
دكتور هيثم سالم التهامى طبيب جراح كمان. 
تهكمت صابرين  قائله: طبيب جراح  قلوب الناس أداويها، يا بنى عيلة التهامى للأسف مناصب فقط لكن فلوس متلاقيش، عندك ولاد عمك واحد كان صيدلي  والتانى مهندس ميكانيكا لما لقوا نفسهم لو فضلوا فى مصر مش هيلاقوا ياكلوا هجوا على بره... بس أقولك أسعى لهدفك الدكاتره  فى مصر لهم مستقبل زى الجزارين بالظبط. 
تبسم هيثم قائلاً: ما هم بيقولوا عالدكاتره جزارين، بس أكيد مش هخاف من الحقن زيك ولا بكره ريحة المستشفيات.
ردت فاديه:صابرين بتكره كل الروائح النفاذه حتى البرفانات.
نظر هيثم الى التسريحه بمكر،لاحظت صابرين ذالك وقالت له بتحذير:
أوعى تعملها.
لكن نهض هيثم سريعاً وأتى بتلك القنينه الموضوعه فوق التسريحه وأقترب من صابرين وقام بالرش عليها وألقى تلك القنينه فوق الفراش وغادر الغرفه سريعًا يضحك.
بينما وقفت صابرين مُغتاظه،وقالت لـ فاديه التى تضحك:
بتضحكى على أيه،الغبى غرقنى برفان،وخلاص الوقت آزف يادوب ألحق اوصل لمحطة القطر،ماشى بس أما ارجعلك مش هنساها يا حيوان.
ردت فاديه قائله:وفيها أيه ده برفان فرنسى بعطر الاڤندر. 
........... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد وقت بنفس اليوم 
بمنزل زهران 
أعطى عواد حقيبة ملابس صغيره لإحدى الخادمات قائلاً: خدى دى إديها للسواق وقولى له يجهز عشان يوصلنى لمحطة القطر. 
أخذت الخادمه الحقيبه قائله:حاضر،بس الحاج فهمى أمرنى أقولك أنه عاوزك فى اوضة المكتب.
أماء عواد لها براسه  
غادرت الخادمه  تفعل مثلما أمرها بينما عواد توجه الى غرفة المكتب ودخل مباشرةً،
رفع فهمى بصره له قائلاً:
أقعد يا عواد عاوزك فى موضوع مهم.
جلس عواد ووضع ساق فوق أخرى قائلاً:
خير أيه هو الموضوع المهم ده.
رد فهمى:موضوع مصنع إسكندريه وتقرير لجنة التفتيش بتاع وزارة الصحه،سمعت إن دكتوره هى اللى كتبته ووزارة الصحه بعتت إنذار غير أنهم هيفتشوا تانى المصنع.
رد عواد:ماجد اللى ماسك إدارة المصنع ده  وكذا مره قولت له يلتزم بتعليمات وزارة الصحه سواء كان فى الدبح او حتى تعبئة وتغليف المنتجات بتاعة المصنع لكن هو طبعاً عايش حياته مع مراته وسايب إدارة المصنع لرئيس العمال،أطمن انا بنفسى مسافر إسكندريه دلوقت وهكون فى إستقبال لجنة وزارة الصحه ووزارة الزراعه وهعرف اتعامل معاهم كويس.
تبسم فهمى قائلاً:تمام،فى موضوع تانى كنت عاوز افاتحك فيه.
نهض عواد قائلاً:لو موضوع يتآجل خليه لما أرجع من السفر من هولندا.
رد فهمى: إنت هتسافر من إسكندريه على هولندا،مش هترجع هنا قبلها.
رد عواد: أيوا هفضل فى إسكندريه يومين وبعدها هسافر على هولندا.  
رد فهمى: أنا مش عاجبنى سهرك و سفرك الكتير إنت لازم تتجوز بقى هتستنى لحد أمتى. 
رد عواد: دى حياتى وأعيشها زى ما انا عاوز محدش له دخل فيها. 
رد فهمى  بعصبيه: لا لازم أدخل  أما أشوفك بتغلط وكمان عشان سمعة عيلة زهران، الناس فى البلد بتتكلم  على قلة جوازك لحد دلوقتي. 
تهكم وجه عواد ضاحكاً يقول: والبلد 
خلاص فضيت مبقاش وراها غير نغمة جوازى، عالعموم لما أرجع من السفر  نپقى نتكلم فى الموضوع ده، دلوقتي لازم أمشى عشان ميعاد القطر. 
رد فهمى: هتسافر بالقطر ليه، ما تاخد عربيه بسواق توصلك لإسكندريه. 
رد عواد: لأ أنا مزاجى أركب قطر، عن أذنك. 
غادر عواد الغرفه، وترك فهمى يُزفر أنفاسهُ بقلة حيله. 
دخلت عليه تحيه  المكتب قائله: 
برضوا معرفتش تقنعه. 
رد فهمى: لأ حتى معطنيش فرصه قفل عالكلام وقال وراه سفر. 
تدمعت عين تحيه قائله: عواد لحد دلوقتي  مش قادر ينسى الحادثه  القديمه لـ باباه وسابت له أثر مش بس فى قلبه،كمان سابت له أثر على رجِلهُ، لو مش تحديه وقتها يمكن كان زمانه قعيد على كرسى متحرك لحد دلوقتي. 
......... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بنفق محطة القطار. 
أثناء سير صابرين صدح رنين هاتفها، أخرجته من حقيبة يدها ترد مبتسمه: 
أيه يا صبريه لدرجه دى وحشتك. 
ردت الأخرى: حبيبتى بطمن عليكِ ركبتى القطر ولا لسه. 
ردت صابرين: لأ لسه عشر دقايق على القطر أنا فى النفق اللى هيطلعنى على مكان وقوف القطر. 
ردت صبريه: طب توصلى بالسلامه، عملالك مفاجأه. 
تبسمت  صابرين قائله: أنا بحبك  وبحب مفاجأتك، يلا أنا خلاص قربت  عالسلم بتاع النفق. 
أغلقت صابرين الهاتف ووقفت كى تضعه فى حقيبة يدها 
لما تنتبه لذالك الذي  آتى من خلفها،ودون إنتباه كادت تلتصق بصدره  بسبب رجوعها خطوه للخلف تتجنب لاحد الماره، إصتدمت به،توقف للحظات 
، لكن وقعت حقيبتها يدها منها  على الأرض فـ أنزلت حقيبة ملابسها على الأرض جوارها
كاد الآخر أن يتعرقل في الحقيبه فدفعها بقدمهُ بعيداً  عن خط سيرهُ وأكمل طريقهُ. 
خبطت الحقيبه بأحد جدران النفق، تضايقت صابرين بشده وهى ترفع بصرها لمن دفع حقيبة  ملابسه بقدمه قائله: حيوان مش تشوف  رجلك  بتزق أيه. 
لكن هو نظر لها بتعالى وتركها وأكمل سيرهُ بلا مبالاه... لكن دخل الى أنفه تلك الرائحه النفاذه، جذبته جعلته يستدير بوجهه مره  أخرى ينظر لـ صاحبة عطر الاڤندر. 
........ ــــــــــــــــــــــــــــــ 
ليلاً
بـ منزل (جمال التهامى) 
وضع جمال الوساده خلف ظهره قائلاً: كان يوم مُتعب فى الوحده  الزراعيه، هلكت  بسبب  وتسجيل العقودات على الكمبيوترات. 
ردت زوجته عليع قائله: والله الحكومه مش لاقيه  لها شغلانه ما هى العقود متسجله فى الدفاتر لازمتها أيه بقى تتسجل عالكمبيوتر ويقولك كل حاجه  إليكترونى. 
رد جمال: التسجيل الاليكترونى أسهل بعد كده، بس تعرفى يا ساميه فى حاجه  أنا أكتشفتها وأستغربت منها وأحنا بنسجل العقود عالكمبيوترات النهارده. 
ردت ساميه بإستفسار: وأيه هى الحاجه الغريبه دى؟ 
رد جمال: فاكره الربع فدان اللى أبويا باعه لـ عواد زهران من عشرين سنه. 
ردت ساميه بحقد: الإ فاكراه، أهو باعه له بخس النهارده  يجيب الشئ الفلانى، سمعت إن القيراط الواحد بس معدى النص مليون جنيه، مش جنب طريق المحطه منه لله عواد زهران هو اللى خده غصب من أبوك...بس أيه الغريب فى كده 
رد جمال: تعرفى إن الربع فدان ده لسه بإسم أبويا فى سجلات الحكومه. 
إستغربت ساميه قائله: إزاى؟! 
رد جمال: معرفش، بس اللى فاكره  إن بعد أبويا ما باع الربع فدان ده إبن عواد زهران الكبير وإبنه إتصابوا، إبن عواد مات، وحفيده نجى بصعوبه وفقد المشي على رجِليه لفتره، حتى لغاية دلوقتي  بيعرج برجِله شويه. 
زاغت عين ساميه وأدارت الحديث برأسها يزرع الشيطان بعقلها الطمع. 

 
بالأسكندريه، بـ ڤيلا راقيه 
وضعت الخادمه حقيبة عواد بغرفته قائله: 
تحب أحضرلك العشا يا بشمهندس عواد. 
رد عواد: لأ مش جعان هستنى أتعشى مع الباقين، بس إعمليلى قهوتى، ساده. 
قالت الخادمه: حاضر، يا بشمهندس  عارفه قهوتك أيه. 
غادرت الخادمه الغرفه. 
بينما أخرج عواد علبة سجائره وأخرج واحده أشعلها بالقداحه يُنفث دخانها... لكن فجأه شعر برائحه مختلفه... 
رائحة عِطر فواح من أين آتى. 
تذكر تصادمه بنفق محطة القطار 
وجذب قميصه وأشتمه، متعحبًا كيف إلتصق هذا العطر بملابسه، هو تصادم مع تلك الزالفة اللسان بكتفها فقط 
خلع عنه قميصه ووضعه على أنفه قائلاً: 
عِطر الخزامى. 

يتبع الفصل التالي: اضغط هنا
google-playkhamsatmostaqltradent