Ads by Google X

رواية ظل السحاب الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم آية حسن

الصفحة الرئيسية

                   رواية ظل السحاب الفصل السادس والثلاثون بقلم آية حسن 


رواية ظل السحاب الفصل السادس والثلاثون

عقدت فريدة حاجبيها وهي تقطب وجهها بتجهم لتستمع إلى همسه وهو يرسم ابتسامة على محياه
: تقبلي تتجوزيني يا فريدة؟
كادت أن تزجره بقسوة شديدة، وأن ترمي بتلك العلبة في وجهه .. كيف تجرأ وطلب يدها هكذا بالشارع العام وكأن بينهما قصة حب مشيدة؟ كف عن تلك البسمة المزعجة أيها الأبله اللعين، قبل أن أقتلع فمك!
فتحت فمها وهي مستعدة للصياح لكن تفاجئت بالذي يمسك بـ عنق أسامة ويدفعه بعيدًا عنها حتى وقع في الأرض .. سقط فك فريدة من أثر الدهشة، 
فترى مراد يحدج بـ أسامة بشراسة، ثم اندفع برأسه نحوها شزرًا، فاهتز بدنها من تلك النظرة الحادة .. عندما وجدته يقترب منها بدأت هي بالتراجع للخلف بساقين مضطربة، 
ليختصر المسافة بينهما بخطوة واحدة مندفعة فيمسك بذراعها وتقاسيم وجهه بدأت بالتشنج، ليهتف بخشونة مستهجنًا
: بتعملي ايه يا فريدة؟ 
: مراد، هفهمك
همست متلعثمة وهو تترجاه بعينيها ألا يتهور .. لينهض أسامة من الأرض ويرفع برأسه نحو مراد الذي يمسك بـ فريدة، ثم تحرك إليه وهتف متذمرًا
: حضرتك إيه اللي عملته دة يا مراد باشا؟ ازاي تزقني وتوقعني كدة، وليه ماسك فريدة؟ ابعد إيدك عنها، وكلمني أنا!
لتتمتم فريدة في نفسها عندما رأت شعاع اللهيب الحارق يعود لحدقتي مراد 
"الله يخربيتك يا أسامة"
ليعود مراد برأسه إلى أسامة، ثم يرسم بسمة صفراء على ثغره، ويترك فريدة بهدوء، فتتعجب منه، لكنها تعرفه جيدًا وأن هذا الهدوء ليس إلا مجرد ستار لما يخفيه من غضب..
: أديني سبتها
قال مراد بنبرة هادئة وبنفس الابتسامة، ليعود أسامة ببصره ويهتف بتلجلج 
: تعالي هنا يا فريدة، متخافيش 
فور قوله شعر بالنار تسري في جسده، وبدون تردد التحمت يد مراد بوجه أسامة بلكمة قوية، جعلته يترنح بساقيه إلى الخلف، ثم يسقط على الأرض وهو يضع يده على فكه، وتأوه متألمًا.
غطت فريدة فمها بصدمة لما فعله مراد وهي تنظر لوضع أسامة، ثم حركت بصرها نحو الآخر الذي أمسكها من معصمها وسحبها معه، وقف فجأة ونظر أسفله ليدعس علبة الخاتم بقدمه بحنق.
----------
بعد وقت مراد أقلّ فريدة إلى بيتها، ولم يحاول أن يحادثها أو يتفوه بحرف، حتى هي طوال الطريق وما بين الثانية والأخرى، كانت تخطفه بنظرة سريعة، فترى العبس يسكن بوجهه، فلم تود أن يحدث شجار بينهما الآن.
_________
يجلس في مكتبه، يستلقي بظهره للخلف على المقعد، يتطلع ببصره إلى الأعلى، يفكر بالذي حدث بالأمس، يتذكر حبيبته التي يتقدم إليها شخصًا آخر في عرض الطريق أمام عينيه وهو يقف كالأحمق .. كان يود كسر عنقه وإلقاءه في أقرب صندوق مهملات هذا الأرعن، 
ألا يعرف أنها تخصه ولا يجب أن يتعدى حدوده معها، شعور بشع أن ترى من يهمك يقف مع غريب يحادثه برومانسية .. 
ليستفيق على فتح الباب وتدلف نانسي إليه، لتقول وهي تقلب عينيها بلهجة ملتوية
: الاستاذ عماد برة، تحب أدخله ولا أقوله مشغول!
نهض مراد من مكانه وهو يضيق عينيه محاولًا استيعاب ما سمع
: بتقولي إيه؟
حمحمت وقالت باضطراب من همسه الغامض
: بقولك إن الاستاذ عماد موجود برة وعايز يدخلك!
انتفخ وجهه بعبوس ثم خرج من خلف المنضدة ليخرج له فيجده يجلس على المقعد معطيًا ظهره، فيهتف 
: عماد...!
نهض مسرعًا وقال: نعم يا باشا؟
أشار إليه: تعالى
ليعود مراد مكتبه تحت نظرات غرابة من نانسي، ثم يتحرك خلفه عماد، فيقول مراد محذرًا أثناء رجوعه لمقعده
: آخر مرة اشوفك داخلة عندي عشان تاخدي إذن بدخول عماد، سامعة؟
رفع سبابته إليها متذمرًا، لتبتلع لسانها من نظرته .. فيقول عماد
: خلاص يا باشا، مفيش مشكلة هي بتعمل شغلها!
جزت نانسي أسنانها بحنق وهي ترمقه بغيظ، فيقول مراد بغلظة وهو يجلس
: اتفضلي على مكتبك، ومش عايز غلطات تانية عشان أنا صبري له حدود
خرجت وهي تشعر بالغيظ، لتجلس على مكتبها وتنفخ الهواء من فمها بقوة وتتمتم في عقلها ساخرة بحنق
: خلصنا من الست زفتان، جالنا سي عماد .. أنا قرفت منك يا مراد وكرهتك أوي بسبب المعاملة الزفت اللي بشوفها منك .. كل مرة بتزعقلي قدام اللي ميسووش، بس أنا خلاص مش هسكتلك تاني!
كانت تصطك على فكيها وتضم كفيها لبعضهم، وهي تشعر بالغليل يسري في قلبها اتجاه مراد.
--------
تسير في البهو ثم تذهب لتسأل موظف الإستقبال عن شيء، وبعد ذلك تتوجه نحو الممر الموصل لمكاتب الموظفين .. 
فتدلف داخل حجرة كبيرة بها مناضد كثيرة، وكل منضدة عليها حاسوب لوحي، جابت بعينيها تنظر للعاملين بحثًا عن نرمين، لتجدها تجلس ف المنتصف منهمكة ف العمل، فتصيح عليها بمرح، جعلت الموظفين يقومون برفع رؤوسهم بحركة واحدة..
: نرمين...!
تنهض بفرحة وتركض إليها تحتضنها: فريدة، إيه اللي جابك هنا يا بت! 
قالت بضجر: زهقت من قعدة البيت، قولت آجي أناغشك شوية
وكزتها بخفه ف ذراعها وهي تهمس بنبرة ماكرة
: بقا جاية عشاني؟ ولا عشان تناغشي صاحب الشركة!
رمقتها بنظرة لعوب وهي تبتسم، فتقرصها فريدة، وتهمس وهي تجز على أسنانها
: بطلي استفزاز يا حيوانة .. وبعدين منا لو جياله كنت طلعتله ع طول!
نفت وهي ترفع بكتفيها، بنبرة ناعمة مصطنعة، فتؤكد نرمين ساخرة
: لأ صح، لو كنتي عايزة، كنتي طلعتي ع طول!
زفرت فريدة بضجر وحنق لينتبها الإثنان وباقي الموظفين الموجودين بالغرفة، على أحدهم وهو يقول
: شباب .. تعالوا، مراد باشا عايزكم
لينهض الجميع من مناضدهم ويترجلوا خارج الحجرة، فتتساءل فريدة بابتسامة عريضة
: بت، هو هيرفدكم ولا إيه؟
: ومالك يختي فرحانة كدة ليه، وكإنه هيكافئنا؟
استنكرت نرمين وهي تعوج فمها بسخرية، فتنكزها فريدة بمرفقها بغيظ ثم تخرج أمامها لتجد مراد يقف عند آخر الدرج من الأعلى حتى يستطيع الجميع رؤيته وسماعه، ويقف بجواره عماد
فيبدأ بالهتاف بكل هيبة: أنا جمعتكم عشان أعزمكم كلكم بلا استثناء على حفلة عاملها، بمناسبة أننا حققنا نجاحات عظيمة السنة دي، وآخرهم المناقصة اللي رسيت على شركتنا،
وكمان هيكون فيها جوايز ومكافآت لكل الموظفين المميزين اللي اشتغلوا بجدية طوال السنة، و...
ليلمحها تقف من بينهم تتطلع إليه باهتمام كبير، شاردة في ملامحه الجذابة وبهيبته الطاغية .. حاول عدم التحديق بها والتركيز على ما يقول، فحمحم وأردف
: وطبعًا النجاح دة لينا كلنا لأن انتوا اللي وصلتوا الشركة أنها تاخد لقب أفضل شركة إنشاءات، والحفلة دي كتقدير للجهد اللي عملتوه، بتمنى تشرفوني .. شكرًا
انتهى من حديثه وكاد أن يذهب لولا أن أوقفه صوت عماد وهو يصيح 
: سقفة يا بت انتي وهو
ليبدأ الجميع بالتصفيق الحار تقديرًا وإكبارًا له، بما فيهم عماد ونيرة، والعم شفيق، الذين افتر ثغورهم بابتسامات فخر، 
ليهبط مراد ببصره نحو فريدة، فيجدها ناكسة وجهها لأسفل ويبدو عليه العبوس .. ليذهب كلًا من الموظفين لأعمالهم، فينتبه لقول عماد
: ألف مبروك يا بشابيشو 
: تاني يا عماد؟
قال متأففًا ليؤكد عماد يبلاهة: وتالت ورابع
: مبروك يا مراد، بجد فرحتلك أوي
قالت نانسي بنبرة رقيقة وهي تتقرب إليه بمكر كونها رأت فريدة، ليرد بجمود كي يوقفها عن التدلل بهذا الشكل المقزز
: متشكر يا نانسي
فينتبه على فريدة مرة أخرى .. والتي كانت تصطك على فكيها بقوة لأنها قد انتبهت على حركات نانسي اللعوب، فتستمع إلى قول نرمين
: الله يا جدعان أخيرًا هنحضر حفلة من بتوع الأكابر 
قالت بمرح، ثم تابعت: تعالي ارغي معايا شوية بقا
أمسكت بيدها لكي تعود بها إلى المكتب، لتوقفها فريدة بوجه كشر
: لا يا نرمين، أنا اتأخرت ولازم أمشي 
: ليه؟ انتي مش قولتي إنك جايالي؟
تساءلت نرمين متعجبة، وهي ترى علامات الاستياء بادية على معالمها
لتصيح فريدة مزمجرة: وعايزة أمشي يا نرمين فيه إيه!!
لتهم مغادرة بتأفف دون أن تلتف لذلك الذي يتابعها بعينيه، ويود أن يذهب ورائها لكن ما يمنعه هو استياءه لما رآه بالليلة الماضية.
_________
تجلس فوق الفراش، تضم ركبتيها لبعضهما وتدفن رأسها بهما وتبكي باستياء شديد .. لم تتحمل نظرة نانسي لـ مراد ولا غنجها عليه، وهي لم تستطع أن توقفها عند حدها، فهو لها، وفقط هي من لها الحق أن تتدلل عليه!.
اللعنة على نانسي قد جعلت قلبها يشتعل بنار الغيرة، ألا يكفي أن رغد قد أخذت ما أخذت منه؟ ألا يكفي أنها ليست أول أنثى بحياته؟ هل ستظل طوال حياتها وهي تحاول أن ترغمه على حبها؟ أليس لها الحق به؟ حتى هو لم يقلها، لم يقلها على الإطلاق فقط هي تتوهم ذلك!
شرعت في بكاء مرير ودموعها الكثيفة قد أغرقت ملامحها الصغيرة، لتستمع إلى صوت جرس الباب، وتهبط من السرير وهي تمسح عبراتها الهابطة، ثم تخرج من غرفتها وتسير صوب الباب تفتحه..
: فـريـدة
صاحت نيرة بابتسامة مرحة، واحتضنتها
: وحشتيني يا فيري يا حبيبتي
لتلاحظ سكوتها، فابتعدت عنها قليلًا وتساءلت عن صمتها
: مالك؟
: مفيش 
أجابت باقتضاب والوجوم يظهر على ملامحها، فتمسك نيرة بذقنها وترفع وجهها قليلًا إليها، فتهمس متسائلة
: انتي كنتي بتعيطي؟
أرسلت دموعًا في صمت على خديها الرقيق، لتندهش نيرة
: يا نهار أبيض، إيه كل الدموع دي، مين مزعلك يا فيري؟
سارت خطوتين وقالت وهي تمسح دموعها: ماحدش أصلاً يقدر يزعلني!
استشمت نيرة من نبرتها الحانقة، رائحة مراد، ومن غيره يجعل دموعها تسيل بهذا الشكل؟
لتقترب منها وتهمس: هو مراد كلمك؟
فتندفع برأسها نحوها وتحاول ألا تتذمر فقالت بهدوء مزيف
: لأ، وهو فاضي من الست نانسي أصلاً عشان يكلم حد؟ 
: شامة ريحة غيرة يا فيري!
قالت نيرة وهي تغمز، لتندفع فريدة نافية
: لا طبعاً
ابتسمت نيرة وهي ترمقها بخبث، ثم أخرجت ظرفان من حقيبتها وقالت
: على العموم، مراد باعت الدعوتين دي ليكي انتي وباباكي، عشان الحفلة اللي عاملها!
أعطتها الدعوات ثم أردفت فريدة وهي تكتم غيظها
: ويا ترى دي فكرة نانسي؟
قهقت نيرة: انتي حاطة نانسي ف دماغك ليه؟ وبعدين هو مراد بياخد أفكار من حد؟ 
نفت نيرة ثم أردفت: انتي بس البسي واتشيكي كدة زي عادتك الجميلة، وتعالي انتي وعز الحفلة وملكيش دعوة لا بنانسي ولا بحد تاني .. وع فكرة الدعوتين دول خاصين جدًا 
قالت ببسمة لعوب، ثم تطلعت فريدة بعينيها بعيدًا وهي تكتف يديها، ومثلت أن الأمر لا يهمها.
_________
عادت نيرة إلى المنزل لتنتبه على مراد وهو يجلس بالردهة أمام الحاسوب، فتتقدم نحوه وتلقي السلام عليه وهي تجلس بجواره، فرد عليها
: أهلاً يا نيرو، إيه التأخير دة؟
سأل كعادته مستفسرًا، ثم أجابت هي: أبدًا فضلت أنا وفريدة نرغي، وأدتها الدعوات!
ابتسم بحب عند ذكرها اسمها ثم أخفاها وقال بجمود طفيف
: وقابلتي أبوها؟
: لأ، مكانش موجود، بس هي كانت بتعيط
وعلى إثر قولها نهض مراد وكأن هزة أصابت قلبه، ليسأل وهو يعقد حاجبيه
: بتعيط؟ ليه؟
: زعلانة جدًا منك...
ليندفع برأسه إليها، فتردف: هي مقالتش صراحة يعني، بس أنا خمنت كدة من كلامها عن نانسي وطريقتها معاك، وكمان مكانتش عايزة تاخد الدعوات وقالتلي خلي نانسي تشبع بيهم!
أخبرته نيرة بنبرة خبيثة، وهي ترمقه بنظرة لعوب .. اختلقت كذبة مناسبة حتى ترى ردة فعله عندما يعلم برد فريدة الذي هو افتراءً منها.
: هي قالتلك كدة؟
سأل بهمس وهو يضيق عينيه، لترد بنفس نبرتها: أه، وكمان قالت إنها مش هتيجي
زم شفتيه وهو يحاول كبح جماحه، ثم هتف متأففًا وهو يشيح بيده
: إن شالله عنها ما جات 
ثم صعد إلى غرفته، وأطلقت نيرة ضحكة وهي تقفز بانتصار .. الآن صرت تهتم أيها الأحمق، لن تنام الليلة وستظل تفكر بها طوال الليل، وتسأل نفسك عن سبب قولها ذلك، ذق ما كنت تسقيها!
________
خرج عز من حجرة وطرق باب غرفة فريدة ثم أذنت بالدخول .. ليدلف لها ويجدها تقلب في أحد المذكرات، ويقترب ليجلس بجوارها على حافة السرير..
: لسة بتذاكري؟
سأل عز فأجابت بملل: الكورس قرب يخلص والامتحان على الأبواب، وحاسة الدنيا داخلة في بعض
: ما تضغطيش على نفسك، حاولي تريحي دماغك
قال بحنو لتمسد فريدة على ذراعه بامتنان، ثم تقبل يده
: ع فكرة، انا اتكلمت مع أسامة وعرفته غلطه، وهو اعتذرلي
: يا ريت يا بابا، يكون قولتله إني مش عايزاه، عشان متعشمهوش على الفاضي
قالت وهي تشبك ما بين حاجبيها، ثم قال عز وهو يتنهد بقلة حيلة
: قولتله يا فريدة، قولتله!
يا لها من مفاجأة سارة، قفزت من مجلسها مهللة بفرحة عارمة
: الله الله على الأخبار اللي تفرح دي
لتندفع داخل حضنه وقلبها ينبض بانشراح لهذا الخبر السعيد
: للدرجة دي يا فريدة مش عايزة غيره؟
سأل عز لتبتعد عنه قليلًا، وتخفض عينيها حرجًا، فتضع بعض الخصلات خلف أذنها باضطراب
: بابا، حضرتك بتتكلم عن مين؟
سألت وهي تتحاشى النظر إلى مقلتيه، ليمسح على شعرها برفق ثم همس بهدوء
: ولا حاجة، نامي يا حبيبتي 
اقترب بجذعه ليطبع قبلة رقيقة على جبينها، ثم يرفع اللحاف ويجعلها تنام على ظهرها ليغطيها
فهم بالنهوض لتمسك يده وتسأل: هنروح الحفلة بكرة؟
هز رأسه وقال: ربنا يسهل، تصبحي على خير 
تحرك ليذهب ثم أغلق مفتاح المصباح وترجل من الغرفة .. لم يستطع عز أن يخالف رغبة ابنته، فكان يجب عليه أن يرفض أسامة كما هي طلبت، لأنه يعلم أن قلبها قد تعلق بآخر .. كل ما يتمناه الآن هو السعادة لها وفقط السعادة تحاوطها.
__________
يجلس بمكتبه يزفر أنفاسًا متأففة، يقلب رأسه يمينًا ويسارًا .. لم ينم الليلة الماضية ولم تغفى عينيه، بل ظل يتقلب فوق الفراش بأرق، 
يفكر فيما قالته نيرة .. أن فريدة لن تأتي، ولمَ؟ هل تضايقت لأنه لم يكلمها منذ أن رآها تقف مع أسامة؟ ومن عليه الاستياء، هي أم هو؟ اللعنة على الحيرة والاضطراب .. 
نهض وهو يشعر بالاختناق ثم التقط مفاتيحه وهاتفه وترجل من المكتب، بل من الشركة بأكملها.
________
أتى المساء، في وقت الحفل .. بالحديقة الخاصة بفيلا مراد الحديدي، الجو مهيأ والأنوار ساطعة بشكل جميل، بدأ الناس والمعازيم يقدمون إلى الحفل، حتى امتلأت الحديقة بكل الوجوه..
مراد بالأعلى في غرفته يبدأ بتجهيز نفسه، ارتدى قميص أبيض فوقه صدرية سوداء وأسفله بنطال أسود، لتكتمل البدلة بسترة نفس لون البنطال، فأصبح بكامل أناقته ..
تحرك نحو الباب ثم خرج ليجد نيرة قد أنهت ملابسها، فيطلق صفيرًا عند رؤيتها
: إيه الشياكة دي؟
ضحكت: مش أشيك منك
ليفتح ذراعه وهو يثني مرفقه لها، فأشبكت ذراعها به ثم هبطت الإثنان على الدرج حتى خرجا إلى الحديقة .. ليرى معظم العاملين بالشركة قد جاءوا، وأيضًا عمه عثمان وأبناءه .. فقط هي لم تظهر بعد!
زفر مراد بضجر وكاد أن يعود إلى الفيلا، لولا أنه استنشق عبيرًا مميزًا قد أفضى إلى قلبه وجعل نبضاته تستكن بعد أن اضطربت وتذبذبت، 
لتقع عينيه على صندلًا ذات كعب عالي، فيرفع بصره تدريجيًا وببطء ليراها ترتدي فستانًا ذات ألوان مختلفة، به مطاط من المنتصف، طويلًا إلى الأسفل، لذلك كانت ممسكة به حتى كشف عن قدميها،
لكنه يكشف عن كتفيها وذراعيها، وتفرد شعرها الغجري الطويل، ويقع على كلتا وجنتيها، وتضع أحمر شفاه يبرز خاصتيها بطريقة أستفزت رجولته، وكونها لم تضع غيره ٱلا أنها كانت فاتنة للغاية مع بشرتها البيضاء،
هيئتها هذه كانت كفيلة أن تجعل الدماء تحترق داخل عروقه، والنيران تشتعل صدره .. قبض على راحة يده بقوة وازداد اضطراب أنفاسه الثائرة وهو يتطلع إليها بشرارات من لهب.........

يتبع الفصل السابع والثلاثون اضغط هنا 
  • الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية ظل السحاب" اضغط على اسم الرواية
google-playkhamsatmostaqltradent