رواية في غيابة الجُب الفصل الثالث 3 بقلم نعمة حسن

الصفحة الرئيسية

   رواية في غيابة الجُب الفصل الثالث بقلم نعمة حسن


رواية في غيابة الجُب الفصل الثالث 

_بير؟!

برز بها صوت "بسمه" و"جمال" ناطقين بذهول فأومأت مديرة المؤسسه قائلة:

=ليكوا حق تتعجبوا، إحنا بقينا في زمن العجايب فعلاً.
قال "جمال" وهو لم يفق من صدمته بعد:

_و مين اللي رماها في البير؟! فين أمها و فين أبوها؟!

أجابت المديرة: لك أن تتخيل إن أمها اللي رمتها في البير بعد ما ولدتها عن طريق علاقة غير شرعية.

تقوّس حاجباه بدهشة أشد و تسائل مجدداً: طيب و أهل أمها أو أهل أبوها ليه مخدوهاش؟!

_والله هو أبوها مجهول للأسف.. إنما عيلة أمها مفيش من غير جدتها و خالها و رفضوا يعترفوا بيها من الأساس.. زي ما تقول خافوا يثبتوا الفضيحه علي بنتهم.

=أنا مذهولة.... نطقت بها "بسمة" وهي تنقل بصرها بين زوجها و مديرة المؤسسه ثم تسائلت: و أمها فين دلوقتي؟! أكيد إتسجنت بعد عملتها المهببه دي.

المديرة: لأ.. إتوفت يوم الواقعه علي حسب ما هو مذكور في ملف "لينا" و بعد وفاتها معرفوش يثبتوا هويتها غير لما بعدها إتقدم بلاغ إنها مفقودة و وصلوا لأهلها و عرفوا بخبر وفاتها و موافقوش يعترفوا بالبنت و إتنازلوا عن رعايتها بورق رسمي و من يومها و هي في المركز لحد ما جت المؤسسه هنا من شهرين.

بسمة: أنا إتعلقت بيها أوي يا "جمال" يارب يوافقوا علي طلب الكفالة.

إبتسم "جمال" و قال: إن شاء الله هيوافقوا.

قالت مديرة المؤسسه: طيب..حضراتكوا هيتعمل عنكوا بحث إجتماعي ده اللي هيتحدد من خلاله إذا كان الطلب هيتقبل ولا لأ.. و هنبلغ حضراتكوا بالنتيجه.

_بإذن الله هيتقبل.. في الإنتظار إن شاء الله.

قال "جمال" تلك الكلمات ثم إنصرف مغادراً برفقة زوجته.
ترجل إلي السيارة يسترسل نظراته بفرحة لرؤية سعادة زوجته بعد رؤية تلك الملاك.

_يا اللي هنا.. إنتوا هنا ولا مش هنا؟!

قالها ممازحاً زوجته التي إبتسمت إليه ثم عانقته بغتةً مما أثار دهشته فقال: حاسبي يا بنت المجانين أنا مش شايف قدامي.

إبتعدت عنه ضاحكه ثم قالت: مش مصدقة نفسي يا جمال.. قلبي حبّها من أول ما شوفتها و إتعلقت بيها أوووي يارب الطلب يتقبل ياارب.

_إن شاء الله هيتقبل مو لو متقبلش نختار أي طفل تاني.. أهم حاجه تكوني فرحانه.

=لأ بس أنا مش عايزة حد غير "لينا" قلبي إتعلق بيها دوناً عن كل الأطفال اللي في المؤسسه و هي كمان حسيتها إختارتني.
_بإذن الله ربنا يعمل اللي فيه الخير.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد مرور أسبوعين....

دخل "جمال" الغرفه يبحث عن "بسمة" و لكنه لم يجدها، جذب إنتباهه ضوء الغرفة المجاورة فذهب و فتح الباب و فوجئ بها تجلس و بجانبها العديد من الحقائب وبها الكثير من الملابس و الألعاب.

قطب جبينه متعجباً و سألها: إيه كل الحاجات دي يا بسوم؟!

_دي حاجات جبتها لـ "لينا".

ثم تابعت وهي تستعرض أمامه قطعه ورديه من الملابس و قالت: شوف الفستان ده هيبقا تحفه عليها.. هي بشرتها بيضا و هتليق عليها الألوان دي.. و شوف ده كمان.

قاطعها قائلاً: حيلك حيلك.. أنتي إيش ضمنك أنهم هيقبلوا الطلب؟! و بعدين جيبتي كل ده إمتا؟!

_جيبتهم أونلاين.. و بعدين إنت بتحبطني ليه يا جمال.. أنا متأكدة إنهم هيوافقوا إن شاء الله.

قاطع حديثهم رنين هاتف" جمال" الذي أجاب مسرعاً:

_ألو.

=حضرتك أستاذ "جمال البدري"؟!

_أيوة أنا.

=الطلب اللي كنت حضرتك و المدام مقدمينه بخصوص كفالة الطفله" لينا محمد" إتقبل.. تتفضل حضرتك بكرة في المؤسسة لإتمام الإجراءات و إستلام الطفلة.

إرتسمت السعادة علي محيّاه لا إرادياً و قال: إن شاء الله.. مع السلامة.

هزت "بسمة" رأسها بتساؤل فإحتضنها بشدة قائلاً:

_ مبروك يا أم "لينا".

عقدت حاجبيها بتعجب ثم سرعان ما صرخت بفرحة عندما أدركت مقصده فقالت:

=وافقوا؟! بتهزر!!.. وافقوا بجد؟! ما تتكلم بقا.

_إديني فرصه أنطق طيب.. أيوة وافقوا يا ستي و بكرة هنستلمها و تنور البيت و الدنيا كلها.

أعادت إحتضانه بفرحة عارمة و ركضت تدور بجميع أنحاء الغرفه و تقول: هننقل السرير هنا و نحط مكانه الدولاب بتاعها و عايزين كل سنه في عيد ميلادها نصورها و نحط الصور جمب بعضها عشان لما تكبر تشوف نفسها وهي صغيرة.. و كمان الهدوم دي مش كفاية بكرة نشتري كمان و نشتري ألعاب زيادة و نجيب كمـ.........

_إيييييه ياماا.. كفاية.. دي كلها سنتين و نص البنت لسه بدري علي كل الدوشة اللي إنتي عملاها دي.

جلست بجانبه و أمسكت بيده و قالت بإبتسامه إنشرح لها قلبه:

_همووت من الفرحة يا جمال.. مش مصدقة نفسي.. أنا مش هنام و أول ما النهار يطلع نروح نجيبها فوراً.

=لأ مينفعش لازم تنامي لأن أول يومين مش هتنامي لأن "لينا" هتبقي مستغربة المكان و هتفضل تعيط و مش هتنام.. فـ إنتي لازم تكوني فايقه كده و مصحصحه لحد ما نجيب واحده تساعدك.

_لأ طبعاً محدش هيساعدني في تربيتها.. أنا هعمل كل حاجه بنفسي.

جذب وجنتاها بين يديه قائلاً: يا واد يا جامد أنت.. طب ما تيجي كده أودعك الوداع الأخير بما أنك هتبقي أم مسئوله و مشغوله و مش هنعرف نكلمك بعد كده..تعالي تعالي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في الصباح تأهبت "بسمة" و شعور بالفرحه يملؤها ثم ذهبت برفقة زوجها إلي القاهرة.

بعد وصولهم إلي المؤسسه تواصلوا مع مديرة المؤسسه التي قالت بعد ترحيبها بهم: مبروك علي قبول طلب الكفالة.. كان في كذا حاجه لازم تكونوا علي علم بيهم
.
أولاً.. إنتوا عارفين إن من أحد شروط كفالة طفل يتيم أو مجهول النسب إن الأسرة البديلة اللي هتكفله يكون مر علي زواجهم 3 سنين أقل حاجة.. و حضراتكوا متجوزين بقالكوا سنتين بس.. لكن لجنة الأسر البديلة تجاوزت عن الشرط ده لثبوت حالة عدم إمكانية الإنجاب..

ثانياً.. الطفله إسمها اللي إعتمدته المؤسسه و من قبلها المركز "لينا محمد" ولا يجوز تسميتها بإسم حضرتك "لينا جمال" لأن ده يعتبر تبني و زي ما حضراتكوا عارفين التبني حرام..لكن ممكن لو تحب تمنحها لقب العيلة يعني يكون إسمها "لينا محمد البدري" و ده طبعاً هيتثبت في ملف الطفلة بحيث ميكونش في أي أثر من آثار التبني.

ثالثاً و الأهم بقا.. لازم تبلغونا فوراً عن كل تغيير يحصل في حالتكوا الأجتماعيه زي لو قررتوا تنفصلوا لا قدر الله او لو قررتوا تنقلوا محل إقامتكوا و كمان أي تغيير بخصوص الطفله زي دخولها مدرسه أو هروبها منكم أو وفاتها لا سمح الله أو زواجها.

و أخيراً..ممنوع منعاً باتاً تسافروا بره مصر مع الطفل أو من غيره إلا بعد إبلاغنا و تقديم إقرار للمؤسسة.
ثم تابعت بإبتسامة: دي أبرز الشروط في العقد و اللي كان لازم أوضحها لحضراتكوا و بمجرد ما تمضوا العقد إن شاءالله هتستلموا الطفلة.

أومأا بموافقة و صافحاها ثم إنصرفا لإستلام الطفلة و من ثَمّ غادرا عائدين نحو الإسكندرية.

حملتها "بسمة" بفرحة شديدة تغدقها بالقبل و الأحضان فقال "جمال" حانقاً:

_هاتي أبوسها انا كمان..إشمعنا إنتي!!

تناولها من يد زوجته و نظر لها بإبتسامة حنونه و لكنها لم تألفه فـ سرعان ما إنفجرت باكية مما أثار تعجبه فأعطاها إلي "بسمة" التي بمجرد حملها لها حتي إبتسمت مجدداً فقال يصطنع الغضب:

_كده يا ست "لينا" من أولها بتفضلّي ماما عليا!

ضحكت "بسمة"ملء فمها و قالت:معلش بقا أصل القبول ده من عند ربنا.

=بقاا كده؟!طب إتفضلي يا ست هانم أنتي و هي إركبوا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"يا صديقي الأوحد..يا دفتري الأسود..أكتب لكي تطوي صفحة أخري من صفحاتك البيضاء التي أمتلأت بحبر قلمي علي مدار العشر سنوات الأخيرة..اليوم و قد أتممت عامي الخامس عشر أود أن أشكرك شكراً بالغاً علي سعة قلبك و رحابة صدرك التي لم يتميز بها سواك".

أغلقت"لينا" دفترها و مخبأ أسرارها بعد أن خطّت بقلمها تلك الكلمات كعادتها اليومية ثم وضعته داخل مكتبتها عندما إستمعت إلي نداء والدتها "بسمة" فأجابت مسرعة:

_حاضر يا مامي..جاية حالاً.

نزلت إلي الأسفل لتلبية نداء والدتها التي قالت:

=معقول يا لولي؟!كل ده و لسه مجهزتيش؟! الناس علي وصول بسرعة إلبسي يلا.

_حاضر هطلع ألبس..كنتي عيزاني في إيه؟!

=لأ خلاص أنا هخلي بابي يساعدني..إطلعي إنتي يلا.

صعدت "لينا" إلي الأعلي لتبديل ملابسها إستعداداً لحفل عيد ميلادها.

إستعدت سريعاً و لكنها لم تنزل إلي الأسفل إلا بعد أن علمت بحضور الجميع قصداً منها في لفت الأنظار إليها.

نزلت تتباهي بحسنها الذي يشيد به الجميع و يجذب أنتباه الجميع رغم صغر سنها.

إقتربت من والديها و قبّلتهما ثم ذهبت إلي رفيقاتها اللواتي إندهشن من فخامة إطلالتها كالعادة.

جالت ببصرها في جميع أنحاء المكان فإستوقفها حديث رجلان يقفان علي بعد خطوات من والدها يتحدثان بصوت أقرب للهمس فذهبت إلي والدها و قالت:

_علي فكره يا بابي..الإتنين اللي هناك دول بيتكلموا عليك و واضح إنهم بيكرهوك كمان!

تعجب والدها و قال: و إنتي عرفتي منين يا سوسه؟!

_ اولاً.. اللي علي اليمين ده لغة جسده غير لغة جسدك تماماً و كمان وقفته و رجليه في وضع متقاطع ده دليل علي إنه مش مرتاح هنا..و التاني اللي واقف معاه كل شوية يبص نحيتك و يلمس مناخيره و ده يعني أنه مستاء و عنده موقف عدائي معاك.

نظر لها "جمال" متعجباً و قال: و إنتي عرفتي الحاجات دي منين؟!

رفعت كتفيها و قالت:مش من حد..أنا لوحدي كده بفهم لغة جسد اللي قدامي و بفهم هو حاسس بأيه من نحيتي كمان.
إزداد تعجب والدها و قال: إنتي بتسرحي بيا يا بت أنتي؟!

_والله أبداً..حتي عشان أثبتلك هقوللك مامي بتفكر في إيه دلوقتي و أنت بعدها روح إسألها كانت بتفكر في إيه؟!
نظرت إلي والدتها بإهتمام و تمعن ثم حدّثت والدها و قالت:

_بص يا سيدي..مامي قاعده هي و صاحبتها طنط سالي اللي واضح أن مامي مش بتحبها لأنها ضامه دراعاتها لبعض يعني واخده منها موقف سلبي و كمان كل شويه تحك عينيها و تبص بعيد و طنط بتكلمها و ده دليل علي إنها مش حابة الكلام معاها و بتستني الحوار ده يخلص بأي شكل.

نظر لها والدها بتفاجئ ثم تركها و ذهب إلي حيث تجلس زوجته برفقة صديقتها التي فور ما إن رأته حتي أتسعت إبتسامتها و قالت:

_عامل إيه يا جمال بيه؟!ماشاءالله مش بيبان عليك سن أبداً.
قضمت "بسمة" شفتيها بغيظ و نهضت قائلة:

_عن إذنك يا سالي عشان في ضيوف مهمين هنستقبلهم أنا و جمال.

فور أن إبتعدت، زفرت بغيظ قائلة:

_يااا ساااتر.. إنسانه لا تطاق بجد ده أنا كنت مستحمله كلامها بالعافيه.. الحمدلله إنك جيت نجدتني.

فور أن إستمع "جمال" لكلمات زوجته سرعان ما نظر إلي "لينا" بتلقائية فوجدها تنظر إليهم بإهتمام ثم إبتسمت له بخفة و إنصرفت!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
التفاعل مزعلني بأمانه والله و الروايه تستاهل تفاعل أحسن من كده! 


يتبع الفصل الرابع  اضغط هنا
google-playkhamsatmostaqltradent