Ads by Google X

رواية و قبل أن تبصر عيناكِ الفصل الرابع عشر 14 بقلم مريم محمد

الصفحة الرئيسية


   رواية و قبل أن تبصر عيناكِ الفصل الرابع عشر بقلم مريم محمد غريب 



رواية و قبل أن تبصر عيناكِ الفصل الرابع عشر 

أمام المرآة 
يقف منذ بضعة دقائق
يستعرض على جسمه الرياضي المفتول كافة ثيابه الفاخرة ...
كل قطعة هنا قد جمعها على ذوقه الخاص و بماله.. مال أبيه في الحقيقة الذي إستحقه جزاء قيامه بالأعمال المشبوهة التي أسندها إليه منذ حداثة سنه 
إنه يملك خزانة ثمينة، و يملك قالب و وجه يحسده عليه الجميع، في الماضي لم يكن يبالي بذلك، لكنه اليوم يأخذه على محمل الجد و الاهتمام، إذ أنه من غير المعقول أن تمتنع عنه امرأة مهما كان حسنها أو مركزها 
و بالنسبة لإبنة عمه تحديدًا كان الأمر عصيًا على الاقناع، لم يستطع أن يبتلع لها رفضها إياه.. و قد بدأ يساوره الشك نحوها
فهي إما تحب رجلُ آخر من قبله، أو أنها تخفي سرًا ما !
الشيء المهم الذي تطلع له هو إستحالة مقتها من علاقة تربطها به، لا يعلم أهكذا يصوّر له غروره أم ماذا... لكن مهما يكن.. لا ينبغي أبدًا أن ترفضه امرأة بدون عذر يستحق 
و هو عازم بشدة على كشف هذا العذر، لقد دخلت نطاق إهتمامه بعد أن كانت لا تعني له شيء، الآن هي بدائرة أفكاره و لن تخرج حتى يلج هو إلى رأسها و يعرف عنها كل شيء ! 
أطلق "رزق" زفرة نافذة الصبر فجأة ... 
حين شعر بالملل من مدة مكوثه الطويلة في إختيار بذلة قيّمة يرتديها لهذه الأمسية المميزة، و بدون مقدمات رمى ما بيديه فوق سريره و توجه ثانيةً إلى الخزانة
تعمّد ألا يفكر حتى و هو يلتقط بذلته عصرية الطراز ...
كان بالفعل بسرواله الداخلي فقط، لكنه بعد دقيقتين بالتمام، كان يقف من جديد أمام المرآة و قد شرع بربط عقدة عنقه... ما اختاره ليس ببذلة تمامًا ؛
إنما بنطالًا من القماش الأسود ماركة بولو الأمريكية.. و قميصًا أبيض تعلوه سترة رمادية بدون أكمام الإثنان ماركة دلوتشي آند چابانا.. و من مجموعة ساعاته الباذخة إلتقط منشودته من ماركة رولكس ذات سوارٍ مطاطي أنيق.. و أخيرًا زوجيّ الحذاء من جونستون آند مارڤي 
و ها هو ... 
يتأمل مظهره الأنيق بالنهاية و هو يرش من عطره المفضل على الإطلاق ديور سوڤاچ.. هكذا بالضبط أراد أن يبدو 
جميلًا، جذابًا، أنيقًا.. شكله يوحي بالامبالاة التي عمدها منذ زمنٍ طويل 
حانت منه نظرة ناحية الحقيبة الجلدية التي سلّمه إياها أبيه، و التي لم تكن تحمل داخلها سوى طقمًا من الألماس يعود لأمه.. يا له من شيءٍ ثمين يجب أن يخبئه عن الأنظار و فورًا 
توجه "رزق" صوب الحقيبة و حملها إلى خزنة صغيرة أسفل خزانة الملابس.. ضرب الرقم السري و وضعها بالداخل و أغلق عليها ثانيةً و هو يطلق زفرة مطوّلة... و يتذكر 
قبل ساعة من الآن ... 
Flash Back 
هبط إلى شقة والده بعد أن هاتفه و طلب أن يقابله بشكلٍ عاجل، أراد أن يعرف إن كان بالأسفل أم لا.. و إن لم يكن فعليه أن يوافيه في الحال طبعًا 
لكن لحسن الحظ كان هناك ... 
-خير يابني !! .. قالها "سالم" متسائلًا بريبة 
رزق عابسًا : الأمانة إللي سلمتهالي من شوية.. أنا مش ممكن أفرط فيها أبدًا 
رفع "سالم" حاجبه و قال مدهوشًا : 
-مين قال هاتفرط فيها.. أنا مش قولتلك أمك قالت دي لعروستك. مراتك ! 
-و لو !!! .. إعترض "رزق" بشدة 
-مافيش واحدة زي أمي.حتى لو مراتي زي ما بتقول.. مش هاتاخدها لا هي و لا غيرها. أنا هاحتفظ بيها معايا 
بقى "سالم" محدقًا فيه بصمت لبرهةٍ، ثم قال في الأخير : 
-خلاص.. إنت حر. و خليها معاك. أنا ماعنديش مانع طبعًا ... 
و سأله بعدها بجدية : 
-بس كده عروستك وضعها إيه ؟ عاوز تتجوزها منغير ما تديها دهبها.. دي تبقى عيبة في حقنا كلنا. و بعدين ماتنساش إنها مننا. شايلة إسم الجزارين 
رزق بعدم إكتراث : 
-مش بتقول مصطفى نازل يجيب لبطاطا شبكتها إنهاردة ؟! 
أومأ "سالم" أن نعم، فاستطرد "رزق" : 
-خلاص.. هاننزل معاهم. و هاجبلها دهبها.. ده حقها ! 
-ماشي.. فلوس الدهب بتاعك طالعة من ذمتي. زي ما علمت مع أخوك 
جاء "رزق" ليعترض .. 
-مالوش لزوم تـ آ ا ... 
-و لا كلمة يالا ! .. قاطعه "سالم" زاجرًا 
-إنت الكبير.. إنت البكري بتاعي. هافوتلك مع ستك 200 ألف. دي مصاريفك كلها بالدهب بتاع عروستك. و بالنسبة للسكنة من بكرة في عمال جايين يشتغلوا في الدور بتاعك هايقفلوه كله و يبقى شقة معتبرة زي شقة أبوك كده 
و ضحك "سالم" مثيرًا إبتسامة إبنه ... 
-بس ده كتير أوي يابويا ! .. علّق "رزق" بفتورٍ 
-إنت كده بتفتح عليها النار و العيون البصاصة. و أنا مش ناقص أصلًا.. أنا ماكنتش عاوز أي حاجة من الأول 
قطب "سالم" حاجبيه مقتربًا من إبنه خطوة، بسط كفه الضخم فوق كتفه و نظر بعينيه مباشرةً و هو يقول بصوته القوي : 
-رزق.. أنا محدش في الدنيا دي كلها يقدر يحاسبني. أنا أعمل إللي أنا عاوزه. و ولادي أنا حر فيهم.. أحط واحد فوق راسي. التاني تحت رجلي. أنا حر. محدش يعرف في هنا إيه .. 
و أشار إلى رأسه ... 
-و لا في هنا إيه .. 
و أشار إلى قلبه ... 
-و على رأس المثل.. من حكم في ماله ما ظلم. و ده مالي أنا. فهمت ؟ 
إكتفى "رزق" بالصمت ردًا و هو يواصل النظر بعيني أبيه، إلى أن قطع "سالم" لحظة السكون هذه مرتدًا عنه قليلًا وهو يقول مظهرًا مسبحته بين يديه : 
-يلا طيب. إطلع جهز نفسك.. هتطلعوا من هنا على الساغة الكبيرة. العربيات جاهزة تحت. عمامك و حريمهم و إخواتك و مرات أبوك كلهم رايحين معاكوا. لكن أنا هاستنى هنا مع ستك على ما تيجوا. و كمان عشان أشرف بنفسي على نقل حاجتك مؤقتًا من فوق. هاشيلها عندي هنا لحد ما العمال يخلصوا خالص 
رزق باستنكارٍ : إيه اللخبطة دي.. أنا كده هانام فين طيب ؟!! 
سالم بتهكمٍ : يعني بيت طويل عريض زي ده مش عاجبك.. و بعدين سؤالك ساذج أوي. أكيد هاتنام هنا. إن شا الله أسيبلك أوضتي لو حابب و أنام على الكنبة دي ! 
إمتعض "رزق" كثيرًا و هو يرد عليه مغمغمًا : 
-لا و على إيه. أنا أسيبك تنام على الكنبة بردو.. أنا إللي هانام عليها ! 
و أشاح بوجهه للجهة الأخرى متمتمًا لنفسه بغيظٍ : 
-ما لو ماكانتش البرنسيسة قاعدة عند نينا دلال حبيبتي كنت نزلت عندها.. إيه إللي مقعدها معاها دي !!!! 
Back 
لم يكاد ينهض كليًا من مكانه، إلا و تحقق المثل الشهير... "يحضر الشيطان عند ذكره " ! 
-ده إنت قلبك ميت بقى !!! 
إستدار "رزق" من فوره نحو مصدر الصوت، فإذا بها "ليلة".. تقف عند عتبة باب غرفته التي هي بنثابة شقة صغيرة 
كانت حمراء الوجه و العينين، ينقصها حلقة أنف و تصير كالثور المتأهب للثوران و الهياج، لكنها بالرغم من هذا بقيت ساكنة محلها 
بينما يبتسم لها "رزق" و هو يدعوها للدخول : 
-أنا مش مصدق و الله. زيارتين في يوم واحد.. إدخلي يا ليلة. إتفضلي. تشربي سخن و لا ساقع.. أنا عندي كل حاجة ! 
-إنت هاتستعبط عليا !!!! .. صاحت "ليلة" بغضبٍ شديد و هي تندفع ناحيته 
لم تجرؤ على الاقتراب كثيرًا، فجمدت على بعد مترين منه ... 
شملها "رزق" بنظراتٍ مستخفة و هو يقول : 
-أيوة كده.. أعرفي حجمك كويس. عارفة لو كنتي قربتي أكتر.. مش عاوز أقولك إيه إللي كان هايحصلك. و جدعنة مني مش هاحسبك على الكلمتين دول 
ليلة بغلظةٍ : لا كتر خيرك.. بجد كتر خيرك. مش هاتحاسبني.. إنت إنسان حقير. و كداب و آ آعااااااااااااااااا !!! 
صرخت بذعر حين قطع المسافة بينهما قبل أن يرتد لها طرفها، و بكفه الغليظ دفعها بمتصف صدرها حتى ألصقها بالجدار المقابل 
تأوهت بألمٍ مع تزايد ضغطه على صدرها، زفرت معتصرة أجفانها بقوة و هي تقول بصعوبةٍ : 
-مش رجولة أبدًا.. أبدًا.. لما تستعرض عضلاتك. على واحدة بنت ! 
خفف "رزق" ضغطه عليها و هو يقول بخشونة : 
-ده لما تكون فعلًا بنت.. مافيش بنت تطلع من بؤها ألفاظ زي دي. خسارة إنك ماتربتيش هنا. جايز منطقتنا بؤرة مجرمين. بس في التربية.. خاصةً تربية البنات مافيهاش هزار 
و رفع يدها عنها و إبتعد نهائيًا، لتشهق معبئة الهواء بعمقٍ إلى رئتيها، و إذ هدأت تمامًا بعد لحظاتٍ.. تطلعت إليه من جديد قائلة :
-إنت Sure غلطان لو فاكر إنك تقدر تلمس مني شعرة ! 
دحض نظرتها المتحدية بابتسامته الواثقة و هو يرد عليها بغطرسته النابعة من عِرقه الأرستقراطي : 
-بغض النظر عن موقفك إللي مش منطقي خالص مش بالنسبة لي لوحدي.. بالنسبة للكل. أنا مافيش حرمة شافتني و ماتمنتش إني أبصلها مش بس ألمسها.. أكيد مش هاجي في الأخر و أغصبك إنتي عليا أنا ! 
و شملها بنظرة مستخفة محقرة من قدراتها كأنثى، ثم أضاف بصرامةٍ : 
-مع ذلك يا ليلة.. بردو هاتجوزك 
ليلة بحنقٍ : هو إنت ليه ماعندكش دم للدرجة دي. بكلمك بجد.. طيب لو فرضنا إنك بجح و مش هامك الفيديو. كرامتك دي أخبارها إيـــه ؟؟؟ 
صمت هنيهة، ليقول الآن مضيقًا عنينه و قد أمال رأسه للجانب قليلًا : 
-عارفة ! أنا ممكن ألغي الجوازة دي حالًا. بس تقوليلي سببك الحقيقي لرفضك ليا.. أوعدك إني هالغيها لو جاوبتيني بصراحة ! 
-يا سلام ! بس كده.. دي حاجة سهلة جدًا. الإجابة ببساطة رفضاك عشان مش بحبك. مش عاوزاك.. شوفت. الموضوع بالسهولة دي !! 
-تؤ ! .. هكذا عبر "رزق" عن عدم إقتناعه بتصريحها، و أردف بغرورٍ : 
-مش مصدقك.. زي ما قولتلك. مافيش حرمة ماحبتنيش. أو على الأقل مابينتش إعجابها بيا.. قوليلي يا ليلة. إنتي شايفاني إزاي ؟! 
ليلة بجدية : شايفاك عادي جدًا. مش مشكلتي إن إللي حواليك فهموك إنك خارق الجمال و الدنيا ماجبتش رجالة حلوين غيرك.. مش عشان شعرك أصفر و عنيك زرقا و جسمك زي الحيطة يبقى أقع في غرامك زي بقية البنات الهبلة إللي حواليك. أنا في حاجات تشدني أكبر من كده 
-زي إيه بقى ! .. سألها و قد عقد حاجبيه إنزعاجًا و اهتمامًا في آن 
لا يصدق.. لقد خاض معها في هذا حقًا ! 
هل جعلته يشكك بامكانياته الآن، بعد أن قضى عمره و هو يرى نظرات النساء تلاحقه من كل حدبٍ و صوب، بعد أن تلقّى الكثير من العروض الرخيصة و الثمينة معًا.. تأتي تلك الفتاة لتثبت له بأنه... لا شيء !!! 
-أنا ماعنديش صبر على أسئلتك يا رزق ! .. تمتمت "ليلة" و هي تفرك جبينها بتعب حقيقي 
ثم نظرت إليه مكملة بصوتٍ أكثر هدوءً : 
-من فضلك.. أنا بكلمك بجد. من قلبي.. الجوازة دي مش لازم تتم. أنا مش عاوزة أتجوز أصلًا. بليز. أنا عارفة إنك غيرهم.. إحترم رغبتي ! 
لم يرد فورًا ... 
إنما بقى صامتًا لدقيقة كاملة، ثم أولاها ظهره فجأة معلنًا بصرامة : 
-أنا آسف يا ليلة.. ما أقنعتنيش. و جوازنا ده برغبة كل إللي حوالينا. مافيش غيرك رافض.. و لازم يكون لرفضك معني و سبب. غير كده. أنا هانفذ رغبة أهلنا و هاتجوزك. لحد ما تيجي في يوم و تصارحيني بالحقيقة. لو إقتنعت.. أوعدك هالغي الجوازة دي.. حتى لو تمت ! 
حملقت في ظهره العريض بنظراتٍ كالشرار ... 
كزت على أشنانها بقوةٍ تستشعر مرارة القهر مجددًا، و أيقنت لو بقت لحظة أخرى فلن تتمكن من السيطرة على جزعها و حزنها الذي يعتصر قلبها بقسوة 
أطلقت سبّة فظة إندهش لسماعها، ثم هربت قبل أن يلتفت نحوها.. أما هو فأدار وجهه و مرسلًا نظراته في إثرها و هو يبتسم ببلاهة 
لا يعرف ما سبب تلك الابتسامة حتى 
لكن مزاجه قد عاد رائقًا الآن فقط ! 

يتبع الفصل الخامس عشر اضغط هنا

google-playkhamsatmostaqltradent